Skip to main content

التقرير العالمي 2015: تونس

متظاهرون يحملون صور أقاربهم الذين قتلوا في الاحتجاجات أثناء انتفاضة 2011 في تونس، خلال مظاهرة احتجاجية ضد قرار محكمة عسكرية بالإفراج عن وزير داخلية الرئيس السلطوي المخلوع زين العابدين بن علي ومدير أمنه، في تونس في 16 أبريل/نيسان 2014.

© 2014 رويترز

الافتتاحية

 
Tyranny’s False Comfort

Why Rights Aren’t Wrong in Tough Times

المقالات

 
Internet en la encrucijada

Cómo la vigilancia del gobierno amenaza nuestra forma de comunicarnos

 
Deadly Cargo

Explosive Weapons in Populated Areas

 
Placer la barre plus haut

Événements sportifs de grande envergure et droits humains

حققت تونس الكثير من التقدم في تدعيم حماية حقوق الإنسان عقب تبني دستور جديد في 26 يناير/كانون الثاني 2014، بعد 3 سنوات من الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي. وأسفرت أول انتخابات برلمانية منذ انتفاضة 2011، التي تمت في أكتوبر/تشرين الأول، عن فوز الحزب التحديثي نداء تونس بـ86 مقعداً من أصل 217 في مجلس نواب الشعب. ستحتاج السلطات الجديدة إلى إجراء إصلاح مدقق للقوانين القائمة وإصلاح المؤسسات العامة وإنفاذ الضمانات الدستورية للتصدي لأوجه القصور في سبل الحماية الراهنة لحقوق الإنسان.

وقد شهد عام 2014 إصلاحات هامة، تتضمن تبني قوانين جديدة لمكافحة التعذيب وتشكيل لجنة للحقيقة لكشف الانتهاكات الحقوقية السابقة. وفي المقابل عملت الأحكام المخففة التي أصدرتها محكمة الاستئناف العسكرية على مسؤولين ورجال شرطة سابقين لمسؤوليتهم عن قتل متظاهرين أثناء انتفاضة تونس في 2011، على إرسال الرسالة الخطأ بشأن المحاسبة.

الدستور الجديد

يكفل دستور 2014 الحقوق الأساسية المدنية والسياسية إضافة إلى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وتشتمل تلك على حقوق المواطنة، وحرية التعبير وتكوين الجمعيات، بما فيها حق تكوين الأحزاب السياسية، وحرية التجمع والتنقل، والحق في السلامة البدنية والمحاكمة العادلة والتحرر من الاعتقال التعسفي والتعذيب. كما أن حق اللجوء السياسي مكفول، وكذلك الحقوق في الصحة والتعليم والعمل. وما زال على السلطات التونسية أن تعدل القوانين المعمول بها أو تتبنى غيرها، أو تقر إصلاحات أخرى لإنفاذ تلك الحقوق.

ويحتوي الدستور الجديد على عدد من نقاط الضعف والالتباس التي يمكن استغلالها لقمع الحقوق، فهو يحتوي على سبيل المثال على بند يحظر "الاعتداء على المقدسات" ويمكن استخدامه لملاحقة الأقوال التي تعتبرها السلطات "تشهيرية" بالدين أو المعتقدات الدينية، في تناقض مع حرية التعبير المكفولة في المادة 31.

ويخفق الدستور في إلغاء عقوبة الإعدام، رغم احتفاظ تونس بالحظر على تنفيذها منذ أوائل تسعينات القرن العشرين.

كما أن عدداً من أحكام المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية تبدو مناقضة للضمانات الواردة في الدستور الجديد، مثل الضمانات التي تكفل للمحتجزين الحق في التواصل مع ممثل قانوني عقب الاعتقال. وتواصل مجلة الإجراءات الجزائية عدم السماح للمحتجزين بالحصول على تمثيل قانوني إلا عند المثول أمام قضاة التحقيق.

حرية التعبير

في 2014 وقع عدد أقل من أعمال الملاحقة للتشهير المزعوم بمسؤولي الدولة أو "إهانتهم" ولتهم "الإضرار بالنظام العام" أو "الأخلاق العامة".

وفي يوليو/تموز قام رئيس الحكومة مؤقتاً بوقف اثنتين من محطات الإذاعة متهماً إياهما بالارتباط بالإرهاب ونشر خطاب الكراهية، بعد يوم من اعتداء قام به مسلحون في 16 يوليو/تموز وقتل فيه 15 جندياً تونسياً قرب الحدود مع الجزائر. وقد تجاهل التحرك الحكومي مرسوم 2011 ـ القانون 116 بشأن الإعلام المرئي والمسموع ـ الذي يمنح الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري اختصاصاً حصرياً بتعليق أعمال المنافذ الإعلامية أو معاقبتها على أي نحو آخر.

