الصفحة الرئيسية / Go to Arabic Home Page    منظمة مراقبة حقوق الإنسان -الشرق الأوسط وشمال أفريقيا/    Human Rights Watch - Mideast and North Africa التقرير السنوي لعام 2000
يتناول الفترة من نوفمبر 98حتى أكتوبر99
إيران
دور المجتمع الدولي المدافعون عن حقوق الإنسان التطورات في مجال حقوق الإنسان

إصدارات أخري
التقرير السنوي لعام 1999
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
صفحة إيران
Human Rights Watch

مواقع أخرى ذات صلة
تقرير منظمة العفو الدولية 99
شبكة مؤسسات حقوق الإنسان

Iran News

التطورات في مجال حقوق الإنسان
ظل التقدم المنشود في مجال حقوق الإنسان أسيراً لتفاقم استقطاب الصراع داخل قيادة جمهورية إيران الإسلامية. وأدى هذا الصراع إلى نشوب أعمال عنف سياسي تهدد بتبدد الأمل في تحقيق الإصلاحات التي وعد بها الرئيس خاتمي منذ انتخابه عام 1997.
وكشفت سلسلة من الأحداث التي قُتِلَ أو "اختفى" فيها عدد من الكتّاب المستقلين ومن منتقدي الحكومة في أواخر عام 1998 عن تورط مسؤولين في الدولة في أعمال عنف غير قانونية لإخماد الأصوات المخالفة لها. وتحولت مظاهرات الطلاب ضد القيود المفروضة على حرية الصحافة إلى أيام من الاحتجاجات العنيفة التي سعت فيها الجماعات السياسية المتنافسة إلى تصفية خلافاتها في شوارع طهران والمدن الرئيسية.ووجهت الانتقادات إلى الإصلاحيين بأن مطالباتهم بالمزيد من الحرية والديمقراطية قد تسببت في شيوع الفوضى.
وفي بعض الحالات واجهت بعض الزعامات الجهود الإصلاحية بردود أفعال أدت إلى تدهور أوضاع حقوق الإنسان. ومن الأمثلة على ذلك أن الجهود المبذولة لتعزيز حرية الصحافة قد قوبلت بشن هجمات على الصحفيين ورؤساء التحرير، وإغلاق الجرائد والتقدم بمقترحات لإصدار قانون يُسهِّل تقديم الصحفيين إلى القضاء لتعبيرهم عن آرائهم الخالية من العنف، كما يضيّق من المجال المسموح به للمناقشة. بل إن الحوار الحيوي الذي دار حول كيفية الحكم في دولة إسلامية قد حفز العناصر المحافظة على إعلان وجوب اعتبار أصحاب التفسيرات الجديدة للإسلام من "المفسدين في الأرض"، ووجوب الحكم عليهم بالإعدام.

و يبدو أن الجهود المتواصلة التي تقوم بها حكومة الرئيس خاتمي لتطبيع العلاقات مع أوربا و بقية دول العالم قد استثارت خصوم هذا التطبيع فاتجهوا نحو اضطهاد الأقليات الدينية وقاموا بأعمال شغبٍ تستهدف إثارة الحنق الدولي و إحراج الحكومة .
وظلت المشاركة في العملية السياسية مقتصرةً على أنصار النظام الذي يقوده الملالي في إيران منذ ثورة 1979. و في فبراير (شباط) تغلب الإصلاحيون المرتبطون بالرئيس خاتمي على الجهود التي بذلها التقليديون لمنعهم من ترشيح أنفسهم في الانتخابات المباشرة للمجالس المحلية والإقليمية في إيران. وقد فاز الإصلاحيون في هذه الانتخابات.
