Skip to main content

حماية المدنيين والجماعات المسلحة في الشرق الأوسط:بحثاً عن أصوات محلية مسموعة

عانى الشرق الأوسط على مدار السنوات من العنف السياسي والنزاعات المسلحة التي أظهرت فيها الحكومات والجماعات المسلحة على حد سواء عدم مراعاة جسيمة لأرواح المدنيين. وعندما يفعلون هذا أثناء النزاعات المسلحة، فهم يخرقون المبدأ الأساسي للقانون الإنساني الدولي، وهو حصانة المدنيين، الذي يطالب الأطراف المتحاربة بالتمييز بين السكان المدنيين والأهداف العسكرية، وتوجيه الهجمات إلى الأهداف العسكرية حصراً. وفي غير النزاعات المسلحة، فقد ترقى مثل هذه الهجمات إلى جرائم ضد الإنسانية.

هناك جماعات مسلحة كثيرة في منطقة الشرق الأوسط مسؤولة عن خرق هذا المبدأ الجوهري باستهدافها عمداً أو بشكل عشوائي قتل المدنيين، وتؤكد على أنها ذات هوية إسلامية، وبعضها يبرر قراره باللجوء إلى النزاع المسلح باسم الإسلام. ومن ثم فإن الاستثناءات على مبدأ حصانة المدنيين تُبرر على أسس سياسية ودينية أحياناً.

لا يمكن للمرء أن يبالغ مهما قال في توضيح أثر النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على تطور الآراء الشعبية إزاء العنف السياسي والنزاع المسلح في المنطقة، بما في ذلك التصورات والسلوكيات إزاء حماية المدنيين. وبسبب البُعد الدولي البارز للنزاع، فإن مؤيدي حقوق الإنسان والحكومات  والمنظمات المناوئة لانتقادات حقوق الإنسان قد قاموا من جانبهم بانتقاد مواقف الأطراف الخارجية، لا سيما الولايات المتحدة، بتهمة التحيز وازدواجية المعايير في مراقبة انتهاكات القانون الدولي والاحتجاج عليها.

وعلى هذه الخلفية، فما هي الخيارات المتاحة للتوصل إلى أصوات مسموعة في دول الأغلبية الإسلامية بالشرق الأوسط، ممن يمكنهم الدفاع عن حماية المدنيين، عبر مناقشة هذه الموضوعات بشكل مفتوح وبأساليب تُظهر الحظر التام في القيم الإسلامية والقانون الإنساني الدولي ضد استهداف الأفراد من غير المشاركين في النزاعات المسلحة؟

حماية المدنيين في قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني

القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، لا يتصدى لما إذا كان قرار اللجوء للنزاع المسلح مشروعاً أو مُبرراً، بل هو معني بأساليب وسبل إجراء العمليات العسكرية ومعاملة غير المقاتلين (أي المدنيين وأسرى الحرب والمقاتلين الجرحى، إلخ). ومن أهم سمات القانون الإنساني الدولي أنه ينطبق على جميع أطراف النزاعات المسلحة، أي على الدول والجماعات المسلحة من غير الدول. فإذا كانت قوانين الحرب تنطبق على طرف واحد من النزاع المسلح، سواء كان المعتدي العسكري أو دولة معترف بها رسمياً، فسرعان ما سينهار الالتزام بهذه القوانين. وبالمثل، فإن انتهاك قوات أحد أطراف النزاع للقانون لا تسمح أو تبرر للخصم انتهاك القانون نفسه.

مبدأ حصانة المدنيين يحظر الهجمات التي تستهدف المدنيين، وكذلك الهجمات التي تضر عشوائياً بالمدنيين، أي الهجمات التي لا يميز فيها الطرف المُهاجم - أو لا يمكنه التمييز - بين الأهداف المدنية والعسكرية. والدول والجماعات المسلحة من غير الدول مسؤولة عن الهجمات التي ترتكب في خرق للقانون الإنساني الدولي. وتعد جرائم الحرب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي يرتكبها أفراد بنية إجرامية - أي عمداً أو من واقع الإهمال. والجرائم ضد الإنسانية هي الأعمال الإجرامية الجسيمة التي تُرتكب أثناء وقت السلم أو في سياق النزاع المسلح في سياق هجمة واسعة أو منهجية ضد فئة معينة من السكان المدنيين. وفي الشرق الأوسط، فإن عدم مراعاة حصانة المدنيين أسفرت عن وقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من أتباع القوات المسلحة التابعة للدول والجماعات المسلحة المعارضة.

الآراء إزاء الإضرار بالمدنيين

بالنسبة لبعض حكومات الشرق الأوسط، كان الطريق إلى السلطة مفروشاً بالعنف الزائد. ومجريات حروب التحرير، مثل حرب الجزائر في الخمسينيات من القرن العشرين ساعدت بدورها على تشكيل طبيعة الحركات المسلحة التي تنامت في الشرق الأوسط، لا سيما في أوساط الفلسطينيين.[i] وفي ظل وجود هذا الميراث، فإن اعتياد الهجوم بلا قيود على الخصوم وسكان الخصم تبدت بوضوح في مسلك الأطراف العلمانية أثناء مختلف النزاعات. وعندما ظهرت حركات سياسية جديدة في الثمانينات والتسعينات تحت لواء الموروث الإسلامي، فإن الجماعات المسلحة التي تخمضت عن هذه الحركات - في مصر والجزائر على سبيل المثال - سرعان ما تبنت أساليب غير مقيدة في مسلكها أثناء النزاع المسلح، ووجهت هجماتها في البداية إلى النظم الأمنية القاسية في الدول التي قاتلت فيها، لكن سرعان ما استهدفت الأهداف المدنية بدورها. ورغم أن هذه الجماعات استعانت إلى حد كبير بخطاب يزعم بأنه ذات مرجعية دينية، فإن العنف الذي ارتكبته بحق المدنيين وغيرهم من غير المقاتلين يعكس الممارسات غير القانونية القاتلة للقطاعات العلمانية من الحركات السياسية، كما مدد من هذه الممارسات إلى حد كبير.

ومنذ مبادرة الجماعات الفلسطينية الإسلامية المسلحة، حماس والجهاد الإسلامي، بالهجمات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين في عامي 1995 و1996، لم يكن لدى نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع في الشرق الأوسط حتى وقت قريب الكثير مما بوسعهم قوله عن هذا الموضوع، مما يعكس إدراك عام في الشرق الأوسط بأن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع، التي يتقبلها المجتمع الدولي إلى حد كبير، إن لم يكن يدعمها، تعني أنه لا مفر من هذا العنف، بل وحتى تضفي عليه الشرعية.[ii] للتأكيد فإن مناصري حقوق الإنسان لم يصدقوا على التفجيرات الانتحارية بحق المدنيين، لكنهم لم يتعرضوا لها بالانتقاد أيضاً، سواء لأنهم يشاركون صناع الآراء مشاعرهم الخاصة في تلك البلدان، أو لأنهم لم يشعروا بالأمان الكافي للطعن في هذه المشاعر.

