يتمتع المواطنون الأمريكيون بجملة من الحريات المدنية ويمكنهم اللجوء لنظام مستقل وقوي للقضاء الفيدرالي ومحاكم الولايات، لكن الإخفاقات المستمرة - وأهمها في نظام العدالة الجنائية ونظم الهجرة وفيما يخص سياسات وقوانين مكافحة الإرهاب - تشوب سجل الولايات المتحدة الحقوقي. رغم أن إدارة أوباما تعهدت بالتصدي للعديد من هذه الاعتبارات، إلا أن التقدم كان بطيئاً، وفي بعض القضايا لا وجود له.
وحدثت تطورات إيجابية في عام 2010، منها حُكم للمحكمة العليا ألغى إمكانية الحُكم على الأطفال بالسجن المؤبد دون إتاحة فرصة الإفراج المشروط في جرائم غير جريمة القتل، وهناك قانون جديد وعد بتقليل التباين في فرض الأحكام في قضايا الإتجار بالكوكايين على مختلف الطوائف العرقية، وهناك قانون خاص بالتأمين الصحي يمد مظلة حماية التأمين الصحي إلى نحو 32 مليون أمريكي غير مؤمّن عليهم.
وتم فحص جميع هذه القضايا في نوفمبر/تشرين الثاني 2010 أثناء أول مراجعة دورية شاملة للولايات المتحدة أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهو جزء من آلية لفحص المجلس لسجلات حقوق الإنسان الخاصة بالدول الأعضاء بالأمم المتحدة البالغ عددها 192 دولة.
العقوبات الجنائية المتطرفة
عدد الولايات الأمريكية التي تفرض عقوبة الإعدام ما زال 35 ولاية في عام 2010. حتى كتابة هذه السطور كان قد تم إعدام 45 شخصاً في الولايات المتحدة في عام 2010، وتم إعدام 52 شخصاً في عام 2009.
هناك 2574 جاني حدث (أشخاص تحت سن 18 عاماً وقت ارتكابهم للجرائم) يمضي عقوبة السجن المؤبد دون إتاحة الإفراج المشروط في سجون أمريكية. وليس معروفاً بوجود أي مخالفين أحداث يمضون مثل هذه العقوبة في أي مكان آخر في العالم. في حُكم تاريخي صدر في يونيو/حزيران 2010 في قضية "جراهام ضد ولاية فلوريدا"، قضت المحكمة الأمريكية العليا بأن العقوبة المفروضة لا يمكن فرضها على المخالفين الأحداث، المُدانين في جرائم غير جرائم القتل. وبينما الحكم يعتبر خطوة هامة للأمام، إلا أن أغلب الأحداث الذين يقضون هذه العقوبة أدينوا في جرائم قتل ولم يؤثر الحُكم في وضعهم.
أوضاع السجون
حتى يونيو/حزيران 2009 استمرت الولايات المتحدة في كونها صاحبة أكبر نسبة للسجناء إلى السكان في العالم (2297400 سجين، أي أقل بنصف في المائة عن الوضع منذ ديسمبر/كانون الأول 2008) وصاحبة أعلى نسبة لحبس السكان في العالم (748 سجيناً لكل 100 ألف شخص).
بعد 17 شهراً من تسليم اللجنة الوطنية للقضاء على الاغتصاب في السجون لمقترحاتها بالقضاء على الاغتصاب في السجون إلى وزارة العدل، كان المحامي العام إريك هولدر ما زال لم يفرض المعايير النهائية. وفي الوقت نفسه فإن العنف الجنسي يبقى شائعاً في السجون الأمريكية. مكتب الإحصاءات العدلية أفاد في أغسطس/آب 2010 أن 88500 سجين تعرضوا لأحد أشكال التحرش الجنسي بين أكتوبر/تشرين الأول 2008 وديسمبر/كانون الأول 2009. طبقاً لدراسة مسحية أمر بها قانون القضاء على الاغتصاب في السجون مع تحليل مكتب الإحصاءات العدلية لها، فإن هناك 12 في المائة تقريباً من السجناء الأحداث أفادوا بتعرضهم للإساءات الجنسية.
وقد تم إحراز التقدم فيما يخص معاملة النساء في السجون الأمريكية. في أغسطس/آب بدأت إدارة ولاية واشنطن للإصلاح (السجون)، إثر حُكم محكمة، في التصدي لإساءة العاملين بالسجون جنسياً للسجينات، بما في ذلك عن طريق إعادة النظر في آليات تقديم الشكاوى وإجراءات التحقيق، وتركيب كاميرات مراقبة جديدة، وزيادة التدريب. عدد الولايات التي تأمر بتقييد استخدام الأصفاد على السجينات الحوامل تزايد من ست إلى عشر ولايات، مع انضمام ولايات كولورادو وواشنطن وبنسلفانيا وويست فرجينيا إلى ولايات نيويورك وإلينوي وكاليفورنيا وتكساس وفيرمونت ونيو مكسيكو. لكن شهد العام تطورات مقلقة أيضاً: في كولورادو على سبيل المثال، تعرضت السجينات لمعاملة مهينة وأعمال تفتيش منهجية لا تستند إلى شكوك محددة، طولبن خلالها بفتح الفرج للتفتيش عليهن، من قبل الحراس.
وبدأ نفاذ تشريع في كاليفورنيا في يناير/كانون الثاني 2010 مخصص لتقليل تعداد السجون عن طريق - من بين إجراءات أخرى - منح درجات أعلى لحسن السير والسلوك وإجراءات لتقليل عدد العائدين للسجون من بين من يخرقون شروط الإفراج المشروط والإفراج تحت المراقبة. إلا أن كاليفورنيا طعنت أمام المحكمة الأمريكية العليا في حكم لمحكمة فيدرالية يأمر الولاية بتقليل تعداد سجونها بحيث تتمكن من توفير الحد الأدنى الدستوري من العلاج والرعاية النفسية للنزلاء في السجون.
ورغم أن عدد كبير من السجناء في الولايات المتحدة لديهم سجلات من تعاطي المخدرات وإدمانها، فنادراً ما يتم إمدادهم بالعلاج من الإدمان بأساليب العلاج لدى ظهور أدلة على أعراض الإدمان. وكانت معدلات انتشار أمراض الإيدز والكبد الوبائي أعلى بين السجناء عن حالها في الأوساط العادية خارج السجون، إلا أن برامج تقليص الضرر الثابت نجاحها، مثل توفير الواقي الذكري والوقاية من تعدد استخدام المحاقن، ظلت نادرة التوفر. وفي عام 2010 صدر تقرير هيومن رايتس ووتش واتحاد الحريات المدنية الأمريكي بعنوان "الحُكم بالوصم بالعار" ويوثق الأثر الضار على السجناء وأسرهم جراء سياسات السجون التي تُلزم بإجراء فحوصات الإيدز وتؤدي لخرق الخصوصية وتعزز من فرص الوصم بالعار والتمييز.
وقد زاد انكشاف تدهور الأوضاع في السجون الأمريكية مع تجميد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مؤقتاً لتسليم أربعة مشتبهين بالإرهاب من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة جراء وجود مخاوف من أن حبسهم في سجن "الحراسة القصوى" الأمريكي لمدة طويلة قد يخرق المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تحظر "التعذيب أو... المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة".
التباين بين أبناء مختلف الأعراق في نظام العدالة الجنائية
عبء الاحتجاز والسجن يقع بشكل غير متناسب على أبناء الأقليات العرقية والإثنية، وهو التباين الذي لا يمكن أن يُنسب إلى الاختلافات في معدل اللجوء لارتكاب الجرائم والسلوك الإجرامي: فالرجال السود من غير الأصول اللاتينية يُحبسون بمعدل يبلغ ستة أضعاف معدل حبس الرجال غير اللاتينيين البيض، ومقارنة بالرجال اللاتينيين فمعدل حبس السود يبلغ 2.6 ضعفاً. واحد من كل عشرة رجال سود بين 25 و29 عاماً كان يقضي عقوبة في السجون في عام 2009، وبالنسبة للرجال اللاتين فالنسبة بلغت 1 من كل 25، والرجال البيض بلغت النسبة عندهم 1 إلى كل 64 شخصاً.
في أغسطس/آب 2010 وقعت إدارة أوباما قانون إنزال الأحكام العادلة، الذي بدّل من تعامل الحكومة الفيدرالية العقابي فيما يخص تعاطي والإتجار بالكوكايين والذي أدى إلى التباين الواسع في الحبس بين مختلف الطوائف. بينما هناك أهمية رمزية للقانون، فإن القانون لا يبذل الجهود الكافية للتصدي للتباينات العرقية الواسعة في تطبيق قانون مكافحة المخدرات: فالسود يمثلون 33.6 في المائة ممن يتم اعتقالهم على خلفية مخالفات على صلة بالمخدرات، و44 في المائة من المُدانين بجرائم مخدرات في محاكم الولايات، و37 في المائة من المُرسلين لسجون الولايات على صلة بجرائم مخدرات، رغم أنهم يمثلون 13 في المائة فقط من سكان الولايات المتحدة، ورغم أن السود والبيض على حد سواء يتورطون في جرائم على صلة بالمخدرات بنسب متساوية.
حقوق غير المواطنين
هناك نحو 38 مليون شخص من غير المواطنين يعيشون في الولايات المتحدة، منهم نحو 12 مليون نسمة غير موثقين رسمياً. في عام 2009 احتجزت إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية بين 380 ألفاً إلى 442 ألفاً من غير المواطنين في نحو 300 مركز احتجاز، بكلفة سنوية تبلغ 1.7 مليار دولار.
في مايو/أيار 2010، ظهرت تقارير عن قيام إدارة الهجرة والجمارك بالتحقيق في مزاعم بقيام حارس بمركز احتجاز للمهاجرين في تكساس بالاعتداء الجنسي على محتجزات. كان هذا الحادث هو الأخير بين سلسلة من مزاعم الاعتداء الجنسي والإساءات، وسلسلة من التحرشات والمضايقات التي تنامت إلى علم الرأي العام منذ تشكيل الإدارة في عام 2003.
في تقرير صدر في يوليو/تموز بعنوان "الترحيل هو الأساس" وثقت هيومن رايتس ووتش المعوقات التي تواجه الأفراد ذوي الإعاقات النفسية في أثناء إجراءات الهجرة، ومنها انعدام الضمانات القانونية والعدد الكبير من حالات الاحتجاز لفترات مطولة.
وتقدمت إدارة الهجرة والجمارك بمقترحات عديدة في عام 2010 من أجل تحسين التصدي للإساءات الجنسية في مراكز احتجاز المهاجرين وإساءة معاملة المحتجزين ذوي الإعاقات الذهنية، لكن القليل من المقترحات هي التي نُفذت حتى كتابة هذه السطور.
وفي أواخر عام 2009 كتبت هيومن رايتس ووتش عن مشكلة التحويلات الكثيرة للغاية للمهاجرين المحتجزين بين مختلف مراكز الاحتجاز في الولايات المتحدة. فأكثر من 1.4 مليون عملية نقل لمحتجزين وقعت بين عام 1999 و2008، مما يحول دون التوفير الكامل لحقوق المحتجزين في مقابلة المحامين والشهود والاطلاع على الأدلة. في يوليو/تموز أعلنت الإدارة عن افتتاح نظام على الإنترنت لمعرفة أماكن المحتجزين المهاجرين - وهو إصلاح مهم - لكن الكونغرس لم يتخذ بعد الخطوات اللازمة للتحقق من صلاحيات إنفاق الإدارة وقد أخفقت الإدارة في الوفاء بسياسة موعودة لتقليص أعداد عمليات النقل للمهاجرين المحتجزين.
كما وتستمر إدارة الهجرة والجمارك في الاحتفاظ بصلاحيات هائلة. في يونيو/حزيران كتب مساعد الوزير جون مورتون عن رغبته في منح الأولوية لترحيل "المجرمين الخطرين من غير المواطنين". وإذا تم تنفيذ هذا الأمر، فسوف يعتبر إصلاح هام، بما أن أغلب أعمال الترحيل كانت بحق مخالفين في جرائم غير عنيفة وجرائم صغيرة، لكن آفاق التغيير في ممارسات الإدارة ما زالت غير واضحة حتى كتابة هذه السطور.
طبقاً لإحصاءات صدرت في عام 2010 من قبل مركز الحقوق الدستورية ومن قبل منظمات أخرى، فإن 79 في المائة من الترحيلات بموجب برنامج "المجتمعات الآمنة" الخاص بإدارة الهجرة والجمارك، كانت ترحيلات على جرائم غير عنيفة وجرائم صغيرة. وتحليل هيومن رايتس ووتش الخاص لإحصاءات الحكومة أظهر أن ثلاثة أرباع غير المواطنين المُرحلين بين عام 1997 وعام 2007 كانوا مخالفين في جرائم غير عنيفة وصغيرة. بموجب قوانين تعسفية صدرت عام 1996، فإنه ليس بوسع القضاة في العديد من قضايا الترحيل السماح للمهاجرين المُدانين في مخالفات صغيرة بالبقاء في الولايات المتحدة، بغض النظر عن وجودهم القانوني في البلاد، وبغض النظر عن وضعهم كأزواج أو زوجات أو آباء لمواطنين أمريكيين، وبغض النظر عن إسهاماتهم الاقتصادية أو حتى الخدمة في الجيش الأمريكي.
جهود الكونغرس من أجل تجديد نظام الهجرة وإصلاحه استمرت في كونها غير ذات أثر فعال. فلم يتم تحريك مشروع قانون لإصلاح نظام الهجرة في الكونغرس، بما في ذلك قانون DREAM لمساعدة الأطفال المهاجرين الذين نشأوا في الولايات المتحدة - وتم تقديمه مبدئياً عام 2001. النظام الحالي للهجرة أدى إلى وجود أعداد كبيرة من الأشخاص الذين يعيشون دون الأوراق القانونية اللازمة في الولايات المتحدة لسنوات عديدة. طبقاً لمركز "بيو" اللاتيني، فإن 5.9 مليون نسمة ممن هم من دون التوثيق اللازم (53 في المائة من جميع الأشخاص غير الموثقين) يعيشون في الولايات المتحدة منذ أكثر من 10 أعوام، و1.4 مليون نسمة منهم يعيشون في أمريكا منذ أكثر من 20 عاماً. وصدر لـ هيومن رايتس ووتش تقرير في يوليو/تموز 2010 بعنوان "قاسي وعادل وعملي" يصف كيف أخفق المُشرعون الأمريكيون في إصلاح قانون الهجرة الأمريكي مما أدى لخرق مبادئ أساسية لحقوق الإنسان.
واستمرت ولايات أمريكية في اقتراح قوانين للهجرة تنطوي على مشكلات في عام 2010. قانون أريزونا رقم SB 1070 يصرح للشرطة باستجواب أي شخص يوجد اشتباه معقول بأنه غير موثق. في يوليو/تموز أيدت محكمة فيدرالية تطبيق الجزء الأكثر إثارة للجدل في مشروع القانون المذكور، ومنه استجوابات "الشك المعقول". وحُكم المحكمة يخضع حالياً للاستئناف.
حقوق العمال
يستمر العمال الأمريكيون في التعرض لمعوقات كبرى في تشكيل والانضمام إلى النقابات العمالية، وتخفق الحكومة الأمريكية في الوفاء بالتزاماتها الدولية بحماية ممارسة العمال لهذه الحقوق. ساندت هيومن رايتس ووتش قانون الاختيار الحر للوظيفة، وهو مقترح بقانون معقول الأثر، يهدف لتقليص بعض المعوقات، لكن صدر تهديد من مجلس الشيوخ أدى لعرقلة إنفاذ القانون لمدة سنتين.
تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في سبتمبر/أيلول بعنوان "قضية غريبة" يركز على انتهاكات حقوق العمال الأمريكيين في التنظيم والتفاوض الجماعي، العاملين طرف الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات العاملة في الولايات المتحدة. الشركات الأوروبية التي تزعم الالتزام بالمعايير الأساسية لمنظمة العمل الدولية وغير ذلك من قوانين حقوق الإنسان عادة ما تخرق هذه المعايير في أنشطتها بالولايات المتحدة، حيث يفرض قانون العمل تدابير حماية في مجالات عديدة.
وصدر تقرير لـ هيومن رايتس ووتش في مايو/أيار 2010 بعنوان "حقول الخطر" يوثق ظروف العمل التي يواجهها مئات الآلاف من الأطفال العاملين في مزارع أمريكية. قانون معايير العمل العادلة لعام 1938 يعفي أطفال المزارعين تحديداً من السن الدنيا للعمل والحد الأقصى لساعات العمل الذي ينطبق على غيرهم من الأطفال، مما يعرضهم للعمل من سن صغيرة ولساعات مطولة وفي ظل ظروف أكثر خطورة. وتدابير الحماية الفيدرالية القائمة لا تُنفذ في أغلب الأحيان، وقوانين عمل الأطفال بالولايات تتباين في قوتها ودرجة تطبيقها. بالنتيجة فإن عمال المزارع الأطفال، وأغلبهم من اللاتين، يعملون عادة 10 ساعات أو أكثر يومياً ويصبحون عرضة لخطر التسمم بالمبيدات والمشاكل الصحية والإعاقات المستديمة. الكثير منهم يتسربون من التعليم وفي بعض الأحيان تتعرض الفتيات للمضايقات الجنسية.
سياسة الصحة
في مارس/آذار 2010 وقّع الرئيس أوباما قانون حماية المرضى وإتاحة الرعاية الصحية، والذي من شأنه أن يوفر تأميناً صحياً لنحو 32 مليون أمريكي غير مؤمن عليهم. إلا أن قيود القانون الخاصة بكيفية توفير شركات التأمين للتغطية التأمينية في حالات الإجهاض من المتوقع أن تعرقل من إتاحة الإجهاض.
في يوليو/تموز 2010 أصدرت إدارة أوباما أول إستراتيجية وطنية للإيدز. وعدوى الإيدز في الولايات المتحدة مستمرة في الانتشار بمعدلات مقلقة، لا سيما في أوساط الأقليات، والعديد من الولايات استمرت في تقويض حقوق الإنسان والصحة العامة بفرض قيود على التعليم الجنسي وعدم كفاية تدابير الحماية القانونية لمرضى الإيدز، ومقاومة برامج تقليص الأضرار مثل برامج الوقاية من تكرر استخدام المحاقن والإخفاق في تمويل برامج الوقاية من الإيدز ورعاية مرضاه.
حقوق النساء والفتيات
رغم دعم إدارة أوباما المُعلن للتوقيع على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فإن لا الإدارة أو مجلس الشيوخ قد تحركا نحو التصديق على الاتفاقية. وتعتبر الولايات المتحدة حالياً واحدة من سبع دول فقط ما زالت لم تنضم للاتفاقية. وهناك مشروع قانون لتحسين جهود الولايات المتحدة لأجل مكافحة العنف ضد النساء في شتى أنحاء العالم، ربح الزخم في عام 2010، لكنه ما زال عالقاً في الكونغرس حتى كتابة هذه السطور.
وفي محل العمل، تستمر النساء في جني 77 سنتاً مقابل كل دولار يجنيه الرجل. الولايات المتحدة هي واحدة من حفنة من الدول ما زالت لا توجد فيها ضمانات بإجازات الوضع مدفوة الأجر، وقد تزايدت كثيراً مزاعم التعرض للتمييز بسبب الحمل في محل العمل. ما زالت النساء ضعيفات التمثيل إلى حد بعيد على جميع المستويات الحكومية، بما في ذلك الكونغرس الأمريكي، حيث يمثلن 17 في المائة فقط من أعضاء الكونغرس.
النساء اللاتي يتعرضن للعنف في الولايات المتحدة تواجههن معوقات تحول دون إحقاق الأمن والإنصاف. الآلاف من طلبات التماس المأوى في حالات الطوارئ والإسكان الانتقالي المقدمة من ضحايا العنف الأسري، تمر دون الوفاء بها كل عام، مع قصور التمويل الفيدرالي في هذه الخدمات عن المعدلات المستهدفة. في يوليو/تموز أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريراً يُظهر أن 80 في المائة من أدلة الاغتصاب المستقاة من اختبارات الشفرة الوراثية الـ د ن أ التي يتم أخذها من أجساد الضحايا) في ولاية إلينوي، لم يتم اختبارها بعد. تحاول ولاية إلينوي التصدي لهذه المشكلة: فالحاكم بات كوين وقع على مشروع قانون مع إصدار هيومن رايتس ووتش للتقرير يقضي بإلزام ضباط إنفاذ القانون في الولاية بإرسال أدلة الاغتصاب إلى الاختبار، مما يجعل ولاية إلينوي أول ولاية في الولايات المتحدة تنفذ مثل هذا الإجراء القانوني.
التمييز بناء على التوجه الجنسي والهوية الجنسية (هوية النوع)
القانون الأمريكي لا يوفر حماية من التمييز بناء على التوجه الجنسي للمرء أو الهوية الجنسية. قانون العائلات الأمريكية المتحدة، الذي يسمح بالعلاقات الجنسية المثلية بين مواطنين أمريكيين ورعايا أجانب كأحد معايير النظر في طلبات الهجرة، لم يتقدم في أروقة الكونغرس. قانون الدفاع عن الزواج DOMA الذي يحظر على الحكومة الفيدرالية الاعتراف بالعلاقات الجنسية المثلية، ما زال مطبقاً.
وقد تم اتخاذ خطوات على مستوى الولايات على مسار تحسين حماية حقوق المثليات والمثليين ومزدوجي التفضيل الجنسي ومتحولي الجنس. أعلنت محكمة مقاطعة في ولاية ماساشوستس أن قانون حماية الزواج "دوما" غير دستوري" بما أنه يحظر على الحكومة الفيدرالية الاعتراف بالزيجات المثلية التي تعتبر سارية وقانونية في نطاقات اختصاص قضائي أخرى. وقضت محاكم عدة مقاطعات في كاليفورنيا بأن تعديل دستور كاليفورنيا لمنع من هم في علاقات مثلية من الزواج (المقترح 8) والسياسة الفيدرالية التي تمنع المثليات والمثليين ومزدوجي التفضيل الجنسي من الخدمة بشكل معلن في الجيش (لا تسأل ولن أخبر) هما خرق للدستور الأمريكي.
وهناك تحرك بدأ في الكونغرس في مايو/أيار لإلغاء قانون "لا تسأل ولن أخبر" وما زال لم يتمخض عن نتيجة واضحة حتى كتابة هذه السطور. قانون عدم التمييز في العمل - وهو قانون يحظر التمييز في العمل بناء على التوجه الجنسية أو هوية النوع على المستوى الفيدرالي - هو بدوره بانتظار عرضه على الكونغرس.
مكافحة الإرهاب
رغم أدلة قوية على أن مسؤولين كبار بإدارة بوش قد وافقوا على أساليب استجواب غير قانونية شملت التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة، فإن إدارة أوباما لم تسع بعد لمحلاقة أي مسؤول رفيع قضائياً أو لتشكيل لجنة تحقيق. في يناير/كانون الثاني أصدر مكتب المسؤولية المهنيةب وزارة العدل تقريراً انتهى إلى أن بعض كبار المحامين بمكتب الاستشارات القانونية بإدارة بوش لم يخرقوا القواعد المهنية الأخلاقية عندما كتبوا مذكرات تصرح باستخدام ما يُدعى بتقنيات الاستجواب المُحسّنة، بل كان "حُكمهم على الأمور حكماً سيئاً".
ورغم تعيين المحامي العام إريك هولدر لادعاء فيدرالي في عام 2009 لمراجعة ممارسات استجواب فترة ما بعد 11 سبتمبر/أيلول، فإن المدعي لم يُصدر بعد تقريراً، ومن واقع جميع المؤشرات، فإن التحقيق من غير المحتمل أني فحص مسؤولية كبار المسؤولين الذين فرضوا السياسات وصرحوا بالإساءات. إدارة أوباما استمرت في تبني فهماً فضفاضاً لـ "أسرار الدولة" كانت قد قبلته عدة محاكم، مما يقطع السبيل أمام طريق آخر لإنصاف ضحايا التعذيب وغيرها من الإساءات.
وأثناء نقل محتجزي مكافحة الإرهاب إلى دول أخرى، قالت إدارة أوباما إنها ستستمر في الاعتماد على "الضمانات الدبلوماسية": وهي وعود غير مُلزمة وغير موثوقة في أغلب الأحوال من الدول المستقبلة للأفراد بأن هؤلاء المحتجزين سيلقون معاملة إنسانية. في يوليو/تموز نقلت إدارة أوباما محتجزاً من غوانتانامو إلى الجزائر بلده الأصلي على أساس مثل هذه الضمانات، رغم زعمه بأنه سيتعرض للتعذيب والمعاملة السيئة من قبل الحكومة الجزائرية وفاعلين آخرين غير الدولة.
وتجاوزت إدارة أوباما خط المهلة التي منحتها لنفسها لإغلاق غوانتانامو كما أخفقت في توفير أية مؤشرات واضحة وحقيقية عن متى يمكن إغلاق مركز الاحتجاز المذكور. رغم أن الإدارة لم تسع لتفعيل تشريع للاحتجاز الوقائي، فإنها مستمرة في احتجاز المشتبهين دون نسب اتهامات إليهم في غوانتانامو بناء على أوامر احتجاز من فترات الحرب. في مايو/أيار أعلنت الغدارة عن خططها للاستمرار في الاحتجاز لأجل غير مسمى لـ 48 محتجزاً على الأقل ظلوا رهن الاحتجاز الأمريكي لمدة 8 سنوات على الأقل. إثر محاولة لهجوم على طائرة أمريكية في ديسمبر/كانون الأول 2009 من قبل رجل نيريجي زعم تلقيه التدريب طرف القاعدة في اليمن، كفت الإدارة عن نقل المحتجزين إلى اليمن، مما خلّف 57 محتجزاً يمنياً تمت الموافقة على نقلهم عالقين في غوانتانامو لأجل غير مسمى.
الصخب السياسي المصاحب لإعلان المحامي العام هولدر في نوفمبر/تشرين الثاني عن اعتزام محاكمة خالد شيخ محمد وأربعة آخرين من المحتجزين "الهامين" في محاكم فيدرالية جنائية أدى بالإدارة إلى إعادة النظر في قرارها. حتى كتابة هذه السطور لم يكن قد تم اتخاذ قرار إزاء المحاكمة أو كيف ستتم.
وفي الوقت نفسه، سعت الإدارة إلى النظر في قضايا أخرى أمام اللجان العسكرية، بما في ذلك مقاضاة إبراهيم القوصي، وهو رجل سوداني اعترف بأنه مذنب وظلت العقوبة المُنزلة به سرية. كما سعت إدارة أوباما لملاحقة الجندي الطفل عمر خضر أمام اللجان العسكرية، رغم أن خضر كان يبلغ من العمر 15 عاماً وقت القبض عليه، ونُسب إليه الاتهام بجريمة لا تعتبر جريمة حرب. ورغم بعض التحسن الذي طرأ على اللجان العسكرية، فهي ما زالت تعوزها الضمانات الأساسية للعدالة الواردة في نظام المحاكم الفيدرالية الأمريكية، مما يسمح بقبول بعض الأدلة المنتزعة بالإكراه، والتمييز ضد غير المواطنين، وهي تُستخدم في مقاضاة الأشخاص على جرائم لم تُعتبر يوماً خرقاً لقوانين الحرب، مما يثير بواعث قلق تخص مدى ملائمة وتناسب هذه اللجان قِبل ما تنظر من قضايا.