فشلت الحكومة مرة أخرى في عام 2015 في إدخال الإصلاحات التي وعدت بها منذ عام 2011، وفرضت قيودا شديدة على حقوق الإنسان. كما استمرت السلطات في خنق حرية التعبير والحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي والاحتجاج، واعتقلت ولاحقت ناشطين نقابيين وحقوقيين بشكل تعسفي، وواصلت منع التسجيل القانوني للعديد من المنظمات الوطنية والدولية لحقوق الإنسان. في يوليو/تموز، خلفت أعمال عنف طائفي في منطقة غرداية ـ 600 كلم جنوب الجزائر العاصمة - بين العرب السنة المحليين وأعضاء الأقلية الأمازيغية، أو البربر، 25 قتيلا وأكثر من 70 جريحا، معظمهم بسبب عمليات إطلاق نار.
حرية التجمع
استمرت الحكومة في قمع الاحتجاجات السلمية من خلال حظر جميع التجمعات العمومية التي نُظمت دون الحصول على موافقة مسبقة. تُجرم المادة 97 من قانون العقوبات تنظيم تجمع غير مرخص به أو المشاركة فيه، حتى لو كان سلميا، وتفرض عقوبة تصل إلى السجن لمدة عام كامل بسبب التظاهر في الأماكن العامة.
فرضت المحاكم أحكاما بالسجن على 9 نشطاء نقابيين على الأقل، أدينوا بالمشاركة في احتجاجات سلمية داعمة للعاطلين عن العمل. في 11 فبراير/شباط، حكمت المحكمة الابتدائية في الأغواط على 8 أعضاء في "اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين" بالسجن لمدة سنة واحدة، ثم علقت تنفيذ نصف الأحكام، بعد إدانتهم بتهمة التجمع دون ترخيص وممارسة الضغوط على قرارات القضاة بموجب المادتين 97 و147 من قانون العقوبات.
اعتقلت الشرطة النشطاء النقابيين الثمانية أسبوعين قبل ذلك، عندما تجمعوا خارج المحكمة احتجاجا على محاكمة محمد راغ، وهو ناشط في اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين اعتقل في يناير/كانون الثاني، وتلقى حكما بالسجن 18 شهرا للمشاركة في احتجاج آخر. وقد تم تأييد جميع الأحكام الصادرة ضدهم خلال الاستئناف.
حرية تكوين الجمعيات
واصلت وزارة الداخلية منع تسجيل العديد من منظمات حقوق الإنسان وغيرها، ما تسبب في إعاقة قدرتها على العمل بشكل قانوني، وجعلها عُرضة لخطر الحل. في 2012، سنت الحكومة القانون رقم 12-06 الذي طالب جميع الجمعيات، بما فيها الحاصلة على تسجيل سابق، بإعادة تقديم طلبات التسجيل والحصول على إيصال التسجيل من وزارة الداخلية قبل أن تتمكن من العمل بصورة قانونية.
أما على صعيد الممارسة العملية، فقد رفضت الوزارة إصدار هذه الإيصالات، دون تقديم أسباب، لعدد من الجمعيات، مما يجعل وضعها القانوني غير مؤكد. ويعطي القانون 12-06 للسلطات صلاحيات تقديرية واسعة لرفض حصول جمعيات جديدة على وضع قانوني، والأمر بحل جمعيات حاصلة على هذا الوضع من قبل.
على سبيل المثال، يمكن للسلطات أن ترفض تسجيل أي جمعية ترى أن أنشطتها تتعارض مع "النظام العام والآداب العامة وأحكام القوانين والتنظيمات المعمول بها". كما يمكنها أن ترفض تسجيل أي جمعية حاصلة على تسجيل سابق بناء على معايير غامضة، مثل اعتبار أنها "تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد"، أو "الإضرار بسيادتها"، أو لأنها تلقت تمويلا أجنبيا دون الحصول على موافقة الحكومة، أو اعتبار أنها تقوم بأنشطة غير محددة في نظامها الأساسي.
وكانت "الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان" وجمعية "راج" (Rassemblement Action Jeunesse RAJ) من بين عدد من الجمعيات المسجلة سابقا التي لم تتلق أي رد من وزارة الداخلية على طلباتها الجديدة بالتسجيل، مما جعلها في مأزق قانوني.
حرية التعبير
رغم أن قانون الصحافة الجديد الذي صدر في 2012 ألغى عقوبة السجن للتشهير وغيره من جرائم التعبير الأخرى - مثل ازدراء الرئيس أو مؤسسات الدولة أو المحاكم – استمرت السلطات في اعتقال ومحاكمة وسجن المنتقدين باستخدام أحكام قانون العقوبات. كما هددت أيضا وسائل إعلام اعتبرت أنها تنتقد الحكومة.
في 1 مارس/آذار، ألقت الشرطة القبض على رشيد عوين، وهو ناشط نقابي، بعد أن نشر تعليقا ساخرا على "فيسبوك" ردا على إعلان الحكومة أن عناصر الأمن الذين نظموا احتجاجات سيتعرضون لإجراءات تأديبية. اتهمته السلطات بـ "التحريض على تجمع غير مسلح" بموجب المادة 100 من قانون العقوبات. في 9 مارس/آذار، أدانت المحكمة عوين وحكمت عليه بالسجن لمدة 6 أشهر.
