الجزائر


الجزائر
  
الجـــــزائر
"لا بين الأحياء ولا بين الأموات"
حالات "الاختفاء" التي تُنفَّذ برضا السلطات في الجزائر



  • ملخص
  • التوصيات
  • مقدمة
  • الاطار القانوني
  • بعض حالات الاختفاء
  • بعض حالات الاختفاء المؤقتة والاعتقالات السرية
  • دراسة لبعض حالات "الاختفاء" المؤقتة والاعتقالات السرية



    مسعود أوزيالا: طبيب متخصص في زراعة الكلى، وقد اعتقلته قوات الأمن ضاربةً عرض الحائط بالقوانين الخاصة بالقبض على الأشخاص واحتجازهم. إذ "اختفى" الدكتور أوزيالا يوم 8 يوليو/تموز 1997 في نحو الخامسة والنصف صباحاً بعد أن غادر مقر عمله في مستشفى مصطفى بالجزائر العاصمة، وفقاً للبيان الذي أصدرته منظمة العفو الدولية والمناشدات العامة التي قُدِّمت إلى السلطات للحصول على معلومات عنه. وقد تقدم بهذه المناشدات اتحاد أطباء الكُلى الجزائريين وجمعية "إسبوار" وهي جمعية تضم مرضى الفشل الكلوي الذين يجرون غسيل الدم، والمرضى الذين أجريت لهم عمليات زراعة الكلى. ولم تستطع أسرته الحصول على أي معلومات عنه أو التأكد من هوية مختطفيه. ولم يتوافر أي دليل رسمي على أنه قبض عليه إلا بعد إخلاء سبيله؛ إذ كتب "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" إلى منظمة العفو الدولية رسالة يبلغها فيها بأن الدكتور أوزيالا قبض عليه يوم 8 يوليو/تموز وأُطلق سراحه يوم 22 يوليو/تموز؛ ولم تتضمن الرسالة أي معلومات أخرى، ولم تتعرض لما أكدته منظمة العفو الدولية من أن أسرة الدكتور أوزيالا عجزت عن الحصول على أي معلومات عن مكان وجوده رغم الاستفسارات المتكررة من المسؤولين.
    وقد وقعت حادثة اعتقال تشبه الاختطاف يوم 31 يوليو/تموز 1996 عندما استوقف أربعة رجال مسلحين يرتدون الملابس المدنية رشيد ميسلي، وهو محام ومناضل في سبيل حقوق الإنسان، في منطقة رويبة خارج الجزائر العاصمة ثم مضوا به في سيارة. ولم تجب السلطات مطلقاً على أي من الأسئلة التي وجهها إليهم أفراد الأسرة والمحامون والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان بشأن مكان وجوده. وفي 7 أغسطس/آب قام نحو عشرين رجلاً من رجال الشرطة الذين يرتدون الزي الرسمي بتفتيش منزله ومكتبه وقالوا لأسرته إنه محتجز لدى الشرطة. وقد أُحضر آخر الأمر للمثول أمام قاضي التحقيق يوم 10 أغسطس/آب، ووجهت إليه تهمة التواطؤ مع جماعة مسلحة، ثم نقل إلى سجن الحراش في الجزائر العاصمة. وبعد يوم واحد أكد "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" لمنظمة العفو الدولية أن السيد ميسلى كان معتقلاً بموجب إذن قضائي قبل ظهوره، ولكنه لم يوضح سبب رفض قوات الأمن الإقرار باعتقاله. وقال المحامون الذين شاهدوا ميسلي عندما مثل في المحكمة لأول مرة إنهم لاحظوا وجود كدمات على عينه اليمنى وعلى يده، وكانت حالته الصحية، فيما يبدو، سيئة. وبعد إدانته والحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، كتبت مراقبة حقوق الإنسان خطاباً إلى السيد آدمي وزير العدل في 7 يوليو/تموز 1997، تحتج فيه على المحاكمة الجائرة للسيد ميسلي ولكنها لم تتلق رداً على الخطاب. وقال السيد رزاق باره لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إن أحد خبراء الطب الشرعي فحص السيد ميسلي في أغسطس/آب 1996 وانتهى إلى أنه تعرض لجرح طفيف في حاجب عينه اليمنى، ولكنه لم يتعرض للتعذيب.