وظهر نقاش لهذه القضية أواخر التسعينيات تحت اسم "عمليات حماس من وجهة نظر حقوق الإنسان" كجزء من كتيب أنتجه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.[iii] وفي المقدمة، أشار مدير المركز، بهي الدين حسن، إلى أن تفجيرات حماس أثارت خلافاً واسعاً في دوائر حقوق الإنسان المصرية "وبشخص خاص حركة حقوق الإنسان في فلسطينط. وفيما انتقد عدد من المشاركين التفجيرات، فإن تعليقت المحلل السياسي محمد السيد سعيد وحدها هي التي تبين منها الوعي بوجود القانون الإنساني الدولي والمبدأ الجوهري الخاص باحترام حصانة المدنيين. وأحد نشطاء حقوق الإنسان المسجلة مشاركته في المناقشات صدق على الرأي القائل بأنه بما أن إسرائيل قوة احتلال غير مشروعة "فلا يوجد ما يُسمّى "المدني الإسرائيلي"". المحلل السياسي أسامة الغزالي حرب انتقد بقوة هجمات حماس لكن على أساس إجرائي للغاية: مسألة ما إذا كانت الهجمات تنتهك حقوق الإنسان أم لا، على حد قوله: "لا تهمني... لكن هل هذه العمليات في صالح [الفلسطينيين]؟" لأنها في غير صالحهم، "إنني أؤكد أنه بغض النظر عن قضية حقوق الإنسان، فإن هذه العمليات تستحق الإدانة".

وفي أواخر عام 2000، بعد انهيار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المحدودة وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى، بادرت حماس والجهاد الإسلامي بعمليات تفجير انتحارية بحق المدنيين في إسرائيل في يناير/كانون الأول 2001، وانضمت إليهما جناح فتح المسلح شهداء الأقصى في أواخر عام 2001.[iv] وقد بلغ عدد الهجمات وعدد الضحايا أقصاه في عام 2002، لكن الهجمات وأحداث قتل المدنيين استمرت حتى مطلع عام 2007.

وظهر الانتقاد الفلسطيني للعمليات الانتحارية التي تستهدف المدنيين علناً في نهاية عام 2001. وحاجج المنتقدون بأن هذه الأعمال غير فعالة وذات نتائج عكسية. وفي تدخل علني، كتب أساتذة جامعة بيرزيت ريما حمامي وموسى بديري أن التفجيرات كانت "منفصلة عن القراءة الإستراتيجية لرد فعل المجتمع الإسرائيلي وفهم الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية بشكل عام".[v] وتزايد هذا الانتقاد بشكل لافت عندما أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون الجيش الإسرائيلي بمعاودة احتلال الضفة الغربية بعد عملية تفجيرية لحماس في احتفال بناتانيا، أسفر عن مقتل 29 إسرائيلياً. وفي 19 يونيو/حزيران 2002 وفي الأيام التالية، حملت صفحات جريدة القدس اليومية عريضة موقعة من 55 أكاديمي وكاتب وشخصية عامة، يطالبون فيها الجماعات المسلحة بالكف عن العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين في إسرائيل على أساس أنها تعمق من الكراهية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فيما تعزز من قوة أعداء السلام على الجانب الإسرائيلي وتدفع المنطقة نحو دوامة حرب وجود بين الفلسطينيين والإسرائيليين.[vi]

وشمل الموقعون على العريضة نشطاء حقوق الإنسان إياد السراج وخضر شريكات، لكن جماعات حقوق الإنسان العربية والفلسطينية ظلت صامتة إلى حد كبير، مما يعكس مدى انقسام أعضاء الحركة الحقوقية حول هذه القضية. وأحد العناصر في هذا المجال كان الميل إلى مقارنة مسألة المقاومة المسلحة إلى مشروعية الأهداف العسكرية والهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين، وكذلك الإحباط والغضب من جراء الإخفاق الدائم من قبل المناصرين الدوليين لإسرائيل في تحميل زعماء إسرائيل مسؤولية أعمال القتل التي لا حصر لها بحق المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة عبر الآلة العسكرية الإسرائيلية. ربما يعكس السكوت أيضاً عدم ارتياح نشطاء حقوق الإنسان إزاء الدعم الضعيف الذي يجدونه أحياناً في المجتمع وبين النخب السياسية، والتعب من اختبار هذا الدعم باتخاذ مواقف علنية مؤكد أنها ستُواجه بالانتقاد العلني من الجماعات المسلحة والمنحازين لها. الناشط الحقوقي الفلسطيني فاتح عزام، في مراجعته لسجل منظمة حقوق الإنسان الفلسطينية الاساسية، الحق، كتب عن وجود "فجوة خطيرة" في "سجل حقوق الإنسان المشرف للمركز" يظهر في "الإخفاق في اتخاذ موقف علني واضح بشأن مشكلة الهجمات المسلحة ضد المدنيين داخل إسرائيل أثناء السنوات الثلاثة الأولى من الانتفاضة القائمة".[vii]

أما هيومن رايتس ووتش، فعندما أصدرت تقريرها التحقيقي عن الهجمات الانتحارية الفلسطينية ضد المدنيين الإسرائيليين في نوفمبر/تشرين الثاني 2002 الذي تعرض لانتقادات واسعة، فقد واجهت إدانات من مختلف نشطاء حقوق الإنسان في المنطقة. لكن هناك مؤشرات على أن هذه المعارضة القوية خفتت في المرحلة التالية. زياد أبو عمرو المشرع الفلسطيني المستقل المقيم في قطاع غزة (ووزير الخارجية لفترة قصيرة في حكومة الوحدة بقيادة السلطة الفلسطينية)، قال عن التقليل إنه "ساعد على تأطير المناقشات العامة الدائرة، وسمح للناس بالتحدث بشكل انتقادي عن هذه الهجمات"، رغم أن في رأيه فإن الجماعات المتجنية ما زالت "محاصرة في مواقف وخطاب الماضي".[viii] واتفق الصحفيون الفلسطينيون في الضفة الغربية على أن التقرير "ساعد على إثارة تساؤلات حول التفجيرات [الانتحارية]".[ix]

منظمات حقوق الإنسان العربية من جانبها تحركت في هذه القضية بدورها، في البداية بشكل جماعي. "إعلان الرباط" الذي تمخض عنه اجتماع منظمات المجتمع العربي العربية في ديسمبر/كانون الأول 2004 انتقد "الصمت أو التعاون من قبل أغلب الحكومات العربية مع الخطاب الديني والفتوى التي تبرر الإرهاب الصادرة من فقهاء [إسلاميين]، بعضهم يعمل لصالح مؤسسات الدولة". كما اعترض الإعلان على "الجماعات الإرهابية في العراق" التي قامت "بتفجير مؤسسات مدنية واختطفت وقتلت ضباط شرطة ومدنيين عراقيين وغير عراقيين". والأهم، فيما يخص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، "يدين المؤتمر استهداف وترويع المدنيين من كافة الأطراف".[x] وفي عام 2006 أدلت منظمات حقوقية عديدة في المنطقة بتصريحات علنية تنتقد الهجمات المسلحة بحق المدنيين الإسرائيليين من قبل جماعات مسلحة فلسطينية ولبنانية. وفي يوليو/تموز، أصدر مركز الحق بياناً عاماً يذكر فيه أن الجماعات المسلحة "يجب ألا تلجأ إلى سياسة المعاملة بالمثل كتبرير قانوني "لانتهاك القانون الإنساني".[xi]

وعلى مدار الأعوام الماضية، قمت برفقة زملاء في هيومن رايتس ووتش بزيارة مختلف الدول العربية ومقابلة نشطاء المجتمع المدني وصحفيين وقيادات دينية لمناقشة الهجمات ضد المدنيين بصفتها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وخرق للقانون الإنساني الدولي.[xii] وضمن ما أسميناه "مبادرة حماية المدنيين"، سعت هيومن رايتس ووتش إلى الحوار مع النشطاء ومشكلي الرأي العام في شتى أنحاء المنطقة للبحث في الهجمات التي تستهدف المدنيين، وتشجيعهم على انتقاد هذه الهجمات علناً متى وقعت، حتى لو كان المهاجمون يتذرعون بقضية تتمتع بشعبية عامة، مثل قضية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة. وتبين من خبرتنا السابقة في التحقيق في أعمال العنف هذه والكتابة عنها، سواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو العراق أو مصر، أن الحوار الأوسع حول هذه القضايا مع نشطاء حقوق الإنسان داخل الدول والمتعاطفين مع القضايا هو أمر ضروري في جهود إقناع الجناة بالكف عن هذه الهجمات.[xiii] آراء من خضنا معهم الحوار تبين منها وجود صورة معقدة لحالة آراء النخبة لحماية المدنيين.

