Human Rights Watch
ساهم في الدفاع عن حقوق الإنسان


1. ملخص
2. توصيات
3. سيطرة الدولة على إنتاج القطن وتحرير إنتاجه
4. الأطفال العاملون بأجر والفقر في الريف
5. الحماية القانونية للأطفال العاملين
6-الأطفال العاملون في مكافحة آفات القطن
7. خاتمة
  • الهوامش
  • شكر وتقدير
  • تقارير أخرى

  • نقض العهود
  • حماية الاطفال العاملين بالمزارع في الولايات المتحدة

  • 5. الحماية القانونية للأطفال العاملين

    يخضع تشغيل الأطفال في مصر لاتفاقية حقوق الطفل، ومصر من الدول الأطراف فيها، ولأحكام قانون الطفل المصري الذي أصدرته مصر تلبية لالتزاماتها بموجب الاتفاقية المذكورة. وتمثل هاتان الوثيقتان القانونيتان الإطار اللازم لحماية الأطفال العاملين، والذي يتضمن حقوقاً مدنية وسياسية، مثل الحماية من سوء المعاملة، إلى جانب حقوق اقتصادية واجتماعية من بينها حقوق تتعلق بصحة الطفل وتعليمه؛ فهما مجموعتان من المعايير التي تنص على تنظيم ساعات وظروف عمل الأطفال، وتتضمن حقوقاً تتعلق بالعلاج من إصابات العمل أو أمراضه، والحماية من الأعمال الخطرة.
    القانون المصري
    ناقش مجلس الشعب المصري قانون الطفل ووافق عليه في عام 1996، بناءً على توصيات علماء الاجتماع ودعاة حقوق الطفل المصريين بالتوفيق بين التشريعات المحلية في مصر واتفاقية حقوق الطفل (20). ويحظر قانون الطفل تشغيل الأطفال قبل الرابعة عشر من العمر، ولكنه يسمح للأطفال فيما بين الثانية عشرة والرابعة عشرة بتلقي التدريب المهني من أصحاب العمل، وبالمشاركة في "أعمال موسمية لا تضر بصحتهم أو نموهم ولا تخل بمواظبتهم على الدراسة" (21). ويحدد القانون يوم العمل للطفل بست ساعات، على ألا يشتغل أكثر من أربع ساعات متصلة؛ ويشترط إتاحة فترة راحة واحدة أو أكثر لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة. كما يحظر القانون تشغيل الأطفال ساعات عمل إضافية، أو تشغيلهم في أيام الراحة الأسبوعية أو العطلات الرسمية، أو تشغيلهم فيما بين الساعة الثامنة مساءً والسابعة صباحاً (22).
    ويخضع تنفيذ قانون الطفل للائحته التنفيذية الصادرة في عام 1997 بموجب قرار من رئيس الوزراء؛ وهي تفرض عدة التزامات إضافية على أصحاب العمل، من بينها توفير أدوات الحماية الشخصية للأطفال وتعليمهم كيفية استخدامها، إلى جانب ضمان التزام الأطفال بما تعلموه (23)؛ كما تلزم أصحاب العمل بحسن معاملة الأطفال العاملين لديهم، وتوفير المياه النقية لهم، وتزويد كل طفل بمائتي جرام من اللبن يومياً، وضمان علاجهم من إصابات العمل وأمراض المهنة (24). وتشترط اللائحة التنفيذية على أصحاب الأعمال أيضاً إجراء الفحوص الطبية اللازمة للأطفال قبل تشغيلهم، للتحقق من سلامتهم ولياقتهم الصحية لنوع العمل الموكل إليهم، وتلزمهم باتخاذ الخطوات اللازمة لضمان توقيع الكشف الطبي على الأطفال العاملين لديهم مرة واحدة في السنة على الأقل، وعند انتهاء عمل الطفل "وذلك للتأكد من خلوه من الأمراض المهنية وإصابات العمل" (25). ولا يجوز تشغيل أي طفل يتراوح عمره بين الثانية عشرة والرابعة عشر من العمر في عمل موسمي إذا كانت حالته الصحية، طبقاً للبيانات المسجلة في بطاقته الصحية، "تحول دون ذلك"(26) .
    ولكن قانون الطفل لا يعرّف بل ولا يضع حدوداً للأمراض المهنية، وكذلك تخلو لائحته التنفيذية من أي تعريف أو تحديد يفسر ذلك القانون، ولكن يجوز للمحاكم أن ترجع في تفسير هذا النص إلى قائمة الأمراض المهنية المرفقة بقانون التأمين الاجتماعي المصري الصادر عام 1975، وهو القانون الذي يضع نظاماً للتأمين الاجتماعي يشمل تأمين المرض، وتأمين إصابات العمل والعجز والوفاة (27)، ولو أنه ينطبق بالأساس على العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة، والهيئات العامة، والمؤسسات العامة، والوحدات الاقتصادية بالقطاع العام، وكذلك على العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل بشرط ألا تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً، وأن تكون علاقة العمل التي تربطهم بصاحب العمل "منتظمة" (28). وأما الأمراض التسعة والعشرون المدرجة في القائمة المقابلة فلا تتضمن إلا عدداً جد محدود من الأمراض المهنية يصاب بها العمال الزراعيون بصفة خاصة(29) . ومن ثم فإذا أُصيب أحد العاملين بمرض غير مدرج بالقائمة، كان عليه أن يثبت وجود علاقة سببية بين عمله وبين المرض الذي أُصيب به(30).
