Human Rights Watch Human Rights Watch
مقدمة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا World Report 2002
  • التطورات في مجال حقوق الإنسان
  • الدفاع عن حقوق الإنسان
  • جهود منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"
  • دور المجتمع الدولي
  • الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
    نظرة عامة
    التطورات في مجال حقوق الإنسان

    ألقت المصادمات التي اندلعت بين الإسرائيليين والفلسطينيين في سبتمبر/أيلول 2000 بظلالها على معظم التطورات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبحلول شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2001 كان أكثر من سبعمائة فلسطيني وأكثر من مائتي إسرائيلي، معظمهم من المدنيين، قد لقوا حتفهم في خضم هذا العنف. واتسم الصراع بوقوع اعتداءات على المدنيين والمنشآت المدنية من جانب كل من قوات الأمن الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة، الأمر الذي يوحي بأن زعماء كلا الجانبين لا يأبهون باحترام حقوق الإنسان الأساسية ومبادئ القانون الإنساني.

    وتتحمل قوات الأمن الإسرائيلية المسؤولية عن طائفة واسعة من الانتهاكات، منها الاستخدام العشوائي والمفرط للقوة المفضية للموت ضد المتظاهرين الفلسطينيين غير المسلحين، وقتل أشخاص دون وجه حق على يد جنود الجيش الإسرائيلي، وعدم تناسب حجم النيران التي أطلقتها القوات الإسرائيلية رداً على الهجمات الفلسطينية، وتقصير القوات الإسرائيلية في الرد على الانتهاكات التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون ضد المدنيين الفلسطينيين، وإجراءات "الإغلاق" في المناطق الفلسطينية التي بلغت حد العقاب الجماعي. كما شنت قوات الأمن الإسرائيلية أيضاً سلسلة من أعمال القتل استهدفت أشخاصاً يشتبه في كونهم من المتشددين الفلسطينيين في إطار سياسة "التصفية" المثيرة للجدل الموجهة ضد من يعتقد أنهم مسؤولون عن التخطيط لشن هجمات على الإسرائيليين.
    ومن جانبها لم تقم السلطة الفلسطينية بشيء يذكر للنهوض بمسؤوليتها عن اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لمنع ومعاقبة الهجمات المسلحة التي يشنها الفلسطينيون على المدنيين الإسرائيليين، بما في ذلك عمليات التفجير الانتحارية. وقامت شتى أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بإلقاء القبض بصورة تعسفية على فلسطينيين يزعم أنهم من "المتعاونين" مع إسرائيل. وقد ظل كثيرون منهم رهن الاعتقال لمدد طويلة بدون محاكمة وتعرضوا للتعذيب، وحكم على آخرين بالإعدام بعد محاكمات جائرة وأعدم اثنان منهم. كما ألقت السلطة الفلسطينية القبض على بعض الإسلاميين وغيرهم من المتشددين المشتبه في مسؤوليتهم عن هجمات ضد الإسرائيليين واحتجزتهم دون محاكمة. ولم تتخذ السلطات الإسرائيلية ولا الفلسطينية الخطوات الضرورية لمنع قوات الأمن التابعة لها من ارتكاب الانتهاكات، كما لم تقم بما يكفي من الإجراءات للتحقيق مع الجناة ومعاقبتهم.
    ولكن حتى هذه الانتفاضة الحالية انحسرت عنها دائرة الاهتمام العالمي في أعقاب الهجمات المدمرة على نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وفي بعض الأحيان رحبت حكومات في المنطقة بهذا التغير في التركيز لتبرير سياساتها المنطوية على انتهاكات، فسارع القادة المصريون إلى الحديث عن جوانب التشابه التي تبرر سجل حكومتهم القاسي. وندد رئيس الوزراء عاطف عبيد بمنظمات حقوق الإنسان بسبب "دعوتها لنا لإعطاء هؤلاء الإرهابيين "حقوق الإنسان""، في إشارة إلى التقارير الموثقة عن التعذيب والمحاكمات الجائرة، ومنوهاً بأن الدول الغربية ينبغي أن تتخذ حرب مصر مع الإرهاب نموذجاً جديداً لها. أما الرئيس مبارك فقال بصورة قاطعة "إن من يرتكبون أعمال الإرهاب لا يستحقون التمتع بحقوق الإنسان". وفي نوفمبر/تشرين الثاني قدمت مصر للمحاكمة 94 مدنياً للمحاكمة العسكرية، معظمهم كان قد قبض عليهم في مايو/أيار، بتهمة تشكيل تنظيم سري للقيام بأعمال إرهابية. وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول بثلاثة أيام قال وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر بارتياح واضح "إننا فعلاً قتلنا أربعة عشر فلسطينياً في جنين وقباطية وتموم بينما ظل العالم في صمت مطبق"، في الوقت الذي أشار فيه رئيس الوزراء أرييل شارون مراراً إلى رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات على أنه "بن لادن بالنسبة لنا". وفي أكتوبر/تشرين الأول قام الأردن بتعديل قانون العقوبات وقانون المطبوعات والنشر، وذلك، حسبما قال رئيس الوزراء على أبو الراغب، "لتلبية كل الاحتياجات التي نواجهها الآن". وتخول هذه التعديلات الحكومة سلطة إغلاق أي مطبوعات تعتبر أنها قامت بنشر معلومات كاذبة أو تنطوي على قذف يمكن أن يقوض الوحدة الوطنية أو يسيء إلى سمعة الدولة، كما تنص على عقوبة السجن في حالة نشر أي كتابات أو صور "تمس بالملك أو الاسرة المالكة" في وسائل الإعلام أو على الإنترنت.

