معبر إيرز بين إسرائيل وشمالي قطاع غزة.

غير راغبة أو غير قادرة

القيود الإسرائيلية على دخول الحقوقيين إلى غزة وخروجهم منها

معبر إيرز بين إسرائيل وشمالي قطاع غزة. © 2014 أمير كوهين/رويترز

مُلخص

فرضت إسرائيل على امتداد السنوات الـ 25 الماضية قيودا متزايدة على السفر من غزة وإليها. تؤثر هذه القيود على جميع نواحي الحياة في القطاع تقريبا، بما فيها قدرة الحقوقيين على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والدعوة إلى معالجتها. رغم أن إسرائيل تستثني بعض الحالات من حظر السفر – ما تسميه أسبابا إنسانية – فإن القاعدة العامة تبقى أنها لا تسمح للفلسطينيين والإسرائيليين والموظفين الأجانب في منظمات حقوق الإنسان الدولية بدخول غزة والخروج منها. تتحكم إسرائيل بالمجال الجوي لغزة ومياهها الإقليمية، ومنعت تشغيل المطار أو الميناء على امتداد العقدين الماضيين، ما جعل فلسطينيي القطاع يعتمدون على الموانئ الأجنبية للسفر إلى الخارج. كما فرضت قيودا مشددة جدا على السفر بين غزة والضفة الغربية، المعترف بهما كوحدة جغرافية، حتى في الحالات التي لا تتطلب عبور إسرائيل.

أبقت مصر على معبر رفح الحدودي مع غزة مغلقا في أغلب الأوقات منذ 2013، وتفتحه فقط بعد أسابيع من الإغلاق للسماح بعبور بضعة آلاف الأشخاص. كما منعت موظفي حقوق الإنسان الأجانب من دخول غزة عبر معبر رفح في السنوات الأخيرة، وفرضت قيودا على دخول الحقوقيين الفلسطينيين. ولتبرير القيود التي فرضتها على العبور عبر رفح، قالت مصر إن إسرائيل، سلطة الاحتلال، هي المسؤولة عن غزة، واستشهدت بالوضع الأمني في منطقة شبه جزيرة سيناء المصرية المتاخمة لغزة التي شنّت فيها جماعة تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" مواجهات عنيفة مع الجيش المصري منذ 2013، ما تسبب في مقتل المئات. ولكن مصر بدأت في تشديد القيود على العبور عبر رفح حتى قبل تدهور الوضع الأمني في سيناء وبُعيد خلع الجيش للرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، الذي اتهمه الجيش بتلقي دعم من "حماس". رغم أن مصر ليس لها أي التزامات تجاه الفلسطينيين بموجب قانون الاحتلال، وتستطيع – مع الالتزام ببعض القيود الهامة – أن تقرر من يدخل أراضيها، إلا أن أعمالها تفاقم تأثير قيود السفر التي تفرضها إسرائيل على سكان غزة.

تُبرّر الحكومة الإسرائيلية القيود على السفر، بما فيها المفروضة على موظفي حقوق الإنسان، بسببين اثنين. أولا، تقول إن السفر بين غزة وإسرائيل يهدّد بطبيعته أمن إسرائيل، سواء كان المسافرون فلسطينيين أو غير فلسطينيين، ودون إجراء أي تقييم فردي للخطر الذي قد يشكله كلّ شخص. وثانيا، تقول إن التزاماتها تجاه غزة تقتصر فقط على العبور في الظروف الإنسانية الاستثنائية، وسفر موظفي حقوق الإنسان لا يُعتبر ظرفا إنسانيا استثنائيا.

مع العجز عن إدخال الموظفين والمستشارين والمتطوعين إلى غزة وإخراجهم منها، يواجه الحقوقيون الفلسطينيون صعوبات في تسيير برامج في كافة أرجاء القطاع والضفة، رغم أن إسرائيل تعترف بوحدتهما الترابية، ويوجد إجماع دولي على أنهما أراض محتلة.[1] موظفو حقوق الإنسان من غزة تقريبا ممنوعون بشكل كامل من المشاركة في تدريبات أو فرص التطوير المهني خارج القطاع، ومن التقاء زملائهم من الضفة الغربية. كما يُمنع اعتياديا موظفو حقوق الإنسان في المنظمات الأجنبية والإسرائيلية من دخول غزة، ما يحدّ من قدرتهم على تحديد انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وإجراء بحوث حولها والدعوة إلى مواجهتها، ويُمنع الخبراء من تطبيق معارفهم المختصة في أعمال البحث والتوثيق المتعلقة بانتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما فيها جرائم الحرب المحتملة.

من جهتها، لم تتخذ سلطات حماس في غزة إجراءات كافية لحماية الحقوقيين من الانتقام بسبب انتقاد الجماعات المسلحة في القطاع. بل اعتقلت أحيانا – وضايقت – فلسطينيين انتقدوا نظام الحكم في ظلّ نظامها.

شرعت المدعية العامة لـ "المحكمة الجنائية الدولية" في إجراء فحص أوّلي لوقوع جرائم خطيرة محتملة في فلسطين، بما يشمل غزة، حتى 13 يونيو/حزيران 2014. من العوامل الأساسية التي ستنظر فيها المدعية لتحديد ما إذا ستفتح تحقيقا رسميا هي مدى وجود أي ملاحقات وطنية ذات مصداقية قد تحول دون تدخل المحكمة الجنائية الدولية. بموجب ما يُعرف بمبدأ التكامل، المحكمة الجنائية هي محكمة الملاذ الأخير، وتتدخل فقط في الحالات التي تكون فيها السلطات الوطنية غير قادرة على – أو غير راغبة في – إجراء ملاحقات حقيقية داخليا.

دافعت الحكومة والجيش الإسرائيليين بقوة في البيانات والوثائق العامة عن زعمها أن الآلية الإسرائيلية للتحقيق في جرائم الحرب المحتملة تستجيب للمعايير الدولية، وأن المسؤولين الإسرائيليين ينشطون فعلا في التحقيق في جميع المزاعم والمعطيات المتصلة بانتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي. تعترف السلطات الإسرائيلية بصعوبة جمع الأدلة داخل قطاع غزة، حيث لم يعد لها أي قوات ميدانية دائمة هناك. كما تعترف بصعوبة تلقي الشكاوى والمعلومات من الشهود والضحايا داخل القطاع، الذين يخشون الجيش الإسرائيلي ولا يثقون به. ولكنها تتحدث عن التعاون مع، والاعتماد على، منظمات حقوقية وغيرها من المنظمات غير الحكومية كوسيلة هامة – من بين وسائل أخرى – للحصول على معلومات حول الانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني الدولي، وضمان التعاون مع الشهود الفلسطينيين. القيود التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على دخول الحقوقيين يجعل توثيق الانتهاكات المحتملة أمرا صعبا. هذه القيود تمنعهم – باعتراف إسرائيل – من الوصول إلى مصادر هامة للمعلومات والأدلة المتعلقة بالانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني الدولي، وتثير تساؤلات ليس فقط حول قدرة السلطات الإسرائيلية على التحقيق في الانتهاكات المحتملة لقوانين الحرب، وإنما أيضا حول رغبتها في القيام بذلك.

تتجاوز القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول غزة والخروج منها بكثير ما يسمح به القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. مع استمرار تحكّم إسرائيل بالعديد من مناحي الحياة في غزة، تستمر التزاماتها بموجب قانون الاحتلال في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وخاصة تسهيل حركة الأشخاص والبضائع. رغم أن قانون الاحتلال يسمح لإسرائيل بتقييد التنقل لأسباب أمنية قاهرة، إلا أن حظر السفر المعمم الذي تفرضه يبقى غير متناسب مع أي تهديدات أمنية ملموسة. إسرائيل مُلزمة أيضا بموجب قانون الاحتلال، كما تنص عليه المادة 43 من "لوائح لاهاي"،[2] بالسماح بعمل المجتمع المدني، بما يشمل النشاطات والمنظمات الحقوقية. يتعارض الحظر أيضا مع التزامات إسرائيل باحترام حقوق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، بما فيها حق الفرد في دخول بلده الأصلي والخروج منه، واختيار مكان إقامته فيه.

على إسرائيل تغيير سياستها المتعلقة بالدخول إلى غزة لتصير متفقة مع التزاماتها بموجب القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان الدوليَّين. عليها فعل ذلك بتسهيل دخول وخروج جميع الفلسطينيين، الذين يخضعون لفحوص أمنية وتفتيشات فرديّة. عليها بشكل خاص تسهيل دخول الحقوقيين الفلسطينيين الذين تلعب أنشطتهم دورا أساسيا في بناء مجتمع سليم، وهم جزء من المجتمع المدني، الذي ترى الحكومة الإسرائيلية أن له دورا هاما في توثيق جرائم الحرب والانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني الدولي، ومواجهتها. على إسرائيل أن تنظر بجدّية في السماح لموظفي حقوق الإنسان الأجانب بدخول غزة لأنهم يُساهمون في حسن سير الحياة المدنية عبر مساعدة المجموعات الحقوقية المحلية، وتعزيز المجتمع المدني، والمساعدة على حماية الضحايا. أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن عمل المنظمات الحقوقية جدير بالحماية.

توصي "هيومن رايتس ووتش" أيضا المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق رسمي في الوضع في فلسطين لضمان محاسبة أي جرائم خطيرة محتملة ارتُكبت في فلسطين منذ يونيو/حزيران 2014. كما توصي سلطات حماس في غزة باتخاذ خطوات لحماية نشطاء حقوق الإنسان، والسماح لهم بتوثيق انتهاكات جميع الأطراف، بما فيها حماس والجماعات الفلسطينية المسلحة داخل غزة.

على مصر أيضا النظر في تأثير غلق الحدود مع غزة على حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، واحترام التزاماتها بموجب "اتفاقية جنيف الرابعة"، التي تنصّ على إجراءات حماية للشعوب المحتلة.

التوصيات    

إلى وزارة الدفاع ووزارة الداخلية الإسرائيليتين

  • رفع الحظر المعمم على السفر إلى غزة والخروج منها، والسماح بحرية تنقل الأشخاص في الاتجاهين، مع إخضاعهم لفحوص أمنية وتفتيشات جسدية فردية. يجب أن تتم هذه التفتيشات بشكل شفاف وغير تعسفي، ويجب أن يحظى الأفراد بفرصة الطعن في قرارات الرفض أمام السلطات الإسرائيلية، ويجب الموازنة بين إجراءات الحماية من تهديدات أمنية ملموسة والتزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة.
  • في انتظار رفع الحظر، يجب إضافة موظفي حقوق الإنسان إلى فئات الفلسطينيين الذين يُسمح لهم بالتنقل بين غزة وإسرائيل والضفة الغربية، والسفر إلى الخارج من غزة لحضور اجتماعات العمل والتدريبات والمؤتمرات وغيرها من فرص التطوير المهني، بما فيها العطل وفترات الراحة.
  • السماح للمنظمات الحقوقية الأجنبية والإسرائيلية بإرسال موظفين ومستشارين ومتطوعين وخبراء إلى غزة للقيام بأعمال توثيق وتدريب وبحث ومناصرة.
  • تسهيل الوصول إلى الموانئ للسفر إلى الخارج. إلى أن يُسمح للفلسطينيين بإعادة فتح المطار والميناء وتشغيلهما، يجب السماح لهم باستخدام الموانئ الإسرائيلية للسفر.

إلى مكتب المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية

  • الأخذ بعين الاعتبار – عند تقييم مصداقية التحقيقات الداخلية التي تُجريها إسرائيل – سياسة إسرائيل في ما يتعلق بتنقل موظفي حقوق الإنسان، بما في ذلك تأثير قيود السفر على نوعية وحجم المعلومات التي تصل إلى السلطات العسكرية الإسرائيلية، والانعكاسات المحتملة لذلك على قدرة السلطات ورغبتها في اتخاذ أي إجراءات حقيقية.
  • إطلاع السلطات الإسرائيلية على المخاوف المتعلقة بسياستها تجاه دخول موظفي حقوق الإنسان إلى غزة والخروج منها.

إلى سلطات حماس في غزة

  • حماية موظفي حقوق الإنسان في غزة من جميع تهديدات الانتقام والأذى التي يواجهونها، سواء كانت جسدية أو غير ذلك، الناتجة عن أعمال البحث والمناصرة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما فيها انتهاكات الجماعات المسلحة في غزة.
  • الكف عن إجراءات الاعتقال والرقابة وغيرها من الإجراءات التي تستهدف الأشخاص الذين يوثقون انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي بشكل سلمي، ويوجّهون انتقادات إلى الحكومة، بمن فيهم الحقوقيون والصحفيون وغيرهم.
  • فتح تحقيقات جديّة في الجرائم الخطيرة المزعومة التي ارتكبتها الجماعات الفلسطينية في غزة أثناء حرب 2014.

إلى مصر

  • كجميع الدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة، على مصر فعل كل ما في وسعها لضمان التطبيق الشامل للأحكام الإنسانية في الاتفاقية، بما فيها إجراءات الحماية الخاصة بالمدنيين الذين يعيشون تحت الاحتلال. على مصر أيضا السماح بدخول محققي حقوق الإنسان الأمميين وتقييم أثر إغلاق حدودها على حقوق الفلسطينيين في السفر من غزة وإليها.
     

منهجية التقرير

يتناول هذا التقرير سياسة إسرائيل الخاصة بدخول الموظفين والمستشارين والمتطوعين وغيرهم من العاملين مع المنظمات الحقوقية الفلسطينية والإسرائيلية والأجنبية إلى غزة والخروج منها. كما يتناول تأثير هذه السياسة على قدرة السلطات الإسرائيلية على إجراء تحقيقات كافية في انتهاكات القانون الإنساني الدولي المزعومة التي تحصل في غزة أو تلك المتعلقة بسير العمليات العدائية بين الجيش الإسرائيلي والجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة.

أجرت باحثة ومساعدتا أبحاث في هيومن رايتس ووتش 12 مقابلة مع ممثلين عن 4 منظمات حقوقية فلسطينية مقرّها غزة، ومنظمتين حقوقيتين أجنبيتين وأخرى إسرائيلية. 4 من هذه المنظمات تلعب دورا بارزا في توثيق الانتهاكات الناتجة عن الأعمال العدائية بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة.

استعرضنا أيضا وثائق نشرتها وزارة الدفاع الإسرائيلية وتحدد فيها معايير الدخول إلى غزة أو مغادرتها، ووثائق محاكم شرحت فيها السلطات الإسرائيلية سياستها الخاصة بدخول غزة والهدف منها، وردود كتابية على مطالب قدّمها أفراد للسفر من غزة وإليها. كما راجعنا بيانات عامة كتابية وشفهية صادرة عن السلطات الإسرائيلية وتتعلق بالآليات المعتمدة للتحقيق في انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ترتكبها القوات الإسرائيلية المسلحة وطبيعة علاقتها مع المنظمات الحقوقية.

استعرضنا أيضا منشورات لهذه المنظمات الحقوقية، ومنها تقرير صدر في 2016 عن تأثير قيود السفر على منظمات المجتمع المدني، وتقارير أصدرتها منظمات حقوقية حول سير العمليات العدائية في صيف 2014. راسلت هيومن رايتس ووتش النائب العام العسكري الإسرائيلي والتمست التعليق، فردّ برسالة أرفقنا ترجمتها العربية كاملة بملحق هذا التقرير.

في سياق بحوث هذا التقرير، التمست هيومن رايتس ووتش مرارا التصريح لموظفيها الأجانب بدخول غزة. رفضت السلطات الإسرائيلية أغلب هذه الطلبات، ولكنها وافقت على آخر التماس بشكل استثنائي، وسنستعرضه في التقرير، فزار ممثلان عن هيومن رايتس ووتش غزة في سبتمبر/أيلول 2016.

