Skip to main content

تونس

أحداث عام 2016

امرأة تجلس خارج منزلها الذي تضرّر بسبب القتال بين مجاهدي "الدولة الإسلامية" والقوات الحكومية، بن قردان، قرب الحدود مع ليبيا، 12 أبريل/نيسان 2016.

© 2016 زهرة بن سمرة/رويترز

بعد 6 سنوات من الإطاحة بالرئيس المستبد زين العابدين بن علي، استمرّت تونس في تعزيز حماية حقوق الإنسان، رغم حصول انتهاكات خطيرة.

يسمح إصلاح "مجلة الإجراءات الجزائية" للمحتجزين بالاتصال بمحام أثناء الإيقاف، مما سيعزز حمايتهم من التعذيب وسوء المعاملة وانتزاع الاعترافات قسرا.

في خطوة من شأنها تعزيز استقلالية القضاء، تبنى المشرعون التونسيون قانونا أنشأ "المجلس الأعلى للقضاء"، والمحكمة الدستورية التي ستكون لها سلطة إسقاط القوانين غير المتسقة مع الدستور، بما في ذلك الباب المتعلق بالحقوق والحريات. تم تركيز الهيئة الأولى بعد انتخابات المجلس الأعلى للقضاء.

لكن تواصل حصول انتهاكات حقوقية خطيرة، مثل التعذيب والإقامة الجبرية التعسفية وتقييد السفر بموجب حالة الطوارئ التي أعلنت في نوفمبر/تشرين الثاني 2015. كما استمرت الانتهاكات ضد المثليات والمثليين وذوي التوجه الجنسي المزدوج ومتحولي النوع الاجتماعي، ولم تتحقق المحاسبة عن انتهاكات الماضي.

أعلن الرئيس الباجي قائد السبسي حالة الطوارئ عقب هجوم انتحاري على حافلة أودى بحياة 12 عنصرا من الحرس الرئاسي. حتى كتابة هذا الملخص، مازالت حالة الطوارئ سارية المفعول، وتم تجديدها في 16 سبتمبر/أيلول 2016. تعتمد حالة الطوارئ على مرسوم يعود لسنة 1978 يسمح للسلطات بحظر الاضرابات والمسيرات التي تُعتبر تهديدا للنظام العام، ويمنع التجمعات "التي من شأنها الإخلال بالأمن"، ويمنح الحكومة صلاحيات واسعة لتقييد الإعلام ووضع الأشخاص تحت الإقامة الجبرية.

الدستور

يكفل دستور 2014 العديد من الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الأساسية، ولكنه لم يُلغ عقوبة الإعدام، رغم أن السلطات لم تطبقها منذ بداية التسعينات.

حققت السلطات تقدما في ملاءمة التشريعات مع الدستور. على سبيل المثال، تبنى البرلمان في 2 فبراير/شباط 2016 تعديلات لمجلة الإجراءات الجزائية صارت تمنح المشتبه بهم الحق في الاتصال بمحام منذ لحظة الاعتقال، وقلصت فترة الإيقاف الاحتياطي القصوى إلى 48 ساعة، قابلة للتجديد مرة واحدة، في جميع الجرائم باستثناء الجرائم الإرهابية التي يُمكن أن يدوم فيها الإيقاف الاحتياطي 15 يوما.

ضمن دستور 2014 استقلالية القضاء، ونصّ على تأسيس المجلس الأعلى للقضاء. وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، اعتمد البرلمان قانونا يُنشئ المجلس الأعلى للقضاء، ومن مهامه تعيين القضاة والإشراف على مسائل التأديب والترقيات المهنية. منع القانون رئيس الجمهورية ووزير العدل وجميع مسؤولي السلطة التنفيذية عن عضوية المجلس، بخلاف ما كان عليه المجلس السابق الذي كان فاقدا للمصداقية في حقبة بن علي.

