بموجب حالة الطوارئ المفروضة منذ عام 1992، ومع ربح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الانتخابات الرئاسية للمرة الثالثة على التوالي بيسر، تستمر الجزائر في المعاناة من انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان. وتشمل الانتهاكات التضييق على حرية الإعلام وحرية التجمع، وإساءة الشرطة للمشتبهين بالتورط في أعمال إرهابية أثناء الاستجواب، وإفلات قوات الأمن والجماعات المسلحة من العقاب على جرائم الماضي، واستمرار الإخفاق في المحاسبة على الاختفاء القسري للأفراد من قبل الدولة أثناء النزاع الأهلي في التسعينيات. وعلى نطاق أضيق من الأعوام الماضية، تستمر الجماعات المسلحة في هجماتها القاتلة، وأغلبها تستهدف قوات الأمن.
الانتخابات الرئاسية
في 9 أبريل/نيسان 2009 ربح الرئيس بوتفليقة الانتخابات بنسبة بلغت 90 في المائة من الأصوات، ضد خمسة مرشحين آخرين. وترشح للرئاسة بعد تعديل دستوري مرره البرلمان بلا اعتراض في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 يلغي الحد الأقصى لمرات الترشح للرئاسة المُحدد سلفاً بالترشح مرتين. وقاطعت الانتخابات ثلاثة أحزاب معارضة بارزة، هي جبهة القوى الاشتراكية، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحزب النهضة الإسلامي، بزعم غياب أجواء التصويت النزيه والشفاف.
حرية التعبير والتجمع
الإعلام المتلفز والإذاعي تديره الدولة ولا يتم بث أية تغطية انتقادية أو معارضة تقريباً للسياسات الحكومية، لكن يتم بث جلسات البرلمان على الهواء. الصحف الخاصة تتمتع بمساحة حرية أوسع، لكن قوانين الصحافة القمعية، والاعتماد على أرباح إعلانات القطاع العام وغيرها من العوامل تحد من حريتها في انتقاد الحكومة والجيش وأصحاب النفوذ.
قانون العقوبات وقانون الصحافة يفرضان عقوبات بالسجن بحد أقصى عامين بالإضافة إلى غرامات، جراء التشهير والإهانة والتعرض بشكل مسيئ للرئيس والمسؤولين الحكوميين ومؤسسات الدولة.
وفي مارس/آذار 2009 بدأ نجار الحاج داود، مدير موقع الواحة الإخباري، في تنفيذ حكم بالحبس لمدة ستة أشهر بتهمة التشهير على صلة بمقال كُتب عام 2005 يتهم مسؤولي الحكومة المحلية بمحاولات اغتصاب بحق الزميلات من النساء. وطبقاً للجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك، فإن المحكمة أفرجت عن داود لأسباب صحية نظراً للإصابات التي لحقت به قبل أسابيع عندما تعرض للطعن بسلاح حاد. وأخطر داود لجنة حماية الصحفيين بأن "لوبي الفساد" قدم 67 شكاية بالتشهير ضده منذ عام 2003.
وفي يناير/كانون الثاني 2009 هاجم شخص مسلح بسكين حفناوي غول، الصحفي الحر والعضو بفرع جلفا للعصبة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان. وقال حفناوي للجنة حماية الصحفيين إن السلطات المحلية تجاهلت الاعتداء. وتكررت مقاضاة غول بتهمة التشهير على مدار الأعوام بسبب مقالاته التي تتهم المسؤولين وأصحاب النفوذ بالفساد وإساءة استخدام السلطة.
وينبغي على أصحاب جوازات السفر الأوروبية ودول أمريكا الشمالية الحصول على تأشيرات لدخول الجزائر، وكثيراً ما ترفض السلطات إدخال الصحفيين وناشطي حقوق الإنسان. ولا يستلزم لدخول مواطني دولتي المغرب وتونس المجاورتين استخراج تأشيرة. إلا أن السلطات في 4 أبريل/نيسان أعادت سهام بنسدرين، الصحفية التونسية والمدافعة عن حقوق الإنسان التي قدمت بدعوة من العصبة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان لمراقبة التغطية الإعلامية المحلية للانتخابات الرئاسية، فيما كانت تحاول دخول الجزائر. وفي 9 أبريل/نيسان أوقفت الشرطة واستجوبت الصحفيين المغربيين هشام المدراوي ومحفوظ بن صالح لمدة أربع ساعات، وكانا قد قدما لتغطية الانتخابات لصالح صحيفة الصحراء الأسبوعية المغربية. كما تناقلت التقارير تعرض الرجلين لمراقبة من رجال شرطة في ثياب مدنية، وتفتيش حجرتهما في الفندق.
