حصل تدهور واضح في أوضاع حقوق الإنسان في البحرين في منتصف 2016 لما حلّت السلطات جمعية "الوفاق"، أهم جماعة معارضة في البلاد، وسجنت أبرز ناشط حقوقي، ومارست مضايقات في حق رجال دين شيعة، وحاكمتهم بسبب الاحتجاج السلمي على إسقاط الجنسية تعسفا عن الزعيم الروحي لـ الوفاق، الشيخ عيسى قاسم. تسبب هذا القمع المنهجي للحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات في تقويض احتمالات التوصل إلى حلّ سياسي للاضطرابات الداخلية في البحرين.
لم تحقق السلطات تقدما يُذكر في محاسبة المسؤولين عن تعذيب المحتجزين وسوء معاملتهم، واستمرت في إسقاط الجنسية عن البحرينيين المنتقدين للحكومة، وفرضت حظر سفر تعسفي على نشطاء المجتمع المدني.
حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات
أمضت الناشطة الحقوقية زينب الخواجة 3 أشهر في السجن بعد أن اعتُقلت في مارس/آذار 2016 بسبب 4 تهم تنتهك حقها في حرية التعبير، صدرت إحداها بعد محاكمة جائرة. غادرت الخواجة البحرين إلى الدنمارك، التي تحمل جنسيتها أيضا، بعد أن أفرجت عنها السلطات في يونيو/حزيران. قالت إن السلطات البحرينية كانت تعدّ تُهما أخرى لتوجهها لها، كانت يُمكن أن تتسبب في سجنها لفترة مطوّلة.
في مايو/أيار، ضاعفت محكمة الاستئناف العليا عقوبة السجن المفروضة على الأمين العام لجمعية الوفاق، الشيخ علي سلمان، أكثر من مرتين، لتصبح 4 سنوات و9 أشهر. كما ألغت محكمة الاستئناف قرار المحكمة الابتدائية بتبرئته من الدعوة إلى إسقاط الحكومة بالقوة، وغلظت العقوبة رغم وجود أدلة قوية على أن محاكمته الأولى لم تكن عادلة، وأن 2 من التهم التي أدين بها كانت تنتهك حقه في حرية التعبير بشكل واضح.
في يونيو/حزيران، اعتقلت السلطات الناشط الحقوقي البارز نبيل رجب بتهم تنتهك حقه في حرية التعبير. يواجه رجب السجن لمدة 15 عاما بتهم تشمل انتقاد مشاركة البحرين في العمليات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، و"إهانة هيئات نظامية". تستند هذه التهمة الأخيرة إلى تعليقاته حول مزاعم تعذيب طالت سجناء "سجن جو" في مارس/آذار 2015. كما اتهمت السلطات رجب بالإساءة إلى "هيبة" الدولة، بعد يوم واحد من نشر "نيويورك تايمز" رسالة مفتوحة كتبها في سجنه.
في يونيو/حزيران أيضا، طلبت وزارة العدل والشؤون الإسلامية من السلطة القضائية حل جمعية الوفاق. وفي 14 يونيو/حزيران، أصدرت المحكمة حكما "بصفة مستعجلة" يأمر الجمعية بإغلاق مقرها الرئيسي وتعليق أنشطتها ومصادرة أموالها استنادا إلى مزاعم الحكومة بأنها كانت توفر "بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والعنف". لم تقدّم السلطات أي أدلة تثبت هذه الادعاءات.
بعد أن أسقطت السلطات الجنسية عن الزعيم الروحي لجمعية الوفاق الشيخ عيسى قاسم في يونيو/حزيران بزعم أنه حرّض على الطائفية، تجمع مئات الأشخاص – من بينهم رجال دين شيعة – بشكل سلمي أمام منزله في بلدة الدراز، فردّت السلطات بحملة مضايقات استهدفت رجال الدين الشيعة، في انتهاك لحقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.
