Skip to main content

التقرير العالمي 2014: العراق

أحداث عام 2013

محتجون يحاولون التظاهر ضد الفساد والعنف في بغداد، بالعراق في 2 أغسطس/آب 2013

© 2013 خاص

استمرت حالة حقوق الإنسان بالعراق في التدهور خلال عام 2013. تدهورت الحالة الأمنية كثيراً مع تعمق التوترات الطائفية. مع تجرؤ القاعدة في العراق وجماعات المتمردين الأخرى جراء النزاع في سوريا والأزمة السياسية العراقية، فقد نفذت هجمات يومية على المدنيين، مما جعل عام 2013 هو الأكثر دموية في العراق على مدار السنوات الخمس الماضية. أصبحت الهجمات الانتحارية والسيارات المفخخة والاغتيالات أكثر حصاداً للأرواح وأكثر عدداً، فقتلت أكثر من 3000 شخص وأصابت أكثر من 7 آلاف آخرين في الفترة من مايو/أيار إلى أغسطس/آب.

ردت الحكومة على المظاهرات السلمية في الأغلب الأعم بالعنف وعلى تدهور الوضع الأمني بإجراءات مكافحة إرهاب بالغة التطرف. ظلت الحدود التي تسيطر عليها العراق مع سوريا مغلقة في وجه المدنيين السوريين الفارين من الحرب الأهلية، في حين أنه حتى نوفمبر/تشرين الثاني كان 206600 سوري قد هربوا إلى المنطقة التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان.

في ديسمبر/كانون الأول 2012 شارك آلاف العراقيون في مظاهرات في مناطق أغلبها من السنة، للمطالبة بإصلاح قانون مكافحة الإرهاب وبالإفراج عن المحتجزين بصفة غير قانونية. أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي في يناير/كانون الثاني 2013 عن إنشاء لجان خاصة للإشراف على الإصلاحات، بما في ذلك الإفراج عن السجناء والحد من استخدام المحاكم للشهادات المقدمة من المخبرين السريين. وقت كتابة هذه السطور كانت ثمة مؤشرات قليلة للغاية على قيام الحكومة بتنفيذ الإصلاحات. بدلاً من ذلك لجأت قوات الأمن إلى العنف بحق المتظاهرين، ووصل الأمر إلى ذروته في مظاهرة في الحويجة في أبريل/نيسان، انتهت بمقتل 51 متظاهراً. أخفقت السلطات في محاسبة أي أحد.

ردت الحكومة على تزايد الاضطرابات بحملات اعتقال جماعي في مناطق السنة، واستهدفت المدنيين العاديين والنشطاء البارزين والساسة بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2005. قامت قوات الأمن ومؤيدو الحكومة بمضايقة الصحفيين والمنظمات الإعلامية المنتقدة للسلطات.

الاحتجاز والتعذيب والإعدام

انتهكت قوات الأمن العراقية حقوق المحتجزين مع الإفلات من العقاب. على امتداد العام، أفاد المحتجزون بالتعرض للاحتجاز لمدد مطولة دون مراجعة قضائية والتعرض للتعذيب أثناء الاستجواب. في فبراير/شباط قال نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن كثيراً ما نفذت اعتقالات جماعية دون أوامر توقيف. استمرت قوات الأمن في الاعتماد على شهادات المخبرين السريين والاعترافات المنتزعة بالإكراه في إصدار أوامر التوقيف والإدانات.

في 11 مايو/أيار عثر سكان القرى جنوبي الموصل على جثث 4 رجال وصبي يبلغ من العمر 15 عاماً، وكانت الجثث مصابة بعدة أعيرة نارية. شاهدهم الشهود لأخر مرة على قيد الحياة في 3 مايو/أيار في حيازة الفرقة الثالثة بالشرطة الاتحادية، لكن وقت كتابة هذه السطور لم تكن الحكومة قد أعلنت بعد عن تحقيقات في هذه الوفيات.

أعدم العراق ما لا يقل عن 151 شخصاً حتى 22 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن كان العدد 129 شخصاً في عام 2012 و68 شخصاً في 2011. في أواسط مارس/آذار بعد إعلان وزير العدل حسن الشمري عن أن الوزارة على وشك إعدام 150 شخصاً، شبهت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، نظام العدالة العراقية بـ "التعامل مع الحيوانات في مذبح". نادراً ما توفر وزارة العدل معلومات عن هوية المعدومين، أو الاتهامات المنسوبة إليهم، أو الأدلة المعروضة ضدهم في المحاكمات.

