استمرّ وضع حقوق الإنسان في البحرين في التدهور في عام 2017. فقد أغلقت السلطات الصحيفة المستقلة الوحيدة في البلاد، وحلّت أبرز جمعية سياسية يسارية علمانية. مازال الحقوقي الأبرز في البلاد في السجن بتُهم مرتبطة بالتعبير. أعدمت الحكومة 3 أشخاص في يناير/كانون الثاني، منهية فعليا تعليقها تنفيذ عقوبة الإعدام، بعد محاكمات غير عادلة، رغم ادعائهم أنهم تعرضوا للتعذيب وأن اعترافاتهم انتُزعت منهم بالإكراه.
تراجعت الحكومة عن 2 من التوصيات الموضوعية القليلة لـ "اللجنة البحرينية المستقلة لتقصّي الحقائق"، التي كانت قد نفّذتها من قبل. في يناير/كانون الثاني، أعادت السلطات وضع سلطة الاعتقال والتحقيق بيد "جهاز الأمن الوطني"، رغم سجلّه في التعذيب والانتهاكات. وفي أبريل/نيسان، وقّع الملك حمد بن عيسى آل خليفة قانونا يجيز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.
واصلت البحرين منع الناشطين من الوصول إلى الإجراءات الخاصة لمكتب "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان"، بما في ذلك المقرر الخاص المعني بالتعذيب. منعت السلطات عشرات الحقوقيين من السفر إلى جنيف قبل الاستعراض الدوري الشامل الثالث للبحرين في مايو/أيار، والدورة العادية لـ "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" في سبتمبر/أيلول.
حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي
في 10 يوليو/تموز، حكمت محكمة على نبيل رجب، رئيس "مركز البحرين لحقوق الإنسان"، بسنتين سجنا بتهمة "نشر أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة حول الوضع الداخلي في المملكة من شأنها أن تقوّض هيبتها ومكانتها" لمقابلات إعلامية أجراها في عام 2015. يواجه رجب عقوبة السجن 15 عاما في قضية منفصلة بتهم "إهانة هيئات نظامية [وزارة الداخلية]"، و"إهانة دولة أجنبية[السعودية]" و"بث إشاعات كاذبة... في زمن الحرب"، وذلك بسبب تعليقات نشرها على "تويتر" تتعلق بادعاءات التعذيب ومشاركة البحرين في العمليات العسكرية بقيادة السعودية في اليمن.
في 4 يونيو/حزيران، أمرت وزارة شؤون الإعلام بتعليق إصدار صحيفة "الوسط"، وهي الصحيفة المستقلة الوحيدة في البحرين، بسبب مقال حول انتفاضة الريف في الحسيمة شمالي المغرب على ما يبدو. في 24 يونيو/حزيران، أعلم مجلس إدارة الصحيفة الموظفين بأن التعليق أدى إلى إنهاء عقودهم.
في 31 مايو/أيار، حلّت المحكمة المدنية العليا، بناء على طلب الحكومة، "جمعية العمل الوطني الديمقراطي" اليسارية العلمانية (وعد). اتهمت الحكومة الجمعية بـ "مخالفات جسيمة تستهدف مبدأ احترام حكم القانون، ودعم الإرهاب" بعدما أدانت المجموعة إعدام 3 رجال في يناير/كانون الثاني بتهمة الارهاب ووصفتهم بـ"الشهداء"، ولإعلان تضامنها مع "منظمة محظورة"، في إشارة إلى جمعية "الوفاق"، أهم جمعية معارضة في البلاد، كانت السلطات قد حلتها على نحو مماثل في يوليو/تموز 2016.
في 6 يونيو/حزيران، أعلنت السلطات البحرينية أنها ستعاقب بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات من يعبر عن "تعاطفه" مع قطر أو ينتقد قرار البحرين بقطع العلاقات معها، وفرض قيود اقتصادية وعلى التنقل ضدها إلى جانب السعودية والإمارات ومصر.
في أواخر أبريل/نيسان، ثم في أواخر سبتمبر/أيلول، استدعت السلطات أكثر من 20 من النشطاء الحقوقيين والمحامين وشخصيات المعارضة السياسية لاستجوابهم بتهمة المشاركة في تجمعات غير قانونية. أدى هذا التقييد إلى منعهم فعليا من السفر، وعدم تمكنهم من الذهاب إلى جنيف للمشاركة في اجتماعات الاستعراض الدوري الشامل الثالث للبحرين في مجلس حقوق الإنسان الذي بدأ في 1 مايو/أيار، والدورة العادية لمجلس حقوق الإنسان في سبتمبر/أيلول.
وفقا لـ "معهد البحرين للحقوق والديمقراطية"، الذي يتخذ من لندن مقرا له، جرّدت السلطات في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 105 أشخاص من الجنسية البحرينية، ليصل إجمالي عددهم منذ عام 2012 إلى 455 شخصا.
