Skip to main content
تبرعوا الآن
موجي، رجل عمره 24 عاما لديه حالة صحية عقلية، يعيش مقيدا بالسلاسل منذ أشهر في "بيت مارسييو"، وهي مؤسسة خاصة تديرها عائلة في كيبومين، وسط جافا، إندونيسيا. عندما أُخذت هذه الصورة، قال موجي إنه "جائع جدا جدا"، وأشار إلى سلاسله وقال إنها "ضد حقوق الإنسان". © 2019 أندريا ستار ريس

(لندن، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020) - قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته اليوم إن مئات آلاف الأشخاص الذين لديهم حالات متعلقة بالصحة العقلية مقيدون بالسلاسل في جميع أنحاء العالم. رجال ونساء وأطفال، بعضهم لا تتجاوز أعمارهم عشرة أعوام، يُكبَّلون بالسلاسل أو يُحبسون في أماكن ضيقة لأسابيع وشهور وحتى سنوات، في حوالي 60 دولة في أنحاء الشرق الأوسط، وآسيا، وأفريقيا، والأمريكيتين، وأوروبا.

تقرير "العيش في الأغلال: تكبيل ذوي الإعاقات النفسية-الاجتماعية في العالم"، الصادر في 56 صفحة، يدرس التقييد القسري للأشخاص الذين لديهم حالات الصحة النفسية، في كثير من الأحيان من قبل عائلاتهم في منازلهم، أو في مؤسسات مكتظة وغير صحية، بسبب وصمة العار ونقص خدمات الصحة العقلية. يضطر كثيرون إلى الأكل، والنوم، والتبول، والتغوط في المساحة الصغيرة نفسها. في المؤسسات التي تديرها الدولة أو المؤسسات الخاصة، ومراكز العلاج التقليدية أو الدينية، غالبا ما يُجبرون على الصيام وتناول الأدوية أو الخلطات العشبية، والخضوع للعنف الجسدي والجنسي. يتضمن التقرير أبحاثا ميدانية وشهادات من فلسطين، واليمن، ودولة أرض الصومال المستقلة المعلنة من جانب واحد، وأفغانستان، بالإضافة إلى إندونيسيا، وبوركينا فاسو، وجنوب السودان، وسيراليون، والصين، وغانا، وكمبوديا، وكينيا، وليبيريا، والمكسيك، وموزمبيق، ونيجيريا.

قالت كريتي شارما، باحثة أولى في حقوق ذوي الإعاقة في هيومن رايتس ووتش ومؤلفة التقرير: "تكبيل الأشخاص الذين لديهم حالات متعلقة بالصحة العقلية هو ممارسة وحشية منتشرة، وسر مكشوف في عديد من المجتمعات. يمكن أن يقضي الناس سنوات مقيدين بالسلاسل بالأشجار، أو محبوسين في قفص أو حظيرة للأغنام لأن العائلات تكافح لتتدبر أمرها والحكومات لا تقدم خدمات الصحة العقلية الكافية".

بينما يولي عدد من البلدان اهتماما أكبر لقضية الصحة النفسية والعقلية، ما يزال التكبيل بعيدا عن الأنظار. لا توجد بيانات أو جهود دولية أو إقليمية منسقة للقضاء على التكبيل. ردا على ذلك، عملت هيومن رايتس ووتش مع مناصري حقوق الصحة النفسية ممن مروا بتجارب عملية، ومنظمات حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب في جميع أنحاء العالم لإطلاق حملة عالمية تحت عنوان #BreakTheChains (#اكسروا_القيود) لإنهاء تكبيل الأشخاص الذين لديهم حالات متعلقة بالصحة العقلية، قبل انطلاق برنامج "اليوم العالمي للصحة النفسية" في 10 أكتوبر/تشرين الأول.

قابلت هيومن رايتس ووتش أكثر من 350 شخصا لديهم إعاقات نفسية-اجتماعية، بينهم أطفال، و430 من أفراد العائلات، وعاملين في مؤسسات، وأخصائيي صحة نفسية، ومعالجين دينيين، ومسؤولين حكوميين، ومدافعين عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. بناء على دراسة شملت 110 دول، وجدت هيومن رايتس ووتش أدلة على تكبيل الأشخاص الذين لديهم حالات صحية عقلية في مختلف الفئات العمرية، والإثنيات،  والأديان، والطبقات الاجتماعية-الاقتصادية، وفي المدن والأرياف في حوالي 60 دولة.