حرية التجمع

ردت قوات الأمن على المظاهرات السلمية بالتهديدات وأعمال العنف والاعتقالات. في أبريل/نيسان استخدمت قوات الشرطة والجيش القوة المميتة بحق متظاهرين تجمعوا في الأغلب الأعم سلمياً على امتداد خمسة شهور. في الفالوجة والموصل في فبراير/شباط ومارس/آذار على التوالي، أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين، فقتلت ما لا يقل عن سبعة أشخاص في الحادثين.

في 23 أبريل/نيسان في الحويجة، قام الجنود والشرطة الاتحادية وقوات "سوات" الخاصة بإطلاق النار على حشد من حوالي ألف متظاهر. حتى الآن أخفقت لجنة وزارية مكلفة بالتحقيق في الهجوم في مقابلة أي شهود أو مشاركين أو محاسبة أي من عناصر الأمن الضالعين في الحادث. ردت قوات الأمن من الشرطة والجيش وقوات "سوات" الخاصة على المظاهرات ضد الفساد ونقص الخدمات في أغسطس/آب بمدينة بغداد وفي الناصرية باستخدام القوة، والاعتقالات وضرب المتظاهرين في بعض الحالات، ثم ملاحقتهم أمام القضاء بتهمة "عدم إطاعة الأوامر". استعانت وزارة الداخلية بأنظمة فضفاضة وتقييدية حول التظاهر لرفض تصاريح بالمظاهرات السلمية، في خرق للدستور العراقي الذي يضمن الحق في التجمع.

حرية التعبير

أعلنت لجنة حماية الصحفيين أن العراق "أسوأ دولة" في مؤشر الإفلات من العقاب الصادر عن اللجنة حول حوادث قتل الصحفيين بدون تسوية، لعام 2013. لم تحدث إدانات في أكثر من 90 جريمة قتل لصحفيين منذ عام 2003، ولم تظهر الحكومة إرادة كافية لتسوية قضايا القتل هذه.

في 1 أبريل/نيسان هاجم مجهولون مقار أربع صحف مستقلة يومية في بغداد، وقاموا بتدمير المعدات وإحراق المباني وإصابة العديد من العاملين. أعلنت الشرطة عن التحقيق في الهجمات لكن لم تعلن عن نتائج.

في 28 أبريل/نيسان جمدت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية تراخيص 10 محطات تلفزة ومنعتها من البث. هذه محطات موالية للمعارضة السنية، وقد تركت جميع القنوات الأخرى، ومنها المحطات التي تديرها الدولة، حرة في البث. قال مسؤول كبير بالهيئة لـ هيومن رايتس ووتش إن الهيئة ليس لديها سند قانوني للتجميد، لكن أمرت بوقف البث لأن المحطات العشرة "تروج للعنف والطائفية". أعلنت الهيئة على موقعها عن أن التجميد رداً على تغطية القنوات المشمولة بالإيقاف لهجوم الحويجة.

أفاد الصحفيون أن قوات الأمن منعتهم من الوصول إلى مظاهرات معارضة للحكومة، مما قيد من التغطية الإعلامية. قال مراسل تلفزيوني لـ هيومن رايتس ووتش إن رجالاً في ثياب عسكرية وسيارات عسكرية رفضوا تعريف أنفسهم، قاموا باختطافه في 28 ديسمبر/كانون الأول في رمادي عندما حاول تغطية إحدى المظاهرات القائمة. قاموا بتعصيب عينيه وتهديده بالقتل قبل أن يفرجوا عنه.

بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول قام مسلحون مجهولون باغتيال خمسة صحفيين على الأقل في الموصل. اثنان منهم يعملان في قناة الشرقية الإخبارية، وأحدهم من محطة الموصلية الإخبارية، واثنان متحدثان باسم حاكم الموصل. لم تعلن الحكومة بعد عن نتائج تحقيقات في هذه الحوادث.

حقوق النساء والفتيات

تعاني نزيلات السجون من اكتظاظ أماكن الاحتجاز وعدم توفر الرعاية الصحية الخاصة بالمرأة. كثيراً ما يتم احتجاز السيدات برفقة أطفالهن، الذين يُحرمون من التعليم والرعاية الصحية الملائمة، مع عدم توفر القدر المناسب من الإضاءة والهواء النقي والطعام والمياه. أفادت عشرات السيدات بقيام قوات الأمن باحتجازهن وضربهن وتعذيبهن وفي بعض الحالات التحرش بهن جنسياً، من أجل تهديد أو معاقبة أقارب رجال لهن مشتبهون بأعمال إرهابية.