Press mena algeria bahrain egypt iran iraq israel saudi sudan syria tunisia yemen introdution
وكانت الجريمة الوحشية التي قتل فيها السياسيان المخضرمان دارويش فروهر وزوجته بروانه فوروهار في منزلهما بطهران في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1998 جزءً من موجة أعمال قتل و "اختفاءات" بثت الخوف و عدم الاطمئنان في دوائر المثقفين، ولكنها أدت كذلك إلى استقالة وزير الاستخبارات، الذي تم تحميل عملائه مسؤولية تلك الأعمال، مما أسفر عن فضح جهاز حكومي فاسد يمارس القتل كسلاح سياسي. وكان من بين ضحايا القتل في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول عام 1998 الكاتبان محمد مختاري و محمد بوينده المعروفان بالدفاع عن حرية الرأي واللذان اعتقلا لفترة قصيرة في أكتوبر/تشرين الأول 1998. وفي سبتمبر/أيلول 1998 "اختفى" بيروز دواني الناشط سياسياً في إحدى المنظمات اليسارية المحظورة، و يعتقد أنه قتل بسبب آرائه السياسية.
ورغم أن قتل المنشقين السياسيين داخل البلاد وخارجها ليس شيئاً جديداً على إيران، فقد كان رد الفعل الشعبي على هذه الاغتيالات قوياً وعاجلاً. إذ سار آلاف المشيعين في جنازة زعيمي حزب الأمة الإيرانية داريوش وبروانه فروهر في طهران في 30 نوفمبر/تشرين الثاني. وأعلنت عدة دوائر حكومية بما فيها السلطة القضائية ومجلس الأمن القومي، الذي يرأسه الرئيس خاتمي، أنه سوف تجري تحقيقات في مقتلهما، وأن قتلتهما سوف يقدمون إلى المحاكمة.
وعلى حين تحدثت السلطات القضائية عن "أيدٍ محلية وأخرى خارجية" وراء جريمة القتل، فإن تحقيقات مجلس الأمن القومي قد ألقت بالمسؤولية على بعض عملاء وزارة الاستخبارات، وتم وضع عدد منهم تحت التحفظ. وفي فبراير/ شباط استقال وزير الاستخبارات قربانعلي درِّي نجفا آبادي وعديد من كبار مساعديه بعدما اتضح مدى تورط وزارته في الجريمة. ورغم أن كبار المسؤولين قد وعدوا مراراً بإجراء محاكمة علنية للمشتبه فيهم، فإنه لم تبدأ أي محاكمة حتى نهاية العام.
غير أن الشكوك حول أصحاب المسؤولية الأساسية في حوادث القتل قد لعبت دوراً مباشراً في أشد حوادث العنف السياسي الدموية التي وقعت في غضون العام، وهي المظاهرات الاحتجاجية الطلابية التي قامت بقمعها قوات مشتركة رسمية وغير رسمية. وفي يونيو/حزيران قامت جريدة "سلام"، وهي من أكثر الجرائد الموالية للإصلاحيين شعبيةً، بنشر مذكرة داخلية قيل إن كاتبها هو سعيد إمامي، وهو موظف في وزارة الاستخبارات رهن الاعتقال. وفي المذكرة يضع إمامي سياسة للتحرش بالصحافة المستقلة وكتّابها من خلال إجراءات قانونية وغير قانونية متنوعة تشبه إلى حد ملحوظ ما تعرض له الصحفيون والصحافة بالفعل طوال العام.
وفي يوليو/ تموز أغلقت جريدة "سلام" ووجهت المحكمة الخاصة برجال الدين إلى صاحب الجريدة محمد موسوي خوئيني ها تهمة نشر معلومات زائفة. وقد أثار إغلاق الجريدة احتجاجات طلابية سلمية في جامعة طهران في 8 يوليو/تموز. وفي الساعات الأولى من صباح التاسع من يوليو/تموز اقتحم أعضاء إحدى الميليشيات الذين كانوا يرتدون زياً خاصاً غير مميز مساكن طلاب الجامعة أثناء نومهم وهاجموهم، وقاموا بإلقاء بعض الطلاب من النوافذ كما اقتادوا البعض الآخر معهم. وقامت هذه العناصر بتفتيش المساكن الطلابية وحطمت ما كان فيها من أثاث وأجهزة. وحسب رواية الشهود، فإن أربعة طلاب على الأقل قد قُتِلوا في الهجوم الذي وقع على هذه المساكن، كما جرح ثلاثمائة واعتقل أربعمائة.