وقبل الانتخابات الرئاسية بقليل، صادرت السلطات نسخ صحف لإيسبرس وماريان ولو جورنال دى ديمونش الأسبوعية، بزعم انتهاك المادة 26 من قانون عام 1990 الخاص بالمعلومات، الذي يحظر المطبوعات التي تُرى "مخالفة للقيم الإسلامية والوطنية وحقوق الإنسان، أو الداعمة للعنصرية والتطرف أو الخيانة"، والواضح أن تغطية هذه الصحف لحملة بوتفليقة الانتخابية كانت خاضعة للحظر.
وما زال قرار عام 2000 الخاص بحظر المظاهرات في الجزائر قائماً. وتطالب السلطات المنظمات باستصدار تصريح من الحاكم المحلي قبل عقد اجتماعات عامة. وتجمعت قوة شرطية كبيرة في 17 يوليو/تموز 2009 في قاعة بوسط مدينة الجزائر لمنع مؤتمر لمنظمات تمثل ضحايا الإضراب المدني بعنوان "ذكرى الضحايا: نحو إعادة بناء مجتمع". المنظمون الذين قالوا إنهم لم يتلقوا إخطاراً كتابياً بالحظر، نقلوا الفعالية إلى مقر تجمع عائلات المختفين في الجزائر. وفي أكتوبر/تشرين الأول تلقت العصبة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان إخطاراً كتابياً بحظر اجتماع بشأن عقوبة الإعدام كانت تعتزم عقده في فندق بمدينة الجزائر العاصمة.
حرية المعتقد الديني
الأمر 06-03 بقانون، في عام 2006، يفرض عقوبات بالسجن على من يبشر بديانات غير الإسلام ويحظر تجمع غير المسلمين للعبادة إلا في المواقع التي توافق عليها الدولة. وترفض السلطات طلبات المسيحيين ببناء دور العبادة، مما يُعرض المسيحيين لخطر الملاحقة القضائية جراء التعبد في أماكن غير مصرح بها.
الإفلات من العقاب على انتهاكات الماضي
مات أكثر من 100 ألف جزائري أثناء العنف السياسي في التسعينيات. و"اختفى" الآلاف الآخرون على يد قوات الأمن أو اختطفتهم جماعات مسلحة تحارب الحكومة، ولم يتم التعرف على مصيرهم مطلقاً، وما إذا كانوا موتى أم أحياء. الجناة المسؤولين عن الأعمال الوحشية أثناء ذلك العهد مستمرون في التمتع بالإفلات من العقاب. والإطار القانوني للإفلات من العقاب هو قانون 2006 بشأن السلام والمصالحة الوطنية، الذي ينص على العفو عن قوات الأمن المسؤولة عن ارتكاب أعمال باسم مكافحة الإرهاب، والجماعات المسلحة غير المتواطئة في أبشع الجرائم.
ويعد القانون بالتعويضات لأهالي "المختفين" لكن في الوقت نفسه يجرم التشهير بمؤسسات الدولة أو قوات الأمن بانتقادها جراء أسلوبها أثناء فترة العنف السياسي. وأدانت منظمات تمثل أهالي "المختفين" استمرار إخفاق الدولة في توفير الروايات التفصيلية لمصير الأقارب المفقودين.
الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب وعقوبة الإعدام
كانت تقارير "الاختفاءات" طويلة الأجل نادرة للغاية في الأعوام الأخيرة. إلا أن قوات الأمن في ثياب مدنية كثيراً ما نفذت اعتقالات دون الكشف عن أوامر توقيف ثم أحياناً ما احتجزت المشتبهين بالإرهاب لأكثر من فترة الاثني عشر يوماً المسموح بها قبل إحالتهم إلى قاضي، ولا تلتزم بالالتزام القانوني بإخطار الأقارب. لجنة الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب، في فحصها في مايو/أيار 2008 لتقرير الجزائر المقدم للجنة، أعربت عن قلقها من تقارير بأن الحد القانوني بمدة 12 يوماً احتجاز قبل نسب الاتهام في قضايا الإرهاب "يمكن عملاً أن يُمدد تكراراً" وأن "القانون لا يضمن حق مقابلة الدفاع أثناء فترة الاحتجاز، وأن حق الشخص المحتجز في مقابلة الطبيب أو الاتصال بأسرته لا يُحترم في كل الحالات".