    وفي نفس الوقت، ونظراً لأن كبار زعماء تنظيم القاعدة ومعظم الأشخاص الذين زعم أنهم مرتكبو هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول مواطنين سعوديين أو مصريين، فقد ثارت مناقشات غير مسبوقة على الصعيدين الإقليمي والدولي فيما يتعلق بالسجل القاتم لكل من السعودية  ومصر في مجال حقوق الإنسان، وبانتهاكات حقوق الإنسان عبر أنحاء المنطقة بصورة عامة.

    وعلى العكس من ذلك، فقد اتخذت عدة مبادرات في مختلف أنحاء المنطقة تمثل خطوات مبدئية ولكنها مهمة على طريق التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان الفادحة، مثل التعذيب والإعدام الفوري و"الاختفاءات"، ومساءلة مرتكبيها. وإذا كان النمط العام للانتهاكات عبر المنطقة ظل ثابتاً بصورة نسبية، فمع حدوث تطور في بعض الجوانب وتدهور في جوانب أخرى، أصبحت هذه الجهود المتنامية لتقديم المسؤولين عن الانتهاكات الفادحة في الماضي للعدالة تمثل تحولاً يبدو أنه يبشر بخير في المستقبل. وفي بعض الحالات تم تحريك الدعوى القضائية ضد من مرتكبي الانتهاكات المزعومين أمام محاكم محلية - كما هو الحال في إيران وهو ما كانت نتائجه مع الأسف مخيبة للآمال - بينما أخذت العدالة مجراها في الخارج في حالات أخرى في إطار مبدأ الولاية القضائية العالمية. واستمرت منظمات حقوق الإنسان المحلية والمحامون في العاملون في هذا المجال في الدعوة إلى وضع حد لإفلات الجناة من العقاب والقيام بحملات نشطة نيابة عن المحكمة الجنائية الدولية، بحيث أصبح من الواضح بصورة مطردة أن حركة العدالة الدولية لم تتخط المنطقة، وإنما تتمتع بتأييد متنام فيها.

    وحيث أن هذه الجهود المتفرقة، وإن كانت تتسم بالعزم والتصميم، حظيت بقدر كبير من الدعاية وشجعت الآخرين على العمل وسلطت الضوء على منتهكي حقوق الإنسان في الوقت الحاضر وفي الماضي فإنها تشير إلى بزوغ إرهاصات لثقافة المساءلة في المجتمع المدني والقضاء. كما توحي الأسرار التي كشف عنها مسؤولو الاستخبارات السابقون الموجودون في المنفى أن مسألة الحصانة والإفلات من العقاب أصبحت مثارة داخل صفوف بعض قوات الأمن الداخلية التابعة للحكومات. ففي مصر حكمت محكمة جنائية محلية على مدير سجن "وادي النطرون 2" شديد الحراسة بالسجن عشر سنوات بتهمة التزوير وتلفيق تقارير في محاولة للتغطية على وفاة سجين جنائي تحت وطأة التعذيب. كما حكمت المحكمة على أحد كبار ضباط الأمن بالسجن سبع سنوات وعلى أربعة من الرقباء بالسجن خمس سنوات لضربهم هذا النزيل حتى الموت. ويمثل الحكم الذي أصدرته هذه المحكمة نصراً جلياً لمجتمع حقوق الإنسان المحاصر في مصر، الذي طالما وثق وانتقد المناخ السائد الذي يسمح بإفلات المسؤولين عن التعذيب وحالات الوفاة في الحجز من المساءلة والعقاب. ولكن في حادثة أخرى حكم على ضابط بقسم شرطة العجوزة بالقاهرة بالسجن لمدة سنتين فقط لضربه معتقلاً حتى الموت.

    وفي إيران أدانت إحدى المحاكم خمسة عشر من مسؤولي الاستخبارات في يناير/كانون الثاني في قضية مقتل أربعة مفكرين وشخصيات سياسية عام 1998، وحكمت على ثلاثة منهم بالإعدام وعلى خمسة آخرين بالسجن مدى الحياة. لكن وقائع المحاكمة في أغلبها تمت سراً، واتسمت بالقصور بحيث لم تتكشف أي معلومات عمن أمر بالقتل في تلك الحوادث. وحاول محامٍ يمثل اثنين من المتهمين استدعاء عشرة شهود مستعدين للشهادة بأن وزير الاستخبارات السابق قربانلي دوري نجف أبادي، الذي أصبح الآن مسؤولاً قضائياً كبيراً ولم يكن قد وجه إليه أي اتهام، هو الذي أمر بتنفيذ عمليات القتل، غير أن المحكمة لم تسمح لهم بالمثول أمامها. كما كتب صحفيون إيرانيون عن الصلات بين فرق الاغتيال ومؤسسات الدولة، وألمحوا إلى أن دوري نجف أبادي وأحد وزراء الإعلام السابقين، وهو على فلاحيان، كانا ضالعين في هذا الأمر. وفي أغسطس/آب، أبطلت المحكمة العليا أحكام الإدانة الصادرة ضد المسؤولين الخمسة عشر، وفي نوفمبر/تشرين الثاني لم يكن قد اتضح بعد ما إذا كان هؤلاء المسؤولون ستعاد محاكمتهم أم لا.
    وفي تونس صرح الرئيس زين العابدين بن علي أكثر من مرة علناً بأن حكومته سوف تحاسب منتهكي حقوق الإنسان من أفراد قوات الأمن، لكن مناخ الإفلات من العقاب ظل سائداً بصفة عامة وظل النظام القضائي عموماً ينظر إليه على أنه أداة من أدوات القمع في يد الدولة. ولكن في يوليو/تموز حكمت إحدى المحاكم على أربعة من حراس السجون بالسجن أربع سنوات لقيامهم بتعذيب مشتبه فيه جنائياً، كما قضت بأن تدفع الدولة تعويضاً للضحية.

