في 2015، شهدت تونس عدّة هجمات قاتلة نفذها متطرفون إسلاميون، خلفت عشرات القتلى والجرحى. ففي 18 مارس/آذار، هاجم مسلحان متحف باردو المحاذي للبرلمان، وقتلا 21 سائحا أجنبيا وعنصرا واحدا من قوات الأمن. وفي 26 يونيو/حزيران، فتح مسلح النار في منتجع سياحي شاطئي في سوسة، فقتل 38 سائحا أجنبيا. وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني، تسبب هجوم انتحاري على حافلة في مقتل 12 عنصرا من الأمن الرئاسي، وإصابة 20 آخرين بجروح، بينهم مدنيين. دفعت هذه الهجمات إلى تفعيل قانون 1978 المتعلق بإعلان حالة الطوارئ، ما سمح للسلطات بحظر الإضرابات والمسيرات التي اعتبرت أن من شأنها تهديد النظام العام، ومنع التجمعات التي قد تنتج عنها فوضى.
الدستور
يكفل دستور 2014 الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الأساسية، ولكن السلطات التونسية لم تحرز تقدما يُذكر في إصلاح التشريعات التي لا تتناسب معه، وخاصة المجلة الجزائية (قانون العقوبات) ومجلة الإجراءات الجزائية.
يمنح الفصل 29 من الدستور لكل محتجز الحق في أن ينيب محاميا، ولكن مجلة الإجراءات الجزائية لا تنص على أنه يحق للمحتجز الاتصال بمحام إلا بعد المثول أمام قاضي تحقيق، أي بعد 6 أيام علي اقصي تقدير من الاعتقال. لم يشرع البرلمان بعد في مناقشة مشروع قانون يهدف إلى إصلاح مجلة الإجراءات الجزائية كانت قد اقترحته الحكومة السابقة في أبريل/نيسان 2013.
سيضمن هذا التنقيح، إن تم تبنيه، حق المحتجزين في الاتصال بمحام في وقت وجيز بعد الاعتقال، وحضور المحامي أثناء الاستجواب وجلسات المحاكمة.
ما زالت المجلة الجزائية ومجلة القضاء العسكري وقانون الاتصالات تتضمن أحكاما تفرض عقوبات بالسجن على جرائم التعبير، مثل التشهير بموظفين عموميين، وتهديد النظام العام والآداب العامة، ونشر معلومات زائفة.
حرية التعبير
في 2015، حاكمت السلطات عديد الأشخاص بسبب مزاعم تتعلق بالتشهير أو "إهانة" موظفين عموميين، وبتهم تتعلق بـ "تعكير صفو النظام العام" و"الآداب العامة". كما استخدمت السلطات قانون مكافحة الإرهاب لمحاكمة بعض الصحفيين والمدونين على خلفية نشرهم لمعلومات أو آراء.
وجهت السلطات القضائية إلى نور الدين المباركي، رئيس تحرير موقع "آخر خبر أونلاين"، تهمة التواطؤ مع الإرهاب في 8 يوليو/تموز بسبب نشر صورة فوتوغرافية لـ سيف الدين الرزقي، وهو ينزل من سيارة يقودها شخص آخر، قبل أن يقتل 38 سائحا أجنبيا في هجوم سوسة في 26 يونيو/حزيران.
كما احتجزت السلطات عبد الفتاح سعيّد، وهو أستاذ، ووجهت له نفس التهمة في 22 يوليو/تموز بعد أن نشر مقطع فيديو على "فيسبوك" اتهم فيه قوات الأمن بالتخطيط لهجوم سوسة، ودفع الرزقي إلى تنفيذه. كما وجهت له تهمة "التشهير بموظف عمومي" بسبب نشر رسم كاريكاتوري لرئيس الحكومة الحبيب الصيد على صفحته على فيسبوك.
في 2 مارس/آذار، قضت محكمة الاستئناف العسكرية بسجن المدون المعروف ياسين العياري لمدة 6 أشهر بسبب تعليقات على فيسبوك انتقد فيها الجيش وقياداته العليا. وكان العياري قد نشر عدة تعليقات في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2014 وجه فيها انتقادات لوزير الدفاع بسبب رفض تعيين مدير جديد للمخابرات العسكرية، واتهمه بإضعاف المؤسسات العسكرية. أمضى العياري 4 أشهر في السجن ثم أطلق سراحه في 16 أبريل/نيسان 2015.
العدالة الانتقالية والمساءلة
في 24 ديسمبر/كانون الأول 2013، تبنى المجلس الوطني التأسيسي القانون الخاص بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها.
تضمن القانون مقاربة شاملة للتصدي للانتهاكات الحقوقية السابقة، فنص على المحاسبة الجنائية من خلال إنشاء غرف متخصصة داخل نظام المحاكم المدنية للفصل في القضايا الناتجة عن انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي، بما فيها الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن.
ينص القانون أيضا على تشكيل "هيئة الحقيقة والكرامة" المكلفة بالكشف عن حقيقة الانتهاكات المرتكبة في الفترة منذ يوليو/تموز 1955، قبيل الاستقلال عن فرنسا، وحتى 2013، تاريخ تبني القانون. انتخب المجلس الوطني التأسيسي 15 من أعضاء الهيئة في 15 مايو/أيار 2014. وفي أغسطس/آب 2015، قالت الهيئة إنها استلمت 16 ألف تظلّم من أشخاص حول مزاعم تتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان، وإنها بدأت في دراسة الملفات.
إلا أن الحكومة صادقت في 14 يوليو/تموز على مشروع قانون يتعلق بالمصالحة الاقتصادية والمالية، يحظى بدعم من الرئيس الباجي قايد السبسي. إن تم تبنيه، سيمنح هذا القانون عفوا واسعا على مسؤولين من حقبة الرئيس السابق بن علي، وسيوقف الملاحقات القضائية والمحاكمات، ويُلغي الأحكام الصادرة ضد أصحاب الأعمال الفاسدين الذي يتقدمون بطلب مصالحة لدى لجنة تحت إشراف الدولة.
القانون المقترح من شأنه تهديد هيئة الحقيقة والكرامة، التي يمنحها قانون العدالة الانتقالية صلاحية التوسط في القضايا المتعلقة بالفساد والجرائم الاقتصادية، التي كانت متفشية أثناء 23 سنة من حكم الرئيس السابق بن علي.
مكافحة الإرهاب وتأثيرها على حقوق الانسان
في 25 يوليو/تموز، تبنى البرلمان التونسي قانونا جديدا لمكافحة الإرهاب فيه تهديد لحقوق الانسان ويفتقر إلى ضمانات كافية ضدّ الانتهاك. يمنح القانون، الذي عوّض قانون سنة 2003 الذي سنته إدارة بن علي، لقوات الأمن سلطات واسعة وغامضة لمراقبة الأشخاص، ومدد فترة احتجاز المشتبه بهم في قضايا الإرهاب بمعزل عن العالم الخارجي من 6 أيام إلى 15 يوما، وسمح للمحاكم بعقد جلسات مغلقة، وعدم الكشف عن هويات الشهود أمام المتهمين.
خلص بحث أجرته هيومن رايتس ووتش في يوليو/تموز إلى أن السلطات التونسية قامت ـ باسم مكافحة الإرهاب ـ بمنع سفر الأشخاص دون 35 سنة إلى بلدان مثل الجزائر وليبيا والمغرب وتركيا ما لم يحملوا تراخيص أبوية، رغم أن القانون التونسي لا ينص على ضرورة الحصول على هذه التراخيص.
استقلالية القضاء
يضمن الدستور استقلالية القضاء. في 15 مايو/أيار، صادق البرلمان على قانون يتعلق بإنشاء مجلس أعلى للقضاء يحظى بصلاحيات دستورية، من وظائفه تعيين القضاة والمسائل التأديبية والترقيات الوظيفية.
بعد تبني القانون بأسبوع، طعن 30 نائبا في القانون الجديد لدى لجنة دستورية القوانين، وهي هيئة وقتية، معترضين على تركيبة المجلس، وقالوا إن الصلاحيات الممنوحة له لا تخوله تنفيذ أحكام القسم الخاص بالسلطة القضائية في الدستور. في يونيو/حزيران، أصدرت الهيئة الوقتية قرارا بإسقاط القانون، وأرجعته إلى البرلمان لمراجعته. في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، تبنى البرلمان النسخة النهائية من القانون، وراعى توصية هيئة دستورية القوانين المتعلقة بإلغاء عضوية النيابة العسكرية فيه.
التعذيب وسوء المعاملة
في مايو/أيار 2014، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب إن النيابة والقضاة التونسيين لم يتخذوا خطوات كبيرات في محاكمة التعذيب الموروث عن حقبة بن علي، وبعد ثورة 2011.
استمر هذا الفشل في 2015 رغم أن المجلس الوطني التأسيسي كان قد تبنى قانونا لإنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، وعدد أعضائها 16، في أكتوبر/تشرين الأول 2013، ولكن إلى حدود سبتمبر/أيلول ما زال البرلمان لم يكوّن الهيئة. من صلاحيات هذه الهيئة القيام بزيارات تفتيش غير معلنة لمراكز الاحتجاز.
في 2015، كان لا يزال القانون التونسي يسمح للشرطة بمنع المحتجزين من الاتصال بمحام أثناء أيام الاحتجاز الستة الأولى، وهي الفترة التي عادة ما يتعرض فيها الموقوفون إلى ضغوط "للاعتراف". مدد قانون مكافحة الإرهاب الذي تم تبنيه في يوليو/تموز في هذه الفترة إلى 15 يوما في القضايا التي فيها مشتبه بهم في أعمال إرهابية، ما يزيد من احتمال وقوع تعذيب.
شهدت سنة 2015 توثيق عدة حوادث تعذيب وأعمال سوء معاملة أخرى. ففي 4 أغسطس/آب، قدم 7 محتجزين يُشتبه بتورطهم في الارهاب شكاوى رسمية بالتعرض الى التعذيب بعد أن أطلق سراحهم. ولكن بعد ذلك بقليل، قام أعوان شرطة مكافحة الارهاب، المتهمون بالتعذيب، بالقبض عليهم مجددا. خضع الرجال إلى فحوص شرعية خلصت الى أن 5 منهم يحملون آثارا تتناسب مع مزاعم التعذيب التي تحدثوا عنها. وفي 10 أغسطس/آب، فتحت النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية بتونس تحقيقا، ولكن نتائجه لم تكشف بعد حتى كتابة هذه الأسطر.
وفي وقت سابق، فتحت النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية بـ سيدي بوزيد تحقيقا في قضية عبد المجيد الجدي الذي توفي في 13 مايو/أيار وهو محتجز في مركز الحرس الوطني. وكان الجدي قد رفع دعوى بالتعرض الى التعذيب قبل ذلك بأربعة أسابيع على يد أعوان من نفس الوحدة لما احتجزوه في فبراير/شباط. ذكر تقرير الطب الشرعي وجود جروح على جسمه، ولكن إلى حد كتابة هذا الملخص لم تعلن النيابة عن نتائج التحقيق.
حقوق النساء
تضمن دستور سنة 2014 حماية أقوى لحقوق النساء، وألزم تونس بالعمل على تحقيق التناصف بين الجنسين في المجالس المنتخبة.
تونس لها مجلة أحوال شخصية تمنح المرأة حقوقا عائلية أوسع مما تسمح به قوانين بلدان أخرى في المنطقة، ولكن المجلة مازالت تحتوي على أحكام تمييزية. هذه الأحكام تحرم المرأة من الحصول على نصيب مساو لنصيب الرجل في الميراث، ويمنعها من حضانة أبنائها إذا تزوجت من رجل آخر، وهو ما لا ينطبق على الرجل.
في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، تبنى البرلمان التونسي قانونا جديدا سيسمح للمرأة بالسفر مع أبنائها القُصّر دون الحصول على ترخيص من والدهم.
التوجه الجنسي والهوية الجنسية
تعاقب المجلة الجزائية التونسية السلوك الجنسي الذي يتم بين شخصين من نفس الجنس بالتراضي بالسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات. في مارس/آذار، حصلت "جمعية شمس"، للمثليين والمثليات وذوي التفضيل الجنسي المزدوج والمتحولين والمتحولات جنسيا، على ترخيص قانوني. وفي 22 سبتمبر/أيلول، حُكم على رجل (22 سنة) بالسجن لمدة سنة بتهمة المثلية الجنسية، بعد أن أجبر على إجراء فحص شرجي، وهي ممارسة ترقى إلى التعذيب.
الأطراف الدولية الرئيسية
التزمت عدة وكالات أممية وحكومات أجنبية بدعم تونس في مرحلتها الانتقالية بعد ثورة 2011، وركزت جهودها على تقديم مساعدة فنية ومالية للاقتصاد والقطاع الخاص، ودعم قطاع الأمن، ودعم المجتمع المدني والممارسات الديمقراطية.
في يوليو/تموز، وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الباجي قايد السبسي اتفاقا في واشنطن يمنح تونس مرتبة الشريك المتقدم غير العضو في حلف الناتو، ما يُمكّنها من الحصول على تدريبات أمنية وتمويل عسكري لبعض المعدات الدفاعية.
في يوليو/تموز، زار فريق الأمم المتحدة العامل المعني باستخدام المرتزقة تونس، وخلص إلى أن 6 آلاف تونسي غادروا البلاد والتحقوا بجماعات متطرفة في سوريا والعراق ومالي وليبيا. دعا الفريق الحكومة إلى وقف تدفق التونسيين على الجماعات المتطرفة في الخارج بشكل عاجل، وتفكيك شبكات التجنيد، ووضع وتنفيذ خطة شاملة لحل المشكل.