إستضاف الأردن أكثر من 618 ألف لاجئ سوري خلال العام 2014، وذلك على الرغم من تشديد السلطات القيود على إجراءات الدخول على المعابر الحدودية للحد من تدفق اللاجئين الجدد. بالمقابل فإن السلطات الأردنية رفضت دخول جميع اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا، واعتقلت وأبعدت قسراً العشرات ممن دخلوا البلاد بصورة غير نظامية. وقامت الحكومة بتعديل قانون محكمة أمن الدولة بهدف تقييد اختصاص المحكمة ليقتصر على خمس جرائم فقط، ووسعت مظلة قانون مكافحة الإرهاب ليشمل أحكاماً تشكل تهديداً لحرية التعبير.
حرية التعبير والمعتقد
يُجرم القانون الأردني الآراء التي تنتقد الملك أو المسؤولين الحكوميين أو المؤسسات الرسمية والدين الإسلامي، ويُجرم أيضاً أي تعبير عن رأي يُعتبر تشهيراً بالغير. وفي عام 2014، أخفقت السلطات الأردنية في تعديل قانون العقوبات ليصبح متوائما مع الضمانات التي كفلها الدستور لحرية التعبير والتي تم تعزيزها في التعديلات الدستورية التي تم إقرارها عام 2011، واستمرت السلطات في ملاحقة أفراد بتهم مثل "إهانة هيئة رسمية" عبر استغلال الصياغات الفضفاضة لأحكام قانون العقوبات والتي تفرض قيوداً كبيرة وغير محتملة على حرية التعبير.
وفي شهر يونيو/حزيران، أقر الأردن تعديلات على قانون مكافحة الإرهاب لعام 2006 تضمن توسيعاً لتعريف الإرهاب بحيث يشمل أعمالاً مثل "تعكير صلات ]الأردن[ بدولة أجنبية"، وهي تهمة موجودة بالفعل في القانون الجنائي الأردني و تستخدم دورياً لمعاقبة الانتقاد السلمي للبلدان الأجنبية أو حُكامها، إلا أن التعديلات الجديدة أزالت الشرط -الذي كان في القانون الاصلي – بضرورة أن يقترن ذلك بعمل من أعمال العنف، واستُبدل بتعريف فضفاض يشير إلى أي من الأعمال التي قد تؤدي إلى "إحداث فتنة" أو "تخل بالنظام العام".
وإستناداً إلى تعديلات قانون المطبوعات والنشر لعام 2012، استمرت هيئة الاعلام في فرض رقابة على المواقع الإخبارية المستقلة التي لم تحصل على تسجيل من الهيئة، وحجبت الهيئة في 30 يونيو/حزيران تسع مواقع إخبارية، بما في ذلك موقع بديل لمدونة حبر -وهي مدونة إلكترونية لصحافة المواطن-، وكانت السلطات الأردنية قد سبق وحجبت الموقع الإلكتروني للمدونة للمرة الأولى في شهر يونيو/حزيران 2013. وكانت بعض المواقع الإخبارية مثل مدونة حبر قد رفضت التسجيل للحصول على الترخيص إحتجاجاً على القيود والشروط المجحفة التي يفرضها قانون المطبوعات والنشر وحفاظاً على استقلاليتها.
وفي 6 يونيو/حزيران، داهمت الشرطة الأردنية المقر الرئيسي لقناة العباسية، وهي قناة تلفزيونية عراقية معارضة مقرها في عمان، وألقت القبض على 13 من موظفيها، ولكن الشرطة أفرجت عن الموقوفين لاحقاً من دون توجيه أي تهم لهم.
وفي 17 أغسطس/آب، ألقت الشرطة القبض على عبد الهادي المجالي، وهو كاتب عمود في صحيفة الرأي المملوكة للحكومة، بعد أن نشر تعليقاً على صفحته في الفيسبوك ينتقد فيه مسؤولين أمنيين وشتم البلاد، ومن ثم أفرجت عنه محكمة عمان بكفالة في 24 أغسطس/آب، ولكنه ما زال يواجه المحاكمة بتهمة "إفشاء أسرار الدولة" (استناداً للمادة 355 من قانون العقوبات).
