تحديث (22/4/2024): خلال نهاية الأسبوع، زار أمير قطر أيضا الفلبين، وهي مصدر مهم آخر للعمال الوافدين.
(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الزيارتَين القادمتَين لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى بنغلاديش ونيبال يجب أن توليا الأولوية لحماية العمال الوافدين. كِلا البلدَين من البلدان الرئيسية للقوى العاملة الوافدة في قطر، التي تشكل 88% من سكان البلد المضيف. ومن المتوقع أن يصل الشيخ تميم إلى بنغلاديش في 22 أبريل/نيسان وإلى نيبال في 24 أبريل/نيسان 2024.
قال مايكل بيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "من المهم لقطر وبنغلاديش ونيبال تجاوُز مجرد تبادل المجاملات الدبلوماسية بشأن علاقات العمل التي تربط هذه البلدان من زمن واغتنام اللحظة للالتزام العلني بتدابير حماية ملموسة وقابلة للتنفيذ تعالج الانتهاكات الخطيرة التي ما يزال يواجهها العمال الوافدون في قطر. ينبغي للأمير القطري ألا يكتفي بلقاء رئيسَيْ البلدين، بل أن يزور أيضا مراكز غسيل الكلى المليئة بالعمال الوافدين العائدين من قطر، ويتحدث مع عائلات العمال الذين ماتوا في قطر لمعرفة العواقب الوخيمة لعدم كفاية التدابير القطرية لحماية العمال".
العمال الوافدون من بنغلاديش ونيبال لا غنى عنهم في الاقتصاد القطري، ويشمل ذلك التحضير لـ "كأس العالم 2022" وإنجازه. الطرق من قطر إلى نيبال وبنغلاديش التي سيسلكها الأمير القطري لطالما سلكها آلاف العمال الذين يخوضون هذه الرحلة يوميا. باعتبارهم "عمالا ضيوفا" في بلد لا يمنح الجنسية لأغلب الأجانب، يُتوقع من العمال أن يأتوا إلى قطر للعمل، وكسب المال، ثم المغادرة عاجلا أم آجلا.
مكّنت الوظائف في قطر العمال الوافدين من إرسال التحويلات المالية إلى عائلاتهم في أوطانهم، لكن العديد من العمال يغادرون قطر في وضع أسوأ مما كانوا عليه قبل الهجرة. إذ يتعرضون لانتهاكات تشمل سرقة الأجور، وانتهاكات العقود، والأمراض المزمنة المرتبطة بظروف العمل غير الآمنة.
يؤدي العديد من العمال الوافدين أعمالا في الهواء الطلق ويتعرضون للحرّ القطري الشديد، وقد يؤدي عدم حماية العمال من هذا الخطر الصحي الجسيم إلى أضرار فادحة. كما رُحِّل بعض العمال لمطالبتهم بأجورهم ومستحقاتهم التي تنص عليها العقود. وكانت هناك آلاف الوفيات غير المفسرة للعمال الوافدين الشباب والأصحّاء في قطر، وفي كثير من الحالات لم يُقدَّم إلى أفراد الأسرة المفجوعين أي سبب لوفاة أحبائهم أو أيّة تعويضات من أصحاب العمل أو السلطات القطرية.
ينبغي لحكومتَي بنغلاديش ونيبال أن تسلطا الضوء ليس على أهمية التحويلات المالية فحسب، بل أيضا على الكلفة الباهظة التي يتحملها العمال في كثير من الأحيان لكسب هذه التحويلات، مثل سرقة الأجور ورسوم الاستقدام. وجدت دراسة استقصائية من العام 2020 أن متوسط تكاليف توظيف البنغاليين الذين يذهبون للعمل في قطر يبلغ حوالي 3,863 دولار أمريكي، ما يعادل 18 شهرا من الدخل في قطر. ويحصل العمال على قروض غير رسمية بأسعار فائدة باهظة لدفع الرسوم. وأظهرت أبحاث هيومن رايتس ووتش دور الشركات التي تتخذ من قطر مقرا لها في رفع رسوم الاستقدام التي يدفعها العمال.
