Kenya


كينيا
Kenya


أفريقيا
   تقرير

ارحموا الأطفال: العقاب البدني في مدارس كينيا

I. ملخص
*مقدمة: العقاب البدني في مدارس كينيا
* العقاب البدني بوصفه عقاباً أو معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة
* الأنواع الأخرى للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في مدارس كينيا
*السياق التاريخي والثقافي العام
* منهج البحث
II. توصيات

السياق التاريخي والثقافي العام

هناك أصل قديم للعديد من أشكال العقاب البدني (والعقوبات الأخرى كالعمل اليدوي) في كينيا. فقد أفاد عدد من الكينيين لمنظمة هيومان رايتس ووتش أن العقاب البدني مقبول في البيوت الكينية منذ أمد بعيد. وكان نظام المدارس الحكومية نشأ في كينيا في عهد الحكومة الاستعمارية البريطانية، وحينها تبنّت المدارس التقاليد البريطانية في الضبط، التي تعود إلى القرن التاسع عشر، وهي تتضمن الاستخدام الشائع للضرب بالعصا.

من المرجّح أن معظم الكينيين البالغين كانوا قد تعرضوا للضرب بالعصا لمرات عديدة أثناء طفولتهم، ويعتقد العديد منهم اعتقاداً راسخاً بصواب الوصية التوراتية التي تقول، "الاستغناء عن العصا يفسد الطفل". ومن الشواغل الدائمة للمجموعات الكينية العاملة في مجال حقوق الإنسان، انتشار العنف المنْزلي ضد النساء والأطفال. وهكذا، يحدث العقاب البدني في المدارس ضمن هذا السياق التاريخي والثقافي العام. وقد أعرب أحد مدراء المدارس الابتدائية لمنظمة هيومان رايتس ووتش، عن اعتقاده الجازم بأن العنف هو "ما يفهمة الطفل الإفريقي، والنساء كذلك. فيجب ضربهم".
على الرغم من أن معظم الكينيين الذين قابلناهم قالوا بإن العقاب الجسدي يجب ألاّ يكون قاسياً كي لا يتسبب بجراح دائمة للطفل، إلاّ أن قلة ممن قابلناهم اعتبروا العقاب البدني قضية تتعلق بحقوق الإنسان، أو حتى سبباً رئيسياً يدعو للقلق. وقد بدأ هذا الأمر يتغير، فالعديد من المجموعات الكينية العاملة في مجال حقوق الإنسان، أضافت قضية العقاب البدني إلى برامجها، كما بدأت عدة صحف محلية، مثل صحيفة ديلي نيشين، ببذل جهود منسّقة للتحقيق في شأن حالات الضرب المبرح في المدارس، وتغطيتها إعلامياً. وكذلك، بدأ كبار المسؤولين في وزارة التعليم الكينية، ومن بينهم الوزير شخصياً، بتركيز المزيد من الانتباه على قضايا حقوق الأطفال، وحددوا قضية العقاب البدني كمجال يستحق اهتماماً خاصاً.
ومع ذلك، ما زال مستوى الوعي بالمشاكل المرتبطة بالعقاب البدني ضعيفاً، وما زال الأطفال والأهالي أو المعلمين الذين يشتكون من العقاب البدني عرضة للسخرية أو الانتقام. وهذا يدفع معظم الناس لالتزام الصمت في هذا الخصوص، إلاّ في حالات الإساءات الشنيعة بصورة استثنائية.

هناك تقبُّل اجتماعي كبير، أو حتى استحسان، للعقاب البدني في المدارس في كينيا. وعلى الرغم من أن بعض المعلمين يعرّضون الطلاب لأنواع قاسية من العقاب البدني بدافع من القسوة المتعمّدة، ولكن من الممكن أن الغالبية العظمى من المعلمين يقصدون عن نية صادقة "تعليم" الطلاب من خلال ضربهم بالعصا أو السوط. أما ما يتعلّق بإصابة بعض الأطفال بجراح خطيرة، فالعديد من الكينيين مستعدون للتغاضي عن هذه الحالات، بوصفها استثناءات مؤسفة ضمن نظام مقبول عموماً، وهي ناتجة عن قلة من المعلمين القساة، أو عن أحداث مؤسفة لا يمكن تجنبها. كما قلل بعض المعلمين من أهمية الإساءات بالإشارة إلى إن الجراح الخطيرة عادة ما تحدث في حالة قيام الطالب بالتمرّد وإزاحة يده لتجنب ضربة العصا، وينتهي به الأمر إلى كسر يده أو إصابات شبيهة. ويرى أولئك المعلمين بأن الطلاب يتسببون بهذه الإصابات لأنفسهم. كما قال آخرون إن على السلطات ألاّ تحاسب المعلمين بسبب الجراح أو القتل الذي قد يتعرض له الطلاب الذين يعانون من ظروف صحية تجعلهم لا يحتملون العقاب البدني، إذ أن الطلاب الآخرين يمكن لهم تحمل هذا العقاب.

من شأن ظروف الفقر أن تساعد على خلق بيئة تقود إلى فرض العقاب البدني في المدارس. فالأهالي والمجتمعات المحلية يغطون تكاليف الملابس والكتب ورسوم الأبنية المدرسية (لإصلاح وصيانة المباني المدرسة)، ورسوم النشاطات، وذلك بموجب ترتيبات بينهم وبين الحكومة الكينية للمشاركة في النفقات. والعديد من الأسر الفقيرة تكافح لإبقاء أبنائها في المدارس، وقد يواجه أبناؤهم مضايقات من المعلمين لارتداء ملابس متسخة أو ممزقة. وقد يلجأ المعلمون إلى معاقبة الطلاب الذين يعجزون عن إنجاز الوظائف المدرسية البيتية أو تعلّم الدروس، مع إنه من الممكن ألاّ تتوفر للأطفال الكتب والوسائل المدرسية الضرورية، أو التغذية الكافية، أو الفرص والمرافق لإنجاز الوظائف المدرسية البيتية بعد مغادرة المدرسة. من الممكن أيضاً أن تكون المدارس مزدحمة، فأحياناً يصل عدد الطلاب إلى ما يزيد عن خمسين طالباً يشرف عليهم معلم واحد في غرفة صفية صغيرة. وهذه الظروف لا تساعد على التعليم أو على إدارة الصفوف، وفي حين أنها قد توضح سبب لجوء المعلمين لفرض العقوبات البدنية، لكنها لا تشكل عذراً لهذه التصرفات.



المزيد عن كينيا بالانجليزية