الجزائر


الجزائر
  
الجـــــزائر
"لا بين الأحياء ولا بين الأموات"
حالات "الاختفاء" التي تُنفَّذ برضا السلطات في الجزائر



  • ملخص
  • التوصيات
  • مقدمة
  • الاطار القانوني
  • بعض حالات الاختفاء
  • بعض حالات الاختفاء المؤقتة والاعتقالات السرية
  • دراسة لبعض حالات "الاختفاء"

    لا تمثل الحالات المعروضة فيما يلي إلا عدداً قليلاً من بين مئات الحالات التي علم بها المحامون العاملون في مجال حقوق الإنسان في الجزائر، والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان. وتتضمن المعلومات التي نقدمها هنا: أولاً، المعلومات التي جمعتها منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أثناء بعثتها في الجزائر وبعدها، وهي المعلومات التي رفعتها المنظمة إلى السلطات لإبداء تعليقاتها عليها (انظر الملحق أ)؛ وثانيا، الرد الذي قدمه السيد رزّاق باره، رئيس "المرصد الوطني لحقوق الإنسان"، أثناء الاجتماع الذي عُقد معه يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول في واشنطن، وهو الرد الوحيد الصادر عن جهة رسمية بشأن الحالات التي أثارتها منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"؛ وثالثاً، أي معلومات إضافية جمعتها منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بشأن تلك الحالات، بعد رفع نتائج تحقيقها إلى السلطات. ولم يعد أي شخص إلى الظهور في أي من تلك الحالات، في حدود ما تعلمه المنظمة.
    وقد صرح السيد رزّاق باره أثناء لقائه بمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بأن "المرصد الوطني لحقوق الإنسان"، وهو هيئة عمرها خمس سنوات، أنشأها مكتب رئيس الجمهورية وترفع تقاريرها إليه، يُعتبر بمثابة حلقة وصل بين أصحاب المظالم الذين يخاطبون المرصد الوطني وبين السلطات المختصة؛ ولكنه لا يقوم بأي تحقيقات خاصة من جانبه في تلك الحالات. ويمكن تقسيم الردود التي قدمها المرصد الوطني بشأن الأشخاص الذين اختفوا إلى ثلاث فئات أساسية:
    * إما أن المرصد الوطني لا يدري شيئاً عن الحالة، ربما لأن الأسرة لم تبلغه بها؛
    * وإما أنه قدم طلباً كتابياً للتحقيق فيها إلى السلطات، ولكنه لم يتلق أي رد؛
    * وأما أنه تلقى رداً، وهو في الغالب ينفي أن الشخص المعني موجود رسمياً في الحجز.
    والإجراءات التي يتبعها المرصد الوطني إزاء أي شكوى يتلقاها بشأن شخص مفقود هي كتابة خطابين إلى هيئتين من هيئات قوات الأمن تمثلان جميع الهيئات التي تتمتع بالسلطة القانونية لاعتقال الأشخاص، وأولاهما هي الإدارة العامة للأمن الوطني، والثانية هي الدرك الوطني. أما الأولى فهي هيئة من هيئات وزارة الداخلية تتولى الإشراف على قوات الشرطة في الجزائر. وأما الثانية فهي فرع من فروع الجيش؛وقد ذكر السيد رزّاق باره أنه من المفترض أن الدرك الوطني يتكلم بلسان جميع فروع الجيش عندما يرد على خطابات المرصد الوطني. وطبقاً لمنهج العمل الذي يتبعه المرصد، فإنه إذا أنكرت كلتا الهيئتين أن الشخص المعني موجود في الحجز لدى السلطات، ففي هذه الحالة وحدها يمكنه تفسير ذلك بأنه إنكار رسمي لاحتجازه. ولكن الهيئتين نادراً ما كانتا تبعثان بالرد معاً؛ فكان المرصد الوطني يتلقى أحياناً رداً من إحداهما ولا يتلقى الرد من الأخرى. وأشار السيد رزّاق باره إلى أن الردود لم تكن تصل إلا بعد أسابيع أو شهور في بعض الأحيان؛ ولكنه لم يقدم إلى منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" نسخاً أو تواريخ للمراسلات بين هاتين الهيئتين وبين "المرصد الوطني لحقوق الإنسان".