وفي شهر يناير/كانون الثاني، أدانت المحكمة أربعة طلاب من جامعة آل البيت في المفرق بتهمة " إهانة رمز ديني" وحكمت عليهم بالسجن لمدة شهر، وكانت النيابة العامة قد إدعت بأن أسلوبهم في اللبس وطبيعة الأغاني والموسيقى التي يستمعون لها تشير الى أنهم من "عبدة الشيطان".
حرية التنظيم وحرية التجمع
منذ أن دخل القانون المعدل لقانون الإجتماعات العامة حيز التنفيذ في مارس/آذار 2011، لم يعد الأردنيون بحاجة إلى الحصول على موافقة الحكومة لعقد الإجتماعات العامة أو تنظيم المسيرات والمظاهرات، إلا أن الفنادق وغيرها من المرافق التي يتم تنظيم الاجتماعات والفعاليات العامة بها، لا تزال تطلب موافقة دائرة المخابرات العامة قبل إستضافة أي فعالية أو إجتماع عام.
وأصدرت محكمة أمن الدولة أحكاماً في عدد من القضايا بحق عدد من الناشطين السياسيين والأشخاص الذين شاركوا في المظاهرات التي شهدتها البلاد في عامي 2011 و 2012، وأسقطت المحكمة في معظم القضايا تهمة "تقويض نظام الحكم" وهي تهمة إرهاب وفق قانون العقوبات، واكتفت بإدانة الأشخاص بتهم أقل من ذلك، تضمنت أحكاماً بالسجن لمدة لا تتجاوز ثلاث شهور، وهي أحكام يمكن استبدالها عادة بدفع غرامة مالية وفق القانون الأردني.
وقامت الحكومة الأردنية في يناير/كانون الثاني بتعديل قانون محكمة أمن الدولة بهدف حصر صلاحيتها ليشمل فقط جرائم الارهاب، والتجسس، والخيانة، وتزوير العملة والمخدرات، وذلك ليتواءم قانون المحكمة مع المادة 101 من الدستور، والذي يسمح لقضاة عسكريين بمحاكمة المدنيين فقط في إطار هذه الأنواع الخمس من الجرائم، ولكن بالرغم من ذلك، وبسبب أن قانون العقوبات وضع جرائم ذات عبارات فضفاضة مثل "تقويض نظام الحكم" وصنفها ضمن جرائم الإرهاب؛ فإن محكمة أمن الدولة ما تزال قادرة على محاكمة المتظاهرين السلميين وغيرهم من المدنيين إستناداً لمثل هذه التهم.
اللاجئون والعمال المهاجرين
منذ عام 2011 وحتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2014 ، وصل عدد اللاجئين السوريين في الأردن إلى أكثر من 618 ألف شخص وفقاً لإحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومن بينهم 81 الف تم ايوائهم في مخيم الزعتري للاجئين في شمال المملكة والذي وصل عدد اللاجئين فيه عام 2013 الى 200 الف لاجئ فيما تم ايواء 3900 اخرين في المخيم الإماراتي الأردني في الزرقاء، فيما يقيم باقي اللاجئين خارج المخيمات. وفي شهر أبريل/ نيسان إفتتح الأردن مخيماً جديداً للاجئين السوريين بالقرب من مدينة الزرقاء يبعد نحو 100 كم شرقي العاصمة عمان، والذي بدأت السلطات الاردنية بايواء اللاجئين السوريين الجدد فيه، وعند الإنتهاء من إستكمال المخيم الجديد فمن المتوقع أن يتسع لإيواء نحو 130 ألف لاجئ، ولكن وحتى شهر نوفمبر /تشرين الثاني فان عدد المقيمين في المخيم لم يتجاوز 11700 لاجئ.