وافق جميع من قابلناهم على اجراء المقابلات. شرحت لهم هيومن رايتس ووتش الهدف من المقابلة وكيف ستُستخدم المعلومات التي يتم جمعها، ولم تقدّم لهم أي أجر مادي. 

I.إغلاق غزّة

قطاع غزّة والضفة الغربية وإسرائيل تشكل معا أرض فلسطين الكاملة تحت الانتداب البريطاني، في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. الروابط الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والأسرية بين هذه المناطق عميقة، وكانت توجد في الغالب حريّة تنقل في كلّ أنحاء المنطقة. قسمت الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1948 هذه المناطق، فصارت غزة تحت الاحتلال العسكري المصري، والضفة الغربية تحت الحكم الأردني، وإسرائيل دولة ذات سيادة. فرّ اللاجئون الفلسطينيون، أو طردوا، مما صار يُعرف بإسرائيل إلى غزة، حتى صار 72 بالمئة من سكان غزة، البالغ عددهم اليوم 1.8 مليون، إما لاجئين أو متحدرين من لاجئين.[3] نتيجة احتلال إسرائيل لغزة والضفة الغربية في 1967 أصبحت جميع المناطق خاضعة لسيطرتها، فأنشأت حكومتين عسكريتين لحُكم غزّة والضفة الغربية.

على امتداد العقدين الأولين من الاحتلال الإسرائيلي، كان غالبا ما يُسمح للفلسطينيين بالسفر بين إسرائيل وغزة والضفة الغربية، ما أدّى إلى إحياء العلاقات التاريخية التي انقطعت في 1948. رغم أن الجيش الإسرائيلي أعلن غزة والضفة الغربية منطقتين عسكريتين مغلقتين، إلا أنه كان يُصدر "تصاريح خروج عامة" كانت في الغالب تسمح للفلسطينيين بالسفر دون الحاجة إلى تصاريح فرديّة، ما لم تكن توجد قرارات حظر فردية.[4]

في 1991، أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وعلى خلفيّة حرب الخليج الأولى التي قصف خلالها العراق إسرائيل، ألغى الجيش الإسرائيلي تصريح الخروج العام الذي كان مُعتمدا، وبدأ يفرض على الفلسطينيين تدريجيا الحصول على تصاريح سفر فرديّة. رغم أن "اتفاقيات أوسلو للسلام" لسنة 1995 اعترفت بغزة والضفة الغربية كـ "وحدة ترابية واحدة"، إلا أنه أصبح من الصعب بشكل متزايد خلال التسعينات التنقل بين المنطقتين، وفي 1995 شيدت إسرائيل سياجا على طول الحدود مع غزة.[5] مع المدّ والجزر الذي شهدته الفترة الممتدة من 1991 إلى 2005، فُرضت قيود متزايدة على السفر من غزّة وإليها.[6] تزامنت هذه القيود مع تصعيد في العنف، بما فيه الاشتباكات المسلّحة بين الجماعات المسلّحة في غزّة والجيش الإسرائيلي، وهجمات استهدفت المعابر بين غزّة وإسرائيل، وتفجيرات استهدفت مدنيين إسرائيليين داخل إسرائيل وقطاع غزة.

في مُعظم هذه الفترة، برّر الجيش الإسرائيلي – الذي كان يُسيطر على الحركة بين غزة والعالم الخارجي – قيود السفر بمخاوف أمنية أو ضرورات عسكرية. شملت القيود قرارات حظر سفر فردية، اعتمادا على تقييمات يجريها "جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي" ("شين بيت")، وأخرى معمّمة، ومنها إغلاق المعابر، ومنع فئات بأكملها من الأشخاص من السفر، أو اقتصار السفر على الحالات الإنسانية.[7]

.طلاب في "الجامعة الإسلامیة" في غزة © 2017 عبير المصري

في 2005، أزالت إسرائيل المستوطنات الإسرائيلية التي أنشأتها في قطاع غزة، وأنهت التواجد الدائم لقواتها البرية هناك، وانسحبت من الحدود بين غزة ومصر. عندئذ بدأ الأساس المنطقي لتقييد السفر يتغير. زعمت إسرائيل أنها لم تعد تحتل قطاع غزة، وبالتالي فهي في حلّ من أي التزامات تجاه سكان القطاع بموجب قانون الاحتلال، بما فيها واجب السماح بالسفر.[8] وفي سبتمبر/أيلول 2007، على إثر انهيار حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وسيطرة حركة حماس على غزة، أصدرت الحكومة الإسرائيلية قرارا وزاريا أعلنت فيه فرض قيود على حركة الأشخاص والبضائع من غزة وإليها، لأهداف منها إضعاف اقتصاد غزة، التي أعلنتها الحكومة "منطقة معادية".[9]

تُسمّي إسرائيل سياستها التي تقيّد الدخول إلى غزة والخروج منها "سياسة الفصل" التي تقول إن لها أهدافا أمنية وسياسية.[10] تقول إسرائيل إنها تريد تقييد التنقل بين غزة والضفة الغربية إلى أدنى حد ممكن لمنع انتقال "شبكة من الإرهابيين" من غزة إلى الضفة الغربية،[11] التي لها حدود سهلة الاختراق مع إسرائيل، ويسكنها حوالي نصف مليون مستوطن إسرائيلي. أما اليوم، فسفر الفلسطينيين من غزة وإليها مُقتصر على "الظروف الإنسانية الاستثنائية، مع التركيز على الحالات الطبية الطارئة"،[12] رغم أن إسرائيل تعتبر المئات من كبار التجار وغيرهم مؤهلين للسفر.

في 2016، كان المعدّل الشهري لعدد الفلسطينيين الذين دخلوا إلى إسرائيل والضفة الغربية من غزة 12150 شخصا،[13] مقارنة بأكثر من نصف مليون في سبتمبر/أيلول 2000، عند اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.[14] عدد عمليات العبور يتجاوز عدد المسافرين بكثير لأن بعض المسافرين، لا سيما التجار، يسافرون عدّة مرات في الشهر. نسبة تنقل الفلسطينيين بين غزة وإسرائيل والضفة الغربية اليوم تكاد لا تتجاوز 2 بالمئة من النسبة المُسجلة في سبتمبر/أيلول 2000، ومعظم سكان غزة الذين يقاربون المليونين ممنوعين من السفر.

في 2016 أيضا، سجل، كمعدل، سفر 700 شخص من ممثلي المنظمات الأجنبية، لا سيما العاملين في المنظمات الإغاثية، بين غزة وإسرائيل والضفة الغربية كل شهر. بالإضافة إلى ذلك، سُجل سفر أجانب (غير مسجلين في سجلات السكان الفلسطينية أو الإسرائيلية) عبر معبر إيرز بين غزة وإسرائيل والضفة الغربية، منهم صحفيون ودبلوماسيون ومسافرون لزيارة أفراد من عائلاتهم في حالات الوفاة أو المرض الخطير أو الزواج.[15] رغم ذلك، سجّلت نسبة العبور عبر إيرز ارتفاعا مقارنة بما يبدو أنها أدنى مستوياتها في 2008، التي كانت فيها المعايير تقييدية بشكل كبير. في تلك السنة، لم يتجاوز معدّل الفلسطينيين الذين عبروا من إسرائيل إلى غزة 2000 شخص شهريا، أغلبهم مرضى ومرافقون لهم ودبلوماسيون وعمال إغاثة.[16]

دمّرت هذه القيود اقتصاد غزة،[17] وفرّقت العائلات،[18] ومنعت الناس من الحصول على رعاية طبية،[19] أو فرص تعليمية،[20] وعطّلت عملية إعادة البناء.[21] كما عمّقت الانقسام بين غزة والضفة الغربية، الذي تفاقم بسبب الانقسام بين الفصائل الفلسطينية في 2007، حتى صارت الضفة الغربية تحت حكم "فتح" وغزة تحت حكم حماس.

انسحبت إسرائيل من معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر في 2005، فصار تحت سيطرة مصر وحماس، كلّ من جهته. أبقت مصر على معبر رفح مغلقا في أغلب الأوقات منذ خلع الرئيس محمد مرسي في 2013، ما يعكس توتّر العلاقات بين الحكومة المصرية الجديدة وحكومة حماس في غزة، التابعة لجماعة "الإخوان المسلمون". في الأيام القليلة التي يُفتح فيها المعبر، مرّة كل عدّة أسابيع، يُسمح فقط بعبور بضعة آلاف ثم يُغلق من جديد. يتم تحديد الحالات ذات الأولوية من قبل حكومة حماس والسلطات الإسرائيلية. في 2016، بلغ عدد الفلسطينيين الذين عبروا حدود غزة مع مصر في الاتجاهين 3520 شخصا شهريا، مقارنة بمعدّل شهري يُقدّر بـ 34991 في 2012.[22] هذا يعني أن معدّل عبور الفلسطينيين بين غزة ومصر فقط 10 بالمئة من معدّل 2012، وأن معبر رفح مغلق في معظم الأوقات. كانت مصر دائما هي بوابة فلسطينيي غزة للسفر إلى الخارج، ولكنها صارت اليوم مغلقة أمام أغلبهم.


تتحكم إسرائيل بالمجالين الجوّي والبحري لغزة، وتمنع أي رحلات جوية أو بحرية منها وإليها، وتبرّر ذلك بمخاوف أمنية.[23]

لكل هذه الأسباب، يبقى السفر عبر إيرز هو الطريق الرئيسية للانتقال بين غزة وإسرائيل والضفة الغربية والدول الأخرى.

II.دخول موظفي حقوق الإنسان

تضمّ "شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية"، التي تضم عضويتها فقط بعض منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، 135 منظمة غير حكومية تعمل في مجالات مثل التنمية والثقافة والتعليم والبيئة وحقوق الإنسان.[24] عشرات المنظمات الحقوقية مستقرّة في غزة أو لها نشاطات فيها، ومنها منظمات تجري بحوثا وتعدّ تقارير عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي أو قوانين الحرب، بما فيه أثناء تصاعد العنف بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة. إضافة إلى ذلك، تُجري منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان على الأقل بحوثا في غزة بالاعتماد على باحثين ميدانيين دائمين يعيشون هناك، بينما تُوظف المنظمات الحقوقية الأجنبية عاملين دائمين أو وقتيين لإجراء بحوث في غزة. وظفت هيومن رايتس ووتش مساعدة أبحاث دائمة في غزة منذ 2009.

سياسة إسرائيل بشأن السفر

يعتبر الجيش الإسرائيلي غزة والضفة الغربية منطقتين "مغلقتين"، ما يعني أن القاعدة العامة هي أن الفلسطينيين لا يستطيعون التنقل داخل إسرائيل أو بين غزة والضفة الغربية ما لم يكونوا ضمن قائمة الاستثناءات التي تتغيّر دوريا. بعد إجراءات تقاضي واسعة بموجب "قانون حرية المعلومات" الإسرائيلي،[25] صارت وزارة الدفاع الإسرائيلية تنشر المعايير المتعلقة بالسفر بين غزة والضفة الغربية وإسرائيل، وتُطلق عليها "تصاريح خلال الإغلاق".[26] تسمح هذه المعايير بسفر المرضى الباحثين عن علاج خارج غزة ومرافقيهم، و"كبار التجار" الذين يشترون البضائع من إسرائيل أو الضفة الغربية، وزيارة أفراد العائلين المقرّبين في حالات الوفاة أو المرض الخطير أو الزواج، وسفر المسنين إلى القدس لأسباب دينية، وزيارات أقارب المسجونين في إسرائيل،[27] وغيرهم. يُشكّل كبار التجار أكبر فئة من الفلسطينيين الذين يدخلون إسرائيل، بحوالي 54 بالمئة من مجموع العابرين، ثم المرضى الباحثين عن علاج بـ 21 بالمئة.[28] أما ثالث أكبر فئة فهم العاملون في منظمات دولية بحوالي 5 بالمئة من مجموع الفلسطينيين العابرين من غزة إلى إسرائيل، بمعدّل يتجاوز 700 شخص شهريا.[29] تشمل هذه الفئة موظفين ومتعاقدين فلسطينيين وبعثات دبلوماسية أو منظمات إغاثة دولية مسجلة لدى وزارات الرعاية الاجتماعية والخارجية والداخلية.[30]

الانتماء إلى إحدى هذه الفئات يؤهل الشخص لتقديم طلب تصريح سفر، لكنه لا يضمن الحصول عليه. دخول بعض الفئات يخضع لنظام الحصص، ودخول جميع المسافرين يخضع لفحص أمني من قبل جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي. هذه الفحوص الأمنية غير شفافة، ولمّا يرفض جهاز الأمن الداخلي منح تصريح، لا يحصل صاحب الطلب أو ممثله القانوني على معلومات كافية، أو على أي معلومات أصلا، حول طبيعة المزاعم الأمنية.

العاملون في مجال حقوق الإنسان – فلسطينيون أو إسرائيليون أو أجانب – غير مُدرجين ضمن الفئات المؤهلة للسفر عبر معبر إيرز. ولما تطلب منظمات حقوقية فلسطينية أو إسرائيلية أو أجنبية السماح بدخول موظفين أو زائرين أو متطوعين، ترفض الحكومة الإسرائيلية ذلك بشكل منهجي. في بعض الحالات، زعم الجيش الإسرائيلي أنه لن يسمح بسفر العاملين في منظمات حقوقية دولية لأن هذه المنظمات غير مسجلة لدى السلطات الإسرائيلية كمنظمات دولية.[31] ولكن يبدو أن التسجيل مقتصر فقط على البعثات الدبلوماسية، مثل السفارات الأجنبية أو "منظمات الإغاثة الدولية التي تقدّم مساعدات للأراضي الفلسطينية" والتابعة للأمم المتحدة.[32] لم يتم الإفصاح علنا عن أي إجراءات تم وضعها للسماح للمنظمات الحقوقية بالتسجيل. منذ 2013، طلبت منظمة "غيشا-مسلك" الحقوقية الإسرائيلية من عدة جهات حكومية معلومات حول قدرة المنظمات الدولية – غير منظمات الإغاثة والدبلوماسيين – على التسجيل بهدف الحصول على تصاريح سفر، ولكن لم تتحمل أي جهة حكومية مسؤولية التسجيل، ويبدو أنه لا يوجد حتى إجراء لالتماس الاعتراف بها.[33]

قدمت منظمتا "بتسيلم" وغيشا-مسلك الحقوقيتان اعتراضا قضائيا فاشلا على هذه السياسة، لما التمستا تصريحا لباحثين ميدانيين من غزة تابعين لـ بتسيلم لحضور اجتماعات وتدريبات في القدس. شرحت السلطات الإسرائيلية كيف تفرّق بين المنظمات الإنسانية والمنظمات الحقوقية في موضوع السفر من غزة وإليها:

في ما يتعلق بالمنظمات الدولية المعترف بها، نحن نتحدث عن منظمات مثل "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، و"منظمة الصحة العالمية" و"وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" ("الأنروا") و"برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" وما شابهها، العاملة في قطاع غزة ويهودا والسامرة لتقديم المساعدة لسكان القطاع، بما يشمل مجالات الرعاية الاجتماعية والتعليم والصحة، إلخ.[34]

بحسب الحكومة الإسرائيلية، تعزز هذه السياسة مصالح السياسة الخارجية لدولة إسرائيل بالسماح بمرور العاملين في بعض المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية والموظفين الذين يُعتبر دخولهم ضروريا لتفي إسرائيل بالتزامها "بعدم الاضرار بالحد الأدنى من العمل الإنساني الذي يحتاج إليه سكان القطاع، بما في ذلك تقديم تصاريح سفر في الأوضاع الإنسانية المناسبة".[35]

