العراق وكردستان العراق
Iraq and Iraqi Kurdistan
أ. القضاة وهيئة الادعاء المحتويات

تعتبر حيدة القضاة وهيئة الادعاء واستقلالهم وكفاءتهم عناصر جوهرية في المحاكمات التي تتفق مع المعايير الدولية للمحاكمات العادلة. إذ تنص المادة 14 (أ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه "من حق كل فرد... أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية".(التأكيد مضاف) كما ينص المبدأ الأول والمبدأ 13 (أ) من المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة الخاصة بدور المدعين التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين على أن تكون هيئة الادعاء مؤلفة من "أشخاص يتمتعون بالنزاهة والمقدرة، والتدريب المناسب والمؤهلات المناسبة"، وعلى ضرورة أن "يقوموا بمهامهم على نحو نزيه".
ويستوجب استقلال القضاة والمدعين قدرتهم على مباشرة عملهم على نحو مستقل عن الحكومة أو أي سلطات أخرى، مثل سلطة القوة المحتلة أو الأفراد أو الرأي العام أو الإعلام أو البلدان الأجنبية أو المؤسسات الدولية. وتقتضي النزاهة من القضاة وهيئة الادعاء تطبيق القانون بالتساوي على الجميع، وعدم التفرقة على أي أساس من الأسس، بما في ذلك الجنسية أو العرق أو الديانة أو الآراء السياسية أو غيرها من المعتقدات، وعدم المشاركة في أي قضية لا يستطيعون التزام النزاهة فيها.

1. ضرورة مطالبة القضاة وأعضاء هيئة الادعاء بالتزام النزاهة والاستقلال نشير هنا إلى ما ينص عليه القانون من ضرورة تمتع قضاة التحقيق والمدعين بالاستقلالية التامة، وحظر خضوعهم أو استجابتهم لأي طلبات أو أوامر صادرة من أي مسؤول أو أي جهة أخرى، وفقا للمادة 7(عاشرا) والمادة 8(ثانيا) من القانون. ومما يقلقنا أن القانون لا ينص على هذا الشرط بالنسبة لقضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزية؛ ومن ثم فإننا نوصي بتعديل المادة 4 من القانون بحيث تنص على أن يتصرف هؤلاء القضاة أيضاً باستقلالية تامة، ولا يخضعوا أو يستجيبوا لأي طلبات أو أوامر صادرة من أي جهة حكومية، بما في ذلك مجلس الحكم العراقي، أو أي جهة أخرى.
كما نشير إلى اشتراط تمتع قضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزية وقضاة التحقيق بقدر عالٍ من السمو الأخلاقي والنزاهة والاستقامة، وفقا للمادة 5(أولا) والمادة 7(رابعا) من القانون. ونوصى هنا بتعديل المادة 8 من القانون بحيث تنص على ضرورة تمتع أعضاء هيئة الادعاء بدورهم بالسمو الأخلاقي والنزاهة. ويلاحظ أن المادة 15(3) من القانون الأساسي للمحكمة الخاصة بسيراليون، والمادة 16 (4) من القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة تنصان على "ضرورة تمتع عضو هيئة الادعاء بالسمو الأخلاقي". أما المادة 42 من قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فتشترط أن يكون "المدعي العام ونوابه ذوي أخلاق رفيعة وكفاءة عالية"، وتنص على "ألا يزاول المدعي العام ولا نواب المدعي العام أي نشاط يحتمل أن يتعارض مع مهام الادعاء التي يقومون بها أو ينال من الثقة في استقلالهم".
ولا بد من تنحية قضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزية وقضاة التحقيق وأعضاء هيئة الادعاء عن أي قضايا يثور فيها شك معقول حول نزاهتهم واستقلالهم. ونلاحظ هنا أن المواد 5(سادسا) و7(ثالث عشر) و8(سادسا) من القانون تنص على أن قضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزية وقضاة التحقيق وأعضاء هيئة الادعاء قد "تُنهى خدمتهم" في المحكمة في ظروف معينة. إلا أن القانون لا يشترط التنحية عن قضية بعينها، خلافاً لإنهاء الخدمة في المحكمة، إذا لم يكن شرط النزاهة مضموناً. ونوصي هنا بتعديل القانون بحيث ينص على ضرورة تنحية قضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزية وقضاة التحقيق وأعضاء هيئة الادعاء عن أي قضية يكون فيها شك معقول حول استقلالهم أو نزاهتهم لأي سبب من الأسباب مهما كان، بما في ذلك ما يلي:

  • المشاركة بأي صفة من الصفات في قضية تنظرها المحكمة الخاصة أو في أي قضية جنائية متعلقة بها على المستوى الوطني تخص الشخص الجاري التحقيق معه أو مقاضاته؛
  • إذا كان لهم مصلحة شخصية في القضية، بما في ذلك العلاقة الشخصية أو المهنية مع أي طرف من الأطراف؛
  • إذا كانوا قد أدوا مهام قبل تولي هذا المنصب تمكنهم من تكوين رأي حول القضية أو حول أطرافها أو وكلائهم القانونيين مما يُعتقد استناداً لمبررات معقولة أنه قد يؤثر على نزاهتهم؛
  • التعبير عن الرأي من خلال وسائل الإعلام أو الكتابة أو القيام بأنشطة عامة، مما قد يؤثر على نزاهتهم.
    ونوصي هنا بتعديل القانون بحيث ينص على أن تُتَّخذ قرارات تنحية القضاة - بمن فيهم رئيس المحكمة - وأعضاء هيئة الادعاء أو إنهاء خدمتهم بأغلبية أصوات القضاة الدائمين في المحكمة. كما نوصي بتعديل أحكام القانون المتعلقة بإنهاء خدمة رئيس المحكمة الخاصة وفقا للمادة 5(سادسا) (3) من القانون بحيث تنص على أنه لا يجوز لمجلس الحكم اتخاذ قرار بإنهاء خدمة رئيس المحكمة إلا بناء على توصية تعتمد بأغلبية أصوات القضاة الدائمين.
    كما نوصي أيضا بتعديل القانون بحيث ينص على ضرورة السماح لقاضي التحقيق أو قاضي محكمة الجنايات أو الهيئة التمييزية وعضو هيئة الادعاء المعرض للتنحية أو لإنهاء خدمته بتقديم تعليقاته على هذا الأمر، على ألا يشارك في اتخاذ القرار؛ إذ نعتقد أن هذه النصوص سوف تساعد على ضمان نزاهة تلك الإجراءات. ويلاحظ أن العديد من الأحكام الخاصة بالتنحية أو إنهاء الخدمة التي يشير إليها هذا الجزء من المذكرة قد سبق تقنينها بموجب القاعدة 15 من قواعد الإجراءات والأدلة الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الخاصة بسيراليون والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا. كما توجد نصوص مشابهة مقننة أيضا في المواد 41 و42 و46 والقاعدة 34 من قانون روما الأساسي وقواعد الإجراءات والأدلة الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية.

    2. ضرورة اشتراط تمتع بعض القضاة بالخبرة في إدارة المحاكمات الجنائية المعقدة والمحاكمات المتعلقة بالجرائم الفادحة تشترط المادتان 5(أولا) و7(رابعا) من القانون على ضرورة تمتع قضاة التحقيق وقضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزية بـ"المؤهلات المطلوبة للتعيين في الدرجات القضائية العالية "، و"أن تكون لهم الخبرة في مجالي القانون الجنائي والإجراءات الجنائية". وهذه النصوص ليست كافية لضمان تمتع قضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزة وقضاة التحقيق بالخبرة اللازمة لضمان أهلية هيئة المحكمة، وفقاً لما تقضي به المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
    وقد تكون المحاكمات المنعقدة للنظر في جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بالغة التعقيد؛ ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها الطبيعة المنهجية للعديد من هذه الجرائم التي يشترك فيها الكثير من الأشخاص والأفعال الكامنة وراءها. ولذلك فإن تحليل كميات كبيرة من الأدلة الوثائقية والطبية الشرعية وشهادات الشهود وتصنيف الأدلة حسب مسرح الجريمة ونوعيتها ومرتكبيها، يمكن أن يصبح إجراء معقدا للغاية. وقد يلزم في هذا السياق بناء قواعد بيانات شاملة ذات قدرات فائقة على الإحالة المزدوجة.
    ولا شك في أن قدرة قاضي التحقيق على إجراء تحقيق لجمع الأدلة الضرورية لإثبات المسؤولية الجنائية سوف يكون لها تأثير بالغ على إمكانية إدانة المسؤولين عن الجريمة، وعلى إمكانية الكشف عن جرائمهم الفادحة. كما تعد قدرة قضاة محاكم الجنايات على استجواب الشهود وإدارة المحاكمة، وقدرة قضاة المحكمة الجنائية والهيئة التمييزية على تقييم الأدلة وتطبيق القوانين ذات الصلة سوف تكون أمراً ذا أهمية حاسمة لضمان كفاءة الإجراءات القضائية وعدالتها.
    ولذلك فإننا نوصي هنا بضرورة تعديل القانون الأساسي بحيث ينص على ضرورة تمتع قضاة التحقيق وقضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزية بالخبرة اللازمة لضمان قيام المحكمة بالتحقيق على نحو فعال في القضايا المنظورة أمام المحكمة الخاصة والفصل فيها. وفي هذا السياق نوصي بما يلي:

  • تعديل المادة 5(أولا) من القانون للنص على ضرورة تمتع بعض القضاة على الأقل من القضاة المعينين في كل محكمة من محاكم الجنايات والهيئة التمييزية بالخبرة اللازمة للفصل في المحاكمات والقضايا الجنائية المعقدة المتصلة بالقانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي؛
  • تعديل المادة 7(رابعا) من القانون للنص على ضرورة تمتع بعض قضاة التحقيق المعينين في المحكمة الخاصة على الأقل بالخبرة اللازمة لإجراء التحقيقات ومباشرة القضايا الجنائية المعقدة المتصلة بالقانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي.

    وقد كان من المعهود فيما سبق أن تقتصر المحاكمات الجنائية في العراق على إجراءات مقتضبة عاجلة، تستغرق ما يتراوح بين بضع ساعات وبضعة أيام. كما أن انعزال القضاة العراقيين عن العالم الخارجي أثناء فترة حكم حزب البعث أدى إلى الحد من إمكانية اطلاعهم على تطورات الفقه القانوني والممارسات القانونية في مجال القانون الجنائي والقانون الإنساني الدولي التي ظهرت في العقد الماضي. وفي هذه الأثناء، اكتسب القضاة الدوليون خبرة بالعمل في القضايا المتصلة بالجرائم الخطيرة من خلال المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الخاصة بسيراليون والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا. وبناء على ذلك، فإننا نوصي بتعديل المادة 28 من القانون، التي تستوجب أن يكون قضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزية وقضاة التحقيق من المواطنين العراقيين، وذلك للسماح بتعيين قضاة من غير العراقيين ممن يتمتعون بالخبرة اللازمة.
    والسماح للمواطنين غير العراقيين بتولي منصب قضاة في المحكمة الخاصة جنبا إلى جنب مع العراقيين لا يعني تخلي المحكمة الخاصة عن ملكيتها لقراراتها لصالح جهة أجنبية؛ بل إن هذه المشاركة ستكون عاملا مكملا للمعرفة والخبرة المهنية لدى العراقيين ضمانا لتحقيق الأهداف المرجوة من عملية المساءلة. كما أن تبادل الخبرة بين المهنيين العراقيين والدوليين سيؤدي أيضا إلى تعزيز قدرة النظام القضائي العراقي بصورة عامة.
    كما نلاحظ أن المادة 4 (رابعا) من القانون تنص على أنه " يجوز لمجلس الحكم أو الحكومة الوارثة عند الضرورة تعيين قضاة من غير العراقيين ممن لهم خبرة في مجال المحاكمات في الجرائم المنصوص عليها بهذا القانون وممن يتحلون بقدر عالٍ من السمو الأخلاقي والاستقامة والنزاهة" (التوكيد مضاف). ولكن هذا النص ليس كافيا لضمان وجود بعض القضاة على الأقل في هيئة المحكمة ممن يتمتعون بالخبرة اللازمة للنظر في القضايا الجنائية المعقدة والقضايا المتصلة بالجرائم الخطيرة
    . كما نلاحظ أن القانون يسمح أيضا بتعيين أشخاص غير عراقيين في محاكم الجنايات والهيئة التمييزية "بوصفهم خبراء أو مراقبين" حسب المادة 6(ثانيا) والمادة 7(ثالث عشر)(مكرر). ونحن نعتقد أن الخبراء والمراقبين يمكن أن يلعبوا دورا هاما في تعزيز عمل المحكمة الخاصة، إلا أن تقديم المشورة والمراقبة ليسا بديلاً كافياً عن تعيين قاض بمحكمة الجنايات أو الهيئة التمييزية، أو قاضي تحقيق يتمتع بالخبرة اللازمة للمشاركة في مسؤولية النظر في هذه القضايا والتحقيق فيها. ولذلك فإننا نوصي بشدة بتعيين خبراء ومراقبين غير عراقيين بالإضافة إلى بعض قضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزية وقضاة التحقيق من ذوي الخبرة المناسبة.
    كما أننا نعتقد أن الخبراء والمراقبين المعينين بمحكمة الجنايات والهيئة التمييزية والمعينين لمساعدة قضاة التحقيق يجب أن يقدموا أكبر عون ممكن ضمانا لالتزام المحكمة الخاصة بالمعايير الثابتة والمستقرة للقانون الدولي. وتنص المادة 6(ثانيا) والمادة 7(ثالث عشر)(مكرر) على أن يكون دور الأشخاص غير العراقيين المعينين خبراء ومراقبين كما يلي:

  • "تقديم المساعدة في مجال القانون الدولي وفي حقل التجارب المماثلة سواء كانت دولية أو غير ذلك ومراقبة مراعاة المحكمة لأصول الإجراءات المعتمدة وفقاً للمعايير القانونية"؛
  • "تقديم المساعدة لقضاة التحقيق في مجالي التحقيق والادعاء عن القضايا المشمولة بهذا القانون سواء كانت دولية أو غير ذلك وكذلك مراقبة مراعاة قضاة التحقيق لأصول الإجراءات المعتمدة وفقاً للمعايير القانونية". ونوصي بتعديل المادة 6(ثانيا) والمادة 7(رابع عشر) من القانون للنص على ضرورة أن يقدم الخبراء والمراقبون المساعدة لقضاة محكمة الجنايات والهيئة التمييزية وقضاة التحقيق فيما يتعلق بقانون حقوق الإنسان والقانون الجنائي والقانون الإنساني الدولي على وجه الخصوص، بالإضافة إلى المساعدة في التحقيقات والنظر في القضايا. إذ نعتقد أن ذلك سوف يساعد الخبراء والمراقبين على تقديم دعم أشمل للمحكمة الخاصة.

    3. ضرورة اشتراط تمتع بعض أعضاء هيئة الادعاء بالخبرة اللازمة لمباشرة القضايا الجنائية المعقدة والقضايا المتعلقة بالجرائم الخطيرة لا يضمن القانون تمتع أعضاء هيئة الادعاء بالخبرة اللازمة لتحريك الدعاوى القضائية بشأن جرائم الماضي الخطيرة؛ بل إنه يخلو من أي شروط تتعلق بخبرة أعضاء هيئة الادعاء.
    ومما لا شك فيه أن قدرة هيئة الادعاء على وضع استراتيجية محددة لتحريك الدعوى القضائية سوف تكون عنصراً حاسماً لضمان فعالية المحاكمات. وتبين تجربة المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا أن عدم وضع مثل هذه الاستراتيجيات يمكن أن يعرقل مقاضاة بعض المشتبه فيهم المهمين بسبب تبديد الموارد النادرة في قضايا أقل أهمية. وللمساعدة على ضمان وضع استراتيجية ناجحة للادعاء، فإننا نوصي بتعديل المادة 8 من القانون بحيث تنص على تمتع بعض أعضاء هيئة الادعاء على الأقل بالخبرة اللازمة في مباشرة القضايا الجنائية المعقدة والقضايا المتعلقة بقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني والقانون الجنائي الدولي. وبناء على ذلك، فإننا نوصي بتعديل المادة 28 من القانون بحيث تسمح بأن يكون بعض أعضاء هيئة الادعاء من غير العراقيين، إذ نعتقد أن السماح بتعيين بعض الأشخاص غير العراقيين من ذوي الخبرة المناسبة في هيئة الادعاء سيُمَكِّن المدعين العراقيين من استكمال معرفتهم بالخبرة الدولية المكتسبة من مباشرة قضايا الجرائم الخطيرة.
    وتنص المادة 8(عاشرا) من القانون على أن يعين رئيس هيئة الادعاء أشخاصاً من غير العراقيين خبراء ومراقبين "لتقديم المساعدة للمدعين العامين فيما يتعلق بالتحقيق والادعاء عن القضايا المشمولة بهذا القانون في المجال الدولي أو غيره ومراقبة عمل المدعين العامين". وكما في حالة القضاة، فإن تعيين الخبراء والمراقبين في هيئة الادعاء وحده لا يكفي لضمان فعالية إجراءات المحاكمة؛ ولذلك فإننا نوصي بشدة بتعيين أشخاص غير عراقيين خبراء ومراقبين بالإضافة إلى بعض أعضاء هيئة الادعاء من ذوي الخبرة المتخصصة في مباشرة قضايا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
    ونحن نعتقد أن الخبراء والمراقبين المعينين في هيئة الادعاء يجب الاستعانة بهم قدر الإمكان لتقديم المساعدة فيما يتعلق بأرقى معايير القانون الدولي. ونوصي هنا بتعديل القانون بحيث ينص على ضرورة قيام الخبراء والمراقبين بتقديم المساعدة فيما يتعلق بقانون حقوق الإنسان، والقانون الجنائي والقانون الإنساني الدولي، بالإضافة إلى المساعدة في التحقيقات ومباشرة الدعاوى القضائية.