    أمين عمروش: شاب في الحادية والعشرين من عمره قبض عليه يوم 30 يناير/كانون الثاني 1997 خارج منزله في حيّ براقي. وكان الذين ألقوا القبض عليه رجال يرتدون الملابس المدنية وانطلقوا به من ثَمّ في سيارة لا تحمل شارات رسمية، وفقاً لما رواه الجيران الذين وصفوا الحادثة لأمه التي تعيش في فرنسا واسمها نصيرة دوتور.
    وقد حاولت والدته التثبت من صحة الشائعات التي ترددت عن احتجاز ابنها في شتى مخافر الشرطة والسجون وفي المعسكر الحربي في وهران. كما طلبت العون من "المرصد الوطني لحقوق الإنسان"، ومن النيابة العامة، وقيل لها إنهما قد قاما بالتحريات لكنهما لم يعثرا لابنها على أثر. وقالت لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان"
      إن أحد مسؤولي الدرك أخبرها في مايو/أيار بأن اسم ابنها "غير موجود [في سجلات الدرك] لا بين الأحياء ولا بين الأموات".

    وقال السيد رزّاق باره لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إن السيد عمروش "لايوجد رسمياً في الحجز" لأن المرصد الوطني تلقى الرد من كل من الإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الوطني، وكلاهما ينفي أن لديه في سجلاته ما يشير إلى القبض على عمروش. وذكرت منظمة العفو الدولية يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول أنها قد تلقت معلومات تفيد بأنه على قيد الحياة، وأنه محتجز في أحد مراكز الأمن الحربي في الجزائر العاصمة. وفي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، قالت والدة السيد عمروش إنها لم تتلق أي معلومات جديدة، رغم استمرار الشائعات بأنه رهن الاعتقال. عزيز بو عبد الله: صحفي يعمل في صحيفة "العالم السياسي" اليومية المستقلة. وتقول أسرته إنه قبض عليه يوم 12 إبريل/نيسان 1997 في منزله بالجزائر العاصمة، وإن الذي قبض عليه رجال يرتدون زي الشرطة، وإنهم قالوا له إنهم من أفراد قوات الأمن، وفقاً للتصريحات التي أصدرتها "لجنة حماية الصحفيين"، ومقرها نيويورك، ومنظمة العفو الدولية. وقيل إن السيد بو عبد الله محتجز في أحد معتقلات الجزائر العاصمة؛ ولكن أسرته لم تتلق أي تأكيد رسمي لمكان وجوده.
    وقد قام كل من الإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الوطني بإبلاغ المرصد الوطني بأن السيد بو عبد الله ليس محتجزاً لدى أي منهما.
    علي لخضر شاوش: شاب في السابعة والعشرين، قبض عليه في مستشفى القبة بالقرب من الجزائر العاصمة حيث يعمل جراحاً لطب العظام. وورد أن الذين قبضوا عليه ذكروا لإدارة المستشفى أنهم من رجال الجيش، في الساعة الثانية من صباح الأول من إبريل/نيسان 1997 أثناء قيام الدكتور شاوش بعمله في النوبة الليلية. وأبرزوا أمراً بالقبض عليه أصدرته السلطات العسكرية. وقد حاولت أسرته معرفة مكان وجوده فكتبت رسائل إلى وزيري العدل والدفاع، وإلى "المرصد الوطني لحقوق الإنسان"، وإلى مخفري الشرطة في القبة وفي براقي، حيث يقيم. ولكن الأسرة لم تتلق أي رد حتى الآن.
    وكان السيد رزّاق باره قد استعد لمناقشة حالة أخرى، ربما بسبب تشابه الاسمين، ولكنه قال إنه لا يعرف شيئاً عن حالة علي الأخضر شاوش.
    و"اختفى" كل من جميل ومراد شهوب بعد أن انضم أخوهما سعيد إلى إحدى الجماعات الإسلامية المسلحة. وفي 16 مايو/أيار 1996 جاءت قوات من الشرطة والجيش للبحث عن سعيد في منزل الأسرة في ضاحية براقي بالجزائر العاصمة، ولما لم تجده قامت قوات الأمن بالقبض على جميل، وقالت لوالده إنها سوف تطلق سراحه عندما يقوم سعيد بتسليم نفسه. وفي الشهر التالي أخبرت السلطات الأسرة أن سعيد قد قتل في صدام مسلح مع القوات العسكرية، وسمحت للأسرة بالتعرف على الجثة وقدموا لها شهادة وفاة. ومع ذلك فلم تفرج السلطات عن جميل، ولم تطلع أسرته على مكان وجوده.
    وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1996 اتجهت قوة عسكرية من ثكنات براقي، بصحبة مجموعة "للدفاع الذاتي" من المنطقة ذاتها، إلى منزل شهوب واعتقلت مراد الذي لم يكن قد بلغ السابعة عشرة من عمره آنذاك. وعندما حاول والده التدخل هددوه بإطلاق النار عليه. وعندما ذهب للسؤال عنه في الثكنات الحربية قيل له أن يسأل عن ابنه في الأمن العسكري (وهو فرع من فروع القوات المسلحة). وقد كتب عدة خطابات إلى السلطات، ومن ثُمّ استُدْعي في فبراير/شباط الماضي إلى شعبة الخدمات الاجتماعية بالجيش في بني مسوس للإدلاء بالبيانات عن مراد وجميل، وطُلب منه أن ينتظر ورود الأنباء. وتلقى بعد ذلك خطاباً مؤرخاً في 11 مايو/أيار 1997، من النيابة العامة يقول إنه لا توجد أية معلومات عن ولديه.
    وكان "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" قد تقدم في أغسطس/أب 1996 بطلب للحصول على معلومات بشأن جميل، ثم تلقى رداً من إحدى الهيئات التي تتولى الإجابة على الاستفسارات بعد ذلك بعدة شهور، تقول فيه إن قواتها لم تقبض على جميل. وتلقى المرصد رداً مماثلاً من هيئة أخرى بخصوص مراد يوم 24 أغسطس/أب 1997. جمال فحاصي: صحفي يعمل بالإذاعة الجزائرية، قُبض عليه في 6 مايو/أيار 1995. وذكرت زوجته صفية أن الجيران قالوا إنهم شاهدوا نحو أربعة رجال يلقون القبض عليه بالقرب من منزله في الحراش، وكانوا يحملون أجهزة لاسلكية للاتصال الشخصي، وأنهم يعتقدون أنهم من قوات الأمن؛ وقد مضى به الرجال في قافلة تتكون من سيارتين.
    ورداً على استفساراتها، تلقت صفية بياناً من وزارة العدل يوم 16 مارس/آذار 1997 يقول إن مخفر شرطة الحراش لا يوجد في سجلاته ما يفيد القبض على جمال. ولم تتلق أي معلومات رسمية عن مكان وجوده، ولو أن أحد المعتقلين الذين أُطلق سراحهم كتب خطاباً إلى صحيفة خاصة بعد القبض على جمال بنحو شهرين، يقول فيه إنه شاهد جمال فحاصي في شاتونيف، وهو مركز للأمن الحربي في الجزائر العاصمة. ولم تستطع زوجة جمال التأكد من صحة هذا الخبر، ولكن صحيفة "الهوريزون"، وهي من صحف القطاع العام، نشرت في أكتوبر/تشرين الأول 1995 مقالاً تزعم فيه أن جمال فحاصي حي وبصحة جيدة خارج البلاد. ولكن العاملين الآخرين بتلك الصحيفة أنكروا فيما بعد علاقتهم بذلك الخبر؛ وإزاء غياب الأدلة رفضت الأسرة قبول الخبر.
    كان جمال فحاصي قد قضى عقوبة بالحبس ستة شهور عام 1991 بسبب مقال عن العنف الذي يتسم به سلوك قوات الأمن إزاء المدنيين، وكان قد نشر ذلك المقال في صحيفة تصدرها "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" التي كانت من الأحزاب الشرعية آنذاك. ثم احتُجز دون تهمة في معسكر اعتقال، بعد إلغاء الانتخابات العامة في يناير/كانون الثاني 1992، ونشر قصة ذلك الاحتجاز في الصحف اليومية الجزائرية.
    وقال السيد رزّاق باره إن قوات الشرطة وقوات الجيش أخبرت "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" بأنها لا تحيط بأي معلومات عن السيد فحاصي. وقالت صفية، زوجة فحاصي، إن الأسرة لم تتلق أي أنباء عنه حتى نوفمبر/تشرين الثاني 1997.