أولاً، جميع المعلقين تقريباً أكدوا على الحاجة لتقدير سياق الاحتلال العسكري أثناء النظر في أعمال القتل في إسرائيل والعراق. وبالنسبة للبعض، فإن هذا السياق هو كل شيء: يجب إنهاء الاحتلال وسوف ينتهي العنف. "أوقفوا الظلم الذي يجعلني أتحمل [الهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين]" كانت الكلمات التي أوضح بها مسؤول أردني رفيع المستوى موقفه. "نحن نقاتل احتلال ينتهك القانون [الإنساني الدولي] كل يوم"، على حد قول قيادة من الضفة الغربية بالجناح الإصلاحي بفتح. لكن القانون الإنساني الولي يُلزم جميع الأطراف في النزاع المسلح باحترام حصانة المدنيين، بما في ذلك  في معرض الحق في مقاومة الاحتلال العسكري.[xiv]

ثانياً، أغلب المعلقين قالوا بالتمييز بين الهجمات على المدنيين في العراق، التي يدينوها، والهجمات الفلسطينية ضد المدنيين الإسرائيليين. "نحن ندين الهجمات في العراق، وهذا واضح، فلا يمكن لأحد أن يبرر هذه الهجمات"، على حد قول محامي إسلامي وناشط حقوقي من دبي: "لكن فلسطين تبقى بمعزل عن مثل هذا الانتقاد". لعل الحجة الأشهر في هذه المناقشات كانت فكرة أن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي هو نزاع "فريد من نوعه"، إذ بالنسبة لمن يوافقون على المبدأ الأساسي الخاص بوجوب حماية المدنيين من الهجمات، فإن فلسطين هي "الاستثناء" الذي لا مفر منه. وفيما يخص هذه النقطة، فلا يوجد تمييز بين آراء الإسلاميين والقيادات الإسلامية من جانب، والعلمانيين واليساريين من جانب آخر. هذه الاستثنائية الفلسطينية تتخذ عدة أشكال. أحد أبرز الأشكال هو التأكيد على أن المجتمع الإسرائيلي هو مجتمع عسكري لدرجة أنه "لا يوجد مدنيون هناك". ومن الأشكال الأخرى أن التباين الواسع في التسليح بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة يمنح الأخيرة الحق في استخدام أي سبل تضع يدها عليها. وهذان المنطقان لا يمكنهما تبرير استهداف المدنيين.[xv]

وكان الأكثر جاهزية لانتقاد الهجمات الفلسطينية ضد المدنيين الإسرائيليين هم الفلسطينيون أنفسهم، وهو مما لا يثير الدهشة. فقد ظهر أن الكتاب والصحفيين في الضفة الغربية لا مشكلة لديهم في قبول أن استهداف المدنيين أمر خاطئ في كل الظروف. وأشاروا إلى رغبتهم في المشاركة في حملة عامة لإثارة الوعي بهذا المبدأ الإنساني وتاريخه وما يعنيه في السياق الفلسطيني، رغم أنهم لم يبدوا الحماسة للمبادرة بمثل هذا الجهد على عاتقهم. العديد تحدثوا عن وجود "ثقافة الخوف" من الحيد عن سياسة ومسار الجماعات المسلحة ومن يناصرها.

هذا الوهن في القدرة على الانتقاد كان أوضح في دول الجوار، حيث التضامن مع الفلسطينيين أصبح من المبادئ التي لا يمكن المساس بها، لا سيما مصر والأردن. فقد قال ناشط سياسي مصري ذات خلفية إسلامية ومن المعنيين بحقوق الإنسان بشكل عام إنه يدين الهجمات الفلسطينية ضد المدنيين لكن "لا يمكنني حث المفكرين الآخرين على الانضمام إليّ، والأصعب هو محاولة تغيير الرأي العام. نحن بحاجة لحل شامل. في بيئتنا أنا وغيري يمكن أن ننعزل بسهولة كخونة أو عملاء. نحن بحاجة لتسليط الضوء على انتهاكات القوى الأكبر".[xvi]

وبرأي الكثير ممن تحدثنا إليهم، فإن منظمات حقوق الإنسان الغربية لجأت بدورها لازدواجية المعايير. هيومن رايتس ووتش على حد قولهم، تنتقد الانتهاكات الإسرائيلية قطعاً، لكن في رأيهم فإن اللغة المستخدمة في انتقاد إسرائيل تميل لأن تكون خفيفة مقارنة بلغة مناقشة الانتهاكات الفلسطينية. "نحن لا نشعر بالعدالة في طريقة عرض منظمات حقوق الإنسان الدولية للنزاع في منطقتنا"، على حد قول ناشط مصري.[xvii]

الأغلب أن أكبر تحدي لجهود تعزيز الانتقاد العام للهجمات الفلسطينية على المدنيين الإسرائيليين كان ما قال عدة معلقين بأنه إفلات إسرائيل من العقاب فيما يخص انتهاكاتها الأوسع والأكبر (والأكثر بشاعة في رأيهم) للقانون الإنساني الدولي، وإخفاق تلك الدول التي تزعم بحرصها على حقوق الإنسان في تحميل إسرائيل - أو في حالة العراق الولايات المتحدة - المسؤولية. "أرني ما هي أهمية هذا القانون الإنساني الدولي"، كانت هي الكلمة الأخيرة. وعلى حد قول متحدث باسم حماس في الضفة الغربية: "سوف نتبع [القانون الإنساني الدولي] إذا نلنا ضمانات" بأن إسرائيل ستلتزم به بدورها. وقال إن في الوقت الحالي لم تدع إسرائيل للفلسطينيين سوى خيارات قليلة.[xviii]

الاهتمام الدولي المكثف تركز مؤخراً على تقرير لبعثة تقصي الحقائق للأمم المتحدة بشأن نزاع غزة ("تقرير غولدستون") بما حمل من نتائج بشأن الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب من قبل إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة، ودعوته لإحالة الوضع إلى آليات القضاء الدولي إذا لم يتم إجراء تحقيقات داخلية موثوقة، أدى لتسليط الضوء لدرجة غير مسبوقة على أهمية المحاسبة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. ويتعلق الكثير بما إذا كان المجتمع الدولي سيستغل هذه الفرصة لتعزيز احترام القانون الإنساني الدولي عبر تناول عناصر المحاسبة الهامة. وكما هو معروض أدناه، فإن قوانين الحرب تحظر استهداف المدنيين بشكل مطلق، ولا تعتمد على درجة التزام الخصم بها.[xix]

وقد أدلت منظمات حقوق الإنسان في المنطقة بحجة إضافية للبقاء صامتة إزاء هذه القضية. فتركيز المنظمات هو على الإساءات التي ترتكبها حكوماتها، المستعدة للانقضاض على المنظمات إذا سنحت لها أية فرصة لنزع المصداقية من المنظمات. هذه الحكومات ومن يمثلها يهيمنون على الإعلام. إذا أدانت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان على سبيل المثال الجماعات الفلسطينية المسلحة بتهمة مهاجمة المدنيين الإسرائيليين، فإن الإعلام الذي تهيمن عليه الحكومة التونسية سيصور أعمالهم كإثبات على "صهيونية" أو على الأقل مراعاة الأجندات الغربية وخيانة القضية الفلسطينية من قبل هذه الرابطة. وإذا كان الإعلام التونسي حراً، فإن منظمة كالرابطة ربما كانت لتتمكن من المقاومة، لكنه ليس حراً. وفي هذا الوضع، فإن هذه المنظمات تميل لحماية مصداقيتها وتراقب بدأب عاصمتها السياسية كي تستمر في مراقبة انتهاكات حكوماتها، ويرون مخاطر كثيرة للغاية في الإدلاء ببيانات تنتقض حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية.