    وفي المغرب طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية، وزير العدل علناً بتحريك الدعوى القضائية ضد أربعة عشر شخصاً زعم أنهم ارتكبوا أعمال تعذيب، من بينهم بعض كبار المسؤولين الأمنيين الذين لا يزالون في الخدمة وأحد أعضاء البرلمان، لكن الوزير لم يفعل ذلك. وفي أعقاب ذلك، وربما نتيجة لذلك، قامت السلطات باحتجاز ستة وثلاثين شخصاً من أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وآخرين من النشطاء بسبب محاولتهم تنظيم مظاهرة شعبية سلمية تدعو للمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي، وتم تحريك الدعوى القضائية ضدهم وحكم عليهم مبدئياً بالسجن لمدة ثلاثة أشهر، إلا أنهم أبرئت ساحتهم في نوفمبر/تشرين الثاني.
    وفي اليمن أيضاً وعلى الرغم من وجود مناخ عام يسمح بالإفلات من العقوبة فقد أدانت إحدى المحاكم ثلاثة من ضباط شرطة البحث الجنائي في نوفمبر/تشرين الثاني 2000 في قضية وفاة معتقل في الحجز، وحكمت عليهم بالسجن ثلاث سنوات وبتجريدهم من رتبهم وفصلهم من الخدمة. فرفع أقارب الضحية دعوى استئناف في محاولة لاستصدار أحكام أطول بما يتناسب مع فداحة الجرم. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2001 كان هناك ثمانية من أعضاء الأمن المركزي، وهو أحد أجهزة وزارة الداخلية، بانتظار المحاكمة في محافظة الضالع بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار الذي أودى بحياة أحد أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني المعارض، وتم توجيه الاتهام إليهم في يوليو/تموز.

    كما حدا السعي إلى إقامة العدالة بدعاة حقوق الإنسان إلى اللجوء لعدد من المحاكم الأوروبية لرفع دعاواهم، وهو اتجاه ظهرت أولى إرهاصاته في أواخر عام 1999 عندما حاول عدد من البحرينيين المنفيين ودعاة حقوق الإنسان البريطانيين رفع دعوى قضائية في المملكة المتحدة ضد إيان هندرسون الرئيس السابق لجهاز الأمن والمخابرات سيئ السمعة في البحرين. كما أقام ضحايا التعذيب التونسيون دعوى قضائية ضد وزير الداخلية السابق عبد الله كلال في سويسرا حيث كان يتلقى الرعاية الطبية، وبعد أن قام أحد ممثلي الادعاء السويسريين بفتح تحقيق مبدئي استناداً إلى التزامات سويسرا كدولة طرف في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، سارع كلال بمغادرة البلاد. وفي بلجيكا تقدم الناجون من مذبحة سبتمبر/أيلول 1982، التي ارتكبتها ميليشيات الكتائب اللبنانية وراح ضحيتها مئات من الفلسطينيين وغيرهم من المدنيين في مخيمات اللاجئين بصبرا وشاتيلا في بيروت، بشكوى ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون. وكان شارون يشغل منصب وزير الدفاع الإسرائيلي عندما وقعت المذبحة، وسمح للميليشيات بدخول المخيمين. وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني أيضاً قدمت منظمة مقرها في القدس شكوى في بروكسل ضد رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات تتهمه بجرائم ضد الإنسانية.