وفي اليوم التالي خرج الطلاب إلى الشوارع للاحتجاج على الاعتداء على مساكنهم، والمطالبة بإجراء تحقيق وبالإفراج عن زملائهم المعتقلين. ولكن أعضاء جماعة "أنصار حزب الله" المرتبطة بالزعماء المحافظين داخل الحكومة قاموا بفض المظاهرة الطلابية مستخدمين الهروات والجنازير في حين تراوح موقف قوات الأمن بين المشاركة في العدوان على الطلاب أو الوقوف منه موقف المتفرج.
بيد أن مظاهرات الطلاب استمرت في طهران في العاشر من يوليو/تموز، كما امتدت إلى مدن أخرى وصاحبتها مطالبات بإقالة هدايت لطفيان رئيس الشرطة في طهران، وتقديم المسؤولين عن الغارة على المساكن الجامعية إلى المحاكمة. وقد عم المجتمع الإيراني الغضب من العدوان الليلي على مساكن الطلاب. وأدان كل من الرئيس محمد خاتمي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي هذه الغارة، وقال وزير الداخلية عبد الله موسوي-لاري إنها وقعت دون أي ترخيص من الوزارة.
وقد قارن المعلقون بين المظاهرات الجماهيرية في عامي 1978 و1979 التي سبقت الإطاحة بشاه إيران ومظاهرات الطلاب هذه التي كانت أيضاً متنفساً للتعبير الشعبي عن السخط على سياسات الحكومة في عديد من المجالات، بما فيها الوضع الاقتصادي السيئ و قلة فرص العمل المتاحة لخريجي الجامعات والقيود المفروضة على الحريات الأساسية وبطء سير الإجراءات الإصلاحية. لكن هذا الشعور الشعبي تغير بشكل حاد عندما تحولت المظاهرات إلى أعمال سلب ونهب وتخريب في يومي 12 و13 . وتحركت القيادة تحركاً سريعاً بتنسيق بين الرئيس خاتمي وآية الله خامنئي وقررت حظر أي مظاهرات جديدة وألقت القبض على مئات من قادة التنظيمات المزعومين. وتبرأت الحركة الطلابية مما قام به الناهبون والخارجون على القانون، وميّزت بين المظاهرات السلمية في الأيام الثلاثة من 9 إلى 11 والقلاقل التي حدثت في اليومين التاليين.
ووجهت أصابع الاتهام إلى قوى معادية قيل إنها تحظى بدعم أجنبي، وأشار بعض الزعماء المحافظين إلى أن التأييد الشعبي لبرنامج الإصلاح قد بث الفوضى وأضعف الأمة فأطمع فيها الأعداء. وفي الأسابيع التالية نشرت الصحف المحافظة بيانات من زعماء الحرس الثوري تطالب بإنهاء "التجارب الخطرة" التي يجريها الرئيس خاتمي "على الديمقراطية".