    محمد الهادي حامدي: موظف حكومي في الرابعة والعشرين من عمره، يعمل في بلدية دلي إبراهيم. وتقول أسرته إن رجال الشرطة والجيش الذين يرتدون الزي الرسمي قبضوا عليه في منزله في "سيتيه شيفالي" بعيد منتصف الليل، في 19 مارس/آذار 1996، ولم تستطع الأسرة حتى الآن التأكد من مكان وجوده. وقد استفسرت الأسرة عنه في مخافر الشرطة المحلية والنيابة العامة، وأرسلت خطابات تسأل فيها عنه إلى "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" ورياسة الجمهورية. وفي الساعة الخامسة من صباح يوم 13 يوليو/تموز 1997، ذهبت مجموعة من رجال الأمن، كان من بينها بعض الذين قبضوا على محمد الهادي، إلى المنزل نفسه وألقوا القبض على أخيه محمد (انظر ما يلي)؛ وورد أن أحدهم أقر لوالدته بأنهم قد قبضوا على محمد الهادي؛ وتم تحديد مكان محمد بعد أكثر من شهر. وقال السيد رزّاق باره إن "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" لم يتلق أي ردود على الاستفسارات التي أرسلها إلى السلطات في يوليو/تموز 1996 بشأن محمد الهادي.
    مصطفى هواري: موظف في شركة النفط والغاز الوطنية (سوناتراك)، في السادسة والثلاثين من عمره، قبض عليه في منزله في "بير مراد رايس" في الجزائر العاصمة، في ليلة 6 إبريل/نيسان 1996. وكان الذين ألقوا القبض عليه نحو 20 من رجال أمن الجيش والشرطة، قاموا باستجواب زوجته عن معارفه وأصدقائه. وكان السيد هواري قد احتجز لمدة خمسة أيام في أكتوبر/تشرين الأول 1995 في مخفر شرطة دلي إبراهيم بالجزائر العاصمة. وقد حوكم وصدر الحكم ببراءته من تهمة مساعدة أعضاء الجماعات المسلحة، أمام محكمة بير مراد الجنائية في الجزائر العاصمة في يناير/كانون الثاني 1996. ومنذ القبض عليه في إبريل/نيسان 1996، لم تتمكن زوجته من معرفة مكان وجوده، رغم إرسالها العديد من الرسائل للاستفسار عنه، ومن بينها رسالة إلى مكتب رئيس الجمهورية.
    وقال السيد رزّاق باره لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إن المرصد الوطني لم يتلق رداً بشأن السيد هواري من أي من الهيئتين المشار إليهما آنفاً. كما ذكرت أسرته في اتصال تليفوني معها، في نوفمبر/تشرين الثاني، أنها لم تتلق أي أخبار أخرى عنه.
    مراد أوشوفون: شاب في الخامسة والعشرين، يدرس الاقتصاد، وهو من حي الدار البيضاء بالجزائر العاصمة. وقد ألقت قوات الشرطة والجيش القبض عليه في منزله بعد منتصف الليل في 17 مارس/آذار 1997. وطبقاً للشهادة التي أدلت بها أسرته إلى المحامين، فإن قوات الأمن اقتحمت المنزل، وأرغمت الجميع على الخروج، وقامت بالتحقق من هوياتهم، ثم أخذت مراد فوضعت القيود الحديدية في يديه، واقتادته معها قائلة إنه مطلوب للتحقيق معه لا غير. ولم تتلق أسرته رداً على استفساراتها الرسمية عن مكان وجوده. وقال السيد رزّاق باره إنه لا يوجد في سجلاته رجل مفقود بهذا الاسم. وذكرت الأسرة في محادثة تليفونية في ديسمبر/كانون الأول أنها لم تتلق أي أخبار جديدة عن السيد أوشوفون.
    هادي صيبي: شاب في الثلاثين من عمره، قُبض عليه في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1994، إذ وصل نحو أربعة من رجال الأمن العسكري في سيارات ذات لوحات ترخيص خاصة إلى خارج مسجد الرحمة في حي ميصوني بالجزائر العاصمة، فاعتقلوه ومضوا به، وفقاً لما رواه والده وغيره من المصلّين الذين كانوا يغادرون المسجد في الوقت نفسه. وكان أخوه يحيى محتجزاً آنذاك، ثم حكم عليه في يناير/كانون الثاني 1996 بالحبس ثلاث سنوات بتهمة تقديم الخدمات "للإرهابيين". وقد أفرج عنه في يونيو/حزيران الماضي. وقد كتب والد هادي إلى عدد من كبار المسؤولين، بما في ذلك رئيس الجمهورية ووزراء الداخلية والدفاع والعدل، وكذلك إلى "المرصد الوطني لحقوق الإنسان". واستجابة للخطاب الذي أرسله إلى رئيس الجمهورية، استدعته الشرطة وسألته بعض الأسئلة عن ابنه المفقود ولكنها لم تقدم له أي معلومات عنه.