    وفي المغرب سعى دعاة حقوق الإنسان، في ضوء المعلومات المفصلة التي أماطت الصحف المغربية اللثام عنها، لاستجلاء الحقيقة ومساءلة مرتكبي القمع الشرس الذي كان يُمارس ضد المعارضين في أثناء "الحرب القذرة" خلال الستينيات والسبعينيات. ومن أبرز القضايا في هذا الصدد قضية زعيم المعارضة مهدي بن بركة الذي "اختفى" بعد أن اقتادته الشرطة الفرنسية من أحد شوارع باريس في سيارة شرطة في أكتوبر/تشرين الأول 1965. وشرع أحد قضاة التحقيق في فرنسا في إجراء تحقيق ولكنه لم يتمكن من سماع شهادة ضابط الشرطة السرية المغربية السابق أحمد بخاري الذي زعم أن بن بركة توفي في فرنسا أثناء التحقيق معه على أيدي عملاء مغاربة، لأن السلطات المغربية سجنت بخاري بتهم لا أساس لها من الصحة. وحث ائتلاف مكون من منظمات حقوق الإنسان الدولية حكومتي الولايات المتحدة وفرنسا على رفع السرية عن كل الوثائق الرسمية المتعلقة بهذه القضية وإصدارها.
    كما ظهرت دعوات في سوريا أيضاً للبحث الجاد في الانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان التي وقعت على مدى عدة عقود، لكن الحكومة جمعت كبار المعارضين في محاولة مكشوفة لقمع المطالبة بالإصلاح وبالمساءلة. وأصر داعية حقوق الإنسان نزار نيوف، الذي كان في فرنسا لتلقي العلاج الطبي بعد تسعة أعوام قضاها سجيناً في سوريا، على بذل جهود لمعالجة الأهوال التي شهدها الماضي السياسي في بلاده، مثل الإعدام الفوري لنحو 1100 من الإسلاميين الذين كانوا نزلاء في سجن تدمر العسكري سيئ السمعة. وكان أعضاء ألوية الدفاع شبه العسكرية قد قاموا بقتل أولئك الأشخاص على امتداد ساعات طويلة يوم 27 يونيو/حزيران 1980 انتقاماً من محاولة وقعت قبل ذلك التاريخ بيوم واحد لاغتيال حافظ الأسد رئيس الجمهورية آنذاك.

    وواصل المنشقون من أجهزة الأمن العراقية تقديم معلومات مفصلة عن الانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان، ولكن لم تتبلور بعد أي دعوى قضائية ضد صدام حسين بسبب الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2000، زعم ضابط الاستخبارات العراقي السابق النقيب خالد ساجد الجنابي أن أمراً رئاسياً صادراً في مارس/آذار 1998 "بتنظيف السجون العراقية" أدي إلى إعدام حوالي 2000 معتقل وسجين محكوم عليهم في سجن أبو غريب سيئ السمعة في بغداد في 27 أبريل/نيسان 1998. وقال طبيب كان يعمل في مستشفى السجن ثم فر إلى الأردن في يوليو/تموز 2001 إن عمليات الإعدام الجماعي لا تزال مستمرة، ومعظم ضحاياها من المعتقلين السياسيين الذين حُدِّدت هويتهم بأرقام مسلسلة وليس بأسماء. وفي بعض الحالات وفقاً لهذه الرواية، أجبر عدد من الأطباء على حقن المعتقلين بمواد سامة ثم عزو وفاتهم لأسباب طبيعية.

