شرطة مكافحة الشغب في مواجهة المتظاهرين ضد التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، في رام الله، الضفة الغربية، يوم 23 يونيو/حزيران 2014.

سلطتان، طريقة واحدة، المعارضة ممنوعة

الاعتقال التعسفي والتعذيب في ظل "السلطة الفلسطينية" و"حماس"

شرطة مكافحة الشغب في مواجهة المتظاهرين ضد التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، في رام الله، الضفة الغربية، يوم 23 يونيو/حزيران 2014.  © 2014 رويترز

 

ملخص

منذ أن اكتسب الفلسطينيون درجة من الحكم الذاتي على الضفة الغربية وقطاع غزة قبل 25 عاما، أنشأت سلطاتهم آليات اضطهاد للقضاء على المعارضة، منها استخدام التعذيب.

نفذت "السلطة الوطنية الفلسطينية" التي تسيطر عليها "فتح" في الضفة الغربية و"حركة المقاومة الإسلامية" (حماس) في قطاع غزة في السنوات الأخيرة عددا كبيرا من الاعتقالات التعسفية على خلفية النقد السلمي للسلطات، وخصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بين صفوف الصحفيين المستقلين، وفي حرم الجامعات، وفي المظاهرات. ومع ازدياد الخلافات بين فتح وحماس بالرغم من محاولات المصالحة، استهدفت قوى أمن السلطة الفلسطينية الموالين لحماس، والعكس صحيح. تعتمد السلطة الفلسطينية وحماس الاعتقال لمعاقبة النقاد وثنيهم هم والآخرين عن أي نشاطات بالاعتماد بشكل أساسي على القوانين الفضفاضة التي تجرّم أي نشاط، مثل التسبب "بالنعرات المذهبية" أو الإساءة إلى "مقامات عليا". وخلال الاعتقال، تقوم القوى الأمنية بشكل روتيني بإهانة المعتقلين، وتهديدهم، وضربهم، وإجبارهم اتخاذ وضعيات مجهِدة لعدة ساعات في كل مرة.

نتج هذا التقرير عن سنتين من التحقيقات التي أجرتها "هيومن رايتس ووتش" في أنماط الاعتقال وظروف الاحتجاز. ويعتمد على 86 حالة في الضفة الغربية وغزة، تبين أن السلطات الفلسطينية تعتقل بشكل روتيني الأشخاص الذين لا يعجبها تعبيرهم السلمي عن رأيهم وتعذب المعتقلين لديها. وخرجت هذه النتائج من مقابلات مع 147 شخص، معظمهم من المعتقلين السابقين، بالإضافة إلى أفراد الأسر، والمحامين، وممثلي المنظمات غير الحكومية، وطبيب؛ ومراجعة الأدلة من الصور ومقاطع الفيديو، والتقارير الطبية، ووثائق المحاكم.

كما راسلت هيومن رايتس ووتش الأجهزة الأمنية الرئيسية والسلطات الحكومية الضالعة في الضفة الغربية وغزة، وتلقت إجابات موضوعية من كل منها، تظهر في هذا التقرير وأعيدت طباعتها في نهايته. وأنكرت جميعها أن الانتهاكات تشكّل أكثر من حالات معزولة يتم التحقيق فيها عندما يتم إعلام السلطات بها، والتي تسائل مرتكبيها. تناقض الأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش والمقدمة في هذا التقرير هذه الادعاءات.

تشكل الاعتقالات على خلفية التعبير السلمي عن الرأي انتهاكات خطيرة لقانون حقوق الانسان، ما يخالف الالتزامات القانونية لانضمام فلسطين إلى اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية على مدى السنوات الخمس الماضية. قد يصل التعذيب الممارس من قبل السلطة الفلسطينية وحماس إلى مصاف جريمة ضد الإنسانية، على ضوء الممارسة المنتظمة للتعذيب على مدى عدة سنوات.

تشمل الأجهزة الأمنية الرئيسية الضالعة في الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير "الأمن الداخلي" التابع لحماس و"الأمن الوقائي"، و"المخابرات"، و"اللجنة الأمنية المشتركة" التابعة للسلطة الفلسطينية. تعمل القوى الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بدعم كبير من الولايات المتحدة وأوروبا، وبالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي. وتتلقى حماس بدورها مساعدة مالية من إيران، وقطر، وتركيا.

أوجدت السلطتان آليات لتلقي الشكاوى من المواطنين والمنظمات ذات الصلة والتحقيق في التجاوزات المحتملة المرتكبة من قبل القوى الأمنية. إلا أنه، وبحسب المعلومات المقدمة من الأجهزة الأمنية إلى هيومن رايتس واتش، نادرا ما تؤدي هذه الآليات إلى تثبيت أي اعتداء، ناهيك عن الإجراءات التأديبية أو المحاسبة على الانتهاكات الخطيرة.

الاعتقالات التعسفية

ضيقت السلطة الفلسطينية وحماس على المصادر الرئيسية للمعارضة المتوفرة للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، إلا أن السلطتين تنفيان بشكل قاطع تنفيذهما للاعتقالات التعسفية، وتصران على أنهما تتبعان القانون. إلا أن توثيق هيومن رايتس ووتش يظهر اعتقالهما المنتظم للنقاد بدون أساس معقول للشك في ارتكابهم جريمة ممكن تمييزها، وتعتمدان على التهم الملتبسة أو المصاغة بطريقة فضفاضة لتبرير اعتقالهم والضغط عليهم لوقف نشاطاتهم. ومع أن التفاصيل تختلف بين الضفة الغربية وغزة، فالنتيجة في المنطقتين هي تقليص مساحة حريات التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع.

المعارضة السياسية

قامت السلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها حركة فتح باعتقال النشطاء والموالين لحماس أو الجماعات الموالية لحماس بشكل منتظم على أساس انتمائهم أو تعبيرهم السياسي، بالاضافة إلى ارتكاب حماس انتهاكات مشابهة ضد أعضاء فتح أو مسؤوليها الذين كانوا جزءا من الحكومة بقيادة السلطة الفلسطينية، والقوى الأمنية، قبل تولي حماس زمام الأمور عام 2007.

في الضفة الغربية، على سبيل المثال، اعتقلت قوات السلطة الفلسطينية أسامة النبريصي (38 عاما) 15 مرة منذ أن أنهى حكما بالسجن 12 عاما في إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2014، كانت أولها بعد يومين فقط من إطلاق سراحه، على ما يبدو بسبب مشاركته في كتلة حماس السياسية أثناء وجوده بالسجن. احتجزته القوات بناء على أوامر مسؤولين محليين بموجب شكل من أشكال الاعتقال الإداري المستخدم بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، والذي لا يُخضع هذا الشكل إلى الإجراءات القانونية المحددة في قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني.

في غزة، اعتقلت سلطات حماس عبد الباسط أموم، موظف سابق في الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية، في يناير/كانون الثاني 2017 على خلفية مشاركته في احتجاج على انقطاع التيار الكهربائي. وقال المحقق لأموم، "إنتو تعون فتح بدكم تعملو فوضى وبدكم تزعزعو الامن" (أنتم أعضاء فتح تفتعلون الفوضى وتريدون زعزعة الأمن)، إلا أنه لم يتقدم بأي تهم محددة تتعلق بنشاطات غير قانونية تتعدى التظاهر بدون إذن.

وسائل التواصل الاجتماعي

نفذت السلطات الفلسطينية عشرات الاعتقالات بسبب الانتقاد على منصات التواصل الاجتماعي، والتي يعتمد عليها الفلسطينيون بشكل متزايد لمشاركة آرائهم، والتواصل مع بعضهم البعض، وتنظيم النشاطات.

في الضفة الغربية، على سبيل المثال، أرسلت قوى الأمن التابع للسلطة الفلسطينية 10 أفراد أمن إلى منزل الناشط عيسى عمرو في الخليل في سبتمبر/أيلول 2017، بعد ساعة من استخدامه "فيسبوك" لانتقاد اعتقال صحفي ودعوته السلطة الفلسطينية إلى احترام حرية التعبير. احتجز عمرو لمدة أسبوع، حيث اتهم بالتخطيط لانقلاب، واتهم على أساس ما كتبه على فيسبوك، من بين أمور أخرى، "إثارة النعرات المذهبية"، و"إطالة اللسان على مقامات عليا"، وتهديد "النظام العام للدولة". في مايو/أيار 2016، قال حمزة زبيدات، الذي يعمل لصالح منظمة تنموية غير حكومية، ان عناصر احتجزوه يومين وسألوه عن دعوته الفلسطينيين في منشور الذي قال فيه، "سنناضل ضد السلطة كما نناضل ضد الاحتلال" وسألوه عن انتقاده للسلطة وليس حماس.

في غزة، احتجزت شرطة حماس أخصائيا اجتماعيا عمره 28 عاما في أبريل/نيسان 2017، بعد نشره اقتباس على فيسبوك من كتاب للمؤلف الفلسطيني غسان كنفاني. حققت الشرطة معه عن الكتب الأخرى التي قرأها، واتهمته بـ "إهانة الشعور الديني" من بين أمور أخرى، وأطلقت سراحه فقط بعد أن وقع تعهدا بعدم "إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي". كما احتجزت العناصر عامر بعلوشة 15 يوما في يوليو/تموز 2017 بعد أن كتب على فيسبوك "هل ينام أطفالكم [في إشارة إلى قادة حماس] على الأرض مثل أطفالنا؟"، واتهموه بأنه "رأس الفتنة"، وأدعى بأنهم قالوا له "ممنوع تكتب ضد حماس، رح نطخك" (سنطلق النار عليك)، واتهموه "بإساءة استخدام التكنولوجيا".

الصحفيون

استهدفت كل من السلطة الفلسطينية، التي تسيطر عليها فتح، وحماس الصحفيين، إما الموالين للطرف الآخر أو المحايدين المنتجين للتقارير التي تنتقد سياساتهم.

عام 2017، اعتقلت قوى السلطة الصحفي جهاد بركات، الذي التقط صورة لرئيس الوزراء رامي الحمدالله على أحد الحواجز الاسرائيلية، والصحفي سامي الساعي، الذي شارك قائمة بأسماء الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية مع عضو من حماس في غزة. وفي غزة، اعتقلت شرطة حماس في سبتمبر/أيلول 2016 الصحفي محمد عثمان بسبب نشره وثيقة مسربة تبين استمرار رئيس وزراء سابق للسلطة في غزة باتخاذ قرارات حكومية، واتهمت صحفية أخرى، هاجر حرب، في أغسطس/آب 2016 "بالتشهير" و"عدم توخي الدقة"فيما يتعلق بتحقيق صحفي ادعت فيه الفساد في وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة.

واحتجزت قوات حماس في يونيو/حزيران 2017 الصحفي فؤاد جرادة من "هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية" وحققت معه حول سلسلة من التقارير الاخبارية الناقدة ومنشور على فيسبوك انتقد فيها قطر، والتي كانت حليفة حماس في ذلك الوقت. ثم اعتقلت ابن عمه أشرف في نفس الفترة تقريبا واحتجزتهم الاثنين لأكثر من شهرين واتهمتهم أمام محكمة عسكرية بـ "النيل من الوحدة الثورية". بعد وقت وجيز، في أغسطس/آب 2017، اعتقلت قوى السلطة 5 صحفيين في الضفة الغربية والذين اعتبرتهم متعاطفين مع حماس. وأخبر المدعون العامون أحدهم، ممدوح حمامرة من بيت لحم، إن مصيره مرتبط بمصير جرادة. أطلقت حماس سراح جرادة يوم 13 أغسطس/آب 2017، وأطلقت السلطة سراح الصحفيين الخمسة في اليوم التالي.

المظاهرات

لدى الفلسطينيون حرية محدودة للمشاركة في المظاهرات السياسية ضد الحكومة في الضفة الغربية وغزة. في الضفة الغربية، اعتقلت قوات السلطة العشرات من أعضاء "حزب التحرير" الإسلامي على خلفية المظاهرات السلمية التي نظمها الحزب في فبراير/شباط 2017 ضد بيع أراضي وقف في الخليل.

في غزة، احتجزت شرطة حماس مئات المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في يناير/كانون الثاني 2017 للاعتراض على أزمة الكهرباء، ومنهم محمد لافي، ناشط عمره 25 عاما نشر أيضا فيديو موسيقي في اليوم السابق للمظاهرة دعا فيه الناس إلى التظاهر. اتهمت السلطات لافي "بالتحريض ضد الحكومة، والإضرار بالممتلكات العامة، والدعوة للشغب"، بناء على مشاركته في المظاهرات، وأطلقت سراحه فقط بعد أن وقع تعهد بعدم "المشاركة بأي مظاهرات غير مرخصة". بعد بضعة أسابيع، اعتقلت شرطة حماس الناشط من فتح ياسر وشاح لمدة 7 أيام وحققت معه عن إجراء اتخذه تضامنا مع المتظاهرين المحتجزين على خلفية الكهرباء. كان قد حمل يافطة في شارع رئيسي يقول فيها "لا للاعتقالات السياسية. لا لتكميم الافواه ".

في حرم الجامعات

تراقب أجهزة السلطة الفلسطينية عن كثب الانتقادات الموجهة إلى السلطة في الجامعات. في يناير/كانون الثاني 2017، احتجزت قوى السلطة الأمنية فارس جبور، طالب الهندسة الكهربائية في الخليل، وحققت معه حول مشاركته في حملة الكتاب المنظمة من قبل "الكتلة الإسلامية" الموالية لحماس في حرم الجامعة. وقال جبور لـ هيومن رايتس وواتش إن قوى السلطة اعتقلته 5 مرات سابقة على خلفية نشاطاته السلمية مع الكتلة، وأضاف أن النيابة العامة اتهمته "بحيازة الأسلحة" و"تشكيل الميليشيات" و"ترؤّس عصابة مسلحة" و"غسيل الأموال" إلا أنها أطلقت سراحه بدون إحالته إلى المحكمة. في فبراير/شباط 2017، احتجزت شرطة حماس يوسف عمر، الذي يدرّس التاريخ في "جامعة الأقصى" في غزة، مع 4 أساتذة آخرين بسبب نشاطهم مع نقابة موظفي الجامعة، والتي قاومت محاولة حماس لتعيين رئيس جامعة جديد بدون التشاور مع السلطة الفلسطينية.

معاقل المعارضة

تمارس الشرطة الفلسطينية سلطاتها الأمنية بعدوانية أكبر في المناطق داخل الضفة الغربية وغزة التي تعتبر معاقل المعارضة السياسية. في الضفة الغربية، استهدفت أقسى الأعمال الانتقامية منطقة نابلس، وخصوصا مخيم بلاطة للاجئين، والذي يعتبر قاعدة لمنافس الرئيس محمود عباس الأول محمد دحلان، ومدينة نابلس القديمة، حيث نشأ التوتر في السنوات الأخيرة بين الموالين والمعارضين للسلطة الفلسطينية. وفي غزة، ركزت أعمال القمع أثناء فترة مظاهرات الكهرباء في يناير/كانون الثاني 2017 على مخيمات اللجوء، وخصوصا في البريج وجباليا، حيث تمركزت معظم أعمال التنظيم.[1]

التعذيب والانتهاكات أثناء الاحتجاز

يشير تحقيق هيومن رايتس ووتش المبني على 147 مقابلة أيضا إلى أن إساءة معاملة وتعذيب المحتجزين الفلسطينيين أمر روتيني، وخصوصا المحتجزين من قبل قوات الأمن الداخلي التابعة لحماس في غزة ومراكز الاحتجاز التي تديرها المخابرات، والأمن الوقائي، واللجنة الأمنية المشتركة التابعة للسلطة في أريحا. ويعني الاستخدام المنتظم، والمتعمد، والمعروف على نطاق واسع للتعذيب، باستعمال تكتيكات مشابهة على مدى عدة سنوات، بدون أي إجراءات متخذة من قبل المسؤولين رفيعي المستوى في أي من السلطتين، أن الانتهاكات المذكورة تجعل هذه الممارسات أمرا منهجيا. كما تشير إلى أن التعذيب سياسة حكومية لدى كل من السلطة وحماس.

يمكن أن تشكل الانتهاكات الموضعية أو الشَّبِح، التكتيك الأكثر شيوعا المعتمد من قبل السلطة وحماس، والذي يوازي سنوات من الممارسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، تعذيبا عندما يتسبب بضرر كبير متعمد.[2] ومع أن السلطة وحماس تنفيان اعتماد وضعية الشبح، إلا أن عشرات المحتجزين قالوا لـ هيومن رايتس ووتش ان العناصر أجبروهم على الخضوع لوضعيات مؤلمة تتسبب بالإجهاد لعدة ساعات في كل مرة، باستعمال خليط من التقنيات التي غالبا ما لا تترك الآثار أو تترك آثارا بسيطة على الجسد.

في الضفة الغربية، غالبا ما تمارس المخابرات، والأمن الوقائي، واللجنة الأمنية المشتركة وضعية الشبح في مراكز الاحتجاز في أريحا، حيث يرسلون المحتجزين السياسيين بشكل منتظم. قال علاء زعاقيق، المحتجز في أبريل/نيسان 2017 على خلفية نشاطاته الجامعية مع الكتلة الإسلامية، إن عناصر المخابرات أجبروه على الوقوف لفترات زمنية طويلة مع فتح ساقيه في وضعية شبه القرفصاء، وفي وقت لاحق، على أصابع قدميه، مع حبل يشد يديه إلى الخلف. وقال إن أحد المحققين المعروف باسم "العصار" قال له "راح تطلع من هون على كرسي مشلول" و"راح ندفّعك ثمن الانقلاب الي بصير في غزة". وفي نفس مركز الاحتجاز، قبل ذلك بشهرين، قال الصحفي سامي الساعي إن العناصر رحبوا به بقولهم، "ولك عضلات كان يجوا عنا ونفّسوا" (كان لدينا أشخاص دخلوا إلى هنا مع عضلات وخرجوا بدونها). ربطوا يديه بحبل معلق في سقف غرفة التحقيق وبدأوا بسحب الحبل تدريجيا للضغط على يديه، ما تسبب له بالكثير من الألم لدرجة أنه اضطر لأن يطلب من أحد العناصر أن يرفع له بنطاله بعد استعمال الحمام لأنه لم يتمكن من فعل ذلك بنفسه.

في غزة، وضع عناصر الأمن الداخلي المحتجزين في غرفة تسمى "الباص"، حيث يجبر العناصر المحتجزين على الوقوف أو الجلوس في كرسي أطفال صغير لعدة ساعات أو حتى أيام، مع استراحات قليلة. أمضى موظف حكومي في السلطة الفلسطينية، اعتقل بعد أن وسم أحد أصدقائه اسمه في منشور على فيسبوك يدعو للمظاهرات على أثر أزمة الكهرباء، معظم أيامه في مركز احتجاز مدينة غزة للأمن الداخلي يتعرض للإساءة الموضعية في الباص، ما تسبب بشعوره "بألم شديد في الكلى والعمود الفقري" وكأن عنقه "سينكسر" و"جسده يتمزق من الداخل". أما الصحفيان أشرف وفؤاد جرادة فأمضيا معظم شهرهما الأول في الباص، حيث أجبرا من قبل عناصر الأمن على التناوب بين الوقوف والكرسي.

تعتمد القوى الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة بشكل منتظم التهديد بالعنف، والإهانة، والحجز الانفرادي، والضرب، ويشمل هذا جَلْد المعتقلين والفَلَقة على أقدامهم، لحثهم على الاعتراف، ومعاقبة وتخويف النشطاء. عندما رفض عضو حزب التحرير فواز الحرباوي الإجابة على الأسئلة خلال التحقيق، هدده أحد المحققين بكسر ساقيه. وجلد العناصر في مركز احتجاز المخابرات في أريحا طالب الهندسة الجبور وضربوه على جنبه بالخرطوم، أثناء تعريضه لوضعية الشبح وقالوا له، "إذا ما اعترفت في الخليل، راح تعترف هون". وفي جلسة لاحقة، تناوب العناصر بين ركله وضربه بالهراوة، وهم يقولون له، "إنتو بتتبعوا حماس، وهم بيضحكوا عليك. جاييك يوم. إذا ما حكيت راح تشوف إلي عمرك ما شفتو" (أنت من الموالين لحماس وهم يخدعونك. سيأتي يومك إذا لم تتكلم سترى ما لم تره في حياتك). ووضعوه في زنزانة انفرادية، وعزلوه عن باقي السجناء لمدة أسبوع.

في غزة، وبخ أحد العناصر وشاح، الناشط في فتح، بسبب كتابته عن "المواضيع الحساسة" مثل البطالة والإهمال الطبي. قال له، "المرة القادمة، سأسبب لك إعاقة دائمة"، ووضعوه في الباص 3 أيام. وقال أموم، الموالي لدحلان، إن العناصر ضربوا قدميه وصدره بسلك حتى شعر أنه "يفقد الوعي". وقال العناصر لعثمان، الصحفي، إنهم "سينهون مستقبله الصحفي" إذا "انتقد الحكومة أو الجهاز الأمني"، ووضعوه في الباص. بعد شهرين من إطلاق سراحه، غادر عثمان غزة نتيجة لمضايقات ويقول إنه لا ينوي العودة.

كما تعتمد السلطات بشكل منتظم تكتيكات مشابهة، وفي بعض الأحيان مع درجة أكبر من الحدة، مع المحتجزين على خلفية تهم تتعلق بالمخدرات أو جرم آخر بهدف انتزاع اعترافات. في الضفة الغربية، قال صبي عمره 17 عاما إن القوى الأمنية اعتقلته لمدة أسبوع وعذبته بشكل متكرر في أبريل/نيسان 2017. ربط عناصر الشرطة يديه خلف ظهره ورفعوهما ببطء ثم ضربوا أقدامه وساقيه بشكل متكرر بالهراوة. وعندما لم يعد بإمكانه تحمل الألم، اعترف بسرقة بعض المعدات الزراعية. قال ساري سماندر، مقدسي فلسطيني احتجز بعد شجار في الشارع في يونيو/حزيران 2017، إن عناصر شرطة السلطة الفلسطينية نعتوه بـ "المسيحي الخنزير" وقالوا "إنتم بدكم داعش يجيكم"، ولكموه وركلوه وضربوا جسمه بالحائط بشكل متكرر.

في غزة، قال عماد الشاعر، مزارع محتجز بتهمة حيازة المخدرات، إن الشرطة ربطت يديه بسلك موصول بالسقف وأقدامه بالشباك، وتركوه معلق مع جلد أقدامه وجسده بشكل متكرر بسلك، قائلين له، "ستموت هنا إذا لم تتكلم". واعترف الشاعر. رغم قضائه يوم واحد في الاحتجاز فقط، أمضى 5 أيام في المستشفيات وهو ينتقل بين الوعي واللاوعي ويتلقى العلاج لإصابات ارتبطت بمعاملته خلال الاحتجاز، شملت بصق الدم، والفشل الكلوي، وانسداد في وعاء دموي رئيسي، بحسب التقارير الطبية والصور التي راجعتها هيومن رايتس ووتش.

في الضفة الغربية، تجري أصعب حالات المعاملة التي تحدث عنها المحتجزين في مركز الاحتجاز التابع للجنة الأمنية المشتركة في أريحا، حيث يُجبر العناصر المحتجزين على الخضوع لوضعية الشبح بشكل منتظم ويضعونهم لفترات طويلة في زنازين انفرادية صغيرة معزولين عن الآخرين.[3] وقال شاب من بلاطة إن العناصر عرضوه مرتين للصدمات الكهربائية وفي مرة ربطوا سلك حول قضيبه، وإنه شاهد العناصر يخلعون كتف محتجز آخر، بينما كانت يدا هذا المحتجز مربوطتين خلف ظهره، أثناء ضربه بكرسي، وهي رواية أكدتها أسرة المحتجز الآخر بعد أن زارته في مقر الاعتقال.

أثر مخيف

عدا عن الاعتقال والتعذيب، تعتمد السلطات عدة تكتيكات أخرى لمعاقبة وثني النشطاء الآخرين، ومنها مصادرة أجهزتهم الالكترونية، وترك التحقيقات مفتوحة، وإجبار المحتجزين على التعهد بعدم المشاركة في نشاطات معارضة مستقبلية. وغالبا ما يضغط محققو السلطة الفلسطينية وحماس على المحتجزين لتمكينهم من الدخول إلى هواتفهم النقالة وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم. يمكن للحكومات بسهولة استعمال التكنولوجيا لنسخ كافة التفاصيل من الهواتف النقالة المصادرة، وتشمل قوائم الاتصال. قال الصحفي من نابلس طارق أبو زيد إنه أعطى كلمة سر حسابه على فيسبوك لكي يتوقف العناصر عن تعريضه لوضعية الشبح وضربه في مايو/أيار 2016، عندما احتجزوه بسبب نشره تقرير حول تعذيب السلطة الفلسطينية. وبعد أن اعتقلته المخابرات مرة أخرى في أغسطس/آب 2017، حققوا معه حول عدة منشورات على فيسبوك كانوا قد طبعوها. في غزة، منح معلم الرياضيات في "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى" (الأونروا) عبدالله أبو شرخ (54 عاما)، المحتجز بسبب انتقاده تعليقات لقائد حماس تفيد بأن غزة مستقرة ومزدهرة، كلمة السر الخاصة بحسابه على فيسبوك بعد أن هددت السلطات بسجنه 6 أشهر في حال رفض ذلك. بعد 4 اعتقالات بين يناير/كانون الثاني 2017 و يناير/كانون الثاني 2018، وفترات طويلة أمضاها في الباص، قال، "قررت أن أتركهم لوحدهم، حتى يتركوني لوحدي".

في الضفة الغربية، كثيرا ما تطلق السلطة الفلسطينية سراح المحتجزين بدون إسقاط التهم عنهم، حتى تبقى التهم تهدد المحتجزين السابقين وتستعمل كذريعة محتملة للاستدعاءات أو الاعتقالات المستقبلية. تُصعب اللغة المبهمة في أجزاء من قانون العقوبات وقانون الجرائم الالكترونية، الصادر في 2017 والمعدل في 2018، والذي يمنح السلطات صلاحيات واسعة لرصد وتقويض النشاطات الالكترونية، من معرفة الناس أي نوع من التعبير يشكل جريمة.[4] كما تحتجز بشكل مستمر المعارضين أو تستدعيهم إلى التحقيق كإجراء عقابي أو لإسكاتهم.

في غزة، تشترط السلطات باستمرار توقيع تعهد بعدم المشاركة في نوع التعبير السلمي الذي أدى إلى احتجازهم لإطلاق سراح المحتجزين.

انعدام المساءلة

في غزة والضفة الغربية، تمتنع السلطات الفلسطينية روتينيا عن مساءلة القوى الأمنية بشأن الاعتقالات التعسفية أو استعمال القوة المفرطة، أو سوء المعاملة، أو تعذيب المحتجزين. ولم تؤد الرقابة الخارجية إلى وقف الانتهاكات الروتينية، مع أن الرقابة كان ينبغي أن تصبح أقوى بعد انضمام فلسطين في ديسمبر/كانون الأول 2017 إلى البروتوكول الاختياري لـ "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" (اتفاقية مناهضة التعذيب) وبعد بِدأ السلطات بالمداولات حول كيفية إيجاد نظام رقابة يشمل الزيارات الفجائية، كما يتطلب البروتوكول. سجل المواطنون ومجموعات حقوق الإنسان مئات الشكاوى من خلال آليات تظلّم داخلية ضمن كل جهاز. إلا أن السلطات لم تتخذ إجراءات تأديبية في غالبية الحالات، حيث أدى عدد قليل منها إلى عقوبات إدارية أو إحالات إلى الادعاء الجنائي. بالرغم من قدرة المدعين العامين العسكريين على مقاضاة الانتهاكات المرتكبة من قبل أفراد القوى الأمنية بشكل مستقل بغض النظر عن رتبتهم، لم تجد هيومن رايتس ووتش حالة واحدة أدين فيها أحد أعضاء القوى الأمنية بالاحتجاز التعسفي أو إساءة معاملة المحتجزين.

تعني حالات الاعتقالات التعسفية والتعذيب المنتشرة أن السلطات الفلسطينية تنتهك مجموعة من اتفاقيات حقوق الإنسان التي انضمت إليها خلال السنوات الخمس الأخيرة. قالت سلطات حماس في رسالة إلى هيومن رايتس ووتش إنها تلتزم بالتمسك بجميع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها السلطة الفلسطينية. تحدد المعايير القانونية الدولية حقا قويا في حرية التعبير؛ وتمنع التعذيب منعا باتا، بالإضافة إلى منعها للمعاملة القاسية، اللاإنسانية أو المهينة. ويعكس القانون الأساسي الفلسطيني هذه الالتزامات، حيث ينص على أن "لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون". يقيد القانون الأساسي السلطات في الاحتجاز التعسفي وتعذيب المحتجزين.

قالت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب أن "التعذيب يمارس بصورة منتظمة حين يكون من الواضح أن حالات التعذيب المبلغ عنها لم تحصل مصادفة في مكان معين أو في وقت معين، بل يتبين أنها اعتيادية ومنتشرة ومتعمدة في جزء كبير من أراضي البلد المعني على الأقل".[5] بصفتها جريمة تخضع للولاية القضائية العالمية، تلزَم الدول باعتقال والتحقيق مع أي شخص على أراضيها يشتبه بمصداقية في مشاركته في التعذيب في أي مكان ومقاضاته أو تسليمه للعدالة. وتوضح اتفاقية مناهضة التعذيب أن "الممارسين للسلطات العليا – وتشمل المسؤولين العامين – لا يمكنهم تجنب المساءلة أو تجنب المسؤولية الجنائية للتعذيب أو المعاملة المسيئة المرتكبة من قبل المرؤوسين حيثما كانوا يعلمون أو كان عليهم أن يعلموا بأن هذا السلوك غير المقبول كان يحصل، أو كان من المرجح أن يحصل، أو لم يتخذوا الإجراءات الرادعة المعقولة والضرورية".[6]

يشكل التعذيب جريمة ضد الانسانية عندما يكون جزءا من "اعتداء على السكان المدنيين" بطريقة واسعة النطاق أو منظمة، ما يعني أن ارتكاب الجريمة يشكل جزءا من التخطيط الخاص بالدولة أو المنظمة، أو سياسة متبعة من قبلها، وهي قابلة للتقاضي أمام "المحكمة الجنائية الدولية".

تدعو هيومن رايتس ووتش الرئيس عباس إلى التعهد علنا بوضع حد للاعتقالات التعسفية، والتعذيب، وحصانة القوى الأمنية. كما تدعوه إلى تمكين هيئة حكومية مستقبلة من تفتيش أماكن الاحتجاز والتحقيق وملاحقة ادعاءات سوء المعاملة. وينبغي للمدعين العامين الامتناع عن اتهام المدعى عليهم بناء على أقسام مبهمة الصياغة في قانون العقوبات والمستخدمة لتنفيذ الاعتقالات على خلفية النقد السلمي للسلطات، وينبغي للقوى الأمنية التوقف عن اعتقال، واحتجاز، واتهام الأشخاص بسبب المعارضة السلمية.