    عمّار غزول:

    شاب في الحادية والثلاثين، وهو مهندس زراعي عاطل، قُبض عليه فيما يبدو في مايو/أيار 1997، على أيدي قوات الشرطة. وقال أفراد الأسرة إن رجال الشرطة اقتحموا المنزل في الساعات الأولى من يوم 4 مايو/أيار، ولما لم يجدوا غزول اقتادوا أمه بدلاً منه، قائلين إنها مطلوبة للتحقيق معها؛ وأُطلق سراحها في اليوم التالي. وفي يوم 6 مايو/أيار لمحه أخوه وبعض الجيران في إحدى سيارات الشرطة؛ وظهر اسمه بعد ذلك في قائمة الفارين المطلوب القبض عليهم، وقد وجِّهت إلى عمار غزول تهمة جنائية، وهي إحداث أضرار بالممتلكات الحكومية. وعندما أوضح محامي الأسرة لقاضي محكمة الجنايات بالجزائر العاصمة وللنيابة العامة أن عماراً محتجز فعلاً، فيما يبدو، قامت السلطات بإحضاره إلى المحكمة حيث أمر قاضي التحقيق بإيداعه سجن سركاجي في الجزائر العاصمة. وكان السيد غزول لا يزال عاجزاً عن الاتصال بأسرته، ولم يعلم أفراد الأسرة بمكان وجوده إلا عن طريق الأصدقاء الذين قاموا بزيارة النزلاء الآخرين في سجن سركاجي.
    وقد تأكدت أسرته من وجوده في سجن سركاجي وتمكنت من زيارته عدة مرات حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني. محمد حامدي: مفتش ضرائب في الثالثة والثلاثين من عمره من بلدة بن عكنون. وقد قُبض عليه في 13 يوليو/تموز 1997، في الخامسة صباحاً، وكان الذين قبضوا عليه من رجال قوات الأمن، ومن بينهم بعض الذين قبضوا على أخيه محمد الهادي (انظر ما تقدم). وكتبت أسرته خطابات تستفسر فيها عنه إلى النيابة العامة، و"المرصد الوطني لحقوق الإنسان"، وإلى المسؤولين الآخرين، ولكنها لم تتلق أي رد. واتضح بعد أكثر من شهر كامل أنه معتقل في سجن سركاجي، بناءً على ما ذكره المعتقلون الآخرون الذين طلبوا من زوارهم إبلاغ أسرته بذلك؛ ومن ثَم حصلت أسرته على الإذن بزيارته.
    وقد ذكر السيد رزاق باره أنه لم يكن يعلم أن السيد حامدي قد عُثر عليه في سجن سركاجي، وأخبر منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أنه سوف يستفسر من وزارة العدل عن موضوع اعتقاله، مضيفاً أنه إذا صحّ ما تردد من أنه اعتُقل سراً، فيجب على محاميه أن يتقدم بشكوى رسمية ضد الاعتقال غير القانوني. وقالت أسرة محمد حامدي عند الاتصال بها تليفونياً في نوفمبر/تشرين الثاني إنها قد وكلت عنه محامياً ورأته ثلاث مرات.