    كما انعكست الجهود المتنامية - وإن كانت لا تزال بعد في مهدها - من أجل محاسبة مقترفي الانتهاكات التي وقعت في الماضي، في الإجراءات التي اتخذتها حكومات المنطقة للانضمام إلى معاهدة المحكمة الجنائية الدولية المبرمة في 17 يوليو/تموز 1998. ومن المزمع أن تتولى هذه المحكمة النظر في قضايا الإبادة والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وجرائم الحرب في حالة عدم النظر فيها أمام المحاكم الوطنية. وفي البداية لقيت المحكمة استقبالاً فاتراً من جانب حكومات المنطقة، فلم توقع على المعاهدة إلا الأردن عام 1998، وكانت إسرائيل والعراق من بين الدول السبع التي صوتت ضدها. ولكن مع اقتراب الميعاد النهائي للتوقيع وهو 31 ديسمبر/كانون الأول 2000، ومن ثم القيام بدور في إنشاء المحكمة، انضمت إليها اثنتا عشرة دولة من دول المنطقة معظمها فعل ذلك خلال الأسابيع الأخيرة من العام 2000. وهكذا انضمت الجزائر والبحرين ومصر وإيران وإسرائيل والكويت وعمان والمغرب وقطر وسوريا والإمارات العربية المتحدة واليمن إلى 139 دولة أخرى في تأييد المحكمة. ولكن بحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2001، لم تكن أي دولة في المنطقة قد اتخذت الخطوة الضرورية للانضمام إلى 46 دولة أخرى عبر أنحاء العالم في المصادقة على الاتفاقية. وجدير بالذكر أنه لا بد من مصادقة ستين دولة على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية حتى يبدأ سريانها.
    وظلت مساحة النشاط السياسي المستقل سلعة نادرة في شتى أنحاء المنطقة حيث استهدفت الحكومات كلاً من العلمانيين والإسلاميين الذين يحاولون تحدي استبداد السلطة أو يدعون إلى الإصلاح، بما في ذلك القيام بالأنشطة السياسية المشروعة مثل الترشيح للمناصب السياسية. وتفاوتت مساحة القمع ووسائله من بلد لآخر، ولو أن الصفوات الحاكمة المتباينة سياسياً اتفقت على الإحجام أو الامتناع عن فتح النظم السياسية الراكدة لاستيعاب تعدد الآراء، وتسهيل وحماية نمو مؤسسات المجتمع المدني المستقلة بما فيها وسائل الإعلام المحلية.
    وتبين أن تأثير القيود الصارمة التي استمرت مفروضة على سياسات المعارضة السلمية عقوداً من الزمن، وما اقترن بها من تدابير عقابية قاسية لمن يتحدون السلطة، يحمل دلالات تنذر بالشر للاستقرار والأمن. ففي أفضل الأحوال أدت هذه الأوضاع إلى إذكاء مناخ الترهيب والرقابة الذاتية، وعلى أسوأ تقدير دفعت بالأفراد والجماعات إلى العمل السري، وفي بعض الأحيان إلى الأنشطة المعارضة العنيفة. وفي أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول على نيويورك وواشنطن، بدأ كثيرون في المنطقة وخارجها يركزون على السياسات الأمنية الصارمة لحكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي أسهمت في دفع النشطاء السياسيين المحبطين إلى التطرف، مما أدى ببعضهم إلى نقل عملياتهم إلى الخارج. ومرة أخرى بدأ زيف واجهة الديمقراطية الانتخابية ينكشف في مصر، حيث اعتقلت السلطات المرشحين الإسلاميين للمعارضة قبيل انتخابات مجلس الشعب في أكتوبر/تشرين الأول-نوفمبر/تشرين الثاني 2000، وفي مايو/أيار-يونيو/حزيران 2001 لانتخاب 84 مقعداً لمجلس الشورى. وعلى الرغم من أن هذه الانتخابات تمت لأول مرة في ظل رقابة قضائية كاملة، فقد بدا أن السلطات عقدت العزم على منع الإسلاميين المسالمين، ومعظمهم أعضاء في جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة، من المشاركة في النظام السياسي والفوز بأكثر من عدد رمزي من مقاعد مجلس الشعب البالغ عددها 444 مقعداً، والذي لا يزال يسيطر عليه بأغلبية ساحقة "الحزب الوطني الديمقراطي" الحاكم الذي يرأسه الرئيس مبارك. فاعتقلت السلطات مئات من الأشخاص المعروف أنهم أعضاء في "الإخوان المسلمين" أو المشتبه في انتمائهم إليها قبل ميعاد الانتخابات وفي أثنائها، بما في ذلك المرشحين ومؤيديهم. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2000، حكمت المحكمة العسكرية على خمسة عشر متهماً لهم صلة بالإخوان بالسجن لمدد تتراوح بين ثلاث سنوات وخمس سنوات، ومعظم هؤلاء من المحامين وأساتذة الجامعة أو غيرهم من المهنيين المعنيين بالشؤون الانتخابية. كما وقعت أحداث قمع سافرة مشابهة لذلك قبيل انتخابات مجلس الشورى حيث ألقي القبض بصورة تعسفية على 140 من الإخوان المسلمين على الأقل اعتباراً من منتصف أبريل/نيسان، ومن بينهم المرشحون في الانتخابات. وقد أطلق سراحهم جميعاً فيما بعد بدون توجيه اتهام إليهم.

    أما في إيران فقد استمر الصراع على السلطة بين المحافظين والإصلاحيين، على الرغم من النصر الانتخابي الساحق للرئيس محمد خاتمي الذي انتخب رئيساً للمرة الثانية على التوالي في يونيو/حزيران. واستخدم رجال الدين المحافظون الذين يسيطرون على القضاء والمؤسسات الأخرى سلطتهم للقضاء على الصحف وغيرها من المطبوعات المستقلة الموالية لحركة الإصلاح في البلاد، ولسجن دعاة الإصلاح السياسي الذين ينتهجون الوسائل السلمية، ومن بينهم صحفي التحقيقات أكبر جانجي، وزعيم الحركة الطلابية على أفشاري، والسياسي المخضرم عزة الله صحابي. وفي مارس/آذار أمرت المحكمة الثورية في طهران بإغلاق "حركة الحرية" وهي منظمة تدعو منذ أمد طويل إلى حكم إسلامي دستوري يحترم المبادئ الديمقراطية، وكان زعماء هذه المنظمة ضمن النشطاء السياسيين الستين الذين اعتقلوا في مارس/آذار وأبريل/نيسان. وظل آية الله حسين علي منتظري رهن الإقامة الجبرية في مدينة قم على الرغم من تصاعد الاحتجاج على تحديد إقامته، وإن استمر ذيوع تحليله النقدي للنظام السياسي في إيران على نطاق واسع من خلال التسجيلات الصوتية على أشرطة الكاسيت، وعن طريق الإنترنت والاستنساخ الفوتوغرافي لتصريحاته.