كما شملت اجتماعاتنا محادثات مع جماعات ترتكب انتهاكات. وأعضاء الجماعات التي تنفذ الهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين يعرفون جيداً بمبادئ القانون الإنساني الدولي ويزعمون أنهم لا يعارضون هذه المبادئ. وأحياناً ما يبررون الضرر اللاحق بالمدنيين على أنه لا مفر منه، بأسلوب تبريري لا يختلف كثيراً عن مفاهيم القانون الإنساني الدولي الخاصة بـ "الضرر الجانبي". لكن في واقع الأمر فهذه الجماعات على خلاف واسع مع هذه المعايير، لا سيما فيما يخص مبدأ عدم المعاملة بالمثل، وهو المبدأ القاضي بأن انتهاكات أحد الأطراف في النزاع المسلح لا تبرر للطرف الأخر هجماته. وتعرف الجماعات بالحظر ضد الهجمات العشوائية والهجمات التي تستهدف المدنيين، لكنها أوضحت أنها مستعدة لتجنيب المدنيين الضرر فقط في حالة فعل الخصم - إسرائيل في هذه الحالة - للأمر نفسه. وقال قيادي بحزب الله لـ هيومن رايتس ووتش في مطلع يوليو/تموز 2006: "استهداف المدنيين غير مقبول بالمرة". لكن في نفس المحادثة، أقر هذا المتحدث الرسمي بأن حزب الله نفذ هجمات من هذا النوع انتقاماً من هجمات إسرائيلية أسفرت عن مقتل مدنيين لبنانيين. وقال: "كيف ترد على استهداف إسرائيل للمدنيين طرفك؟ يجب أن تعاقبهم".[xx] لكن لدى مناقشة العراق كان واضحاً: "ما نعتبره مقاومة هو استهداف المحتل العسكري فقط، ومن يستهدفون المدنيين هم إرهابيون". وبعد أسبوع من هذه المقابلة، اندلعت الحرب في لبنان ولجأ حزب الله وإسرائيل إلى الهجمات العشوائية المتبادلة المنهجية التي أسفرت عن مقتل وإصابة المدنيين من الجانبين.

بعض قيادات حماس كانت أكثر وضوحاً في تأكيدها على أنه من المسموح به استهداف مدنيي الخصم كانتقام. وبموجب القانون الإنساني الدولي فإن الانتقام من الطرف الآخر باستهداف المدنيين هو أمر غير قانوني يُسمح به في ظروف استثنائية كإجراء ضد الأعمال غير القانونية للخصم. والانتقام من المدنيين مُدان بشكل عام، إن لم يكن مداناً على الإطلاق، من قبل الدول. ومن وجهة نظر القانون الإنساني الدولي، ليس من المسوح إجراء عمليات انتقامية في النزاعات المسلحة غير الدولية، أي التي لا تقع بين دولتين.[xxi]

وقال إسماعيل أبو شنت لـ هيومن رايتس ووتش: "إنها ليست أعمال استهداف للمدنيين. بل هي بمثابة القول بأنك إذا هاجمت المدنيين طرفي فسوف أهاجم المدنيين لديك". وأضاف: "إذا طلبت منا الالتزام [بالقانون الإنساني الدولي]، فهذه ليست مشكلة. تعاليم الإسلام تؤيد اتفاقيات جنيف، وهي مقبولة. لكن إذا لم يلتزم الطرف الآخر، فلا يسعنا أن نلتزم بالقانون، إلا في حالة إن أدى الالتزام لتحقيق غاية ما".[xxii] وفي بيروت، قابلت هيومن رايتس ووتش أيضاً أسامة حمدان، الممثل لحماس في لبنان. ويظهر من تعليقاته أن سياسة الانتقام مترافقة مع الميل لعدم التمييز بين المدنيين والمقاتلين في حالة إسرائيل: "إسرائيل دولة ديمقراطية والضغوط الشعبية في هذه القضية قد تغير من السياسات، لكن هؤلاء المدنيون يدعمون هجمات الجيش الإسرائيلي على مدنيينا".[xxiii] وبالإضافة إلى تبرير الهجمات على المدنيين، التي يحظرها القانون الإنساني الدولي تماماً، تعتبر هذه المقولة وصفة جاهزة للعقاب الجماعي، وهو بدوره خرق جسيم لقوانين الحرب.

الواقع والخيال في الدوافع الإسلامية

قليلون هم من بين من ناقشنا معهم هذه القضية - ومنهم إسلاميون وعلماء في الإسلام أو ممثلي جماعات إسلامية مسؤولة عن استهداف المدنيين - قالوا بأن الشريعة الإسلامية تختلف كثيراً عن القانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بحظر مهاجمة المدنيين. وتعليق مرشد الإخوان المسلمين في مصر يعتبر مقولة نموذجية تعبيراً عن هذا الأمر: "الجريمة لا تبرر ارتكاب جريمة أخرى"، على حد قوله: "المسلمون يبتعدون عن الإسلام، ومنه قواعد الحرب".[xxiv]

لا يعني هذا القول بأن الدين والتاريخ الديني والرموز الدينية لا تلعب دوراً في تيسير عدم مراعاة المبادئ الإنسانية. فالاستعانة ببعض المبادئ الدينية ضرورية لتجنيد المقاتلين (أو "الشهداء") وضمهم إلى الهجمات ضد المدنيين. لكننا لم نشهد أي جهد يُذكر بذله من قابلناهم، حتى الإسلاميين منهم أو القيادات الدينية، لتبرير انتهاك مبدأ حصانة المدنيين من التعرض للهجوم على أساس أن هذه الهجمات مسموح بها، أو غير محظورة، بموجب الإسلام. وفي تحقيق في إطلاق حزب الله للصواريخ على مناطق للمدنيين في إسرائيل، لم تجد هيومن رايتس ووتش حالة واحدة برر فيها قيادات حزب الله هذه الهجمات دينياً.[xxv] لكن في الوقت نفسه، ففي بيئة إحياء تقاليد الإسلام، فإن التذرع بالحجج الإسلامية هام للغاية. من ثم فإن خالد مشعل، مدير المكتب السياسي لحماس، زعم أن "العمليات الاستشهادية هي من أشكال المقاومة العديدة، وهي بالفعل أنبل وأرفع أشكال المقاومة وأحد أكثرها فعالية. أغلب علماء أمتنا الإسلامية قضوا بأن العمليات الاستشهادية مسموح بها، وهي بالفعل أحد أفضل أشكال الجهاد والمقاومة".[xxvi] ويبدو من تسجيلات الفيديو التي يخلفها ورائهم من يقومون بالعمليات الانتحارية، وكذلك تصريحات أخرى، أن التذرع بالإسلام هو من العوامل الهامة في تجنيدهم، ويشكل جزء كبير من دوافعهم.