    نور الدين ميهوبي:

    من أهالي ضاحية الحراش بالجزائر العاصمة، وقد قُبض عليه في فبراير/شباط 1992 أثناء قيامه بزيارة أخ له في بلدة بوسعدة جنوبيّ الجزائر. وقد احتُجز في مخفر الشرطة بالبلدة 15 يوماً، تمكنت خلالها أسرته من زيارته وإحضار الطعام والأدوية له. ثم قيل لأسرته إنه نقل إلى الجزائر العاصمة، ولم تحصل الأسرة على أي معلومات سوى ذلك. وبعد شهر سمعت الأسرة من معتقل أُطلق سراحه لتوه أنه قد شاهد ميهوبي في مبنى الأمن العسكري في شاتونوف وأن حالته الصحية سيئة. وفي 12 مايو/أيار 1996 أخبر "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" أسرته أن أمراً بالقبض عليه قد صدر في 31 مارس/آذار 1993. وفي يوليو/تموز 1996 حصلت الأسرة على تقرير من الشرطة صدر في الشهر نفسه يقول إن قوات الأمن قبضت على ميهوبي وإنه نقل إلى الجزائر العاصمة في 7 فبراير/شباط 1993؛ ولم يكن بالتقرير أي معلومات أخرى. وفي أوائل أغسطس/آب 1997 قال سجين أُفرج عنه لتوه، بعد قضاء مدة العقوبة البالغة ثلاث سنوات، لأسرة ميهوبي إنه معتقل في السجن الحربي بالبليدة، وأنه سوف يقدم للمحاكمة أمام محكمة عسكرية في سبتمبر/أيلول. وقال إن ميهوبي طلب توكيل محامٍ للدفاع عنه في محاكمته المقبلة، وكانت أسرته تستعد للحصول على إذن رسمي بزيارته وتوكيل محامٍ عنه. وقال السيد رزاق باره لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إن ميهوبي لا يزال من المطلوب القبض عليهم رسمياً بموجب أمر صدر بالقبض عليه عام 1993. وقال إنه يعلم بالتطورات الخاصة بالقبض عليه والتي أبلغته الأسرة بها، ولكنه لا يستطيع تأكيد صحتها رسمياً. وفي الاتصال الهاتفي الذي أجري يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني مع محامي الأسرة السيد محمد طاهري، قال المحامي إن السجين المفرج عنه قدم المعلومات الخاصة بميهوبي إلى أسرته، وهي تؤكد أن السجين قد شاهد ميهوبي، ولكن الأسرة لم تستطع تحديد مكان وجوده حتى نوفمبر/تشرين الثاني، بعد الاستفسار عنه في سجن البليدة وفي المحاكم المدنية والعسكرية بالمنطقة.
    على بلحاج: أحد زعيمي "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، وما يزال رهن الاعتقال السري بمعزل عن العالم الخارجي، منذ نقله من مكان حبسه السابق، وكان ذلك في آخر عام 1994، على ما يبدو. وكان يقضي مدة العقوبة المحكوم بها عليه، بعد محاكمته والحكم عليه في يوليو/تموز 1992 بالسجن 12 سنة بتهمة التآمر ضد سلطة الدولة، والإضرار بالاقتصاد، وتوزيع منشورات تدعو إلى الفتنة. وقد أصبح يواجه تهماً جديدة منذ نقله إلى الاعتقال السري في آخر 1994، وذلك بعد ما زُعم عن اكتشاف خطاب في حوزة أحد الإسلاميين المسلحين يدمغ بلحاج بالتورط في جريمة الحض على استعمال العنف. وقد كتب محامو بلحاج إلى السلطات يطالبون بحقهم الذي يخوله لهم القانون الجزائري بمقابلة موكلهم، ويقولون إنه يوجد في مكان مجهول. كما كتبت أسرته إلى "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" وغيره من الجهات الرسمية تطلب الحق في زيارته.
    وقال السيد رزاق باره إن المرصد الوطني يعتبر أن قضية بلحاج تتعلق بحق المعتقل في أن يزوره أهله، وإن المرصد الوطني قد طلب من السلطات أن تسمح للسيد بلحاج بممارسة حقه في استقبال أفراد أسرته؛ وأضاف أنه لم يتلق أي رد على ذلك.