رغم هذه الخطوات الإيجابية، مازالت تونس في حاجة إلى إصلاحات واسعة أخرى لتجعل قوانينها متسقة مع الدستور والمعايير الدولية.

نصّ الدستور على إنشاء محكمة دستورية لها سُلطة النظر في دستورية القوانين، وإسقاط القوانين التي لا تتلاءم مع معايير حقوق الإنسان المكفولة في الدستور. في 3 ديسمبر/كانون الأول 2015، تبنى البرلمان "القانون الأساسي رقم 50 المتعلق بالمحكمة الدستورية"، ومن صلاحياتها إسقاط القوانين غير المتسقة مع أحكام الدستور المتعلقة بحقوق الإنسان. ولكن حتى كتابة هذا الملخص، لم تُنشئ السلطات المحكمة بعد، ولم تعيّن أعضاءها.

حرية التعبير

في 2011، طوّرت السلطات الانتقالية "المجلة الجزائية" (قانون العقوبات) والقانون المتعلق بوسائل الإعلام فألغت أغلب العقوبات الجنائية التي كان هذان القانون يفرضانها على جرائم التعبير. ولكن المجلة الجزائية و"مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية" و"مجلة الاتصالات" مازالت تحتوي على مواد تفرض عقوبات بالسجن على جرائم التعبير.

في 26 سبتمبر/أيلول، وجهت النيابة العسكرية للصحفي جمال العرفاوي تهمة "إهانة الجيش" عملا بالفصل 91 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، التي تصل عقوبتها إلى 3 سنوات سجنا. تعود هذه التهمة إلى مقال نشره في 30 يوليو/تموز تساءل فيه عن تقصير الجيش في التحقيق في سقوط طائرة تسبب في وفاة ضابطين. عند كتابة هذا الملخص، كان العرفاوي في حالة سراح في انتظار المحاكمة.

استُخدم الفصل 125 من المجلة الجزائية، الذي يُجرّم "هضم جانب [إهانة] موظف عمومي"، من قبل الشرطة لاعتقال الأشخاص – بعضهم تعرّض للمحاكمة والسجن – فقط لأنهم جادلوا الشرطة أو لم يمتثلوا لأوامرها بسرعة. كما استُخدم ضدّ أشخاص رفعوا دعوى، أو يُعتقد أنهم سيرفعون دعاوى، ضدّ الشرطة.

تعرّض صحفي ومدوّن للمحاكمة في 2016 بموجب الفصل 125. اعتقل معز الجماعي، الذي يعمل لصالح جريدة الكترونية، في قابس في 18 سبتمبر/أيلول، واتهم في اليوم التالي بإهانة الشرطة. كما مثلت المدونة المعروفة لينا بن مهنى في 19 سبتمبر/أيلول أمام قاضي المحكمة الابتدائية في مدنين بتهمة إهانة الشرطة. تعود أطوار القضية إلى سنة 2014 لما زعمت أنها تعرضت للضرب على يد الشرطة أمام مركز للشرطة في جربة.

العدالة الانتقالية والمحاسبة

رغم أن قوات الأمن كانت تمارس التعذيب على نطاق واسع في فترة الرئيس السابق بن علي، إلا أن السلطات لم تنجح – بعد 5 سنوات من إسقاطه – في التحقيق في أغلب حالات التعذيب أو محاسبة المسؤولين عنها. كما لم تحاسب السلطات أيّا كان عن عقوبات السجن ذات الدوافع السياسية التي طالت آلاف الأشخاص بعد محاكمات جائرة أثناء فترة بن علي.

في 24 ديسمبر/كانون الأول 2013، تبنى "المجلس الوطني التأسيسي" "القانون الخاص بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها".

 تضمن القانون مقاربة شاملة للتصدي للانتهاكات الحقوقية السابقة، فنص على المحاسبة الجنائية من خلال إنشاء غرف متخصصة داخل نظام المحاكم المدنية، للفصل في القضايا الناتجة عن الانتهاكات الحقوقية التي حصلت بين يوليو/تموز 1955 وديسمبر/كانون الأول 2013.