    وفي سوريا ومع قيام السلطات بالإفراج عن السجناء السياسيين المحتجزين منذ وقت طويل، وكثير منهم إسلاميون اعتقلوا في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، استُهدف عشرة من النشطاء العلمانيين الموالين للإصلاح فقبض عليهم وتم تحريك الدعوى القضائية ضدهم. وجاءت القبض عليهم في أعقاب الإغلاق الفعلي في وقت سابق خلال العام للمنتديات المدنية المستقلة في البلاد، وهي جماعات الحوار النشط التي ظهرت عند تخفيف بعض القيود في أعقاب وفاة الرئيس حافظ الأسد، فبعثت الحياة من جديد في المجتمع المدني الذي ظل شبه خامل على مدى عقود من القمع. وألمح الرئيس بشار الأسد مسبقاً إلى هذه الإجراءات القمعية عندما أعلن في فبراير/شباط أن "تطور مؤسسات المجتمع المدني في سوريا يجب أن يأتي في مرحلة تالية، ومن ثم فإن هذه المنظمات ليست من بين أولوياتنا".وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2001 بدأت محكمة جنائية في محاكمة اثنين من الإصلاحيين هما عضوا البرلمان رياض السيف ومحمود الحمصي، بينما كان هناك ثمانية آخرون وراء القضبان، منهم السجين السياسي السابق رياض الترك والأكاديمي الكبير عارف دليلة وغيرهم من النشطاء في المحافل المدنية، انتظاراُ للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة.
    وفي لبنان المجاورة تصاعدت الدعوة لاستعادة السيادة اللبنانية والاستقلال التام عن سوريا، وتضمن ذلك المظاهرات الشعبية التي تزعمها الطلبة وغيرهم من النشطاء السياسيين المناهضين لسوريا. ويبدو أن إعادة انتشار حوالي 6000 من جنود القوات السورية من معظم أنحاء العاصمة بيروت في يونيو/حزيران شجع اللبنانيين على المطالبة الصريحة بالانسحاب السوري التام. وعلق الكاردينال نصر الله صفير بطريرك الكنيسة الكاثوليكية المارونية، وأحد كبار منتقدي الهيمنة السورية على لبنان، بأن "الطريق لا يزال طويلاً قبل أن تكون هناك روابط متوازنة". وعندما تم القبض على أكثر من مائتي ناشط من المسيحيين المناهضين لسوريا في أغسطس/آب، بموافقة الرئيس السوري فيما يبدو، تولد غضب شعبي عبر مختلف القطاعات السياسية اللبنانية، وارتفعت أصوات تتهم الدولة بأنها بدأت تتحول إلى دكتاتورية عسكرية تحت زعامة الرئيس إميل لحود القائد العسكري السابق.
    وقد دافع الجيش اللبناني عن اعتقال المعارضين بالقول إنه يعمل من أجل "المصلحة الوطنية العليا" للبنان، لكن نقيب المحامين في بيروت ميشيل ليان أدان عمليات التوقيف على أساس أنها غير قانونية، مشيراً إلى أنه في ظل القانون اللبناني "لا تعد أجهزة الأمن جزءًا من الشرطة القضائية ومن ثم لا يحق لها إلقاء القبض على الأشخاص". وكان المستهدفون من أعضاء أو مؤيدي تنظيم "القوات اللبنانية" الذي يقوده سمير جعجع المحكوم عليه بالسجن المؤبد، وحزب "التيار الوطني الحر" الذي يتزعمه العماد ميشال عون الذين يعيش في المنفى. وكان من بين هؤلاء عشرة من الطلبة الذين أدينوا في عجالة أمام محكمة عسكرية "بتوزيع منشورات تسيء إلى سمعة الجيش السوري وتشوه صورة رئيس الجمهورية اللبنانية"، وحكم عليهم بالحبس لمدد تتراوح بين خمسة أيام وخمسة وأربعين يوماً. واتهم آخرون بأفعال أو كتابات أو أحاديث لا تسمح بها الحكومة وتعرض لبنان لخطر أعمال عدوانية وتفسد علاقته بدولة شقيقة. وفي العاشر من أغسطس/آب حذر مجلس الأمن المركزي للبنان من القيود المستمرة على حرية عقد الاجتماعات مشيراً إلى أن "أي جماعة سياسية لا تتمتع بترخيص أو إذن رسمي يحظر عليها القيام بمظاهرات أو تنظيم إضرابات". واتحد طلاب الجامعات للتظاهر احتجاجاً على تدخل جنود قوات الأمن الداخلي في حرم جامعة سان جوزيف يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني حيث قاموا بإزالة صور لعملاء مخابرات سريين وهم يعتدون على طلبة وأشخاص آخرين في مظاهرة أخرى سابقة احتجاجاً على الاعتقالات التي وقعت في أغسطس/آب. وتمثل هذه الصور جزءًا من معرض طلابي عرضت فيه أيضاً أعلام لبنانية ملفوفة في أشرطة سوداء في إشارة إلى هيمنة سوريا على البلاد. ووصف أحد الزعماء الطلابيين الإجراء الذي اتخذته قوات الأمن الداخلي بأنه "امتداد لعسكرة النظام الحاكم".