الردّ المعتاد على طلبات السفر المقدّمة من قبل المنظمات الحقوقية هو أن السفر من غزة وإليها مقتصر على الأوضاع الإنسانية الاستثنائية، وأن السفر لتسهيل العمل الحقوقي لا يستجيب لهذا المعيار.[36] كما لاحظنا سابقا، فشلت منظمة بتسيلم الحقوقية مرارا في الحصول على تصاريح لباحثيها الميدانيين ليغادروا غزة لحضور اجتماعات مع بقية الموظفين في القدس.[37] تواصل المجموعات الحقوقية المستقرة في غزة و"المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" و"مركز الميزان لحقوق الإنسان" التماس تصاريح لموظفيها الذين يُدعون لحضور ورشات أو تدريبات أو اجتماعات أو مؤتمرات، ولكن طلباتها تلقى الرفض بشكل متكرر.[38]

رغم أن الجيش الإسرائيلي يقدّم تبريرا مختلفا قليلا، إلا أنه يرفض أيضا السماح للحقوقيين الذين يعيشون في إسرائيل أو يزورونها بدخول غزة منذ 2012 على الأقل. وثقت "منظمة العفو الدولية"، منظمة حقوقية بارزة مقرها لندن، انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في غزة منذ ثمانينات القرن الماضي، وحاولت في السنوات الأربع الماضية إدخال موظفيها إلى غزة. كانت آخر مرة منحتها إسرائيل تصريحا في يونيو/حزيران 2012. ولما اندلعت الأعمال العدائية بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، رفض الجيش الإسرائيلي الردّ على مطالب متعددة قدمتها منظمة العفو الدولية للدخول إلى غزة أثناء القتال وبعده. تمكنت المنظمة من إدخال موظفين لها إلى غزة في 2012 عبر الحدود المصرية، التي كانت مفتوحة حينها. ولكن لما جدّت الأعمال العدائية في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2014، كانت الحدود مغلقة. قدّمت المنظمة 4 طلبات منفصلة إلى السلطات الإسرائيلية أثناء القتال، ولكنها رُفضت جميعا. وبعد الأعمال العدائية مباشرة، استأنفت قرار الرفض عبر فرع التظلمات التابع للجيش الإسرائيلي، ولكنها لم تنجح مجددا.[39]

في يوليو/تموز 2015، قدّم محام ينوب عن منظمة العفو الدولية طلبا لدخول موظفين أجانب من المنظمة، فأجابه الجيش الإسرائيلي بالرفض في سبتمبر/أيلول 2015.[40]

حاولت منظمة العفو الدولية – بشكل منفصل – التسجيل لدى وزارتيّ الخارجية والشؤون الاجتماعية كمنظمة دولية ليُسمح لها بدخول غزة، ولكن مسؤولين قالوا لها إنها لا تستجيب لمعايير التسجيل.[41]

حاولت هيومن رايتس ووتش أيضا مرارا إدخال موظفين لها إلى غزة، ولكن السلطات الإسرائيلية منذ 2009 لم ترد أو رفضت الردّ على طلباتها. أثناء الأعمال العدائية سنة 2014 وبعدها مباشرة، قدّمت هيومن رايتس ووتش العديد من الطلبات الفاشلة لدخول غزة عبر معبر إيرز. قال الجيش في أحد الردود إنه يقبل فقط طلبات المنظمات المسجلة لدى وزارة الرعاية الاجتماعية (منظمات الإغاثة الدولية فقط) ووزارة الخارجية (الدبلوماسيون فقط)، وأحال هيومن رايتس ووتش إلى فرع آخر من الجيش.[42] رفض هذا الفرع الالتماس، وقال إنه يوافق فقط على دخول الأطباء والموظفين الطبيين.[43] ولكن السلطات قامت باستثناء في سبتمبر/أيلول 2016، بعد 7 سنوات من الرفض، وسمحت لموظفيَّن أجنبيَّين من هيومن رايتس ووتش بدخول غزة، بعد أن التمسا تصاريح لذلك بغرض الدفاع عن مدنيين إسرائيليين محتجزين لدى منظمات مسلّحة في غزة. صنّفت السلطات ذلك الردّ الإيجابي على أنه استثناء لا يتكرر، ولا يخضع للمعايير التي تحددها سياسة الجيش.[44]

منذ 2013، رفضت السلطات المصرية أيضا السماح لموظفي حقوق الإنسان الأجانب بدخول غزة أثناء المرات القليلة التي فتحت فيها معبر رفح، ما يعني أن غزة صارت مغلقة فعليا أمام الموظفين الأجانب في هذه المنظمات والخبراء الخارجيين الذين تستدعيهم المجموعات المحلية. لم تتمكن كل من هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية من إدخال موظفين أجانب إلى غزة أثناء الأعمال العدائية سنة 2014 وبعدها مباشرة. لتبرير القيود التي تفرضها على دخول غزة عبر رفح، تقول السلطات المصرية إن تأمين الدخول إلى غزة والخروج منها هو مسؤولية إسرائيل، القوّة المحتلة لغزة، وتشير إلى الوضع الأمني في صحراء سيناء، وهي أراض مصرية على الحدود مع غزة نفذت فيها جماعات مسلحة مواجهات عنيفة مع قوات الأمن المصرية.[45] وفي أوقات أخرى، حافظت مصر على معبر رفح مفتوحا، رغم أعمال الجماعات المسلحة في سيناء.

شرح الجيش الإسرائيلي في رسالة وجهها مؤخرا إلى هيومن رايتس ووتش سبب رفض دخول الموظفين الأجانب في المنظمات الدولية من دخول غزة عبر إسرائيل:

خروج الأجانب الموجودين في إسرائيل بشكل شرعي، ودخولهم قطاع غزة ثم العودة إلى إسرائيل، يثير المخاطر الجوهرية المرتبطة بالتنقل غير الخاضع للمراقبة بين قطاع غزة وإسرائيل. في جزء منه، هذا هو سبب القرار المتعلق بالسماح للمواطنين الأجانب بدخول قطاع غزة عبر إسرائيل في الحالات الإنسانية فقط، وهو خاضع للسياسة المعتمدة في ذلك الوقت.[46]

من جهة، تُفسّر السلطات الإسرائيلية المعيار "الإنساني" بشكل ضيّق، ليشمل الظروف الإنسانية الخاصة بصاحب الطلب، مثل المرض أو وفاة أحد أفراد الأسرة، وتستثني العمل الذي يجريه موظفو حقوق الإنسان، والذي له انعكاسات إنسانية واضحة، مثل التدريب على إعادة تأهيل ضحايا التعذيب[47] والتدريب الأمني حول حماية الموظف.[48] من جهة أخرى، وفي إطار ذات المعايير الضيقة، تسمح إسرائيل بحوالي 7000 عبور شهريا لتجار بهدف شراء بضائع، و700 عبور شهريا لممثلين عن منظمات دولية. في حالة التجار بشكل خاص، قد يُسمح لنفس الشخص بالعبور عدة مرات كل شهر.[49]

الفحوص الأمنية لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي

كل طلبات السفر عبر معبر إيرز تخضع لتدقيق أمني من قبل جهاز الأمن الداخلي، الذي يُعرف بـ "شين بت". ترفض السلطات العسكرية في بعض الحالات طلبات السفر اعتمادا على تقييمات فردية للتهديد الأمني الذي يُشكله سفر شخص ما. انتقدت المنظمات الحقوقية غياب الشفافية والتعسف اللذين يبدو أنهما يشوبان عملية التدقيق.[50]

لكن السياسة المشروحة أعلاه هي اختبار ينطبق على طلبات التصاريح حتى قبل خضوع الشخص لتدقيق أمني من قبل جهاز الأمن الداخلي. أي أن الجيش الإسرائيلي يُحدد أولا ما إذا كان الشخص مؤهلا لطلب التصريح، وإن كان طلبه يستجيب للمعايير المطلوبة، ثم تنظر السلطات العسكرية في إمكانية عرضه على تقييم جهاز الأمن الداخلي. قرارات الرفض التي يستعرضها هذا التقرير هي المتعلقة بالاختبار الأول، أي بما إذا كان الشخص يستجيب لمعايير السفر. في بعض الحالات، سُمح لموظفي حقوق الإنسان السفر عبر إيرز لسبب لا يتعلق بعملهم في المنظمات الحقوقية، ما يعني أنهم تجاوزوا تدقيق جهاز الأمن الداخلي، ولكن لما تقدم نفس الأشخاص بطلبات تتعلق بالعمل، رفضت السلطات العسكرية ذلك.[51]

التأثير على العمل الحقوقي

القيود المفروضة على السفر تُصعّب على المنظمات الحقوقية – الفلسطينية والإسرائيلية والأجنبية – القيام بعملها لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والدعوة إلى مواجهتها. وثقت منظمة غيشا-مسلك الحقوقية الإسرائيلية بعض هذه الصعوبات في دراسة مستفيضة حول آثار قيود السفر على 32 منظمة أهلية في غزة والضفة الغربية، منها مجموعات حقوقية.[52] وجدت غيشا-مسلك – من خلال مقابلات ومجموعات تركيز – إن عدم القدرة على السفر منعت المنظمات من الحصول على تدريبات، وعرقلت علاقات العمل والتعاون داخل المنظمة الواحدة وبين المنظمات، وساهمت في هدر الموارد ومضاعفة صرفها، وصعّبت الحصول على تمويل، وقضت على فرص التدريب على التحكم في الاجهاد وتخفيف التوتر، وصعّبت بروز قادة المجتمع المدني الشبان وتطورهم.

هذه العراقيل لها تأثير مباشر على عمل المنظمات الحقوقية التي توثق انتهاكات قوانين الحرب، بما في ذلك جرائم الحرب المحتملة، والدعوة إلى جبرها.

عزلة الحقوقيين الفلسطينيين داخل غزة

من الصعب جدا على موظفي حقوق الإنسان المقيمين في غزة المشاركة في التدريبات والمؤتمرات والورشات والاجتماعات التي تُعقد خارج القطاع، سواء في الضفة الغربية أو إسرائيل أو الخارج. بالنسبة إلى العاملين في منظمات مقرها الضفة الغربية أو إسرائيل أو الخارج والمقيمين في غزة، يتسبب انعدام اتصالهم المباشر بزملائهم ومديريهم في شعورهم بالعزلة، ويصعب عليهم تطوير علاقات عمل تساعدهم على تحقيق الحد الأقصى من الإنتاجية والابداع. يُشرف كريم جبران، مدير البحث الميداني في منظمة بتسيلم الحقوقية، على 3 باحثين ميدانيين يعملون في قطاع غزة. استطاع الالتقاء باثنين منهم في 2012 لما كان معبر رفح الحدودي مع مصر لايزال مفتوحا، فسافرا من غزة إلى مصر ثم الأردن لمقابلته مع موظفين آخرين في المنظمة في القدس:

المشكلة في التدريب... أحاول دائما شرح الأشياء عبر الهاتف. عندما نتحدث عن خطة العمل، أستغرق وقتا لمناقشتهم وإقناعهم بما نحتاج إليه هناك، وما نريد فعله. لو كنت قادرا على تمكينهم من مزيد من الأدوات، والقدرة على البحث، والمعرفة النظرية المتعلقة بالقانون الدولي، لساعدنا ذلك كثيرا. نحاول دائما إخضاعهم لتدريبات في غزة، ولكن ذلك مختلف عن برنامج تُعدّه بنفسك. هناك أيضا تأثير للإجهاد الذهني، علاوة على المخاطر والصعوبات النفسية. أي شخص في هذا الوضع يحتاج إلى الشعور بالانتماء إلى فريق أكبر، وليس الشعور بأنه يعمل بمفرده على الميدان... هم لا يعرفون الموظفين، ولا الوجوه البشرية، وذلك يؤثر على العلاقات المهنية... شعرت بذلك لما قابلتهم في عمان. بعد 3 سنوات من الاتصالات الهاتفية، كوّنت عنهم صورة نمطية في ذهني، ثم اكتشفت أن لهم شخصيات مختلفة. ومنذ ذلك الوقت، صار أسهل لي الاشراف عليهم وفهمهم ومعرفة حساسياتهم. هذا هام بالنسبة إلى علاقات العمل طويلة المدى.[53]

أفاد موظفون حقوقيون في غزة أنهم يشعرون بالعزلة عن بقية العاملين في ميدانهم، ولا يستطيعون إيصال أفكارهم في الاجتماعات والمؤتمرات. قال فضل المزيني، باحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: "ليس هناك تبادل أو تحديث للأفكار والمبادئ. تمثيل غزة – العاملون في غزة أصواتهم غير مسموعة، وتلك هي التكلفة الأكبر، بعد التكلفة الشخصية المتمثلة في عدم تطوير المهارات المهنية".[54]

قال جبر وشاح، نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن عدم تمكن موظفي المركز من الخروج من غزة يعني أن المنظمة لم تتمكن من إيصال نتائجها إلى المحافل الدولية، واضطرت للتعويل على منظمات زميلة لتقيّم عملها. قال أيضا إن هناك صعوبة في تخطيط أعمال المناصرة لأن المركز لا يعلم متى وكيف يستطيع إخراج موظفيه، وعندما يبقى الموظفون عالقين خارج غزة في انتظار إعادة فتح معبر رفح، تثقل الإقامة المطوّلة ميزانية المنظمة.[55]

بهجت الحلو هو منسق التدريب في مكتب "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان" في غزة. © 2017 عبير المصري

قال بهجت الحلو، منسّق التدريب في مكتب "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان" في غزة، هيئة أنشئت بقانون، تُراقب التزام السلطات الفلسطينية بحقوق الإنسان، ومقرها الضفة الغربية، إن التخطيط التنظيمي كان صعبا بين فرعي الهيئة دون القدرة على الالتقاء بشكل مباشر:

لن أقول إن جودة إنتاجنا شهد تراجعا، فنحن نعمل بجدّ وبلا كلل. ولكن الوضع أثّر على تقاريرنا وبعثات تقصي الحقائق. لا نستطيع تقديم عملنا، ونفقد شيئا ما لمّا يعتمد شخص من غزة على زملائه في الضفة الغربية ليقدموا عمله ويخوضون حملات المناصرة بالنيابة عنه.[56]
سمير زقوت هو منسق وحدة البحث الميداني في "مركز الميزان لحقوق الإنسان" الفلسطيني.  © 2017 عبير المصري

ثانيا، قيود السفر تعني أن الخبراء والعاملين في مجال حقوق الإنسان الأجانب لا يستطيعون دخول غزة، بما فيه للتدريب أو العمل الطوعي. قال وشاح، من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إنه حتى في الحالات التي تمكن فيها من ضمان تمويل لتدريب الموظفين من قبل خبراء أجانب، فإن التدريب تم في الغالب عن بعد، بسبب عدم القدرة على استصدار تصاريح. نفس الأسباب صعّبت على المركز استقدام متدربين ومتطوعين، وغالبا ما يضطرون إلى العمل في مكتب صغير تابع للمركز في الضفة الغربية.[57]

أثناء تصاعد العنف وبعده، وبسبب عدم القدرة على استقدام خبراء من الخارج أو حتى محققين أمميين وخبراء حقوقيين إلى غزة، صار صعبا توثيق انتهاكات القانون الإنساني الدولي وإعداد تقارير حولها. أثناء العملية العسكرية الواسعة في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2014، رفضت السلطات الإسرائيلية بشكل متكرر طلبات قدمتها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية[58] العالميتين لإرسال باحثين ومختصين في الطوارئ وخبراء أسلحة إلى غزة. كما رفضت دخول لجنة لتقصي الحقائق أنشأها "مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة للتحقيق في جرائم محتملة حصلت أثناء القتال.[59] رغم أن الباحثين في المجموعات الحقوقية الفلسطينية داخل غزة لهم خبرة في توثيق سير الأعمال العدائية، إلا أنهم يفتقرون إلى تدريب مختص على الأسلحة، ويعتمدون على وحدة الهندسة التابعة للشرطة الفلسطينية لتحليل الشظايا وغيرها من المخلفات لتحديد نوعية الأسلحة المستخدمة وكيفية استخدامها. في 2012، تمكن خبراء أسلحة أجانب من دخول غزة عبر رفح لمساعدة المجموعات الحقوقية المحلية، ولكن في 2014 لم يُسمح لأي خبراء أجانب بالدخول.