ينبغي لسلطات حماس أيضا التعهد بوضع حد للاحتجاز التعسفي والتعذيب، وإيجاد آلية للإشراف على ممارسات الاحتجاز لديها. وينبغي للمدعين العامين الامتناع عن توجيه تهم "النيل من الوحدة الثورية" أو "إساءة استخدام التكنولوجيا" لملاحقة الأشخاص على خلفية التعبير النقدي السلمي. كما ينبغي لهم التحقيق بطريقة شاملة، ومحايدة، وسريعة في جميع ادعاءات الانتهاكات، وملاحقة أفراد القوى الأمنية الذين تتوفر أدلة على مسؤوليتهم الجنائية.

ينبغي للسلطات الفلسطينية تنفيذ الاتفاقيات التي صادقت عليها فلسطين، وخصوصا اتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكول الاختياري، وتأسيس هيئة وطنية للإشراف على مواقع الاحتجاز.

تعتمد السلطة الفلسطينية وحماس بشكل كبير على الدعم الخارجي. خصصت الولايات المتحدة 60 مليون دولار أمريكي سنويا على شكل مساعدات غير قاتلة لـ "ضبط المخدرات وإنفاذ القانون" للقوى الأمنية في السلطة الفلسطينية للعام المالي 2018 و35 مليون دولار أمريكي للعام المالي 2019 بهدف "دعم استدامة وفعالية القوى الأمنية في السلطة الفلسطينية ووزارة الداخلية على المدى البعيد".[7] استثنى الكونغرس هذه الأموال من قيود مارس/آذار 2018 على مساعدات الولايات المتحدة إلى السلطة الفلسطينية.[8] تقدم الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وعدد من الدول الأوروبية التدريب وأنواع دعم أخرى لقوى السلطة الأمنية.[9] بالنسبة لحماس، سلط يحيى سنوار في مايو/أيار 2018 الضوء على دعم إيران، مشيرا إلى أنها "قدمت لنا الكثير من الموارد، التي ساعدتنا على تنمية قدراتنا".[10] كما قدمت قطر وتركيا الدعم المالي لسلطات حماس.[11] ينبغي على هذه الدول تعليق مساعدتها لقوى الأمن المتورطة في الاعتقالات التعسفية والتعذيب على نطاق واسع، منها جهازا الأمن الوقائي والمخابرات العامة واللجنة الأمنية المشتركة، التابعة للسلطة الفلسطينية، وجهاز الأمن الداخلي التابع لحماس، إلى أن تأخذ السلطات خطوات ملموسة لإنهاء الاعتقالات التعسفية والتعذيب. الانخراط مع أجهزة الأمن الفلسطينية يجب أن يركز على إنهاء الاعتقالات التعسفية والتعذيب، وضمان المحاسبة على التعذيب، والاعتقالات التعسفية، والجرائم الخطيرة الأخرى.

ينبغي للمدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا اعتبار الاعتقالات ومعاملة المحتجزين من قبل السلطة الفلسطينية وحماس كجزء من أي تحقيق مستقبلي في الوضع القائم في فلسطين. وبسبب الأدلة القوية التي تشير إلى ارتكاب الجرائم في فلسطين منذ العام 2014، دعت هيومن رايتس ووتش بنسودا إلى فتح تحقيق رسمي تماشيا مع "نظام روما الأساسي" الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية.

كما ينبغي أن تدقق منصات التواصل الاجتماعي في الطلبات الحكومية للحصول على بيانات المستخدمين، وتشمل تلك الواردة من السلطة الفلسطينية، وأن تمتنع عن الإفصاح عن البيانات للحكومات عندما قد يساهم الإفصاح في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

تتحدث السلطة وحماس بشكل منتظم عن الاستقلال الفلسطيني والوحدة الفلسطينية، إلا أن احتجاز الخصوم والنقاد وتعذيبهم يقوض أفضل حجة تستخدمانها: الوعد بحرية أكبر. ستتطلب المصالحة الوطنية التعامل مع هذه الانتهاكات الخطيرة، ومساءلة مرتكبيها، وتفكيك آليات الاضطهاد التي تعتمدانها.

التوصيات

إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس

  • التعهد علنا بإنهاء كل من الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والحصانة للقوى الأمنية.
  •  دعوة "المجلس التشريعي الفلسطيني" إلى الانعقاد، بهدف إقرار الإصلاحات الجوهرية لقانون العقوبات.
  • إلغاء قانون الجرائم الإلكترونية وضمان امتثال أي تشريع لاحق للمعايير الدولية وصياغته بطريقة تشاورية مع المجتمع المدني الفلسطيني.
  •  تمكين هيئة حكومية – تماشيا مع آلية الوقاية الوطنية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب – ذات موظفين مستقلين ومهنيين لإجراء زيارات غير معلنة لمواقع الاحتجاز المعروفة والمشتبه فيها، الرسمية وغير الرسمية، والتحقيق في الشكاوى بشأن انتهاكات القوى الأمنية، وملاحقة هذه الشكاوى في محكمة مدنية، والمحافظة على سجل متوفر للعموم يضم الشكاوى المستلمة، والتحقيقات، والنتائج.
  • إصدار تعليمات للمحافظين بالتوقف عن استخدام سلطاتهم التنفيذية لإصدار أوامر الاحتجاز خارج العملية القانونية.

إلى المجلس التشريعي الفلسطيني

  •  مراجعة قانون العقوبات بهدف:
    •  إلغاء البنود التي تجرم التشهير، وتشمل المادة 144 حول إهانة مسؤول حكومي؛ المادة 189 حول القذف في المواد المطبوعة؛ المادة 191 حول الافتراء على مسؤول حكومي؛ والمادة 195 حول إهانة سلطة عليا؛
    • إبطال المادة 150، والتي تجرم خلق "النعرات المذهبية".  
  •  مراجعة القوانين المحلية لضمان امتثالها للالتزامات بموجب الاتفاقيات الدولية، بما فيها تنفيذ التشريعات لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكول الاختياري. ينبغي لذلك أن يشمل التجريم الواضح للتعذيب والجرائم ضد الإنسانية، وضمان التنصيص على مبدأ مسؤولية القيادة في القانون الجنائي.
  •  إنفاذ التشريعات، تماشيا مع القانون الأساسي الفلسطيني وقانون حقوق الإنسان الدولي، التي تمنح المحاكم المدنية الاختصاص القضائي للتحقيق في المخالفات المزعومة من قبل الأجهزة الأمنية ضد المدنيين، ومنهم الصحفيون، وملاحقتها، مع التركيز ولكن بدون حصر على قضايا الاعتقال التعسفي و/أو غير القانوني والانتهاكات بحق المحتجزين.
  •  إيجاد آليات مستقلة وفعالة تعوض جميع الأشخاص الذين تعرضوا للاحتجاز التعسفي.

 

إلى النائب العام للسلطة الفلسطينية أحمد براك

  •  الامتناع عن اتهام المدعى عليهم بناء على المواد 144، 150، 189، 191، و195 من قانون العقوبات، وقانون الجرائم الإلكترونية.
  •  التحقيق، بطريقة شاملة، ومحايدة، وسريعة، في جميع ادعاءات التعذيب ضد موظفي إنفاذ القانون بغض النظر عن رتبتهم وما إذا كانت الضحية أو الأسرة قد قدمت شكوى رسمية.
  •  ملاحقة أفراد القوى الأمنية الذين تتوفر أدلة على مسؤوليتهم الجنائية عن هذه الجرائم، مع ضمان مثول جميع مرتكبي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان أمام العدالة بغض النظر عن الرتبة أو الانتماء السياسي.
  •  توجيه المدعين العامين على جميع المستويات بتنظيم التفتيش المنتظم وغير المعلن في مواقع الاحتجاز المعروفة والمشتبه فيها والتحقيق في جميع ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة.
  •  توجيه المدعين العامين بالامتناع عن اعتماد الاعترافات والأدلة الأخرى التي قد تكون ناتجة عن التعذيب، باستثناء القضايا ضد مرتكبي جرائم التعذيب المزعومين.
  •  توجيه القضاة بعدم اعتماد الاعترافات والأدلة الأخرى التي قد تكون ناتجة عن التعذيب، باستثناء القضايا ضد مرتكبي جرائم التعذيب المزعومين.
  •  نشر البيانات حول عدد التحقيقات المفتوحة، والقضايا المحالة للادعاء، وعدد الإدانات في قضايا الانتهاكات المرتكبة من قبل القوى الأمنية.

 

إلى وزارة الداخلية، والأمن الوقائي، والمخابرات، واللجنة الأمنية المشتركة في السلطة الفلسطينية

  •  وقف اعتقال، واحتجاز، واتهام الأشخاص بسبب النقد السلمي للسلطات.
  •  وقف استعمال وضعية الشبح والتعهد علنا بعدم استعمال هذه التقنية وملاحقة أي عنصر أو ضابط أمني يعتمدها.
  •  ضمان تركيب الكاميرات في أماكن التحقيق في جميع مراكز الاحتجاز.
  •  التعاون بشكل كامل مع أي تحقيقات جنائية في الانتهاكات المرتكبة من قبل القوى الأمنية والاحتفاظ بأي أدلة محتملة على انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة والإفصاح عنها عند الطلب.
  •  نشر أسماء أي عنصر أو ضابط أمني يتعرض للتأديب، والإجراءات التأديبية المتخذة ضدهم بسبب الانتهاكات بحق المحتجزين.

إلى المدعي العام العسكري في السلطة الفلسطينية، اللواء إسماعيل فراج

  •  التحقيق الشامل، والمحايد، والسريع في جميع ادعاءات التعذيب ضد مسؤولي إنفاذ القانون بغض النظر عن الرتبة وما إذا كانت الضحية أو الأسرة قدمت شكوى رسمية.
  •  ملاحقة أفراد القوى الأمنية الذين تتوفر أدلة على مسؤوليتهم الجنائية عن هذه الجرائم، بما يضمن ملاحقة جميع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة بغض النظر عن الرتبة أو الانتماء السياسي.
  • نشر البيانات حول عدد التحقيقات المفتوحة، والقضايا المحالة إلى الملاحقة، وعدد الإدانات بناء على الانتهاكات المرتكبة من قبل القوى الأمنية.

إلى سلطات حماس في غزة

  •  التعهد علنا بإنهاء كل من الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والحصانة للقوى الأمنية.
  •  وقف اعتقال الأشخاص، واحتجازهم، واتهامهم بسبب النقد السلمي للسلطات.
  •  وقف إلزام المحتجزين بالتعهد بعدم ممارسة حقهم في المشاركة بالاعتراض السلمي وانتقاد السلطات كشرط لإطلاق سراحهم.
  • التحقيق الشامل، والمحايد، والسريع في جميع ادعاءات التعذيب ضد مسؤولي إنفاذ القانون بغض النظر عن الرتبة وما إذا كانت الضحية أو الأسرة قدمت شكوى رسمية.
  •  ملاحقة أفراد القوى الأمنية الذين تتوفر أدلة على مسؤوليتهم الجنائية عن هذه الجرائم، بما يضمن ملاحقة جميع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة بغض النظر عن الرتبة أو الانتماء السياسي.
  • نشر أسماء أي ضابط أو عنصر أمني يتعرض للتأديب، والإجراءات التأديبية المتخذة ضدهم بسبب الانتهاكات بحق المحتجزين.
  •  الامتناع عن اتهام المدعى عليهم بناء على قوانين مبهمة، مثل تلك التي تجرم "إساءة استخدام التكنولوجيا" و"النيل من الوحدة الثورية".
  •  وقف ملاحقة المدنيين في المحاكم العسكرية، بما فيه من خلال رفض طلبات القوى الأمنية أوامر الاعتقال ضد المدنيين وطلبات الادعاء العسكري لاستمرار احتجاز المدنيين.
  •  ضمان تركيب الكاميرات في أماكن التحقيق في جميع مراكز الاحتجاز.
  •  منع المدعين العامين من اعتماد الاعترافات والأدلة الأخرى التي قد تكون جمعت من خلال التعذيب، باستثناء القضايا ضد مرتكبي التعذيب المزعومين.
  •  إيجاد آلية لتتبع عدد المحتجزين في جميع أماكن الاحتجاز، ويشمل هذا مراكز يديرها الأمن الداخلي بالإضافة إلى جميع فروع الشرطة العادية، وشرطة المخدرات، ومحققي الشرطة، ونشر هذه الأرقام شهريا.

إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

  • إصدار بيان عام يعبر عن القلق حيال الاعتقالات التعسفية المنهجية التي تنفذها السلطة الفلسطينية بحق المعارضين، والانتهاكات ضد المحتجزين منهم.
  • تعليق المساعدات لقوى الأمن المتورطة في الاعتقالات التعسفية والتعذيب الواسع النطاق، منها أجهزة الأمن الوقائي والمخابرات العامة واللجنة الأمنية المشتركة التابعة للسلطة الفلسطينية، إلى أن تأخذ السلطات خطوات ملموسة لإنهاء الاعتقالات التعسفية والتعذيب. الانخراط مع أجهزة أأمن السلطة الفلسطينية يجب أن يركز على إنهاء الاعتقالات التعسفية والتعذيب، وضمان المحاسبة على التعذيب، الاعتقالات التعسفية، والجرائم الخطيرة الأخرى.

إلى قطر، وإيران، وتركيا

  •  إصدار بيان علني يعبر عن القلق حيال الاعتقالات التعسفية المنتظمة للمعارضين من قبل حماس والإساءة إلى المحتجزين منهم.
  •  تعليق المساعدات لقوى الأمن المتورطة في الاعتقالات التعسفية والتعذيب على نطاق واسع، منها جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس، إلى أن تأخذ السلطات خطوات ملموسة لإنهاء الاعتقالات التعسفية والتعذيب. الانخراط مع أجهزة الأمن التابعة لحماس يجب أن يركز على إنهاء الاعتقالات التعسفية والتعذيب، وضمان المحاسبة على التعذيب، الاعتقالات التعسفية، والجرائم الخطيرة الأخرى.

إلى المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا

  •  فتح تحقيق رسمي في الجرائم الخطيرة المرتكبة في فلسطين.
  •  اعتبار الاعتقالات ومعاملة المحتجزين لدى السلطة الفلسطينية وحماس، ويشمل هذا استعمال التعذيب والاحتجاز التعسفي، جزءا من التحقيقات المستقبلية في الوضع القائم في فلسطين.

إلى شركات وسائل التواصل الاجتماعي ومقدمي خدمات الإنترنت

  •  دراسة الطلبات الحكومية للاطلاع على بيانات المستخدمين، وتشمل تلك الواردة من السلطات الفلسطينية، والامتناع عن الإفصاح عن بيانات المستخدمين حيثما قد يساهم الافصاح في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما يشمل الانتقام بسبب التعبير السلمي عن الرأي.
  •  السماح للأفراد الذين يواجهون مخاطر الانتقام بسبب التعبير السلمي عن الرأي على وسائل التواصل الاجتماعي باستعمال الأسماء المستعارة على منصاتكم.

إلى اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

  •  التقدم بطلب لتنظيم زيارات مفاجئة إلى مراكز الاحتجاز التي تديرها السلطة الفلسطينية وحماس، بحسب شروط البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والذي انضمت إليه فلسطين في ديسمبر/كانون الثاني 2017.

إلى دولة فلسطين

  •  إرسال دعوات مفتوحة إلى المقرر الخاص في الأمم المتحدة لتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص للتعذيب، والمقرر الخاص لاستقلال القضاء، ومجموعة عمل الأمم المتحدة حول الاحتجاز التعسفي، واللجنة الفرعية للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، ومكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية لدراسة الانتهاكات ذات الصلة في فلسطين.
  •  التعاون مع اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، حتى لو منعتهم إسرائيل من الدخول، ونشر التقارير الصادرة عنهم فورا.

المنهجية

يركز هذا التقرير على حالات الاحتجاز من قبل السلطة الفلسطينية وحماس التي تمت في عامي 2016 و2017، بالرغم من إشارته في بعض المواضع إلى أحداث أقدم من ذلك. ويقيّم التقرير أساسا الاعتقالات بحد ذاتها والمعاملة أثناء الاحتجاز، ولا يبحث بعمق في الإجراءات القانونية ضد المحتجزين. كما لا يحقق في احتجازات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وغزة، والتي غطتها هيومن رايتس ووتش في مواضع أخرى.

بُني هذا التقرير أساسا على مقابلات أجريت في مواقع مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة من سبتمبر/أيلول 2016 إلى سبتمبر/أيلول 2018. وأجرت هيومن رايتس ووتش ما مجموعه 147 مقابلة، 95 منها مع محتجزين سابقين و52 منها مع المحامين، وممثلي المنظمات غير الحكومية، وطبيب، وأقارب المحتجزين.

في الضفة الغربية، تحدثت هيومن رايتس ووتش مع 47 محتجزا سابقا، و10 من أفراد الأسر، و6 محامين، و17 ممثلا عن منظمات غير حكومية.

في غزة، قابلت هيومن رايتس ووتش 48 محتجزا سابقا، و10 من أفراد الأسر، و4 محامين، و4 ممثلين عن منظمات غير حكومية، وطبيب.

أجريت المقابلات بشكل عام على انفراد وباللغة العربية، وجميعها بموافقة المستجيبين. قالت هيومن رايتس ووتش لجميع المستجيبين كيف ستستعمل المعلومات المقدمة. حجبت هيومن رايتس ووتش أسماء بعض المحتجزين لسلامتهم، ومنحتهم بدلا من ذلك أسماء مستعارة، والتي يشار إليها عند أول ذكر لها بين علامات اقتباس.

في بعض الحالات، تمكنت هيومن رايتس ووتش من مراجعة الأدلة الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو، والتقارير الطبية، وقرارات المحاكم، والوثائق ذات الصلة، ذكر بعضها أو نسخت وشملت في التقرير.

راسلت هيومن رايتس ووتش المخابرات، والأمن الوقائي، والمدعي العام العسكري، ووزارة الداخلية/رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى الأمن الداخلي، ووزارة الداخلية، ووزارة العدل، ومكتب حماس السياسي في غزة، طالبة وجهات نظرهم بشكل عام حول القضايا المدرجة في التقرير. ولم تطلب هيومن رايتس ووتش عموما إجابة من الأجهزة الأمنية حول قضايا فردية تم توثيقها في التقرير حفاظا على سلامة المحتجزين السابقين.

تلقت هيومن رايتس ووتش إجابات ذات مغزى من المخابرات، والأمن الوقائي، والاستخبارات العسكرية، والشرطة، ووزارة الداخلية في السلطة الفلسطينية، كما اجتمعت مع استخبارات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. في غزة، أرسلت وزارة الداخلية، ووزارة العدل، والشرطة التابعة لحماس إجابات مفصلة على رسائل هيومن رايتس ووتش. كما أجاب مكتب حماس السياسي، مشيرا إلى ضرورة إحالة جميع الأسئلة إلى السلطة الحكومية الرسمية. أدرجنا الإجابات التي استلمناها في هذا التقرير وأعدنا طباعتها كاملة، في الملحقات.

رفضت السلطات العسكرية الإسرائيلية منح هيومن رايتس ووتش إذن الدخول إلى غزة للاجتماع مع سلطات حماس حول هذه القضايا. القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول الحقوقيّين إلى قطاع غزة والخروج منه صعّبت عمل الباحثين العاملين على هذا التقرير والتحقيق في القضايا الحساسة.[12]

الخلفية

في مارس/آذار 2006، بعد شهرين من فوز السلطة الوطنية الفلسطينية بالانتخابات في الضفة الغربية وغزة، شكلت حماس حكومة يرأسها إسماعيل هنية. ومنذ ذلك الوقت، لم يجتمع المجلس التشريعي الفلسطيني بنصاب قانوني، بسبب اعتقال اسرائيل للعشرات من أعضاء حماس المنتخبين، والمعارضة الدولية لدور حماس في الحكومة، والخلافات السياسية بين "فتح" و"حماس".[13]

في يونيو/حزيران 2007، بعد أشهر من الاشتباكات بين فتح وحماس، سيطرت حماس على المرافق الأمنية والأبنية الحكومية في غزة. ردا على ذلك، حل الرئيس عباس حكومة الوحدة التي اتفقت فتح وحماس على تشكيلها قبل 4 أشهر، وعزل قائد حماس إسماعيل هنية كرئيس للوزراء، وأعلن حالة الطوارئ، وعين حكومة طوارئ.[14]

منذ ذلك الوقت، حكمت حماس غزة في حين حكمت السلطة الفلسطينية بقيادة فتح الضفة الغربية. وشكلت الأطراف حكومات وحدة في مراحل مختلفة خلال السنوات الـ 11 الماضية، كانت آخرها في أكتوبر/تشرين الأول 2017، مع استمرار حماس والسلطة الفلسطينية في السيطرة على الأجهزة الأمنية في غزة والضفة الغربية، وإدارة الوزارات الحكومية المتوازية.

كما سجنت السلطات الاسرائيلية مئات آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة منذ 1967، غالبيتهم بعد محاكمتهم في المحاكم العسكرية، مع نسبة إدانة قاربت 100 بالمئة.[15] كما وضعت إسرائيل ما معدله المئات كل عام في الاحتجاز الإداري باستخدام أدلة سرية بدون تهم أو محاكمة. واحتُجز أو سُجن البعض بسبب مشاركتهم في النشاطات السلمية.[16] ويواجه الكثير من المحتجزين، ومنهم الأطفال، الظروف القاسية وسوء المعاملة.[17]

I. الضفة الغربية

منذ تأسيسها في سبتمبر/أيلول 1993، قامت السلطة الفلسطينية بقيادة فتح باعتقال عشرات المنتقدين تعسفا وأساءت معاملة المحتجزين لديها. في السنوات الأخيرة، كانت المخابرات، والأمن الوقائي، واللجنة الأمنية المشتركة أجهزة السلطة الأكثر تورطا في احتجاز المشتبه في دعمهم أو مشاركتهم في حماس أو الجماعات الاسلامية الأخرى، أو المشاركين في انتقاد السلطة أو أجهزتها الأمنية، أو أنواع أخرى من المعارضة السلمية.

قال الأمن الوقائي في رسالة إلى هيومن رايتس ووتش أنه احتجز في السنوات 2016 و2017 ما مجموعه 220 شخص بسبب كتابتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، و65 طالبا جامعيا، وصحفيَّين. وبرر الأمن الوقائي هذه الاعتقالات على أساس "أنشطة مخالفة للقانون"، ومنها التعبير، "خارجة عن نطاق الانتقاد والتعبير عن الرأي الآراء" والذي "يعرض حياة المواطنين للخطر الحقيقي". وبشكل خاص، ربطت الرسالة نشاطات المحتجزين بسبب كتابتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى الطلبة والصحفيين، التي تكون "مستقاة وداعمة لأفكار جرائم ميليشيات الانقلاب في قطاع غزة. كما عبّر الأمن الوقائي عن أمله في أن تؤدي الاعتقالات إلى "إعادتهم إلى طريق النظام والقانون وإبعادهم عن الفكر المغلق".  

حتى أبريل/نيسان 2018، قال الأمن الوقائي إنه يحتجز 125 شخصا وادعت المخابرات أنها تحتجز 61.

لم تطلب هيومن رايتس ووتش من هذه الأجهزة الأمنية الاستجابة على قضايا فردية موثقة في هذا القسم، إلا أن الأجهزة ردت بالعموميات على ادعاءات الاعتقال التعسفي والتعذيب. وتنكر جميع الجهات الأمنية الاعتقالات التعسفية، قائلة إنها تلتزم بشكل تام للإجراءات القانونية. قالت الشرطة في رسالة إلى هيومن رايتس ووتش إن عناصرها في الأعوام 2016 و2017 لم يقوموا "بإلقاء القبض بشكل تعسفي على خلفية حرية التعبير عن الرأي أو... الانتماء السياسي أو الحزبي". وأدلى الأمن الوقائي والمخابرات بتصريحات مشابهة.

كما احتجزت السلطات العشرات إداريا تبعا لقانون من عام 1954 بناء على أوامر المحافظ.[18] لا تتوفر أرقام رسمية حول عدد الاعتقالات الإدارية، إلا أن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان سجلت عام 2017 ما مجموعه 103 حالات، ووثقت مجموعة الحقوق الفلسطينية "الحق" 50 حالة.[19] يترك هذا النوع من الاحتجاز المحتجزين في حالة غموض فيما يتعلق بأساس ومدة احتجازهم، ويحرمهم من الإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة. قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: "لا تنسجم الممارسة الروتينية للاحتجاز بناء على السلطة الممنوحة للمحافظ مع القانون الدولي، وهي تثير مشاغل تتعلق بالاحتجاز التعسفي، وسيما بالنظر إلى أن المحافظين يستخدمون هذه السلطة، على ما يبدو، لاحتجاز المعارضين السياسيين أساسا".[20]

كما قالت جميع الأجهزة بشكل قطعي إنها ترفض التعذيب ولا تمارس الشبح. تعرض رسالة من وزارة الداخلية في السلطة الفلسطينية سلسلة "سياسات وإجراءات خاصة بمنع التعذيب"، وتشمل الملصقات التي قالت إنها أرسلتها لوضعها في جميع مرافق الاحتجاز والتي تفصّل حقوق المحتجزين. وقال الأمن الوقائي أنه لم تكن هناك حالات شبح عام 2016، "حسب تعليمات قائد الجهاز الشفوية والمكتوبة". كما قال محامو المخابرات لـ هيومن رايتس ووتش إن الشبح يشكل تعذيبا وبذلك فهو محظور.

بالإضافة إلى الاعتقالات التعسفية والتعذيب، اتخذت السلطة الفلسطينية خطوات أخرى لتقييد المعارضة، ومنها حجب 29 موقعا اخباريا على الأقل في الضفة الغربية، وهي مواقع تُعتبر متعاطفة مع حماس، وفصائل فتح المعارضة للرئيس عباس.[21] كما تتهم منظمات المجتمع المدني السلطة الفلسطينية بالتنصت على هواتف المحامين، والصحفيين، وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، وتسريب مقاطع مختارة من محتويات المكالمات.[22]

المعارضة السياسية

أسامة النبريصي، قلقيلية

اعتقل الجيش الإسرائيلي أسامة النبريصي في أوائل العام 2000 وحكمت عليه المحكمة العسكرية الاسرائيلية بالسجن 12 عاما بتهمة وضع قنابل المولوتوف بالقرب من مستوطنة على حد تعبيره.[23] خلال فترة احتجازه، انضم إلى جناح حماس العسكري – ينضم الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية إلى الفصائل السياسية، والتي ترعى احتياجات أعضائها وتلعب دورا اجتماعيا أساسيا للمحتجزين. منذ إطلاق سراحه في أكتوبر/تشرين الأول 2014، قال النبريصي، الذي عمره 38 عاما وهو عاطل عن العمل، لـ هيومن رايتس ووتش إن القوى الأمنية الفلسطينية اعتقلته 15 مرة على الأقل، كانت أول مرة بعد يومين من إطلاق سراحه من سجن إسرائيلي، معظمها بناء على أوامر محافظ قلقيلية وبدون تهمة، وحققت معه بشكل أساسي حول نشاطاته وعلاقاته مع زملائه في السجن الإسرائيلي. في ديسمبر/كانون الأول 2014، اتهمه المدعون العامون للسلطة الفلسطينية "بجمع وتلقي أموال غير مشروعة"، إلا أن محكمة في قلقيلية برأته من جميع التهم في مارس/آذار 2015.

في مساء 8 أبريل/نيسان 2016، اعتقله حوالي 30 عنصر أمن وقائي يحملون الهراوات، ويلبس بعضهم الأقنعة، من منزله في قلقيلية بناء على أوامر محافظ المدينة، كما قال. وحوّله العناصر إلى مقر الأمن الوقائي في قلقيلية وأجبروه على الوقوف بمواجهة الحائط مع وضع يديه خلف ظهره لمدة 3 ساعات تقريبا. ثم تركه العناصر طوال الليل في زنزانة فيها مياه مجارير وبدون فراش أو أغطية.

في اليوم التالي، أخذه العناصر إلى غرفة التحقيق وسألوه مجددا عن نشاطاته عندما كان محتجزا من قبل إسرائيل، وبمن تقرب، وممن أخذ الدروس. في حوالي الساعة 1 صباحا من تلك الليلة، قال إن المحقق ضرب بعنف باب زنزانته بالهراوة، وأخذه إلى غرفة التحقيق، وقال "راح نغلبك في الحياة لحتى تحكي" (سنجعلك تعاني حتى تتكلم). وأجبره العناصر على الجلوس في كرسي بلاستيكي بعد ربط يديه خلف ظهره ووضع رأسه في الأسفل بين رجليه، وتركوه في تلك الوضعية حتى الساعة 6 صباحا من اليوم التالي. في اليوم التالي، قال إن الضباط حققوا معه مرة أخرى لمدة ساعتين في المساء مع تكبيل يديه خلف ظهره، فازرقّت يداه وتركت الأصفاد آثارا على رسغيه.

قال إن الضباط أطلقوا سراحه بدون عرضه على النيابة العامة أو المحكمة، بعد أن بدأ إضرابا عن الطعام. وأضاف النبريصي أن الاعتقالات المتكررة أثرت بشكل كبير على أسرته، وخصوصا زوجته، التي تزوجها عام 2015 بين فترات اعتقاله وكانت حامل خلال آخر اعتقال له، قائلا إنها كثيرا ما تسأله وهي تبكي، "لمتى هذه الحياة معهم؟"

حمدان السيد، رام الله

يوم 13 أبريل/نيسان 2017 بعد الظهر، اعتقل عناصر المخابرات حمدان السيد، وهو أب لطلفين وعمره 33 عاما، والذي يُدرس الرياضيات في جامعة بيرزيت ومدرسة ثانوية في البيرة، مدينة مجاورة لرام الله، من دوار المنارة وسط رام الله، إلا أنها أطلقت سراحه حوالي الساعة 6 مساء. بعد ساعتين، قال السيد لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر المخابرات جاؤوا لاعتقاله من منزله وحولوه إلى مقر الجهاز في رام الله. وسأله العناصر إن كان قد شارك في نشاطات نظمتها حماس، وعن رجلين: مهند الحلبي، عضو في "حركة الجهاد الإسلامي" والذي قتلته القوات الاسرائيلية بعد طعن إسرائيليين حتى الموت في القدس،[24] ومهند القيق، والذي أضرب عن الطعام 94 يوما عام 2015، والذي أعادت إسرائيل اعتقاله ووضعته في الاحتجاز الاداري في يناير/كانون الثاني 2017. وسأله الضباط، الذين اعتقلوا السيد مرتين عام 2015 بعد أن شارك في المظاهرات تضامنا مع إضراب القيق عن الطعام، عن أسماء الأشخاص الذين شاركوا في الجهود التي دعمت القيق. بعد أيام، أضرب أكثر من 1,000 سجين فلسطيني عن الطعام للاعتراض على الظروف في السجون الاسرائيلية.[25]

بين جلسات التحقيق يومي 14 و15 أبريل/نيسان، قال السيد إن العناصر غطوا رأسه بكيس من القماش وأجبروه على الوقوف في وسط مركز الاحتجاز ورفع يديه لساعتين. أطلقوا سراحه يوم 15 أبريل/نيسان بدون عرضه على النيابة.  