وقد تمكن الرئيس خاتمي من تجاوز هذه الأحداث التي مثلت أخطر تحد لزعامته حتى الآن، مؤكداً التزامه بسيادة القانون. وألقيت المسؤولية على كبار رجال الشرطة في طهران لسماحهم بوقوع الغارة الليلية على مساكن الطلاب بالجامعة، ولو أنه تمت تبرئة هدايت لطفيان رئيس شرطة طهران من أي مسؤولية. وفي منتصف أغسطس/آب أصدر مجلس الأمن القومي تقريراً شديد اللهجة ينتقد الشرطة وجماعات الميليشيا المحافظة. كما صرح الرئيس خاتمي في 12 أغسطس/آب أن "بعض ضباط الشرطة الذين تجاوزوا صلاحيات سلطاتهم وبعض الأفراد من غير العسكريين" هم المسؤولون عن الهجوم الليلي على مساكن الطلاب. غير أنه لم تعقب ذلك أي إجراءات جنائية علنية، مما أبقى حالة الغموض بشأن الجهات التي أمرت بالهجوم والقوات التي نفذته. وأكد شهود العيان أن أفراد القوة الأساسية المشتركة في ذلك الهجوم العنيف لم يكونوا من "أنصار حزب الله" وإنما كانوا أفراد قوة أكثر انضباطاً وأفضل تسليحاً، ويرتدون زياً رسمياً. وقد وصلوا إلى المكان في عرباتهم الخاصة ودخلوا الحي الجامعي بمساعدة ضباط الشرطة ثم اختفوا بعد ساعات قليلة عند طلوع الفجر. واكتنف الغموض كذلك المسؤولين عن حوادث النهب وتدمير الممتلكات يومي الثاني عشر والثالث عشر، مع تردد تكهنات بأن أعمال العنف التي جرت في الشوارع قد بدأت على أيدي عناصر مثيرة للشغب بدعم من الدولة للتشهير بحركة الاحتجاج الطلابية وإثارة الكراهية ضدها.
وفي أعقاب الاضطرابات ظل مئات الطلاب قيد الاعتقال أو في عداد المفقودين. وصرح رئيس محكمة طهران الثورية في 11 سبتمبر/أيلول أن أربعة أشخاص، لم يَذكُر أسماءهم، قد حكم عليهم بالإعدام لعلاقتهم بالمظاهرات المطالبة بالديمقراطية. وقد صدرت الأحكام بعد جلسات سرية عقدتها المحكمة الثورية التي لا تفي إجراءاتها بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة. وأجرت جريدة الجمهورية الإسلامية اليومية المحافظة مقابلة مع حجة الإسلام غلام حسين رهبربور قال فيها إن المحكمة العليا قد أقرت حكمين بالإعدام ومن المحتمل أن تصدر أحكاماً أخرى بإعدام عدد من بين " الألف شخص الذين ألقي القبض عليهم" أثناء المظاهرات. واستمر الصراع بين المحافظين والصحافة المستقلة في التمخض عن مزيد من القيود على حرية التعبير، بما في ذلك إغلاق الصحف وتقديم كتابها ورؤساء تحريرها وأصحابها إلى المحاكمة. فقد أمرت محكمة الصحافة بإغلاق بعض الجرائد المستقلة مثل: " راه نو" (الطريق الجديد) و"جامعه سليم" (المجتمع السليم) و"إيران فردا" (إيران الغد) والمجلة الثقافية الشهرية "أدنيه" (الجمعة). إلا أن معظم هذه الصحف قد استمرت في الصدور رغم أوامر الإغلاق، وذلك على أساس أنها لم تستلم أوامر الإغلاق الرسمية. وفي حالة "جامعة سليم" و"أدنيه"، فإن هيئة المحلفين أدانتهما بانتهاك قانون الصحافة و أوصت بتوقيع أقل العقوبات مع عدم إغلاق المطبوعتين، لكن القاضي أهمل توصيات المحلفين وقرر إغلاقهما.