قال سمير زقوت، منسق وحدة البحوث الميدانية في مركز الميزان الفلسطيني: "كنا سنستفيد من خبراء الأسلحة الأجانب لو تمكنوا من دخول غزة".[60]

صد المنظمات الحقوقية الأجنبية

عدم القدرة على إدخال أجانب إلى غزة تسبب أيضا في إشكاليات لمنظمات حقوق الإنسان الدولية في الخارج، حتى وإن كانت توظف باحثين مساعدين يعيشون في غزة.

آخر مرّة استطاعت منظمة العفو الدولية إدخال موظفين لها إلى غزة كانت في 2012. في صيف ذلك العام، منحت إسرائيل تصريحا لبعثة من المنظمة لدخول غزة عبر معبر إيرز لإجراء مشروع بحث حول ممارسات الاعتقال التي تنتهجها سلطات غزة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012، أثناء العملية العسكرية الواسعة، لم يُسمح لبعثة تتكون من باحثَيْن وخبير أسلحة تنوي توثيق انتهاكات القانون الإنساني الدولي الناجمة عن النزاع، من دخول غزة عبر إسرائيل، ولكنها دخلت عبر معبر رفح الذي كان مفتوحا حينها. ولكن في 2014 أغلق رفح، ورفضت إسرائيل طلبات متعددة للسماح لباحثي الطوارئ والأسلحة والخبراء الطبيين بدخول غزة عبر إسرائيل.[61] بدل ذلك، وظفت منظمة العفو الدولية باحثيْن محلييْن بشكل مؤقت. لم يتمكن الفريق الخارجي حتى من إيصال تجهيزات السلامة، مثل الخوذات والسترات الواقية من الرصاص، إلى الباحثين المحليين. قال صالح حجازي، أحد الباحثين المختصين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وكان مقيما في المملكة المتحدة حينها، إنه شعر – بسبب عدم القدرة على العمل بشكل مباشر مع الباحثين الميدانيين – وكأنه كان "يُشرف على الباحث الميداني أكثر مما يُشرف على البحث في حد ذاته... لم تكن الأسئلة بالضرورة هي التي نريد طرحها، والصور الفوتوغرافية كانت أحيانا بلا معنى". قال إن المشكل الأكبر كان غياب الخبراء العسكريين والطبيين الذين يستطيعون فحص الأدلة مباشرة. قال: "إنها لخسارة كبيرة ألا يكون لنا خبراء في الميدان".[62]

كان فريق البحث في منظمة العفو الدولية يوجّه الباحثين المحليين عبر الهاتف والانترنت، واستغرق وقتا طويلا في تحميل الصور لتُرسل للتحليل، وإرسال الباحثين مجددا إلى الميدان لجمع معلومات إضافية. قال حجازي إن المنظمة كان بوسعها إجراء مزيد من البحوث، وبسرعة أكبر، لو سُمح لفريق الخبراء بدخول غزة أثناء الحرب وبعدها مباشرة.

واجهت هيومن رايتس ووتش مشاكل مماثلة أثناء حرب 2014.[63] باستثناء الدخول لمرة واحدة في سبتمبر/أيلول 2016، آخر مرة تمكنت فيها من إدخال موظفين أجانب إلى غزة عبر إسرائيل كانت في 2008. ومنذ ذلك الحين، وباستثناء حالة واحدة، رفضت السلطات الإسرائيلية الردّ على طلبات متكررة لدخول غزة. حتى 2012، كانت هيومن رايتس ووتش تستطيع دخول غزة عبر مصر، ولكن بعد أن أغلقت مصر معبر رفح أمام حركة المرور العادية في 2013، رفضت السلطات المصرية أيضا طلبات هيومن رايتس ووتش لدخول غزة، مبدية أسباب أمنية. في 2014، أشرف باحث من قسم الطوارئ وخبير أسلحة وباحث مختص في شؤون إسرائيل وفلسطين على عمل مستشارة ومساعدة أبحاث داخل غزة عبر الهاتف والانترنت. لكن الاتصالات بالموظفين الميدانيين كانت غير موثوقة وبطيئة، وكان يتعين على المستشار ومساعدة الأبحاث إرسال الصور ونقل الضرر الناجم عن القصف لخبير الأسلحة ليراجعها عن بعد، وكان ذلك حلا ناقصا في أحسن الأحوال.

كان بيل فان إسفلد هو باحث هيومن رايتس ووتش المختص في شؤون إسرائيل وفلسطين آنذاك، وكان يشرف على عمل المستشارة ومساعدة البحث من داخل إسرائيل. قال:

في عديد من الحالات، احتجنا إلى مزيد من البحث ولكننا لم نستطع العودة، فتخلينا عنها... لم نتوقف عن إعداد تقارير لأننا لم نكن نعتقد أنه حصلت انتهاكات [للقانون الإنساني الدولي]، بل توقفنا لأننا لم نستطع الحصول على المعلومات التي كنا نحتاج إليها من موظفينا في الميدان... كان ذلك محبطا للغاية. وظيفتك هي أن تكون في مكان ما مراقبا مستقلا. ثم تتم تعميتك. كمراقب مستقل يفترض أن تكون في الميدان، وأن ترى كل شيء. لا يُسمح لك بالحضور في الميدان، فتضطر للعمل عن بعد.

بالنسبة لـ هيومن رايتس ووتش، جزء من الفائدة في أن يكون لها موظفون على الأرض ذوو خبرة كبيرة في النزاعات هو القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية حول نوع البحث الذي يُعدّ أولوية، بما فيه التفريق بين انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي تعتبر استثنائية، وتلك التي يبدو أنها ترتكب في إطار سياسة منهجية. الوقت المستغرق في الاتصال بالباحثين المحليين وعدم القدرة على الوصول إلى المواقع والضحايا بشكل مباشر حدّ من نوع البحوث التي استطاعت هيومن رايتس ووتش إجراءها.

بشكل خاص، غياب الموظفين الأجانب في الميدان صعّب إجراء بحوث حول مسائل قد تضع الموظفين المحليين في خطر، مثل انتهاكات القانون الإنساني الدولي من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة. قال حجازي، من منظمة العفو الدولية، إنه كان حذرا عندما يطلب من الموظفين المحليين إجراء بحوث حول انتهاكات المسؤولين والجماعات المسلحة داخل غزة، التي كانت تعتبر حساسة، خوفا من تعرضهم للانتقام. قال إن الأمر سيكون أسهل لو أجرى ذلك النوع من التوثيق موظف أجنبي يستطيع دخول غزة ومغادرتها، فيتم اجلاؤه عند للحفاظ على سلامته. هيومن رايتس ووتش لها نفس المشاغل الأمنية، وستكون في وضع أفضل لإجراء بحوث حول انتهاكات القانون الإنساني الدولي المحتملة على يد الجماعات المسلحة أو سلطات غزة لو كان موظفوها الأجانب يستطيعون التنقل بحرية من غزة وإليها. وثقت هيومن رايتس ووتش أعمال اعتقال وتضييق وتعذيب ضدّ فلسطينيين من غزة بسبب الاعتقاد في أنهم تجاوزوا حدودهم في انتقاد حكومة حماس.[64]

قال ممثلون عن مركز الميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إنه رغم حساسية تغطية سكان غزة لانتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان من قبل الجماعات المسلحة أو حماس، إلا أن المنظمتين كانت لهما شجاعة القيام بذلك. أثناء العملية العسكرية في 2014، أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بيانا أدان فيه إعدامات بإجراءات موجزة نفذتها حماس، بعضها عُرض في مقاطع على التلفزيون، لـ 23 رجلا على الأقل اتهموا بالتعاون مع إسرائيل.[65] عبّرت لجنة لتقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة،[66] لم يتمكن موظفوها من دخول غزة، عن قلقها من انتهاكات إضافية للقانون الإنساني الدولي ارتكبتها الجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة، ومنها القصف المتعمد والعشوائي للمدنيين الإسرائيليين، وتعريض المدنيين الفلسطينيين للخطر عبر إطلاق النار من مناطق آهلة بالسكان في غزة، وتخزين الأسلحة في منشآت مدنية، مثل المدارس.[67] لم تنشر أي جماعة حقوقية مستقرة في غزة بحوثا عن هذه المسائل، أو أي انتهاكات فلسطينية مزعومة أخرى للقانون الإنساني الدولي، باستثناء الاعدامات بإجراءات موجزة.

في الماضي، واجه فلسطينيون من غزة الانتقام بسبب انتقاد الحكومة أو الجماعات المسلحة في مسائل تُعتبر حساسة. في 2012، نشر مدير العلاقات الدولية في مركز الميزان مقال رأي انتقد فيه الحكومة والجماعات المسلحة في غزة بسبب تعريض المدنيين للخطر، بما في ذلك تخزين الأسلحة في المناطق المدنية.[68] وبعد الإصدار، هاجمه أشخاص مجهولون مرتين؛[69] لم تنفذ سلطات غزة أي اعتقالات بخصوص هذه القضية. لم يكن هذا حادثا معزولا، فقد وثقت هيومن رايتس ووتش اعتقالات وانتهاكات جسدية ضدّ صحفيين ونشطاء انتقدوا حكومة حماس بشكل مباشر أو غير مباشر،[70] واشتكى صحفيون أجانب من محاولات حكومة حماس فرض رقابة على تقاريرهم، بما فيه خلال الحرب.[71]

III.دور منظمات حقوق الإنسان في التحقيقات الإسرائيلية

بينما تحد السلطات الإسرائيلية من قدرة المنظمات الحقوقية على القيام بعملها في غزة، فإنها، مع ذلك، تستشهد بالتعاون مع هذه المنظمات باعتبارها عنصرا هاما في آليتها للتحقيق في انتهاكات محتملة لقوانين الحرب.

انضمت فلسطين إلى "نظام روما الأساسي" الخاص بـ المحكمة الجنائية الدولية في يناير/كانون الثاني 2015، ومنحت المحكمة ولاية بأثر رجعي إلى غاية 13 يونيو/حزيران 2014، وهي الفترة التي تشمل عملية 2014 العسكرية في غزة. تجري مدعية المحكمة الجنائية الدولية حاليا دراسة أولية للوضع. يتضمن التحقيق المستمر لمكتب المدعية العامة تحليل ما إذا كانت السلطات الوطنية قد أجرت فعلا تحقيقات ذات مصداقية، وإذا حيثما تدعي الحاجة، محاكمات، متعلقة بحالات محتملة يجري النظر فيها من أجل التحقيق فيها من قبل المحكمة.

رفضت الحكومة الإسرائيلية التعاون مع لجان الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، التي بحثت في جولات متتالية من القتال في غزة، كما لم تنضم إسرائيل إلى معاهدة المحكمة الجنائية الدولية. لكنها أصدرت عددا من البيانات العامة تتناول طبيعة وكفاية آليتها الوطنية للتحقيق ومحاكمة انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك جرائم الحرب.

التعاون بين منظمات حقوق الإنسان والحكومة الإسرائيلية

وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية

في وصفها لآليتها للتحقيق ومحاكمة انتهاكات القانون الدولي الإنساني وغيرها من حالات سوء سلوك الجنود والشرطة، تؤكد السلطات الإسرائيلية أن المنظمات الحقوقية ساعدتها على التغلب على عدد من العقبات التي تواجهها في تعلم والتحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني المزعومة في قطاع غزة. لاحظ المدعي العام العسكري الإسرائيلي، المسؤول عن التحقيق ومحاكمة انتهاكات القانون الدولي الإنساني بين الجنود الإسرائيليين، أن تحقيقاتها في الانتهاكات التي يُزعم أنها وقعت في غزة صعبة لأن إسرائيل لم يعد لها وجود عسكري بري دائم هناك، ولا يمكنها الوصول بسهولة إلى أدلة مادية أو شهود:

أولا، الساحة التي (يُزعم) أن الجريمة ارتكبت فيها هي - عادة - خارج أراضي دولة إسرائيل، وفي كثير من الحالات في منطقة تُسيطر عليها دولة عدوة (جنوب لبنان) أو كيانات معادية (قطاع غزة). تُقيد هذه الحقيقة إلى حد كبير، وأحيانا تُحبط تماما، قدرة المحققين على زيارة المنطقة وجمع الأدلة المادية الموجودة هناك ... بالإضافة إلى ذلك، هناك شهود محتملون يترددون في التعاون مع التحقيق لأنه يُنفذ من قبل مسؤولي جيش الدفاع الإسرائيلي، وهناك آخرون يمتنعون عن تقديم معلومات ذات صلة عن أنشطة المنظمات الإرهابية في المنطقة التي وقع فيها الحادث، خوفا من الانتقام.[72]

كتب النائب العام العسكري آنذاك، أفيخاي ماندلبليت، في ورقة موقف قُدمت إلى لجنة تيركل، وهي لجنة بحث حكومية فحصت، من بين أمور أخرى، مدى كفاية آلية التحقيق الإسرائيلية:

على مر السنين، اعتمدت شرطة التحقيق العسكرية تقنيات مختلفة تسمح للمحققين بالتغلب على العديد من الصعوبات. وبالتالي، هناك علاقة وثيقة بين شرطة التحقيق العسكرية ومنظمات حقوق الإنسان التي تمثل المشتكين الفلسطينيين، ومن خلالها، يتم استدعاء هؤلاء المشتكين وشهود إضافيين لتقديم روايتهم للأحداث. تسمح مساعدة منظمات حقوق الإنسان للمحققين بالتغلب على خوف السكان الفلسطينيين من الاجتماع بمسؤولي جيش الدفاع الإسرائيلي [التشديد في الأصل].[73]

وفقا لمكتب المستشار القضائي العسكري، يتلقى الجيش الاسرائيلي معلومات حول انتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني عن طريق أفراد مشتكين ومنظمات حقوق الإنسان التي تمثل هؤلاء الأفراد، وكذلك وسائل إعلام وغيرها من التقارير عن الحوادث.[74]

بالفعل، وفي أعقاب التصعيد العسكري العام 2014، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تقريرا عن آليات إسرائيل للتحقيق شدد على أهمية وجود "مجموعة نشيطة من المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، وهي مصدر للكثير من مزاعم سوء السلوك".[75] أشارت وزارة الخارجية أيضا إلى أن المنظمات غير الحكومية تساعد الشهود والضحايا على تقديم الشكاوى وتوفير مزيد من المعلومات لمحققين عسكريين، وأن منظمات حقوق الإنسان تعمل كمراقب للقرارات العسكرية، وتستأنف قرارات إغلاق التحقيقات أمام السلطات المدنية الإسرائيلية والمحاكم الإسرائيلية.[76]

رأي منظمات حقوق الإنسان

كانت المنظمات الحقوقية الإسرائيلية، والفلسطينية، والأجنبية، التي استشهدت بها السلطات الإسرائيلية، تنتقد علنا ​​آليات التحقيق الإسرائيلية، وأعلنت واحدة منها، منظمة بتسيلم الإسرائيلية، أنها لن تتعاون مع التحقيقات العسكرية الإسرائيلية، ووصفتها بـأنها "تطمس الحقائق".[77] وتواصل منظمات أخرى تقديم شكاوى أمام السلطات العسكرية الإسرائيلية وحتى تسهيل تقديم شهادة الشهود ومعلومات تكميلية. قدمت منظمتا حقوق الإنسان الفلسطينية، الميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في عملهما كجزء من تحالف لتوثيق انتهاكات القانون الإنساني الدولي المزعومة العام 2014، 354 شكوى للسلطات العسكرية الإسرائيلية.[78]

بناء على طلب من السلطات العسكرية، قدمت هذه المنظمات معلومات إضافية في أكثر من 100 حالة. يسّر الميزان شهادة الشهود عند معبر إيرز في 9 حالات، وفي 4 حالات أخرى رفض الشهود لقاء السلطات العسكرية مبدين الخوف والقلق من الآثار النفسية والاجتماعية لإعادة تجربة الصدمة من خلال الشهادة.[79] هذه المنظمات شديدة الانتقاد لآليات التحقيق الإسرائيلية، ودعت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق في الوضع.[80] ومع ذلك، فإنها تؤكد أنها تبادر إلى توفير معلومات للسلطات العسكرية الإسرائيلية، في محاولة لتسهيل المساءلة عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي وجرائم الحرب.