كما اعتقلت المخابرات السيد في ديسمبر/كانون الأول 2016، تحت تهديد السلاح ومن وسط رام الله أثناء حضوره مسيرة عيد الميلاد مع زوجته. وقال السيد إن العناصر، بدون التعريف عن أنفسهم، أمسكوه بالقوة بعد أن شاهدوه يعطي المال لأخيه الأصغر. وعندما قاوم، أخرجوا أسلحتهم وصرخوا بأنهم مخابرات، وضربه أحد العناصر بكعب سلاحه على ظهره وضربه آخر على قدميه، مما تسبب بوقوعه أرضا وكسر نظاراته. وأضاف أن العناصر اعتقلوا أخيه وضربوا زوجته. دام اعتقال السيد يومين، وسألوه عن المال وعن علاقاته مع أعضاء حماس الآخرين، قبل إطلاق سراحه بدون عرضه على النيابة.

وسائل التواصل الاجتماعي

عيسى عمرو، الخليل

يوم 3 سبتمبر/أيلول 2017، انتقد عيسى عمرو، ناشط بارز عمره 38 عاما ومنسق "شباب ضد الاستيطان"، في منشور على فيسبوك، اعتقال قوات السلطة الفلسطينية الأمنية للصحفي أيمن القواسمة من الخليل، الذي طالب باستقالة الرئيس عباس ورئيس الوزراء الحمدالله. بعد حوالي ساعة، تلقى عمرو مكالمة من أسرته، التي قالت له إن سيارتين تقلان 10 عناصر بلباس مدني من الأمن الوقائي اصطفت أمام منزله. اتصل بأحد معارفه من الأمن الوقائي، الذي قال له إن عليه أن يسلم نفسه، كما روى لـ هيومن رايتس ووتش. تجنب منزله في تلك الليلة، ولكن حوالي الساعة 10 صباحا من اليوم التالي، قال له الأمن الوقائي إن الرئيس عباس أصدر أمرا باعتقاله.[26]

ذهب عمرو إلى مقر الجهاز في الخليل حوالي الساعة 11:30 صباحا. في وقت لاحق من ذلك اليوم، أمره العناصر بفتح صفحته على فيسبوك إلا أنه رفض. عندما سأل عمرو عن وضعه في المساء، قال له العناصر أن ينام في زنزانة حتى يقرروا في اليوم التالي.

في منتصف الليل يوم 6 سبتمبر/أيلول، حقق معه 4 عناصر بلباس مدني لثلاث ساعات عن نشاطاته، وقالوا له إن احتجاجاته تمنح إسرائيل عذرا لإغلاق أجزاء أخرى من مدينة الخليل، وإن نشاطاته تحكمها "المصلحة الشخصية". حوالي الساعة 11 صباحا، مثل عمرو أمام المدعين العامين، الذين أمروا بتمديد اعتقاله لمدة 24 ساعة للتحقيق معه بتهمة "إطالة اللسان على مقامات عليا" و"التشهير" ببلدية الخليل، والتي تشكل جرائم في القانون الفلسطيني، بحسب عمرو. وفي حوالي الساعة 6 مساء، سأله الضباط عن عمله مع شباب ضد الاستيطان، وروابطه مع منظمات حقوق الإنسان الأخرى، ووسائل الاعلام المختلفة، ورأيه بالرئيس الفلسطيني، وسبب انتقاده للسلطة الفلسطينية ودفاعه عن الصحفيين المحتجزين.

في اليوم التالي، اتهمه الادعاء "بإثارة النعرات المذهبية" و"إطالة اللسان على مقامات عليا" بحسب قانون العقوبات الفلسطيني، والمادة 20(1) من قانون الجرائم الالكترونية للعام 2017 "إنشاء موقع الكتروني لنشر ما يمس النظام العام للدولة للخطر"، تبعا للائحة اتهام راجعتها هيومن رايتس ووتش.[27] على هذا الأساس، مددت المحكمة احتجازه 4 أيام. وفي تلك الليلة، قال ضابط لعمرو إن القوى الأمنية أمرت بإطلاق سراحه، إلا أن عليه تأمين أمر بإطلاق سراحه من المحكمة، والتي ستفتح بعد يومين. إلا أن العناصر استمروا بالتحقيق معه حول نشاطاته ورأيه بالرئيس عباس، واتهموه بالتخطيط لقيادة "انقلاب" ضد السلطة الفلسطينية، و"تدمير المشروع الوطني الفلسطيني،" والعمل مع "وكالة المخابرات المركزية" في الولايات المتحدة، والمستوطنين الاسرائيليين.

يوم 10 سبتمبر/أيلول، أطلق العناصر سراح عمرو بعد أن دفع كفالة 1,000 دينار أردني (1,410 دولار أمريكي)، إلا أنهم احتفظوا بهاتفيه الخلويين، قائلين إن قضيته ما زالت قائمة. لكن عمرو قال إنه لم يسمع أي شيء آخر عن القضية. وما زال عمرو أيضا يواجه التهم في المحكمة العسكرية الإسرائيلية بسبب دوره في المظاهرات.[28]

حمزة زبيدات، أريحا

يعمل حمزة زبيدات (31 عاما) كمنسق مشاريع لـ "مركز العمل التنموي/ معا" ويغطي منطقة الأغوار. ويقول إن السلطات استدعته على الأقل 4 مرات على مدى السنوات الماضية، غالبا بسبب منشوراته على فيسبوك. يوم 9 مايو/أيار 2016، تلقى استدعاء من الأمن الوقائي وذهب إلى مقرهم في أريحا، وهناك اعتقلته القوى الأمنية مباشرة. قال زبيدات إن الضابط سأله عن سبب اعتقاله، وأجابه، "اعتقال سياسي". وقال إن الضباط نعتوه بالكاذب، وسألوه، "شو السلطة عاملتلك، إنت ما بتدفع كهرباء؟" أنكر زبيدات أنه كاذب وحينها ضربه الضابط وأوقع نظاراته. ثم قرأ ضابط آخر أحد منشورات زبيدات على فيسبوك نشره قبل شهرين، الذي كتب فيه، "سنناضل ضد السلطة كما نناضل ضد الاحتلال". وسألوه، "شو مالك علينا، لشو بتضلك تسب على الرئيس؟" دافع زبيدات عن حقه في التعبير وانتقاد السلطات، مما أدى بتهديد أحد العناصر بسجنه. كما سأله العناصر عن انتمائه السياسي، وعما يشاركه على فيسبوك، ولماذا ينتقد السلطة الفلسطينية وليس حماس.

في اليوم التالي، 10 مايو/أيار، قال العناصر لزبيدات إنه سيمثل أمام النيابة العامة، إلا أنه لم يمثل أمامها أبدا وقال له ضابط في وقت لاحق إن احتجازه مُدد 15 يوما. ولكن في تلك الليلة، أطلقت القوى الأمنية سراح زبيدات بدون أمر رسمي. ولم يسمع منذ ذلك الوقت عن القضية أو ما إذا كان ما زال يواجه التهم.

الصحفيون

جهاد بركات، طولكرم

في عصر يوم 6 يوليو/تموز، أخذ جهاد بركات، 29 عاما، وهو من سكان رام الله وصحفي مع "ميديا بورت"، شركة فلسطينية للإنتاج الإعلامي مقرها لبنان، تاكسي مشترك من نابلس إلى طولكرم، وهي مدينة في شمال غرب الضفة الغربية، بحسب ما قال لـ هيومن رايتس ووتش. أثناء وقوفه على الحاجز العسكري الإسرائيلي الدائم في عناب، في وسط طولكرم، لاحظ بركات موكبا يضم 3 سيارات خلف التاكسي، والذي حدد هويته جراء خبرته الصحفية على أنه موكب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله.[29]

بالرغم من وجود رئيس الوزراء في الموكب، كان ينتظر على الحاجز في مسار السيارات العادية، بدون تلقي أي معاملة خاصة على ما يبدو. أثناء وجوده داخل التاكسي، التقط بركات 4 صور للموكب الواقف على الحاجز من هاتفه الخلوي، وقال بركات إن رئيس الوزراء وعناصر الأمن لم يظهروا في أي من الصور. بعد تخطي الحاجز الاسرائيلي، أوقفت آخر سيارة في الموكب تاكسي بركات. وسأل رجلان بلباس مدني السائق عن الشخص الذي التقط الصور، وعرّف بركات بنفسه ثم قدم هويته وبطاقته الصحفية حسب الطلب. كما طلبوا هاتف بركات الخلوي. عندما رفض، طلبوا منه أن يخرج من التاكسي.

وضعوا بركات في سيارة مدنية وأخذوه إلى مقر الأمن الوقائي في طولكرم، على حد قوله، وهناك سألوه عن سبب التقاطه للصور، ومع من يعمل. كما طلبوا منه كلمة السر لهاتفه، ورفض بركات. قالت القوى الأمنية له إنه قيد الاعتقال وصادرت هواتفه النقالة وحاسوبه النقال، ولم يوضحوا أسباب الاعتقال، إلا أن معظم الأسئلة ركزت على الصور، ثم تركوه في زنزانة لليوم التالي.  

في اليوم التالي، طلب منه 3 محققين مرة أخرى كلمات السر لهاتفه الخلوي والحاسوب النقال، وعندما رفض، هدد أحد المحققين بركات "سننقلك إلى مكان يمكنك أن تتفاهم معهم ويتفاهموا معك". فهم بركات أن هذا يعني نقل القوى الأمنية إياه إلى مقر احتجاز اللجنة الأمنية المشتركة في أريحا، حيث كان يعتقد بأنه سيتعرض لمخاطر سوء المعاملة والتعذيب. وقال إن المحققين سألوه أيضا عن آرائه حول العلاقات بين حماس ومحمد دحلان، قائد في فتح معارض للرئيس عباس، وانتمائه السياسي ونشاطاته خلال سنواته كطالب جامعي. نقلت القوى الأمنية بركات في عصر ذلك اليوم إلى مقر الأمن الوقائي في بيتونيا بالقرب من رام الله. وفي تلك الليلة، كما قال، استجوبه المحققون مرة أخرى حول آرائه فيما يتعلق بالأحداث السياسية القائمة في 3 جلسات منفصلة وهددوا باحتجازه 15 يوما.

قال بركات إن المدعي العام اتهمه "بالتواجد في ظروف" تشير إلى "غاية غير مشروعة أو غير لائقة"، ويوم 8 يوليو/تموز، مدد اعتقاله لمدة 48 ساعة إضافية.[30] في اليوم التالي، مثل بركات مرة أخرى أمام المدعي ووافق على حذف الصور الأربعة، والتي قال إنه لم ينشرها أبدا. وطلب منه العناصر أن يفتح هاتفه لضمان حذفه للصور. أطلق العناصر سراح بركات يوم 9 يوليو/تموز، ولكن احتفظوا بهاتفه وحاسوبه لمدة 16 يوم إضافية. يوم 4 يناير/كانون الثاني 2018، برّأت محكمة صلح رام الله بركات. نص قرار المحكمة الذي راجعته هيومن رايتس ووتش على أن التقاط صور لموكب رئيس الوزراء أثناء تواجده في شارع عام خلال ساعات العمل لا يشكل "غاية غير مشروعة أو لائقة" أو ينتهك خصوصية رئيس الوزراء، وأن العناصر لم يملكوا أمر اعتقال قانوني لاحتجاز لبركات. واستأنف الادعاء القرار، ولكن محكمة عليا رفضت الاستئناف.

ممدوح حمامرة، بيت لحم

يقول ممدوح حمامرة، وهو صحفي عمره 34 عاما مع "قناة القدس الفضائية"، والتي تعتبر متعاطفة مع حماس، إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية استدعته 14 مرة منذ العام 2009 بسبب كتاباته، ومرة بسبب مقارنة الرئيس عباس بشخصية من مسلسل تلفزيوني شهير.

يوم 8 أغسطس/آب 2017، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن رجالا بلباس مدني أوقفوه في الشارع في حوسان، وهي قرية إلى الغرب من بيت لحم حيث يقطن والداه، وأبرزوا له استدعاء من المخابرات. اعتقلوه ونقلوه إلى مقر الجهاز في بيت لحم. كما اعتقلت قوات السلطة الفلسطينية على الأقل 4 صحفيين آخرين في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية خلال اليومين التاليين، كطريقة للضغط على حماس لإطلاق سراح الصحفي المناصر لفتح، فؤاد جرادة، والذي احتجزته سلطات حماس في غزة يوم 9 يونيو/حزيران 2017.

وفي 9 أغسطس/آب، قالت النيابة العامة إنها لن تتهم حمامرة "على أمل" أن تطلق حماس سراح جرادة وبالتالي تسمح لهم بإطلاق سراح حمامرة، بحسب قوله.[31] إلا أن النيابة اتهمته باليوم التالي تبعا لقانون الجرائم الالكترونية لعام 2017، مدعية أنه نشر منذ العام 2008 مواد على مواقع "مرتبطة بميليشيات حماس بهدف تقويض الأمن، والنظام العام الداخلي، والمجتمع". ومن ثم مددت احتجازه 5 أيام، ما دفعه إلى الإضراب عن الطعام.

خلال أول 3 أيام من الاحتجاز، حققت المخابرات مع حمامرة يوميا عن حياته الشخصية وعمله الصحفي. في اليوم الرابع، عندما رفض الخضوع للتحقيق؛ أجاب العناصر بأنهم سيرغمونه على ذلك، كما قال لـ هيومن رايتس ووتش. صفعوه، وضربوا جسده بالحائط، ومسكوه من عنقه، وهددوا بضربه بخرطوم بلاستيكي، ووضعه في مواضع مؤلمة وتؤدي إلى الإجهاد، وإخضاعه للشبح أو التعذيب الموضعي. وقال له الضباط أنه جنى على نفسه قائلين "بدك تفك إضرابك"، والذي أعلن عنه بعد وقت وجيز من احتجازه.

تحدثت هيومن رايتس ووتش مع صحفيَّين آخرَين لهما إصدارات تعتبر مناصرة لحماس، احتجزوا خلال نفس الأسبوع بظروف مشابهة: أحمد حلايقة من قناة القدس الفضائية في الخليل، المعتقل من منزله حوالي منتصف الليل يوم 9 أغسطس/آب، وسألوه عن تقاريره التي تنتقد السلطة الفلسطينية ومنشوراته على فيسبوك التي "تسببت بالفتنة؛"[32] وطارق أبو زيد من "قناة الأقصى" في نابلس، المحتجز يوم 6 أغسطس/آب، حوالي الساعة 11 مساء وسألوه عن منشوراته على فيسبوك التي تنتقد رئيس الوزراء الفلسطيني، والحكومة السعودية، واعتقال صحفي آخر من قناة الأقصى، وخطبة في المسجد المحلي.[33]

أطلقت السلطات سراح حمامرة، الحلايقة، أبو زيد، والصحفيَّين الآخرَين يوم 14 أغسطس/آب 2017، بعد يوم من إطلاق سراح جرادة من قبل حماس. لم يسمع حمامرة أي شيء آخر منذ إطلاق سراحه عن القضية أو ما إذا كان سيواجه تهما.

أنكرت المخابرات لـ هيومن رايتس ووتش علاقة هذه الاعتقالات بجرادة، مدعية أنها تتعلق "بمعلومات استخبارية" ذات صلة بـ "تورطهم"[34] في التحريض والتظاهر ضد السلطة الفلسطينية.[35]

في يونيو/تموز 2018، أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي أن قناة القدس الفضائية منظمة إرهابية ومنعها من العمل في إسرائيل.[36]

محمد الحاج، رام الله

يوم 14 سبتمبر/أيلول 2017، اتصل عنصر من المخابرات العسكرية بمحمد الحاج، وهو مصور صحفي مستقل، لاستدعائه إلى مقرهم في رام الله، بعد استدعاء أخيه في وقت سابق من نفس اليوم. عند وصوله، حقق معه ضابط عن مذكرة وزارة الداخلية التي نشرها على فيسبوك، والتي توجه القوى الأمنية إلى الاستمرار بالتنسيق الأمني مع إسرائيل بالرغم من إعلان الرئيس عباس عن وقف هذا التنسيق.[37] وقال الحاج لـ هيومن رايتس ووتش إن الضابط قال "في ناس متضايقين منك" منذ نشره للمذكرة.

كما سأله الضابط عن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به وعن كلمات السر لحساب البريد الالكتروني، بحسب طلب الادعاء على حد تعبيره، إلا أن الحاج رفض ذلك. وقال الحاج إنه رأى ورقة على مكتب الضابط من شركة خدمات الانترنت شملت تاريخ التصفح الإلكتروني الخاص به. كما طلب الضابط من الحاج تسليم هاتفه، وهدد بالتحقيق معه ومع أخيه إذا رفض ذلك. امتثل الحاج، ومنحهم كلمات السر الخاصة به، وطلب منه الضابط أن يعود بعد عدة أيام لاستعادته.

عند عودته بعد عدة أيام، طرح عليه نفس الضابط أسئلة عن صحفيين محددين يعرفهم. أجاب الحاج بأنه لا يستطيع الإجابة على الكثير من أسألتهم. تركه الضابط يغادر في وقت لاحق من ذلك اليوم مع هاتفه الخلوي، إلا أنه طلب منه العودة في اليوم التالي. أخذ الحاج هاتفه إلى محل للهواتف الخلوية، وقيل له هناك إنه تم تحميل تطبيقين لتيسير مراقبة هاتفه، وقام بحذفهما.

غادر الحاج في نفس اليوم إلى الأردن خوفا من الاعتقال، وبقي هناك. وقال إن ضباط الاستخبارات العسكرية أعلموا محاميه أنهم يرغبون أن "يحلوا الموضوع"، إلا أن الحاج قال إنه لا ضمانات له بأنه لن يتعرض للاعتقال من قبل أجهزة أمنية أخرى. وبقيت أسرته، وتشمل أطفاله الثلاثة، في رام الله. قال لـ هيومن رايتس ووتش، "لست على استعداد أن أعيش في مضايقات... السلطة موجودة لخدمتي وليس لإرهابي".

سامي الساعي، طولكرم

في 2 فبراير/شباط 2017، حضر سامي الساعي، 39 عاما، وهو صحفي مستقل وباحث كتب لعدة جهات إخبارية، منها وكالة "معاً" الإخبارية و"تلفزيون الفجر"، إلى مقر جهاز المخابرات في طولكرم، شمال غرب الضفة الغربية، بعد تلقي مكالمة هاتفية في اليوم السابق تطلب حضوره.[38] وهناك، سأله الضباط عن علاقته بعضو في حماس شارك معه قائمة علنية بأسماء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية في أواخر 2015.

في اليوم التالي، جاء مسؤولو النيابة العامة إلى زنزانته ومددوا احتجازه 48 ساعة على أساس "إثارة النعرات المذهبية". وقال إنه لم يرَ أي مدع عام مرة أخرى، إلا أنه بقي محتجزا حتى 8 فبراير/شباط، عندما قال له عناصر الأمن إنهم وافقوا على طلب محاميه بإطلاق سراحه. إلا أنه عند وصوله المدخل الرئيسي لمقر الجهاز، أعادت القوى الأمنية احتجازه وحولته إلى المقر المركزي للجهاز في أريحا. عند وصوله إلى المقر، معصوب العينين، سمع أشخاص يقولون، "هلا بالصحفي"، "ولك عضلات كان يجوا عنا ونفّسوا"، و"جيبوا الكلاب". في تلك الليلة، قال له العناصر "والله ليسلخوا جلدك الشباب، اليوم يومك".[39] في اليوم التالي، مدد الادعاء احتجازه 15 يوما على أساس "غسيل الأموال" و"إفشاء أسرار خارج سياق المهنة،" بحسب قوله.

خلال الأيام السبعة التالية، حقق العناصر مع الساعي عن علاقاته مع حماس، واستخدموا العنف بانتظام للحصول على معلومات منه. في ليلته الثاني في المركز، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن 4 عناصر ربطوا يديه بحبل وجروه عبر الممر إلى غرفة أخرى. وهناك، ربطوا الحبل بباب الغرفة وببطء بدأوا بالضغط على يديه. قال الساعي إنه لم يعرف كم دام الشَّبِح، لأنه فقد الوعي في مرحلة ما. وبعد أن استعاد الوعي، قال إن العناصر ضربوه حوالي 20 مرة على باطن قدميه. توسل إليهم الساعي للتوقف، واستجابوا بنعته "واطي"، و"منحط"، و"حقير" واتهموا زوجته بالانتماء إلى حماس. قال الساعي إنه شعر بألم شديد لدرجة أنه لم يستطع تحريك يديه أو قدميه وطلب من أحد العناصر رفع بنطاله بعد استخدامه الحمام.

في استجواب لاحق، هدده العناصر باتهامه علنا بالدخول في علاقات متعددة مع نساء أخريات في حال لم يعترف. كما عرضوا أن يدفعوا له مالا إذا منحهم أسماء الموالين لحماس الذين كانوا يعملون في الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية. عندما قال الساعي إنه لم يعرف أيا منهم، كبّل العناصر يديه خلف ظهره وعلقوه من السقف مع لمس أقدامه للأرض لمدة 5 إلى 6 ساعات.[40] بعد ذلك، هدده الضباط بسجنه 6 أشهر ومنعه من رؤية ابنه البالغ من العمر 10 سنوات، والذي يعاني من فشل كلوي في المرحلة الرابعة وقد يحتاج إلى غسيل الكلى أو زرعها.

بعد 13 يوم في أريحا، أعاد العناصر الساعي يوم 21 فبراير/شباط إلى طولكرم، حيث اعترف بأنه مذنب، تبعا لترتيب توصل إليه الادعاء، بتهمة "إثارة النعرات المذهبية،" و"غسيل الأموال" و"إفشاء أسرار خارج سياق المهنة". حكمت عليه المحكمة بالسجن 15 شهرا، إلا أنه بعد طلب الادعاء الليونة، قلصت المحكمة الحكم إلى 3 أشهر. دفع الساعي غرامة 1,000 دينار أردني (1,410 دولار أمريكي) بدلا من قضاء الحكم بالسجن 3 أشهر، وأطلق سراحه في اليوم التالي.

كما احتجزت السلطة الفلسطينية الساعي عامي 2012 و2014، على خلفية منشوراته على فيسبوك على حد تعبيره. وأمضى 9 أشهر في السجن عام 2016 بعد أن أدانته محكمة عسكرية إسرائيلية بالتحريض على وسائل التواصل الاجتماعي.

المظاهرات

حزب التحرير (روحي أبو رميدة، فواز الحرباوي، تقي الدين الخطيب، إبراهيم عقيل، إسماعيل عقيل(، الخليل

اعتقلت القوى الأمنية الفلسطينية العشرات من أعضاء حزب التحرير، وهو حزب سياسي إسلامي، في الخليل، قبل وبعد مظاهرة سلمية في فبراير/شباط 2017 اعتراضا على قرار السلطة الفلسطينية بمنح أراضي وقف إسلامي إلى الكنيسة الروسية في الخليل.[41] احتجزت السلطات 48 عضوا في الحزب ذلك اليوم، ومنهم إسماعيل عقيل، وإبراهيم عقيل، وتقي الدين الخطيب، الذين اعتقلوا في طريقهم للتظاهر على حواجز أقامتها عناصر أمن السلطة ذلك اليوم واحتجزوا لمدة شهر. ومن ثم احتجزوا روحي أبو رميدة ليلة واحدة ليلة المظاهرة عندما ذهب إلى النيابة العامة لمتابعة المحتجزين خلال المظاهرة. كما احتجزوا 29 آخرين، ومنهم فواز الحرباوي، لمدة 18 يوما، بعد أن تظاهروا بعد عدة أسابيع للاعتراض على احتجازهم. وضربت القوى الأمنية عددا من الأعضاء أثناء احتجازهم ووجه إليهم الادعاء عدة تهم، منها "إثارة النعرات المذهبية،" و"الاعتداء على القوى الأمنية،" و"التجمهر غير القانوني،" و"أعمال الشغب".

في 4 فبراير/شباط، يوم المظاهرة، أوقفت قوة مشتركة من المخابرات والأمن الوقائي سيارة الخطيب، مهندس مدني عمره 27 عاما، أثناء قيادة قريبه إسماعيل عقيل، طباخ عمره 49 عاما، من قرية بيت كاحل إلى الخليل لإجراء فحوصات طبية، بحسب ما قاله الرجلان لـ هيومن رايتس ووتش. كما أوقف العناصر ذلك الصباح سيارة أخ إسماعيل، إبراهيم،مدرس اللغة الإنغليزية عمره 46 عاما، في بيت كاحل، على حاجز أقامه عناصر أمن السلطة ذلك اليوم أثناء توجهه إلى الخليل للتظاهر.[42] ونقل العناصر الرجال إلى مركز المخابرات في الخليل.

وضع العناصر الرجال الثلاثة، مع رجل آخر، في غرفة صغيرة، بحسب إسماعيل عقيل، وأطفأوا الأضواء، وقالوا لهم، "إذا بنسمع أي صوت بتتكسروا".[43] بعد 10 دقائق، نقلوا الرجال إلى غرف مختلفة. وقال الخطيب إن عنصرا صفعه مرتين على عنقه عندما سأل عن سبب احتجازه، ثم ضرب عنصر آخر جسده بباب حديدي 4 أو 5 مرات، وضربه 4 أو 5 مرات على وجهه.[44] بعد ساعتين، سأله العناصر عن انتمائه السياسي، ونشاطاته خلال الجامعة، والمظاهرة المخطط لها في ذلك اليوم. كما طرح المحققون أسئلة مشابهة على إسماعيل وإبراهيم عقيل، واتهموا إسماعيل بالكذب عندما قال إنه كان يخطط للذهاب إلى موعد طبي. وفي وقت لاحق من تلك الليلة، نقل العناصر الرجال الثلاثة، مع عدد من أعضاء الحزب الآخرين، إلى مقر احتجاز المخابرات في أريحا.

وفي نفس اليوم، فرقت القوى الأمنية المظاهرة، وأطلقت الغاز المسيل للدموع، وضربت المتظاهرين بالهراوات، بحسب ما قال روحي أبو رميدة، المنسق الميداني لحزب التحرير في الخليل، لـ هيومن رايتس ووتش. بالمحصلة، احتجزت القوى الأمنية 48 عضوا ذلك اليوم، أطلق سراح نصفهم خلال يومين، بحسب أبو رميدة. وقالت المخابرات لـ هيومن رايتس ووتش إنها نفذت هذه الاعتقالات لأن المظاهرة لم تكن مرخصة واعتدى المتظاهرون على العناصر، وهو ادعاء أنكره المتظاهرون الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش.[45]

وقال أبو رميدة إنه ذهب إلى النيابة العامة في تلك الليلة لمتابعة قضايا الأعضاء المحتجزين، وعندما اعترض على قرار احتجاز الرجال لمدة 48 ساعة، قال إن عناصر الأمن الوقائي ضربوه على جبينه بأعقاب أسلحتهم، ما تسبب له بالنزيف، ثم احتجزوه ليلة واحدة. سأله الضباط عن الحزب، وأعضائه، ودوره، قبل إطلاق سراحه حوالي الساعة 2 بعد ظهر اليوم التالي.[46]

احتجزت القوى الأمنية الخطيب والأخوان عقيل لمدة 12 يوما في أريحا. بعد يومين من نقلهم، اتهمه الادعاء "بإثارة النعرات المذهبية،" و"الاعتداء على القوى الأمنية"، و"التجمهر غير القانوني" ومددوا اعتقالهم 15 يوما. يوم 16 فبراير/شباط، نقلت السلطات الخطيب، والأخوان عقيل، وعضوا آخر في الحزب إلى مجمع المخابرات في بيت لحم، ونقلوا 4 أعضاء آخرين إلى مجمع الخليل. ويوم 23 فبراير/شباط، رفض قاضٍ في بيت لحم تمديد اعتقال المحتجزين هناك، نقلتهم السلطات على أثر ذلك إلى مجمع الخليل، حيث أمر قاضي احتجازهم لستة أيام إضافية. بعد تمديد آخر، أطلقت السلطات سراح جميع الرجال، باستثناء إسماعيل عقيل، يوم 7 مارس/آذار مقابل كفالة 200 دينار أردني (282 دولار أمريكي). وأمضى عقيل يومين إضافيين في مركز أمن الخليل بسبب ضرائب ادعوا أنه لم يدفعها وأطلقوا سراحه يوم 9 مارس/آذار، بعد أن دفع المبلغ.

في هذه الأثناء، نظم الحزب في 25 فبراير/شباط اعتصاما، احتجاجا على احتجاز أعضائه في وقت سابق من الشهر. اعتقلت القوى الأمنية 29 عضوا في ذلك اليوم أو في وقت لاحق من ذلك الاعتصام، وبقى 10 منهم محتجزين أسبوعا آخر، على حد قول أبو رميدة. وقال الحرباوي (28 عاما)، الذي يعمل في شركة لوازم مكتبية وحضر الاعتصام، لـ هيومن رايتس ووتش إن القوى الأمنية فرقت الاعتصام السلمي بواسطة الغاز المسيل للدموع، وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء، واعتقال المتظاهرين. وبعد يومين، قال الحرباوي إن 8 عناصر من الأمن الوقائي بلباس مدني حضروا إلى مكتبه واعتقلوه. في السيارة، سأله العناصر عن الحزب والاعتصام، إلا أنه رفض الإجابة. وعندما وصلوا إلى مجمع الأمن الوقائي في الخليل، وضعه 7 عناصر على غطاء السيارة وضربوه على جسده لمدة 60 ثانية، حتى صرخ وخرج أحد بزي رسمي من المركز، وطلب منهم التوقف، وأدخله إلى المركز، كما قال الحرباوي. وبعد عدة ساعات، نقله العناصر إلى غرفة تحقيق وأمروه بالجلوس في كرسي خشبي ذي أرجل حديدية. سأله الضباط بشكل أساسي عن الاعتصام، إلا أن الحرباوي رفض الإجابة، ما دفع أحد المحققين إلى تهديده "بكسر رجليك، حتى لا تقف". بعد هذه الجلسة، وضعه العناصر في الحجز الانفرادي لمدة 5 أيام بدون التحقيق معه، ثم نقلوه إلى غرفة مع محتجزين آخرين وأطلقوا سراحه يوم 9 مارس/آذار 2017، بعد 11 يوما من الاحتجاز.

بعد 4 أيام، في 13 مارس/آذار، اعتقل 13-14 عنصرا، بعضهم بلباس مدني وآخرين بلباس رسمي، من المخابرات، الحرباوي في مكتبه وأخذوه إلى مجمع المخابرات في الخليل. وهناك، قاله له العناصر إنهم "أمضوا 14 يوما يبحثون عنه"، مدعين أنهم لم يعرفوا عن احتجازه من قبل الأمن الوقائي.[47] حققوا معه عن الاعتصام وطلبوا منه توقيع ورقة تلزمه بالعمل معهم، إلا أنه رفض ذلك، واتهمه الادعاء باليوم التالي "بالاعتداء على القوى الأمنية" و"المشاركة في المظاهرات"، وأمرت المحكمة باحتجازه 6 أيام. لم تحقق السلطات معه خلال هذه الفترة، ويوم 19 مارس/آذار، أطلقت المحكمة سراحه بكفالة 200 دينار أردني (282 دولار أمريكي). بعد 10 أيام، برأته المحكمة من جميع التهم.