قوات الأمن
أعادت الحكومة في 5 يناير/كانون الثاني وضع سلطة الاعتقال والاحتجاز بيد جهاز الأمن الوطني، وهو جهاز استخباراتي. ألغى هذا القرار أحد الإصلاحات النادرة التي أقدمت عليها السلطات في القطاع الأمني، وفقا لتوصية اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي خلُصت إلى أن جهاز الأمن الوطني اتبع "ممارسات ممنهجة من سوء المعاملة البدنية والنفسية والتي وصلت إلى التعذيب في عدّة حالات".
صادق الملك حمد في أبريل/نيسان على تعديل دستوري يمنح المحاكم العسكرية ولاية قضائية على المدنيين. كانت آخرُ مرة حاكمت فيها محاكم عسكرية بحرينية مدنيين في أعقاب احتجاجات كبيرة ضد الحكومة في عام 2011، عندما أدانت حوالي 300 شخص بتهم جرائم سياسية. جاء في المذكرة التفسيرية المصاحبة لتصويت مجلس النواب في فبراير/شباط للموافقة على التعديل أنه "يجعل من القضاء العسكري أكثر مرونة وسرعة في التعامل معها تحقيقا ومحاكمةً".
في 23 مايو/أيار، استخدمت قوات الأمن على ما يبدو القوة المفرطة القاتلة في هجوم استهدف اعتصاما في قرية الدراز، أسفر عن مقتل 5 متظاهرين وإصابة العشرات. كان الاعتصام قائما منذ يونيو/حزيران 2016 خارج منزل الشيخ عيسى القاسم، الذي يٌعتبر الزعيم الروحي لجمعية الوفاق المعارضة، بعد أن أسقطت عنه السلطات الجنسية البحرينية. قالت الحكومة إن الهدف كان القبض على "الإرهابيين" الذين يتحركون فى المنطقة وإزالة الحواجز والعوائق غير القانونية من الطرقات.
تعرّض سيد علوي، وهو موظف في شركة الاتصالات "بتلكو"، للاختفاء القسري عندما اعتقلته السلطات في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2016. انتقل أفراد أسرته من مكتب أمن إلى آخر لأسابيع، بتوجيهات من مسؤولين، لكنهم لم يتمكنوا من الاتصال به باستثناء 3 مكالمات هاتفية قصيرة تفصلها عن بعضها 6 أسابيع، بين أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وأواخر فبراير/شباط 2017، ثم مكالمة رابعة لحوالي دقيقة واحدة في 27 يوليو/تموز.
قدّمت الأسرة شكاوى عديدة إلى "الأمانة العامة للتظلمات" و"وحدة التحقيق الخاصة" التابعين لوزارة الداخلية ومكتب المدعي العام. وفي 11 سبتمبر/أيلول، قدمت الأمانة العامة للتظلمات ردا حول تقدم التحقيق قالت فيه إن علوي "نُقلت المسؤولية عنه إلى سلطة أخرى خارج اختصاص ديوان المظالم". وفي 22 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية أن علوي و3 آخرين كانوا رهن الاعتقال العسكري، وأنهم سيواجهون تهما تتعلق بالإرهاب أمام محكمة عسكرية.
عقوبة الإعدام
في 15 يناير/كانون الثاني، أنهت البحرين تعليقا فعليا لتنفيذ عقوبة الإعدام منذ عام 2010 عندما نفّذت السلطات أحكام إعدام في حق سامي مشيمع (42 عاما) وعلي السنكيس (21 عاما) وعباس السميع (27 عاما). قال الرجال الثلاثة إنهم تعرضوا للتعذيب وإن محاميهم لم يتمكنوا من حضور كل جلسات الاستماع، ولم يتمكنوا من التثبت من شهود الادعاء.
لا يزال محمد رمضان وحسين علي موسى في انتظار تنفيذ حكم الإعدام في أعقاب قرار صادر عن محكمة الاستئناف العليا في مايو/أيار 2015 يؤيد حكما صادرا بحقهما لقتل شرطي، رغم أنهما يدعيان أن اعترافاتهما انتُزعت بالإكراه. وفي 6 يونيو/حزيران، حكمت المحكمة الجنائية العليا الرابعة بالإعدام على سيد أحمد العبار (21 عاما) وحسين علي محمد (20 عاما) في قضية هجوم على مركبة دورية عسكرية أدى إلى مقتل عنصر أمن.