في أغسطس/آب، أدانت محكمة بحرينية الشيخ علي حميدان بتهمة "التجمهر غير المشروع" وحكمت عليه بالسجن لمدة سنة بسبب مشاركته في احتجاجات الدراز. قال الشيخ ميثم السلمان، أحد أبرز رجال الدين الشيعة المتهمين بالتجمع غير القانوني، إن الشرطة أصرّت على أن ينزع عمامته وجلبابه، ورفضت طلبه بأن يستحم ويُغيّر ملابسه، وتركته في غرفة التحقيق 26 ساعة دون نوم. قال إنه يعتقد أن الإصرار على خلع زيه الديني كان القصد منه "إهانة وترهيب رجل دين شيعي". قالت مصادر بحرينية ذات مصداقية لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات استجوبت ووجهت تهما إلى أكثر من 50 رجل دين شيعي عقب احتجاجات الدراز.
في يوليو/تموز، اتهمت النيابة العامة نزيهة سعيد، مراسلة بحرينية لـ "وكالة فرانس برس"، بانتهاك القانون المتعلق بترخيص عمل الصحفيين. بعثت "هيئة شؤون الإعلام" البحرينية برسالة إلى الجهة التي تعمل معها سعيد، ذكرت فيها "التقييم غير المرضي لأدائها من المتخصصين لدينا" كسبب لعدم تجديد الترخيص.
سوء معاملة المحتجزين
قدّم التقرير السنوي الثالث لـ "الأمانة العامة للتظلمات"، الصادر في يونيو/حزيران 2016، أدلة إضافية على أن السلطات لم تحقق تقدما يُذكر في محاسبة الشرطة وقوات الأمن على تعذيب المحتجزين وسوء معاملتهم.
بحسب تقاريرها السنوية، أحالت الأمانة العامة للتظلمات – منذ إنشائها في 2012 – 138 ملفا إلى "وحدة التحقيقات الجنائية"، الجهة المسؤولة عن التحقيق مع المسؤولين الأمنيين والحكوميين الذين يُزعم تورطهم في أعمال تعذيب ومعاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة بحق المحتجزين، ومحاكمتهم. من بين جميع هذه الملفات، أجرت وحدة التحقيقات الجنائية ملاحقة قضائية واحدة ناجحة في حالة تعذيب، وصفها التقرير السنوي الثاني للأمانة العامة للتظلمات بـ "الاعتداء" على معتقل "لإجباره على الاعتراف بارتكاب جريمة الاتجار في المواد المخدرة".
لم يتضمن تقرير الأمانة العامة لعام 2016 أي معطيات حول 15 تظلم تتعلق بأعمال تعذيب مزعومة ارتكبها مسؤولو سجن جو في حق سجناء في مارس/آذار 2015. في مايو/أيار، دعا شريف بسيوني، المؤلف الرئيسي لتقرير "اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق" حول احتجاجات 2011 وردّ قوات الأمن غير المتناسب، إلى مواصلة التحقيق مع المسؤولين عن مقتل 5 أشخاص تحت التعذيب، والتثبت من مسؤولية رؤسائهم في العمل.
إسقاط الجنسية
بعد التعديل الذي طال "قانون الجنسية" البحريني في 2014، صار بإمكان وزارة الداخلية، بموافقة مجلس الوزراء، إسقاط الجنسية عن أي شخص "ساعد أو انخرط في خدمة دولة معادية" أو "تسبب في الإضرار بمصالح المملكة أو تصرف تصرفا يُناقض واجب الولاء لها".
أشارت معلومات وردت في تقارير إخبارية وصدرت عن مصادر محلية ذات مصداقية أن السلطات البحرينية جرّدت 133 شخصا من جنسيتهم، فارتفع العدد الإجمالي للذين فقدوا جنسيتهم منذ بداية 2015 إلى 341 شخصا. يُمكن تقسيم هؤلاء إلى 3 فئات: مدافعون عن حقوق الإنسان ونشطاء سياسيون وصحفيون؛ بحرينيون عُرفوا بالقتال في صفوف "الدولة الإسلامية" (داعش)؛ وآخرون مُدانون بجرائم إرهابية داخلية.