في حرم الجامعات

علاء زعاقيق، الخليل

في 24 أبريل/نيسان 2017، اعتقلت القوى الأمنية علاء زعاقيق (28 عاما)، وهو طالب دراسات عليا في جامعة الخليل وإمام مسجد في بيت أمر، وهي قرية بالقرب من الخليل في جنوب الضفة الغربية، أثناء زيارته لمنزل أسرة زوجته في مخيم العروب للاجئين مع زوجته التي كانت حامل آنذاك. قال زعاقيق إن 8 سيارات من المخابرات أجرت المداهمة بدون مذكرة ودفعته من رقبته خارج المنزل وإلى السيارات، مع تهديده بالهراوات إذا قاوم. نقلت القوى الأمنية، التي اعتقلت شقيق زوجته أيضا خلال المداهمة واحتجزته 4 أيام، زعاقيق إلى مقر المخابرات في الخليل قبل نقله إلى مرفق الاحتجاز في أريحا في نفس اليوم. وقال له العناصر، "راح ندفّعك ثمن الانقلاب الي بصير في غزة".[48]

عند وصوله، نقل العناصر زعاقيق، معصوب العينين ومكبل اليدين، في أرجاء مركز الاحتجاز، وهم يهزونه ويضربون جسده على الجدران حتى وصل إلى مكتب مدير السجن. قال له أحد العناصر إن ذلك كان بمثابة "أهلا وسهلا". صفع المدير زعاقيق عدة مرات، وضربه على عنقه، وقال لعناصر آخرين "علقوه". وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن العناصر كبلوا يديه خلف ظهره وربطوهما بقطعة قماش إلى الباب، وأبقوه في تلك الوضعية، معصوب العينين لمدة 45 دقيقة. خلال تلك الفترة، ضربه عنصر على ظهره بعصا. وأضاف زعاقيق أنه شعر بتخدر يديه وأنه فقد الشعور في كتفيه بعد ذلك. ثم نقله العنصر إلى مكتب المدير، مع صفعه وضربه.  

في اليوم التالي، مددت النيابة العامة احتجازه لمدة 48 ساعة بعد سؤاله إن كان يدعم حماس. وفي مرفق الاحتجاز، قال ضابط لزعاقيق أن "الحفلة" ستبدأ الليلة وإن أحد المحققين المسمى "العصار" سيعامله مثل "الممسحة". في تلك الليلة، يقول زعاقيق إن العناصر وضعوه مرة أخرى في وضعية الشبح أو التعذيب الموضعي في الحمام، وكبلوا يديه خلف ظهره، وربطوهما بباب الحمام، ثم جروه إلى مكتب المدير، حيث ضربه عنصر آخر.

في مكتب المدير، التقى زعاقيق بالعصار. طلب من زعاقيق أن يقف، إلا أنه لم يقوَ على ذلك. رفعه العصّار من قميصه وضربه في وجهه، مما أوقعه أرضا، ثم بدأ بسؤال زعاقيق عن نشاطاته مع الكتلة الاسلامية، المجموعة الطلابية المرتبطة بحماس، في الجامعة. وعندما لم يجِب بطريقة مرضية، عرضه العصّار للشبح. قال له العصّار، "راح تطلع من هون على كرسي مشلول" و"لابس تنورة ومنديل".

استمر هذا النمط من التحقيقيات والانتهاكات على مدى 24 يوما في أريحا. قال زعاقيق إن الشبح الذي تعرض له شمل إجباره على الوقوف مع فتح ساقيه ورفع يديه أو في وضعيه شبه القرفصاء، وجميعها جعلت جسده يرتجف.[49] لإجباره على الاعتراف، قال له العناصر مرة أن أحد أفراد أسرته قد مرض؛ وفي مرة أخرى، هددوه باعتقال والدته، وأخته، وأمه. أدت هذه التهديدات إلى اعتراف زعاقيق بتمويل الكتلة الإسلامية في الجامعة، مع أنه قال لـ هيومن رايتس ووتش إن هذا ليس صحيحا.

قال زعاقيق أنه أعلم الضباط بأنه مصاب بالربو، وتمزق بعضلات الصدر، والتهاب أعصاب. حسب زعاقيق، أجابوه، "لا يهمنا" و"لا يهم إذا متت، لا يهمنا ونحن لا نقلق فيك". ورأى طبيبا في وقت ما عندما لم يستطع أن يحرك إبهامه ورجليه، وشعر بالألم في كتفيه. أعطاه الطبيب مسكنات للألم، وقال له إنه لا يستطيع أن يأخذه للمستشفى. وتفاقم ألم زعاقيق بسبب النوم أسبوعين بدون فراش في الزنزانة.

بعد 3 أسابيع من الاحتجاز، أطلقت القوى الأمنية سراح زعاقيق يوم 17 مايو/أيار 2017 بكفالة 200 دينار (282 دولار أمريكي). وقال زعاقيق إن المحققين الفلسطينيين قالوا له أنهم احتجزوه لحمايته من الاسرائيليين الذين أرادوا احتجازه.

بعد شهرين فقط، يوم 23 يوليو/تموز، اعتقلته القوات الإسرائيلية ووضعته في الاحتجاز الإداري بدون تهم أو محاكمة لأربعة أشهر.[50] وجدد الجيش الإسرائيلي اعتقاله الإداري في أكتوبر/تشرين الأول 2017، قبل إطلاق سراحه في مارس/آذار 2018. اعتقلته القوات الإسرائيلية مجددا في سبتمبر/أيلول 2018 وأمرت باحتجازه إداريا لأربعة أشهر.

فارس جبور، الخليل

في 8 يناير/كانون الثاني 2017، حوالي الساعة 8 صباحا، حضر فارس جبور (23 عاما)، وهو طالب الهندسة الكهربائية في "جامعة بوليتكنك فلسطين" في الخليل، إلى مقر المخابرات في الخليل، بعد أن قال عنصر لوالده في مكالمة هاتفية يوم 5 يناير/كانون الثاني إن عليه تسليم نفسه، واستلم جبور بنفسه رسالة نصية تستدعيه.[51]

قبل شهر من ذلك، كان جبور قد شارك في مبادرة نظمتها الكتلة الاسلامية، المجموعة الطلابية المرتبطة بحماس، في الجامعة لبيع الكتب والأجهزة الالكترونية للطلاب بأسعار مخفضة. وقال إنه يوم 8 ديسمبر/كانون الأول، في اليوم الثاني من المبادرة، سمع جبور أن ضباط المخابرات سيجتمعون مع إدارة الجامعة، فنظم جبور مع 7 طلاب آخرين اعتصاما، خوفا من الاعتقال. فرّق حوالي 25 من أفراد الأمن الجامعي الخاص الاعتصام وأمروا الجميع بمغادرة الحرم الجامعي. خلال أسبوع، اعتقل عناصر أمن حوالي 10 طلاب، ومنهم عدد من الطلاب المشاركين في الاعتصام، وداهموا منزل جبور، الذي كان يتجنبه. حققت السلطات مع المعتقلين حول المعرض والصفحة على فيسبوك التي سمّت العناصر الذين اعتقلوا الطلاب والإداريين من الجامعة الذين عملوا مع القوات الأمنية، بحسب ما قال الطلاب الآخرون لجبور. أثناء دراسته للامتحانات، قال جبور أنه تلقى رسالة نصية تبلغه بالحضور إلى مقر الجهاز. 

حضر جبور إلى مقر الجهاز في الخليل يوم 8 يناير/كانون الثاني، حيث قال إن العناصر حققوا معه حول مبادرة معرض الكتب، والتمويل، والأفراد الآخرين في الكتلة الإسلامية، والصفحة على فيسبوك، والتي قال جبور إنه غير مشارك بها. بسبب عدم الرضا عن أجوبته، هدد المحققون بنقله إلى مركز احتجاز المخابرات في أريحا، حيث قالوا له، "الناس بتعترف على الي بتعرفه والي ما بتعرفه" وأنه سيخرج منه "شخص ثاني".

في اليوم التالي، قال العناصر لجبور إنهم سيخضعونه لفحص طبي قبل إطلاق سراحه، إلا أنهم قادوه إلى مركز احتجاز المخابرات في أريحا. عند وصوله، عصب العناصر عينيه، وأعلنوا، "إذا ما اعترفت في الخليل، راح تعترف هون". أجبروه على الوقوف ساعتين مع رفع يديه. سأله المحققون عن الصفحة على فيسبوك والمعرض، وقال إنهم ضربوه على جنبه بخرطوم بلاستيكي، عندما لم يجب أو إذا لم يصدقوه، حوالي مرة كل 5 دقائق.

ثم نقله 4 عناصر إلى غرفة أصغر، وكبلوا يديه فوق رأسه، ثم ربطوا الأصفاد بحبل متصل بخطافة في منتصف سقف الغرفة، وبدأوا بالشد تدريجيا، وأخضعوه للشبح حوالي 5 دقائق. فكوا وثاقه بعد ذلك وأجبروه على وضعية القرفصاء على ركبتيه، وعصبوا عينيه، ووضعوا ماسورة بين ركبتيه وأضافوا وزن على ظهره. تركوه في هذه الوضعية، ما وضع ضغطا على رجليه وأوقف ضخ الدم، لحوالي ساعة، أثناء سؤاله عن نشاطات الكتلة الاسلامية، وبين الحين والآخر كانوا يضربونه بخرطوم على حوضه وحذروه بأن "الجاي (الآتي) أعظم". في تلك الليلة، جلدوا باطن قدميه بخرطوم حوالي 6 أو 7 مرات، وتوسلوا إليه "خلص ريّح حالك واعترف".

في اليوم التالي، وجهت النيابة إليه التهم ومددت احتجازه 24 ساعة. شملت التهم "حيازة أسلحة"، و"تشكيل ميليشيات"، و"ترأس عصابة مسلحة"، و"غسيل الأموال"، بحسب جبور. في اليوم التالي، مددت المحكمة احتجازه 15 يوما إضافية. بعد أسبوعين، قال له العناصر إن المحكمة مددت احتجازه 15 يوما إضافية، بدون إحالته إلى المحكمة.

دام التحقيق مع جبور في أريحا 5 أو 6 أيام، استمروا خلالها بتعذيبه بالشبح وضربه. في إحدى الليالي، يقول جبور، وضعه 3 عناصر على ظهره، وتناوبوا لحوالي ساعتين على ضربه بهراوة وركله. وقالوا له، "إنتو بتتبعوا حماس، وهم بيضحكوا عليك. جاييك يوم. إذا ما حكيت راح تشوف إلي عمرك ما شفتو".[52] بعد أسبوع من احتجازه، نقله العناصر إلى الحجز الانفرادي، حيث أمضى أسبوعا قبل نقله إلى غرفة مع محتجزين آخرين. وقال إنه فقد الوعي 7 مرات خلال احتجازه، مرة لمدة 10 دقائق خلال جلسة تحقيق.

أطلقت السلطات سراحه يوم 31 يناير/كانون الأول بدون محاكمته. وقال جبور لـ هيومن رايتس ووتش إنه ما زال يعاني من الكوابيس بعد احتجازه بأن "الزنزانة تخنق على نفسي".

كما احتجزت القوى الأمنية جبور 5 مرات عام 2016 لما مجموعه أكثر من 50 يوما بسبب نشاطاته، ومنها 23 يوما لدى المخابرات في أريحا.

في أكتوبر/تشرين الأول 2017، اعتقلت القوى الإسرائيلية جبور، وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حكمت محكمة عسكرية إسرائيلية عليه بالسجن 11 شهرا بتهمة العضوية والمشاركة في الكتلة الاسلامية.[53]

معاقل المعارضة

"زيد" و"حسام"، مخيم بلاطة للاجئين  

احتجزت القوى الأمنية الفلسطينية "زيد" و"حسام"، وهما شابان من مخيم بلاطة للاجئين، المعروف كنقطة مركزية لمعارضة الرئيس عباس، في أوائل العام 2017 على خلفية ادعاءات بالنشاطات الجرمية. قالا إنهما خضعا لفترات تعذيب مطولة.

يضم مخيم بلاطة للاجئين حوالي 27 ألف لاجئ ويعتبر قاعدة لدعم محمد دحلان، منافس الرئيس عباس، وأصبح في السنوات الأخيرة ساحة للاشتباكات المتكررة بين السكان والقوى الأمنية الفلسطينية. تفاقم التوتر بعد أن أطلقت السلطة الفلسطينية حملة في أغسطس/آب 2016 استهدفت مخيم بلاطة.[54]

قال زيد، وهو موظف حكومي عمره 32 عاما، لـ هيومن رايتس ووتش أنه أثناء اقترابه من مكتبه في أحد أيام ديسمبر/كانون الأول 2016، شاهد مجموعة كبيرة من الرجال أدرك لاحقا أنهم من القوى الأمنية الفلسطينية خارج مكتبه والذين أطلقوا النار باتجاهه، وبعد أن رفع يديه في الهواء، اعتقلوه. وأضاف أن العناصر أخذوه إلى سجن الجنيد في نابلس، حيث عصبوا عينيه وضربوه بشكل متكرر بعد 30 دقيقة من احتجازه، قبل نقله إلى مركز احتجاز اللجنة الأمنية المشتركة في أريحا. وعند وصوله إلى أريحا، قال إنه تلقى "ترحيبا" من 20 إلى 30 عنصرا على جانبيه، شتموه وضربوه في طريقه إلى الزنزانة.

في وقت لاحق من تلك الليلة، سأل أحد المحققين زيد عن جريمة كان قد شاهدها قبل شهر. وعندما أوضح أنه لم يكن له أي دور فيها، قال له المحقق، "إن لم تتكلم سندمرك. ستتكلم غصبا عنك".[55] ثم كبل العناصر يديه خلف ظهره، وغطوا وجهه، ووضعوه في "الخزانة"، غرفة وصف مساحتها بأن 60 سنتيمتر بالطول و60 سنتيمتر بالعرض، حيث قال إنه واجه صعوبة بالتنفس. وقال إنهم وضعوه هناك لمدة 22 ساعة باليوم لمدة 22 يوما متتالية. بعد ذلك، وضعوه على صندوق خشبي وربطوا أيديه المكبلتين بحبل، مع رفع يديه تدريجيا لسحبهما. وقال إنه تركوه في هذه الوضعية لمدة 20 ساعة، قبل السماح له بالنوم، ثم أعادوه إلى الشبح. في التحقيقات اللاحقة، هدده العناصر بإعادته إلى الشبح إن لم يتحدث.

في إحدى المراحل خلال الأيام الثلاثة الأولى من احتجازه، قال زيد إن العناصر في الممر وضعوا الأسلاك على كتفيه مرتين وصعقوه لحوالي 25 إلى 30 ثانية، ومرة ربطوا حبلا حول قضيبه لمدة 8 إلى 9 ساعات، ما تسبب بتورم وازرقاق في قضيبه. في اليوم الثالث، وهو معصوب العينين ومكبل اليدين، كما قال، ألقاه أحد الحراس ألقاه أرضا وضربه وركله بشكل متكرر لمدة 10 دقائق، ما تسبب بكسر ركبته وأفقده وعيه. واستعاد وعيه بعد 20 دقيقة ليجد نفسه مع طبيب.

استمر العناصر بوضعه في وضعية الشبح بشكل منتظم خلال أول 25 يوما من الاحتجاز، مع أنهم توقفوا عن ذلك في آخر 50 يوما. نقلته السلطات إلى السجن في نابلس للمحاكمة بعد اتهامه بمجموعة من التهم، إلا أن المحكمة برأته، وأُطلق سراحه. وقال إن القوى الأمنية احتجزته مرة أخرى بعد عدة أشهر بتهم مشابهة لمدة 20 يوما في سجن الجنيد في نابلس، إلا أنه لم يتعرض لسوء المعاملة أثناء الاحتجاز.

في يناير/كانون الثاني 2017، حسام (29 عاما) وهو عاطل عن العمل، والذي أمضى 9 أشهر محتجزا لدى الأمن الوقائي عام 2015 بتهم التحريض وإطلاق النار، سلّم نفسه بعد أن بحثت عنه السلطات على خلفية الاشتباكات في مخيم بلاطة.[56] قال شقيق حسام، الذي طلب أيضا عدم الافصاح عن اسمه الحقيقي، لـ هيومن رايتس ووتش، إن حسام سلّم نفسه فقط بعد أكد له محافظ نابلس أن القوى الأمنية ستمتنع عن الإساءة إليه وأنه سيزوره شخصيا لمدة أسبوع. وقال شقيقه إن المحافظ اتصل بأسرة حسام بعد أسبوع، ثم توقف عن تقديم المعلومات عن وضعه.

زار والد حسام ابنه في أريحا بعد شهر ونصف من احتجازه ولاحظ أن كتفه مخلوع وأن أنفه وابهامه مكسوران، بحسب ما قال شقيقه. وقال زيد لـ هيومن رايتس ووتش إنه شهد أحداثا يعتقد بأنها تسببت بإصابة كتف حسام: على بعد حوالي 20 متر أمام زنزانته، شاهد محققا يضرب حسام بكرسي على كتفه أثناء شد يديه بحبل وهما مربوطتان خلف ظهره، ما تسبب بصراخه من شدة الألم. وقال إن 8 عناصر حوله بدأوا بضربه "ومعاملته كالحيوان". ومباشرة بعد الزيارة، اشتكى والد حسام من سوء معاملة ابنه، ونقلت السلطات الأخير إلى نابلس لعلاجه.

بعد أسبوعين، أعادوا حسام إلى أريحا. لم تسمع الأسرة شيئا لمدة أسبوعين، حتى اتصل حسام وقال إن العناصر وضعوه في الشبح من الساعة 5 صباحا إلى 4 بعد الظهر يوميا، ووضعوه في "الخزانة"، وركلوه وضربوه بانتظام، بحسب ما قال شقيقه. وبدا حسام وكأنه خسر نصف وزنه، بحسب شقيقه الذي زاره في يوليو/تموز 2017. وقال حسام لشقيقه إن السلطات وضعت 17 ورقة اتهام أمامه وقالت له إنه يستطيع اختيار ما يرغب الاعتراف به، بحسب ما قال شقيقه. مثل حسام عدة مرات أمام المحكمة، على ما يبدو للإجابة على تهم إطلاق الأعيرة النارية، والسطو المسلح، ومقاومة القوى الأمنية، وتشكيل "مجموعة أشرار". كان ما زال محتجزا حتى أبريل/نيسان 2018، في قسم الحراسة المشددة في مركز إصلاح وتأهيل أريحا، حيث لا يسمح له الاختلاط مع السجناء الآخرين، بحسب شقيقه.

بعد تأمل مع حصل معه والوضع في مخيم بلاطة، قال زيد: "أريد أن أتزوج وأن أبني بيتا، ولكن لو سنحت لي فرصة المغادرة، سأفعل ذلك. فلا توجد كرامة هنا".

أسرة حلاوة و"رامي"، نابلس

بعد اشتباكات مسلحة في المدينة القديمة بنابلس حيث قتل شخص في ديسمبر/كانون الأول 2015، احتجزت القوى الأمنية عدة أفراد من أسرة حلاوة. وأدت الإشاعات التي تفيد بمقتل أحد أفراد أسرة حلاوة أثناء الاحتجاز إلى اشتباكات نتج عنها وفاة عنصرين من القوى الأمنية في 18 أغسطس/آب 2016. واستجابة لذلك، تعهد رئيس الوزراء الحمد الله "بفرض الأمن"، و"اعتقال جميع الفارين من العدالة"، ووضع حد "لحالة الفوضى".[57] وفي الأيام التي تلت وفاة العناصر، اعتقلت القوى الأمنية 250 من السكان المحليين، ومنهم 30 من أسرة حلاوة.

توفي 3 من سكان المدينة القديمة، ومنهم شخصان من أسرة حلاوة، على ما يبدو أثناء احتجازهم من قبل القوى الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. وتدعي الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن اثنين منهم، خالد الأغبر وفارس حلاوة، قتلا في الاشتباكات المسلحة يوم 19 أغسطس/آب 2016.[58] إلا أن هيئة الرصد الحقوقي الفلسطينية، الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، وجدت "دلائل قوية" "تناقض البيانات الرسمية للأجهزة الأمنية،" ومنها تقارير الطب الشرعي والشهادات من 3 شهود عيان شاهدوا العناصر وهم يحتجزون الرجال وهم أحياء.[59] وبعد يومين، توفي أحمد حلاوة أثناء احتجازه؛ وفي وقت لاحق اعترف محافظ نابلس بوفاته بعد ضرب مبرح، والذي وصفه بـ "الخطأ غير المقبول".[60]

كما أمضى أشخاص آخرون من الأسرة فترات طويلة في الاحتجاز. يوم 30 أغسطس/آب 2016، اعتقلت القوى الأمنية قريبا لعائلة حلاوة، قال إنه أمضى 25 يوما متتالية في زنزانة انفرادية في مركز احتجاز التابع للّجنة الأمنية المشتركة في أريحا.[61]

أما قريب آخر، "مصطفى"، والذي احتجز بدايةً يوم 27 يوليو/تموز 2016، فقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه أمضى حوالي سنة في الاحتجاز، يتنقل بين مراكز الاحتجاز في أريحا حيث تعرض للتعذيب.[62] وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه خلال فترة 3 أسابيع أثناء احتجازه من قبل الأمن الوقائي في صيف 2016، أحضعه العناصر لساعتين إلى 6 ساعات من الشبح يوميا، حيث كبلوا يديه خلف ظهره وسحبوا يديه، مع ضربه بين الحين والآخر لعدة دقائق في كل مرة بخرطوم بلاستيكي. وأمضى بعد ذلك 12 يوما في مركز احتجاز اللجنة الأمنية المشتركة، حيث أخضعوه لجلسات شبح منتظمة دامت من ساعتين إلى 4 ساعات. اتهمته السلطات بـ "تشكيل عصابة أشرار" و"حيازة سلاح بدون ترخيص"، إلا أن المحكمة برأته وأطلقت سراحه في فبراير/شباط 2017.

أعادت قوات الأمن الوطني اعتقال مصطفى في يونيو/حزيران 2017، هذ المرة على خلفية هروب عماد حلاوة من الاحتجاز، وهو المشتبه فيه الرئيسي في قتل العناصر. واحتجزت القوى الأمنية مصطفى 134 يوما في مراكز احتجاز أريحا، أمضى منها 107 في مركز احتجاز اللجنة الأمنية المشتركة، كان أكثر من نصفها في زنزانة انفرادية بدون تواصل مع المحتجزين الآخرين. واتهمته النيابة بـ "إخفاء شخص فار من وجه العدالة" في مسألة الهروب، إلا أن المحكمة برأته مرة أخرى وأطلقت سراحه في أكتوبر/تشرين الأول 2017 بشرط أن يحضر إلى أحد المقرات الأمنية يوميا في نابلس حتى يناير/كانون الثاني 2018.

كما اعتقل عناصر من قوات الأمن بالوطني في يونيو/حزيران 2017 "رامي"، وهو جار أسرة حلاوة عمره 32 عاما، من منزله، حيث ضربوه بأعقاب أسلحتهم على ظهره وداسوا عليه، كما قال. ونقله العناصر إلى سجن الجنيد في نابلس، حيث سأله المحققون عن أسرة حلاوة وأصدقائهم ومعارفهم، وقالوا له، "مثل ما دعسنا على أبو العز حلاوة بالبساطير (الجزمات)، احنا راح ندعسك بالبساطير انت التاني". كما سأله إن كان قد آوى عماد حلاوة بعد أن هرب من الاعتقال، وصفعوه بين الحين والآخر على وجهه وعنقه، بحسب ما قال لـ هيومن رايتس ووتش.

في نفس ليلة اعتقاله، نقل العناصر رامي إلى مقر جهاز الأمن الوطني في أريحا، حيث رحب به حوالي 20 عنصرا بدفعه وضربه. ووضعوه لمدة 8 أيام في زنزانة مساحتها 60 سنتيمتر بـ 60 سنتيمتر تعرف بـ "الخزانة"، وسمحوا له بمغادرتها فقط لمدة ساعتين يومين، واستمروا بالتحقيق معه عن أسرة حلاوة. أمضى 14 يوما في السجن الانفرادي، كما قال.[63] واتهمت النيابة رامي "بمساعدة فار أو سجين" ومددت اعتقاله مرتين لمدة 15 يوم في كل مرة.

بعد شهر، نقله العناصر إلى "مركز الإصلاح والتأهيل" في نابلس، حتى حكمت المحكمة بإطلاق سراحه يوم 4 أغسطس/آب. إلا أن الشرطة اعتقلت رامي على أبواب السجن أثناء إطلاق سراحه ونقلته إلى مركز أمني في نابلس، حيث قالت إنه يحتاج إلى أمر إطلاق سراح من اللجنة الأمنية المشتركة في رام الله. أطلقوا سراحه يوم 10 أغسطس/آب مع تعليق التهم، بعد 71 يوما في الاحتجاز.

جنايات

"حسان"، جنين

في 19 أبريل/نيسان 2017، اعتقلت الشرطة الفلسطينية "حسان"، البالغ من العمر 17 حينها، والذي اتهمته بالسرقة، من منزله في جنين شمالي الضفة الغربية. أخذه العناصر إلى مخفر الشرطة، حيث حققوا معه بشأن سرقة هاتف خلوي ومعدات زراعية. ‏قبل التحقيق معه ربط العناصر يده اليمنى بكرسي بلاستيكي وأمروه بأن يحمل الكرسي 4 ساعات وإلا سيضربونه، كما قال حسان لـ هيومن رايتس ووتش.[64] وبعد ذلك، أجلسوه على كرسي خشبي وربطوا يديه بالكرسي، ‏ثم حققوا معه حول الهاتف المسروق لمدة ساعتين. ‏كما هددوا بنقله إلى أريحا، حيث تشتهر القوى الأمنية بممارسة التعذيب، ما لم يعترف. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم قالت له النيابة إنه سيواجه تهمة السرقة.

قال حسان إن القوى الأمنية احتجزته في قسم الأحداث من مركز الإصلاح والتأهيل في اريحا. وخلال أول 3 أيام من احتجازه، كانوا ينقلونه في الصباح الباكر الى المركز الأمني حيث كانوا يحققون معه حتى المساء بدون وجود محام أو قريب أو مرشد حماية الأحداث. 

‏في مرحلة ما، بحسب حسان، كبّل 5 عناصر شرطة يديه وراء ظهره وربطوهما بحبل معلق بالباب. ثم بدأوا تدريجيا بشد الحبل ما تسبب برفع يديه حتى كانت قدماه بالكاد تلامس الأرض. في حادثة أخرى، مدوه على الأرض وكبلوا يديه خلف ظهره ووضعوا أقدامه على كرسي بلاستيكي. ثم تناوب عنصران أو ثلاثة على جلد باطن قدميه وساقيه بالهراوة. كما ركله عنصر شرطة على ظهره، ونعته بـ "حيوان"، وأهان أسرته، كما قال حسان. اعترف حسان بسرقة المعدات الزراعية لأنه لم يتمكن من تحمل الالم. 

لم يسمح عناصر الأمن لأسرة حسان بزيارته خلال الأسبوع الذي احتجز فيه وسمحوا له بالتحدث معهم عبر الهاتف قبل يوم فقط من إطلاق سراحه بعد تدخل محاميه. كما رفضت القوى الأمنية قبول الملابس النظيفة التي أحضرها أفراد أسرته، وأجبروه على ارتداء نفس الملابس طوال الأسبوع. التقى حسان بمرشدة حماية الأحداث قبل يوم واحد من إطلاق سراحه. أطلقت القوى الأمنية سراح حسان بكفالة شخصية قدرها 200 دينار أردني (282 دولار أمريكي) دفعها أحد أقربائه. وقال إنه استمر بالشعور بالألم بعد أسبوع كامل من إطلاق سراحه، كما قال محامي حسان لـ هيومن رايتس ووتش إن التهم ما زالت قائمة.[65] 

ساري سماندر، رام الله

صباح 2 يونيو/حزيران 2017، نشب شجار في الشارع بين مجموعة من ٨ مسيحيين فلسطينيين، ومنهم المقدسي ساري سماندر (22 عاما)، الذي كان يعمل في فندق في القدس الشرقية، ومجموعة أخرى من الشبان الفلسطينيين. اعتقل عناصر أمن سماندر وأصدقاءه، وجميعهم من المسيحيين الفلسطينيين، بعد وقت وجيز من انتهاء الشجار، وحولوهم إلى المركز الأمني في منطقة عين مصباح في رام الله. 

لدى وصولهم، بحسب سماندر، أجبرهم 2 من عناصر الشرطة على الوقوف بمواجهة الحائط ومن ثم ضرب أحدهم رأسه بالحائط وضربه على عنقه من الخلف في حين ضربه الآخر على رجليه لتفريقهما. شد أحدهم طوق الذهب الذي يحمل صليبا على عنقه وسأله "شو هذا؟" قبل أن يخلعه عن عنقه ويعيده له.[66] ثم أجبر العناصر المجموعة على المشي عدة دقائق بين خطين يتألفان من حوالي 35 عنصرا بلباس مدني، الذين صفعوهم وركلوهم وضربوهم بأيديهم وبالهراوات أثناء اتجاههم إلى غرف التحقيق، بحسب سماندر. وعندما وصل سماندر إلى أول الدرج في نهاية الصف، ركله عنصر في صدره ما تسبب بوقوعه الى أسفل الدرج، إلا أن ذلك العنصر قدم في وقت لاحق دعوى اعتداء ضده وضد أصدقائه، بحسب ما قال سماندر.

عند دخولهم إلى غرف التحقيق في مجموعتين، أجبر حوالي 4 عناصر سماندر وأصدقاءه على الوقوف وظهورهم إلى الحائط وحذروهم من الحركة أو الحديث، وإلا "غضب ربنا بنزل عليك". وقال أحد العناصر لهم "إنتو شاربين كحول، راح ندعس عليكم. إنتو شاربين في شهر رمضان". وقال آخر، "إنتو بدكم داعش يجيكم... إنتو صليبيين غزو جايين على البلد"، في إشارة إلى دينهم المسيحي. كما قال سماندر إنه سمع عناصر آخرين يقولون، "هدول مسيحية خنازير، خليهم يخمجوا هون". 

في اليوم التالي، أطلق العناصر سراحهم مع أمر المثول أمام المحكمة في اليوم التالي.

قال سماندر إنه في اليوم التالي، حكم القاضي على جميعهم بالسجن 7 أشهر لاعتدائهم على عنصر أمن وشرب الكحول علنا، وهي جريمة في القانون الفلسطيني، بالرغم من عدم إخضاعهم لاختبارات الكحول.[67] خفف القاضي الحكم إلى 3 أشهر بعد أن أسقط العنصر الدعوى عنهم. وبناء على الاتفاق مع ذويهم، وافق القاضي على إطلاق سراحهم في ذلك اليوم بدون السجن، بعد أن دفع سماندر غرامة 450 دينار أردني (634 دولار أمريكي). 

وأضاف سماندر أنه تغيب عن العمل 4 أيّام بسبب اعتقاله وجلسة المحكمة. وقدم شكوى أمام النيابة العسكرية ضد العناصر الذين زعم أنهم اعتدوا عليه، إلا أنه قال إنه لا يعلم بأي إجراء اتخذ نتيجة لذلك. بعد تقديم الشكوى، اتصلت الشرطة بوالده مرتين وبعد التعريف بأنفسهم نصحوه بسحب الشكوى ورعاية أسرته، كما قال سماندر لـ هيومن رايتس ووتش.