    أما أحوال حقوق الإنسان بالغة السوء في البلدان "المغلقة"، مثل العراق والمملكة العربية السعودية، فقد ظلت بمنأىً عن التمحيص والاستقصاء من جانب المراقبين المستقلين المحليين أو الدوليين نظراً للانعدام التام لحرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها في هذين البلدين، واستمرار انعدام الفرصة أمام الجهات الخارجية للوصول إليهما. ولم يكن أمام النقاد، سواء من أصحاب التوجه العلماني أو الديني، أي متسع لممارسة حقوقهم الأساسية، الأمر الذي يُبقي على أنظمة سياسية مشوهة تدين بالولاء والامتنان لدكتاتور مستبد كما في حالة العراق، أو أسرة حاكمة تستأثر بمقاليد السلطة كما في حالة المملكة العربية السعودية.
    وشهد هذا العام تطورات إيجابية في البحرين؛ ففي استفتاء وطني أجري في فبراير/شباط وافق المواطنون البحرينيون رجالاً ونساءً بأغلبية ساحقة على ميثاق وطني ينص على تأسيس سلطة تشريعية تتألف من مجلسين. وقبل التصويت على الميثاق أعلن الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أمير البلاد عفواً عاماً عن أكثر من 400 شخص ما بين معتقلين ومتهمين بجرائم متعلقة بالأمن، وهي فئة تشمل معظم السجناء السياسيين في البلاد. وسمح لأكثر من مائة بحريني كانوا قد نفوا إلى الخارج بالعودة، وفيما بعد عاد المزيد منهم إلى الوطن.
    وفي الأسابيع التي أعقبت الاستفتاء ألغى الأمير قانون أمن الدولة الصادر عام 1974 الذي اعتقل بموجبه آلاف الأشخاص لعدة سنوات بدون محاكمة، ومحكمة أمن الدولة التي تقصر إجراءاتها عن الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وفي يوليو/تموز صدر مرسوم أميري ينص على إنشاء سلطة للنيابة العامة تحت إشراف وزارة العدل، وهو ما يلغي في واقع الحال سلطة الادعاء التي كانت تتمتع بها وزارة الداخلية.
    وظلت الإصلاحات الأخرى المطلوبة في قانون العقوبات والقوانين التي تنظم المطبوعات والجمعيات قيد البحث أمام لجنة الميثاق الوطني التي يرأسها رئيس الوزراء. وتم تكليف لجنة أخرى باقتراح تعديلات لإدخالها على دستور البحرين الصادر عام 1973، والذي أوقفت الحكومة العمل بأحكامه المتعلقة بالحريات المدنية منذ عام 1975. وظلت المادة 18 من قانون العقوبات التي تحرم النشاط السياسي سارية. ولم يكن قد تم تشكيل أي أحزاب سياسية، ولكن ورد أن العديد من التجمعات السياسية - مثل جمعية المصالحة الوطنية الإسلامية والجبهة الديمقراطية الوطنية واتحاد المركز العربي والإسلامي - سمح لها بالتسجيل باعتبارها منظمات اجتماعية وثقافية. واستمرت اللقاءات والتجمعات في الأندية والنقابات المهنية بعد الاستفتاء، ولو أنها من أنها ظلت غير قانونية من الناحية الشكلية، وشعر كثير من البحرينيين أن أكبر المكاسب قد تحققت في مجال حرية التعبير، غير أنهم شعروا بالقلق من عدم اتخاذ خطوات ملموسة لتقنين ضمانات حماية الحقوق الأساسية ورصد تنفيذ الإصلاحات المعلن عنها. واشتد هذا القلق في يوليو/تموز عندما أصرت الهيئة العامة للشباب والرياضة، وهي جهاز رسمي، على ضرورة حصول المنظمات على موافقة مسبقة لعقد الاجتماعات العامة والالتزام بالمبادئ العامة التي تعزز الوحدة الوطنية، ثم في نوفمبر/تشرين الثاني مع فرض حظر النشر على الكاتب الصحفي الكبير حافظ الشيخ.
    ومع انتشار استخدام الإنترنت في أنحاء المنطقة، حاولت السلطات في العديد من الدول تقييد استخدامها كأداة لنشر المعلومات والآراء المستقلة. فلم تخف السلطات السعودية عزمها على مواصلة حجب المحتوى السياسي المنشور على الشبكة الذي تعتبره مرفوضاً، وسارعت الشركات الأجنبية بالتنافس الشديد للفوز بعقد لمساعدة الحكومة في الرقابة على المواد المتاحة للسعوديين على الشبكة. واستمرت السلطات التونسية بصورة دورية في منع التونسيين من دخول مواقع منظمات حقوق الإنسان والصحف الأجنبية التي قد تتضمن انتقادات للحكومة. وفي مصر، التي كان تتسم بالتسامح فيما يتعلق بمحتوى الشبكة، ألقي القبض لأول مرة على مصري بسبب ما نشره على موقع تابع لإحدى شركات الخدمة الأجنبية، حيث ألقت الشرطة القبض على شهدي نجيب في 22 نوفمبر/تشرين الثاني لأنه نشر قصيدة سياسية مثيرة من أعمال والده نجيب سرور على موقعه (www.wadada.net) وهو موقع منشأ على جهاز خادم بالولايات المتحدة. وبعد ثلاثة أيام أخلي سبيل شهدي نجيب بكفالة وبات من المحتمل أن توجه إليه تهمة نشر الخلاعة بسبب هذه القصيدة. وفي المغرب، وهي دولة أخرى لها سجل طيب في التسامح مع التعبير عن طريق الإنترنت، زُعم أن الحكومة حجبت مؤقتاً مواقع جمعية "العدل والإحسان"، وهي حركة سياسية إسلامية. وكانت الحركة فيما مضى قد استخدمت الإنترنت بصورة فيها تحد سافر للرقابة بتوزيعها لقطات فيديو إلكترونياً تبين الشرطة وهي تضرب أنصار هذه الحركة أثناء المظاهرات، وهي مشاهد لم تذع في التليفزيون المغربي قط. وفي الجزائر، التي بدأت مقاهي الإنترنت تتغلغل فيها، وحيث لا توجد أنباء عن حجب مواقع على الإنترنت، دعت الشرطة في إحدى المدن مالكي مقاهي الإنترنت للإبلاغ عن المستخدمين الذين يدخلون على مواقع "هدامة".

