الجزائر


الجزائر
  
الجـــــزائر
"لا بين الأحياء ولا بين الأموات"
حالات "الاختفاء" التي تُنفَّذ برضا السلطات في الجزائر



  • ملخص
  • التوصيات
  • مقدمة
  • الاطار القانوني
  • بعض حالات الاختفاء
  • بعض حالات الاختفاء المؤقتة والاعتقالات السرية
  • الإطار القانوني
    يتضمن "الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1992، تعريفاً "للاختفاء القسري" حيث يقول إنه:
    "يأخذ صورة القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغماً عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر، على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعات منظمة أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون".

    وقد أبقت الحكومة الجزائرية على حالة الطوارئ منذ أن فرضتها في 9 فبراير/شباط 1992، مبررة ذلك بتفشي أعمال العنف السياسية. وتسمح حالة الطوارئ بالتحلل من شتى الأحكام الواردة بالقوانين الجزائرية، ومن بينها الأحكام التي تحمي الحريات المدنية. إذ يتمتع وزير الداخلية بسلطة وضع القيود على كل تجمهر علني قد يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام والسلامة، أو يصدر أوامر التفتيش ليلاً أو نهاراً، وأن يودع في المعتقلات الأشخاص الذين يُعتَبر نشاطهم بمثابة تهديد للنظام العام أو الأمن العام أو الأداء السليم للمرافق العامة. وفي 13 فبراير/شباط 1992 أخبرت السلطات الجزائرية الأمم المتحدة أنها تتحلل من الالتزام بالمواد 9 (3)، و 12، و17، و21 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
    بيد أن القانون الدولي يؤكد عدم جواز تعطيل بعض حقوق الإنسان الأساسية حتى أثناء حالات الطوارئ المعلنة؛ إذ تنص المادة 7 من "إعلان الأمم المتحدة بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري" على أنه "لا يجوز اتخاذ أي ظروف مهما كانت، سواء تعلق الأمر بالتهديد باندلاع حرب أو قيام حالة حرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أي حالة استثنائية أخرى، ذريعة لتبرير أعمال الاختفاء القسري".
    وتتضمن الصكوك الدولية التي صادقت عليها الجزائر، وكذلك النصوص القانونية المحلية الجزائرية، طائفة من المواد الكفيلة بحماية الأشخاص من الاختفاء القسري إذا طبقت تطبيقاً كاملاً. فلقد صادقت الجزائر مثلاً على "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي ينص في المادة 9(1) على أنّ:
    "لكل فرد الحق في الحرية وفي السلامة الشخصية. ولا يجوز القبض على أحد أو اعتقاله تعسفاً. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه".