II. قطاع غزة

منذ أن سيطرت حركة المقاومة الاسلامية )حماس) على قطاع غزة في يونيو/حزيران 2007، ضايقت سلطاتها بالنقاد ومارست انتهاكات بحق المحتجزين لديها. يشرف الأمن الداخلي، تحت مظلة وزارة الداخلية، بشكل عام على التضييق على المعارضة، إلا أن الشرطة غالبا ما تعمل بشكل وثيق مع الأمن الداخلي. 

منذ يناير/كانون الثاني 2016، بحسب رسالة وزارة العدل بقيادة حماس إلى هيومن رايتس ووتش، احتجزت قوى الأمن 45 شخصا بسبب كتاباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي والتي، بحسب ادعائها، بسبب "نشر الأكاذيب، وترويج الشائعات، والتحريض على الكراهية والازدراء". وأضافت أن القوى احتجزت 81 شخص بسبب أزمة الكهرباء في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 بتهمة إتلاف الممتلكات العامة، إلا أنها أطلقت سراحهم خلال 24 ساعة بدون مثول المحتجزين في المحكمة عند موافقتهم على الامتناع عن التظاهر، مع الإشارة إلى أن المظاهرات لم تنسق مسبقا مع السلطات. ‏كما قالت السلطات إنها احتجزت 8 صحفيين منذ يناير/كانون الثاني 2016، إلا أنها أضافت أنهم لم يُحتجزوا بسبب عملهم كصحفيين. 

قالت وزارة الداخلية بقيادة حماس إنها حتى أبريل/نيسان 2018، تحتجز 4,071 رجلا: 1,468 في السجون، 2,038 في مراكز الشرطة بتهم معلقة، و145 محتجزين من قبل الأمن الداخلي وهم عرضة للادعاء العسكري على خلفية "القضايا الأمنية" مثل "التعاون مع الاحتلال"، و150 من قبل الشرطة العسكرية. 

لم تطلب هيومن رايتس ووتش من وزارة الداخلية الإجابة على قضايا فردية موثقة في هذا القسم، إلا أن الوزارة أنكرت بشكل عام اعتقال المعارضين تعسفا. في رسالتها إلى هيومن رايتس ووتش، سلطت الوزارة الضوء على التزامها بحرية التعبير والصحافة ‏مع الإشارة إلى أنها تعتقل المتظاهرين فقط عندما يتسببون بتدمير الممتلكات والمعارضين على خلفية كتاباتهم على وسائل التواصل اجتماعي فقط عندما يشتكي المواطنون من الذم والقدح والتشهير. ‏كما أنها لا تعتقل على أساس الانتماء السياسي وإنما فقط للمشاركة في النشاطات الجرمي، وتشمل مثل هذه النشاطات " النيل من الوحدة الثورية" والتي تعتبر جريمة بحسب القانون الفلسطيني. 

كما ترفض ‏وزارة الداخلية الادعاء بأنها تسيء معاملة المحتجزين بشكل منتظم، وتشير الرسالة إلى الانتهاك الموضعي أو الشبح على أنه أمر محظور وتفرض العقوبات على أي شخص تثبت ممارسته إياه. وتعترف بوضع المحتجزين لدى الأمن الداخلي إلا أنها تنكر وضعهم في غرفة تسمى الباص، حيث يجري التعذيب الموضعي. ‏وأضافت أيضا أنها قامت بتركيب كاميرات للرقابة على التحقيقات وترفض الاعترافات عندما يشتبه بتحصيلها من خلال التعذيب. كما ركزت على إمكانية مخالفة العناصر لهذه القواعد إلا أن هذا لا يعكس ممارسات منهجية.

‏كما نفذت سلطات حماس 25 إعداما منذ سيطرتها على غزة في يونيو/حزيران 2017، منها 6 في عام 2017 بعد محاكمات لم تراعِ الحماية الواجبة، وحكمت المحكمة في غزة على 117 شخصا بالإعدام بحسب المركز ‏الفلسطيني لحقوق الإنسان.[68] 

المعارضة السياسية

عبد الباسط أموم ورامي الجربة، مخيم البريج للاجئين 

يوم 16 أبريل/نيسان 2016، شارك عبد الباسط أموم (49 عاما) ورامي الجربة (39 عاما) الموظفين السابقين في قوى الأمن الوقائي التابعة للسلطة الفلسطينية، والموالين لقائد فتح محمد دحلان، في نشاط لـ فتح نُظم في مخيم البريج.[69] ‏أدى خطاب محافظ منطقة غزة الوسطى وموال للرئيس عباس، عبدالله أبو سمهدانة، ذي الروابط القوية بسلطات حماس، إلى الخلاف واختصار الفعالية. في تلك الليلة، ذهب أموم والجربة، مع 3 آخرين إلى منزل أبو سمهدانة للتعبير عن مخاوفهم حيال كلمته، مما أدى الى بعض التدافع وصفع بعض الرجال لأبو سمهدانة على وجهه، بحسب أموم و الجربة، وإطلاق ابن أبو سمهدانة للأعيرة النارية في الهواء مع مغادرة الرجال. 

بحسب الجربة، في مساء اليوم التالي، اعتقله رجلان مقنعان بزي أسود من منزله وقادوه في سيارة الأمن الداخلي إلى منزل أموم، حيث اعتقلوه، وأخذوا الرجلين إلى مقر الأمن الداخلي في دير البلح.[70] وهناك، قال أموم إن العناصر غطوا رأسهما ووضعوهما في زنزانتين منفصلتين تلك الليلة.[71] في صباح اليوم التالي، سألهما المحققون عن النزاع في منزل أبو سمهدانة ومن ثم نقلوهما حوالي الساعة 10 صباحا إلى ‏مكاتب الأمن الداخلي في مدينة غزة بعد تحذير الرجلين بأنهما سيعذبان هناك. 

قال الجربة إنه بعد فترة من وصولهما إلى مكاتب الأمن الداخلي، أخضعه العناصر لفحص طبي سريع ومن ثم أمروه بالدوران حتى داخ، ثم لكموه بشكل متكرر على الرأس والوجه، وركلوا أرجله، وألقوا سترته على الأرض وداسوا عليها. بعد ٣٠ دقيقة، قال أحد العناصر، "ضعوا هؤلاء الكلاب في باص واحد"، في إشارة إلى غرفة تجبر فيها السلطات المحتجزين على اتخاذ وضعيات مؤلمة تتسبب بالإجهاد لفترات طويلة لإجبارهم على الاعتراف. 

قال أموم لـ هيومن رايتس ووتش إنه أثناء التحقيق معه في غرفة منفصلة من قبل المحققين، صفعوه على وجهه ورقبته، ودفعوه على الحائط، وسحبوه من رقبته، وركلوا وضربوه بواسطة سلك على رجليه قبل وضعه في الباص.

قال الجربة إنه في الباص، وضع العناصر نظارات سوداء على عينيه لم يستطع أن يرى من خلالها، وأجبروه على الوقوف باستثناء استراحة واحدة لمدة 15 دقيقة عندما كان يسمح لهم بالجلوس على كرسي صغير وغير مريح حتى الساعة 6 صباحا من اليوم التالي. وهدد العناصر بإخضاع غير المطيعين للشبح وألزموا الموجودين في الباص بطلب الإذن للصلاة والذهاب الى الحمام والجلوس. وتلقى أموم تعليمات مشابهة، مع أن العناصر نقلوه إلى غرفة أخرى، وبعد بضع ساعات أعادوه إلى غرفة التحقيق حيث تعرض للمزيد من الضرب. إلا أنهم في هذه المرة، كما قال أموم، أمره العناصر بالجلوس على الأرض وخلع حذائه ووضع رجليه على كرسي حديدي. ثم جلس العناصر على صدره ورجليه في حين جلد عنصران آخران باطن قدميه بسلك ومن ثم ضربوه على صدره، ما تسبب بشعوره بأنه سيغمى عليه. بعدها، أعاد العناصر أمومإلى الباص حيث بقي لليوم التالي. 

أبقى العناصر الجربة في الباص في اليوم والليلة التاليين. وفي هذه الأثناء، مثل أموم أمام المدعي العسكري الذي اتهمه بـ "النيل من الوحدة الثورية"ومدد احتجازه لمدة 15 يوما، ثم أعيد إلى الباص تلك الليلة. استجوبه المحققون في اليوم التالي، وضربوه بشكل متكرر على وجهه وصدره. وقال إنه هذه المرة شعر بـ "التعب" ولَم يستطع تحمل "الألم الشديد في أذنيه وصدره" وطلب العرض على طبيب. ثم طلب من الطبيب تحويله إلى المستشفى إلا أن الطبيب قال له، بحسب الجربة، "لا يوجد مستشفى هنا، فقط قبر".

كما استجوب المحققون الجربة يوم 19 أبريل/نيسان وسألوه عن المشادة مع أبو سمهدانة. عندما أنكر إطلاق النار خلال الحادثة، صفعوه على وجهه، وأوقعوا نظاراته، ما أتاح له رؤية الرجال الأربعة الذين يستجوبونه. ثم غطوا رأسه وسألوه عن علاقاته مع الضفة الغربية ومصر وإسرائيل، وضربوه على رأسه وجسده وركلوا رجليه بين الأسئلة. 

حوّل العناصر الجربة بعد ذلك إلى النيابة العسكرية، التي مددت احتجازه 15 يوم، ثم أعادوه الى الباص. وهناك واجه تحقيقا إضافيا في اليوم التالي، شمل أسئلة عن الانتماء السياسي لعمته في الضفة الغربية. وجلدوا قدميه، كما فعلوا مع أموم، واستمروا في ضربه، مع التركيز على المناطق التي شعر بالألم فيها، بحسب ما قال. 

يوم 21 أبريل/نيسان، في اليوم الخامس من احتجاز الجربة وأموم، زار المدير العام لقوى الأمن الداخلي في غزة توفيق أبو نعيم الرجلين وأمر بإطلاق سراحهما، وشجعهما على التقدم بشكاوى. ولَم يسمعا عن التهم منذ إطلاق سراحهما. 

بعد أسبوع، استدعت السلطات الرجلين لسؤالهما عن معاملتهما خلال الاحتجاز وعرضتهما على أطباء. بعد شهر، قال له أبو نعيم إن السلطات قررت تغطية نفقاتهما الطبية إلا أن الرجلين رفضا الأمر، بحسب أموم 

يوم 10 يناير/كانون الثاني 2017، حوالي الساعة 6 مساء، شارك عموم أيضا في احتجاج دام بين 10 إلى 15 دقيقة في مخيم اللاجئين يتعلق بأزمة الكهرباء. وبحسب زوجة أموم، إيمان، حوالي الساعة 11 في تلك الليلة، جاء 3 عناصر بالزي الرسمي و3 رجال بلباس مدني إلى المنزل بحثا عن أموم.[72] وبعد أن قيل لهم أنه ليس في المنزل، عادوا الساعة 1 صباحا وقبضوا على ابنه، وعمره 17 عاما. قالت إيمان إنها حاولت مع ابنتها وفقهم، إلا أن أحد العناصر ضربها في الصدر بكعب بندقيته وصفع ابنتها على وجهها، قبل أن يأخذ الأبن.

الساعة 9 صباحا من اليوم التالي، مثل أموم أمام الأمن الداخلي في دير البلح، وبعد أن تأكد من إطلاق سراح ابنه، وافق على الخضوع للتحقيق. سأله العناصر عن تنظيم المظاهرة، قائلين في إشارة إلى الموالين لفتح، "أنتم تنشرون الفوضى والانقسام في الدولة". وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن الضباط وضعوه في زنزانة انفرادية حتى صباح اليوم التالي، عندما وضعوه مع 6 آخرين من متظاهري الكهرباء.[73] في تلك الليلة، نقلهم العناصر في حافلة إلى مقر الأمن الداخلي في مدينة غزة، وقد غطوا أعينهم بنظارات سوداء وأجبروهم على الوقوف والنظر إلى الأمام في السيارة، مع مد أيديهم والامساك بالشخص الواقف أمامهم. داس السائق بشكل مستمر على المكابح أثناء القيادة، وقال أموم إنه يعتقد بأن هذا كان متعمدا لجعل المحتجزين يرتدّون في الحافلة ويقعون.   

عصب العناصر أعين الرجال عند وصولهم إلى مقر الأمن الداخلي وأجبروهم على الوقوف في الباص. بعد ثلاثين دقيقة، سأله المحققون عن منظم المظاهرة، واتهموا أموم والآخرين بـ "زعزة الأمن"، ثم سألوه إن كان أمين عام فتح. أمضى الرجال الليلة في الغرفة المسماة الباص، حيث كانوا مجبرين على الوقوف أو الجلوس على كرسي صغير، باستثناء لفترة 15 إلى 30 دقيقة عندما سمحوا له بالنوم، بحسب ما قال أموم.

في صباح اليوم التالي، سأل ضابط المحتجزين الآخرين عن مكان عملهم. عندما قال عموم "الأمن الوقائي"، أمره بممارسة تمارين الضغط، وأثناء قيامه بذلك، وضع حذاءه على رقبته حتى لم يتمكن أموم من الاستمرار. حقق العناصر معه مرة أخرى، وعندما قال إنه لا يمكنه إضافة شيء، قال عنصر آخر، "خليه يحكي غضب عنه" وأحضر العنصر عصا ضربها على الحائط ثم أعادوه إلى الباص حتى وقت متأخر من المساء. وأطلقوا سراح أموم بعد أن تعهد أخوه بدفع مبلغ 10,000 دولار أمريكي إن شارك في المزيد من المظاهرات، مع أن عموم رفض توقيع التعهد بعدم التظاهر بنفسه. ولم يعيدوا له هاتفه الخلوي لأكثر من أسبوعين.

تغريد أبو طير، خان يونس

اعتقلت قوات الأمن تغريد أبو طير (48 عاما)، وهي صحفية في هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية وناشطة في فتح، من منزلها في أبريل/نيسان 2017، في ما يبدو بأنه رد على حضورها مؤتمرات فتح في رام الله.

قال عبد أبو صرم، زوج أبو طير، لـ هيومن رايتس ووتش إنه في يوم 13 أبريل/نيسان، حوالي الساعة 2 بعد الظهر، داهم حوالي 14 عنصرا، 6 منهم بلباس مدني والباقي يلبسون الزي الرمادي الخاص بقوات الأمن الداخلي منزلهم وصادروا 3 حواسيب، وهواتف خلوية تعود لكل فرد من أفراد الأسرة، بالإضافة إلى هاتف يعود إلى ضيف، واعتقلوا أبو طير.[74] وأضافت أبو طير أنهم أخذوها إلى مقر الأمن الداخلي في خان يونس قبل نقلها بسرعة إلى مقر الأمن الداخلي في مدينة غزة، حيث بقيت يومين دون التحقيق معها، بحسب قولها.[75] بعد ذلك، أحضرها العناصر لتمثل أمام النيابة العسكرية، التي أمرت باحتجازها لمدة 15 يوم.

خلال التحقيق الأول مع الأمن الداخلي، سألها العناصر عن انتمائها السياسي ورحلتين دامتا يومين عام 2016 إلى الضفة الغربية، حيث التقت بأعضاء من لجنة فتح المركزية.[76] وقال لها المحققون إنهم وجدوا مقالا أثناء التفتيش في هاتفها الخلوي أرسله لها صحفي آخر على "فيسبوك مسنجر" يتعلق بالفساد داخل حماس، واتهموها بنقل هذه المعلومات إلى السلطة. وأطلقوا سراحها يوم 24 أبريل/نيسان بعد 11 يوما من الاحتجاز، ولم تسمع منذ ذلك الوقت أي معلومات أخرى عن قضيتها ولا تعلم بأي تهم موجهة ضدها.

في معرض حديثها عن تجربتها، تقول أبو طير، "أشعر أنني مراقبة، وكأنني تحت المجهر. أطلق سراحي، إلا أنني لا أشعر بأني حرة حتى الآن. لقد كسروا رغبتنا بالدفاع عن حقوق المواطنين".

وسائل التواصل الاجتماعي

"سامي"، مخيم جباليا للاجئين

مثل "سامي" (27 عاما)، وهو أخصائي اجتماعي ومنسق المركز المجتمعي لـ "اتحاد لجان العمل الصحي"، أمام الأمن الداخلي في مخيم جباليا الساعة 8 صباحا يوم 27 أبريل/نيسان 2017، بحسب استدعاء تلقاه مساء اليوم السابق.[77] بعد 30 دقيقة من دخوله، صفعه أحدهم على وجهة أثناء مرروه في الردهة، كما قال سامي لـ هيومن رايتس ووتش.

بعد ذلك بوقت قصير، قال إن 4 أو 5 رجال بلباس مدني أخذوه إلى غرفة للتحقيق، حيث سألوه عن منشور على فيسبوك ناقش فيه اقتباس من كتاب المؤلف الفلسطيني غسان كنفاني "أرض البرتقال الحزين"، حيث يبدو وكأن الكاتب يسخر من الله.[78] خلال هذه الفترة، غطوا رأسه، ووضعوا أرجله على كرسي آخر، وجلدوا باطن قدميه لأكثر من 10 دقائق وهو يسبونه قائلين "كافر" و"زنديق"، مهددين بكسر رجليه. كما سألوه عن الكتب التي قرأها، وبالتحديد عن كارل ماركس، وصورة قبل سنتين على حسابه على فيسبوك ظهر فيها مع شاب وشابة، مكتوب عليها "غزة، عكا، نابلس.. الأردن يجمعنا"، وأبويه، الأعضاء في الحزب اليساري "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".

بعد هذا التحقيق، احتجزه العناصر حوالي ساعة ونصف قبل نقله بسيارة "جيب" إلى مركز جباليا الأمني. هناك، استمر العناصر في طرح أسئلة مشابهة. وقال له المحققون أنهم يحققون معه على خلفية مجموعة من التهم، منها "سب الذات الإلهية"، و"ازدراء الاديان"، و"إهانة الشعور الديني"، و"إهانة الحساسيات الدينية"، و"إساءة استخدام التكنولوجيا".

حوالي الساعة 7:30 من تلك الليلة، نقلته الشرطة بسيارة جيب إلى مركز أمني قريب، حيث احتجز مع 20 إلى 25 شخصا في غرفة ذات رائحة كريهة وبدون نوافذ بنيت لعدد لا يتجاوز نصف ذلك العدد. هناك، لم يتمكنوا من الوصول إلى الصحف، الراديو، التلفزيون، أو الكتب، باستثناء بعض الكتب الدينية. وبقي هناك لمدة يوم ونصف.

قال العناصر إنه سيمثل أمام النيابة يوم 14 مايو/أيار، إلا أنهم أطلقوا سراحه بدون تفسيرات إضافية حوالي الساعة 12 ظهرا يوم 13 مايو/أيار، بعد أن وقع تعهد "بعدم إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

قال سامي لـ هيومن رايتس ووتش إنه أصبح أكثر "حذرا" منذ اعتقاله، وإنه ينوي "عدم الكتابة على فيسبوك عن قضايا قد يساء فهمها أو تفسيرها... لا يقرأ الجميع غسان كنفاني".

عامر بعلوشة، بيت لاهيا

كتب عامر بعلوشة (26 عاما)، وهو ناشط وصحفي، على فيسبوك في يوليو/تموز 2017، "هل ينام أطفالكم [في إشارة إلى قادة حماس] على الأرض مثل أطفالنا؟"، في إشارة إلى نوم الأطفال على الأرض في الصيف بحثا عن البرودة في الأسر التي لا تستطيع تحمل كلفة المولدات الكهربائية لتشغيل المكيفات الهوائية.

بعد ذلك بقليل، تم استدعاؤه للأمن الداخلي في بيت لاهيا.[79] وعندما حضر إليهم يوم 4 يوليو/تموز، وضعه العناصر في زنزانة انفرادية وسألوه عن سبب كتابته للمنشور على فيسبوك. بعد حوالي 12 ساعة، حولوه إلى قسم الاستخبارات في مركز أمن بيت لاهيا، حيث سألة مرة أخرى المحققون عن المنشور. أمرت النيابة بعد ذلك باحتجازه لمدة يومين بتهمة "إساءة استخدام التكنولوجيا". بعد 4 أيام، مثل بعلوشة أمام محكمة صلح شمال غزة، حيث أمر القاضي باحتجازه 15 يوم واشتكى أنه "يستخدم فيسبوك لمعارضة الحكومة" وأنه "ضرب ظهر المقاومة". ورفض القاضي بعد ذلك طلبين لإطلاق سراحه بكفالة.

بعد 15 يوم من احتجازه، عرض مدير شرطة بيت لاهيا إطلاق سراحه في حال أنكر على فيسبوك اعتقاله، بحسب ما قال بعلوشة. رفض بعلوشة ذلك، إلا أنه وقع تعهدا بعدم الكتابة عن اعتقاله، ما أدى إلى إطلاق سراحه بشرط أن يدفع والده 100 ألف شيكل إسرائيلي (27,480 دولار أمريكي) إذا لم يمثل أمام المحكمة. وما زالت التهم ضده قائمة.

قالت وزارة الداخلية في رسالة إلى هيومن رايتس ووتش إن احتجاز بعلوشة مرتبط بقضية جنائية، إلا أنه لم يقدم أي تفاصيل إضافية. وأشارت وزارة العدل إلى أن احتجازه كان بسبب انتهاكات متكررة للقوانين ذات الصلة بالصحافة والنشر، وليس منشور على فيسبوك.

في حادثة منفصلة يوم 29 أبريل/نيسان 2017، أمسك 9 رجال بلباس مدني يحملون بنادق كلاشنكوف، 6 مشيا على الأقدام و3 على دراجات نارية بعلوشة وهو يمشي بالقرب من مدرسة الفاخورة في بيت لاهيا، ووضعوه في سيارة بيضاء، وهم يعبرون عن الفرح فيما بينهم بأنهم "جبنا (أحضرنا) عامر، جبنا رأس الفتنة"، بحسب قوله. وأضاف بعلوشة لـ هيومن رايتس ووتش أنه اعتقد أن الرجال قد يكون من تنظيم "الدولة الاسلامية" (المعروف أيضا باسم "داعش")، إلا أنه نقلوه إلى الأمن الداخلي في بيت لاهيا، حيث أمضى الليلة في زنزانة مساحتها مترين بمترين.

في صباح اليوم التالي، عصب العناصر عينيه، وكبلوا يديه ورجليه، وبدأوا بسؤاله عن دوره في تنظيم المظاهرات، واتهموه بقبض الأموال و"التخابر" مع "رام الله (السلطة الفلسطينية)"، مع صفعه بين الحين والآخر على وجهه ورأسه، وركل رجليه. وقالوا له، "ممنوع تكتب ضد حماس، رح نطخك". وقال إن التحقيق دام حوالي ساعتين. أطلقوا سراحه في نفس اليوم، بدون أن يمثل أمام النيابة، بعد أن وقع تعهدا بعدم تنظيم المظاهرات أو الكتابة ضد حماس. وقال إنه أعطى العناصر، الذين صادروا هاتفه الخلوي عند احتجازه، كلمة السر لحسابه على فيسبوك عندما طلبوها منه، وشعر أنه لا يستطيع الاعتراض في هذه الظروف، وسيطروا على حسابه، ما أدى به إلى وقف الحساب بعد إطلاق سراحه. كما صادروا هاتفه الخلوي لمدة أسبوعين.  

كما احتجزت شرطة بيت لاهيا بعلوشة لمدة ليلة في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، إلا أنها لم تقدم له سببا لذلك، بحسب ما قال. ويوم 3 يناير/كانون الثاني 2018، احتجزته لمدة 13 ساعة قبل مظاهرة ساعد في تنظيمها وقال إنها تدعو إلى المصالحة مع فتح، وقالوا له إنهم لن يطلقوا سراحه حتى يوقع على تعهد يحمله مسؤولية أي تصرفات يرتكبها المتظاهرون. رفض بعلوشة التوقيع، إلا أن الشرطة أطلقت سراحه بعد أن انسحب من تنظيم المظاهرة والتزم بالامتناع عن تنظيم المظاهرات بدون إذن الحكومة.

"مجد"، مخيم البريج للاجئين

مثل "مجد" (36 عاما) الموظف السابق في السلطة الفلسطينية والموالي للقائد في فتح محمد دحلان، في مقر الأمن الداخلي في دير البلح الساعة 8 صباح 25 فبراير/شباط 2017 بعد استدعائه في اليوم السابق.[80] وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن العناصر وضعوه في زنزانة، وفي الساعة 10 صباحا، أخذوه معصوب العينين إلى غرفة التحقيق.

هناك، حقق معه العناصر عن منشور على فيسبوك وسم صديقه اسمه عليه، يفيد بـ "سنمهل شركة الكهرباء 24 ساعة – وإن لم يعيدوا الكهرباء كالعادة، سنخرج إلى الشارع!" وقالوا إن المنشور يشكل تحريضا وتهديدا لشركة الكهرباء. وقال مجد إن العناصر أعادوه إلى زنزانته بعد أن أزال الوسم عن نفسه في المنشور.  

حوالي الساعة 9 مساء، نقله العناصر إلى مقر الأمن الداخلي في مدينة غزة ووضعوه في الباص، وأجبروه على الجلوس معصوب العينين ومكبل اليدين في كرسي صغير مصمم للأطفال، ومنعوه من النظر إلى اليمين أو اليسار، أو إزالة العصبة على عينيه، أو التحدث، أو استعمال الحمام بدون إذن. وقال إنه أمضى معظم الوقت خلال 3 أيام على ذلك الكرسي، ونام عليه أيضا، مع استراحات قصيرة فقط لاستعمال الحمام والصلاة.

في اليوم الرابع، سأله المحققون عن الشخص الذي نشر استدعاءه للأمن الداخلي على فيسبوك، ومن ثم حولوه إلى الادعاء العسكري. وقال له المدعي العام إنه سيتهمه تبعا لقانون منظمة التحرير الفلسطينية بـ "النيل من الوحدة الثورية" وسأله إن كان قد حرض ضد الحكومة أو تسبب بالنزاع في المجتمع. وعندما أنكر جميع التهم، قالوا له إن احتجازه سيمدد 15 يوما وأعادوه إلى الباص.

قال مجد إنه في اليوم التالي في الباص، فقد الوعي، بعد شعوره "بألم شديد في الكلى والعمود الفقري". وقال إنه شعر وكأنه عنقه "سينكسر" وأن جسده "يتمزق من الداخل". بعد تدخل الطبيب، أحضر له العناصر فراشا لينام عليه، إلا أنهم أمروه بالعودة إلى الكرسي حوالي منتصف الليل. وقال إنه شعر بأنه "سيصرخ من شدة الألم".

حوالي الساعة 1 من بعد ظهر اليوم التالي، قال له العناصر إنهم سيطلقون سراحه بطلب من حركة الجهاد الإسلامي، وبعد أن وقّع شقيقه على ضمانة بأنه سيدفع 5 آلاف شيكل (1,411 دولار أمريكي) في حال شارك في مظاهرة أخرى، أطلقوا سراحه.

قال مجد إنه منذ الانقسام عام 2007، تحتجزه سلطات حماس مرة بالسنة تقريبا، غالبا بعد الأحداث العامة، وفي بعض الأحيان كانوا يسيئون معاملته. في يناير/كانون الثاني 2017، احتجزه الأمن الداخلي لمدة 5 أيام بعد أن شارك في مظاهرة كهرباء في مخيم البريج.   

عبدالله أبو شرخ، مخيم جباليا

يوم 29 مايو/أيار 2017، كتب عبد الله أبو شرخ (54 عاما)، الكاتب ومعلم الرياضيات لدى الأونروا، على فيسبوك في استجابة للتعليقات الصادرة عن قائد حماس صلاح البردويل عن الحالة القائمة في غزة. وكان البردويل قد أعلن، "يمكن لحماس الاستمرار بالقيام بما قامت به على مدى 11 عاما مضت لمدة 11 سنة أخرى. وستصمد غزة مع الشعب الفلسطيني وتوجد الحلول لأزماته."[81] وكتب أبو شرخ: "يا سيد بردويل غزة ليست صامدة... والحياة ليست رغيدة إلا على قادة حماس فقط". وقارن ما اعتبره رغد قادة حماس بـ "الظلم" الذي يشعر به الآخرون، قائلا إن حماس تحكم "بالحديد والنار".[82] في اليوم التالي، حضر 4 أو 5 رجال بلباس مدني إلى منزله وقالوا إنهم يرغبون بالحديث معه "لمدة نصف ساعة"، بحسب ما قال أبو شرخ لـ هيومن رايتس ووتش.

أخذوه إلى مقر الأمن الداخلي في مدينة غزة.[83] وهناك عصب العناصر عينيه ووضعوه في الباص، حيث أجبروه على الوقوف أو الجلوس في كرسي صغير لعدة ساعات، مع حوالي 15 محتجزا آخرين – الذين رآهم عندما أزالوا العصبة عن عينيه حتى يتمكن من استخدام الحمام. وقال أبو شرخ في وقت لاحق، "لا يمكن تخيل قدر الألم" الناتج عن الوقوف أو الجلوس في كرسي صغير لعدة ساعات في كل مرة. وقال إنه شعر بالألم في ظهره، وعنقه، وركبته، لأكثر من 4 أيام بعد إطلاق سراحه.

خلال عدة جلسات تحقيق، صادر العناصر هاتفه الخلوي، الذي احتفظوا به لمدة شهر، وسيطروا على حسابه على فيسبوك، بعد أن أجبروه على منحهم كلمة السر لحسابه على فيسبوك بعد التهديد باحتجازه 6 أشهر. وسألوه عن روابطه المزعومة مع رام الله ومع "جهات أجنبية". وأحالته السلطات إلى النيابة العسكرية، إلا أنهم أطلقوا سراحه بعد 5 أيام وبعد أن وقع تعهدا بـ "عدم القدح والتشهير في مقامات وطنية عليا".

في 28 يناير/كانون الثاني 2017، اعتقلت شرطة جباليا أبو شرخ، واحتجزته يومين بعد أن دعا الناس إلى المشاركة في مظاهرات، وكتب مقالة عن أزمة الكهرباء والأزمة الاقتصادية في غزة.[84]

يوم 26 أبريل/نيسان 2017، احتجزه الأمن الداخلي في جباليا مرة أخرى لمدة يومين، فيما يبدو أنه رد على كتابات أغضبت الجهاز، منها مقالة حول "جماعة الإخوان المسلمين"، التي تتبعها حماس، والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي حول إدارة أزمة الكهرباء، واعتقالات حماس التي اعتبرها ذات حافز سياسي، وتقرير حول إعلان جاهزية حماس للحرب على لسان المتحدث باسمها، "حتى لو خسرنا نصف مليون شهيد" (بخصوص المنشور الأخير، قال أبو شرخ لـ هيومن رايتس ووتش إنه أخطأ، وإنه لم يكن هناك مثل هذا التعليق). وقال إن السلطات استجوبته حول كل من هذه الأمور وقالوا له، "أنت تشهر بنا".[85]

في 3 يناير/كانون الثاني 2018، اعتقلته شرطة جباليا من منزله قبل يوم من المظاهرات التي شجع الناس على المشاركة بها، بهدف الدعوة إلى المصالحة بين حماس وفتح. واحتجزته مع نشطاء آخرين لأكثر من 7 ساعات، وأطلقت سراحه بعد أن وقع تعهدا بأن "يلتزم بالأخلاق الحميدة".[86]

نتيجة لهذه الاعتقالات الأربعة خلال أكثر من سنة على خلفية انتقاد السلطات أو المشاركة في المظاهرات، قال أبو شرخ إنه قرر وقف نشاطاته السياسية. وقال "قررت أن أتركهم وحدهم، حتى يتركوني وحدي".