دور مبادئ الإسلام والعقيدة الإسلامية أوضح بكثير في الفئة العامة الأخرى من الحركات التي لجأت للسلاح ووظفت العنف ضد الناس العاديين وعملاء الدولة على حد سواء، وهي بالأساس حركات سياسية تهدف إلى قلب نظام الحكم أو تغيير الحكومة القائمة جذرياً وتزعم أنها صاحبة موروث إسلامي. الجماعة الإسلامية وحركات الجهاد الإسلامية في مصر في الثمانينات والتسعينيات تأثرت بكتابات سيد قطب، والحركة السلفية الجهادية في السعودية، بقيادة قدماء محاربي الحملة المناوئة للسوفييت في الثمانينات في أفغانستان؛ هما مثالان يوضحان صحة هذه الفرضية.[xxvii]

هذا الإحياء للإسلام يثير قضايا خاصة بالمشروعية:الإسلام السياسي، مثل غيره من التوجهات، لا يتعاطف مع التمرد المسلح ومثيري القلاقل، وهذه المقاومة للتمرد مقننة تحت مسمى الفتنة. وفي رأي الإسلام، فمن الضروري للتمرد أو حركة المقاومة أن تُظهر بوضوح أن الحكومة المعنية ليست إسلامية في ممارساتها عن صدق وبالشكل الكافي، وفي بعض الآراء لم تكن قط كذلك، أو أنها خانت الإسلام بشكل ما. وفي أعين المتمردين، فإن هذه الحكومات لم تعد إسلامية، ويجب قتالها بما أنها تضم المرتدين والكفار. هذا الأمر واضح إذا كان الحزب الحاكم أجنبي وغير إسلامي. وفيما يخص الحكومات العربية القائمة، فإن المتمردين والمنقشين يستخدمون الإسلام لتبرير استخدامهم العنف المسلح بإعلانهم أن رؤساء الدول المعنية، ومن يناصرون هؤلاء الرؤساء، هم كفار.

ورغم أن الحكومة المصرية قمعت بقسوة التمرد الإسلامي في التسعينيات، فمن عناصر هزيمة الحركة الإسلامية (أو قل من أهم أسباب الهزيمة، حسب رأي الكثير من المعلقين المصريين كونه القدرة القمعية للدولة) كان العزلة السياسية للجماعية الإسلامية التي جلبتها على نفسها عندما لجأت إلى هجمات عشوائية أسفرت عن مقتل المدنيين، والكثير منها وُجهت إلى القطاع السياحي، مصدر الرزق الهام للكثير من المواطنين والحكومة كذلك. وفي أعقاب هذه الهزيمة، نبذ العديد من قيادات الجماعة الإسلامية استخدام العنف. إلا أنه في رأي هيو روبرتس، الذي كتب سلسلة من المقالات التحليلية المتحاملة بشكل خاص على الإسلام المعاصر لصالح مجموعة الأزمات الدولية، فإن "المراجعات" التي كتبها كرم زهدي وآخرون للتراجع عن عنف الجماعة "لم تجب على سؤال ما إذا كان التطرف الإسلامي المصري قد أصبح بشكل تام وصادق متصالحاً مع إفلاس إستراتيجية الجماعة الجهادية وسوى حساباته الفكرية مع الأفكار التي ألهمته الجهاد في المقام الأول".[xxviii] ورد الجهاد الإسلامي على هزيمة التمرد في مصر بإعادة توجيه نفسه إلى الساحة الدولية، منضماً إلى القاعدة في أواخر التسعينيات. وفي أواخر عام 2007 فقط أصدر أحد مؤسسي الجماعة ومن أهم مفكريها، سيد إمام شريف "مراجعة" مشابهة للجهاد، ورأى فيها بالأساس عدم نبذ وإدانة الأفراد بصفتهم كفار لتبرير الإضرار بهم، وكذلك قتل غير المسلمين في الدول الإسلامية أو المسلمين المنتمين إلى طوائف أخرى، مثل الشيعة.[xxix]

استهداف المدنيين من قبل جماعات إسلامية مسلحة أصبح مثاراً للجدل بشكل خاص بين المقاتلين الإسلاميين أنفسهم في سياق حمام الدم في العراق سنوات ما بعد الاحتلال الأميركي. البعض، من ذوي الخبرة القتالية الواسعة، أدانوا هذه الهجمات بشكل عام فضفاض. المفكر الإسلامي الفلسطيني الأردني أبو محمد المقدسي استنكر بلا تحفظات عمل الحكومات الكافرة التي لا تلجأ في حكمها إلى الشريعة، ورأى في الديمقراطية تحدٍ لدين المرء، أي أن تبنيها يعتبر ردة.[xxx] لكن في عام 2005 انتقد رفيقه السابق أبو مصعب الزرقاوي على حملته القاسية التي استهدفت شيعة العراق. "مشروعي ليس تفجير حانة، مشروعي ليس تفجير قاعة سينما" على حد قول المقدسي للجزيرة في يوليو/تموز 2005:

مشروعي هو إرجاع الأمة الإسلامية إلى سابق مجدها وإنشاء الدولة الإسلامية التي تصبح ملاذاً لكل مسلم، وهو مشروع ضخم وكبير لا يأتي بأعمال ثأرية صغيرة... منذ متى ونحن نتحدث عن قتل النساء والأطفال؟ منذ متى ونحن نتحدث عن قتل الشيعة؟[xxxi]

النموذج العراقي، بما فيه من فاعلين متعددين وسيطرة شبه مطلقة للإرهاب ضد المدنيين، بناء على كونهم سنة أو شيعة لا أكثر، في أحيان كثيرة، هو على نحو أو آخر تكرار لمذابح المدنيين التي اتسمت بها الحرب الأهلية الجزائرية في أواسط التسعينيات. ففي الحالتين كان من القوات المتمردة قيادات على مستوى المحاربين القدامى العرب في حرب أفغانستان، وقد فرضوا، من بين أشياء أخرى، قدراً كبيراً من الأمور التي يرونها من "صحيح" الإسلام.

ويبدو أن المتمردين المسلحين في السعودية يمثلون نموذج على العنف السياسي الإسلامي المتجذر بشكل مباشر لا لبس فيه في مبادئ العقيدة الدينية. يعكس هذا جزئياً تماهي شبه تام للخطاب الديني في السعودية أثناء مناقشة الأمور السياسية والاجتماعية، برعاية حُكام السعودية، وهو الخطاب الذي تمكن رجال الإسلام السياسي السعوديين من ممارسته بحرية، في ظل القمع التام لآراء المعارضة الليبرالية. الكثير من الجناة في أعمال العنف السياسي في السعودية هم من الورثة السياسيين والأيديولوجيين لمن شجعتهم السعودية ومكنتهم (بدعم كامل من واشنطن) لقتال الحكومة السوفيتية السابقة في أفغانستان. هذا الانتقال في التركيز إلى السعودية والحضور الغربي هناك يبدو أنه بدوافع أيديولوجية. في كتيب ناصر الفهد "كشف زيف من يساعدون الأمريكان" يصعب العثور على بيان أوضح لمنطق العنف المتمرد الموجه ليس فقط للأمريكان ولأبناء الغرب الآخرين في المملكة، بل ايضاً الموجه ضد السلطة السياسية الداخلية دينية الهوى. كتيب الفهد، طبقاً للعالم السعودي معداوي الرشيد، يصف "أساليب العنف المشروع" المستمدة من القرآن والسنة (أحاديث النبي محمد)، محملاً بالمبادئ الدينية والمعاني والسياسات والأقوال.[xxxii]