في يونيو/حزيران 2016، قالت وزارة الداخلية إنها ستسقط الجنسية عن الشيخ عيسى قاسم الذي يُعتبر الزعيم الروحي لـ الوفاق، أبرز جماعة معارضة في البلاد. اتهمته السلطات بـ "خلق بيئة طائفية متطرّفة"، قائلة إنه "شجع على الطائفية والعنف".
كما رحّلت السلطات 7 بحرينيين بعد أن جرّدتهم من جنسيتهم، منهم رجل الدين الشيعي محمد خجسته في فبراير/شباط، والأكاديمي مسعود جهرمي في مارس/آذار، والمحامي الحقوقي تيمور كريمي في يونيو/حزيران.
الحق في مغادرة البلاد
فرضت السلطات حظر سفر تعسفي على عشرات الأشخاص المنتقدين لانتهاكات السلطات الحقوقية. في سبتمبر/أيلول، تسبب حظر سفر تعسفي في منع الناشطة الحقوقية نضال السلمان من حضور اجتماع لـ "مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" في جنيف، بعد أن تعرض 2 من زملائها في "مركز البحرين لحقوق الإنسان" لحظر مماثل.
من البحرينيين الآخرين الذين شملتهم قرارات حظر السفر: محمد التاجر، محام حقوقي؛ عبد النبي العكري، ناشط حقوقي؛ جليلة السلمان، النائبة السابقة لرئيس "جمعية المعلمين البحرينية" المنحلة؛ رولا الصفار، ممرضة وناشطة حقوقية؛ محمد شرف، رئيس فرع "منظمة الشفافية الدولية" في البحرين؛ والصحفية نزيهة سعيد.
حقوق النساء والتوجه الجنسي والهوية الجندرية
مسائل الأحوال الشخصية في المحاكم السُنية البحرينية يُنظمها "القانون رقم 19 لسنة 2009 بإصدار قانون أحكام الأسرة". لا ينطبق القانون على المحاكم الشيعية، ما يعني أن النساء الشيعة – اللاتي يُشكلن أغلبية في البحرين – غير مشمولات بقانون الأحوال الشخصية. تعاني النساء السنيات والشيعيات من التمييز على حد سواء. على سبيل المثال، يتمتع الرجال بالحق في الطلاق من جانب واحد؛ ويستطيع الرجال السنة القيام بذلك شفاهيا، والرجال الشيعة خطيا. يتعين على النساء رفع دعاوى الطلاق لدى المحاكم.
يُجرّم الزنا والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج. تلاحَق هذه الأعمال بموجب المادة 350 من قانون العقوبات، التي تجرم أي "فعل مخل بالحياء مع أنثى". في المقابل، لا يوجد أي قانون يحظر التمييز على أساس الجنس أو النوع الاجتماعي أو التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية.
الأطراف الدولية الرئيسية
ظلّت البحرين طرفا في التحالف الذي تقوده السعودية ونفذ غارات جوية على اليمن على امتداد 2016، وتسبب في مقتل مئات المدنيين بحسب الأمم المتحدة.
انتقدت الولايات المتحدة، التي لها قاعدة بحرية دائمة في البحرين، حلّ جمعية الوفاق، ودعت الحكومة إلى إسقاط التهم الموجهة إلى نبيل رجب والافراج عنه. أما المملكة المتحدة – التي تُعدّ لها البحرين قاعدة عسكرية دائمة – فلم تطالب بالإفراج عن أي نشطاء مسجونين، ولم تنتقد حلّ الوفاق.
في سبتمبر/أيلول، أعلن مسؤولون حكوميون أمريكيون أن الموافقة على بيع مقاتلات من نوع "إف 16" للبحرين سيتوقف على ادخال تحسينات غير محددة في الوضع الحقوقي في البلاد.
في أغسطس/آب، أصدر 5 خبراء حقوقيين من الأمم المتحدة بيانا مشتركا انتقدوا فيه ممارسة السلطات لـ "مضايقات منهجية للمواطنين الشيعة".