نتيجة تقاعس قطر عن حماية حقوق العمال وعدم كفاية آليات التعويض، تُنقل مسؤولية معالجة الضرر الناشئ في قطر إلى حكومات بلدانهم الأصلية.
يعاني العديد من العمال العائدين من قطر من أمراض طويلة الأمد مثل الفشل الكلوي المزمن، والذي توفر له الحكومة النيبالية خدمات غسيل الكلى مجانا. وتعتمد عائلات العديد من العمال الوافدين الذين فقدوا حياتهم في قطر على التعويضات من خلال صناديق الرعاية الاجتماعية التي أنشأتها بلدانهم الأصلية من طرف واحد.
وثّقت هيومن رايتس ووتش تجارب الأسر التي لم تتلقَّ أي دعم من السلطات القطرية أو أصحاب العمل رغم فقدان معيلها الأساسي، لأن أسباب الوفاة لم تُصنّف على أنها مرتبطة بالعمل.
واعترافا بأوجه القصور في نظام التعويضات، حثت "اللجنة العليا للمشاريع والإرث" القطرية مقاوليها على منح عمالهم التأمين على الحياة، لكن لم يُعتَمد ذلك إلا من قلة من الشركات، حتى في ذروة كأس العالم 2022 عندما كانت أنظار العالم منصبة على سجل حقوق الوافدين في قطر.
من المرجح أن تفاقم أزمة المناخ المخاطر التي يتعرض لها العمال، ما سيزيد العبء على أنظمة الرعاية الصحية المرهقة في بلدان مثل نيبال وبنغلاديش. تقف هذه البلدان نفسها في الخطوط الأمامية لكارثة المناخ على الرغم من قلة انبعاثاتها من الغازات الدفيئة.
اعتمدت السلطات القطرية إصلاحات عمالية، لكن هيومن رايتس ووتش أظهرت أنها جاءت متأخرة وكانت أقلّ وأضيق نطاقا مما ينبغي. لم تلغِ هذه الإصلاحات كليا نظام الكفالة المنتهِك الذي يمكّن هذه الانتهاكات.
زعمت السلطات القطرية أن هذه الإصلاحات لا تتعلق بكأس العالم فحسب، بل هي جزء من عملية تستمر إلى ما بعد البطولة. ومع ذلك، انتهى المطاف بالعمال في قطر في ظروف صعبة بعد كأس العالم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن اتفاقيات العمل المتوقع تحديثها وتوقيعها أثناء زيارتَي الأمير يجب أن تتضمن نصوصا ملموسة لمعالجة هذه القضايا، ويجب أن تكون الاتفاقيات نفسها متاحة علنا.
تتلخص أهمية إصلاحات العمل أو الاتفاقيات مع بلدان المهاجرين الأصلية في تنفيذها وفعاليتها في معالجة الانتهاكات الواسعة، ما يتطلب آليات إنفاذ قوية. الزيارات الدبلوماسية، أو اتفاقيات العمل، أو الإصلاحات العمالية تكون فارغة إذا ما ظلّت العودة إلى الوطن تشوبها أجور أو مستحقات غير مدفوعة، وأمراض الكلى المزمنة، والوفيات حيث لا يتم التحقيق فيها أو تعويض عائلات الضحايا.
قال بيج: "الالتزامات العلنية من جانب أمير قطر بتوفير حماية ملموسة وقابلة للتنفيذ للعمال خلال هاتين الزيارتين البارزتين، بما في ذلك تعويض العمال الذين واجهوا انتهاكات خطيرة وعائلات المتوفين، ستكون أفضل وسيلة للاحتفاء بزياراته إلى موطن ملايين العمال الحاليين والسابقين الذين ساعدوا في تغيير وجه قطر".