عالميا، يُقدر أن 792 مليون شخص، أو 1 من كل 10، من بينهم 1 من كل 5 أطفال، لديهم حالات صحية نفسية. مع ذلك، تنفق الحكومات أقل من 2٪ من ميزانياتها الصحية على الصحة النفسية. أكثر من ثلثَيْ البلدان لا تعوض الناس عن خدمات الصحة النفسية في أنظمة التأمين الصحي الوطنية. حتى عندما تكون خدمات الصحة النفسية مجانية أو مدعومة، تشكل تكلفة المسافة والمواصلات عائقا كبيرا.

في ظل غياب الدعم المناسب للصحة النفسية ونقص الوعي، تشعر كثير من العائلات ألّا خيار أمامها سوى تكبيل أقاربها. غالبا ما يكونون قلقين من أن يهرب الشخص أو يؤذي نفسه أو الآخرين.

يُمارَس التكبيل عادة من قبل العائلات التي تعتقد أن حالات الصحة النفسية مرتبطة بالأرواح الشريرة أو الخطيئة. غالبا ما يستشير الناس المعالجين التقليديين أو الدينيين أولا، ولا يسعون إلى الحصول على خدمات الصحة النفسية إلا كملاذ أخير. عُرض مورا )56 عاما( في بالي بإندونيسيا على 103 معالجين دينيين، وعندما لم ينجح ذلك، حُبس في غرفة لعدة سنوات.

في عديد من دول العالم، تأخذ العائلات أحد أعضائها، بمن فيهم الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات، إلى مراكز العلاج التقليدية أو الدينية حيث يُكبَّلون أو يعاقَبون. يعيش الأشخاص المكبَّلون في ظروف مهينة جدا. كما يُجبرون بشكل روتيني على تناول الأدوية أو الخضوع "للعلاجات" البديلة مثل تركيبات الأعشاب "السحرية"، والصيام، والتدليك القوي من قبل المعالجين التقليديين، وتلاوة القرآن في أذن الشخص، وترانيم الإنجيل، والحمامات الخاصة.

يؤثر التكبيل على الصحة النفسية والجسدية. يمكن أن يتعرّض الشخص المكبَّل بالإجهاد اللاحق للصدمة، وسوء التغذية، والالتهابات، وتَلَف الأعصاب، وضمور العضلات، ومشاكل القلب والأوعية الدموية. كما يُجبر التكبيل الناس على العيش في ظروف تتصف بالقيود الشديدة بما يقلل قدرتهم على الوقوف أو الحركة. حتى أن بعض الأشخاص يكبَّلون بآخرين، ما يجبرهم على الذهاب إلى المرحاض والنوم معا.

قال رجل من كينيا يعيش حاليا مقيَّدا بالسلاسل: "ليس الأمر كما يفترض أن يكون الإنسان. يجب أن يكون الإنسان حرا".

قالت شارما: "في كثير من هذه المؤسسات، يكون مستوى النظافة الشخصية متدنيا بشكل فظيع لأنه لا يُسمح للناس بالاستحمام أو تغيير ملابسهم، لا يتحركون أبعد من مترَين، محرومين من الكرامة".

بدون الحصول على ما يكفي من خدمات الصرف الصحي، أو الصابون، أو حتى الرعاية الصحية الأساسية، يكون الأشخاص المقيدون بالأغلال أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا. في الدول التي أدى فيها الوباء الناتج عن الفيروس إلى إعاقة خدمات الصحة النفسية، قد يكون الأشخاص ذوو حالات الصحة النفسية أكثر عرضة للتقييد بالسلاسل.

على الحكومات الوطنية التصرف بشكل عاجل لحظر التكبيل، ومكافحة الوصمة الاجتماعية، وتطوير خدمات مجتمعية عالية الجودة للصحة النفسية ، تكون متاحة وبتكاليف مادية معقولة. قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومات أن تأمر فورا بعمليات التفتيش والمراقبة المنتظمة للمؤسسات الحكومية والخاصة، وأن تتخذ الإجراءات المناسبة ضد المنشآت المنتهِكة.

قالت شارما: "من المرعب أن يعيش مئات آلاف الناس حول العالم بالأغلال، معزولين، ويتعرضون للانتهاكات، ووحيدين. على الحكومات التوقف عن دفن رأسها في الرمال حيال هذه المشكلة، واتخاذ إجراءات حقيقية الآن".