وبعد صدور القرار في قضية "أدنيه" أعرب المحلفون عن احتجاجهم عليه وذلك بالامتناع عن حضور الجلسة التي أعقبته والتي كانت مخصصة لنظر القضية المرفوعة ضد جريدة "كيهان" (المجرَّة)، مما جعل القاضي يقرر استبعاد المحلفين الخمسة الغائبين. ولعجز القاضي عن الاستمرار في نظر القضية بعد استبعادهم، فقد طلب من المتهمين دفع كفالات مالية كبيرة قبل أن يطلق سراحهم. وفي مايو/أيار ويونيو/حزيران ألقي القبض على اثنين من المؤيدين البارزين للرئيس خاتمي، وهما: فريدون وردينجاد مدير وكالة الأنباء الرسمية لجمهورية إيران الإسلامية (إيرنا) ومحمد رضا زهدي صاحب جريدة "أريا" اليومية، ثم أفرج عنهما بعد أن دفع فريدون وردينجاد كفالة قدرها خمسون ألف دولار بينما دفع محمد زهدي ثلاثين ألف دولار. وفي أغسطس/آب 1999 قررت محكمة التأديب العليا أن القاضي سعيد مرتضوي قد تجاوز صلاحيات سلطته عندما استبعد المحلفين، لكن المحكمة لم توص بإنزال أي عقوبة ضده، فظل القاضي المذكور في منصبه. وفي سبتمبر/أيلول أمرت محكمة الصحافة بإغلاق صحيفة "نشاط" (سعادة)، وفي محاكمة لاحقة حكم على صاحبها لطيف سفري بالسجن لمدة ثلاثين شهراً مع إيقاف التنفيذ ومنعه من مزاولة المهنة لمدة خمس سنوات.

وكان دور المحلفين في محاكم الصحافة من الأمور العديدة المثيرة للنزاع في قانون تنظيم الصحافة. ومن الأمور الأخرى استخدام محاكم غير محاكم الصحافة لمعاقبة الكتاب على آرائهم التي عبروا عنها في وسائل الإعلام. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1998 ذكرت صحيفة "همشهري" أن مركز البحوث البرلمانية يعد مسودة قانون يجيز محاكمة الكتاب والمحررين وأصحاب الصحف أمام غير محاكم الصحافة إذا تضمنت مقالاتهم هجوماً على أحد. وفي 4 مارس/آذار أصدرت المحكمة الخاصة برجال الدين حكماً بمقاضاة أي جريدة تنشر مجرد اسم آية الله حسين منتظري الذي كان في وقت ما الرجل المختار ليخلف آية الله خميني في زعامة الشعب الإيراني، لكنه أخذ يوجه انتقادات متواصلة لنظرية ولاية الفقيه التي يستمد منها قائد الجمهورية الإسلامية سلطته. ومنذ أن عزل آية الله خميني خليفته المرتقب آية الله منتظري من منصبه في 1988 وهو يتعرض وأقرباؤه وأتباعه للاضطهاد. وفي فبراير/شباط اعتقل محسن كديوار وحوكم أمام المحكمة الخاصة برجال الدين بناء على كتاباته الصحفية.
وفي مارس/آذار أصدرت المحكمة الثورية الإسلامية أمراً بإغلاق مجلة "زان" (المرأة) لنشرها جزءً من تهنئة بالعام الجديد وجهتها إلى الشعب الإيراني إمبراطورة إيران السابقة فرح ديبا التي تعيش حالياً في المنفى؛ وكذلك لنشر المجلة رسما ساخرا اعتبرته المحكمة تشويهاً لمبدأ "الدية" الذي نصت عليه الشريعة الإسلامية. وقد نشرت مجلات أخرى تهنئة فرح ديبا كاملة، لكن لم يصب أياً منها شيء من جراء ذلك.
وفي يونيو/حزيران أمرت إحدى المحاكم الثورية بإغلاق جريدة " هويت خويش" ( الهوية الذاتية) الطلابية التي تصدر كل أسبوعين، واعتقل كل من محررها حشمت الله طبرزادي ومديرها حسين كاشاني بعد أن وجهت إليهما تهمة "نشر دعايات مضادة للإسلام". وقد أطلق سراح حسين كاشاني في يونيو/حزيران لكن طبرزادي ظل معتقلاً. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1998 أطلق سراح محسن سعيدزاده الذي كان معتقلاً بناءً على أمر من محكمة خاصة برجال الدين في يونيو/حزيران 1998 لكتاباته عن حقوق النساء والقوانين الإسلامية للأحوال الشخصية.