مع ذلك، فإن القيود التي يضعها الجيش الإسرائيلي على قدرة منظمات حقوق الإنسان على العمل تثير أسئلة ليس فقط حول قدرة السلطات الإسرائيلية على التحقيق في جرائم حرب محتملة، ولكن أيضا حول إرادتها في القيام بذلك. يقول الجيش الإسرائيلي إنه يعتمد على منظمات حقوق الإنسان في تقديم أدلة على أخطاء مزعومة يكون لديه صعوبة في الحصول عليها لأنه ليس لديه محققين على الأرض. يطلب المحققون العسكريون فعلا معلومات من هذه المنظمات. ومع ذلك، فإن السلطات العسكرية الإسرائيلية تمنع بشكل منهجي منظمات حقوق الإنسان من الدخول إلى هذه الأماكن، الذي تحتاج إليه لتوسيع نطاق قدرتها على كشف وتوثيق جرائم خطيرة محتملة. على سبيل المثال، في العام 2014، رفض الجيش الإسرائيلي إصدار تصاريح، فكانت النتيجة غياب خبراء أسلحة مستقلين في غزة يمكنهم مراجعة الأدلة مباشرة، ومحللو الأسلحة الوحيدين الموجودين هم أولئك الذين يعملون لصالح شرطة سلطات غزة. يبدو أن رفض السماح لخبراء بدخول غزة – والرفض الممنهج بالسماح للعاملين في مجال حقوق الإنسان في قطاع غزة بالمشاركة في لقاءات تدريبية ومهنية يحتاجون إليها لأداء عملهم بشكل جيد – يقوض طبيعة، وكمية، وجودة الوثائق التي يقول الجيش الإسرائيلي إنه يحتاج إليها من منظمات حقوق الإنسان، ما يعيق قدرة الجيش الإسرائيلي على التحقيق في جرائم حرب محتملة. من ناحية أخرى، تدعو سياسة رفض السماح بالسفر للعاملين في مجال حقوق الإنسان، في مقابل إصدار مئات التصاريح كل شهر للعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية، على سبيل المثال، وآلاف التصاريح التي تُصدر كل شهر في المجموع، أيضا إلى التشكيك في إرادة الجيش الإسرائيلي في التحقيق في جرائم حرب محتملة. إذا كانت لدى الجيش الإسرائيلي دوافع حقيقية للكشف عن سوء السلوك المحتمل من قبل الجنود والضباط، فلماذا يقيد أيدي الحقوقيين على الأرض والذين، باعتراف الحكومة الإسرائيلية، هم المؤهلون أكثر لكشف وتوثيق الانتهاكات؟

رد الحكومة الإسرائيلية

أثناء إعدادها هذا التقرير، طلبت هيومن رايتس ووتش وتلقت تعليقات ومعلومات من السلطات الإسرائيلية. في رد بتاريخ 29 أغسطس/آب 2016، صرح مكتب النائب العام العسكري بأنه يعطي "قدرا كبيرا من الأهمية كبيرة" للحوار مع منظمات حقوق الإنسان، وأنه يحافظ على "الحوار المكثف واليومي" مع المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية، والفلسطينية، والأجنبية، بما في ذلك بشأن مزاعم سوء السلوك أثناء الأعمال العدائية. قال مكتب النائب العام العسكري إنه تلقى 500 شكوى تتعلق بـ 360 حادثة فردية خلال أحداث 2014 العدائية، بعضها جاء من منظمات غير حكومية. وقال، بالإضافة إلى ذلك، إنه يراجع التقارير التي تنشرها منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، والفلسطينية، والأجنبية.

أبدى مكتب النائب العام العسكري انتقاده لتلك التقارير، وكتب أنها "تعاني... غالبا من عيوب في المنهجية، والوقائع، والقانون (على سبيل المثال، فهي تعتمد على تقارير من مصادر فلسطينية دون فحص مصداقيتها، وتُحدد الإرهابيين الذين تضرروا على أنهم "مدنيون"، وتسيء تطبيق قوانين الحرب). في بعض الأحيان، تعاني من تحيز واضح".

 

ميدان فلسطين (الساحة) في مدينة غزة.  © 2017 عبير المصري

ومع ذلك، كتب مكتب النائب العام العسكري أنه بقدر ما تتضمن هذه التقارير معلومات، لأول وهلة، تبدو ذات مصداقية وملموسة بما فيه الكفاية، يتم تحويل المزاعم التي تتضمنها لاتخاذ قرار بشأن فتح بحث، أو تحقيق، أو دعم بحث أو تحقيق جار". واصل مكتب النائب العسكري كاتبا أن "إجراء تحقيقات في الحوادث العملانية التي وقعت أثناء القتال، في منطقة معادية، ينطوي على كثير من الصعوبات. وعلى الرغم من هذه الصعوبات، تقوم شرطة التحقيق العسكرية بكثير من الجهود لإجراء هذه التحقيقات بشكل كامل، وفعال وسريع، وتلقي المساعدة من المنظمات غير الحكومية هو جزء من هذه الجهود". وفقا لمكتب النائب العام العسكري، توفر منظمات حقوق الإنسان إفادات وأدلة مادية، وتسهل إدلاء الشهود بشهادتهم أمام المحققين العسكريين.

لم يجب مكتب النائب العام العسكري مباشرة على سؤال هيومن رايتس ووتش بشأن التناقض الواضح بين الأهمية التي تقول السلطات إنها تعطيها لعمل منظمات حقوق الإنسان، والقيود على السفر التي تفرضها. لكنه قال إن المساعدة التي قدمتها منظمات حقوق الإنسان خلال الأبحاث المتعلقة بأعمال 2014 العدائية كانت فعالة، "رغم القيود التي لا يمكن تجنبها والمفروضة على السفر بين إسرائيل وقطاع غزة لأسباب أمنية وسياسية خطيرة".[81]

IV.القانون الدولي

الالتزامات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في غزة

خفضت إسرائيل، بشكل ملحوظ، سيطرتها على قطاع غزة في العام 2005، عندما سحبت قواتها البرية الدائمة ومستوطناتها المدنية. ومع ذلك، فإنها لا تزال تسيطر على حركة الدخول إلى غزة والخروج منها، باستثناء معبر رفح، وتسيطر على كل المعابر بين غزة والضفة الغربية.

تسيطر إسرائيل، بالطبع، على حدودها مع غزة. وتسيطر على مياه غزة الإقليمية ومجالها الجوي، وبسبب ما تقول إنها مخاوف أمنية، لا تسمح للناس في غزة بتسيير المطار أو الميناء البحري، مما يجعلهم يعتمدون على موانئ أجنبية للسفر إلى الخارج.[82] كما تسيطر على كل التنقلات بين غزة والضفة الغربية، بغض النظر عن عبور أو عدم عبور المسافرين لإسرائيل. لذلك، حتى لو غادر حقوقي فلسطيني غزة في رحلة إلى أوروبا ثم طار إلى الأردن، فلن تسمح له إسرائيل بدخول الضفة الغربية لحضور اجتماع أو ورشة عمل، على الرغم من أنه لا يسعى إلى عبور إسرائيل.[83] تسمح مثل هذه السيطرة للسلطات الإسرائيلية بالتحكم بسجل السكان الفلسطينيين، بما في ذلك تحديد من سيُدرج كمقيم في غزة أو الضفة الغربية، ومعدلات الجمارك والضرائب على القيمة المضافة، التي تستخلصها نيابة عن السلطة الفلسطينية، على البضائع التي تدخل السوق المشتركة.[84] وتسيطر أيضا على ما يسمى بالمنطقة "المحظورة" داخل غزة، بالقرب من الحدود مع إسرائيل، والتي تشكل 17 بالمئة من أراضي غزة وثلث الأراضي الصالحة للزراعة، وكذلك على أجزاء كبيرة من البنية التحتية في غزة.[85]

في ضوء هذه السيطرة التي تمارسها إسرائيل بشكل فعلي على حياة ورفاهية سكان غزة، لا تزال إسرائيل تتحمل مسؤوليات تجاه الفلسطينيين في غزة وفقا لقانون الاحتلال. تعني هذه المقاربة "الوظيفية" لتفسير التزامات إسرائيل،[86] التي اعتمدتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن إطار قانون الاحتلال، بما في ذلك المادة 43 من لوائح لاهاي، ينطبق على تنظيم إسرائيل لحركة التنقل من وإلى غزة. وتشرح اللجنة الدولية ذلك على الشكل التالي:

تعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مع ذلك، أنه في بعض الحالات الخاصة والاستثنائية إلى حد ما - على وجه الخصوص عندما تنسحب القوات الأجنبية من الأراضي المحتلة (أو أجزاء منها)، لكنها تحتفظ بالعناصر الأساسية للسلطة، أو غيرها من الوظائف الحكومية المهمة التي تؤديها عادة قوة محتلة – قد تستمر قابلية تطبيق قانون الاحتلال داخل الحدود الإقليمية والوظيفية لهذه الكفاءات. في الواقع، على الرغم من عدم التوفر على وجود مادي للقوات الأجنبية في الإقليم المعني، فإن السلطة المحتفظ بها قد تصل إلى السيطرة الفعلية لأغراض قانون الاحتلال ويترتب عليها الاستمرار في تطبيق الأحكام ذات الصلة من هذا الكم من القواعد. وتتم الإشارة إليها باسم "المقاربة الوظيفية" لتطبيق قانون الاحتلال. سيتم تطبيق هذا الاختبار في حدود أن القوات الأجنبية لا تزال تمارس، داخل كل أو جزء من الأراضي، وظائف حكومية مكتسبة حينما أقيم واستمر الاحتلال بلا شك.

تسمح المقاربة الوظيفية المذكورة أعلاه بترسيم أكثر دقة للإطار القانوني المنطبق على الحالات التي يصعب فيها تحديد، على وجه اليقين، ما إذا كان الاحتلال قد انتهى أم لا.

يمكن القول إن التطورات التكنولوجية والعسكرية جعلت من الممكن فرض سيطرة فعلية على أرض أجنبية (أو أجزاء منها) دون وجود عسكري أجنبي مستمر في المنطقة المعنية. في مثل هذه الحالات، من المهم الأخذ في الاعتبار مدى السلطة التي تحتفظ بها القوات الأجنبية بدلا من التركيز فقط على الوسائل التي تُمارس بها فعلا. كما ينبغي الاعتراف بأن التواصل الجغرافي، في هذه الظروف، بين دول متحاربة يمكن أن يُسهل ممارسة السيطرة الفعلية عن بعد. على سبيل المثال، قد تسمح لقوة الاحتلال التي نقلت قواتها خارج الإقليم لتفرض سلطتها الكاملة من جديد خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا. الاستمرار في تطبيق الأحكام ذات الصلة من قانون الاحتلال هو في غاية الأهمية في هذا السيناريو، لأن هذه الأحكام صُممت خصيصا لتنظيم تقاسم السلطة –  وما ينجم عنه من توزيع المسؤوليات - بين الدول المتحاربة المعنية.[87]

في الوقت الذي تدعي فيه إسرائيل أن قانون الاحتلال لم يعد ينطبق على أفعالها تجاه غزة،[88] الموقف الرسمي للجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة هو أن إسرائيل لا تزال قوة احتلال في غزة.[89]

تعني المقاربة الوظيفية لقانون الاحتلال أن المسؤولية تُحدَّد بما يتناسب مع السيطرة. عندما، على سبيل المثال، تفشل السلطات في غزة في حماية الحقوقيين الذين ينتقدون سلوك الجماعات المسلحة، فإن هذه السلطات هي من يتحمل المسؤولية لأنها تُدير قوة الشرطة التي تسيطر على الحياة اليومية داخل قطاع غزة، وعليها توفير الحماية. لكن عندما، على سبيل المثال، يرفض الجيش الإسرائيلي السماح للحقوقيين بالحصول على تدريب خارج غزة، فالجيش الإسرائيلي هو الذي يتحمل المسؤولية لأنه يتحكم في حركة الدخول إلى غزة والخروج منها.

تحدد المادة 43 من لوائح لاهاي لعام 1907 صلاحيات ومسؤوليات سلطة الاحتلال. تسمح للمحتل باتخاذ تدابير تقييدية ضرورية عسكريا، لكنها تطالب أيضا المحتل باستعادة النظام العام، وهذا يعني تسهيل الحياة المدنية الطبيعية إلى أقصى حد ممكن.[90] يُسمح لإسرائيل بفرض قيود على السفر لأسباب أمنية محددة، ولها السلطة السيادية لتحدد من يعبر الأراضي الإسرائيلية، على سبيل المثال نحو الضفة الغربية أو دول أجنبية، ولكن يجب عليها تحقيق التوازن بين احتياجاتها العسكرية وسلطتها في تحديد يدخل إسرائيل وبين التزاماتها بتسهيل حياة طبيعية للأشخاص المحميين الذين يعيشون تحت الاحتلال.

كقوة احتلال، إسرائيل ملزمة باحترام حقوق الإنسان للفلسطينيين الذين يعيشون في غزة والضفة الغربية،[91] بما في ذلك حقهم في حرية التنقل في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية[92] والحقوق التي تعتبر حرية التنقل شرطا مسبقا لها، على سبيل المثال الحق في التعليم[93] والحق في العمل.[94] للفلسطينيين الحق في السفر - دون قيود تعسفية - بين شطري الأراضي الفلسطينية، غزة والضفة الغربية، والتي اعترفت بها إسرائيل كوحدة جغرافية واحدة، ومغادرة الأراضي الفلسطينية والعودة إليها. للأفراد أيضا الحق في مغادرة بلدهم.[95] بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يمكن تقييد الحق في السفر لأسباب أمنية، وحماية الصحة العامة، والآداب، والنظام العام، وحقوق وحريات الآخرين. ينبغي أن تكون أي من هذه القيود، ومع ذلك، متناسبة، وينبغي للقيود "أن تسترشد دائما بالمبدأ القائل بعدم إعاقة جوهر الحق من جراء القيود... ويجب ألا تنقلب العلاقة بين الحق والقيد، بين القاعدة والاستثناء".[96]

تحد هذه الالتزامات من قدرة الحكومة الإسرائيلية على تقييد السفر من غزة وإليها – بإمكان السلطات الإسرائيلية تقييد السفر حين يكون من الضروري تلبية احتياجات أمنية ملموسة في حالات فردية. السلطات الإسرائيلية ملزمة أيضا بتسهيل سير عمل المجتمع المدني داخل غزة، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان التي تعمل على تعزيز الحماية للضعفاء من أفراد المجتمع، وتطوير قيم الديمقراطية، وتعزيز الحقوق الفردية الأساسية – كل ذلك جزء من تنمية الحياة الطبيعية في غزة. يتوجب السماح للحقوقيين الفلسطينيين بالسفر من غزة وإليها. مع ذلك، فلا ينبغي لإسرائيل عادة حظر السفر على الحقوقيين الأجانب الموجودين في إسرائيل، والذين يطلبون تصاريح لدخول غزة.