واستمرت السلطات الأمنية الأردنية خلال عام 2014 برفض دخول اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا والذين حاولوا الدخول بطرق قانونية عبر معابر البلاد الحدودية مع سوريا ، كما قامت السلطات الأمنية بإعتقال وإبعاد الفلسطينيين الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني عبر شبكات التهريب. وبشكل رسمي، فإن الأردن يسمح بدخول الفلسطينيين الفارين من سوريا وذلك بشرط أن يكونوا ممن يحملون الجنسية الأردنية، ولكن وبالممارسة الفعلية فإن الأردن يرفض دخول هؤلاء ايضاً في حال كانت جوازات سفرهم منتهية الصلاحية، وفي بعض الحالات تقوم السلطات الأردنية تعسفاً بنزع جنسيتهم الأردنية وإعادتهم قسراً إلى سوريا.
في العام 2014 قامت منظمة العمل الدولية بإصدار تقريرين تسلط فيهما الضوء على إنتشار ظاهرة عمل الأطفال في الأردن، فيما ذكرت وزارة العمل الأردنية أن عدد الأطفال العاملين من أبناء اللاجئين السوريين قد تضاعف عن العام السابق حيث وصل عددهم الى 60 الف طفل.
وصل عدد عاملات المنازل الاجنبيات اللاتي يعملن في الأردن في العام 2014 الى اكثر من 70 الف عاملة، معظمهن من الفلبين وسيريلانكا واندونيسيا. وقامت منظمات غير حكومية مراراً وتكراراً بإستقبال حالات عديدة من عاملات المنازل اللاتي تعرضن لإنتهاكات مختلفة ومتعددة، وقامت المنظمات بإحالة تلك الحالات إلى مفتشي وزارة العمل والذين نادراً ما يقومون بتصنيف تلك الحالات باعتبارها ضحايا لجريمة الإتجار بالبشر، وبدلاً من ذلك يتم التعامل بشكل منفصل مع كل جانب من الانتهاكات او الاساءات مثل عدم دفع الرواتب على سبيل المثال، وفي بعض الاحيان يتم إحتجاز العاملات بتهمة الهروب من صاحب العمل.
حقوق المرأة والفتيات
لا يزال قانون الأحوال الشخصية الأردني يتسم بالتمييز ضد المرأة على الرغم من التعديلات الإيجابية التي أُدخلت عليه عام 2010، والتي تضمنت توسيع فرص حصول المرأة على الطلاق وحضانة أطفالها، فالزواج على سبيل المثال بين إمراة مسلمة ورجل غير مسلم ما يزال غير معترف به.
ولا تسمح المادة 9 من قانون الجنسية الأردني للنساء الأردنيات المتزوجات من رجال أجانب بمنح الجنسية الأردنية الى أزواجهن أو أبنائهن، وفي نوفمبر/تشرين الثاني أعلن مجلس الوزراء أنه سيُصدر توجيهات للوزارات والمؤسسات الحكومية لمنح إمتيازات خاصة لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين، بما في ذلك التعليم المجاني والحصول على الخدمات الصحية في المؤسسات الحكومية، لكن مع ذلك فان هذه الإمتيازات لن تُعطى للأطفال الذين أقامت أمهاتهم في الأردن مدة تقل عن خمس سنوات، كما أن هذه الإمتيازات لا تتضمن الحصول على تصاريح الإقامة.
بالرغم من أن الحد الأدنى لسن الزواج بالقانون في الأردن هو 18 عام، إلا أن حالات زواج الاطفال في الأردن ما تزال مستمرة، بما في ذلك داخل مجتمعات وتجمعات اللاجئين السوريين.
وما تزال المادتين 98 و340 من قانون العقوبات والتي تسمح بتطبيق عقوبات مخففة بحق مرتكبي ما يسمى بـ "جرائم الشرف" نافذة المفعول، وأشارت تقارير إخبارية إلى أن 10 نساء وفتيات على الأقل تعرضن للقتل عام 2014 على أيدي أفراد الأسرة من الذكور، بما في ذلك بتول حداد، امرأة مسيحية قتلها والدها وشقيقها بعد أن قامت بإعتناق الإسلام.