    وتنص المادة 3 من "إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري" على أن تقوم كل دولة باتخاذ "التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع وإنهاء أعمال الاختفاء القسري في أي إقليم خاضع لولايتها". وتقول المادة 6 (1) إنه "لا يجوز التذرع بأي أمر أو تعليمات صادرة عن أي سلطة عامة، مدنية كانت أو عسكرية أو غيرها، لتبرير عمل من أعمال الاختفاء القسري".
    وتنص المادة 10 من الإعلان المذكور على ضرورة احتجاز المعتقلين في أماكن احتجاز معترف بها رسمياً، وضرورة إبلاغ أسرهم على وجه السرعة بمكان احتجازهم، وضرورة تمكينهم من الاتصال بالمحامين؛ وتستهدف هذه الأحكام الحيلولة دون وقوع حالات "الاختفاء". أما المبادئ التوجيهية الخاصة بعقوبات المسؤولين الذين يرتكبون أعمال الاختفاء القسري، وكذلك تعويض ضحايا هذه الأعمال، فتنص عليها المادتان 14 و19 على الترتيب:
    "يجب إحالة المتهمين بارتكاب عمل من أعمال الاختفاء القسري في دولة ما، إلى السلطات المدنية المختصة في تلك الدولة لإقامة الدعوى والحكم عليهم، إذا كانت النتائج التي أسفر عنها التحقيق الرسمي تبرر ذلك… وعلى جميع الدول اتخاذ التدابير القانونية المناسبة لكفالة محاكمة أي شخص متهم بارتكاب عمل من أعمال الاختفاء القسري يتضح أنه خاضع لولايتها وسلطتها".
    "يجب تعويض الأشخاص الذين وقعوا ضحية اختفاء قسري، وأسرهم، ويكون لهم الحق في الحصول على التعويض المناسب، بما في ذلك الوسائل الكفيلة بإعادة تأهيلهم على أكمل وجه ممكن. وفي حالة وفاة شخص نتيجة لاختفاء قسري، يحق لأسرته الحصول على التعويض أيضاً".
    ويتضمن القانون الجزائري أيضاً عدداً من الضمانات الرامية إلى منع وقوع حالات "الاختفاء". بل حتى في الحالات التي يستوجب فيها التحقيق الجنائي احتجاز شخص ما دون إذن قضائي، فإن المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أن يقوم ضابط الشرطة القضائية فوراً بإبلاغ وكيل الجمهورية؛ كما تلزم المادة 51 ضابط الشرطة القضائية بأن يضع تحت تصرف الشخص المعتقل "تحت النظر" كل وسيلة تمكنه من الاتصال بذويه فوراً، ومن زيارتهم له دون الإخلال بسرية التحقيقات.
    والحد الأقصى لفترة الحجز "تحت النظر" هو 12 يوماً بالنسبة للمشتبه في ارتكابهم أفعالاً إرهابية أو تخريبية، بموجب المادة 8 من الأمر رقم 95-10 المؤرخ في 25 فبراير/شباط 1995، والمعدِّل للمادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية؛ وتنص الفقرة الثانية من هذه المادة على ضرورة مثول المحتجزين أمام وكيل الجمهورية خلال تلك الفترة إذا كان من المزمع توجيه الاتهام إليهم.

    وبالمثل فإن المادة 65 المعدّلة تنص على أنه في حالة احتجاز المعتقلين لمدة تزيد على 12 يوماً، فيجب إحالتهم إلى وكيل الدولة الذي يستطيع الأمر بمد فترة الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة لا تزيد على 12 يوماً أخرى. وينص قانون العقوبات في المادتين 109 و 110 على معاقبة الموظفين العموميين بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات، إذا شاركوا في أعمال الاعتقال التعسفي أو غير القانوني، أو إذا خالفوا الإجراءات المتعلقة بالاحتجاز. تقدير عدد "المختفين"
    تتفاوت تقديرات عدد الأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الأمن والذين لا يزال مصيرهم مجهولاً. وقد ذكر "الاتحاد الدولي لمنظمات حقوق الإنسان"، ومقره باريس، بعد المقابلات التي أجراها مع المحامين في الجزائر أثناء البعثة التي أرسلها في إبريل/نيسان 1997 أنه "يعتقد أن عدد حالات 'الاختفاء' التي ينسب ارتكابها إلى قوات الأمن لا يقل عن 2000 حالة، وأن هذا الرقم يقل في الواقع كثيراً عن العدد الفعلي لمثل تلك الحالات".
    ويقول محمد طاهري، وهو أحد المحامين الجزائريين الكثيرين الذين يتابعون حالات "الاختفاء"، إنه يقدر عدد الذين أصبح مصيرهم مجهولاً بعد القبض عليهم في غضون عام 1997 بنحو 500 شخص، وكان معظمهم قد اعتقلته قوات الأمن في المدن ونقلتهم في عربات الشرطة أو في عربات الجيش. وقد توصل إلى هذا الرقم عن طريق الاستفسارات غير الرسمية التي وجهها إلى المحامين الآخرين الذين وكّلهم أقارب "المختفين". وقال طاهري إنه كان، حتى نوفمبر/تشرين الثاني، موكلاً من قبل أسر 29 شخصاً من الذين "اختفوا" أثناء العام وما يزال مصيرهم مجهولاً، في حدود ما يعلم. وقال محمود خليلي، وهو محامٍ آخر يعمل في مجال حقوق الإنسان في الجزائر العاصمة، لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إنه موكّل من قبل عدد مماثل من الأشخاص الذين "فُقد" بعض أقاربهم في عام 1997. وقال طاهري وخليلي إنهما يمثلان معاً عدداً يزيد على 50 أسرة من أسر الأشخاص "المفقودين" منذ عام 1993 ولا يزال مصيرهم مجهولاً.