في 27 أكتوبر/تشرين الأول أعلنت وزارة العدل العراقية عن أنها أرسلت مسودة قانون حول الأحوال الشخصية الجعفرية (الشيعية) إلى الوزارة للموافقة عليها وإحالتها إلى البرلمان لتمرير القانون. تنص المسودة على أن الفقه الجعفري في الشريعة الإسلامية هو الحاكم للعراقيين الشيعة في الأحوال الشخصية، مثل الزواج والطلاق والمواريث والتبني. أعربت جماعات حقوقية عن أن التشريع المقترح يغذي الطائفية، لأنه في حال تبنيه يميز بين الطوائف، إذ ستصبح كل طائفة محكومة بقواعد مختلفة في الأحوال الشخصية. يحتوي مشروع القانون على عدد من المواد التي تخرق حقوق المرأة والطفل. من المقلق تحديداً المواد التي تخفض سن الزواج للسيدات – 18 عاماً للرجال والنساء بموجب قانون الأحوال الشخصية العراقي (1959) – إلى سن 9 سنوات للإناث و15 للذكور، ومواد تمنع الذكور المسلمين من الزواج إلى غير المسلمات إلا بشكل مؤقت، ومواد توسع من شروط السماح بتعدد الزوجات، ومنح الرجال الحق في منع الزوجات من ترك البيت دون إذن، وتقييد حقوق المرأة فيما يخص الطلاق والميراث أكثر من القيود المفروضة في قانون الأحوال الشخصية المعمول به حالياً.

فقدت سيدات عراقيات كثيرات أزواجهن في النزاع المسلح، والعنف المعمم، والنزوح والتشريد. المصاعب المالية التي نجمت عن ذلك جعلتهن عرضة للإتجار لأغراض جنسية والاستغلال الجنسي. أصدر البرلمان قانوناً لمكافحة الإتجار في أبريل/نيسان 2012 لكن لم تبذل السلطات جهداً يذكر في منع الإتجار أو تطبيق القانون. في فبراير/شباط قال مسؤول حكومي لـ هيومن رايتس ووتش إن رجال الأمن والقضاة ليس لديهم وعي بالقانون وتستمر المحاكم في مقاضاة ضحايا الإتجار بموجب القانون الذي يجرم الدعارة.

أصدرت حكومة إقليم كردستان قانون العنف الأسري في عام 2011، لكن لم يبذل المسؤولون جهداً يذكر لتنفيذ أحكامه التي تجرم العنف الأسري وجرائم القتل بدعوى "الشرف".  قام العشرات من الأقارب الذكور بالإساءة إلى قريباتهم أو قتلهن منذ صدور القانون. أفادت منظمات محلية بأن الحكومة لم تنشئ محاكم خاصة لنظر قضايا العنف الأسري، أو هي استعانت بعناصر نسائية أمنية، أو قامت بتوعية رجال الأمن حول القانون، كما ورد في نص القانون.

اللاجئون والنزوح

طبقاً لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، فإن أكثر من 206600 لاجئ سوري قد فروا إلى العراق منذ عام 2011، وهو ما يمثل زيادة كبيرة عن عدد 30 ألف سوري تناقلت التقارير لجوئهم في العراق في عام 2012.

منذ أغسطس/آب 2012 كان معبري القائم والربيعة الحدوديين مغلقين في وجه اللاجئين السوريين. في 15 أغسطس/آب 2013 عاودت سلطات حكومة إقليم كردستان فتح معبر بشكابور قرب دهوك، بعد أن أغلقت المعبر لأكثر من شهر. فر أكثر من 60 ألف لاجئ إلى المنطقة التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان خلال الشهرين التاليين.

ما زال الآلاف من العراقيين في عداد النازحين داخل العراق. هم مستمرون في الإقامة في مساكن مؤقتة دون الحصول على الخدمات الأساسية، مثل المياه النظيفة أو الكهرباء أو الصرف الصحي، وليس لدى الحكومة أية خطة لإعادتهم. في يوليو/تموز فرت مئات العائلات من منطقة المقدادية في إقليم ديالا عندما وزعت جماعة عصائب أهل الحق – وهي ميليشيا شيعية موالية للحكومة – منشورات على السكان السنة تهددهم بالقتل. قال سكان ديالا إن قوات الأمن لم تفعل شيئاً لحمايتهم أو تيسير عودتهم.