على السلطات الإسرائيلية التصرف وفقا لإعلان الأمم المتحدة بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان.[97] ينص الإعلان على أن الأفراد والمنظمات المدافعين عن حقوق الإنسان ينبغي أن يكونوا قادرين على الوصول إلى الموارد، وأن للمنظمات غير الحكومية دور هام في حماية حقوق الإنسان، وأن القيود المفروضة على عمل الحقوقيين ينبغي أن تتفق مع الالتزامات الدولية المعمول بها.[98] على السلطات الإسرائيلية أن تأخذ بعين الاعتبار الموارد التي يسعى الحقوقيون الفلسطينيون إلى الحصول عليها على شكل دورات تدريبية في الخارج، ودخول خبراء أجانب غزة. وفي تنظيم الدخول، عليها أن تأخذ بعين الاعتبار الدور الذي يقوم به الحقوقيون في تنمية، والحفاظ على، مجتمع يحمي ويعزز حقوق الإنسان. في حين أن الإعلان غير ملزم من الناحية القانونية، إلا أنه يمثل إجماع المجتمع الدولي ويكرس الحقوق المحمية في الصكوك الأخرى، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.[99] يمكن رؤية احترام مبادئها كجزء من تسهيل الحياة المدنية الطبيعية للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال خلال الـ 50 عاما الماضية، والسعي إلى تنمية وتكريس حماية حقوق الإنسان كجزء من الحياة العامة في الأراضي المحتلة.

تحليل قيود إسرائيل على السفر

تتعارض المعايير الاسرائيلية الحالية لتقييم طلبات السفر – وهي تستشهد بتهديدات أمنية معممة لاقتصار السفر على ظروف إنسانية استثنائية شخصية لمقدم الطلب – مع هذه الالتزامات. من الجدير بالذكر أنه في بعض الحالات يحصل الحقوقيون على تصاريح للسفر عبر معبر إيرز لحضور نشاط برعاية منظمة دولية، أو الحصول على علاج طبي، أو لأسباب أخرى غير مرتبطة بالعمل، لكن السلطات الإسرائيلية ترفض السماح لهؤلاء الأفراد أنفسهم بالسفر لتعزيز عملهم في مجال حقوق الإنسان. تتطلب الحياة المدنية العادية في غزة السماح للناس بالوصول إلى أفراد الأسرة، وفرص تعليمية واقتصادية، والرعاية الطبية، وغيرها من الحقوق التي تعتبر حرية التنقل شرطا مسبقا لها. يعتبر السفر أيضا، بما يشمل العاملين في المجالين الحقوقي والصحي، ضروريا لتلبية احتياجات إنسانية، وإسرائيل ملزمة به بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.[100]

يبدو أن القيود المفروضة تتناقض مع سياسة إسرائيل نفسها، كما وردت على لسان كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين بمن فيهم رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، ورئيس أركان الجيش، القاضية بتحسين الظروف المعيشية في غزة لتعزيز الاستقرار والأمن.[101] المجتمع المدني الذي يعمل كما يجب يساعد على ازدهار المجتمعات المحلية.

لدى إسرائيل السلطة السيادية لتحديد من يحق له دخول حدودها. لكن إسرائيل تمنع الفلسطينيين في غزة من السفر إلى الخارج عبر موانئهم، ما جعلهم يعتمدون على إسرائيل في العبور. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تكون سلطتها في منع الدخول إلى إسرائيل متوازنة بناء على التزاماتها كقوة احتلال وتوقيعها على اتفاقيات دولية تطالبها بالسماح للفلسطينيين بالتنقل واختيار مكان إقامتهم ضمن وحدة جغرافية واحدة تتشكل من غزة والضفة الغربية.[102]

تستند قيود إسرائيل على تنقل الفلسطينيين بين غزة والضفة الغربية على توصيفها للضفة الغربية كمنطقة عسكرية مغلقة، وتوصيفها للفلسطينيين المدرجين ضمن سجل سكان غزة تحت سيطرة إسرائيل على أنهم أجانب فيما يتعلق بالحق في دخول الضفة الغربية. وبناء على هذا الموقف، فالفلسطينيون الذين لهم عناوين في غزة ممنوعون من دخول الضفة الغربية عبر الأردن، مرورا بمعبر اللنبي، والذي لا يتطلب دخول إسرائيل. بعبارة أخرى، القيود الإسرائيلية المفروضة على سفر سكان غزة تتجاوز مصلحتها في تنظيم دخول أراضيها. إنها تعزز سياسة منع السكان الفلسطينيين في غزة من دخول الضفة الغربية بغض النظر عما إذا كان السفر عبر إسرائيل أم لا.

"مستشفى القدس" في قطاع غزة.  © 2017 عبير المصري

علاوة على ذلك، تمنع إسرائيل عموما الأجانب، بمن في ذلك العاملين في مجال حقوق الإنسان الموجودين فعلا في إسرائيل، من المرور عبر معبر إيرز للوصول إلى غزة. بالتالي، جوهر التقييد ليس رفض السماح للأجانب بدخول إسرائيل، بل رفض السماح لهم بدخول غزة عبر الأراضي الإسرائيلية، في وقت تمنع فيه إسرائيل أيضا تشغيل المطار أو الميناء البحري، الذي من شأنه أن يسمح بالدخول المستقل.

في نفس الوقت الذي تمنع فيه إسرائيل الحقوقيين من السفر، رفعت، منذ العام 2008، عدد العابرين عبر معبر إيرز إلى الآلاف كل شهر، وهو جزء صغير من مستوى السفر المسجل قبل اندلاع الانتفاضة الثانية، لكنه لا يزال إشارة إلى أن ما يمكن القيام به، أيا كانت المخاوف الأمنية، هو أكثر من ذلك بكثير. وتعترف إسرائيل أنها تقدر اعتبارات السياسة الخارجية في تحديد فئات الفلسطينيين المسموح لهم بالسفر، على سبيل المثال السماح بالسفر بناء على طلب من دبلوماسيين من دول صديقة، أو لاعبي كرة القدم، بناء على طلب من المنظمة العالمية لكرة القدم "فيفا". على إسرائيل أيضا أن تأخذ بعين الاعتبار التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان والسماح للحقوقيين بالوصول الذي يحتاجون إليه لتحقيق أقصى قدر من فعالية عملهم.

دور مصر

مصر ليست قوة احتلال في غزة، وبالتالي، رغم الأثر المدمر لإغلاق حدودها على الحياة في غزة، فإن مسؤولياتها القانونية تجاه سكان غزة محدودة أكثر من تلك التي تتحملها إسرائيل.[103] مثل جميع أطراف اتفاقية جنيف الرابعة، على مصر أن تقوم بكل ما في وسعها لضمان التطبيق الشامل للأحكام الإنسانية للاتفاقية، بما في ذلك حماية المدنيين الذين يعيشون تحت الاحتلال وغير القادرين على السفر بسبب قيود غير قانونية فرضتها سلطة الاحتلال.[104] تشمل التزامات مصر بالسماح بالدخول إلى غزة والخروج منها أيضا تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والإمدادات إلى الأشخاص المتضررين من النزاع المسلح. على السلطات المصرية أيضا أن تأخذ بعين الاعتبار تأثير إغلاق الحدود على حقوق الفلسطينيين، الذين يعيشون في غزة، غير القادرين على السفر من غزة وإليها عبر طرق أخرى. عليها أن تضمن أن تكون قراراتها شفافة، وخالية من التعسف، وأن تأخذ في الاعتبار حقوق الإنسان الخاصة بالمتضررين. عليها أن تُقدر المسؤوليات الإضافية المحتملة التي قد تتحملها بموجب حق العبور، الذي يثار عادة في حالات جيوب أو دول بدون منفذ بحري، والمنصوص عليه في عدد من المعاهدات الثنائية والمتعددة الأطراف.[105] حظرت إسرائيل وصول غزة إلى البحر للسفر إلى الخارج منذ العام 1967، مما جعلها تعتمد على الدول المجاورة للعبور. نظرا لأهمية معبر رفح، على مصر أن تبحث في إمكانية السماح بعبور أراضيها، الأمر الذي يخضع لاعتبارات أمنية. بالتأكيد، لدى مصر مخاوف أمنية مشروعة فيما يتعلق بصحراء سيناء، لكن عليها أن تجد طريقة لمعالجتها من خلال وسائل أقل تطرفا من الإغلاق التام للحدود، في معظم الأحيان، خاصة بالنظر إلى حقيقة أنها أبقت رفح غالبا مفتوحا بين عامي 2010 و2013، رغم أنشطة الجماعات المسلحة في سيناء خلال تلك الفترة. يجري إغلاق الحدود الحالي في سياق الأنشطة القمعية ضد جماعة الإخوان المسلمين المصرية، المتحالفة مع حماس.

على مصر أن تسمح عادة بالمرور للعاملين في مجال حقوق الإنسان، خاصة الفلسطينيين ومحققي الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، إلى غزة وخارجها. قد تكون لمصر أيضا واجبات إضافية في إطار التزاماتها الحقوقية، بما فيها الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.[106]

دور مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية

على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية النظر في القيود الإسرائيلية المفروضة على سفر الحقوقيين ضمن تقييم ما إذا كانت السلطات القانونية الإسرائيلية تستطيع التحقيق الفعلي في جرائم خطيرة محتملة ارتكبت في فلسطين منذ يونيو/حزيران 2014، لا سيما في تقييم ما يعرف باسم "التكامل". وفقا لقواعد المحكمة الجنائية الدولية والسوابق القضائية، لن تلاحق المحكمة الجنائية الدولية مرتكبي الجرائم الخطيرة المزعومة إذا كانت الإجراءات المحلية جارية أو تم إجراؤها، ما لم تكن السلطة الوطنية غير راغبة أو غير قادرة على إجراء تحقيقات ومحاكمات حقيقية.[107] حتى في مرحلة التحقيقات الأولية، يأخذ الادعاء العام للمحكمة الجنائية الدولية بعين الاعتبار ما إذا كانت القضية مقبولة أم لا بسبب وجود تحقيقات ومحاكمات وطنية حقيقية.

أشارت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية في تقرير المحكمة الصادر في نوفمبر/تشرين الأول 2016 بشأن التحقيقات الأولية الجارية أن مكتبها "سيقيّم معلومات عن الإجراءات الوطنية ذات الصلة المحتملة، حسب الضرورة والاقتضاء".[108] لتحديد ما إذا كانت القضية مقبولة، تفحص المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ما إذا كانت الإجراءات الوطنية جارية، وإن كان الأمر كذلك، ما إذا كانت السلطات حقا قادرة وراغبة في إجراء التحقيق والمحاكمة.[109] في حالة وجود شخص سبق له أن حوكم فعلا على جريمة أو أكثر، فالمحكمة الجنائية الدولية لن تحاكم هذا الشخص لنفس السلوك، إلا إذا لم تجر الإجراءات المحلية بصورة تتسم بالاستقلال أو النزاهة وفقا لأصول المحاكمات المعترف بها بموجب القانون الدولي، أو جرت في هذه الظروف "على نحو لا يتسق مع النية إلى تقديم الشخص المعني للعدالة".[110]

في حين أن معياري الاستعداد والقدرة منفصلان، تقوم الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية غالبا بتقييمهما معا، كأنهما مرتبطان.

لتقييم مدى استعداد السلطات الوطنية لإجراء تحقيقات حقيقية، تبحث المدعية العامة، من بين أمور أخرى، في ما إذا كانت الطريقة التي تجرى بها الإجراءات تدل على وجود نية لحماية الأشخاص من المسؤولية الجنائية. تستطيع المدعية العامة تقييم مثل هذه النية من خلال مؤشرات من بينها "خطوات غير كافية بشكل واضح في عمليات التحقيق أو المحاكمة"، و"فحص طبي شرعي معيب"، و "نقص الموارد المخصصة لإجراءات في متناول اليد بالمقارنة مع القدرات العامة".[111]

لتقييم قدرة السلطات الوطنية على إجراء تحقيقات حقيقية، تبحث المدعية العامة، من بين أمور أخرى، في "قدرة السلطات المختصة في ممارسة سلطاتها القضائية في الإقليم المعني"، و"غياب الظروف الأمنية للشهود والمحققين والمدعين العامين والقضاة أو عدم وجود أنظمة الحماية الكافية".[112] وأخذت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية، في الماضي، عدم قدرة السلطة الوطنية على الحصول على الشهادة اللازمة من شهود كمؤشر على عدم قدرتها على إجراء التحقيقات والملاحقات القضائية الكافية.[113]

عندما يتعلق الأمر بمقبولية القضايا المعروضة أمام المحاكم، يكون التقييم شاملا، حيث تدرس الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية مجمل الإجراءات المحلية، لتحديد حقيقتها، بما في ذلك توافر شهادة الشهود الضرورية وأدلة موثقة.[114]

في هذه المرحلة التمهيدية، التي تقيّم فيها المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية مدى استعداد السلطات الإسرائيلية للتحقيق ومحاكمة الجرائم الخطيرة المحتملة التي ارتكبت كجزء من أعمال العام 2014 العدائية، ينبغي أن تنظر في التناقض بين الأهمية التي تقول السلطات الإسرائيلية إنها توليها لدور منظمات حقوق الإنسان في الحصول على الأدلة وشهادات الشهود، والخطوات التي تتخذها السلطات الإسرائيلية للحد من وتقييد عمل تلك المنظمات ذاتها، الفلسطينية والأجنبية والإسرائيلية.

لتقييم قدرة السلطات الإسرائيلية على إجراء تحقيقات جدية، يتعين على المدعية العامة النظر في القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على العاملين في مجال حقوق الإنسان والتي، بدورها، تحد من قدرتهم على جمع أدلة عن حالات محتملة. يمكن للمنظمات حقوق الإنسان أن تكون أساسية في تحديد الضحايا المحتملين وتوفير الأدلة المادية التي تم جمعها في إطار تحقيقاتها، كما لاحظ مكتب المدعي العام العسكري الإسرائيلي. مع ذلك، فإن القيود المشددة جدا على سفر العاملين الفلسطينيين في مجال حقوق الإنسان وفرض حظر شامل على العاملين في منظمات حقوق الإنسان الأجنبية الذين يدخلون غزة، تحد من نطاق شهادة الشهود والأدلة المادية التي يمكن أن تكون متاحة للسلطات الإسرائيلية.

على المدعية العامة النظر في محدودية أدلة الطب الشرعي المتوفرة للسلطات الإسرائيلية نتيجة رفضها السماح لخبراء أسلحة من الخارج بدخول غزة وللحقوقيين في غزة بمغادرتها من أجل الحصول على التدريب وشهادات الخبرة. علاوة على ذلك، قد لا يقتنع الضحايا وشهود العيان الفلسطينيون بسهولة بتقديم الأدلة في ضوء انعدام ثقتهم البالغ بالسلطات الإسرائيلية، ما يجعل التقدم في التحقيق في القضايا الجنائية أكثر تعقيدا، والتدخلات الفعالة لمنظمات حقوق الإنسان أكثر أهمية.

بقدر ما يتطلب السماح للحقوقيين بالسفر من غزة وإليها موارد من الجيش والمخابرات الإسرائيلية، تشير هيومن رايتس ووتش إلى إن السلطات الإسرائيلية خصصت موارد لتلبية طلبات سفر من فئات أخرى من الناس، بما في ذلك التجار، ولاعبي كرة القدم، وكبار الشخصيات.[115] بناء على هذه الخلفية، تبدو القيود المفروضة على الحقوقيين صعبة التبرير.

 

[1]  انظر القسم الأول أسفله.

[2]  اتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، 18 أكتوبر/تشرين الأول 1907، 1 بيفانز 631، دخلت حيز النفاذ في 26 يناير/كانون الثاني 1910.

[3] "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" (الأنروا)، "أين نعمل"،
https://www.unrwa.org/ar/where-we-work/%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%BA%D8%B2%D9%87 (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017).