الصحفيون

فؤاد وأشرف جرادة، مدينة غزة

يوم 9 يونيو/حزيران 2017، حوالي ساعة بعد إفطار رمضان،[87] وصل 3 عناصر شرطة بلباس مدني إلى منزل فؤاد جرادة (34 عاما)، الصحفي في هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، وصادروا حاسوبه المحمول وهاتفه الخلوي، وأخذوه إلى مقر الأمن الداخلي في مدينة غزة.[88] وتقريبا في نفس الوقت، احتجز عنصران بلباس مدني ابن عم فؤاد، أشرف جرادة، وهو موظف سابق في السلطة الفلسطينية عمره 41 عاما، وهو يسير في الشارع بالقرب من منزله في مدينة غزة، وأخذوه أيضا إلى نفس الموقع.[89]

قال فؤاد إن العناصر سألوه عن منشور كتبه على فيسبوك قبل 3 أيام، رحب فيه بإجراءات اتخذتها دول الخليج لعزل قطر. "لماذا تعارض قطر؟" سألوه، "ألا تعرف ما تمنحه قطر للمقاومة؟" كما سألوه عن علاقات فؤاد بالسلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها فتح، وانتمائه السياسي، ولماذا يكتب المنشورات "التحريضية" على فيسبوك، وعن عدد من التقارير الإخبارية التلفزيونية الأخيرة التي أنتجها، منها قصص حول الاعتقالات السياسية في غزة، وأزمة الكهرباء في غزة، وطفل عمره 7 سنوات توفي نتيجة للإهمال المزعوم من قبل الأطباء في غزة.[90]

بعد التحقيقات الأولية، نقلت الشرطة فؤاد وأشرف إلى الباص، حيث عصبوا أعينهما وأجبروهما على الوقوف أو الجلوس في كرسي أطفال لعدة ساعات في كل مرة. وقال فؤاد إنه أمضى حوالي شهر يتناوب بين 3 أيام وهو يقف و3 أيام يجلس على كرسي صغير، في حين قال أشرف إن العناصر أجبروه على التناوب بين ساعتين وقوف، والجلوس 20 إلى 30 دقيقة خلال الشهر الذي كان التحقيق المكثف يجري فيه. ونقلهما العناصر بعد ذلك إلى زنزانات عادية.

وكان العناصر بين الحين والآخر يستدعوهما للاستجواب ويعودون إلى نفس الأسئلة. خلال التحقيق الأول بعد وضعهما في الباص، قال فؤاد إن المحققين طلبوا منه أن يفتح يديه وجلدوهما بسلك، ثم جلدوا قدميه 10 إلى 12 مرة. وبقي الضرب قائما في التحقيق معه، حيث كان لكل محقق "أسلوبه الخاص" وخياره المفضل. وصف أشرف معاملة مشابهة، منها استجواب كان المحققون خلاله يجلدونه 50 مرة على كل يد، ما تسبب بانتفاخ خطير، وتحقيقا آخر جلدوا فيه أقدامه لمدة 7 أو 8 دقائق.

أحالت السلطات القضيتين إلى النيابة العامة العسكرية، التي اختارت اتهام الرجلين تبعا لقانون منظمة التحرير الفلسطينية الذي يجرّم "النيل من الوحدة الثورية"، وجددت اعتقالهما. وقال فؤاد إنهم اتهموه أيضا بالتعامل مع إسرائيل، الأمر الذي ينكره بشدة.

يوم 13 أغسطس/آب، أطلق العناصر سراح فؤاد، بحسب اتفاق يبدو فيه أن السلطة الفلسطينية وافقت على إطلاق سراح عدد من الصحفيين المحتجزين الذين يعملون لصالح مؤسسات إعلامية متعاطفة مع حماس، ومنهم محمد حمامرة، وطارق أبو زيد، وأحمد الحلايقة. وأضاف فؤاد أن إطلاق سراحه كان مشروطا بالتطورات في قضايا الضفة الغربية، إلا أن النيابة في النهاية أسقطت التهم. أطلق سراح أشرف بكفالة يوم 22 أغسطس/آب ولم يسمع شيئا منذئذ عن التهم الموجهة ضده.

محمد عثمان، مدينة غزة

يوم 28 أغسطس/آب 2016، نشر محمد عثمان (31 عاما)، وهو صحفي مستقل من مدينة غزة يكتب للموقع الاخباري "المونيتور" ويعمل كصحفي حر مع "التلفزيون العربي" في لندن، وثيقة مسربة على فيسبوك، تبين مسؤول سابق رفيع المستوى في حماس يصادق على توزيع الزكاة، بالرغم من عدم تمتعه بأي دور رسمي في الحكومة. يوم 1 سبتمبر/أيلول 2016، حضر 6 من أفراد الشرطة، 3 باللباس مدني و3 بالزي الرسمي، إلى منزل عثمان حوالي الساعة 4:10 عصرا، بحسب ما قال عثمان لـ هيومن رايتس ووتش.[91] وقالوا إنهم يحملون مذكرة تفتيش، إلا أنهم لم يعرضوها عليه. وبحضوره وبحضور زوجته، ذهب العناصر مباشرة إلى غرفة نومهما، وصادروا حاسوبين محمولين، 3 هواتف نقالة (منها هاتفين خلويين)، وأوراق، وكاميرا رقمية، ودفاتر، وكتاب واحد. وضعوا عثمان بعدها في سيارة وأخذوه إلى مقر الأمن الداخلي في مدينة غزة. وهناك، قال إن عناصر الأمن الداخلي سألوه عن مصدر الوثيقة المسربة التي نشرها على فيسبوك يوم 28 أغسطس/آب. وعندما رفض الكشف عن مصادره، وضعه العناصر لمدة ساعة ونصف في الباص، حيث منعوه من الجلوس، باستثناء في كراسي مخصصة للأطفال، ومنعوه من الصلاة أو استخدام الحمام بدون إذن. رافقت الشرطة عثمان إلى غرفة التحقيق بعد ذلك، وعندما رفض مرة أخرى الإفصاح عن مصدر التسريب، صفعه المحقق وعنصر آخر على وجهه بشكل متكرر لمدة دقيقتين. بعدها، غطوا رأسه، وكبّلوا يديه خلف ظهره، ورفعوا سلكا مربوطا بالأصفاد تدريجيا، ما أجبره على رفع يديه حتى أوشكت قدماه على الارتفاع عن الأرض. أبقوا عثمان في هذه الوضعية 5 دقائق، وهو يصرخ من الألم، قبل إزالة الأصفاد عنه.

قال عثمان لـ هيومن رايتس ووتش إنهم عاودوا التحقيق معه، وحذروه بأنهم "سينهون مستقبله كصحفي" إن "انتقد الحكومة أو الأجهزة الأمنية"، ووضعوه في زنزانة تلك الليلة قبل إطلاق سراحه في اليوم التالي. وقال المفتش العام في وزارة الداخلية محمد لافي خلال اجتماع في غزة في سبتمبر/أيلول 2016 إنهم جعلوا عثمان يوقع على تعهد "بعدم نشر الشائعات أو الحديث عنا بسوء".[92] بعد بضعة أيام، أعادوا له كل شيء صادروه باستثناء دفتر واحد يحتوي على ملاحظات من مقابلات أجراها. ولم تتهمه السلطات بأي جريمة.

قال عثمان إنه استدعي للتحقيق في أغسطس/آب 2016 وتلقى تهديدات بالقتل في يناير/كانون الثاني 2015 من مجموعة مسلحة عندما كتب عن الإعدامات المشتبه في أنها ارتكبت بحق بالمتهمين بالعمالة، وترك غزة بعد شهرين من اعتقاله في نوفمبر/تشرين الثاني 2016. وأضاف أنه لا ينوي العودة.

أثارت هيومن رايتس ووتش قضية عثمان في اجتماعات مع مسؤولين رفيعي المستوى في غزة في سبتمبر/أيلول 2016. ووصف وكيل وزارة العدل عمر البرش عثمان بأنه "جاسوس".[93] أما المفتش العام في وزارة الداخلية محمد لافي فقد اعترف بعثمان كصحفي، إلا أنه قال إنه "كتب الكثير من الأشياء الخاطئة عن عملنا على مواقع الكترونية".[94] وفي سبتمبر/أيلول 2016 أيضا، تعهد وكيل وزير الداخلية كامل أبو ماضي في ذلك الوقت بالتحقيق في ادعاءات سوء المعاملة ونشر النتائج خلال 3 أسابيع.[95] كتبت هيومن رايتس ووتش لوزارتي العدل والداخلية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 للسؤال عن وضع التحقيقات، إلا أنها لم تسمع منهما حتى وقت كتابة هذا التقرير.

هاجر حرب، مدينة غزة

يوم 24 يونيو/حزيران 2016، أنتجت هاجر حرب (34 عاما)، وهي صحفية حرة، قصة بثها التلفزيون العربي في لندن، والتي عملت خلالها بشكل سري وطلبت من طبيب كتابة تقرير بغير وجه حق يفيد بأنها تعاني من حالة طبية طارئة تتطلب العلاج في الضفة الغربية. وأوضحت له أن دافعها الحقيقي هو الزواج من رجل يعيش هناك. وشمل التقرير تصويرا للطبيب، الذي أخفت وجهه، ورجلا يعمل في رام الله يعترف بأنه حصل على تصريح بمغادرة غزة من خلال تقرير طبي مزور.

بعد يومين، تلقت حرب مكالمة هاتفية من مكتب الإعلام الحكومي يدعوها للتحدث معهم، إلا أنها رفضت الذهاب، كما قالت لـ هيومن رايتس ووتش.[96] يوم 13 يوليو/تموز، استدعتها النيابة للتحقيق، بسبب شكوى قالوا إنهم استلموها من الطبيب الذي ظهر على الفيديو. وعندما مثلت أمام النيابة، سئلت عن مصادرها وأسماء الأشخاص الذين ساعدوا في التحضير للتقرير، وجميع الوثائق غير المنشورة، والنسخة الأصلية من الفيديو قبل إخفاء الوجوه. ورفضت حرب الامتثال.

يوم 28 أغسطس/آب، قالت لها النيابة إنها تحقق معها في 5 تهم: "انتحال الشخصية"، و"التشهير بوزارة الصحة"، و"نشر المعلومات الخاطئة حول الفساد في وزارة الصحة"، و عدم توخي الدقة والحذر في نشر المعلومات التي تسيء إلى سمعة وزارة الصحة"، و"الروابط مع الإرتباط مع جهة أجنبية... التي لا صلة بها بقطاع غزة أو مكتب الإعلام الحكومي".[97] إلا أن حرب توصلت إلى اتفاق مع النيابة بعد بضعة أيام لتقديم معلومات استخدمتها مقابل عدم إحالة قضيتها للمحكمة.

في مايو/أيار 2017، تركت حرب غزة للخضوع لعلاج سرطان الثدي في الأردن، وخلال غيابها في الشهر التالي، أدانتها محكمة الصلح غيابيا بنفس التهم التي بدأت النيابة التحقيق معها بناء عليها قبل عدة أشهر وحكمت عليها بالسجن 6 أشهر وغرامة قيمتها 1,000 شيكل (282 دولار أمريكي). في ديسمبر/كانون الأول 2017، علقت المحكمة الحكم، ووافقت على البدء بإجراءات جديدة عند عودتها.[98] عادت حرب إلى غزة في أبريل/نيسان 2018، وستكون جلستها القادمة، بعد عدة تأجيلات، في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

المظاهرات

محمد تلولي، مخيم جباليا، وشكري أبو عون، بيت لاهيا

نظم محمد تلولي وشكري أبو عون )26 عاما) مظاهرات في مخيم جباليا للاجئين بسبب أزمة الكهرباء في يناير/كانون الثاني 2017. وقال تلولي لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد أن نشر دعوة للمظاهرات على فيسبوك مع أبو عون وآخرين، استدعاه الأمن الداخلي وطلب منه تسليم نفسه "للتحريض على العنف".[99] إلا أنه شارك مع أبو عون في المظاهرات الضخمة التي نظمت يوم 12 يناير/كانون الثاني. مع انتهاء المظاهرة، رمى المتظاهرون والموالون لحماس الحجارة على بعضهم البعض، ما حدا بقوات الأمن إلى إطلاق النار في الهواء وتفريق المظاهرة، بحسب تلولي. وخوفا من الاعتقال، اختبأ تلولي وأبو عون لعدة أيام، زارت خلالها قوات الأمن منزلهما. وخلال هذه الزيارات، حذروا أقارب الرجلين، "إن لم تسلموه، سنطلق النار عليه".

خرج تلولي وأبو عون إلى العلن بعد أن توصلت الفصائل السياسية الفلسطينية إلى اتفاق مع سلطات حماس في 16 يناير/كانون الثاني لوقف مظاهرات الكهرباء مقابل إطلاق سراح جميع الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات المشابهة السابقة.[100]

يوم 28 يناير/كانون الثاني، تم استدعاء تلولي وأبو عون، مع الناشط عامر بعلوشة الذي ساعد في تنظيم المظاهرات أيضا، للتحقيق. وفي اليوم التالي، مثل تلولي أمام المخابرات العامة في جباليا، حيث استجوبه المحققون لمدة 3 إلى 5 ساعات حول أهداف المظاهرات والمشاركين به، على حد تعبيره. وقال تلولي إن أحد العناصر قال له، "هل قلت "تسقط حكومة حماس"؟ حكومة حماس هي يد الله" وهدد بتأديبهم في حال استمروا في تنظيم المظاهرات.

في حادثة منفصلة يوم 26 أبريل/نيسان، حضر أبو عون إلى الأمن الداخلي في جباليا، بعد يوم من تلقي مكالمة هاتفية تهدد باعتقاله إن لم يسلم نفسة، وبعد عدة أيام من ملامته لحماس على وسائل التواصل الاجتماعي لعدد من المشاكل في غزة، ومنها انقطاع الكهرباء، والرعاية الصحية المتردية، والبطالة. وبعد وصول أبو عون، عصب العناصر عينيه ووضعوا كيس قماش على رأسه، ثم وضعوه في زنزانة، كما قال. وبعد 3 ساعات، جاء عدد من الرجال وكبلوا يديه خلف ظهره، وضربوه لحوالي 30 دقيقة على قدميه، وظهره، وعنقه، ثم تركوه وحده في زنزانة لعدة ساعات. عاد الرجال وأمروه بالوقوف، ثم ضربوه وضربوا رأسه بالجدار، فوقع على الأرض. وقال إنهم عندما أزالوا كيس القماش عن رأسه، وجدوه مغطى بالدم. وقال إن العنصر الذي ضربه، والذي تمكن من رؤيته للحظات واكتشف أنه زميل دراسة سابق، قال له، "راسك اللي بتفكر فيه، راح ادمره، بفرجيك".

قال إن السلطات وجهت إليه تهم "التحريض" و"تهديد الأمن العام"، إلا أنها أطلقت سراحه يوم 29 أبريل/نيسان بعد أن وقّع تعهدا لا يستطيع تذكر محتواه. وسيطروا على حسابه على فيسبوك، ما دفعه إلى إنشاء حساب جديد في النهاية. ترك أبو عون غزة في أغسطس/آب 2017، مشيرا إلى المضايقات كسبب رئيسي، ويعيش الآن في مكان آخر. وقد تلقى استدعاء للمثول في مقر الشرطة يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

في هذه الأثناء، يوم 10 يونيو/حزيران، مثل تلولي أمام المخابرات العامة في مدينة غزة بحسب استدعاء تلقاه في اليوم السابق، استجابة على ما يبدو لمنشور كتبه على فيسبوك قبل ذلك بقليل، نصح فيه الشباب بعدم توجيه طاقاتهم نحو التظاهر ضد إسرائيل على حدود غزة، والتركيز بدلا من ذلك على قادتهم "الذين يبيعون دمهم وأرضهم".[101] وقال تلولي إنه أمضى 24 ساعة محتجزا، غالبيتها في زنزانة انفرادية. وسأله المحققون عن سبب انتقاده لقادة حماس وتنظيم مظاهرات الكهرباء، قائلين له إنهم يعتبرونه "المحرض الأول ضد حماس". وكشرط لإطلاق سراحه، ألزموا والده بالتوقيع على تعهد بدفع 50,000 شيكل (14,122 دولار أمريكي) إذا خالف تلولي التعهد الذي وقعه بالالتزام بالقانون والامتناع عن تنظيم المظاهرات أو التشهير بمسؤولي حماس، بحسب قوله. كما هددوه أنهم في المرة القادمة سيتعاملون مع تلولي في الشارع وليس في المركز.

اتهمته النيابة بـ "إساءة استخدام التكنولوجيا"، إلا أنه أُطلق سراحه بكفالة بعد 5 أيام في الاحتجاز. وتذكر ورقة الاتهام، التي قرأتها هيومن رايتس ووتش، "قام المتهم المذكور أعلاه بنشر فيديو على الفيس بوك يتهجم على قيادة حركة حماس ويتهمهم بجر الشباب إلى التهلكة ويقوم بنشر موضوعات تحريضية تتضمن القدح والسب والشتم بصورة مباشرة وغير مباشرة على شخصيات اعتبارية وذلك بوجه غير مشروع وتم توقيفه حسب الأصول". في مايو/أيار 2018، قال تلولي إن المحكمة أدانته بـ "إساءة استخدام التكنولوجيا"، وحكمت عليه بالسجن 3 أشهر مع وقف التنفيذ.[102]

محمد لافي، مخيم جباليا

يوم 12 يناير/كانون الثاني 2017، انضم محمد لافي (25 عاما)، الناشط ومغني الراب، إلى مجموعة كبيرة من المتظاهرين في مخيم جباليا للاجئين المتجهين إلى مكاتب شركة توزيع الكهرباء في شمال غزة. كان لافي قد أطلق فيديو موسيقي في اليوم السابق للمظاهرة بعنوان "حقك"، دعا فيه الناس إلى النهوض، ومعلنا "الثورة من المخيمات".[103] وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن المظاهرة بدأت سلمية، وحمل يافطة تدعو قائد الذراع المسلح لحماس "بالوقوف مع شعبه"، في حين شملت الشعارات "يا للعار يا للعار يلي قاعد جوا الدار" و"يا عباس قول لهنية بدنا حقوقنا الانسانية".[104]

إلا أنه خلال المظاهرة، لاحظ لافي رجالا بلباس مدني يقفون خلف الشرطة – والذين كان يعتقد بأنهم بلطجية – ويرمون الحجارة على المتظاهرين، الذين ردوا برمي الحجارة. أطلقت الشرطة النار في الهواء لتفريق المتظاهرين، وبدأت باعتقال بعضهم بعنف. أمسك 5 رجال بلباس مدني لافي وأخذوه إلى سيارة الشرطة، حيث شتمه شاب بلباس مدني واتهمه بأنه "عميل". وأخذوه بعد ذلك إلى مركز جباليا الأمني.

في المركز، وضع العناصر لافي في زنزانة صغيرة جدا لا تسمح له بالجلوس، وعلى مدى ساعة من الزمن، جاء عدد من الرجال وعرضوا عليه مقاطع مسجله له وهو يشارك في المظاهرة ويرمي الحجارة، كما قال. وطلبوا منه التأكيد بأنه هو من يظهر في الفيديو. أخذه العناصر بعد ذلك للتحقيق، وبعد سؤاله عن انتمائه السياسي والمظاهرات، صوروه وهو يحمل يافطة بالتهم التي يواجهها: "التحريض ضد الحكومة"، و"تدمير الممتلكات العامة"، و"الدعوة لأعمال الشغب". ضربه عنصر بعد ذلك مرتين على وجهه وصفعه عدة مرات على رقبته، قائلا له "انت الي عامل حالك نمرود". نقلوه لاحقا إلى غرفة أخرى حيث دفع العناصر برأسه في حين صفعه آخرون على وجهه، وأمروه بعد ذلك بتنظيف شعره من الأرض، قائلين "أنت عامل النظافة اليوم". وقال إن الرجال أيضا كشفوا أنهم يراقبونه منذ أن نشر الفيديو.

في اليوم التالي الساعة 9 صباحا، نقلوه إلى مقر الأمن الداخلي في مدينة غزة حيث أمضى اليومين التاليين. وقال إن السلطات رشت الماء على أرض زنزانته وتركته حافي القدمين بملابس خفيفة بالرغم من جو الشتاء. ويوم 15 يناير/كانون الثاني، قال لافي إن السلطات أطلقت سراح جميع المتظاهرين باستثنائه، قائلين له إن السلطات العليا تتخذ القرارات بشأن قضيته، ثم أطلقوا سراحه تلك الليلة بعد أن وقع على تعهد "بعدم المشاركة في أي مظاهرات غير مرخصة".

بعد شهرين، يوم 14 مارس/آذار 2017، نشر لافي أغنية بعنوان "إزدهار"، كرد لسياسي في حماس صرح أن هناك "ازدهار في غزة".[105] استدعته قوات الأمن الداخلي مرة أخرى للتحقيق، واحتجزته 4 ساعات، طلب منه خلالها العناصر وقف نشاطاته وهددوه باتهامه بالتشهير إن استمر في إنتاج الأغاني. كما بحثوا في حسابه على فيسبوك لبيان علاقاته وسألوه عن سبب كرهه لحماس.

قال لافي لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة اعتقلته في أبريل/نيسان 2018، وحققت معه حول منشور له على فيسبوك، واستفزته وضربته عندما رفض التعاون مع المحققين، ثم احتجزته 5 أيام بتهمة "إساءة استخدام التكنولوجيا".[106]

ياسر وشاح، مخيم البريج

يوم 30 يناير/كانون الثاني 2017، وقف يسار وشاح (27 عاما) الناشط في فتح، وحده على مدخل مخيم البريج للاجئين يحمل يافطة كتب عليها "لا للاعتقالات العسكرية، لا لتكميم الافواه"، تضامنا مع الكاتب المحتجز عبدالله أبو شرخ.[107] بعد يوم واحد، في 31 يناير/كانون الثاني، تلقى استدعاء للحضور إلى مقر الأمن الداخلي. قال وشاح إنه نشر الاستدعاء على فيسبوك وسأل عن سبب استمرار سلطات حماس في اعتقال النشطاء.

يوم 19 فبراير/شباط، أثناء وجوده في منزل صديقه، وصلت حافلة صغيرة تعود للأمن الداخلي، مع 7 رجال مسلحين بزي أسود، وطلب عنصر من وشاح الذهاب معهم. قال وشاح إنه طلب أن يحضر شيئا من الداخل، إلا أنه هرب من باب آخر. داهم العناصر عندها المنزل واحتجزوا والد صديقه حتى سلم وشاح نفسه في اليوم التالي للأمن الداخلي في مقرهم في دير البلح.

سأل عناصر الأمن الداخلي وشاح عن مظاهرته وعن سبب هروبه. في مساء ذلك اليوم، نقلوه إلى مقر الأمن الداخلي في مدينة غزة، حيث وضعه العناصر في الباص، وقالوا له إن عليه أن يبقى واقفا ولا يمكنه النوم، كما قال. أبقوه في الغرفة 72 ساعة ومن ثم نقلوه إلى النيابة العسكرية، التي أمرت باحتجازه 15 يوما للتحقيق في تهمة "النيل من الوحدة الثورية" على خلفية اليافطة التي رفعها.

قال إن العناصر أخذوه إلى غرفة التحقيق، حيث قال له ضابط "أنت تعارض سياسة الدولة، ومتهم بكتابة المنشورات حول الاهمال الطبي والبطالة، وهي قضايا حساسة. يمكنك أن تنتقد الحكومة كما تشاء، ولكن لا تتحدث عن هذه القضايا". ثم حذره الضابط، "في المرة القادمة، سأسبب لك إعاقة دائمة". دفع العناصر وشاح على الحائط ومن ثم صفعه عنصر آخر على رقبته وقال له، "هذه لعبدالله أبو شرخ، قل له أنك صفعت بسببه". أمضى وشاح الأيام الأربعة التالية في زنزانة، ومن ثم أطلق الأمن الداخلي سراحه بعد أن تعهد خطيا بوقف نشاطاته تحت طائلة إعادة الاعتقال.

قال وشاح لـ هيومن رايتس ووتش إن سلطات حماس اعتقلته وأساءت معاملته، وزارت منزله عدة مرات. في وقت سابق في يناير/كانون الثاني 2017، سلم وشاح نفسه بعد أن لاحقته السلطات لمدة أسبوع، وداهمت منزله عدة مرات، وقالت لأسرته أنها لا تتحمل المسؤولية إن أطلق عليه أحدهم النار عليه بعد أن شارك في مظاهرات تتعلق بأزمة الكهرباء. وأمضى 12 يوما في الاحتجاز. قال إنه قرر وقف انتقاد سلطات حماس على ضوء الضغط المتزايد على أسرته.

في حرم الجامعات

يوسف عمر، مخيم الشاطئ للجوء

يوم 13 فبراير/شباط 2017، تلقى يوسف عمر (46 عاما)، الذي يدرّس التاريخ في جامعة الأقصى وهو عضو في حركة الجهاد الإسلامي، مكالمة هاتفية من شخص عرف بنفسه على أنه ضابط مخابرات، طلب منه الحضور إلى مقر شرطة الجوازات.[108] رفض عمر ذلك، واكتشف بعد ذلك بفترة وجيزة أن 4 من زملائه في الجامعة، رياض أبو زان، ومحمد العمور، وبسام أبو حشيش، وأدهم حطب، تلقوا استدعاءات أيضا. وكانوا جميعهم نشطاء في نقابة موظفي الجامعات، الذين عارضوا محاولة حماس تعيين رئيس جامعة جديدة بدون التشاور مع السلطة الفلسطينية.[109] وقرروا جميعهم الذهاب معا في صباح اليوم التالي.

عندما وصلوا الساعة 9 صباحا، وضعهم العناصر في غرفة تبدو وكأنها مخزن واستدعوهم واحدا تلو الآخر، وكان عمر آخرهم، كما قال. ركز المحققون على نشاطاته النقابية وسألوه إن كان قد تلقى أموالا من السلطة الفلسطينية لمعارضة حماس في الجامعة، ودفعوه على الجدار عدة مرات ثم وضعوه في زنزانة انفرادية عندما رفض الإجابة على الأسئلة بحسب عمر. بعد التحقيق الأولي، اتصل عمر بأحد قادة حركة الجهاد باستخدام هاتفه الخلوي. وعندما استدعى المحقق عمر في المرة التالية، كان قائد حركة الجهاد هناك أيضا. طلب منه العناصر توقيع تعهد بوقف المشاركة في المظاهرات في الحرم الجامعي. ومع أنه رفض التوقيع، أطلقوا سراحه في وقت لاحق من ذلك اليوم، كما قال.

قدم عمر شكوى على معاملته شخصيا في وزارة الداخلية، إلا أن مكتب المفتش العام في وزارة الداخلية قال له في وقت لاحق إنهم أجروا تحقيقا ولم يجدوا أي أخطاء ارتكبت.

في أبريل/نيسان 2017، أعلمت النيابة عمر أنه يواجه تهما منها "التشهير" و"الذم"، بسبب شكوى قدمها مسؤول في حماس في الجامعة. إلا أن عمر والمسؤول قاموا بتسوية الأمر خارج المحكمة وأسقطت القضية.[110]

جنايات

عماد الشاعر، خان يونس

قال عماد الشاعر (48 عاما)، وهو مزارع لديه مرض السكري، لـ هيومن رايتس ووتش إنه حوالي الساعة 3 بعد ظهر يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2017، دخلت مجموعة من عناصر الشرطة، وعددهم 26 إلى 28، أغلبهم بالزي الأسود، إلى منزله بدون تحذير واعتقلوه بناء على ادعاءات بامتلاكه مخدر الترامادول.[111]

أخذوه إلى قسم مكافحة المخدرات في مركز خان يونس الأمني ووضعوه في غرفة التحقيق معصوب العينين. وقال الشاعر إن العناصر ربطوا يديه خلف ظهره، وربطوا يديه بسلك متصل بالسقف، وأوقفوه على الطاولة. أزالوا بعدها الطاولة، وتركوه معلقا ويصرخ من الألم، فصفعه أحد العناصر عدة مرات على الوجه ووضع العصابة في فمه. كما ربطوا قدميه بسلك متصل بالنافذة: وهو معلق، طالب العناصر بمعرفة المكان الذي "خبأ فيه الترامادول"، وهو مسكن آلام يؤدي إلى الادمان وشائع كمخدر ترفيهي في غزة، وهو يركلونه ويجلدون قدميه وجسده بخرطوم بلاستيكي. قال الشاعر للمحققين إنه مصاب بالسكري وتوسل إليهم ليتوقفوا، إلا أنهم استمروا قائلين "ستموت هنا اليوم إن لم تتحدث" و"الله ياخدك".

بعد أن بقي معلقا حوالي 3 ساعات، لم يتمكن من تحمل الألم، وقال الشاعر للعناصر إنه يعترف بامتلاك ترامادول في منزله. وعندما لم يتمكنوا من العثور عليه، أعادوه إلى المركز، وعلقوا الشاعر في نفس الوضعية وعاودوا جلده وضربه 3 ساعات أخرى. خلال هذه المدة، منعوه من شرب الماء ولم يسمحوا له باستعمال الحمام. وقال إنه أثناء تعليقه "لم أشعر بيدي، ولم أكن سأشعر بها لو قطعوها بسكين"، وأن قدميه تورمتا وبدأتا بالنزيف. فكوا وثاقه ونقلوه إلى زنزانة حوالي منتصف الليل، إلا أنه لما اسلتقى على بطانية، امتلأت بالدماء، ما أجبرهم على نقله إلى زنزانة أخرى.

حوالي الساعة 9 من صباح اليوم التالي، أخذوه إلى المستشفى ومن ثم إلى المركز الأمني مرة أخرى، حيث قال له العناصر إنهم سيطلقون سراحه. قبل ذلك، قال إنهم أخذوه إلى الساحة الخارجية وفقعوا الفقاعات على باطن قدميه لتصريف الدم ولفوها بشاش. قبل المغادرة، أمره العناصر بتوقيع أمر إطلاق السراح، وفعل الشاعر ذلك بدون قراءته. في وقت لاحق، علم أنه وقع على اعتراف بأنه شارك في صفقة مخدرات تتعلق بصندوق من الترامادول وإنه كان بحوزته نصف حبة، كما قال.