    وقال "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" في الجزائر إنه سجل في عام 1996 عدداً يبلغ 988 حالة من حالات "الاختفاء" المفترضة، وهو عدد يزيد كثيراً عن العددين المسجلين في عامي 1994 و1995، واللذين يبلغان 373 و567 على الترتيب. ولا تمثل البيانات التي جمعها المرصد الوطني إلا جانباً محدوداً من الأشخاص الذين أُبلغ عن اختفائهم في الجزائر، ولا يمكن اعتبارها عينة تمثل الواقع تمثيلاً صحيحاً، لأن هذه البيانات تستند إلى المعلومات التي وردت إلى المرصد الوطني ـ من جانب أقارب "المختفين" في معظم الأحيان ـ لا إلى العمل الميداني الذي يتسم بالمبادأة. وهذه البيانات، بالرغم من قصورها، توحي بأن الكثير من حالات "الاختفاء" هي حالات طويلة الأجل، وأن الأسر تشير، في معظم الحالات، إلى أن القوات الحكومية هي المسؤولة عن إلقاء القبض على هؤلاء "المختفين".
    وقد سجل المرصد الوطني عدد حالات "الاختفاء" في عام 1996، وحدد تواريخ اختفاء المفقودين على النحو التالي:
    1992 = 1
    1993= 21
    1994 = 329
    1995 = 390
    1996= 247
    وتفيد المعلومات التي تلقاها "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" بأن 337 حالة من حالات "القبض" على الأشخاص في عام 1996 قد وقعت في المنزل، و108 في محل العمل، و192 في الطريق العام، و 24 بعد تسليم الشخص نفسه إلى قوات الأمن. وكان الأشخاص الذين قاموا بإلقاء "القبض" مجهولين في 134 حالة، ولكن "المقبوض" عليهم تمكنوا في 754 حالة من تحديد مسؤولية أحد أجهزة الأمن، وبيانها كالتالي: 338 من الشرطة، و168 من رجال الدرك، و248 من القوات المسلحة.
    وأقر "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" في تقريره أن بعض حالات "الاختفاء" التي أُبلغ بها تتعلق باحتجاز السلطات للأشخاص فترة تتجاوز الفترة الزمنية المسموح بها قانوناً، وأحياناً في غير أماكن الاحتجاز الرسمية. واستدرك المرصد الوطني قائلاً إن الحالات المنسوبة إلى قوات الأمن في الشكاوى، والتي بلغت 754 حالة، لم تكن جميعها حالات "اختفاء" تقرها الحكومة، وإن الصورة قد تفتقر إلى الدقة بسبب عدة عوامل منها:
    * عندما يعود "المختفي" إلى الظهور، فقد لا تصل هذه المعلومات في كل حالة إلى المرصد الوطني؛
    * إن حالات الاختطاف التي ترتكبها الجماعات المسلحة أحياناً ما تُنسب خطأً إلى قوات الأمن؛
    * أحياناً ما يكون الشخص الذي تبحث أسرته عنه قد التحق طواعية بصفوف "الجماعات المسلحة" (وأحياناً ما تتقدم الأسرة ببلاغ عن "اختفائه" من باب التمويه)؛
    * قد يكون الشخص الذي يجري البحث عنه قد هاجر إلى الخارج بصورة غير مشروعة ولم يطلع أسرته على مكان وجوده.