    ثم حدث تحول لا يخلو من المفارقة في أكتوبر/تشرين الأول عندما حاولت الحكومة الأمريكية الضغط على أمير قطر في أثناء زيارة له إلى واشنطن لكبح قناة الجزيرة التليفزيونية الفضائية ذات الشعبية الكبيرة، والتي يقع مقرها في الدوحة. فدافع الأمير وعدد من المسؤولين القطرييين دفاعاً علنياً عن حق القناة في بث برامجها وتعليقاتها على الرغم من أن الولايات المتحدة وجدت بعض التقارير التي تبثها من أفغانستان وتغطيتها لأسامه بن لادن غير مقبولة. وقال أحمد الشيخ محرر الأخبار بقناة الجزيرة في مقابلة أجريت معه "إن هذا الموقف الذي يأتي من الولايات المتحدة، التي تعتبر نفسها أقوى نصير لحرية التعبير، يعد غريباً جداً وغير مقبول".
    وتعرضت المرأة في شتى أنحاء المنطقة لانتقاص حقوقها لا لشيء سوى كونها امرأة، وعانت من صور بالغة من التمييز المؤسسي والمجتمعي في كل مناحي حياتها تقريباً. وعلى الرغم من حدوث بعض التطورات الإيجابية فلم تزل عشرات الملايين من النساء محرومات من المساواة الكاملة، باسم الدين والثقافة والتقاليد التي تساق كحجة لمواصلة إخضاع المرأة. ويرتبط استمرار عدم المساواة بقوانين الأحوال الشخصية التي لا تحقق المساواة، وأبرز مثال على ذلك ما يظهر في الجوانب المتعلقة بالزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال، وعدم وجود سبل الإنصاف القضائي الفعالة في حالة جرائم العنف المنزلي. وظلت المرأة تقع ضحية ما يسمى "جرائم الشرف" التي يقوم فيها ذكور من أفراد الأسرة بقتل قريبات لهم عمداً لرد "شرف" الأسرة، وعادة ما يظل مرتكبو هذه الأعمال في نجوة من العقاب (انظر الحقوق الإنسانية للمرأة). وفي العديد من الدول، استمر سريان القوانين التمييزية التي لا تسمح باكتساب الأطفال جنسية أمهاتهم.

    وتعد المملكة العربية السعودية أكبر مثل على ذلك، فالمرأة فيها مضطرة إلى الالتزام بقواعد صارمة فيما يتعلق بالزي الذي ترتديه في الأماكن العامة، وتحرم من حق حمل بطاقة هوية باسمها ومن قيادة السيارات وتخضع لتفرقة صارمة في التعليم والتوظيف وجميع الأماكن العامة. وفي المغرب والجزائر لم تتخذ السلطات أي إجراءات حاسمة أثناء العام لإصلاح قوانين الأحوال الشخصية شديدة التمييز. وظلت المرأة في الكويت محرومة من حق التصويت، ولذلك ظلت تبذل الجهود للحصول على هذا الحق. ولم تشهد المملكة العربية السعودية ظهور أي مؤسسات تشريعية محلية أو وطنية منتخبة ديمقراطياً، ولا يتم فيها تعيين أي نساء لعضوية مجلس الشورى.
    أما البحرين فتمثل خروجاً جديراً بالترحيب عن السيناريو السائد في المنطقة، ويتمثل ذلك في إنشاء المجلس الأعلى للمرأة بمرسوم أميري صدر في 22 أغسطس/آب، وفي القرار الذي أصدره في نوفمبر/تشرين الثاني مجلس الشورى تأييداً لانضمام البحرين إلى اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وذكر عبد العزيز الفاضل وزير الدولة لشؤون مجلس الشورى أن قرار توقيع الاتفاقية استند إلى المادة 2 من دستور البحرين التي تنص على أن الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع، والمادة 18 التي تنص على المساواة بين جميع المواطنين وعلى أن لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
    وفي تطور إيجابي آخر رفض المدعي العام في مصر، في 23 مايو/أيار، دعوى رفعها محامٍ ضد نوال السعداوي الكاتبة النسوية المعروفة لتفريقها عن زوجها بزعم أنها ارتدت عن الإسلام. وكانت هذه القضية قد رفعت في أعقاب تعليق الكاتبة على بعض الموضوعات الدينية في خلال مقابلة إعلامية أجريت في مارس/آذار. كما رفع المدعي دعوى أخرى ضد نوال السعداوي أمام محكمة الأحوال الشخصية التي حكمت في 30 يوليو/تموز برفض القضية.
    go up أعلى الصفحة
  • البيان الصحفي
  • مقدمة الشرق الأوسط
  • الجزائر
  • المغرب
  • إيران
  • العراق وكردستان العراق
  • إسرائيل والسلطة الفلسطينية
  • مصر
  • السعودية
  • تونس
  • سوريا
  • اليمن



  • Human Rights Watch Home التقارير السابقة : 1999 |2000 |2001
    الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
    الصفحة الرئيسية

    Human Rights Watch