على سبيل المثال، طبقاً لمنظمات حقوقية جزائرية، فإن رجال في ثياب مدنية اعتقلوا موسى رحلي من ولد عيسى، في ولاية بومدراس، في 17 مارس/آذار 2009. ولم يثمر سؤال والده في مراكز الشرطة والوحدات العسكرية القريبة في معرفة مصيره. وعادت الشرطة لتفتيش بيت الأسرة في 27 مارس/آذار وصادرت سيارة رحلي، طبقاً لأبيه. وحتى 20 أبريل/نيسان لم تكن الأسرة تعرف أن السلطات تحتجز رحلي في سجن بليدة العسكري.
وقد عدلت الجزائر قانون العقوبات في عام 2004 بحيث يصبح التعذيب جريمة صريحة. وتزور اللجنة الدولية للصليب الأحمر بانتظام السجون الجنائية في الجزائر لكن لا تزور مراكز الاحتجاز التي تديرها دائرة المعلومات والأمن، وهي جهة استخباراتية في إطار الجيش.
وخرجت المحاكم الجزائرية بالكثير من أحكام الإعدام في عام 2009، والكثير منها ضد مدعى عليهم في قضايا متعلقة بالإرهاب، وأغلبها صدرت غيابياً. وكانت الجزائر قد اتبعت تجميداً فعلياً لتنفيذ عقوبات الإعدام منذ عام 1993.
الإرهاب ومكافحة الإرهاب
تراجعت هجمات الميليشيات كثيراً مقارنة بأواسط التسعينيات، لكن القاعدة في المغرب العربي استمرت في شن الهجمات القاتلة، وأغلبها موجه إلى أهداف عسكرية وشرطية. استهدفت الكثير من الهجمات كمائن على الطريق باستخدام أجهزة تفجير وأسلحة نارية، مثل حادث 17 يونيو/حزيران 2009 على قافلة بالقرب من برج بو عريرض، 180 كيلومتراً شرقي الجزائر العاصمة، أسفر عن مقتل 18 إلى 30 من الدرك، طبقاً للتقارير. القاعدة في المغرب العربي قتلت مدنيين أيضاً في بعض الأحيان؛ على سبيل المثال، تناقلت التقارير إعلانها المسؤولية عن اغتيال أحد الرعاة في هوضبت، بالقرب من مدينة تيبيسا الواقعة شرقاً، في 14 مارس/آذار، للاشتباه في تعاونه مع السلطات.
وفي 17 يناير/كانون الثاني 2009 أصبح حسن ربيع سعيد ثامن جزائري تحتجزه الولايات المتحدة في غوانتانامو يُعاد إلى الجزائر. ولدى وصوله، تناقلت التقارير وضع الأمن سعيد قيد الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لبعض الأيام واستجوابه، كما فعل الأمن مع آخرين جاءوا من غوانتانامو قبله. واتهم القضاء أغلب الثمانية بخدمة تنظيمات إرهابية بالخارج، وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2009 كانوا أحراراً على ذمة المحاكمة. ويبقى 12 جزائرياً محتجزين في غوانتانامو، وهذا حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2009.
الأطراف الدولية الرئيسية
استمرت الجزائر في عام 2009 في عدم قبولها لطلبات زيارتها من قبل مبعوثين من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومنهم المقرر الخاص المعني بالتعذيب ومقرر حقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب، ومقرر الإعدام خارج نطاق القضاء وبإجراءات موجزة وتعسفاً، والفريق العامل المعني بالاختفاء القسري وغير الطوعي.
والجزائر "شريك أساسي [للولايات المتحدة] في مكافحة التطرف وشبكات الإرهاب، كالقاعدة، وثاني أكبر شريك تجاري لنا في العالم العربي"، حسب ما ورد في تقرير الولايات المتحدة عن "تعزيز الحريات والديمقراطية" في مايو/أيار 2009. وتكاد الولايات المتحدة لا تقدم أي مساعدات مالية تُذكر للجزائر، لكنها عميل هام للصادرات الجزائرية، وهي بالأساس النفط والغاز. تقرير "تعزيز الحريات" ورد فيه أن الولايات المتحدة "مستمرة في دعوة الحكومة إلى عدم تجريم التشهير في الصحافة". ولم يدل مساعد وزير الخارجية جيفري دي. فيلتمان في زيارته إلى الجزائر 20 و21 أكتوبر/تشرين الأول بأية تصريحات رسمية عن هذا الأمر أو أية قضايا أخرى لحقوق الإنسان.