    وقال السيد رزّاق باره أثناء لقائه مع منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" في 14 أكتوبر/تشرين الأول، إنه لا يستطيع وضع تقدير لتوزيع الحالات على هذه الفئات، ولو أنه كان قد صرح في مقابلة صحفية أجراها مع جريدة لوموند قبل ذلك بأن السلطات لا تتحمل إلا مسؤولية نسبة ضئيلة من حالات "الاختفاء" التي زُعم وقوعها، قائلاً:
      "إن بعض المختفين هم في الحقيقة إرهابيون لجؤوا سراً إلى التخفي؛ وعلى العكس من ذلك، فإن الكثير من المختفين قد اختطفتهم الجماعات الإرهابية التي يتنكر أعضاؤها في ملابس قوات الأمن. وتعتبر حالات الاختطاف المنسوبة إلى قوات الأمن حالات استثنائية".
    ويشير السيد رزّاق باره إلى بعض الظروف الأخرى التي من شأنها تضخيم عدد حالات "الاختفاء" بصورة مُضَلِّلة؛ إذ ذكر لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" في 14 أكتوبر/تشرين الأول أن بعض الذين سبق اعتقالهم والإفراج عنهم مـن المحتمل أن يكونوا قد التحقوا بصفوف الجماعات المسلحة خوفاً من إعادة اعتقالهم. وأقر بأن الشرطة كانت أحياناً تعيد اعتقال الأشخاص الذين أصـدرت المحاكم قرارات ببراءتهم إذا لم توافق الشرطة على حكم البراءة. وأشار كذلك إلى أن بعض الأسر لا تعلم باعتقال أحد أقربائها بسبب تقاعس مسؤولي السجون عن السماح للمعتقلين بممارسة حقهم في إبلاغ أسرهم، قائلاً إن هذه المخالفة أكثر وقوعاً في حالات المحتجزين لارتكابهم جرائم أمنية مزعومة. كما أضاف في اجتماع مع الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان أن بعض الذين قيل إنهم من المفقودين كانوا في الحقيقة قد فروا للتهرب من أداء الخدمة العسكرية.
    وإذا كانت هذه التفسيرات البديلة صحيحة في بعض الحالات، فإن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تعتقد أن هناك أدلة قوية على تورط قوات الأمن في الحالات التي بُلِّغتْ بها، وأن ذلك يشير إلى أن حالات "الاختفاء" إنما هي وليدة سياسة تحظى برضا الدولة في الجزائر.
    كما قدم السيد رزّاق باره بعض الإحصائيات العامة عن المحبوسين في الجزائر، التي يبلغ عدد سكانها 28 مليون نسمة، قائلاً إن عدد الذين كانوا يخضعون لصورة من صور الحبس أو الاحتجاز في عام 1997 بلغ 38000 شخص من بينهم عدد يتراوح بين 10000 و12000 من المحتجزين بسبب أنشطة الجماعات المسلحة وقضايا التخريب، وكان معظمهم في انتظار المحاكمة؛ ومن بينهم نسبة تتراوح بين 15 و20 في المائة من المتهمين بجرائم ذات صلة مباشرة بأعمال "الإرهاب"، والباقـي من المحتجزين بتهمة توفير الخدمات للجماعات المسلحة أو عدم الإبلاغ عن الجرائم التي ارتكبتها.