    وقال السيد رزاق باره لمراقبة حقوق الإنسان إن الإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الوطني أخبرا المرصد الوطني أنهما لم يقبضا على السيد صيبي. وفي 22 سبتمبر/أيلول انضم والد السيد صيبي إلى مجموعة من أقارب "المختفين" لتقديم التماس بشأنهم في فندق الأوراسي أثناء انعقاد المؤتمر الدولي الذي نظمه المرصد الوطني بعنوان "صور العنف المعاصرة وثقافة السلام"، ولكنهم منعوا من الدخول. وحاول السيد صيبي الاستفسار من جديد لدى المرصد الوطني بعد ذلك بعدة أيام ولكنه لم يتلق أي معلومات جديدة بشأن ابنه. وقال في اتصال تليفوني مع منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني إنه لم يتلق أي معلومات جديدة.
    عبد الرحمن يماني: في الرابعة والأربعين من عمره، قُبض عليه في بير مراد رايس، بالجزائر العاصمة، في 6 يونيو/حزيران 1996. وذكرت زوجته في الخطابات التي أرسلتها للاستفسار عنه إن خمسة من رجال قوات الأمن العسكري اقتحموا المنزل في عصر ذلك اليوم، وفتشوا المكان ثم اعتقلوا السيد يماني. وكتبت تشكو ذلك الاعتقال، فتلقت رداً مهذباً من النيابة العامة لا تقر فيه بوقوع الاعتقال، وتقول إن السلطات لم تتمكن من تحديد مكان وجوده.
    وتلقى "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" رداً من هيئة واحدة من الهيئتين المسؤولتين بشأن السيد يماني، ذكرت فيه أن قواتها لم تقبض على السيد يماني. وقال محامي الأسرة، السيد محمد طاهري، في اتصال هاتفي في 16 نوفمبر/تشرين الثاني إنه لم يتلق أي معلومات جديدة بشأن السيد يماني.
    علاوة زييو: فلاح في الثلاثين من عمره، من حي هليوبوليس في مدينة قالمة، وقد قبض عليه أربعة رجال تقريباً يرتدون الملابس المدنية واقتادوه معهم في سيارتهم في منطقة جبانة الشهداء القريبة من قالمة، في مساء الأول من يناير/كانون الثاني 1995. وطبقاً لما رواه أخوه جمال الذي يعيش في كندا، فإن شهود العيان قالوا إنهم تتبعوا مسار السيارة حتى وصلت إلى ثكنات الدرك في هليوبوليس. وقال جمال زييو لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إنه اتصل تليفونيا بالدرك في هليوبوليس في تلك الآونة، وقيل له إن أخاه علاوة محتجز لديهم. وقيل لأسرته بصورة غير رسمية إن علاوة قد نقل إلى منطقة أخرى بعد نحو شهر من القبض عليه. ولم تتلق الأسرة منذ ذلك الحين أي معلومات جديدة بشأنه. وفي الفترة ما بين مارس/آذار وسبتمبر/أيلول 1995 كتب جمال زييو إلى وزيري الداخلية والعدل، وإلى "المرصد الوطني لحقوق الإنسان"، ومكتب رئيس الجمهورية، ولكنه لم يتلق أي رد على رسائله. ورد المرصد الوطني على الخطاب الذي أرسلته منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بشأن هذه الحالة قائلاً إنه "وفقاً لآخـر المعلومات... فقد اتضح أن السيد زييو من العناصر النشطة في 'الجبهة الإسلامية للإنقاذ' السابقة، وهو متورط في قضية متهم فيها بتقديم العون إلى الجماعات الإرهابية". وقال المرصد الوطني إن إذناً قضائياً بالقبض عليه صدر بتاريخ 23 يناير/كانون الثاني 1995، ولكن المرصد لم يقل إنه قد اعتقل. وعندما اطلع جمال زييو على هذا الخطاب الذي أرسله المرصد إلى منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، قال إن السلطات لم تقم بإبلاغ الأسرة على مدى ما يقرب من ثلاث سنوات، أي منذ إصدار إذن القبض المزعوم، بأن علاوة كان مطلوباً. وقال السيد رزاق باره في لقائه مع مراقبة حقوق الإنسان إنه لا يحيط بمعلومات أكثر مما ورد في خطابه.