وفي مواجهة حملة لا تهدأ شنها المحافظون على حرية الصحافة، استقال أحمد برقاني نائب وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي من منصبه في يناير/كانون الثاني. كما تعرض وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي عطاء الله مهاجراني لاقتراع بسحب الثقة ولكنه نجا منه، حيث حصل على 135 صوتاً في مقابل 121 صوتاً. وبرغم ذلك فإن الضغط لايزال مستمراً على مهاجراني وغيره ممن ارتبطت أسماؤهم بإعطاء الصحافة مزيداً من الحرية. وفي مايو/أيار وجهت الاتهامات إلى عيسى سخرخيز أحد كبار المسؤولين في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي. وكان يواجه عقوبة قد تصل إلى السجن ثلاث سنوات بعد منحه تصريحاً لجريدة "زان" بإصدار عدد خاص بمناسبة معرض طهران الدولي للكتاب بينما كانت الجريدة معطلة بأمر من المحكمة. وقد بدأت محاكمته في 31 مايو/أيار أمام محكمة خاصة بموظفي الدولة، و لا تزال المحاكمة مستمرة حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
وبالإضافة إلى الجهود الرامية إلى تكميم أفواه الصحافة عن طريق التعطيل ومقاضاة الصحفيين والناشرين واستفزازهم، قدم النواب المحافظون إلى المجلس تعديلات لإدخالها على قانون الصحافة، وقد تمت الموافقة الأولية عليها في 7 يوليو/تموز بأغلبية 125 صوتاً مقابل 90 صوتاً معارضاً وامتناع 55 نائباً عن التصويت. وتسعى التعديلات المقترحة إلى تغيير تشكيل عضوية كل من مجلس الإشراف على الصحافة الذي يتكون حالياً من خمسة أعضاء وهيئة اختيار محلفي الصحافة المكونة من ثلاثة أعضاء، وذلك بإضافة أعضاء ممثلين عن منظمة الدعوة الإسلامية وآخرين عن مجلس خطباء الجمعة. وسوف تعطي التعديلات صلاحيات للمحاكم الثورية لمقاضاة الكتاب والصحفيين الذين يتخطون حدود النقد المسموح.
وقد استنكر الإصلاحيون هذه التعديلات ومن بينهم وزير الثقافة مهاجراني الذي أبلغ البرلمان أثناء مناقشة التعديلات أن "علينا أن نشرع القوانين التي تتماشى مع الحرية، لا أن نجعل الحرية تتماشى مع قوانينا". وفي سبتمبر/أيلول وجَّه سيد محمود هاشمي شهرودي، الذي حل في أغسطس/آب محل الزعيم المحافظ آية الله محمد يزدي في رئاسة مجلس القضاء، انتقاداً إلى التعديلات المقترح إدخالها على قانون الصحافة وذكر أن هيئة قضائية هي اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان سوف تتقدم بمشروع تعديلات تقترحها اللجنة. غير أن آية الله خامنئي قد واصل بنفسه الهجوم على الصحف المستقلة التي اتهمها " بإيجاد قلق وجداني" بوضعها أوامر الإسلام موضع السؤال. وواصل المحافظون هجومهم على الصحف التي انتقدت تطبيق عقوبة الإعدام وأعلنوا أن مثل هذه التعليقات ردة عن الدين و" مضادة للإسلام".