وقد أتيحت لـ هيومن رايتس ووتش إثارة هذه القضايا مع معارضين سعوديين أثناء زيارة للسعودية في ديسمبر/كانون الأول 2006.[xxxiii] ويبدو أن هناك اتفاق تام على نقطتين. الأولى، الدعم العام لجماعات المعارضة العنيفة، أو على الأقل التردد في إدانة هذا العنف، يحركه بالأساس العلاقات السعودية المقربة بالحكومة الأميركية، دون مراعاة لما يعتبرونه سياسات واشنطن غير المقبولة في العراق والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. ثانياً، حسب قولهم، أن على الحكومة السعودية أن تكف عن قمعها المنهجي للحقوق المدنية والسياسية الأساسية، لا سيما حرية التعبير، وأن تسمح بالطعن السلمي في الوضع الراهن. وبالدرجة التي تعتبر عندها هذه الآراء موضحة للمشهد، فإن أساس الدعم الشعبي الموجود للهجمات المسلحة ضد المدنيين مرجعه السياسة وليس الدين. هناك أيضاً اتفاق واسع، وإن لم يكن إجماعاً، على نقطة ثالثة، تقلل بدورها من أهمية الأساس الديني للعنف: أن الأسرة الحاكمة في السعودية التي ترعى المؤسسة الدينية التي لا تتسامح مع غير المسلمين والمسلمين من غير اتباع المذهب الوهابي هو أمر أسهم بدوره في دعم الهجمات ضد الأجانب، وأي حركة سياسية تحريرية تتطلب عنصراً دينياً فيها من هذا المنطلق.

واتفق من قابلناهم إلى حد كبير، حسب المذكور، على أن "وراء العنف اضطهاد وظلم واحتلال" إشارة إلى الأوضاع في العالم العربي. وفيما يخص السعودية نفسها، فقد ركزوا كذلك على "انعدام المجتمع المدني وعدم استقلال القضاء" على حد قول متروك الفالح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود والمحتجز جراء نشاطه الإصلاحي والذي ما زال ممنوعاً من السفر. الدولة، على حد قوله وقول آخرين، كانت معادية للانتقادات السلمية بنفس قدر معاداتها للجماعات العنيفة. وقال عبد الله الحامد، الأستاذ السابق للأدب والناشط الإصلاحي: "تسع سنوات من السجن لاقتراح دستور!" مشيراً إلى عقوبة السجن التي نالته هو والفالح وناشط آخر.[xxxiv] "يشير أنصار العنف إلى هذا، ويقولون انظر إلام وصلت بك عرائضك السلمية".

وماذا بعد؟

مفهوم الجهاد مفهوم أصيل في الإسلام عقيدة وتقاليد، لكن بالإضافة إلى أنه يحمل معانٍ كثيرة، فهو مرتبط بالضرورة بالقواعد، لا سيما فيما يتعلق بالقتال واستخدام القوة.[xxxv] والقواعد بالطبع قابلة للاختلاف حولها، ليس فقط من حيث الفهم القانوني أو الفقهي، بل أيضاً من حيث الفهم الأخلاقي. والمساءل العالقة تشمل من يمكنه التحدث بصوت مسموع عن العناصر الجوهرية للتقاليد الإسلامية، في وقت أصبح الكلام باسم الإسلام فيه متنازع عليه وتتبناه أطراف متشظية لا حصر لها.

الأهم من التعرف على الأصوات المسموعة، التي يُرجح أن تُقابل بالاعتراض على أية حال، هو الحاجة لأن يناقش صناع الرأي في كبرى الدول الإسلامية بالشرق الأوسط هذه القضايا بطريقة تُدمج الحيثيات المشتركة للقيم الإسلامية بمبادئ القانون الإنساني الدولي. العنصر الجوهري في كل من النظامين هو أنه في حالة الرفاه هناك حدود مفروضة على سبل وأساليب الأطراف المتقاتلة.[xxxvi] الحدود الواردة في الموروث الإسلامي تشمل حظر الغدر والتشويه، وتعدد فئات معينة من أفراد العدو المحصنين من الهجوم، ومنهم الأطفال والعبيد والنساء والضعفاء والعميان.[xxxvii] يتطلب هذا إيلاء الانتباه إلى نقاط الاختلاف كذلك، لكن بغرض بناء إطار عمل شامل وواسع للتعرف على السبل الأنجع في ضمان احترام هذه المبادئ المشتركة. مبادئ القانون الإنساني لا تتناول ما إذا كان يحق للدول والجماعات المسلحة من غير الدول اللجوء للسلاح في صراع معين، بل كيف تنشر وتستخدم هذه الأسلحة في أثناء مجريات القتال نفسه. وفي العرف الإسلامي، فإن القضية ليست ما إذا كان الجهاد مسموح به أو إلزامي أو محظور (وهي قطعاً أسئلة هامة بشأن الشريعة وبشكل أعم في القانون الدولي الكثير ليقوله في هذا الصدد)، لكن كيف يتم النزاع عندما يصبح مسلحاً.

وسواء كانت الجماعات التي ترتكب الجماعات التي تستهدف المدنيين أو تصيبهم بشكل عشوائي دينية أو سياسية الطابع، فإنها تبرر هذه الهجمات كثيراً على أنها انتقام من الهجمات الخاصة بالخصم التي أضرت بالمدنيين طرف الجماعات، وهو تبرير غير مسموح به بموجب القانون الإنساني الدولي، لكنه أيضاً ليس بالتبرير المقتصر على المسلمين. مبرر الانتقام، بينما هو غير مقبول، يشير إلى عامل هام، هو أن أنصار القانون الإنساني الدولي عليهم دراسة أثر ضغوطهم في المجتمعات الإسلامية اليوم، بالأساس الغياب الواضح للإرادة السياسية الدولية للتصدي لأعمال القتل هذه من قبل مختلف الأطراف، بما في ذلك الدول القوية. فمن وجهة نظرهم، فإن القانون الإنساني الدولي هو نظام قانوني صادر لصالح الدول: فالدول يمكنها تحمل كلفة الأسلحة الدقيقة ويبدو أنها تحترم القانون الإنساني الدولي حتى إذا أسفرت هجماتها عن قتل مدنيين كثيرين، لكن الجماعات المتمردة ليس لديها في أحوال كثيرة إلا الأسلحة البدائية وغير الدقيقة. (الدول من جانبها، تقول بأن القانون الإنساني الدولي يفضل الجماعات المتمردة بتيسير القتال عليها بالاختلاط بالسكان المدنيين، وزيادة الخسائر في صفوف المدنيين تُلام عليها القوات المسلحة للدولة). وها هنا لا يمكن لأحد أن يبالغ مهما قال في تقييمه للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، والتعاطف العميق والمنتشر لدى أغلب المسلمين مع الأهداف والمظالم الفلسطينية.

وهذا - وليس أي خلاف جوهري لمبادئ القانون الإنساني مع القيم الإسلامية والشريعة - يمثل عائقاً كبيراً في بناء رأي عام قوي وفعال قادر على المجاهرة بالتحدث ضد هجمات الجماعات ذات الأهداف التي يتعاطف معها هذا الرأي العام. وعندما يتعلق الأمر بالانتهاكات الأكثر جسامة للقانون الإنساني الدولي، كاستهداف المدنيين، فإن المحاذير غير متعلقة بسلوك الخصم. لكن، إذا لم يواجه الخصم الأقوى أي تبعات لانتهاكاته الجسيمة، يصبح من الأصعب إقناع الآخرين بأن في صالح جميع الأطراف مراعاة واحترام القانون الإنساني الدولي.