    الشرطة تفرق مظاهرة قام بها أقارب "المختفين"

    فرّقت الشرطة المظاهرة السلمية التي نظمها أفراد أسر "المختفين" والمحامون الذين يتولون قضاياهم في الجزائر العاصمة في 20 أكتوبر/تشرين الأول. ففي الوقت الذي حضر فيه ممثلو الصحافة العالمية لتغطية أنباء الانتخابات المحلية، التي أُجريت في 23 أكتوبر/تشرين الأول، تجمع العشرات من النساء والمؤيدين لهن، رافعين صور أقاربهن الذين اعتُقلوا أو "اختفوا"، أمام مكتب البريد المركزي في الجزائر العاصمة؛ ومن ثم قامت قوات الأمن بتفريق المتظاهرين والقبض على نحو 15 امرأة والمحامي محمد طاهري، الذي يمثل أسر كثير من "المختفين".
    واتصل بعض المشاركين هاتفياً بمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، وأخبروها أن بعض رجال الشرطة حذروا النساء من ملاقاة نفس المصير الذي لقيه أقرباؤهن المفقودون إذا لم يتفرقن. وأطلق سراح جميع الذين قُبض عليهم في نفس اليوم؛ وقال السيد طاهري، الذي أُفرج عنه بعد ست ساعات دون أن تُوجَّه إليه أي تهمة، قال لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إن أحد رجال الشرطة اتهمه "بالخيانة" بسبب "صلاته بالمنظمات الأجنبية". كما حُكم على محامٍ آخر من الجزائر العاصمة، يعمل في مجال حقوق الإنسان، ويُدعى رشيد ميسلي، بالحبس ثلاث سنوات في يوليو/تموز 1997 بعد محاكمة جائرة استُجوب فيها بشأن صلاته بمنظمة العفو الدولية (انظر ما يلي).
    وفي 22 سبتمبر/أيلول، حاولت مجموعة من أقارب "المختفين" تقديم التماس إلى مسؤولي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ومنظمة الصحة العالمية الذين كانوا في الجزائر لحضور مؤتمر عن العنف السياسي قام بتنظيمه "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" في فندق الأوراسي بالجزائر العاصمة. وكان الالتماس موقعاً بعبارة "أسر المختفين"، ويدعو المجتمع الدولي إلى "أن يدين بشدة صمت السلطات إزاء الشكاوى المتكررة والجهود الرامية إلى إطلاق سراح 'المختفين' والحصول على معلومات بشأن المصير الذي ينتظرهم"؛ ولكن قوات الأمن منعت المجموعة من تقديم الالتماس. وعلمت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" فيما بعد أن امرأتين من المشاركين في المجموعة، وهما مباركة ساعي البالغة من العمر 61 عاماً، ومسعودة بخاري، قد قبض عليهما في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، ومكثتا في الحجز عدة أيام ثم أطلق سراحهما.

    ولم يكن اعتقال السيد طاهري في مظاهرة يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول أول ما ذاقه من العنت المرتبط، فيما يبدو، بعمله في مجال حقوق الإنسان؛ ففي عطلة نهاية الأسبوع الموافقة 12 و13 يونيو/حزيران، تعرض مكتبه في حي القبة للاقتحام والسرقة. وقال طاهري فيما بعد أنه اكتشف ضياع بعض ملفات القضايا والمراسلات مع موكليه الذين "اختفى" أقاربهم، وإن لم يُسرق من المكتب أي شيء ذي قيمة مالية. وقد وقع حادث السرقة بعد أسبوع ظهر فيه السيد طاهري في كبرى أجهزة الإعلام الفرنسية وهو يدين حالات "الاختفاء" وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان في الجزائر. فقد أجريت معه مقابلة تليفزيونية في إطار برنامج عن الجزائر أذاعته محطة التليفزيون الفرنسية "آرتي" يوم 5 يونيو/حزيران؛ كما أن عدد صحيفة "لوموند" الصادر مساء يوم 12 يونيو/حزيران (والمؤرخ 13 يونيو/حزيران) تضمن مقالاً من صفحة كاملة مخصصاً لما رواه موكلو طاهري عن أقاربهم الذين "اختفوا". وقال السيد طاهري إن الشرطة قامت بالتحقيق في واقعة اقتحام مكتبه، ولكنه لم يعلم بأن أحداً قد قُبِض عليه في هذا الصدد.