[4] مكتب المستشار القضائي العسكري الإسرائيلي، تصريح الخروج العام (رقم 5) (يهودا والسامرة)، الضفة الغربية، 1972؛ تصريح مماثل لقطاع غزة.

[5]" الاتفاقية الفلسطينية المؤقتة بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة"، 28 سبتمبر/أيلول 1995، المادة 31؛

Human Rights Watch, Israel’s Closure of the West Bank and Gaza Strip, Vol. 8, No.3, July 1996, https://www.hrw.org/reports/1996/Israel1.htm

مركز الدفاع عن حرية التنقل التابع لجمعية غيشا-مسلك، "فصل الأرض وفصل الشعب: تحليل قانوني للقيود المفروضة على التنقل بين قطاع غزة والضفة الغربية"، يونيو/حزيران 2015، ص 3-4، http://gisha.org/UserFiles/File/publications/separating-land-separating-people/separating-land-separating-people-web-ar.pdf (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017).

[6] السابق، غيشا-مسلك، "فصل الأرض وفصل الشعب"، الجدول الزمني على الصفحة 3؛ انظر أيضا:

B’Tselem and Hamoked, One Big Prison: Freedom of Movement to and from the Gaza Strip on the Eve of the Disengagement Plan, March 2005, http://www.btselem.org/download/200503_gaza_prison_english.pdf (تم الاطلاع في 4 أغسطس/آب 2016).

[7] السابق، ص 13.

[8] يوجد ملخص وتحليل للتصريحات الإسرائيلية الرسمية أنداك في:

Gisha, Disengaged Occupiers: The Legal Status of Gaza, January 2007, pp. 22-26,  http://www.gisha.org/UserFiles/File/publications_english/Publications_and_Reports_English/Disengaged_Occupiers_en.pdf (تم الاطلاع في 4 أغسطس/آب 2016).

[9]  Israeli Ministry of Foreign Affairs, “Security Cabinet Declares Gaza Hostile Territory,” September 19, 2007, http://www.mfa.gov.il/mfa/pressroom/2007/pages/security%20cabinet%20declares%20gaza%20hostile%20territory%2019-sep-2007.aspx (تم الاطلاع في 4 أغسطس/آب 2016).

في ما يتعلق بسياسة تقييد الحركة لإضعاف اقتصاد غزة، أنطر البسيوني ضدّ رئيس الوزراء، قضيّة رقم HCJ 9132/07، حُكم بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، الفقرة 44 (بالعبرية)، http://gisha.org/UserFiles/File/Legal%20Documents_/fuel%20and%20electricity_oct_07/state_response_2_11_07.pdf

 (تم الاطلاع في 4 أغسطس/آب 2016).

[10] غيشا-مسلك، ماهي سياسة الفصل؟ يونيو/حزيران 2012، http://www.gisha.org/UserFiles/File/publications/Bidul/bidul-infosheet-ar.pdf (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017)؛

Gisha, The Separation Policy, List of references prepared by Gisha, July 2014, http://gisha.org/UserFiles/File/publications/separation_policy_2014.pdf  (تم الاطلاع في 4 أغسطس/آب 2014).

[11] كفارنة ضدّ وزير الدفاع، قضية رقم HCJ 495/12، حُكم بتاريخ 16 أغسطس/آب 2012، الفقرة 26 (بالعبرية)، tinyurl.com/k3o8ckn (تم الاطلاع في 11 أغسطس/آب 2016). توجد مقتطفات ترجمتها غيشا-مسلك بشكل غير رسمي على tinyurl.com/p4jc9x9 (تم الاطلاع في 11 أغسطس/آب 2016).

[12]  بتسليم ضدّ دولة إسرائيل، مطلب رقم AP 19657-08/13  (بئر السبع)، ردّ أوّلي من الدولة بتاريخ 14 أغسطس/آب 2013، الملحق: ردّ من وحدة التظلمات العامة التابعة لمكتب التنسيق الإقليمي الخاص بغزة في جيش الدفاع الإسرائيلي إلى غيشا-مسلك، 11 أغسطس/آب 2013 (بالعبرية)، http://www.gisha.org/UserFiles/File/LegalDocuments/19657-08-13/preliminary_response_14.8.13.pdf (تم الاطلاع في 4 أغسطس/آب 2016).

[13] خروج الفلسطينيين من إسرائيل والضفة الغربية عبر معبر إيرز 01/2010-02/2016، /http://gisha.org/ar/graph/1415 (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017).

[14] السابق.

[15] السابق.

[16]  UN OCHA-OPT, “Erez Crossing: Movement of People into and out of Gaza,” http://data.ochaopt.org/gazacrossing.aspx  (تم الاطلاع في 22 مارس/آذار 2017).

[17] Nandini Krishnan, Tara, Vishwanath, Angelica Thumala, Patti Petesch, Aspirations on hold? Young lives in the West Bank and  Gaza (Washington, DC: World Bank, 2012) http://documents.worldbank.org/curated/en/200831468328798038/Aspirations-on-hold-Young-lives-in-the-West-Bank-and-Gaza (تم الاطلاع في 22 مارس/آذار 2017).

غيشا-مسلك: الثمن الاقتصادي لسياسة الفصل: جوانب اقتصادية لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، فبراير/شباط 2015، http://gisha.org/UserFiles/File/publications/a_costly_divide/a_costly_divide_ar-web.pdf (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017).

[18] بتسليم وهاموكد، ما وراء الظلمات: تبعات عزل إسرائيل لقطاع غزة على حق الفلسطينيين في حياة أسرية (ملخص)، يناير/كانون الثاني 2014، http://www.btselem.org/arabic/publications/summaries/201401_so_near_and_yet_so_far، النسخة الكاملة الإنغليزية: http://www.btselem.org/sites/default/files2/201401_so_near_and_yet_so_far_eng.pdf (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017).

[19] المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، قطاع غزة: خنق حقيقي وتسهيلات مخادعة، مارس/آذار 2016، ص 31-33، http://pchrgaza.org/ar/?p=11702، (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017)؛ أطباء من أجل حقوق الإنسان-إسرائيل، مرفوضون: التنكيل بالمرضى الفلسطينيين في الطريق إلى العلاج، يونيو/حزيران 2015، http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/%D7%A2%D7%A8%D7%91%D7%99%D7%AA%2011.6.15.pdf، (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017).

[20] غيشا-مسلك، تنقل الطلاب بين غزة والضفة الغربية، أيلول/سبتمبر 2012 ، http://www.gisha.org/UserFiles/File/publications/students/students-2012-arb.pdf (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017).

[21] "غزة – على المانحين والأمم المتحدة ممارسة الضغط على إسرائيل بشأن الحصار"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش.

[22] UN OCHA-OPT, “Rafah Crossing-Movement of People into and out of Gaza,” http://data.ochaopt.org/gazacrossing/index.aspx?id=2 (تم الاطلاع في 9 فبراير/شباط 2017).

[23] غيشا-مسلك، "مؤشر السيطرة: مسؤولية إسرائيل المتواصلة على قطاع غزة"، نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ص 12-   14 http://gisha.org/UserFiles/File/scaleofcontrol/scaleofcontrol_ar.pdf (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017). في 2001، قصفت إسرائيل المطار الذي عمل لفترة وجيزة في غزة ودمرت الموقع الذي كانت ستبدأ فيه أشغال بناء الميناء.

[24] شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، رؤيتنا ورسالتنا،
http://www.pngo.net/%D9%85%D9%87%D9%85%D8%AA%D9%86%D8%A7-%D9%88-%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%AA%D9%86%D8%A7-2/?lang=ar (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017).

[25] غيشا-مسلك ضدّ منسق أعمال الحكومة في المناطق، طلب رقم AP 22775-02-11، وثيقة غير منشورة، في الملف لدى هيومن رايتس ووتش، تل أبيب، 13 يناير/كانون الثاني 2013؛ غيشا-مسلك ضدّ منسق أعمال الحكومة في المناطق، طلب رقم 51147-05-13، وثيقة غير منشورة، في الملف لدى هيومن رايتس ووتش، تل أبيب، 10 مايو/أيار 2016.

[26] إدارة العمليات والتنسيق، مكتب تنسيق الحكومة في المناطق، وزارة الدفاع الإسرائيلية، "وضع التصريحات لدخول الفلسطينيين إلى إسرائيل، خروجهم إلى خارج البلاد، وعبورهم بين يهودا والسامرة وقطاع غزة"، 6 فبراير/شباط 2017 (بالعبرية)، http://gisha.org/he/legal/procedures-and-protocols/. توجد نسخة عربية سابقة على: /http://gisha.org/ar/legal/procedures-and-protocols (تم الاطلاع في 12 مارس/آذار 2017).

[27] "شروط إسرائيلية تعيق الزيارات العائلية للسجناء من غزة"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 31 يوليو/تموز 2016، https://www.hrw.org/ar/news/2016/07/31/292626.

[28] غيشا-مسلك، "خروج الفلسطينيين من غزة إلى إسرائيل والضفة الغربية عبر معبر إيرز"، /http://gisha.org/ar/reports-and-data/graphs (تم الاطلاع في 8 مارس/آذار 2017).

[29]  مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية-الأراضي الفلسطينية المحتلة، "معبر إيرز"، بيانات النصف الأول من 2016.

[30] إدارة العمليات والتنسيق، "وضع التصريحات"، الفصل الثاني، الفقرة 6 أ.

[31] انظر، على سبيل المثال، مسلّم ضدّ قائد قوات الدفاع الإسرائيلية، وثيقة غير منشورة، في الملف لدى هيومن رايتس ووتش، 16 أبريل/نيسان 2012، (بالعبرية)، ترفض التماسا تقدم به المستشار القانوني لبرنامج غزة للصحة النفسية للعبور إلى الضفة الغربية لتلقي تدريب على إعادة تأهيل ضحايا التعذيب لعدم وجود وضع إنساني "خاص بصاحب الالتماس"، من بين أسباب أخرى. انظر أيضا البريد الالكتروني من الرائد إلروم، رئيس قسم العلاقات الخارجية والبنية التحتية، إدارة التنسيق والاتصال مع قطاع غزة، إلى هيومن رايتس ووتش، 14 أغسطس/آب 2014، (بريد الكتروني غير منشور، في الملف لدى هيومن رايتس ووتش)، بشأن رفض السماح لموظفين دوليين بدخول غزة لأن هيومن رايتس ووتش غير مسجلة لدى وزارتي الرعاية الاجتماعية والخارجية الإسرائيليتين؛ رسالة من الكابتن غي شيكل، المستشار القانوني لمكتب التنسيق الإقليمي لغزة، قسم القانون الدولي، مكتب النائب العام العسكري الإسرائيلي، إلى غيشا-مسلك، 3 فبراير/شباط 2014 (رسالة غير منشورة، بالعبرية، في الملف لدى هيومن رايتس ووتش)، ترفض التماسا تقدم به المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان للسماح بدخول طالب دكتوراه أجنبي لعقد اجتماعات لأن الطلب لا ينطوي على مبررات إنسانية استثنائية، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان غير معترف به كمنظمة أجنبية.

[32] رسالة من عوفر إيكو، مسؤول المعلومات العامة، وزارة الرعاية الاجتماعية الإسرائيلية، إلى غيشا-مسلك (بالعبرية والإنغليزية)، 27 يناير/كانون الثاني 2014، http://www.gisha.org/UserFiles/File/LegalDocuments/procedures/foreign_nationals/55.pdf (تم الاطلاع في 5 أغسطس/آب 2016).

[33] رسالة من غيشا-مسلك إلى النائب العام أفيخاي ماندلبليت،2 يونيو/حزيران 2016، رسالة غير منشورة، بالعبرية، في الملف لدى هيومن رايتس ووتش.

[34] بتسيلم ضدّ وزير الداخلية الإسرائيلي، طلب رقم  19657-08/13، بئر السبع، الردّ الأوّلي للدولة بتاريخ 14 أغسطس/آب 2013، الفقرة 10.

[35] بتسيلم ضدّ وزير الداخلية الإسرائيلي، طلب رقم  19657-08/13، بئر السبع، ردّ الدولة بتاريخ 17 سبتمبر/أيلول 2013، الفقرة 23 (بالعبرية)، http://gisha.org/he/legal/4016/ (تم الاطلاع في 27 يوليو/تموز 2016).

[36] انظر على سبيل المثال ردّ قسم الشؤون العامة في مكتب تنسيق العمل الحكومي في المناطق إلى غيشا-مسلك، 12 أغسطس/آب 2013 (بالعبرية)، http://www.gisha.org/UserFiles/File/LegalDocuments/19657-08-13/preliminary_response_14.8.13.pdf (تم الاطلاع في 1 مارس/آذار 2017)؛ مسلّم ضدّ جيش قوات الدفاع الإسرائيلية، رسالة من غي شيكل إلى غيشا-مسلك، 3 فبراير/شباط 2014.

[37]  بتسيلم ضدّ وزير الداخلية الإسرائيلي، طلب رقم  19657-08/13، بئر السبع، عريضة بتاريخ 8 مارس/آذار 2013 (بالعبرية)، http://www.gisha.org/UserFiles/File/LegalDocuments/19657-08-13/petition.pdf (تم الاطلاع في 10 أغسطس/آب 2016).

[38] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جبر وشاح، نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، مدينة غزة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2015؛ مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع سمير زقوت، مدير وحدة البحوث الميدانية في مركز الميزان، 4 أغسطس/آب 2016.

[39] بريد الكتروني من صالح حجازي، من العفو الدولية، إلى هيومن رايتس ووتش، 17 أغسطس/آب 2016.

[40] السابق.

[41] السابق.

[42] بريد الكتروني من الرائد أور إلروم، 14 أغسطس/آب 2014.

[43] رسالة من الملازم يير نارون، المسؤول عن التنفيذ المدني، إدارة التنسيق والاتصال مع غزة، مكتب تنسيق العمل الحكومي في المناطق، لـ هيومن رايتس ووتش، 19 أغسطس/آب 2014 (في الملف لدى هيومن رايتس ووتش): "في هذه الأوقات، تسمح دولة إسرائيل فقط بعبور الأطباء والموظفين الطبيين إلى قطاع غزة. ولأن عبوركم ليس له سبب طبي، فإن طلبكم مرفوض (التوكيد من المصدر)".

[44] رسالة من الكابتن غي شيكل، المستشار القانوني لمكتب التنسيق الإقليمي لغزة، قسم العلاقات الدولية، مكتب النائب العام العسكري، لـ هيومن رايتس ووتش، 4 أغسطس/آب 2016 (بالعبرية).

[45] "سامح شكري: معبر رفح لا يشارك في الحصار على غزة"، "الوطن"، 25 يوليو/تموز 2014، http://www.elwatannews.com/news/details/527334 (تم الاطلاع في 24 مارس/آذار 2017)؛

“Egypt closes Rafah border crossing with Gaza ‘until further notice’,” Middle East Eye, October 25, 2014, http://www.middleeasteye.net/news/egypt-rafah-772435585 (تم الاطلاع في 2 مارس/آذار 2017).

[46]  رسالة من الملازم كورال ميل، مسؤول التحريات العامة، مكتب التنسيق الإقليمي لغزة، لـ هيومن رايتس ووتش، 11 يناير/كانون الثاني 2016، (بالعبرية، في الملف لدى هيومن رايتس ووتش).

[47] "مسلّم ضدّ قائد قوات الدفاع الإسرائيلية".

[48] رسالة من الرقيب أول أدهم سلامة، قسم التحريات العامة، مكتب التنسيق الإقليمي لغزة، لـ هيومن رايتس ووتش، 1 ديسمبر/كانون الأول 2015. جاءت الرسالة كردّ على التماس من موظف أجنبي لدخول غزة لتقديم تدريب أمني لموظفة تعيش في غزة.