عند عودته إلى المنزل حوالي الساعة 10:30 صباحا، قال الشاعر إنه كان يواجه صعوبة في التنفس وهضم الطعام. وبعد أن استشار طبيبا، أوصاه الأخير بإدخال نفسه إلى العناية المركزة. أمضى الشاعر 5 أيام في مستشفى في غزة، حيث قال إنه كان يغيب عن الوعي باستمرار، وأوصى الأطباء في تلك المرحلة بإحالته إلى "مستشفى المطلع" في القدس. حصل على إذن من السلطات الفلسطينية وسافر إلى هناك بعد 3 أيام. تشير التقارير الطبية من مستشفيات غزة والقدس التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش إلى أن حالته بدأت بعد أن كان مسجونا لمدة ليلة واحدة وتعرض للضغط الجسدي والعقاب هناك. وشخصته التقارير الطبية بنفث الدم (سعال الدم)، وفشل كلوي، وانسداد رئوي، من بين أمور أخرى. وعند عودته من القدس، أمضى أسبوعا آخر في مستشفى في غزة، على حد قوله. 

شاهدت هيومن رايتس ووتش صورا للشاعر في المستشفى وهي تظهر الكدمات والجروح على صدره والندوب، والتمزقات، والتورم، وتغير اللون على قدميه. وقال الشاعر إنه ما زال يشعر بالضعف في يديه بعد شهر من الحادثة، ولا يستطيع رفع الأشياء الثقيلة، ويعاني من صعوبة في التنفس عند المشي لمسافات قصيرة.

تقدم الشاعر بشكوى أمام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، وهي هيئة حقوقية معنية برصد امتثال السلطات الفلسطينية لمعاهدات حقوق الانسان، حول إساءة معاملته. وقال إن ضباطا رفيعي المستوى في شرطة مكافحة المخدرات طلبوا منه سحب الشكوى، وعرضوا عليه إسقاط التهم ودفع تكاليف المستشفى الخاصة به، إلا أنه رفض ذلك. وحتى أبريل/نيسان 2018، لم يسمع أي تطورات تتعلق بشكواه.

يوم 25 أبريل/نيسان 2018، قال الشاعر إن العنصرين اللذين عذباه قبل أشهر جاءاه على دراجات نارية وهو يوزع الدعوات لحفل زفاف ابنته. أخذاه إلى مركز خان يونس الأمني، حيث ضغطا عليه لتوقيع اعتراف بأنه يبيع الترامادول. وقال أحدهما له، "في المرة الأخيرة، أرسلناك إلى العناية المركزة. سنضعك هذه المرة في القبر ونحوّل حفل زفاف ابنتك إلى جنازة". عندما رفض، أخرج الرجلان هراوة، وعصبا عينيه، وربطا يديه وقدميه. وقع الشاعر على اعتراف قبل أن يمضوا قدما. وقال في وقت لاحق أنه سحب الاعتراف، وبرأهت النيابة. وقرر عدم التقدم بشكوى، قائلا أنها ستكون "بدون جدوى".[112]

خليل أبو حرب، مدينة غزة

يوم 17 سبتمبر/أيلول 2017، اتصل جار خليل أبو حرب، وهو عامل بناء عمره 46 عاما، وطلب منه الانضمام إليه في مشروع عمل.[113] بحسب تقرير استقصائي صادر عن مكتب النائب العام في غزة راجعته هيومن رايتس ووتش، أثناء قيادته لمركبة توكتوك، سرق الرجلان حقيبة سيدة تمشي على الشارع وهربا من الموقع.[114]

قال أبو عبد عزام، أحد السكان المحليين، لـ هيومن رايتس ووتش، إنه في عصر ذلك اليوم، ظهر رجلان، أحدهما عرف بنفسه باسم أبو حرب، في كراج سيارته، وقالا إنهما سرقا أحدهم وإنهما يتعرضان للملاحقة.[115] وقال إنه سلم الرجلين إلى أشخاص قالوا إنهم سيأخذونهما إلى مركز مدينة غزة الأمني وإنه لم يرَ أحدا يضربهما. ويشير تقرير النائب العام إلى أن المارة ضربوا الرجلين قبل تسليمهما إلى المركز الأمني في ذلك اليوم، ما تسبب "بكدمات خفيفة"، إلا أنه لا يقدم أي تفاصيل إضافية.

عند دخول المركز الأمني، بحسب التقرير، حققت الشرطة مع أبو حرب، وفي اليوم التالي، 18 سبتمبر/أيلول، عرضته على النيابة وفجأة قفز أبو حرب فجأة من شباك غير مؤمن على الطابق الرابع، ما تسبب بوفاته. وقال تقرير إخباري إنه توفي الساعة 9 صباحا.[116] وقال والد خليل أنه علم عن وفاة ابنه الساعة 1 بعد الظهر، بعد أن قرأ الجيران التقرير على الأخبار، وأنه كان يتفاوض للمصالحة مع ضحية السرقة وتأمين إطلاق سراح خليل في ذلك اليوم، قبل زواج شقيقه المزمع عقده يوم 26 سبتمبر/أيلول.

عاين والد خليل جثة ابنه في "مستشفى الشفاء" في ذلك اليوم وقال إنها كانت "مشوهة من رأسه إلى قدميه"، مع تورم في وجهه وعينيه، ودماء تحت رأسه، وقد ازرقت قدماه. وقال جار تمكن من رؤية الجثة قبل دفنها إنه شاهد تورما على باطن قدميه وأعينه، وجروحا وندبا على كتفه وظهره، وتغيرا في لون عينيه وظهره.[117] وتتماشى هذه الإصابات مع الجَلد على باطن القدمين، والضرب على الظهر بخرطوم، والضرب في الوجه. وينكر تقرير النائب العام أن يكون أبو حرب قد تعرض "لأي نوع من التعذيب" ويقول أنه كانت هناك "كدمات بسيطة نتيجة الضرب من قبل المواطنين المتجمهرين قبل اعتقاله". وتشير وزارة العدل في رسالة أرسلتها إلى هيومن رايتس ووتش في أبريل/نيسان 2018 أيضا إلى "اكتئاب"، نتيجة وضعه المادي الصعب وزواج شقيقه، كأسباب للوفاة.[118]

وقال والد خليل إنه التقى بالنائب العام لطلب تشريح الجثة قبل الدفن، إلا أن النائب العام قال له "ادفنه وسأفتح التحقيق، واعتبره ابني". ورفض هو وجاره نتائج النائب العام.

III. المعايير القانونية

انضمت دولة فلسطين إلى مجموعة من الاتفاقيات الدولية على مدى السنوات الخمس الماضية، والتي تحظر الكثير من الانتهاكات المفصلة في هذا التقرير. وتنطبق الاتفاقيات على كامل أراضي دولة فلسطين، وتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة – المناطق تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، وحماس، والمناطق ضمن فلسطين التي تسيطر عليها إسرائيل، وتشمل المنطقة ج والقدس الشرقية.[119] يمثل الانضمام الفلسطيني إلى هذه الاتفاقيات التزاما من سلطاتها باحترام الحقوق، وحمايتها، والوفاء بها، مثل الحق في حرية التعبير والحق في الحرية من التعذيب والاحتجاز التعسفي. ولا تعتبر الهيئات الرسمية الفلسطينية مسؤولة عن قواتها الأمنية فحسب، وإنما عن حماية الأشخاص من الفاعلين الآخرين المنتهكين لهذه الحقوق أيضا، إلى أقصى حد ممكن.

ومع أن حماس لم تشارك في عملية المصادقة، قالت وزارة الداخلية في رسالة وجهتها إلى هيومن رايتس ووتش في أبريل/نيسان 2018 إنها تعتبر نفسها "ملتزمة بالمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والتي صادقت عليها فلسطين وخصوصا العهد الدولي الخاص – خصوصا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب".

وأصدرت السلطات تصريحات مشابهة، ففي خطاب في غزة يوم 21 يونيو/حزيران 2006، قال إسماعيل هنية – رئيس الوزراء حينها – إن حماس مصممة "لترويج سيادة القانون، واحترام القضاء، وفصل السلطات، واحترام حقوق الإنسان، والمساواة بين المواطنين، ومقاومة جميع أشكال التمييز، وحماية الحريات العامة، ومنها حرية الصحافة والرأي".[120] في برنامج حكومة الوحدة الوطنية، المعروض يوم 17 مارس/آذار 2007، قالت حماس إنها تحترم القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي ما دام يمتثل للطابع والعادات والتقاليد الأصيلة. [121]

الاعتقال التعسفي في القانون الدولي

ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه فلسطين عام 2014، على أن "لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه".

كما تنص المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "لكل إنسان حق في حرية التعبير... والتماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين". كما تشير إلى أن للسلطات إخضاع هذا الحق لبعض القيود، "ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة".

في رسالتها لـ هيومن رايتس ووتش، أشارت وزارة الداخلية في غزة إلى هذا النص، والتي قالت إنه يمنح السلطات الحق في الحد من حرية التعبير.[122]

عدا عن متطلبات الشرعية والضرورة المحددة في المادة نفسها، أصدرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إرشادات عام 2011 حول التزامات حرية التعبير للدول الأطراف تبعا للمادة 19 والتي أشارت إلى أن القيود "يجب ألا يكون مبالغ بها" وأنه "عندما تستحضر الدول الطرف أساس شرعي للقيود على حرية التعبير، عليها أن تثبت بطريقة محددة وفردية الطبيعة الدقيقة للتهديد... وخصوصا من خلال إيجاد رابط مباشر وفوري بين التعبير والتهديد". كما ركزت اللجنة على القيمة العالية التي يضعها العهد على التعبير غير المقيد "في ظروف الحوار العلني الذي يتعلق بشخصيات عامة في المجال السياسي والمؤسسات العامة". وقالت، "ينبغي على الدول الأطراف الامتناع عن حظر انتقاد المؤسسات، مثل الجيش أو الإدارة". كما حذرت أيضا من "اعتبار أشكال التعبير المهينة لشخصية عامة كافية لتبرير فرض العقوبات". ينبغي أن يعامل التشهير من حيث المبدأ كقضية مدنية وليس جنائية، وألا يعاقب أبدا بالسجن، بحسب لجنة حقوق الإنسان.[123]

كما تحظر المادة 20 من العهد الدولي "أي دعوة إلى الكراهية القومية، أو العنصرية، أو الدينية بالقانون" كما تنص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز، والتي انضمت إليها فلسطين أيضا. في يناير/كانون الثاني 2013، تبنى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان مجموعة من الإرشادات، التي سميت بخطة عمل الرباط، والتي تحدد اختبارا ثلاثي الأجزاء – الشرعية، النسبية، والضرورة – لكيفية الموازنة بين حرية التعبير والتحريض على الكراهية. وحددت "سقفا عاليا" لأي قيود على حرية التعبير التي ينبغي أن تقيّم السياق، والمتحدث، والنية، والمحتوى، والشكل، ومدى الخطاب وإمكانية الأذى، ويشم هذا قربه أو وشوك وقوعه.[124]

كما يتطلب العهد أيضا من السلطات إعلام المحتجز بشكل مناسب وسريع عن "طبيعة وسبب التهم ضده" ومثوله أمام محكمة يمكنها أن تحكم على شرعية الاعتقال "بدون تأخير" وتعويض المحتجزين بطريقة غير شرعية. تنص مبادئ جوهانسبرغ بشأن الأمن القومي، وحرية التعبير، والوصول إلى المعلومات (1995)، والتي تفصل الممارسات الفضلى بناء على قانون حقوق الإنسان الدولي والمعايير: "لا يمكن معاقبة أي شخص لانتقاد أو إهانة الأمة، الدولة، أو رموزها، الحكومة، وكالاتها، أو المسؤولين العامين".[125]

التعذيب في القانون الدولي

حظر التعذيب هو من المبادئ الأساسية للقانون الدولي. يمنع القانون الدولي التعذيب، بالإضافة إلى المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، في جميع الأوقات، وفي جميع الأماكن، ويشمل هذا في أوقات الحرب أو الاحتلال. ولا تبرر أي حالة طوارئ وطنية، مهما كانت صعبة، استعماله.

تعرف اتفاقية مناهضة التعذيب، والتي انضمت إليها فلسطين بدون أي تحفظات عام 2014، على أنه:

أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية.[126]

وتحظر الاتفاقية الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب كما تلزم الدول الأطراف بأن تضمن عدم ارتكاب التعذيب وملاحقة مرتكبي التعذيب المزعومين على أراضيها.[127] وأوضحت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب أن "من يمارسون السلطات العليا – ومنهم المسؤولين العامين – لا يمكنهم تجنب المحاسبة أو التهرب من المسؤولية الجنائية للتعذيب أو سوء المعاملة المرتكبة من قبل التابعين لهم حيثما علموا أو كان عليهم أن يعلموا بأن هذا السلوك غير المقبول يحصل، أو كان من الممكن أن يحصل، ولم يتخذوا إجراءات وقائية معقولة وضرورية".[128] ولتلبية هذه المتطلبات، ينبغي أن توجد الدول أنظمة فعالة لمعالجة شكاوى الضحايا، وملاحقة مرتكبي التعذيب ومن يأمرونهم به، ومن هم في مناصب سلطة ولم يمنعوا أو يعاقبوا التعذيب. على الدول دفع التعويض لجميع ضحايا التعذيب، وفيما يخص ضحايا التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من الأطفال، "لتشجيع التأهيل البدني والنفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي للطفل الذي يقع ضحية أي شكل من أشكال الإهمال أو الاستغلال أو الإساءة، أو التعذيب أو أي شكل آخر من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" للضحايا من الأطفال.[129]

كما انضمت فلسطين في ديسمبر/كانون الأول 2017 للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والتي تؤسس لنظام إشراف على أماكن الاحتجاز للدول الأطراف، ويشمل زيارات غير معلنة. ويلزم فلسطين بإيجاد آلية وقاية وطنية لمراكز الاحتجاز.

ويعتبر التعذيب أيضا جريمة ذات اختصاص قضائي عالمي، بمعنى أن الدولة ملزمة باعتقال والتحقيق مع أي شخص على أراضيها يشتبه بمشاركته في التعذيب في أي مكان، على أساس ذو مصداقية، وملاحقتهم قضائيا، أو تسليمهم لمواجهة العدالة.

دخلت اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ بالنسبة لفلسطين في 1 أبريل/نيسان 2015، ما منح المحكمة اختصاصا قضائيا على الجرائم الخطيرة التي تنتهك القانون الدولي، وتشمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة على الأراضي الفلسطينية أو منها.[130] ويوم 1 يناير/كانون الثاني 2015، منحت الحكومة الفلسطينية المحكمة تفويضا يعود إلى 13 يونيو/حزيران 2014 لتغطية النزاع في غزة عام 2014.[131] منذ العام 2015، أجرى ادعاء المحكمة دراسة أولية للوضع في فلسطين. ودعت هيومن رايتس ووتش ادعاء المحكمة إلى فتح تحقيق رسمي يهدف إلى مساءلة مرتكبي الجرائم الخطيرة.[132]

يشكل التعذيب "متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين" جريمة ضد الانسانية قابلة للمقاضاة أمام المحكمة الجنائية الدولية.[133] وقالت لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة إن "التعذيب يمارس بصورة منتظمة حين يكون من الواضح أن حالات التعذيب المبلغ عنها لم تحصل مصادفة في مكان معين أو في وقت معين، بل يتبين أنها اعتيادية ومنتشرة ومتعمدة في جزء كبير من أراضي البلد المعني على الأقل".[134] وتتطلب الجرائم ضد الانسانية درجة من التخطيط أو السياسة لارتكاب الجرائم ذات الصلة. ولا تنحصر مسؤولية ارتكاب الجرائم ضد الانسانية بمن ينفذ هذه الأفعال، وإنما تشمل من يأمرون، يساعدون أو يتواطؤون بأي شكل كان في ارتكابها. وضمن مبدأ مسؤولية القيادة، يمكن مساءلة المسؤولين العسكريين والمدنيين حتى أعلى مستوى في القيادة جنائيا عن الجرائم المرتكبة من قبل مرؤوسيهم عندما يعلمون أو يكون ينبغي لهم أن يعلموا بأن هذه الجرائم كانت ترتكب، إلا أنهم لم يتخذوا إجراءات معقولة لوقفها.

ممارسة التعذيب المنهجية من قبل السلطة الفلسطينية وحماس – والتي تحصل بشكل معتاد ومتعمد على مدى عدة سنوات في مراكز احتجاز معينة باستعمال تكتيكات مشابهة بدون اتخاذ أي إجراء هادف من قبل المسؤولين رفيعي المستوى لوقفه أو مساءلة المنتهكين بالرغم من المعرفة الواسعة بالانتهاكات – قد تشكل جريمة ضد الانسانية.

القانون الفلسطيني

يحمي القانون الأساسي الفلسطيني حقوق حرية التعبير ويقيّد قدرة الدولة على اعتقال المحتجزين تعسفا وتعذيبهم. ومع أن الانقسام بين فتح وحماس أدى إلى إقرار قوانين بحكم الأمر الواقع نافذة فقط في إحدى المنطقتين، فإن هذا لا يغير مكانة القانون الأساسي، والذي يلزم السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة.

تنص المادة 19 على أنه "لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون". وتحمي المادة 26 حق الفلسطينيين في "المشاركة في الحياة السياسية أفرادا وجماعات"، بما يشمل الحق في "تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها" و"عقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات في حدود القانون". كما تحظر المادة 27 "الرقابة على وسائل الإعلام" وتضمن حرية الصحافة و"حرية العاملين فيها".

كما يمنع القانون الأساسي القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي (المادة 11)، ويقضي بإعلام كل من يقبض عليه أو يوقف بأسباب القبض عليه أو إيقافه "سريعا" (المادة 12)، وتحدد أنه لا يمكن للسلطات مراقبة أو دخول أو تفتيش المساكن الخاصة "إلا بأمر قضائي مسبب ووفقا لأحكام القانون". وينص قانون الإجراءات الجزائية على أنه يمكن للسلطات احتجاز شخص بدون مذكرة إذا كانت "توجد دلائل على اتهامه" في "حالة التلبس في الجنايات أو الجنح التي تستوجب عقوبة الحبس مدة تزيد على ستة أشهر" أو إذا قاوم المشتبه به مأمور الضبط القضائي، أو فر من مكان التوقيف أو ارتكب جرما أمامه ورفض إعطاء معلومات عن نفسه.[135] كما يشير القانون إلى أنه على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فورا أقوال المقبوض عليه خلال 24 ساعة (المادة 34)، ويجوز لوكيل النيابة توقيف المتهم بعد استجوابه لمدة 48 ساعة (المادة 108). بعد 72 ساعة، ينبغي مراجعة القضية من قبل قاض، وهو يمكنه تمديد التوقيف لمدة لا تتجاوز 15 يوما (المادة 119). ويمكن للقاضي تجديد توقيفه لفترتين، كل فترة تبلغ مدتها 15 يوما، بحيث لا تزيد في مجموعها على 45 يوما؛ ويمكن أن يأمر قاضي محكمة أعلى باحتجاز لمدة 45 يوما إضافية، بحيث يصل المجموع إلى فترة لا تزيد عن 6 أشهر (المادة 120). خلال هذه الفترة، ينبغي أن يتمتع الموقوف بحق الاتصال بمحاميه بسرعة وبدون قيود (المادة 123).

كما ينص القانون الأساسي في المادة 13 على أنه "لا يجوز إخضاع أحد لأي إكراه أو تعذيب" وبأنه "يقع باطلا كل قول أو اعتراف صدر" من خلال الإكراه أو التعذيب. وتوضح المادة التي تعرف دور القوات الأمنية والشرطة بأنه عليها أن تقوم بمهامها "وتؤدي واجبها في الحدود التي رسمها القانون في احترام كامل للحقوق والحريات". وتجرم المادة 32 "كل اعتداء على أي من الحريات الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للإنسان وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون الأساسي أو القانون" مما يغطي التعذيب، إلا أن القانون لا يعرف التعذيب أو يحدد ما يدخل في سياقه. كما تحدد المادة 29 من قانون الإجراءات الجزائية أن الشخص المحتجز أو الموقوف "تجب معاملته بما يحفظ كرامته، ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا".

ويحدد القانون الفلسطيني حماية واضحة من الاعتقال التعسفي أو التعذيب، فتنص المادة 128 على أنه يحق "لكل من علم بوجود موقوف أو نزيل بصفة غير قانونية... أن يخطر النائب العام أو أحد مساعديه بذلك، الذي يأمر بإجراء التحقيق والإفراج عن الموقوف أو المحبوس بصفة غير قانونية". كما ينص قانون العقوبات للعام 1960 على عقوبة بالسجن تتراوح بين 3 أشهر و3 سنوات لمن يمارس أي شكل من العنف والقوة بغير ما يسمح به القانون بهدف الحصول على اعتراف لارتكاب جريمة.

 

IV. عدم كفاية آليات المساءلة

أوجدت السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة آليات داخلية وخارجية صممت للرقابة على القوات الأمنية ورسم مسار للمساءلة في حالة الانتهاكات. وقُدمت مئات الشكاوى من خلال آليات الرقابة الداخلية، إلا أن عددا صغيرا منها، بحسب البيانات المقدمة من الأجهزة نفسها، أدى إلي أي نوع من العقوبات الإدارية، مثل التدريب الالزامي، التوقيف عن العمل، خفض الدرجة أو الرتبة، أو النقل. وأحيل عدد أصغر من هذا إلى الملاحقة الجنائية، وبحسب علم هيومن رايتس ووتش، لم تؤدِّ أي منها إلى إدانات جنائية لمن يقومون بالاعتقال التعسفي أو يمارسون التعذيب. ويعني هذا أن المحاسبة معدومة أو محدودة جدا للانتهاكات الخطيرة، ما يعزز ثقافة الحصانة التي تشجع الانتهاك.

آليات المساءلة الداخلية

وضع كل جهاز أمن في الضفة الغربية وغزة آلية داخلية لاستلام الشكاوى مباشرة من المواطنين ومنظمات حقوق الإنسان.

في غزة، يمكن للمواطنين تسجيل الشكاوى إلكترونيا مباشرة مع هيئات الرقابة ضمن كل جهاز أمني أو مع مكتب المفتش العام في وزارة الداخلية. تمر الشكاوى عن سلوك الشرطة عير مكتب المفتش العام للشرطة أو الدائرة الأمنية، والتي لها فروع في كل مركز أمني، بحسب وزارة الداخلية.[136] وأشارت وزارة الداخلية إلى أنها تتلقى أيضا شكاوى من المواطنين ومنظمات حقوق الإنسان.[137] قالت وزارة الداخلية أنها حققت في 314 شكوى تتعلق بالانتهاكات، منها إساءة المعاملة في الاحتجاز، بين يناير/كانون الثاني 2016 وديسمبر/كانون الأول 2017. تنطوي التحقيقات على تقييم المعلومات المستلمة من المشتكي والطرف المتهم. وأدت هذه التحقيقات إلى الكشف عن سوء التصرف في 90 حالة خلال هذه الفترة، نتج عنها إجراءات تأديبية مثل التدريب الالزامي، التوقيف عن العمل، خفض الدرجة أو الرتبة، والنقل أو حتى الاحتجاز، على حد قولها.[138] وقال أحد المحامين الذي تقدم بشكاوى نيابة عن المواطنين إلى هيومن رايتس ووتش إنه في غالبية الشكاوى التي تقدم بها، لم يتلقَّ أي استجابة.[139]

في الأعوام 2016 و2017، قالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، هيئة الرقابة القانونية، إن السلطات في غزة لم تستجِب لأي شكوى قدمتها.[140]

وهناك هيكليات مشابهة في الضفة الغربية داخل الأمن الوقائي (دائرة الشكاوى)، والمخابرات العامة (وحدة المظالم)، ووزارة الداخلية (وحدة الشكاوى)، ومجلس الوزراء (الإدارة العامة للشكاوى)، والشرطة (من خلال إما إدارة المظالم وحقوق الإنسان أو مكتب المفتش العام للشرطة أو إدارة أمن الشرطة).

أشار الأمن الوقائي في رسالة إلى هيومن رايتس ووتش أنه تلقى 85 شكوى عام 2016، منها 15 شكوى تتعلق بالاعتقال غير القانوني و55 تتعلق بسوء المعاملة، و125 شكوى عام 2017، منها 47 شكوى تتعلق بالاعتقال غير القانوني و58 تتعلق بسوء المعاملة أثناء الاحتجاز.[141] ولم تحدد الرسالة نتائج هذه التحقيقات أو الإجراءات التي اتخذتها السلطات نتيجة لها.

قالت المخابرات لـ هيومن رايتس ووتش إنها حققت في 24 شكوى في العامين 2016 و2017، جميعها تتعلق بسوء المعاملة في الاحتجاز، من خلال التحدث إلى الأطراف ذات الصلة وزيارة الموقع الذي جرت فيه الإساءة المزعومة. وكشفت المخابرات عن حالتين احتجز فيها العناصر الأفراد قبل مثولهم أمام المحكمة أو النيابة لفترة تتعدى تلك التي ينص عليها القانون – لا تشكل مخالفة الأنظمة هذه جريمة، بحسب الجهاز. نتيجة لهذا، لم تحِل العناصر إلى النيابة، وإنما قامت بتأديبهم من خلال احتجازهم لمدة أسبوعين وتحويلهم إلى موقع آخر.[142]

قالت الشرطة إنها حققت في 170 شكوى عام 2016 – 4 اعتقالات تعسفية و166 إساءة معاملة. عام 2017، حققت في 167 شكوى – 11 اعتقال تعسفي و156 سوء معاملة. وأدت هذه التحقيقات إلى اتخاذ إجراءات تأديبية في 18 قضية في عام 2017 و7 في 2017.[143]

في تقرير عام 2016، أشارت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إلى أن وزارة الداخلية التابعة للسلطة الفلسطينية تلقت 355 شكاوى، ثبت "عدم صحة" 275 منها، وأدت 62 منها إلى تأديب عناصر وأحيل 18 منها إلى النيابة العسكرية. لم تشمل الهيئة عدد الشكاوى المقدمة عام 2017 في تقريرها لتلك السنة، وأضافت أن الشرطة أدبت 85 عنصرا عام 2017، 58 منهم بسبب "انتهاك الحق في النزاهة الجسدية" و27 "لانتهاك الحق في الحرية الشخصية والأمان الشخصي" وأحالت 43 ضابط لمواجهة النيابة العسكرية.[144]

النيابة العامة

في الضفة الغربية، يمكّن قانون السلطة الفلسطينية النيابة العسكرية من التحقيق بشكل مستقل وملاحقة الجرائم المرتكبة من قبل أفراد القوات الأمنية، بغض النظر عن رتبتهم.[145] ويمكن للادعاء العسكري التحقيق في الإساءة المحتملة التي يصبحون على علم بها، أو يتصرفون تبعا لشكوى مقدمة من قبل الضحية أو ممثل الضحية، أو بناء على الإحالة من رئيس إحدى الأجهزة الأمنية، عادة بعد تحقيق داخلي. يصادر الضحايا الحق في التقدم بشكوى إذا لم تتم خلال 3 أشهر "من علم الضحية بالجريمة".[146]

كتبت هيومن رايتس ووتش إلى النيابة العسكرية لطلب المعلومات عن عدد المرات التي وجهت بها تهم ضد أفراد من القوات الأمنية عامي 2016 و2017 والقضايا التي أدت إلى الإدانة، إلا أنه حتى وقت كتابة هذا التقرير، لم تتلقّ إجابة. في تقرير عام 2017، وجدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أن النيابة العسكرية حققت في 15 قضية، 3 منها قضايا تعذيب و12 تتعلق بالاعتقال التعسفي. من بين هذه القضايا، أسقطت 5 بسبب قلة الأدلة، وأحيلت 5 إلى المحكمة، وما زالت تحقق في 5. كما أشارت إلى "حالة غير مسبوقة، تمثلت في إحالة قاضي صلح رام الله، عددا من أفراد جهاز الشرطة إلى النيابة العامة العسكرية لوجود شبهة بارتكابهم التعذيب ضد متهمين ماثلين أمام المحكمة".[147]

في غزة، تلعب النيابة العسكرية دورا مشابها في الرقابة على إساءة التصرف التي قد ترتكب من قبل القوات الأمنية. إلا أنه في العام 2016، قالت الهيئة المستقلة إن أيا من القوات الأمنية لم يُحمل مسؤولية قضائية عن الجرائم "فيما يتعلق بالحق في السلامة الجسدية".[148]

الرقابة الخارجية

كما يمكن للضحايا توجيه الشكاوى إلى الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان. في عام 2016، تلقت الهيئة 2,429 شكوى "لانتهاكات الحق في الحرية والأمان الشخصي" (في إشارة إلى الاعتقال التعسفي) و"انتهاكات الحق في السلامة الجسدية" (في إشارة إلى إساءة المعاملة أثناء الاحتجاز) في الضفة الغربية وغزة. وكانت 1,136 من الضفة الغربية – 351 بسبب سوء المعاملة و785 بسبب الاعتقال التعسفي – و1,293 من غزة – 514 بسبب سوء المعاملة و779 بسبب الاعتقال التعسفي. وانخفض العدد إلى 2,168 عام 2017 – 1,132 من الضفة الغربية (289 إساءة معاملة و843 اعتقالا تعسفيا) و1,036 في غزة (284 إساءة معاملة و752 اعتقالا تعسفيا).[149]

تحقق الهيئة في هذه الادعاءات، وأينما تشك بإساءة تصرف، تتدخل لدى السلطة ذات الصلة. كما يمكنهم تفويضهم من زيارة أماكن الاحتجاز، وقد يكون ذلك بدون الإعلان عن الزيارة، والتفتيش على الظروف.

كما تجري اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان زيارات لأماكن الاحتجاز، حيث يجري مكتب المفوض السامي زيارات بدون الحاجة إلى إعلام السلطات مقدما. إضافة إلى هذا، تقوم مجموعات حقوق الإنسان الفلسطينية، مثل الحق، بزيارة أماكن الاحتجاز، وقامت بتقديم الشكاوى مسبقا.

تلعب هذه المنظمات دورا مهما في رصد أماكن الاحتجاز، إلا أن حالات سوء المعاملة والتعذيب الروتينية ما زالت قائمة. تقدم انضمام فلسطين إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة العنف في ديسمبر/كانون الأول 2017 إمكانية المزيد من الرقابة، ومنها الزيارات غير المعلنة من قبل هيئة ذات تفويض خاص، إلا أن الأمر سيعتمد على تشكيل الهيئة والسلطة والاستقلالية الممنوحين لها.

 

شكر وتنويه

عمل عمر شاكر، مدير مكتب هيومن رايتس ووتش في إسرائيل وفلسطين، كباحث رئيس وكاتب لهذا التقرير.

حرر التقرير كل من إريك غولدستين، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، وبلقيس جراح، مستشارة أولى في برنامج العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش، وتوم بورتيوس، نائب مدير البرامج في هيومن رايتس ووتش، وبيل فان إسفلد، باحث أول في قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش، وسينتيا وونغ، باحثة أولى في الإنترنت وحقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش. وقام بالمراجعة القانونية كلايف بالدوين، مستشار قانوني أول في هيومن رايتس ووتش.

ساهمت المتدربات في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش آية كتمة وروان أبو شهلة في البحث.

ساهم كل من مريم دويدار، وإبراهيم الحسيني، وحاتم سلمي في تصوير وإنتاج الملتيميديا، فيما أشرف عمر الفتيحي، وبيير بيران، وجيسي غراهام، منتجو الملتيميديا في هيومن رايتس ووتش، على الإنتاج.  