ولم تكن حرية الصحافة هي المجال الوحيد الذي عانى بسبب الصراع المستمر بين الإصلاحيين والمتشددين داخل الحكومة. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1998 اقتحمت الشرطة أكثر من خمسمائة منزل وكذلك المكاتب التي يستخدمها المعهد البهائي للتعليم العالي، الذي كانت السلطات تتسامح معه فيما مضى والذي يوفر فرصاً تعليمية للبهائيين الممنوعين من الالتحاق بالجامعات والكليات العادية. وتم اعتقال خمسة وثلاثين من أعضاء هيئة التدريس بالمعهد وقضت إحدى المحاكم الثورية على أربعة منهم بالسجن لفترات تتراوح بين ثلاث سنوات وعشر سنوات بتهمة الإخلال بالأمن القومي، وبذلك ارتفع عدد البهائيين المسجونين بسبب معتقداتهم إلى سبعة عشر سجيناً عند نهاية العام. وقد حكم بالسجن على سينا حكيميان لعشرة أعوام و على كل من فرزاد خوجه شريف أبادي وحبيب الله فردوسيان نجف أبادي لسبعة أعوام وعلى ضياء الله مير زمانبور لثلاثة أعوام. وفي يونيو/حزيران أعلنت الحكومة نبأ القبض على ثلاثة عشر من أعضاء الجالية اليهودية بتهمة التجسس لصالح إسرائيل. ولم تكشف الحكومة عن أي أدلة استندت إليها في اعتقالهم الذي تم في فبراير/شباط ومارس/آذار، وأبقتهم في الحبس العزلي (الانفرادي) عدة شهور. ويبدو أن هذه الاعتقالات استهدفت إحراج الرئيس خاتمي في محاولاته لتطبيع العلاقات مع الغرب. وبعد إعلان أنباء الاعتقال صرح الرئيس بأن الحاجة ماسة إلى احترام حقوق الأقليات الدينية في إيران، لكن بعض الشخصيات البارزة الأخرى في الحكومة أعلنت أن اليهود الثلاثة عشر مذنبون من قبل أن تجري محاكمتهم. واستمر الجدل حول سجن محافظ طهران السابق غلام حسين كارباشي، الذي يعتبر ضحية الصراع بين مجموعتي الإصلاحيين والمحافظين. وفي مايو/أيار بدأت محاكمة أحد عشر ضابط شرطة بتهمة تعذيب اثنين من محافظي الأقاليم وبعض كبار المسؤولين في المجالس البلدية وذلك في محاولة لجمع الأدلة التي تستخدم ضد محافظ طهران السابق. وكانت هذه أول مرة يتم فيها توجيه اتهام لضابط شرطة بارتكاب جريمة تعذيب، رغم وجود أنباء موثوقة عن استمرار استخدام التعذيب على نطاق واسع. إن إجراء أول انتخابات لمجالس القرى والمدن في فبراير/شباط يمثل إنجازاً كبيراً في مجال مشاركة الإيرانيين في الشؤون العامة على المستوى المحلي. وحتى اللحظة الأخيرة لم يتضح إذا كان المرشحون المرتبطون بالسياسات الإصلاحية سوف يسمح لهم بالنزول أمام المرشحين الذين اختارهم مجلس الإشراف المعين من قبل البرلمان والذي يسيطر عليه المحافظون
. وكان مجلس الإشراف قد استبعد أسماء عدة مرشحين بارزين مثل وزير الداخلية المعزول عبد الله نوري وذلك لما أسماه المجلس " نقص الإيمان في نظام رجال الدين"، ولكن لجنة التحكيم التي أنشأها الرئيس خاتمي للنظر في استئناف المرشحين المستبعدين ضد قرارات مجلس الإشراف ألغت استبعادهم. وفي خاتمة المطاف فاز المرشحون الإصلاحيون في الانتخابات. ومازال الجدال مستمراً حول كيفية اختيار المرشحين للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في فبراير/شباط 2000. وفي أغسطس/آب وافق البرلمان على صيغة معدلة من طريقة فرز المرشحين ويقضي هذا التعديل بأن يشرح المجلس الإشرافي للمرشحين المستبعدين أسباب استبعادهم كتابةً. ولم يكن المجلس يعطي هذه الأسباب في الماضي كما كان يستبعد نسبة كبيرة من المرشحين المتوقع نجاحهم. إلا أن مجلس الأوصياء نقض التعديل المقترح إدخاله على طريقة الفرز. وظلت الأحزاب السياسة المعارضة، مثل حركة حرية إيران، ممنوعة من تقديم مرشحيها أو تنظيمهم في الانتخابات.

عن مراقبة حقوق الإنسان

الصفحة التالية
next اكتب لنا بالعربية أو الإنجليزية
mena@hrw.org
الصفحة السابقة
back

الصفحة الرئيسية