    4. يجب أن تتسم إجراءات الطعن بالكفاءة والاستقلال والنزاهة نلاحظ أن المادة 6 من القانون تجيز الطعن في قرارات قاضي التحقيق، كما تسمح المادة 25 من القانون بالطعن في القرارات الصادرة خلال المحاكمة بعد الإدانة. ونعتقد هنا أن قصر الطعن في القرارات الصادرة أثناء المحاكمة على أحكام الإدانة يقوض من فعالية إجراءات المحاكمة ونزاهتها؛ إذ إنه يسمح للأحكام الصادرة في المراحل الأولية للمحاكمة، والتي قد تُلغى فيما بعد، بالتأثير على مسار المحاكمة برمتها. ولذلك نوصي بتعديل القانون بحيث يسمح بالطعن أمام الهيئة التمييزية في القرارات التالية الصادرة أثناء المحاكمة وقبل صدور الحكم النهائي:
  • القرارات المتعلقة بالاختصاص أو القبول
  • قرار الإفراج عن الشخص الذي تجري محاكمته أو رفض الإفراج عنه
  • القرارات التي تتعلق بقضية يمكن أن تؤثر تأثيرا كبيرا على سير إجراءات المحاكمة بصورة نزيهة وسريعة، أو على نتيجتها، والتي ترى محكمة الجنايات أن صدور قرار فوري بشأنها من جانب الهيئة التمييزية يمكن أن يؤدي إلى تسريع إجراءات المحاكمة إلى حد بعيد.
    وفضلاً عما تقدم، فإننا نعتقد أن حماية استقلال إجراءات المحاكمة يقتضي عدم السماح للقضاة المعينين في الهيئة التمييزية بمراجعة القضايا التي نظروها في المحاكمة الابتدائية. وتتناول المادة 4(ثالثا)(1) من القانون جانبا من هذا الموضوع، حيث تنص على أنه "لا يجوز للعضو في محكمة الجنايات أن يكون عضواً في الهيئة التمييزية". وهنا نوصي بضرورة إضافة نص مكمل لهذه المادة ينص على عدم السماح لأي عضو في هيئة محكمة الجنايات التي أحيلت إليها قضية ما بالنظر في أي طعون مقدمة في الأحكام الصادرة في هذه القضية.

    5. ضرورة قيام الادعاء العام بدور أكبر في إعداد قرار الإحالة كما أشرنا فيما تقدم، فإننا نعتقد أن استراتيجية الادعاء يجب أن تصاغ بحيث تضمن إدانة المسؤولين عن الجرائم المشددة. وهنا نلاحظ أن المادة 8(تاسعا) تنص على أن "يوكل رئيس هيئة الادعاء العام إلى مدعٍ عام القضية المطلوب التحقيق فيها والترافع في مرحلة المحاكمة استناداً للصلاحيات الممنوحة للمدعين العامين وفقاً للقانون". كما تنص المادة 18(رابعا) من القانون على أنه "عند اتخاذ القاضي قراره بكفاية الأدلة لتكوين قضية، فعليه أن يعد قرار الإحالة". أما المادة 19(أولا) من القانون فتنص على أن "لرئيس قضاة التحقيق المصادقة على قرار الإحالة إذا اقتنع بكفاية الأدلة الواردة فيها لتكوين قضية".
    ومن ثم فإننا نرى أن الادعاء ينبغي أن يقوم بدور أكبر في إعداد قرار الإحالة ضمانا لقيام الادعاء بتنفيذ استراتيجية ناجحة لإقامة الدعوى القضائية. وبناء على ذلك، فإننا نوصي بتعديل المادتين 18 و19 من القانون للنص على ضرورة قيام قاضي التحقيق بإعداد قرار الإحالة بالتشاور مع الادعاء.

  • مقدمة
    أ. القضاة وهيئة الادعاء
    ب. حقوق المتهم
    ج. الجرائم الفادحة
    د. الشهود والضحايا
    هـ. التحري والأمن
    خاتمة

    عودة للعراق