وفي معرض عملية تعزيز احترام مبادئ القانون الإنساني الدولي الأساسية وآليات المحاسبة الفعالة في المجتمعات العربية، فهناك وبوضوح دور للأفراد القادرين على تأطير هذه المبادئ بلغة قادرة على إقناع المسلمين الآخرين، ومنهم الإسلاميين والقوميين الذين يستخدمون بالأساس المثل الإسلامية والمرجعيات المتعلقة بالمبادئ الأساسية. وهناك حاجة للأفراد ذوي المصداقية ومن ليسوا مجرد سلطات دينية تتحدث بالنيابة عن الحكومة، سيما إذا كان تواطؤ الحكومة في هذه المبادئ مشكوك فيه.

جهود هيومن رايتس ووتش الرامية إلى تعزيز هذا الحوار ف يالمنطقة، بمبادرة حماية المدنيين، كان له صدى بين نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني بالمنطقة، ولم يعد من غير المألوف أن تطالع أعمدة صحفية وافتتاحيات للصحف العربية تنتقد الهجمات ضد المدنيين من قبل جماعات مسلحة في العالم العربي أو مناطق إسلامية. تركيز صناع الرأي على الالتزام الأوسع بالمبدأ الأساسي الخاص بحصانة المدنيين، دعك من حصانة المجتمع ككل، يتطلب مبادرات أخرى من الناشطين الإقليميين والدوليين على حد سواء. لهذا من المهم أن يجاهر بالحديث بقوة ضد الأعمال الوحشية كل من القيادات السياسية والدينية والإعلام المؤثر ونشطاء حقوق الإنسان وغيرهم من الناشطين في مختلف الحركات الاجتماعية، حتى عندما - بل وخصيصاً عندما - تُرتكب الانتهاكات من قبل حكومة باسم هؤلاء، أو من قبل حركة تلقى أهدافها الدعم الواسع.

جو ستورك هو نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش.


[i]  بالنسبة للفلسطينيين، انظر: Yezid Sayigh, Armed Struggle and the Search for State (Oxford: Oxford University Press, 1997); وفيما يخص الأعمال الوحشية من قبل جميع الأطراف في حرب استقلال الجزائر، انظر: Alistair Horne, A Savage War of Peace: Algeria 1954-1962 (New York: Viking Press, 1977)

[ii]  في هذا المقال، يُستخدم اصطلاح "إسلامي" للإشارة إلى الأفراد والجماعات المنخرطين سياسياً ويؤكدون على تبني سياسات وبرنامج سياسية يعتقدون أنها تتسق مع التقاليد والتعاليم الإسلامية ويدافعون عما يتصورون أنه المصالح الإسلامية. وهناك فرق كبير بين المنظمات الإسلامية من جانب وميول من يرغبون في اعتبار أنفسهم من أصحاب هذا التوجه من جانب آخر، رغم أن تصورهم الخاص بما يعتبرونه تعاليم وتقاليد الإسلام قد يتباين كثيراً من حالة لأخرى. أنا هنا معني بالأساس بتلك المجموعة من المنظمات الإسلامية التي تستخدم العنف المسلح أو تحرض عليه.

[iii]  انظر: The Peace Process: Implications for Democracy and Human Rights Ibn Rushd Booklets Series, 3 (1997), pp. 75 - 128

[iv]  زيارة آرييل شارون الاستفزازية لموقع المسجد الأقصى في القدس الشرقية في 29 سبتمبر/أيلول 2000، ورد فعل القوات الإسرائيلية إزاء المحتجين الفلسطينيين، أدت إلى مصادمات مطولة بين القوات الإسرائيلية والمسلحين الفلسطينيين فيما عُرف باسم انتفاضة الأقصى. لمزيد من التفاصيل عن العمليات الانتحارية الفلسطينية حتى أواخر عام 2002، وتحليل الهجمات من وجهة نظر حقوق الإنسان، انظر: Human Rights Watch, Erased in a Moment: Suicide Bombing Attacks against Israeli Civilians (New York, Human Rights Watch, 2002), http://www.hrw.org/legacy/reports/2002/isrl-pa/

[v]  اقتباس في: Lori Allen, "Palestinians Debate ‘Polite' Resistance to Occupation," in Joel Beinin and Rebecca Stein, The Struggle for Sovereignty: Palestine and Israel 2003-2005 (Stanford: Stanford University Press, 2006), p. 289

[vi]  السابق، صفحات 301 و302.

[vii]  انظر: "Al-Haq in 2004: A Twenty-five Year Retrospective," in Waiting for Justice: Al-Haq Annual Report 2004 (Ramallah, 2005), pp. 12-13. عمل عزام لصالح الق من 1987 حتى 1995.

[viii]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زياد أبو عمرو، واشنطن، يونيو/حزيران 2006.

[ix]  مناقشة هيومن رايتس ووتش مع صحفيين فلسطينيين في رام الله، أغسطس/آب 2005.

[x]  إعلان الرباط: نحو شراكة في الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام العادل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بيان منظمات المجتمع المدني والفعالين في منتدى المستقبل [اجتماع قمة الثمانية الكبار ووزراء الخارجية العرب]، 8 و9 ديسمبر/كانون الأول 2009. تجمع منظمات المجتمع المدني كان برعاية الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان.

[xi]  انظر: "Al-Haq's Appeal to Palestinian Political Parties and Armed Factions," Al-Haq Press Release REF: 21.2006E, 3 July 2006). وقبل عام، في أغسطس/آب 2005، قال نشطاء الحق لـ هيومن رايتس ووتش إن المركز صاغ نقاط سيتحدث من خلالها في اجتماع بيروت بشأن الجماعات المسلحة برعاية منظمة العفو الدولية، لكنه قرر ألا يشارك في الاجتماع قبل الحصول على كامل موافقة العاملين بالمركز ومجلس إدارته. وقال أحد النشطاء: "نحن بحاجة لالتزام الشجاعة، لكن الأمر صعب"، مشيراً إلى أن الكثيرين ممن وقعوا العرائض العامة تعرضوا "لمضايقات مجتمعية".

[xii]  هذه الاجتماعات تمت في القاهرة ورام الله وبيت لحم وعمان والرباط وتونس والكويت ودبي والرياض وبيروت والبحرين.

[xiii]  بشأن الهجمات الفلسطينية أنظر: Human Rights Watch, Erased in a Moment, http://www.hrw.org/legacy/reports/2002/isrl-pa/ وعن الهجمات العراقية انظر: Face and a Name: Civilian Victims of Insurgent Groups in Iraq, vol, 17, no. 9(E), October 2005, http://www.hrw.org/en/reports/2005/10/02/face-and-name-0 وعن مصر، انظر: Egypt: Mass Arrests and Torture in Sinai, vol. 17, no. 3(E), February 2005, http://www.hrw.org/en/reports/2005/02/21/egypt-mass-arrests-and-torture-sinai-0

[xiv]  على سبيل المثال، البروتوكول الاختياري الأول لعام 1977 لاتفاقيات جنيف (بروتوكول 1)، الذي يحظر الهجمات ضد المدنيين، يغطي بشكل صريح "النزاعات المسلحة التي يقاتل فيها الناس قوة استعمارية واحتلال أجنبي ونظم عنصرية أثناء ممارسة حقهم في تحديد المصير..." البروتوكول الأول، مادة 1(4).

[xv]  بموجب القانون الإنساني الدولي، أي شخص غير مقاتل يعتبر مدنياً، وتسقط الحصانة عن المدنيين فقط عندما يشاركون بشكل مباشر في أعمال القتال وطيلة مدة المشاركة لا أكثر. بموجب القانون الإنساني الدولي، جنود الاحتياط، عندما لا يكونون ضمن الصفوف العاملة بالقوات المسلحة، يعتبرون مدنيين. وأغلب الحروب تنشب بين القوات التي لا تتساوى أسلحتها ومعداتها العسكرية، وأي استثناء للقانون الإنساني الدولي بناء على هذا الأساس يعني تقويض مبدأ حصانة المدنيين بالكامل.

[xvi]  مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش، القاهرة، 9 أبريل/نيسان 2006.

[xvii]  تم الإدلاء بهذا التعليق في نقاش مائدة مستديرة عُقد في القاهرة بتنظيم هيومن رايتس ووتش مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 26 يونيو/حزيران 2005.

[xviii]  مقابلة هيومن رايتس ووتش في رام الله، أغسطس/آب 2005.

[xix]  انظر على سبيل المثال، مادة 51 )6) من البروتوكول الأول، ورد فيها أن: "الهجات ضد السكان المدنيين أو المدنيين على سبيل الانتقام محظورة".

[xx]  مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش، بيروت، 1 يوليو/تموز 2006.

[xxi]  اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القانون الإنساني الدولي العرفي، صفحات 513 إلى 529.

[xxii]  انظر: Human Rights Watch, Erased in a Moment, http://www.hrw.org/legacy/reports/2002/isrl-pa/, p. 52.

[xxiii]  مقابلة هيومن رايتس ووتش، بيروت، 2 يوليو/تموز 2006.

[xxiv]  مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش، القاهرة، 9 أبريل/نيسان 2006.

[xxv]  انظر: Human Rights Watch, Civilians Under Assault: Hizbollah's Rocket Attacks on Israel in the 2006 War, vol. 19, no. 3(E), August 2007, at http://hrw.org/reports/2007/iopt0807/.

[xxvi]  اقتباس من: Mohamed M. Hafez, "Rationality, Culture, and Structure in the Making of Suicide Bombers: A Preliminary Theoretical Synthesis and Illustrative Case Study," Studies in Conflict & Terrorism 29, pp. 165-185

[xxvii]  أمضى الناشط الإخواني المصري سيد قطب 10 أعوام في السجن جراء تورطه المزعوم في محاولة انقلاب على الرئيس جمال عبد الناصر، حيث تعرض للتعذيب. وتم الإفراج عنه في عام 1964 ثم سُجن في عام 1965 على صلة بمخطط مزعوم آخر وشُنق في أغسطس/آب 1966. كتابه "معالم في الطريق" في رأي ماليس روثفين، "هو أكثر من مجرد نص، ويُرى فيه الغضب والثورة الكامنة وراء الثورة الحركة الإسلامية". انظر: Malise Ruthven, A Fury for God (London: Granta Books, 2002), p.85

[xxviii]  انظر: Hugh Roberts, "Islam in North Africa II: Egypt's Opportunity," International Crisis Group Middle East and North Africa Briefing, April 20, 2004, p. 9

[xxix]  إمام شريف، معروف أيضاً باسم د. فضل، هو كاتب "العمدة في إعدام العدة". مراجعته بعنوان "ترشيد الجهاد في مصر والعالم" ظهرت في سلسلة مقالات في نوفمبر/تشرين الثاني 2007 في صحيفة المصري اليوم اليومية، انظر: Jailan Halawi, "Bidding Violence Farewell," Al-Ahram Weekly, November 22-28, 2007, وتعليق مارك لينش على مدونة أبو أردفارك في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2007 متوفر على: http://abuaardvark.typepad.com/abuaardvark/2007/11/dr-fadls-review.html

[xxx]  انظر: Nibras Kazimi, "A Virulent Ideology in Mutation: Zarqawi Upstages Maqdisi," in Hillel Fradkin, et al., eds., Current Trends in Islamist Ideology (Washington: The Hudson Institute, 2005), also available at http://www.futureofmuslimworld.com/research/pubID.24/pub_detail.asp. (تمت الزيارة في 22 مارس/آذار 2007).

[xxxi]  المقابلة، بتاريخ 5 يوليو/تموز 2005، مذكورة في "كاظمي". المقدسي، الذي تم سجنه في أواخر التسعينيات مع الزرقاوي، تم احتجازه مجدداً بناء على اتهامات على صلة بأعمال غرهابية في عام 2000 لكن أفرج عنه بعد أن تبينت محكمة أمن الدولة الأردنية أنه بريء من الاتهامات في 28 ديسمبر/كانون الأول 2004. وتم اعتقاله مجدداً بعد يوم من مقابلة الجزيرة، والظاهر أن السبب أنه لم ينتقد الزرقاوي بشكل أقوى. قضية المقدسي قضية ناقشتها هيومن رايتس ووتش، انظر: Suspicious Sweeps: The General Intelligence Department and Jordan's Rule of Law Problem (New York, September 2006), available at http://hrw.org/reports/2006/jordan0906/.

[xxxii]  انظر: Madawi al-Rasheed, Contesting the Saudi State: Islamic Voices from a New Generation (Cambridge, UK: Cambridge University Press, 2007), pp. 135-36

[xxxiii]  انظر: Joe Stork, "Violence and Political Change in Saudi Arabia," ISIM Review 19, Spring 2007, pp. 54- 55, http://www.isim.nl/files/Review_19/Review_19-54.pdf

[xxxiv]  الفالح والحامد والكاتب علي الدوميني، تعرضوا للاحتجاز في مارس/آذار 2004 بعد أن رفضوا توقيع تعهد بالكف عن الانتقاد العلني للحكومة. وإثر محاكمة غير عادلة حكمت المحكمة عليهم في مايو/أيار 2005 بالسجن ست وسبع وتسع سنوات على التوالي. وفي أغسطس/آب 2004 عفى عنهم الملك عبد الله لكنهم ما زالوا ممنوعون من السفر ومن الإعلام السعودي.

[xxxv]  للاطلاع على تحليل هام لمفهوم الجهاد في الإسلام في القرون الأولى، انظر: Roy Parviz Mottahedeh and Ridwan al-Sayyid, "The Idea of the Jihad in Islam before the Crusades," in Angeliki E. Laiou and Roy Parviz Mottahedeh, The Crusades from the Perspective of Byzantium and the Muslim World (Washington, D.C.: Dumbarton Oaks Research Library and Collection, 2001), available at www.doaks.org/etexts.html

[xxxvi]  سهيل هاشمي، الذي قال بأن "قضايا قوانين الحرب تلقى أقل الاهتمام" في الخطاب الإسلامي المعاصر بشأن الحرب، ذاكراً الآية القرآنية "ولا تتعدوا حدود الله" في معرض القتال "في سبيل الله"، ويعدد محاذير عدة واردة في السنة النبوية والخلفاء الراشدين كقيادات للمجتمع الإسلامي. انظر: "Interpreting the Islamic Ethics of War and Peace," in Sohail H. Hashmi, ed., Islamic Political Ethics: Civil Society, Pluralism, and Conflict (Princeton: Princeton University Press, 2002).

[xxxvii]  انظر: John Kelsay, Arguing the Just War in Islam (Cambridge, MA: Harvard University Press, 2007), especially chapter 3: "Politics, Ethics, and War in Premodern Islam." في هذا الفصل يكتب كيلساي: "المهم ليس مجرد من ذكرهم النبي، من نساء وأطفال وآخرين من جماعات محمية. بل أن الأشخاص المذكورين هم محميون لأنهم بشكل عام "لا يقاتلون". (ص 114).