    وشهد عام 1991 تقديم قائمة معدلة اقترحتها لجنة تتكون من ممثلي الجامعات المصرية، والهيئة القومية للتأمين الصحي، ووزارة الصحة، والمعهد القومي للسلامة والصحة المهنية، والصناعات الحربية؛ ولكن مقترحات هذه اللجنة لم يؤخذ بها، وكانت تقضي بتوسيع القائمة بإضافة التسمم بالمواد العضوية وغير العضوية، والأمراض الناشئة عن الحرارة وغيرها من العوامل الطبيعية والاضطرابات العضلية والهيكلية الراجعة إلى طبيعة العمل(31).
    القانون الدولي
    تقر المادة 32 من اتفاقية حقوق الطفل، التي صادقت عليها مصر في 6 يوليو/تموز 1990، بحق الطفل في "حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي". كما تلزم الاتفاقية الدول الأطراف باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية اللازمة لضمان تنفيذ المادة 32، بما في ذلك "وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه"، و"فرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة" (32).
    وتتعرض عدة أحكام أخرى من الاتفاقية لمعاملة الأطفال العاملين، بما في ذلك الحق الذي تضمنه الدولة في الانتفاع بـ"مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي"، والتعليم الابتدائي الإلزامي المجاني، والراحة ووقت الفراغ (33). وتحظر الاتفاقية تعرض أي طفل "للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة"، شأنها في ذلك شأن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه مصر في 12 يناير/كانون الثاني 1982(34).
    وقد اعتمدت منظمة العمل الدولية في يونيو/حزيران 1999 الاتفاقية رقم 182، وهي الاتفاقية الخاصة بأسوأ أشكال عمل الأطفال، والتي تلزم الدول الأطراف فيها "باتخاذ إجراءات فورية وفعالة لضمان حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها باعتبار ذلك مسألةً عاجلة" (35). وعلى الرغم من أن مصر لم تصادق بعد على الاتفاقية 182، فإن الاتفاقية تساعدنا في تفسير التزام مصر بموجب اتفاقية حقوق الطفل بحماية الطفل من الأعمال التي يحتمل أن تكون خطرة أو أن تضر بالصحة أو النمو.
    أما "أسوأ أشكال عمل الأطفال"، بموجب تلك الاتفاقية، فمن بينها "العمل بالسخرة أو قسراً" وكذلك "الأعمال التي يحتمل ـ إما بسبب طبيعتها أو بسبب الظروف التي تُؤدَّى فيها ـ أن تعود بالضرر على صحة الأطفال أو سلامتهم أو أخلاقهم" (36).
    وأما أنواع العمل التي تشملها الفئة الأخيرة فتبتُّ فيها وتحددها الدول الأطراف بالتشاور مع منظمات أصحاب العمل والعمال، آخذة في اعتبارها المواثيق الدولية، خاصة توصية منظمة العمل الدولية رقم 190، بعنوان أسوأ أشكال عمل الأطفال (37). وكانت هذه التوصية قد صدرت في عام 1999 بمصاحبة الاتفاقية رقم 182، وتنص على ضرورة النظر في عدة أمور منها الأعمال التي تعرض الأطفال للأذى البدني، و"العمل في بيئة غير صحية قد تؤدي إلى تعريض الأطفال مثلاً للمواد أو العوامل أو العمليات الخطرة، أو إلى ما يضر بالصحة من درجات الحرارة، أو مستويات الضجيج أو الذبذبات"، و"إلى العمل في ظروف بالغة الصعوبة، مثل العمل ساعات طويلة أو العمل الذي لا يسمح بإمكان العودة إلى المنزل كل يوم"(38) .
    كما تدعو الاتفاقية رقم 182 الدول الأطراف إلى منع الأطفال من القيام بالأعمال التي ينطبق عليها تعريف أسوأ أشكال عمل الأطفال، وتقديم المساعدة المباشرة في تخليص الأطفال المشتغلين فعلاً بأسوأ أشكال عمل الأطفال، وتحديد الأطفال المعرضين للمخاطر ومد يد العون إليهم (39).
    إن عدم قيام التعاونيات الزراعية المصرية بحماية الأطفال العاملين لديها من التعرض للمبيدات والحرارة، وفرض ساعات عمل طويلة وغير مشروعة عليهم، على نحو ما هو مسجل في هذا التقرير، يرقى في نظرنا إلى مستوى أسوأ أشكال عمل الأطفال؛ ولم تكتف الدولة بالتقاعس عن حماية الأطفال من القيام بالعمل في ظل هذه الظروف، بل إنها تتحمل المسؤولية المباشرة عن استمرار هذه الأحوال بسبب توجيهها للتعاونيات وبسبب البرنامج المصري لمكافحة آفات القطن.


    الصفحة الرئيسية || حقوق الطفل || موضوعات عالمية || البريد اللإلكتروني