حقوق المرأة

يوفر الدستور الجديد حماية أفضل لحقوق المرأة ويلزم تونس بالعمل على تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المجالس المنتخبة.

وفي أبريل/نيسان سحبت الحكومة التحفظات التي سبق لتونس التقدم بها عند التصديق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو)، وكانت تلك التحفظات تتيح لتونس الانسحاب من بعض بنود السيداو، ومنها بنود بشأن حقوق المرأة داخل الأسرة، رغم تصديقها على الاتفاقية.

ومع ذلك فقد أبقت تونس على تصريح عام كانت قد أدلت به بشأن السيداو، وتشير فيه إلى أنها لن تتخذ "أي قرار تنظيمي أو تشريعي للتوافق مع اشتراطات" الاتفاقية إذا تعارض مع الباب الأول من الدستور التونسي، الذي يعلن الإسلام ديناً لتونس.

وتتمتع تونس بقانون للأحوال الشخصية يمنح المرأة حقوقاً داخل الأسرة تزيد عما تسمح به سائر دول المنطقة، إلا أنه يبقي على بعض الأحكام التمييزية. وتعمل تلك على حرمان المرأة من نصيب مساو لنصيب الرجل في أي ميراث، وتحرم الأم التي تزوجت، على عكس الأب عند زواجه، من إقامة أطفالها معها.

المحاسبة

منذ 2011 اتخذت السلطات التونسية بعض الخطوات لملاحقة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، وخاصة تلك المرتكبة أثناء الانتفاضة التي بدأت في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 وانتهت في فبراير/شباط 2011. وقد خلص تحقيق رسمي إلى أن محاولة السلطات سحق الانتفاضة باستخدام القوة المفرطة قد تسببت في وفاة 132 متظاهراً وجرح مئات آخرين.

وبدأت محاكمة المتهمين بالمسؤولية عن أعمال القتل هذه في أواخر 2011 أمام محاكم عسكرية، وهي المختصة وحدها بالقضايا التي تمس أفراد القوات العسكرية والأمنية. وتوصلت المحاكم العسكرية الابتدائية التي بدأت التحقيقات في يوليو/تموز 2011 إلى ضرورة محاكمة المتهمين في مجموعات، مرتبة جغرافياً، وبدأت المحاكمات في المحاكم العسكرية لتونس العاصمة والكاف في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2011.

وضمت صفوف المتهمين الرئيس السابق، المتهم غيابياً، واثنان من وزراء الداخلية السابقين، وخمسة من المديرين العموم بوزارة الداخلية، وعدد من قادة القوات الأمنية على المستويات العليا والوسطى. وحين نطقت المحاكم بأحكامها في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2012، أدانت الرئيس بن علي، ووزير داخليته آنذاك، وخمسة من مديري وزارة الداخلية، وحكمت عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين 15 عاماً والمؤبد. وفي 12 أبريل/نيسان 2014 أيدت محكمة الاستئناف العسكرية الحكم الغيابي بالسجن المؤبد على الرئيس بن علي، لكنها خفضت إلى حد كبير من عقوبات المسؤولين السابقين جميعاً.

وبعد مراجعة المحاكمات وإجراءات محكمة الاستئناف العسكرية، خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن المحاكم العسكرية احترمت حقوق المتهمين إلى حد كبير، لكنها واجهت عقبات جدية منعتها من ضمان المحاسبة الكاملة على وقائع القتل غير المشروع وغيرها من الانتهاكات الجسيمة المرتكبة أثناء انتفاضة 2011.

وتشمل تلك الإخفاق في ملاحقة السلطات بغرض الحصول على أدلة كافية لتحديد الجناة الأفراد في وقائع القتل غير المشروع وغيرها من الجرائم، وخلو المجلة الجزائية وغيرها من التشريعات من نصوص تحمّل كبار الضباط مسؤولية الجرائم التي ترتكبها قوات تخضع لقيادتهم. كما تقوضت المحاسبة بفعل إخفاق الحكومة في ممارسة ضغط فعال لتسليم بن علي من السعودية ومحاكمته في تونس.

وفي 24 ديسمبر/كانون الأول 2013 تبنت الجمعية الوطنية التأسيسية القانون الخاص بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، الذي يفصّل تناولاً شاملاً للتصدي للانتهاكات الحقوقية السابقة، فينص على المحاسبة الجنائية من خلال إنشاء غرف متخصصة داخل نظام المحاكم المدنية للفصل في القضايا الناشئة عن انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي، بما فيها الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الجيش والشرطة.

وينص القانون أيضاً على تشكيل لجنة للحقيقة والمصالحة مكلفة بالكشف عن حقيقة الانتهاكات المرتكبة في الفترة منذ استقلال تونس في يوليو/تموز 1955 وحتى 2013. قامت الجمعية الوطنية التأسيسية بانتخاب 15 من أعضاء اللجنة في 15 مايو/أيار 2014. كما يعمل القانون الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2013 على إنشاء آليات لتعويض الضحايا والإصلاح المؤسسي وفرز موظفي الحكومة والمصالحة الوطنية.