نص القانون أيضا على تشكيل "هيئة الحقيقة والكرامة" المكلفة بالكشف عن حقيقة الانتهاكات المرتكبة في الفترة منذ يوليو/تموز 1955، قبيل الاستقلال عن فرنسا، وحتى 2013، تاريخ تبني القانون. انتخب المجلس الوطني التأسيسي 15 من أعضاء الهيئة في 15 مايو/أيار 2014. قالت الهيئة إنها استلمت 62065 تظلّما من أشخاص حول مزاعم تتعلق بانتهاكات حقوقية، وإنها بدأت في دراسة الملفات. وفي 17 و18 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، عقدت الهيئة أولى جلساتها العلنية للاستماع لشهادات الضحايا حول انتهاكات الماضي. تم بث الجلسات مباشرة على محطات التلفزيون والإذاعة الوطنية.

استغلت عائلة بن علي وأصدقاؤه المال العام وأراضي الدولة لمصلحتهم الخاصة، واستعملوا مؤسسات الدولة، مثل البنوك العامة وجهاز القضاء والشرطة، لتحقيق مصالح شخصية ومعاقبة كل من عارض مشاريعهم، بحسب تقرير "لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة" الصادر في 2012.

في يونيو/حزيران 2016، بدأ البرلمان في مناقشة قانون "المصالحة الاقتصادية والمالية" الذي وافقت عليه الحكومة في 2015 بمساندة قوية من الرئيس قايد السبسي. إن اعتُمد هذا القانون، فسيُلغي المحاكمات الحالية والمستقبلية للموظفين العموميين ورجال الأعمال المتهمين بالفساد المالي وسوء التصرف بالمال العام، شرط أن يتفاوضوا حول اتفاق "مصالحة" مع لجنة حكومية قصد ارجاع الأموال التي تم جنيها بطريقة غير مشروعة إلى خزينة الدولة.

الأمن ومكافحة الإرهاب

حصلت مواجهات متقطعة بين قوات الأمن التونسية ومقاتلين إسلاميين تسببت في سقوط قتلى من الجانبين. في 7 مارس/آذار، هاجمت مجموعة من المقاتلين بلدة بن قردان القريبة من الحدود مع ليبيا، واستهدفت ثكنة ومنازل لضباط في الجيش. قُتل 36 مقاتلا في المعركة، إضافة إلى 7 مدنيين و12 من عناصر الأمن.

في قضايا الإرهاب، تم تبني قانون في 2 فبراير/شباط صار يسمح لقاضي التحقيق والنيابة العامة بتأخير الاتصال بمحام 48 ساعة إضافية، ومنح للشرطة سلطة احتجاز المشتبه فيهم بالإرهاب لمدة تصل إلى 15 يوما.

منذ إعلان حالة الطوارئ في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، تم وضع 139 تونسيا قيد الإقامة الجبرية غير المحددة، دون توجيه تهم إليهم، بموجب قرارات صادرة عن الشرطة بشكل شفهي، ودون وثائق، ما يحرم الأشخاص المتأثرين من إمكانية الطعن في القرارات في المحاكم. تسببت هذه الإجراءات في صعوبات اقتصادية، ووصمت الأشخاص المستهدفين، ومنعتهم من الدراسة والعمل.

التعذيب وسوء المعاملة

صادق المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر/تشرين الأول 2013 على تشريع لإنشاء "الهيئة العليا للوقاية من التعذيب". وفي 30 مارس/آذار 2016، انتخب البرلمان أعضاء الهيئة الـ 16. هذه الهيئة لها سلطة إجراء تفتيشات غير معلنة لأماكن الاحتجاز.