[49] مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأراضي الفلسطينية المحتلة، "معبر إيرز"، أرقام 2016. غيشا-مسلك، "معبر إيرز"؛ غيشا-مسلك، "خروج الفلسطينيين من غزة إلى إسرائيل والضفة الغربية عبر معبر إيرز"،/http://gisha.org/ar/reports-and-data/graphs (تم الاطلاع في 9 مارس/آذار 2017).

[50] Human Rights Watch, “Process of Getting a Permit,” in Israel’s Closure

http://www.acri.org.il/en/2007/02/06/acri-rescind-shin-bet-prohibited-classification/ (تم الاطلاع في 10 أغسطس/آب 2016)

Gisha, “Security blocks restricting travel through Erez crossing,” December 2016, http://gisha.org/UserFiles/File/publications/Security_blocks/Security_blocks_factsheet_designed.pdf (تم الاطلاع في 23 ديسمبر/كانون الأول 2016).

[51] انظر على سبيل المثال "بتسيلم ضدّ وزير الدفاع"، ردّ الدولة بتاريخ 14 أغسطس/آب 2013، الفقرة 16. واحد من مقدّمي العريضة، باحث ميداني في بتسليم، كان قد دخل عبر معبر إيرز قبل 3 سنوات لأسباب غير متصلة بعمله. في الفقرة 18، توكد الدولة أنها لم تطالب بفحوص أمنية على أصحاب العريضة لأن "طلبهم لا يندرج ضمن المعايير التي تسمح بالدخول".

[52] غيشا-مسلك، "شرذمة مجتمع"، مارس/آذار 2016، http://gisha.org/UserFiles/File/publications/civil_society/Split_apart_ar.pdf (تم الاطلاع في 9 مارس/آذار 2016).

[53] مقابلة هاتفية أجرتها هيومن رايتس ووتش مع كريم جبران، مدير البحوث الميدانية، بتسيلم، 28 يوليو/تموز 2016.

[54] مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش في مدينة غزة، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

[55] السابق.

[56] مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش، مدينة غزة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

[57] مقابلة مع جبر وشاح، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

[58] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع صالح حجازي، باحث مختص في شؤون إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، منظمة العفو الدولية، 22 يوليو/تموز 2016.

[59] "لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن غزة تستمع لشهادات مؤثرة عن النزاع وتسعى للنفاذ"، بيان صحفي للمفوض السامي لحقوق الإنسان، 23 ديسمبر/كانون الأول 2014، http://www.ohchr.org/AR/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=15456&LangID=A (تم الاطلاع في 10 مارس/آذار 2017).

[60] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش، 4 أغسطس/آب 2016.

[61] مقابلة هاتفية مع صالح حجازي.

[62] السابق.

[63] "على إسرائيل ومصر إتاحة وصول المنظمات الحقوقية إلى غزة"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، 20 أغسطس/آب 2014، https://www.hrw.org/ar/news/2014/08/21/254931

[64] "حملة ضدّ النشطاء والصحفيين بفلسطين"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 29 أغسطس/آب 2016، https://www.hrw.org/ar/news/2016/08/29/293507

[65] المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، "المركز يطالب بوقف عمليات الإعدام خارج إطار القانون في القطاع"، 22 أغسطس/آب 2014، http://pchrgaza.org/ar/?p=8426 (تم الاطلاع في 10 مارس/آذار 2017). وثقت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أيضا عمليات الإعدام: الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، التقرير الشهري، أغسطس/آب 2014 (نُشر في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2014)، http://ichr.ps/ar/1/5/546/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A2%D8%A8-2014-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86.htm (تم الاطلاع في 10 مارس/آذار 2017).

[66] United Nations Office of the High Commissioner for Human Rights, “Report of the Independent Commission of Inquiry on the 2014 Gaza Conflict,” U.N. Doc. A/HRC/29/52, June 2015, http://www.ohchr.org/Documents/HRBodies/HRCouncil/CoIGaza/A-HRC-29-52_en.doc (تم الاطلاع في 15 يونيو/حزيران 2016).

[67] "الأنروا تستنكر وبشدة وضع الصواريخ في مدارس غزة"، بيان صحفي لـ الأنروا، 14 يوليو/تموز 2014، https://www.unrwa.org/ar/newsroom/press-releases/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%86%D8%B1%D9%88%D8%A7-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D9%86%D9%83%D8%B1-%D9%88%D8%A8%D8%B4%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%B6%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%B3-%D8%BA%D8%B2%D8%A9 (تم الاطلاع في 10 مارس/آذار 2017).

[68]  Mahmoud Abu Rahma, “The gap between resistance and governance,” Ma’an News Agency, January 5, 2012, http://www.maannews.com/Content.aspx?id=449852 (تم الاطلاع في 1 أغسطس/آب 2016).

[69] "غزة/الضفة الغربية: يجب التحقيق في الهجمات التي استهدفت المدافعين عن حقوق الإنسان"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 19 يناير/كانون الثاني 2012، https://www.hrw.org/ar/news/2012/01/19/245080

[70]  "حملة ضدّ النشطاء والصحفيين بفلسطين"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 29 أغسطس/آب 2016، https://www.hrw.org/ar/news/2016/08/29/293507

[71] Foreign Press Association of Israel, Statement of August 11, 2014, http://www.fpa.org.il/?categoryId=101307  (تم الاطلاع في 11 أغسطس/آب 2016).

[72] Israeli Military Attorney General’s Office, “Inquiry and investigatory mechanisms regarding complaints and allegations about violations of the laws of wars,” Position Paper, December 19, 2010, pp. 4-5 (in Hebrew), http://www.turkel-committee.gov.il/files/wordocs/9111emPatzar.PDF (تم الاطلاع في 1 ديسمبر/كانون الأول 2016).

[73] السابق، ص 5-6.

[74] Israeli Military Attorney General’s Office, “Inquiry and investigatory mechanisms regarding complaints and allegations about violations of the laws of wars – additional information,” Position Paper, August 9, 2011, para. 6 (in Hebrew), cited in Public Commission to Examine the Maritime Incident of 31 May 2010, Second Report – the Turkel Commission, February 2013, p. 336, para. 87, http://www.turkel-committee.gov.il/files/newDoc3/The%20Turkel%20Report%20for%20website.pdf (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2016).

[75] Israeli Ministry of Foreign Affairs, Gaza Conflict: Factual and Legal Aspects, May 2015, para. 422, http://mfa.gov.il/ProtectiveEdge/Pages/default.aspx (تم الاطلاع في 8 أغسطس/آب 2016).

[76] السابق الفقرات 439-440.

[77] بتسيلم، "ورقة التوت التي تغطي عورة الاحتلال: جهاز تطبيق القانون العسكري كمنظومة لطمس الحقائق"، مايو/أيار 2016. http://www.btselem.org/arabic/publications/summaries/201605_occupations_fig_leaf (تم الاطلاع في 6 مارس/آذار 2017).

[78] Al-Mezan, Briefing Update: Israel’s investigations on criminal complaints submitted by Palestinian NGOs in Gaza on behalf of victims of attacks on Gaza in July and August 2014, November 2015, p.3,

http://mezan.org/en/post/20953/UPDATE%3A%3Cbr%3EBriefing+on+Israeli+investigations+into+%E2%80%8Ecriminal+complaints+submitted+by+Palestinian+NGOs+in+%E2%80%8EGaza+on+behalf+of+victims+of+attacks+on+Gaza+in+July+%E2%80%8Eand+August+2014%E2%80%8E

(تم الاطلاع في 5 أغسطس/آب 2016).

[79] السابق، ص 4.

[80] السابق، ص 7؛ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، "التقرير السنوي "2014، ص 87، http://www.pchrgaza.org/files/2015/anuual_report_2014.pdf (تم الاطلاع في 7 مارس/آذار 2017). أنظر أيضا "على المحكمة الجنائية الدولية التحقيق رسميا في الجرائم في فلسطين"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 5 يونيو/حزيران 2016، https://www.hrw.org/ar/news/2016/06/05/290636.

[81] الترجمة العربية الكاملة لرسالة النائب العام العسكري في الملحق 2 من هذا التقرير.

[82] أنظر الهامش رقم 23 (غيشا-مسلك، "مؤشر السيطرة").

[83] تسيطر إسرائيل على المعبر البري عند جسر اللنبي بين الأردن والضفة الغربية، وعادة لا تسمح بالعبور إلى الضفة الغربية للفلسطينيين المدرجين في سجل السكان الواقعين تحت سيطرة إسرائيل على أنهم يعيشون في غزة. وتقول إسرائيل إن الضفة الغربية منطقة عسكرية مغلقة، وإن الفلسطينيين المدرجين في سجل السكان الواقعين تحت سيطرة إسرائيل المسجل عنوانهم في غزة، ليس لهم أي حق في دخول الضفة الغربية، بغض النظر عما إذا كانوا يسعون إلى عبور إسرائيل.

السابق، ص 24.

[84] السابق، ص 17-19.

[85] السابق، ص 20-22.

[86] السابق، ص 30.

[87] International Committee of the Red Cross, International humanitarian law and the challenges of contemporary armed conflicts, 32IC/15/11, November 2015, p. 12, https://www.justsecurity.org/wp-content/uploads/2015/11/2015-ICRC-Report-IHL-and-Challenges-of-Armed-Conflicts.pdf  (تم الاطلاع في10 أغسطس/آب 2016).

انظر ايضا، المقال الذي كتبه بصفته الشخصية المستشار القانوني للمحكمة الجنائية الدولية حول قضايا الاحتلال:

 Tristan Ferraro, “Determining the Beginning and End of Occupation,” International Review of the Red Cross, vol. 94, no. 885, Spring 2012, p. 157, https://www.icrc.org/eng/assets/files/review/2012/irrc-885-ferraro.pdf (تم الاطلاع في 9 أغسطس/آب 2016).

[88]  انظر مثلا، "أطباء من أجل حقوق الإنسان ضد وزير الدفاع"، قضية رقم  HCJ 10265/05، عرض الدولة في 11 يوليو/تموز 2006 (في الملف لدى هيومن رايتس ووتش)؛ "حمدان ضد القيادة العسكرية الجنوبية وقضايا أخرى ذات صلة"، القضية رقم  HCJ 11120/05، رد الدولة في 19 يناير/كانون الثاني 2006، الفقرات 26-29 (بالعبرية)،  http://tinyurl.com/l9ourfg(تم الاطلاع في 15 ديسمبر/كانون الأول 2016).

[89] تشير كل من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة إلى غزة بعبارة الأراضي المحتلة. مثلا، الرسالة الإلكترونية من إيف سوروكوبي، مكتب الناطق الرسمي باسم أمين عام الأمم المتحدة إلى غيشا-مسلك، 7 فبراير/شباط 2007 (في الملف لدى هيومن رايتس ووتش): "رحبت الأمم المتحدة بفك الارتباط الإسرائيلي مع غزة في أغسطس/آب 2005. لكن لم يتغير وصفنا لقطاع غزة بأنه أرض محتلة".

انظر،    , “Gaza Closure Not Another Year!”, June 14, 2010, www.icrc.org/eng/resources/documents/update/palestine-update-140610.htm (تم الاطلاع في 14 ديسمبر/كانون الأول 2016)؛ انظر أيضا، غيشا-مسلك، "مؤشر السيطرة"، ص 23-24؛ غيشا-مسلك، "فصل الأرض وفصل الشعب، الهامش رقم 5، ص -1011-.

[90] الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية.

[91] محكمة العدل الدولية، "فتوى بشأن الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة"، 9 يوليو/تموز 2004، الفقرات 106-113.

[92] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 12. أنظر أيضا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 13، التي تعكس القانون الدولي العرفي. وتنص المادة 13 من الإعلان العالمي على أنه "لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة"، وأنه "يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه".

[93] "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، المادة 13.

[94] السابق، المادة 6.

[95] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الحاشية (92)، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 12، ف 2.

[96] اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية، الدورة السابعة والستون (1999)، التعليق العام رقم 27، فقرات 13-15.

[97] "الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية اﻷفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميا"، اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 53/144 المؤرخ في 8 ديسمبر/كانون اﻷول 1999.

[98] إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، المواد 13، 17، 18.

[99] United Nations Office of the High Commissioner for Human Rights, Fact Sheet no. 29, “Human Rights Defenders: Protecting the Right to Defend Human Rights.”

[100] "اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب" (اتفاقية جنيف الرابعة). اعتمدت في 12 أغسطس/آب 1949، تاريخ بدء النفاذ 21 أكتوبر/تشرين الأول 1950.

[101] Gisha, “List of quotes by officials on security-access nexus,” July 4, 2016, http://gisha.org/UserFiles/File/publications/Gaza_reconstruction_quotes.pdf (تم الاطلاع في 12 أغسطس/آب 2016).

[102]  "الاتفاقية الفلسطينية الاسرائيلية المؤقتة بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة"، 28 سبتمبر/أيلول 1995، المادة 11.

لنقاش حول تطبيق الحق في حرية الحركة على الأراضي الفلسطينية، أنظر، غيشا-مسلك، "فصل الأرض وفصل الشعب"، الهامش 5، ص 17-25.

[103] غيشا-مسلك، "من يحمل مفاتيح معبر رفح؟"، http://www.gisha.org/userfiles/File/publications/Rafah_Report_Arabic.pdf. (تم الاطلاع في 13 مارس/آذار 2017).

[104] اتفاقية جنيف الرابعة، المادة 1. أنظر أيضا محكمة العدل الدولية، "فتوى بشأن الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة"، 9 يوليو/تموز 2004، فقرات 155-160؛ وجدت المحكمة أن الدول ملزمة بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية.

[105] Elihu Lauterpacht, “Freedom of Transit in International Law,” in Transactions of the Grotius Society, vol. 44 (1958), p. 320;

اتفاقية التجارة العابرة للدول غير الساحلية، اعتمدت في 8 يوليو/تموز 1965، سلسلة معاهدات الأمم المتحدة 3، دخلت حيز التنفيذ في 9 يونيو/حزيران 1967، المادة 12.

[106] تدعي شكوى مقدمة إلى "اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب" أن إغلاق مصر حدودها مع غزة يخرق أحكام الميثاق التي تحمي الحق في الحياة، الحق في حرية الحركة، والحق في تقرير المصير.

 ACPHR, Communication 479/14 Palestine Solidarity Alliance and 5 others v. Egypt, ACHPR/COMM/EGY/ 479/14/02/262/15, 2014, https://www.scribd.com/document/258275977/Human-Rights-Council-Resolution-S-21-1# (تم الاطلاع في 13 فبراير/شباط 2014).

[107] نظام روما الأساسي، المادة 17 (1)(أ) و 17 (1)(ب).

[108] International Criminal Court (ICC), Office of the Prosecutor, Report on Preliminary Examinations 2016, November 14, 2016, para. 145.

[109] ICC, Office of the Prosecutor, Policy Paper on Preliminary Examinations, November 2013, para. 49, http://www.legal-tools.org/doc/acb906/ (تم الاطلاع في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2016).

[110] نظام روما الأساسي، المادة 20 (3)(ب).

[111] Policy Paper on Preliminary Examinations, para. 51.

[112] Policy Paper on Preliminary Examinations, para. 57.

[113] المدعي العام ضد سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي، القضية رقم ICC-01/11-01/11-344-Red، قرار بشأن مقبولية القضية ضد سيف الإسلام القذافي، 31 مايو/أيار 2013، فقرة 209.

[114] أنظر على سبيل المثال المدعي العام ضد سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي، القضية رقم ICC-01 / 11-01 / 11، قرار بشأن مقبولية القضية ضد عبد الله السنوسي، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2013، الفقرات190-191، 202.

[115] إدارة العمليات والتنسيق، "وضع التصريحات"، الملاحظة 26.