مكافحة الإرهاب والأمن

في 24 يونيو/حزيران قال وزير الداخلية لطفي بن جدو لمؤتمر صحفي إن ما لا يقل مجموعه عن 2400 من متشددي تونس المسلحين انضموا إلى النزاع في سوريا، معظمهم بصفة مقاتلين في صفوف جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية المتطرف، المعروف أيضاً باسم داعش. وقد أدلى الوزير بالتصريح عقب نشر مقطع فيديو  وصور فوتوغرافية على فيسبوك، يبدو فيها رجل يقدم نفسه على أنه تونسي وكأنه يشارك في الإعدام الميداني لخمسة أسرى من حرس الحدود العراقي.

وفي يوليو/تموز أمرت الحكومة 157 جمعية بتعليق أعمالها، متهمة إياها بالارتباط بالإرهاب في أعقاب هجوم من مسلحين أسفر عن مقتل 15 جندياً تونسياً قرب حدود البلاد مع الجزائر. وقد مثل التحرك الحكومي خرقاً للمرسوم 88-2011 الذي كانت الحكومة الانتقالية قد تبنته في سبتمبر/أيلول 2011 ليحل محل قانون تقييدي كان يجرم المشاركة في جمعيات لم تحصل على اعتراف رسمي، بغية توفيق القانون الوطني التونسي مع التزاماتها بموجب القانون الدولي بتعزيز حرية تكوين الجمعيات.

ويمنح المرسوم 88-2011 للقضاء وحده سلطة الأمر بوقف أو حل الجمعيات، بموجب عملية من ثلاث مراحل تشمل الإنذار ثم الوقف المبدئي لمدة 30 يوماً، يعقبه الحل إذا أخفقت الجمعية في اتخاذ إجراءات تصحيحية. إلا أن قيام الحكومة بوقف 157 جمعية في يوليو/تموز 2014 تجاهل هذه العملية واتخذ شكل القرار الإداري أحادي الجانب. طعنت الجمعيات على قرار الحكومة أمام المحكمة الإدارية.

استقلال القضاء

يكفل الدستور استقلال القضاء، فيجعل القضاة مسؤولين في أداء أعمالهم أمام الدستور والقانون وحدهما. وتحظر المادة 109 من الدستور التدخل الخارجي في شؤون القضاء.

لكن القضاء يفتقر في الممارسة إلى الاستقلال عن السلطة التنفيذية، وما زال يرزح تحت إرث حقبة بن علي، حين كانت السلطات تستخدم النظام القضائي كأداة لقمع المعارضة. ولم تقم السلطات حتى الآن بإصلاح القانون 67-29 الصادر في 14 يوليو/تموز 1967 الذي يضع القضاة تحت السيطرة الفعلية لوزير العدل، الذي استغل سلطاته في 2012 للاستغناء بإجراءات موجزة عن 75 قاضياً لمزاعم بالفساد أو الارتباط بنظام بن علي. ومنذ ذلك الحين رفضت وزارة العدل أمراً من إحدى المحاكم الإدارية بإعادة القضاة المقالين إلى مناصبهم.

التعذيب وإساءة المعاملة

تفيد تقارير باستمرار شيوع التعذيب وإساءة المعاملة في مقرات الاحتجاز والسجون، رغم تبني الجمعية الوطنية التأسيسية في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2013 لقانون من شأنه إنشاء هيئة وطنية للوقاية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ومع ذلك فقد مر عام ولم تصوت الجمعية الوطنية التأسيسية حتى الآن على تعيين أعضاء الهيئة الوطنية.

وقال المقرر الخاص المعني بالتعذيب خوان منديث، في يونيو/حزيران عقب زيارته الثانية لتونس منذ الثورة، إن القضاء على التعذيب في تونس يتطلب الإرادة السياسية وإصلاحات مؤسسية وقانونية وثقافية على السواء، لتقوية الضمانات المناهضة للتعذيب وإعادة بناء ثقة المواطنين في الأجهزة القضائية والأمنية.

الأطراف الدولية الرئيسية

منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، تعهد العديد من وكالات الأمم المتحدة والحكومات الأجنبية بدعم الانتقال في تونس، بالتركيز على المساعدات الفنية والمالية لاقتصاد تونس وقطاعها الخاص، ودعم القطاع الأمني، ودعم المجتمع المدني والممارسات الديمقراطية. وفي 2014 وافقت الولايات المتحدة على ضمان قرض سيادي لتونس مقداره 500 مليون دولار أمريكي. وقدمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والاتحاد الأوروبي الدعم للقطاع الأمني وبرامج إصلاح القضاء في 2014.