رحبت "لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" في ملاحظاتها الختامية، بعد النظر في تقرير تونس الدوري الثالث أثناء دورتها التي عقدت من 19 إلى 21 أبريل/نيسان 2016، بالتقدم التشريعي الذي حققته تونس في مكافحة التعذيب. ولكنها لاحظت بقلق استمرار التعذيب أثناء الاحتجاز، مع وجود تقارير متسقة حول عدم بذل العناية الواجبة من قبل القضاة في مراقبة الشرطة العدلية أثناء التحقيق في التعذيب وسوء المعاملة.

حقوق النساء

أحرزت تونس، التي طالما نُظر إليها على أنها أكثر الدول العربية تقدميّة في مجال حقوق المرأة، خطوات إضافية هامة في هذا المجال. تم إدراج مبدأ المناصفة بين الجنسين في القانون الانتخابي، ما فرض على الأحزاب السياسية تقديم قوائم انتخابية تتضمن عدادا متساويا من المترشحين من كلي الجنسين. نتج عن ذلك انتخاب 68 امرأة، من أصل 217 نائبا، في الانتخابات البرلمانية لسنة 2014. وفي يونيو/حزيران 2016، تبنى البرلمان تعديلا للقانون الانتخابي صارت بموجبه الأحزاب مُلزمة باختيار نصف رؤساء قائماتها الانتخابية على الأقل من النساء في الانتخابات المحلية والجهوية مستقبلا.

في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، اعتمد البرلمان قانونا جديدا يسمح للمرأة بالسفر مع أطفالها القاصرين دون موافقة الأب.

تمنح "مجلة الأحوال الشخصية" للمرأة التونسية مجموعة واسعة من الحقوق،  إلا أنها ما زالت تحتوي على مواد تمييزية، لا سيما في مسألة الميراث.

التوجه الجنسي والهوية الجندرية

تُعاقب المجلة الجزائية السلوك الجنسي المثلي بالتراضي بالسجن حتى 3 سنوات. كما تُستخدم الفحوص الشرجية كقرينة أساسية لإدانة الرجال بالمثلية. في قضيتين بارزتين في 2015، أجبر 7 شُبان على الأقل على إجراء فحوص شرجية قسرية من قبل أطباء شرعيين، ثم اعتمدت تقارير الأطباء كدليل لإدانتهم باللواط والحكم عليهم بالسجن، رغم ثبوت أن هذه الفحوص لا تكتسي أي قيمة طبية.

أثناء الاستئناف، تم تخفيض العقوبات إلى شهرين في القضية الأولى، وشهر واحد في الثانية.

أدانت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالتعذيب، في أحدث تقييم لها لتونس، استخدام الفحوص الشرجية بحثا عن دليل إدانة ضدّ المتهمين بعلاقة مثلية.

الأطراف الدولية الرئيسية

في 22 و23 سبتمبر/أيلول، استعرضت "لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" أثناء دورتها الـ 59 التقرير الدوري الثالث لتونس. تساءلت اللجنة في ملاحظاتها الختامية عن الخطوات التي اتخذنها تونس لتعزيز المساواة بين الجهات، وحصول اللاجئين على التعليم والعمل والخدمات الأساسية. كما عبرت اللجنة عن قلقها من ارتفاع نسبة الانقطاع عن الدراسة، ومسائل أخرى. أوصت اللجنة تونس بتعزيز محاسبة انتهاكات الحقوق الاجتماعية والاقتصادية عبر زيادة وعي القضاة والنيابة العامة والمحامين بهذه الحقوق.

في 14 سبتمبر/أيلول، تبنى البرلمان الأوروبي قرارا ضمّنه قلقه تجاه "الصعوبات الاقتصادية والمالية الحالية المتأتية من عدم استقرار المرحلة الانتقالية"، ودعا إلى ترفيع الدعم المالي لتونس. كما عبر البرلمان عن قلقه من الاكتظاظ وقلّة الأكل والظروف الصحية في السجون، ومسائل أخرى.

في 28 أكتوبر/تشرين الأول، انتُخبت تونس في "مجلس حقوق الإنسان" لفترة تدوم 3 سنوات بداية من 2017.