شهادات إضافية:

أنا مقيد بالسلاسل منذ خمس سنوات. السلسلة ثقيلة جدا. لا أشعر بالراحة. تجعلني حزينا. أبقى في غرفة صغيرة مع سبعة رجال. لا يُسمح لي سوى بارتداء الملابس، فقط الملابس الداخلية. آكل العصيدة في الصباح، وإذا كنت محظوظا، أجد الخبز في الليل، ولكن ليس كل ليلة.

- بول، رجل لديه حالة صحية نفسية في كيسومو، كينيا، فبراير/شباط 2020

 

يجب أن يتوقف تكبيل الأشخاص الذين لديهم حالات صحية عقلية. يجب أن يتوقف.

- تينا مينساه، نائبة وزير الصحة الغاني، أكرا، غانا، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2019

 

أشعر بالحزن وأنا محبوس في هذه الزنزانة. أريد أن أرى ما في الخارج، وأن أذهب إلى العمل، وأزرع الأرز في الحقول. أرجوكم افتحوا الباب. أرجوكم افتحوا الباب. لا تضعوا قفلا عليه.

 - مادي، رجل يعاني لديه إعاقة نفسية-اجتماعية محبوس في زنزانة مخصصة لهذا الغرض على أرض والده منذ عامين، بالي، إندونيسيا، نوفمبر/كانون الثاني 2019

 

كنت أخشى أن يهاجمني شخص ما ليلا، دون أن أستطيع الدفاع عن نفسي لأني مكبل.

- فيليبي، رجل لديه حالات ظروف صحية نفسية مكبل بقفل، عاريا في مستشفى للأمراض النفسية في بويبلا، المكسيك، 2018

 

أقضي حاجتي في أكياس بلاستيكية، ويزيلونها في الليل. استحممت آخر مرة منذ أيام. أنا آكل هنا مرة واحدة في اليوم. ليس لدي حرية المشي. في الليل أنام داخل المنزل. أعيش في مكان مختلف عن مكان الرجال. أنا أكره الأغلال.

- مودينات، امرأة لديها إعاقة نفسية-اجتماعية مقيدة بالسلاسل في كنيسة، أبيوكوتا، نيجيريا، سبتمبر/أيلول 2019

طوال طفولتي، كانت عمتي محبوسة في سقيفة خشبية ومُنعتُ من الاتصال بها. اعتقدتْ عائلتي أن حالتها الصحية النفسية ستوصم الأسرة بأكملها. أردت حقا مساعدة عمتي لكنني لم أستطع. كان ذلك مفجعا.

- ينغ (اسم مستعار)، امرأة شابة نشأت في مقاطعة غونغدونغ، الصين، نوفمبر/تشرين الثاني 2019

 

الناس في الحي يقولون إنني مجنونة [مالوكا أو نلهانيي]. نقلوني إلى مركز علاج تقليدي حيث جرحوا معصميّ لإدخال الدواء، وإلى مكان آخر حيث أجبرتني معالجة مشعوذة على الاستحمام بدماء الدجاج.

-فييرا، )42 عاما( امرأة لديها إعاقة نفسية-اجتماعية، مابوتو، موزمبيق، نوفمبر/تشرين الثاني 2019

 

من المفجع أن اثنين من أبناء عمي الذين لديهم حالات صحية نفسية حُبسا معا في غرفة لسنوات عديدة. بذلت عمتي قصارى جهدها لدعمهما لكنها تواجه صعوبات بوجه وصمة العار ونقص خدمات الصحة النفسية في عُمان. حان الوقت لتتحرّك الحكومات كيلا تُترك العائلات للتعامل مع الأمر بمفردها.

- رضا، شخص لديه أقارب مكبّلون في عُمان، سبتمبر/أيلول 2020

 

قُيدتُ بالسلاسل وضُربتُ وأعطيتُ بخور الشيطان. يشعرون أنك ممسوس ويضعون السائل في أنفك لطرد الشيطان.

- بنيامين )40 عاما(، مدافع عن حقوق الصحة النفسية، كُبّل بالسلاسل في كنيسة في مونتيسيرّادو، ليبيريا، فبراير/شباط 2020

 

تربطهم العائلات [الأشخاص الذين لديهم حالات متعلقة بالصحة العقلية] بانتظام. يمكننا معرفة ذلك من خلال العلامات على أجسادهم. لديهم ندوب.

- مسؤول مكسيكي من "النيابة العامة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة"

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة