Kenya


كينيا
Kenya


أفريقيا
   تقرير

ارحموا الأطفال: العقاب البدني في مدارس كينيا

I. ملخص
*مقدمة: العقاب البدني في مدارس كينيا
* العقاب البدني بوصفه عقاباً أو معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة
* الأنواع الأخرى للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في مدارس كينيا
*السياق التاريخي والثقافي العام
* منهج البحث
II. توصيات

العقاب البدني بوصفه عقاباً أو معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة

من الممكن أن يشكّل العقاب البدني في المدارس نوعاً من العقاب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وهو شبيه باستخدام الضرب لمعاقبة المحتجزين في السجون أو في مراكز الشرطة. ففي كلتا الحالتين، يستخدم موظفوا الدولة العنف لضبط أو معاقبة أشخاص تحت إشرافهم وسيطرتهم، ويُطبّق العنف بقصد إيقاع الألم والإذلال. وفي المدارس، فإن موظفي الحكومة هم المعلمون بدلاً من حراس السجن أو ضباط الشرطة؛ والضحايا هم أطفال المدارس بدلاً من المحتجزين. أن كثيراً من الأطفال معرضون لخطر الأذى الجسدي أو النفسي جرّاء استخدام العقاب العنيف. وكون الأطفال أضعف جسدياً من السجناء البالغين وأكثر عرضة للأذى النفسي، فقد يكونون عرضة لخطر أكبر من ذاك الذي يواجه السجناء. ولكن في حين يسود الاعتقاد حالياً بأن العقاب البدني للسجناء يشكّل انتهاكاً لحقوق الإنسان، إلاّ أن الكثيرين ما زالوا يعتقدون بأن العقاب البدني للأطفال له أهداف تعليمية بنّاءة، ولا يمكن للأطفال أن يتعلموا من دونه.

تحظر العديد من اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية استخدام المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ومن ضمن هذه الاتفاقيات: اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وكون العديد من المعلمين والأهالي (بل حتى الطلاب) يعتقدون بأن العقاب البدني يؤدي وظيفة تعليمية أصيلة، فهذا لا يقلل من شأن الحالات التي يمكن فيها اعتبار العقاب البدني قاسياً ومهيناً. وقد قابلت منظمة هيومان رايتس ووتش في كينيا العديد من المعلمين الملتزمين، تحدثوا عن اعتقادهم الصادق بضرورة العقاب البدني بوصفه وسيلة تعليمية. كما أن العديد من الأهالي الذين قابلناهم يدعمون تصرفات المعلمين. ومع ذلك، فإن منظمة هيومان رايتس ووتش تعارض استخدام العقاب البدني ضد الأطفال في المدارس معارضة مطلقة، وبصرف النظر عن أي تبرير لهذا العنف، وتدعو لإلغاء هذه الممارسة وإبطال كافة القوانين والأنظمة التي تسمح بحدوثها.

ولا تتوقف المسألة عند اعتبار العقاب البدني في المدارس نوعاً من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة للأطفال، بل تتعداها بوصفها تعيق تمتّع الأطفال بالحق بالتعليم، وقد تُضعف هدف التعليم كما تحرص على حمايته اتفاقية حقوق الطفل، وهي الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان التي حازت على مصادقة أكبر عدد من الدول؛ وقد صادقت كينيا عليها في العام 1990. وكانت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة قد صرّحت بصورة لا تدع مجالاً للشك، بإن كافة أنواع العقاب البدني تتعارض مع الحماية الممنوحة للطفل بموجب اتفاقية حقوق الطفل. وهذه اللجنة هي الجهة المخوّلة بالتفسير الرسمي للحقوق المتضمنة في هذه الاتفاقية، وبمراجعة التزام الدول الأطراف ببنودها.
وفي حين قد يعتقد المعلمون والأهالي بضرورة تعرّض الطفل للألم من أجل أن يتعلم، إلا أن مقداراً هاماً من الأبحاث أثبتت عكس ذلك - إذ أثبتت أن استخدام العقاب البدني قد يعيق التعليم، ويشجع على ترك الدراسة الأطفال أو يقودهم إلى ذلك، كما يُضعف بصورة عامة أهداف التعليم الواردة في المادة 29 من اتفاقية حقوق الطفل، التي تنص على أن يكون تعليم الطفل موجهاً نحو تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها، وتنمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية؛ وإعداد الطفل لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر، بروح من التفاهم والسلم والتسامح. إن استخدام العقاب البدني ضد الأطفال من قبل معلميهم، والعبر التي يتعلمها الأطفال من خلال ذلك، قد تضعف هدف التعليم بحد ذاته كما عبرت عنه الاتفاقية.

وجّهت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة (علناً، وخلال المحادثات الخاصة) انتقادات للحكومات التي تسمح بحدوث العقاب البدني في المدارس، وقد صرحت اللجنة وأعضاؤها مرات عديدة بإن العقاب البدني ينتهك المباديء الأساسية لاتفاقية حقوق الطفل. كما صرّحت اللجنة في التقرير الرسمي الذي صدر بعد انعقاد دورتها السابعة في نوفمبر/تشرين الثاني 1994، أنه "ضمن إطار مسؤولياتها، ركزت اللجنة انتباهاً خاصاً على حق الطفل بالسلامة الجسدية. وانطلاقاً من ذلك، أكدت على أن العقاب البدني للأطفال يتعارض مع اتفاقية حقوق الطفل، وقد طرحت اللجنة مراراً إجراء تعديلات على التشريعات الموجودة، إضافة إلى تطوير حملات لرفع مستوى الوعي والتعليم، من أجل منع ... العقاب الجسدي للأطفال".
وعلاوة على ذلك، يحاجج أعضاء اللجنة أن الصعوبة في وضع حدود واضحة بين الأنواع المقبولة والأنواع غير المقبولة من العقاب البدني، تتطلب حظراً كلياً على هذه الممارسة، إذ أن أنواع العقاب البدني التي تبدو معتدلة، عادة ما تصبح لدى ممارستها مسيئة بدرجة كبيرة. وفي ملاحظة ختامية أثناء مناقشة عامة حول "حقوق الأطفال ضمن الأسرة" جرت في أكتوبر/تشرين الأول 1994، أشار عضو اللجنة السويدي توماس هامربيرغ إلى أن "بعض الدول حاولت التمييز ما بين [العقاب البدني الهادف إلى] إصلاح الأطفال، وبين العنف المفرط. إلاّ أن الفصل بين النوعين في واقع الأمر هو فصل مصطنع، إذ يسهل العبور من نوع من العقاب إلى آخر".



المزيد عن كينيا بالانجليزية