التعذيب، وعنف الشرطة والتوقيف الاداري
ما يزال مرتكبي جرائم التعذيب او غيرها من ضروب سوء المعاملة في الأردن يتمتعون بإفلات شبه كامل من العقاب بسبب إعتماد السلطات الأردنية على مدعين عامين وقضاة من رجال الشرطة في اجراءات التحقيق وتوجيه الاتهام والمحاكمة بحق الادعاءات التي توجه ضد زملائهم من الضباط. وفي محكمة الشرطة التي تنظر في العديد من هذه الحالات والقضايا فإن إثنين من القضاة الثلاثة الذين ينظرون القضية يخدمون كضباط في سلك الشرطة ويتم تعيينهم من قبل جهاز الشرطة. ولغاية اليوم لم تتم إدانة أي رجل شرطة أو ضابط مخابرات بتهمة التعذيب وفق المادة 208 من قانون العقوبات.
في شهر حزيران/يونيو برأت محكمة أمن الدولة رجل الدين السلفي البارز عمر عثمان المعروف بإسم أبو قتادة، من تهم الإرهاب التي وجهت له عام 1998، على خلفية التخطيط لتفجير عدة أهداف في عمان، بما في ذلك مدرسة أمريكية. وخلال إجراءات المحاكمة أقرت المحكمة بأن هناك إعترافات قُدمت كأدلة يزعم بأنها إنتزعت تحت وطأة التعذيب، وأقرت أن ذلك يعد انتهاكاً للمعاهدة التي وقعها الأردن مع المملكة المتحدة، وأشارت المحكمة إلى أن مثل هذه الإعترافات لا يمكن قبولها في السجل دون تبرير كافي وبشكل مسبق، وفي شهر سبتمبر/أيلول، برأت المحكمة أبو قتادة من جميع التهم التي وُجهت له في قضية ثانية منفصلة مرتبطة بمزاعم مؤامرة إرهابية أخرى، وأفرجت عنه.
وتقاعست السلطات عن التحقيق في مزاعم ذات مصداقية بشأن الإستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة أثناء تفريق الإحتجاجات، وكان ثمانية صحفيين قد ذكروا بان شرطة مكافحة الشغب قامت بضربهم خلال قيامهم بعملهم في تغطية تفريق مظاهرة قرب السفارة الإسرائيلية في عمان يوم 9 يوليو/تموز، حيث طالبت المظاهرة بطرد السفير الإسرائيلي من الأردن بسبب الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة. وأعلنت مديرية الأمن العام عن نيتها إجراء تحقيق مستقل في القضية، وبشكل يتجاوز الإجراء المعتاد في مثل هذه الشكاوى، إلا أن نتائج هذا التحقيق لم تُعرف حتى تاريخ كتابة هذه السطور.
ولا يزال الحكام الإداريين يستخدمون أحكام ومواد قانون منع الجرائم لعام 1954 لوضع الأفراد قيد التوقيف الإداري لمدد تصل إلى عام، وهو ما يمثل شكلاً من أشكال التحايل على قانون أصول المحاكمات الجزائية في الأردن.
الأطراف الدولية الرئيسية
في شهر فبراير/شباط أعلنت الولايات المتحدة عن تجديد حزمة المساعدات للأردن لمدة خمس سنوات وذلك حتى عام 2019، وسيتم بموجبها منح الأردن سنوياً، بالحد الأدنى، ما قيمته 360 مليون دولار كمساعدات اقتصادية، و300 مليون دولار كمساعدات عسكرية، كما قدمت الولايات المتحدة للأردن مساعدات اضافية بقيمة 340 مليون دولار خلال عام 2014 وذلك ضمن إطار دعم "تغطية الكلف والاعباء المترتبة على الأردن نتيجة عدم الإستقرار في المنطقة والتي تشمل المتطلبات الأمنية على طول الحدود مع العراق". ولم تنتقد الولايات المتحدة علناً الإنتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في الأردن في العام 2014 بإستثناء ما أوردته التقارير السنوية الصادرة عنها.
كما واصل الإتحاد الأوروبي تقديم المساعدات التي تعهد بها في العام 2012 والتي تتمثل في تقديم 230 مليون يورو سنوياً (نحو 298 ميون دولار) للأردن لدعم اللاجئين.
وفي مايو/أيار أعلنت المملكة العربية السعودية عن إبرام ثلاث مذكرات تفاهم مع الأردن لتمويل مشاريع تنموية بقيمة 232 مليون دولار.