المدافعون عن حقوق الإنسان
يبدو أن ظروف احتجاز نبيل رجب ترقى في بعض الأحيان إلى عقوبة تعسفية. رفضت السلطات مرارا الإفراج عنه بكفالة أو إطلاق سراحه بعدما أعادت اعتقاله في يونيو/حزيران 2016 بتهم تتعلق بالتعبير، رغم أنه لا يشكل خطرا على نفسه أو على الآخرين، ولا يوجد خطر هروب. احتُجز رجب في الحبس الانفرادي لفترات طويلة من الزمن. جاء هذا الحرمان من الحرية أيضا رغم حالته الصحية التي اضطرّته إلى المكوث في المستشفى مدة طويلة، والتأجيلات المتكررة لجلسات الاستماع. قالت عائلة رجب إن السلطات في إحدى المرات أعادته إلى زنزانته بعد يومين فقط من عملية جراحية، مخالفة رأي الأطباء. وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني، أكّدت المحكمة الجنائية العليا في المنامة حكما بالسجن سنتين ضده، لمقابلات إعلامية أجراها في 2015 و 2016، متهمة إياه "بنشر أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة حول الوضع الداخلي في المملكة من شأنها أن تقوّض هيبتها ومكانتها".
استجوبت السلطات في مطار البحرين الدولي الناشطة الحقوقية ابتسام الصايغ في مارس/آذار بعد عودتها من اجتماعات بالاشتراك مع مجلس حقوق الإنسان في جنيف. وفي مايو/أيار، وبعد استجواب آخر، قالت الصايغ إن عناصر الأمن الوطني أخضعوها لإساءة جسدية ولفظية وجنسية. قبل منتصف ليل 3 يوليو/تموز، داهم رجال مسلحون وملثمون في سيارات مدنية منزلها واعتقلوها مرة أخرى. اتهمت السلطات الصايغ يوم 18 يوليو/تموز بدعم أنشطة إرهابية بموجب قانون مكافحة الارهاب فى البلاد. بحسب "فرونت لاين ديفندرز"، التي تتخذ من دبلن مقرا لها، أفادت نزيلات في سجن مدينة عيسى للنساء برؤيتها هناك وعليها آثار إصابات واضحة، بما في ذلك دعامة للعنق. تم الافراج عن الصايغ مؤقتا في 22 أكتوبر/تشرين الأول، لكن السلطات لم تعلن عن وضع التهم الموجهة اليها.
في 30 أكتوبر/تشرين الأول، حكمت محكمة جنائية في المنامة على 3 من أقارب الحقوقي سيد الوداعي بالسجن 3 سنوات بتهم تتعلق بالإرهاب، رغم انتهاك الإجراءات القانونية الواجبة ومزاعم بسوء المعاملة والاعترافات القسرية. يرقى استهداف أفراد الأسرة لإسكات النشطاء إلى مستوى العقاب الجماعي.
حقوق المرأة، الهوية الجندرية، والتوجه الجنسي
يُنظم مسائلَ الأحوال الشخصية في المحاكم السُنية البحرينية "القانون رقم 19 لسنة 2009 بإصدار قانون أحكام الأسرة". لا ينطبق القانون على المحاكم الشيعية، ما يعني أن النساء الشيعة غير مشمولات بقانون الأحوال الشخصية. تعاني النساء السنيات والشيعيات من التمييز على حد سواء.
يُجرّم الزنا والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج. ولا يوجد أي قانون يحظر التمييز على أساس الجنس أو النوع الاجتماعي أو التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية.
الأطراف الدولية الرئيسية
ظلّت البحرين طرفا في التحالف الذي تقوده السعودية ونفذ غارات جوية على اليمن.
قال الرئيس الاميركي دونالد ترامب في اجتماع عقد في مايو/أيار الماضي للملك حمد إنه "لن تكون هناك أي ضغوط مع هذه الادارة". في 8 سبتمبر/أيلول، أعلنت وزارة الخارجية أنها وافقت على بيع ما قيمته 2.78 مليار دولار من مقاتلات إف-16 ومعدات عسكرية أخرى، وهي صفقة كانت موقوفة سابقا لمخاوف غير محددة تتعلق بحقوق الإنسان. في 15 أغسطس/آب، قال وزير الخارجية ريكس تيلرسون في تصريحات حول إصدار تقرير الحرية الدينية الدولية لعام 2016: "على البحرين وقف التمييز ضد الشيعة".
في 10 يوليو/تموز، انتقدت وزارة الخارجية الحكم على نبيل رجب ودعت إلى الإفراج عنه، كما انتقد الاتحاد الأوروبي وألمانيا والنرويج الحكم الصادر ضده. لكن المملكة المتحدة لم تفعل.
كان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين قد انتقد في خطابه أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ 31 في 11 سبتمبر/أيلول "الاعتقالات والتخويف وحظر السفر وأوامر الإغلاق والتقارير المتزايدة عن التعذيب" قائلا إن "الفضاء الديمقراطي في البلاد قد أُغلق ببساطة" و"أنه ليس بإمكان أي حملة للعلاقات العامة حجب الانتهاكات التي يتعرض لها شعب البحرين". وعبّرت "لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" في ملاحظاتها على التقريرين الدوريين الثاني والثالث للبحرين عن قلقها إزاء "الادعاءات العديدة والمتسقة بانتشار التعذيب" و"مناخ الإفلات من العقاب الذي يبدو سائدا".