في سبتمبر/أيلول 2012 أشرفت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) على نقل نحو 3200 عضو من جماعة المعارضة الإيرانية المنفية "مجاهدين خلق" من كامب أشرف – وهي قاعدة عسكرية سابقة كانت تسكن بها المجموعة منذ عام 1986 – إلى كامب ليبرتي، وهو قاعدة عسكرية أخرى. في 9 فبراير/شباط و15 يونيو/حزيران قام مسلحون مجهولون بمهاجمة كامب ليبرتي، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً وإصابة آخرين. أفادت مجاهدين خلق بأن 52 من أعضائها قتلوا في هجوم بتاريخ 1 سبتمبر/أيلول على كامب أشرف. قالت المجموعة إن قوات الأمن العراقية نفذت الهجمات، لكن أنكر المسؤولون هذه المزاعم وأعلنوا أن الاقتتال داخل المخيم بين سكانه هو السبب في الوفيات.

في خطابه أمام مجلس الأمن، أعرب مبعوث بعثة الأمم المتحدة في العراق السابق، مارتين كوبلر، عن قلقه حول تقارير السكان بأن قيادة مجاهدين خلق قد منعت أعضاء المجموعة من المشاركة في عملية إعادة توطين وكالة الأمم المتحدة للاجئين، مع حرمانهم من الحصول على الرعاية الطبية وتهديدهم جراء عدم الموافقة على أوامر قادة المخيم أو على إبداء الرغبة في المغادرة.

الهجمات على المدنيين من قبل فاعلين غير الدولة

أصدرت القاعدة في العراق تصريحات تزعم فيها المسؤولية عن هجمات انتحارية وهجمات بسيارات مفخخة وهجمات أخرى في العراق، منها: عملية تفجير في ملعب كرة قدم في 30 يونيو/حزيران أسفرت عن مقتل 12 شخصاً، أغلبهم صبية تحت 16 عاماً، وسيارة مفخخة في 12 يوليو/تموز في جنازة شيعية في المقدادية غربي بغداد أسفرت عن مقتل 10 أشخاص، منهم مسعفون ماتوا عندما استهدفهم انتحاري وهم ينقلون مصابي الهجوم الأول، وهجمات في 21 يوليو/تموز على سجنين في بغداد، طبقاً لوزارة العدل، قتلا 68 شخصاً على الأقل من الأمن وعدداً مجهولاً من السجناء. هذه الهجمات مجتمعة ترقى إلى مصاف القتل القائم والممنهج للمدنيين، وهو ما قد يعتبر جريمة ضد الإنسانية.

نفذت ميليشيات شيعية عمليات اغتيال وأفاد بعض كبار المسؤولين عن زيادة دمج عناصر من ميليشيا عصائب أهل الحق الشيعية في الحكومة، بالأساس من خلال مناصب أمنية. أفاد سكان أحياء سنية شيعية مختلطة في بغداد ومناطق أخرى بالعراق أن جماعات عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله الشيعية قد هددت السكان السنة بالقتل إذا لم يغادروا مناطق سكناهم.

الأطراف الدولية الرئيسية

بعد غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة بعشر سنوات، عمدت الحكومة الأمريكية إلى تجاهل الانتهاكات الجسيمة. ما زالت المحاسبة على الانتهاكات التي ارتكبتها قوات تحالف غزو العراق تكاد تكون بلا وجود.

في زيارته الأولى إلى الولايات المتحدة خلال عامين، قابل رئيس الوزراء المالكي الرئيس باراك أوباما في 1 نوفمبر/تشرين الثاني لطلب مجموعة من المساعدات الأمنية من الولايات المتحدة، بما في ذلك أسلحة ثقيلة، وزيادة التعاون الاستخباراتي وأوجه دعم مكافحة الإرهاب الأخرى. بمناسبة الزيارة كتب عدة أعضاء بارزين بمجلس الشيوخ الأمريكي لأوباما معربين عن القلق إزاء أجندة المالكي "الطائفية والسلطوية" وشددوا على الحاجة لأن يعرض المالكي خطة للمصالحة مع السكان السنة المسلوبة حقوقهم في العراق.