نشعر بالامتنان للهيئات الحكومية التي استجابت لرسائلنا التي تطلب المزيد من المعلومات، وتقديم وجهات نظرها بشكل عام حول القضايا التي عمل هذا التقرير على تغطيتها.

كما نتقدم بالشكر من المحامي مهند كراجة، والحق، ومركز الميزان لحقوق الإنسان، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومحامي وأفراد أسر المحتجزين السابقين، على أفكارهم ودعمهم.

لكن في المقام الأول، نشكر الرجال والنساء الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي، وسوء المعاملة، والتعذيب، وشاركوا قصصهم بشجاعة معنا.

 

مسرد

الباص: مصطلح يشير إلى غرفة حيث تعصب سلطات حماس في غزة أعين المحتجزين وتجبرهم على الوقوف أو الجلوس في كرسي صغير فترات طويلة من الزمن، عادة خلال التحقيقات، لإجبارهم على الاعتراف. لم يستطيع المحتجزون الحديث، أو الحركة، أو تناول الأدوية، أو النوم، أو الأكل بدون إذن الحراس.

الشرطة المدنية (السلطة الفلسطينية وحماس): تأسست عام 1993، وأوكلت إليها مهام "حماية الأمن العام، والنظام العام، وإنفاذ القانون"، ومنذ العام 2007 تنطوي تحت وزارتيّ الداخلية في غزة والضفة الغربية. تقوم الشرطتان المدنيتان بواجبات الشرطة التقليدية وتشرفان على أماكن الاحتجاز.[150]

المخابرات العامة (السلطة الفلسطينية): مسؤولة بشكل مباشر أمام الرئاسة الفلسطينية، تختص في مكافحة التجسس وتتمتع بالسلطة القانونية لتنفيذ الاعتقالات المبنية على المعلومات التي تجمعها من "خارج الحدود الجغرافية لفلسطين".[151]

اللجنة الأمنية المشتركة (السلطة الفلسطينية): فرقة تنسيق مشتركة لجميع القوى الأمنية في الضفة الغربية وتشمل الشرطة، والأمن الوقائي، والمخابرات العامة، والاستخبارات العسكرية، تأسست عام 2006 تحت سلطة رئيس الوزراء للتعامل مع القضايا الأمنية الداخلية.[152] تتواجد في معظم المحافظات ضمن مقر الأمن الوقائي أو المخابرات العامة، ولا تتمتع بالسلطة المستقلة لتنفيذ الاعتقالات. وبالرغم من حلها رسميا في يونيو/حزيران 2018، لم تتخلَّ عن سلطتها في الاحتجاز.

الأمن الداخلي (غزة): تأسست في سبتمبر/أيلول 2007 من قبل حماس، وتعمل هذه القوة الأمنية على الأمن الداخلي، ومسؤولة أمام وزارة الداخلية.

الاستخبارات العسكرية (السلطة الفلسطينية): جزء من قوات الأمن الوطني، تشرف هذه الهيئة على الأجهزة الأمنية الأخرى وتتمتع بسلطة اعتقال أفراد آخرين من القوى الأمنية، وليس المواطنين العاديين.[153]

قوات الأمن الوطني (السلطة الفلسطينية): تعمل هذه الهيئة، التي خلفت "جيش التحرير الفلسطيني"، كقوة عسكرية، ولا تتمتع بالسلطة القانونية لتنفيذ الاعتقالات.

جهاز الأمن الوقائي (السلطة الفلسطينية): تعمل قوات الأمن الوقائي، التي تأسست عام 1994، تحت مظلة وزارة الداخلية، وتراقب النشاطات السياسية والتهديدات المحلية للسلطات، وتتمتع بالسلطة القانونية لتنفيذ الاعتقالات على الجرائم التي تقع ضمن اختصاصها.

الشَّبِح: مصطلح يشير إلى وضع المحتجزين في وضعيات مؤلمة تتسبب بالإجهاد باستخدام تقنيات مختلفة تترك آثارا بسيطة، إن وجدت، على الجسد، إلا أنها تعتبر تعذيبا عندما تشكّل التعمد في التسبب بالإيذاء الكبير.

 

 

[1] في الفيديو الموسيقى الذي سبق مظاهرات الكهرباء، أعلن لافي في الواقع "الثورة من المخيمات." أنظر“Mhammedlafi – Your Right”، مقطع فيديو، يوتيوب، 11 يناير/كانون الثاني 2017، https://www.youtube.com/watch?v=qeGo7GVfhPE (تم الاطلاع في 30 أغسطس/آب 2018).

[2] أنظر: Human Rights Watch, Torture and Ill-Treatment: Israel’s Interrogation of Palestinians from the Occupied Territories (New York: Human Rights Watch, 1994), https://www.hrw.org/legacy/reports/1994/israel/

[3] حل رئيس الوزراء رامي حمد الله اللجنة الأمنية المشتركة رسميا في يونيو/حزيران 2018. "قرر حمد الله حل اللجنة المشتركة"، وكالة معا الاخبارية، 4 يونيو/حزيران، 2018، https://www.maannews.net/Content.aspx?id=951367 (تم الاطلاع في 30 أغسطس/آب 2018). إلا أن اللجنة الأمنية المشتركة ما زالت تمارس سلطتها الاحتجازية وتحتفظ بالمحتجزين. مراسلات هيومن رايتس ووتش بالبريد الالكتروني مع عمار دويك، المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، 9 أغسطس/آب 2018.

[4] "على فلسطين إصلاح قانون الجرائم الالكترونية التقييدي"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 20 ديسمبر/كانون أول 2017، https://www.hrw.org/news/2017/12/20/palestine-reform-restrictive-cybercrime-law

[5] الجمعية العامة للأمم المتحدة، تقرير لجنة مناهضة التعذيب، A/51/44، 9 يوليو/تموز 1996، الفقرة 214. 

[6] لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التعليق العام 2، تطبيق المادة 2 من قبل الدول الأعضاء، وثيقة الأمم المتحدة رقم CAT/C/GC/2، 24 يناير/كانون الثاني 2008.

[7] Congressional Research Service, “U.S. Foreign Aid to the Palestinians,” May 18, 2018, https://fas.org/sgp/crs/mideast/RS22967.pdf (تم الاطلاع في 30 أغسطس/آب 2018). مراسلة هيومن رايتس ووتش الالكترونية مع مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018. 

[8] H.R. 1625, 115th Congress (2017-2018). Available: https://www.congress.gov/bill/115th-congress/house-bill/1625/text. تبعا للتقارير الإعلامية، أفرجت الولايات المتحدة عن الأموال لقوى الأمن الفلسطينية في أغسطس/آب 2018، بالرغم من تجميد المساعدات الأمريكية إلى الضفة الغربية وغزة منذ يناير/كانون الثاني 2018. Amir Tibon, “Trump Administration Released Dozens of Millions of Dollars to Support Palestinian Security Forces,” Haaretz, August 2, 2018, https://www.haaretz.com/us-news/.premium-trump-administration-released-dozens-of-millions-of-dollars-to-pa-1.6340023 (تم الاطلاع في 30 أغسطس/آب 2018).

[9] أشرف المنسق الأمني للولايات المتحدة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية منذ الانقسام بين فتح وحماس في يونيو/حزيران 2007 على قوى السلطة الأمنية. واقتصر المنسق الأمني، والذي يشمل ضباط من المملكة المتحدة، وكندا، وتركيا، وإيطاليا، وهولندا، منذ العام 2012 نشاطاته على تقديم النصح ومساعدة السلطات المحلية. The Washington Institute For Near East Policy, “State with No Army, Army with No State,” 2018, https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/state-with-no-army-army-with-no-state (تم الاطلاع في 30 أغسطس/آب 2018). يقدم مكتب تنسيق الاتحاد الأوروبي لدعم الشرطة الفلسطينية الدعم للشرطة الفلسطينية مع موازنة بلغت 12.372 مليون يورو عام 2017، تقدم من قبل جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 21، وكندا، والنرويج وتركيا. The European Union Coordinating Office for Palestinian Police Support, “Mandate,” http://eupolcopps.eu/en/content/what-eupol-copps (تم الاطلاع في 30 أغسطس/آب 2018). كما نفذت كندا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا والمملكة المتحدة، من بين دول أخرى، برامج تدريبية أو قدمت أنواعا أخرى من الدعم لقوى السلطة الأمنية. تملك هيومن رايتس ووتش الوثائق الداعمة.

[10] "حوار خاص – يحيى سنوار، رئيس حماس في غزة"، 21 مايو/أيار 2018، يوتيوب، https://www.youtube.com/watch?v=ISNSk_UOMFE (تم الاطلاع في 30 أغسطس/آب 2018).

[11] "حماس: لمز فتح بمواقف تركيا وقطر تجاه غزة رغبة بتحقيق أهداف ضيقة"، سما الإخبارية، http://samanews.ps/ar/post/294485/ (تم الاطلاع في 30 أغسطس/آب 2018).

[12] هيومن رايتس ووتش، "غير راغبة أو غير قادرة: القيود الإسرائيلية على دخول الحقوقيين إلى غزة وخروجهم منها"، (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 2017)، https://www.hrw.org/ar/report/2017/04/03/301885

[13] المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، التقرير السنوي 2007 (غزة: المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان 2007) http://www.pchrgaza.org/files/annual/arabic/Ann-Rep-07-Arb.pdf  (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[14] لمزيد من التفاصيل، أنظر هيومن رايتس ووتش، "الاقتتال الداخلي: انتهاكات فلسطينية في غزة والضفة الغربية" (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 2008)، https://www.hrw.org/ar/report/2008/07/29/255683.

[15] Chaim Levinson, “Nearly 100% of All Military Court Cases in West Bank End in Conviction, Haaretz Learns,” Haaretz, November 29, 2011, https://www.haaretz.com/1.5214377 (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2017).

[16] "إسرائيل: يجب وقف الحملة ضد النشطاء المعارضين للجدار"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 5 مارس/آذار 2010، https://www.hrw.org/ar/news/2010/03/08/239059؛ "إسرائيل: إدانة ناشط في محاكمة غير عادلة"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 8 سبتمبر/ أيلول 2010، https://www.hrw.org/ar/news/2010/09/08/240551.

[17] "فلسطين: الشرطة الإسرائيلية تنتهك حقوق الأطفال المحتجزين"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 11 أبريل/نيسان 2016، https://www.hrw.org/ar/news/2016/04/11/288626.

[18] قانون منع الجرائم لعام 1954، المادة 4؛ نظام التقسيمات الإدارية رقم 1 لعام 1966.

[19] الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، 2017 التقرير السنوي، 13 يونيو/حزيران 2018، https://goo.gl/CY8xAF (تم الاطلاع في 18 يوليو/تموز 2018)؛ مراسلات هيومن رايتس ووتش الالكترونية مع عمار دويك، المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، 9 أغسطس/آب 2018؛ والحق، "الاحتجاز على ذمة المحافظين"، 2018، http://www.alhaq.org/arabic/index.php?option=com_zoo&task=item&item_id=126&category_id=12&Itemid=218 (تم الاطلاع في 30 أغسطس/آب 2018).

[20] "حالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان،" مجلس حقوق الإنسان، A/HRC/37/42، 21 فبراير/شباط 2018، http://digitallibrary.un.org/record/1626470/files/A_HRC_37_42-AR.pdf (تم الاطلاع في 21 أغسطس/آب 2018).   

[21] المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، انتهاكات الحريات الإعلامية في فلسطين التقرير السنوي 2017، (فلسطين. مدى 2018) http://www.madacenter.org/images/text_editor/annualrepA2017.pdf (تم الاطلاع في 4 سبتمبر/أيلول 2018).  

[22] الحق، "الحق تطالب الجهات الرسمية بتوضيح موقفها من قضية التنصت على مكالمات المواطنين"، 20 يناير/كانون الثاني 2018،  www.alhaq.org/arabic/index.php?option=com_content&view=article&id=890:qq-&catid=82:2012-05-09-07-27-45&Itemid=197 (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[23] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أسامة النبريصي، قلقيلية، 20 مايو/أيار 2017.

[24]“Campaign funds new home for family of Muhannad al-Halabi,” Maan News Agency, April 5, 2016, http://www.maannews.com/Content.aspx?ID=771006  (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[25] عمر شاكر، "الإضراب عن الطعام يسلط الضوء على عزلة السجناء الفلسطينيين"، تعليق، هيومن رايتس ووتش، 2 مايو/أيار 2017، https://www.hrw.org/ar/news/2017/05/02/303108.

 

[26] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عيسى عمرو عبر سكايب، 22 يناير/كانون الثاني 2018.

[27] "على فلسطين إصلاح قانون الجرائم الالكترونية التقييدي"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 20 ديسمبر/كانون أول 2017، https://www.hrw.org/ar/news/2017/12/20/312545.

[28] خلود بدوي، "محاكمة عسكرية أخرى في الأراضي المحتلة"، تعليق، هيومن رايتس ووتش، 16 يوليو/تموز 2017، https://www.hrw.org/ar/news/2017/07/16/306697.

[29] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جهاد بركات، رام الله، 16 يوليو/تموز 2017.

[30] قانون العقوبات الأردني، 1960، http://bit.ly/2w0Piiu، المادة 389، الفقرة 5.

[31] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ممدوح حمامرة، بيت لحم، 30 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

[32] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ممدوح حمامرة، بيت لحم، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

[33] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع طارق أبو زيد، نابلس، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

[34] رسالة من محمد جباريني، المساعد الأمني لوزارة الداخلية، المخابرات العامة، إلى هيومن رايتس ووتش، 24 أبريل/نيسان 2018.

[35] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المخابرات العامة، رام الله، 2 مايو/أيار 2018.

[36] Jack Khoury, “Israel Bans Hamas-affiliated Palestinian TV Channel,” Haaretz, July 9, 2018, https://www.haaretz.com/israel-news/.premium-israel-bans-hamas-affiliated-palestinian-tv-channel-1.624994  (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018). 

[37] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الحاج عبر الهاتف، 19 نوفمبر/كانون الثاني 2017.

[38] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامي الساعي، طولكرم، 8 أغسطس/آب 2017.

[39] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامي الساعي، رام الله، 18 مارس/آذار 2018.

[40] السابق.

[41] حزب التحرير، "حزب التحرير،" غير مؤرخ، http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/def (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[42] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إبراهيم عقيل، الخليل، 2 أغسطس/آب 2017.

[43] السابق.

[44] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع تقي الدين الخطيب، الخليل، 2 أغسطس/آب 2017.

[45] رسالة من محمد جباريني، المساعد الأمني لوزارة الداخلية، المخابرات العامة، إلى هيومن رايتس ووتش، 24 أبريل/نيسان 2018.

[46] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع روحي أبو رميدة، رام الله، 26 يوليو/تموز 2017.

[47] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فواز الحرباوي، الخليل، 2 أغسطس/آب 2017.

[48] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علاء زعاقيق، الخليل، 21 مايو/أيار 2017.

[49] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علاء زعاقيق، بيت أمر، 25 مايو/أيار 2017.

[50] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زوجة علاء زعاقيق (الاسم محجوب) عبر الهاتف، 17 يناير/كانون الثاني 2018.

[51] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فارس جبور، الخليل، 21 مايو/أيار 2017.

[52] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فارس جبور، الخليل، 3 يوليو/تموز 2017.

[53] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع والد فارس جبور (الاسم محجوب) عبر الهاتف، 29 يناير/كانون الثاني 2018.

[54] “'Wanted men' in Balata refugee camp turn themselves in to PA,” Maan News Agency, July 19, 2017, https://www.maannews.com/Content.aspx?id=778210  (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018)؛ “Palestinian PM vows to resign

 if PA fails to arrest all West Bank fugitives,” Maan News Agency, August 28, 2016, https://www.maannews.com/Content.aspx?id=772883  (تم الاطلاع في 10 سبتمبر/أيلول 2018).

[55] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زيد، نابلس، 25 أغسطس/آب 2017.

[56] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شقيق حسام (الاسم محجوب)، نابلس، 15 أغسطس/آب 2017.

[57] “Palestinian PM vows to resign if PA fails to arrest all West Bank fugitives,” Maan News Agency, August 28, 2016.

[58] صفحة المتحدث الرسمي باسم القوى الأمنية الفلسطينية عدنان الضميري على فيسبوك، https://www.facebook.com/923825254322413/photos/a.923872710984334.1073741828.923825254322413/1153505544687715/?type=3&theater (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[59] الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، "تقرير تقصي الحقائق عن الأحداث التي جرت في نابلس خلال أغسطس/آب 2016،" 2017، الصفحات 19، 37 و38.

[60] صفحة نابلس الحدث على فيسبوك، https://www.facebook.com/nablus.alhadath/photos/pb.804218409634320.-2207520000.1472060897./1163723917017099/?type=3&theater (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[61] مقابلة هيومن رايتس مع شخص من أسرة حلاوة (الاسم محجوب)، نابلس، 15 أغسطس/آب 2017.

[62] مقابلة هيومن رايتس مع مصطفى، نابلس، 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

[63] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رامي، نابلس، 15 أغسطس/آب 2017.

[64] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسان، جنين، 4 يوليو/تموز 2017.

[65] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محامي الطفل (الاسم محجوب) عبر الهاتف، 17 يناير/كانون أول 2018.

[66] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ساري سمندر، رام الله، 5 يونيو/حزيران 2017.

[67] قانون العقوبات الأردني، المادة 390.

[68] "حكم إعدام آخر يصدر خلال أسبوع، المركز الفلسطيني لحقوق الانسان يدعو الرئيس للقضاء على هذه العقوبة،" بيان صحفي لـ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، 10 يوليو/تموز 2018، http://pchrgaza.org/en/?p=11038 (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[69] أموم والجربة من بين آلاف الفلسطينيين من موظفي السلطة الفلسطينية الذين تلقوا أجور من رام الله منذ يونيو/حزيران 2007 بالرغم من عدم العمل كل هذه المدة.

[70] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رامي الجربة، مخيم البريج، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

[71] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الباسط أموم، مخيم البريج، 5 يناير/كانون الثاني 2017.

[72] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إيمان عموم، مخيم البريج، 3 أبريل/نيسان 2017.

[73] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الباسط عموم، مخيم البريج، 23 يناير/كانون الثاني 2017.

[74] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد أبو صرم، خان يونس، 23 أبريل/نيسان 2017.

[75] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع تغريد أبو طير عبر الهاتف، 24 أبريل/نيسان 2017.

[76] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع تغريد أبو طير عبر الهاتف، 24 يناير/كانون الثاني 2018.

[77] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامي (الاسم محجوب)، مدينة غزة، 15 مايو/أيار 2017.

[78] "لم أعد أشك أن الله الذي عرفناه في فلسطين قد خرج منها هو الآخر، وأنه لاجئ في حيث لا أدري، غير قادر على حل مشاكل نفسه".

[79] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عامر بعلوشة، بيت لاهيا، 3 ديسمبر/كانون أول 2017.

[80] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مجد، مدينة غزة، 5 مارس/آذار 2017. تلقى مجد في غالب الأحيان أجرا من السلطة الفلسطينية بالرغم من عدم عمله رسميا منذ الانقسام بين فتح وحماس عام 2007.

[81] "كاتب يرد على البردويل غزة ليست صامدة والحياة ليست رغيدة إلا على قادة حماس،" صدى الاعلام، 30 مايو/أيار 2017، http://www.sadaa.ps/49536.html (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[82] صفحة قناة الفلسطينية على فيسبوك، https://www.facebook.com/Alfalstiniah/photos/a.265824903531453.58645.265460790234531/1343333119113954/?type=3&theater (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[83] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الله أبو شرخ عبر الهاتف، 7 يونيو/حزيران 2017.

[84] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الله أبو شرخ عبر الهاتف، 28 فبراير/شباط 2017.

[85] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الله أبو شرخ عبر الهاتف، 3 مايو/أيار 2017.

[86] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الله أبو شرخ عبر الهاتف، 8 يناير/كانون الثاني 2018.

[87] فايز أبو عون، "حماس تواصل اعتقال التلولي وجرادة في قمع واضح للحريات،" الأيام، 12 يونيو/حزيران 2017، http://www.al-ayyam.ps/ar_page.php?id=121b1bf6y303766518Y121b1bf6 (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[88] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فؤاد جرادة، مدينة غزة، 13 ديسمبر/كانون أول 2017.

[89] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أشرف جرادة، مدينة غزة، 13 ديسمبر/كانون أول 2017.

[90] صفحة تلفزيون فلسطين على فيسبوك، https://www.facebook.com/PalestineTv/videos/1385226738213983/  (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018). 

[91] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عثمان، مدينة غزة، 16 سبتمبر/أيلول 2016.

[92] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد لافي، المفتش العام في وزارة الداخلية، مدينة غزة، 19 سبتمبر/أيلول 2016.

[93] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عمر البرش، وكيل وزارة العدل، مدينة غزة، 19 سبتمبر/أيلول 2016.

[94] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد لافي، 19 سبتمبر/أيلول 2016.

[95] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع كامل أبو ماضي، وكيل وزارة الداخلية، مدينة غزة، 19 سبتمبر/أيلول 2016.

[96] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هاجر حرب، مدينة غزة، 6 سبتمبر/أيلول 2017.

[97] صفحة هاجر حرب على صفحة فيسبوك، https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=150616998715570&id=100013018114436&__mref=message_bubble (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[98] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هاجر حرب عبر الهاتف، 14 سبتمبر/أيلول 2017.

[99] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد تلولي وشكري أبو عون، مخيم البريج للاجئين، 25 يناير/كانون الثاني 2017.

[100] "غزة – الافراج عن معتقلي تظاهرات الكهرباء اليوم"، وكالة معا الاخبارية، 16 يناير/كانون الثاني 2017، https://www.maannews.net/Content.aspx?id=886939 (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[101] فايز أبو عون، "حماس مستمرة في احتجاز تلولي وجرادة في قمع واضح للحريات، الأيام.

[102] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد تلولي عبر الهاتف، 2 سبتمبر/أيلول 2018.

[103] "محمد لافي – حقك"، يوتيوب، 11 يناير/كانون الثاني 2017، https://www.youtube.com/watch?v=qeGo7GVfhPE (تم الاطلاع في 30 أغسطس/آب 2018).

[104] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد لافي، مخيم جباليا للاجئين، 25 يناير/كانون الثاني2017. يشغل اسماعيل هنية، الذي عمل لوقت قصير كرئيس وزراء في حكومة الوحدة الفلسطينية بعد انتخابات 2006، منصب رئيس المكتب السياسي لحماس.

[105] "محمد لافي – ازدهار"، يوتيوب، 8 مارس/آثار 2017.

[106] مقابلة هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف مع محمد لافي، 4 سبتمبر/أيلول 2018.

[107] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يسار وشاح عبر الهاتف، مدينة غزة، 28 فبراير/شباط 2017.

[108] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف عمر، مدينة غزة، 19 فبراير/شباط 2017.

[109] "اتفاق بين غزة ورام الله ينهي أزمة جامعة الأقصى"، مرصد، 5 أبريل/نيسان 2017، https://www.marsad.ps/ar/?s=%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%B5%D9%89 (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[110] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف عمر عبر الهاتف، 10 سبتمبر/أيلول 2018.

[111] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عماد الشاعر، خان يونس، 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

[112] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عماد الشاعر، خان يونس، 30 مايو/أيار 2018. 

[113] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عصام أبو حرب (والد خليل)، مدينة غزة، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.  

[114] تقرير النائب العام في ملفات هيومن رايتس ووتش.

[115] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أبو عبد عزام، مدينة غزة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

[116] أحمد العشي، "شاهد: دنيا الوطن تكشف تفاصيل وفاة "أبو حرب"... العائلة تحملها المسؤولية ... والنيابة ترد"، دنيا الوطن، 25 أكتوبر/تشرين أول 2017، https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2017/10/25/1092944.html (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[117] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان مدينة غزة (الاسم محجوب)، مدينة غزة، 7 نوفمبر/تشرين الثاني، 2017.

[118] رسالة من د. محمد نعمان النحال، وكيل وزارة العدل، وزارة العدل، إلى هيومن رايتس ووتش، 26 أبريل/نيسان 2018.

[119] اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب)، والتي تبنتها الجمعية العامة يوم 10 ديسمبر/كانون أول 1984 في القرار رقم 39/46، الملحق، 29 U.M. GAOR Supp (رقم 51) في 197، وثيقة الأمم المتحدة رقم A/39/51 (1984)، دخلت حيز التنفيذ يوم 26 يونيو/حزيران 1987.

[120] خطاب رئيس الوزراء اسماعيل هنية في مؤتمر "الحكومة الجديدة وأجندة حقوق الإنسان"، مدينة غزة، 21 يونيو/حزيران 2006 (بحسب مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، "حالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى"، A/HRC/8/17، 6 يونيو/حزيران 2008، http://www2.ohchr.org/english/bodies/hrcouncil/docs/8session/A.HRC.8.17.doc (تم الاطلاع في 9 سبتمبر/أيلول 2018).  

[121] رئيس الوزراء هنية، "برنامج حكومة الوحدة الوطنية" (المقدم إلى المجلس التشريعي الفلسطيني، 17 مارس/آذار 2007) بحسب مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، "حالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى").

[122] رسالة من توفيق أبو نعيم، وكيل وزارة الداخلية والأمن الوطني، وزارة الداخلية والأمن الوطني، إلى هيومن رايتس ووتش، 25 أبريل/نيسان 2018.

[123] لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 34، المادة 19: حرية الرأي والتعبير (الجلسة رقم 102، 2011)، وثيقة الأمم المتحدة رقم CCPR/C/GC/3  (2011). 

[124] مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التقرير السنوي للمفوض السامي لحقوق الإنسان، تاريخ المفوض السامي لحقوق الإنسان حول ورش عمل الخبراء عن حظر التحريض على الكراهية الوطنية، العرقية أو الدينية، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/22/17/Add.4، 11 يناير/كانون أول 2013، http://www.un.org/ga/search/view_doc.asp?symbol=A/HRC/22/17/Add.4&Lang=A (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018). 

[125] ARTICLE 19, “Johannesburg Principles on National Security, Freedom of Expression and Access to Information,” November 1996, https://www.article19.org/data/files/medialibrary/1803/joburg-principles.pdf   (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[126] اتفاقية مناهضة التعذيب. 

[127] السابق.

[128] لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، اتفاقية مناهضة التعذيب وغير من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التعليق العام رقم 2، تطبيق المادة 2 من قبل الدول الأطراف، وثيقة الأمم المتحدة CAT/C/GC/2 (2008).

[129] اتفاقية مناهضة التعذيب، المادة 14، واتفاقية حقوق الطفل، والتي تبنها الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1989 في قرارها رقم 44/55، 44 U.N. GAOR Supp. (No. 49) at 167, U.N. Doc.A/44/49 (1989)، ودخلت حيز التنفيذ يوم 2 سبتمبر/أيلول 1990، المادة 39.

[130] “ICC welcomes Palestine as a new State Party,” International Criminal Court, Office of The Prosecutor press release, April 1, 2015, https://www.icc-cpi.int/Pages/item.aspx?name=pr1103&ln=en (تم الاطلاع في 30 يوليو/تموز 2018). 

[131] Palestine declares acceptance of ICC jurisdiction since 13 June 2014,” ICC, Office of The Prosecutor press release,  January 5, 2015, https://www.icc-cpi.int/Pages/item.aspx?name=pr1080&ln=en  (تم الاطلاع في 30 يوليو/تموز 2018).  

[132] "على المحكمة الجنائية الدولية التحقيق رسميا في الجرائم في فلسطين"، بيان صحفي صادر عن هيومن رايتس ووتش، 5 يونيو/حزيران 2016، https://www.hrw.org/ar/news/2016/06/05/290636.

[133] نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما)، A/CONF.183/9، 17 يوليو/تموز 1998، دخل حيز التنفيذ يوم 1 يوليو/تموز 2002، المادة 7.

[134] الجمعية العامة للأمم المتحدة، تقرير لجنة مناهضة التعذيب، A/51/44، 9 يوليو/تموز 1996، الفقرة 214.

[135] يعرف القانون "التلبس" على أنه الحالة التي تكون فيها الجريمة "قيد الارتكاب أو بعد ارتكابها مباشرة"، "إذا لاحق الضحية أو العامة مرتكب الجريمة" أو وجد مرتكب الجريمة "بعد فترة وجيزة من ارتكابها وبحوزته أدوات، أسلحة، تبعات، أوراق أو بنود أخرى تسمح بالإشارة إلى أنه ارتكب أو شارك في الجريمة، أو إذا بدت عليه علامات أو آثار تتماشى مع هذا التدخل".

[136] رسالة من توفيق أبو نعيم، وكيل وزارة الداخلية والأمن الوطني، وزارة الداخلية والأمن الوطني، إلى هيومن رايتس ووتش، 25 أبريل/نيسان 2018.

[137] السابق.

[138] السابق.

[139] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محام حقوقي، مدينة غزة، 17 أبريل/نيسان 2018.

[140] الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، التقرير السنوي لعام 2016، 15 يونيو/حزيران 2017، https://goo.gl/rHvojz (تم الاطلاع في 18 يوليو/تموز 2018)؛ الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، 2017، التقرير السنوي، 13 يونيو/حزيران 2018، https://goo.gl/CY8xAF (تم الاطلاع في 18 يوليو/تموز 2018).

[141] رسالة من زياد حب الريح، المدير العام، قوات الأمن الوقائي، إلى هيومن رايتس ووتش، 18 أبريل/نيسان 2018.

[142] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المخابرات العامة، رام الله، 2 مايو/أيار 2018.

[143] رسالة من حازم عطا الله، المدير العام، الشرطة الفلسطينية، إلى هيومن رايتس ووتش، 25 أبريل/نيسان 2018.

[144] الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، التقرير السنوي عام 2016.

[145] قانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية رقم 8 لعام 2005، http://moidev.moi.gov.ps/Download/file_store/30d64f55-e060-4609-808f-7a8c9aef9a0e.pdf (تم الاطلاع في 9 سبتمبر/أيلول 2018).

[146] وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، "النيابة العسكرية"، تحديث http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx?id=20030 (تم الاطلاع في 18 يوليو/تموز 2018).

[147] الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، التقرير السنوي لعام 2017.

[148] الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، التقرير السنوي لعام 2016.

[149] الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، التقرير السنوي لعام 2017، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، التقرير السنوي لعام 2016.

[150] الشرطة الفلسطينية، "عن الشرطة"، غير مؤرخ، http://www.palpolice.ps/ar/about (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2017).

[151] وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، "قانون المخابرات"، غير مؤرخ، http://info.wafa.ps/atemplate.aspx?id=2658 (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2017).

[152] مقتفي، جامعة بيرزيت، "قرار رقم 285 لسنة 2006 بشأن تشكيل لجنة ضباط قوى الأمن الفلسطينية"، غير مؤرخ، http://muqtafi.birzeit.edu/pg/getleg.asp?id=15268 (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).

[153] الاستخبارات العسكرية الفلسطينية، "النشأة"، غير مؤرخ، http://www.pmi.pna.ps/pmia/pmia/?page_id=2 (تم الاطلاع في 17 يوليو/تموز 2018).