في أبريل/نيسان، حجبت السلطات برنامج "ويكند"، وهو برنامج حواري ساخر تبثه قناة الجزائرية الخاصة، بعدما أشار مقدم البرنامج، في حلقة 17 أبريل/نيسان، إلى شقق عدد من الوزراء الجزائريين في باريس، ملمحا الى احتمال وجود فساد واختلاس. استدعت "هيئة ضبط السمعي البصري" الحكومية على الفور منتج البرنامج الحواري، كريم قرداش، وحذرته من العقوبات المحتملة ضد القناة التلفزيونية، واتهمت البرنامج علنا بـ "السخرية والاستهزاء بالأشخاص، بما في ذلك رموز الدولة"، وبمخالفة أخلاقيات المهنة التي تُعاقب عليها قوانين الإعلام والبث التلفزي.
في 4 أكتوبر/تشرين الأول، وجه النائب العام في محكمة البياض تهما إلى حسن بوراس، وهو صحفي مستقل كان ينتقد الحكومة، بـ "إهانة مؤسسات الدولة"، و"التحريض على التمرد ضد الدولة". وهو رهن الاعتقال منذ ذلك الحين. وقد استهدفته السلطات الجزائرية سابقا لفساد محلي مزعوم في البياض.
الإرهاب ومكافحة الإرهاب
قتل 9 جنود جزائريين على الأقل في هجوم في 17 يوليو/تموز عندما تعرضت دوريتهم لكمين من قبل أعضاء جماعة "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" المتطرفة في سوق العطاف في ولاية عين الدفلى الشمالية. كان الهجوم واحدا من الأكثر فتكا في البلاد منذ حادثة احتجاز الرهائن من قبل مهاجمين على صلة بتنظيم القاعدة في مصنع للغاز الطبيعي في أميناس شرقي الجزائر، الذي أسفر عن مقتل 40 شخصا في يناير/كانون الثاني 2013.
اعتقلت السلطات الجزائرية وحاكمت عددا من النشطاء السياسيين ونشطاء الأقليات بتهمة الإرهاب رغم وجود أدلة ضعيفة. في 9 يوليو/تموز، اعتقلت الشرطة كمال الدين فخار، وهو ناشط أمازيغي ومدافع عن الحكم الذاتي لمنطقة صحراء غرداية الشمالية، والذي كان قد اتهم في وقت سابق الحكومة بـ "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية من قبل العرب السنة ضد الأمازيغ، أو البربر"، رفقة 24 آخرين. واتهمت السلطات الـ 25 شخصا بالمشاركة في عمل إرهابي والتحريض على الكراهية خلال مواجهات عنيفة في 7 يوليو/تموز بين أفراد من جماعتين، أمازيغية وعربية، في غرداية.
حقوق النساء
اعتمد المجلس الشعبي الوطني، الغرفة السُفلى في البرلمان، مشروع قانون في مارس/آذار لتعديل قانون العقوبات لتجريم العنف الزوجي والتحرش الجنسي في الأماكن العامة، ولكن وسط معارضة من الأحزاب الإسلامية والمحافظة، لم يناقش مجلس الشيوخ بعد ولم يصوت على مقترح القانون إلى حدود سبتمبر/أيلول. لا يوجد قانون محدد آخر بشأن العنف الأسري يوفر تدابير لحماية الأفراد من العنف الأسري، بما في ذلك السماح للسلطات بإصدار أوامر لحماية مؤقتة للضحايا. لم يتم الاعتراف بالاغتصاب الزوجي صراحة على أنه جريمة بموجب القانون الجزائري.
المساءلة عن جرائم الماضي
استمر مرتكبو جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان خلال النزاع المسلح الداخلي لفترة التسعينات في الإفلات من العقاب بموجب قانون 1999 بشأن السلم والمصالحة الوطنية. يجرم هذا القانون أي تعليقات تُعتبر تشويها لسمعة قوات الأمن أو مؤسسات الدولة لسلوكهم أثناء الصراع السياسي لسنوات التسعينات، حيث ارتكبت القوات الحكومية التعذيب والاخفاء القسري وعمليات القتل غير القانونية، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة.
واصلت الجمعيات التي تمثل عائلات المختفين التعرض للمضايقة والضغط بهدف قبول عرض الدولة بالتعويض المنصوص عليه في القانون نفسه، والتخلي عن مطالبهم بالحصول على تفاصيل عن مصير المفقودين والحقيقة والعدالة.
الأطراف الدولية الرئيسية
في 29 مارس/آذار، وللمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن، اعتمد البرلمان الأوروبي قرارا بشأن "سجن العمال ونشطاء حقوق الإنسان في الجزائر"، داعيا السلطات الجزائرية إلى "ضمان سلامة وأمن نشطاء المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وحريتهم في ممارسة أنشطتهم المشروعة والسلمية". ومنذ 2011، سمحت الحكومة الجزائرية لآلية واحدة لحقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة، تحديدا المقرر الخاص المعني بالحق في التعليم، بزيارة الجزائر في وقت مبكر من عام 2015. ومن بين طلبات الزيارة التي لا زالت عالقة، هناك طلب للمقرر الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب، وآخر للمقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وفريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي