باسم الوحدة

رد الحكومة اليمنية القاسي على احتجاجات الحراك الجنوبي

 

باسم الوحدة

رد الحكومة اليمنية القاسي على احتجاجات الحراك الجنوبي

ملخص
. التوصيات
إلى الحكومة اليمنية
إلى الحراك الجنوبي
إلى الجهات المانحة لليمن ودول الجوار
. منهج التقرير
III. خلفية
الوحدة والانفصال
قوات الأمن
. عن الحراك الجنوبي
مولد وتركيبة الحراك الجنوبي
إعلان عدم اللجوء للعنف والمصادمات المسلحة
القاعدة في اليمن والحراك الجنوبي
. الاستخدام غير القانوني للقوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين
الأحكام القانونية الخاصة بحرية التجمع واستخدام القوة المميتة
دور الميليشيات الموالية للحكومة
الحرمان من الرعاية الطبية والهجمات ضد العاملين بالقطاع الطبي والمنشآت الطبية
. الاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة
المعايير القانونية
الاحتجاز التعسفي الجماعي
اعتقالات تعسفية أخرى
الاحتجاز طويل الأجل دون نسب اتهامات
احتجاز الأطفال
VII. الرقابة على الصحافة والخروقات بحق الصحفيين والصُحف
المعايير القانونية الخاصة بحرية التعبير
"الخطوط الحمراء": الرقابة الذاتية التي فرضتها الحكومة
إغلاق صحيفة الأيام
إغلاق الصحف: مايو/أيار – يونيو/حزيران 2009
اعتقال الصحفيين
الهجمات على قناة الجزيرة
احتجاز بعض المدونين وحجب المواقع الإلكترونية
احتجاز السعودية وتسليمها لمدونين يمنيين
VIII. احتجاز بعض الأكاديميين وغيرهم من قادة الرأي
احتجاز حسين عاقل  
تحديد إقامة صالح يحيى سعيد في منزله
اختطاف عبد الخالق مثنى عبد الله
شكر وتنويه

 

 

ملخص

بدأت أزمة خطيرة لحقوق الإنسان تتكشف في جنوب اليمن، مع رد قوات الأمن الحكومية على دعوات الانفصال بحملة قمعية عنيفة استهدفت ما يُدعى بالحراك الجنوبي.

فمنذ عام 2007 نظم مواطنون من جنوب اليمن اعتصامات ومسيرات ومظاهرات احتجاجاً على ما يسمونه بمعاملتهم من قبل الحكومة المركزية التي يسيطر عليها الشمال، بما في ذلك فصل الجنوبيين من العمل المدني والأمني. وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات، وبحلول عام 2008 راح الكثير من أبناء جنوب اليمن يطالبون بالانفصال واستعادة استقلال دولة اليمن الجنوبي، القائمة حتى قيام الوحدة بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في عام 1990.

وقد لجأت قوات الأمن، والأمن المركزي على الأخص، إلى ارتكاب انتهاكات موسعة لحقت بالجنوب، منها القتل غير القانوني والاحتجاز التعسفي والضرب وقمع حريات التجمع والتعبير واعتقال الصحفيين وآخرين. هذه الانتهاكات أدت لخلق أجواء من الخوف، لكنها أيضاً زادت من ضيق الجنوبيين وإحساسهم بالغربة، ويقولون إن الشمال يستغلهم اقتصادياً ويهمشهم سياسياً. وقد أفلتت قوات الأمن من العقاب جراء الهجمات غير القانونية ضد الجنوبيين، مما زاد من المشاعر الانفصالية في الجنوب وألقى بالبلاد في دوامة من القمع والاحتجاجات، أدت بدورها إلى المزيد من القمع.

وفيما تزعم الحكومة علانية أنها مستعدة للاستماع إلى مظالم الجنوب، فإن قواتها الأمنية ردت على الاحتجاجات باستخدام القوة المميتة بحق متظاهرين مسالمين في أغلب الحالات، دونما أسباب ظاهرة أو تحذيرات مسبقة، في خرق للمعايير الدولية لاستخدام القوة المميتة. وكثيراً ما لجأ المتظاهرون إلى العنف، فأحرقوا السيارات وألقوا الحجارة، وكان هذا عادة رداً على عنف الشرطة.

وفي الاحتجاجات الستة التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش بعمق، انتهكت قوات الأمن اليمنية جميع هذه المعايير تقريباً. فأثناء احتجاج نُظم في الحبيلين في 15 أبريل/نيسان، أطلقت قوات مكافحة الشغب (الأمن المركزي) الأسلحة الأوتوماتيكية على المتظاهرين مباشرة، مما ألحق الإصابة برجل في قدمه. وأثناء احتجاج في 21 مايو/أيار في عدن، فتحت قوات الأمن في أماكن متفرقة النار دونما تحذير أو استفزاز من المتظاهرين، مما ألحق الإصابات بـ 23 متظاهراً، منهم نصر حاموزايبة ضابط الجيش السابق والناشط بالحراك الجنوبي. ورد المتظاهرون برمي الشرطة بالحجارة، فردت الأخيرة بالمزيد من القوة المميتة.

وفي 30 مايو/أيار خرج المتظاهرون في مسيرة في الشحر، مطالبين بالإفراج عن نحو 75 شخصاً تم احتجازهم أثناء احتجاج قبل يومين. وعندما بلغ المتظاهرون قيد أمتار قليلة من شرطة مكافحة الشغب التي كانت تسد الطريق، فأطلقت الشرطة الرصاص في البداية في الهواء، ثم على المتظاهرين، مما أودى بحياة عواض برام. ولم تفتح الحكومة أية تحقيقات في إطلاق النار الذي أسفر عن الوفيات. وفي الضالع أطلقت الشرطة النار على توفيق الجعدي، مما أودى بحياته، في تظاهرة نُظمت يوم 31 مايو/أيار، وهذا دون تحذير مسبق أو استفزازات من طرف المتظاهرين.

وزادت قوات الأمن من صعوبة الأمر على الجرحى في الحصول على الرعاية الطبية، بعدما أمرت المستشفيات العامة بعدم قبول الجرحى في الاحتجاجات، ووزعت ضباط شرطة من الأمن السياسي ومن هيئات أمنية أخرى بالمستشفيات، بل وأغارت على المستشفيات وقبضت على المرضى المصابين من أسرّتهم. مثل هذه الأعمال عرضت حياة المصابين للخطر، والكثير منهم أصيبوا بأعيرة نارية دون سند قانوني، من قبل الأجهزة الأمنية. وبعد يومين من تلقيه العلاج بالمستشفى، قبضت قوات الأمن على طالب يبلغ من العمر 15 عاماً، وكان قد أصيب برصاصة حية في كاحله في احتجاجات 21 مايو/أيار 2009 وهو راقد بفراشه في المستشفى. ورفض الحراس في مستشفى الشعيبي العام بمحافظة الضالع السماح للمتظاهرين الذين جُرحوا في 4 يوليو/تموز 2008 بالدخول إلى المستشفى، مما أجبرهم على التماس العلاج الخاص.

كما وقع حادثان على الأقل ضمن المصادمات بين جماعات مسلحة وقوات الأمن، وإثرها اتهمت السلطات اليمنية الحراك الجنوبي بأن له جناح مسلح. وخلّفت المصادمات المسلحة بجبال الأحمرين بالقرب من الحبيلين نحو 100 كيلومتر شمال شرق عدن، أواخر أبريل/نيسان ومطلع مايو/أيار 2009، خلفت عدة جنود قتلى وألحقت الإصابات بالمدنيين. وفي يوليو/تموز 2009 وقع صدام بين أتباع طارق الفضلي وقوات الأمن في زنجبار، عاصمة محافظة أبين، مما خلّف 12 قتيلاً على الأقل، في أعقاب "مهرجان" أقيم للدعوة إلى تحقيق مطالب الجنوب.

كما أنه في مناسبتين في شهر يوليو/تموز، هاجم جنوبيون متاجر يملكها شماليون يقيمون في جنوب اليمن. وفي أسوأ هذه الهجمات، تم اختطاف أصحاب المتاجر الشماليين وقُتل اثنين منهم في منطقة ردفان في يوليو/تموز 2009. ويبدو أن عنف المناصرين لوحدة اليمن في زيادة بدوره: فالحكومة المركزية ساعدت على تأسيس لجان حماية الوحدة، وهي جماعات من المؤيدين للوحدة، وبعضهم مسلحون، وقد نفذت هجمات مسلحة على أشخاص يُشتبه في كونهم ناشطين جنوبيين.

وفيما ما زالت هذه الحوادث استثنائية – وعلى النقيض من التوجه السلمي المُعلن ومسلك السواد الأعظم من الحراك الجنوبي – فإنها تلقي الضوء على طبيعة الموقف المشتعل والأخطار المحدقة المتمثلة في احتمال تصعيد العنف. وتُظهر المصادمات المسلحة احتمال اشتعال نزاع مسلح في الجنوب بأسره، ويبدو أنها تشير إلى وجود عناصر متعاطفة مع أهداف الحراك الجنوبي، وإن كانت على أهبة الاستعداد لتحقيق هذه الأهداف باللجوء إلى العنف.

ومنذ اشتعال الاحتجاجات في عام 2007، احتجزت قوات الأمن تعسفاً الآلاف من المشاركين والمارة الذين كانوا يشاهدون الاحتفاليات، ومنهم أطفال. وتتخذ هذه الاعتقالات التعسفية بالأساس إحدى ثلاثة أشكال: الاحتجاز قصير الأجل الوقائي لمنع من يُشتبه في أنهم سيقدمون على المشاركة من بلوغ أماكن المسيرات ولمنع المظاهرات من الوقوع؛ اعتقال المشاركين السلميين واحتجازهم لفترات طويلة في بعض الأحيان؛ اعتقالات طويلة الأجل دون محاكمة تستهدف المشتبهين بكونهم قيادات للاحتجاجات. وكان الأطفال من بين المُحتجزين. وفيما تم الإفراج عن البعض بعد ساعات معدودة من اعتقالهم، فقد وثقت هيومن رايتس ووتش ثلاث حالات لأطفال تحت سن 18 عاماً أمضوا أياماً وأسابيع رهن الاحتجاز دون نسب اتهامات إليهم، وفات على بعضهم فرصة أداء اختباراتهم المدرسية جراء ذلك.

ولم يُنسب الادعاء اليمني الاتهامات إلا إلى قلة من الزعامات المحتجزة، ثم أحيلوا إلى المحاكمة. وفي أبريل/نيسان 2008 اعتقلت قوات الأمن 12 قيادة من الحراك الجنوبي وقامت باحتجازهم إلى أن عفا عنهم الرئيس علي عبد الله صالح في سبتمبر/أيلول. كان بين الزعامات أحمد بن فريد، وعلي الغريب، ويحيى غالب الشعيبي، وحسن باعوم وعلي مُناصر، وآخرين. وأمضوا ستة أشهر في سجن الأمن السياسي في زنازين تحت الأرض، ثم حوكموا بعد ذلك بناء على اتهامات مبهمة سياسية الدوافع تتمثل في "المساس بالوحدة" و"التحريض على الانفصال". ومنذ ذلك الحين لجأ أغلب قيادات الحراك الجنوبي إلى الاختباء في الجبال فراراً من الاحتجاز التعسفي والاتهامات السياسية.

وفي عام 2009 استمرت السلطات في الاعتماد على اتهامات سياسية الدوافع ضد قيادات الحراك الجنوبي. ففي أبريل/نيسان اعتقلت السلطات قاسم عسكر جبران، السفير السابق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إلى موريتانيا، واتهمته بـ "تهديد الوحدة والتحريض على قتال السلطات". ونُقل جبران إلى سجن الأمن السياسي في صنعاء وأحيل للمحاكمة بناء على أدلة قوامها "خُطب ووثائق ومنشور بعنوان "مشروع لرؤية خاصة بحراك الكفاح السلمي لقضية الجنوب ومستقبل شعب جنوب اليمن" ووثيقة تفيد بالانتماء إلى "المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة جنوب اليمن". وهو ما زال رهن الاحتجاز حتى اللحظة.

كما شنت السلطات هجمة قوية على الإعلام المستقل، فأوقفت بعض المطبوعات عن النشر وحجبت مواقع إلكترونية واعتقلت صحفيين بل وأطلقت النار على مقر أكبر صحيفة مستقلة. وفي 4 مايو/أيار 2009 أوقفت وزارة الإعلام نشر ثماني صحف يومية وأسبوعية مستقلة، جراء تغطيتها لأحداث الجنوب. وهي صحف الأيام والمصدر والوطني والديار والمستقلة والنداء والشارع والأهالي. وفي مايو/أيار أيضاً، شكلت الحكومة محكمة جديدة لمحاكمة الصحفيين. وفي 1 و2 مايو/أيار صادر مسؤولون أمنيون نسخ صحيفة الأيام، أقدم وأكثر صحف اليمن المستقلة انتشاراً. وفي 4 مايو/أيار فتح مسلحون مجهولون النار على مقر الصحيفة فتوقفت عن النشر. وفي 12 مايو/أيار حاصرت قوات الأمن المقر واشتبكت في تبادل لإطلاق النار استمر لمدة ساعة مع حراس الصحيفة، مما أودى بحياة أحد المارة وإلحاق إصابات خطيرة بآخر.

وتفرض الحكومة "خطوطاً حمراء" غير مقننة في محاولة منها لضمان فرض الإعلام لرقابة ذاتية على نفسه. وهي مفهومة في الأغلب للصحفيين على أنها تشمل الحظر على نشر المقابلات مع رجال السياسة الجنوبيين في المنفى أو قيادات الحراك الجنوبي، ونشر صور لعنف الأجهزة الأمنية بحق المتظاهرين، أو حتى ذكر الأسماء الرسمية للمنظمات المسؤولة عن الاحتجاجات. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش اعتقالين لصحفيين جراء تغطيتهما لأحداث الجنوب. كما حاول المسؤولون منع تغطية محطات التلفزة الفضائية الأجنبية للأحداث. وفي مناسبتين على الأقل، في مايو/أيار ويوليو/تموز 2009، منعت قوات الأمن مراسلو الجزيرة من مغادرة فندقهم لمنعهم من تصوير الاحتجاجات في مدن الجنوب. وفي يونيو/حزيران، هاجم مسلحون مجهولون مراسل الجزيرة في عدن، فضل مبارك، وفي يوليو/تموز تلقى مدير مكتب الجزيرة في اليمن، مراد هاشم، تهديدات بالقتل من مجهول عبر الهاتف.

واعتقلت السلطات اليمنية مدونين شهيرين، هما صلاح السقلدي وفؤاد راشد، وما زالا قيد الاحتجاز إلى الآن. واعتقلت الشرطة السرية السعودية (المباحث) مدونين يمنيين من جدة، على خلفية مواقعهم التي تعرض أخباراً عن الحراك الجنوبي، وسلمت سراً علي شايف إلى اليمن في مايو/أيار أو يونيو/حزيران 2009، وما زال حتى أواسط نوفمبر/تشرين الثاني 2009 محتجزاً في مقر الأمن السياسي. كما لم ينل الأكاديميون حرية التعبير عن آرائهم. فاعتقلت قوات الأمن الأستاذ الجامعي حسين عاقل  ، بعد كتابته في الصحافة وإلقاء محاضرة عن الظلم الاقتصادي الذي يعاني منه الجنوب. وعاقل   هو أستاذ الجغرافيا الاقتصادية في جامعة عدن، وما زال محتجزاً في سجن الأمن السياسي بصنعاء. كما تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى ضحايا أربع حالات مضايقات واحتجاز أخرى بحق أكاديميين – وقامت بتوثيقها – ممن تحدثوا ضد ما يتصورونه قمعاً من الحكومة الشمالية المركزية.

ورغم جملة من الإجراءات القمعية وتطبيقها على نطاق واسع، فإن دعوات الجنوبيين بإعادتهم إلى أجهزة الجيش والخدمة المدنية، وزيادة مبالغ معاش التقاعد ووضع حد للفساد، والحصول على نصيب أكثر عدلاً من ثروات اليمن – لا سيما أرباح النفط – ما زالت مستمرة بلا هوادة. ورغم أنها سلمية في الأغلب حتى الآن، فإن زيادة الإحساس بالقمع في الجنوب والشعور بخيانة الجنوبيين في الشمال، تؤدي لحدة التوترات التي قد تأخذ صيغة مواجهة عنيفة بين الطرفين.

وينصب اهتمام المجتمع الدولي باليمن – إحدى أفقر الدول العربية – على تحديين آخرين، ففي أغسطس/آب 2009، اشتعلت من جديد الحرب القائمة منذ خمس سنوات مع المتمردين الحوثيين في الشمال، مما أودى بحياة الكثيرين وأدى إلى تشريد الكثيرين، وشهد عام 2009 أيضاً تزايد نشاط الجماعة المدعوة بالقاعدة في اليمن. وما زالت أزمة حقوق الإنسان في الجنوب مجهولة إلى حد كبير.

إن على حكومة اليمن المركزية أن تحترم الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير، بما في ذلك تعديل قوانين اليمن كي تكفل الحماية لهذه الحقوق. وعلى قوات الأمن اليمنية أن تكف عن استخدام القوة المفرطة بلا داعي ضد المتظاهرين، وأن تكف عن الاعتقالات التعسفية للمتظاهرين والمنتقدين وأن تفرج عن جميع المحتجزين تعسفاً، ومنهم أطفال. ويجب أن تشرع لجنة مستقلة في التحقيق في كافة الحوادث التي استخدمت فيها قوات الأمن الأسلحة المميتة في إصابة وقتل المتظاهرين في الجنوب على مدار السنوات الثلاث الماضية وأن تُحمل المسؤولين عن هذا الاستخدام غير القانوني للقوة المسؤولية.

ويجب على الدول المجاورة والمانحة لليمن أن تنتقد علناً انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن وأن تدفع بمزيد من الاحترام لحقوق الإنسان فيها، لا سيما الحق في حرية التعبير وفي التجمع. ويجب على المانحين أن يعاونوا اليمن على تدريب الأمن اليمني على الأساليب غير المميتة للسيطرة على الحشود ومراقبة مسلك قوات الأمن.

I. التوصيات

 

إلى الحكومة اليمنية

  • يجب ضمان التزام قوات الأمن بالمعايير الدولية لعمل الشرطة، ومنها مدونة الأمم المتحدة لسلوك مسؤولي إنفاذ القانون ومبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية، لدى التصدي للاحتجاجات، لا سيما القيد المفروض على استخدام الأسلحة النارية في مواقف يوجد فيها تهديد جسيم للحياة أو الإصابات الخطيرة، أو ما يعادل ذلك.
  • يجب إنشاء لجنة مستقلة للتحقيق بتكليف بالتحقيق على أكمل وجه في الاستخدام المفرط للقوة من قبل الأجهزة الأمنية ضد احتجاجات الحراك الجنوبي، وأن تخرج بنتائجها على وجه السرعة.
  • يجب التحقيق مع عناصر الأمن المشاركين في استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين العُزّل، ومن أمروا باستخدامها، ثم ملاحقتهم قضائياً أو فرض الإجراءات التأديبية وغيرها من الإجراءات بحقهم.
  • يجب وضع حد للاحتجاز التعسفي بحق المتظاهرين من قبل الأجهزة الأمنية، والإفراج عمّن ما زالوا رهن الاحتجاز دون نسب اتهامات إليهم. وأي محتجزين متبقين يجب أن يُحالوا على وجه السرعة إلى جهة قضائية مستقلة لها سلطة مراجعة احتجازهم والأمر بالإفراج الفوري عنهم.
  • يجب ضمان أن تتحرك جميع الأجهزة الأمنية في إطار القانون فيما يخص اعتقال الأفراد واحتجازهم، وإغلاق جميع مراكز الاحتجاز غير المصرح بها رسمياً.
  • يجب وضع حد لاستخدام الاتهامات الجنائية المبهمة والفضفاضة، مثل المواد 125 و126 من قانون الجرائم والعقوبات لعام 1994، الذي يعاقب بالإعدام كل من "قصد المساس باستقلال الجمهورية أو وحدتها أو سلامة أراضيها" و"أذاع أخبار... أو إشاعات كاذبة أو.. عمد إلى دعاية [ب] إثارة الفزع بين الناس أو إضعاف الروح المعنوية في الشعب"، على التوالي والمادة 136 التي تعاقب بالسجن ثلاث سنوات كل من "أذاع أخباراً... أو إشاعات كاذبة... بقصد تكدير الأمن العام أو... إلحاق ضرر بالمصلحة العامة". ويجب إلغاء هذه المواد وتعديل المواد 127 و128 و129 و131 لإلغاء الاتهامات الفضفاضة المبهمة إلى حد بعيد.
  • يجب ضمان معاملة جميع المشتبهين المحتجزين بما يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومنها الحق في مقابلة محامي يختاره المشتبه، والاحتجاز في أوضاع إنسانية تخلو من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وعدم التعرض للاحتجاز طويل الأجل دون محاكمة أو القدرة على اللجوء للقضاء.
  • يجب تبني إجراءات تضمن عدم احتجاز الأطفال تحت سن 18 عاماً إلا كحل أخير بعد استنفاد جميع الحلول الأخرى ولأقصر فترة زمنية ممكنة. ويجب ضمان عدم احتجاز الأطفال إطلاقاً برفقة بالغين، بما يتفق مع المعايير الدولية.
  • يجب احترام وحماية حق جميع الأفراد في التجمع السلمي وفي تكوين الجمعيات مع آخرين. وأي قيود على هذه الحقوق يجب أن تكون في الحد الأدنى، أي يجب ألا تكون تعسفية وأن تستند بشكل واضح إلى القانون، وألا تُفرض إلا لسبب مشروع وأن يقتصر القيد على الحد الأدنى المطلوب لتحقيق الهدف.
  • يجب إجراء مراجعة مستفيضة – والإلغاء والتعديل في حالة الضرورة – لمنهج تدريب قوات الأمن، لضمان أن يشمل تدريبهم على حقوق الإنسان احترام حقوق حرية التجمع وتكوين الجمعيات وحرية التعبير، والتدريب على الأساليب غير المميتة للسيطرة على الحشود.
  • يجب ضمان أن المنظمات الموالية للحكومة، ومنها لجان حماية الوحدة، لا تتورط في أعمال عنف ضد منتقدي الحكومة ومعارضيها. ويجب التحقيق – والمقاضاة إذا لزم الأمر – في كافة مزاعم العنف من قبل الميليشيات الموالية للحكومة، وكذلك من قبل قوى المعارضة.
  • يجب وضع حد للاحتجاز التعسفي والمقاضاة والترهيب بحق الصحفيين المستقلين، والمدونين والمراسلين الذين يغطون أحداث الحراك الجنوبي ووضع حد لانتهاكات قوات الأمن في الجنوب. ويجب إصدار العفو عن المتهمين والمدانين في أعمال يحميها الحق في حرية التعبير.
  • يجب الكف عن إغلاق وتجميد إصدار الصحف المستقلة جراء تغطيتها للحراك الجنوبي وانتهاكات قوات الأمن في الجنوب.
  • يجب مراجعة وتعديل التشريعات لضمان عدم تجريم القانون اليمني لأشكال حرية التعبير المحمية، وكذلك تبادل المعلومات، بما في ذلك الوسائط الإلكترونية، والاتصال بالمنظمات الدولية لحقوق الإنسان. وعلى الأخص يجب إلغاء تجريم المطالبة السلمية بالانفصال، والتي بصفتها نقطة خلاف سياسية، تخضع لحماية مشددة كأحد أشكال حرية التعبير. ويجب ضمان حد أدنى من التدخل في مناقشة القضايا السياسية سلمياً.

إلى الحراك الجنوبي

  • يجب الإعلان عن نبذ واستنكار العنف من قبل ناشطي الحراك الجنوبي أو المتعاطفين مع الجنوب ضد الشمال، وضمان التحقيق في هذه الهجمات والتحقيق مع المسؤولين عنها وتحميلهم المسؤولية.

إلى الجهات المانحة لليمن ودول الجوار

  • يجب انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان علناً، من المرتكبة من قبل قوات الأمن اليمنية، لا سيما استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، واستخدام اتهامات جنائية فضفاضة ومبهمة لتنفيذ عمليات اعتقال تعسفي والاحتجاز لفترات مطولة، بما في ذلك بحق الأطفال، وتفشي انتهاكات حقوق حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات والحريات الأكاديمية. ويجب الدعوة للإفراج عن جميع الأطفال المحتجزين على ذمة الاحتجاجات، إلى أن يحين موعد محاكمتهم – إذا كان أي منهم سيُحال للمحاكمة – وأن يتم الفصل فوراً بين الأطفال والبالغين المحتجزين.
  • يجب الدفع من أجل زيادة حرية التعبير في اليمن، بما في ذلك الإعلام الإلكتروني، والانتقاد العلني لإغلاق الصحف وكذلك التهديدات والاعتقالات والمقاضاة بحق الصحفيين والمدونين والمراسلين الذين يغطون الحراك الجنوبي وانتهاكات قوات الأمن في الجنوب.
  • يجب الدعوة للإفراج عن جميع الأشخاص المحتجزين تعسفاً، وأن تكشف السلطات اليمنية على الفور عن أماكن الأفراد "المختفين" ممن يُعتقد أنهم مُحتجزون سراً بمعزل عن العالم الخارجي.
  • يجب دعوة السلطات اليمنية إلى التحقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن ومقاضاة من يُكتشف تورطهم.
  • يجب أن يتضح للسلطات اليمنية أن المساعدات الدولية – المالية منها والعسكرية والدعم الدبلوماسي – هي رهن تحسين حالة حقوق الإنسان في اليمن، وإعداد معايير واضحة يمكن مراقبة سجل حقوق الإنسان في اليمن بمقتضاها. ويجب ضمان أن جميع أشكال المساعدات المقدمة لليمن تخضع للمراجعة المدققة لضمان ألا تُسهم في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الأمن.
  • يجب تعزيز برامج المساعدة المقدمة لليمن التي تساعد على تعليم ومراقبة قوات الأمن بمجال الأساليب غير المميتة في السيطرة على الجماهير واحترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
  • يجب ضمان عدم إساءة السلطات اليمنية استخدام برامج التدريب على السيطرة على الحشود، بحيث تستخدمها في تقييد ممارسة حرية التعبير أو تكوين الجمعيات أو التجمع.

 

II. منهج التقرير

زار فريق قوامه ثلاثة أشخاص من هيومن رايتس ووتش اليمن لمدة أسبوعين في يوليو/تموز 2009، وأجرى الفريق بحوثه في العاصمة صنعاء، وفي مدينتي عدن والمُكلا جنوب اليمن. وقابلنا أكثر من 80 ضحية وشاهد عيان لانتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى مقابلات مع صحفيين وناشطين حقوقيين ومثقفين وأكاديميين ورجال سياسة وناشطين بالحراك الجنوبي ومسؤولين حكوميين ودبلوماسيين في العاصمة. كما أجرينا مقابلات هاتفية للمتابعة بعد إتمام البعثة الميدانية.

 

وفيما يتعلق بالكثير من الحالات الموثقة في هذا التقرير، راجعت هيومن رايتس ووتش أيضاً الروايات التي ظهرت في الإعلام المحلي والدولي، وكذلك تسجيلات فيديو كثيرة تم التقاطها أثناء الاحتجاجات وتوفرت على مواقع عامة مثل Youtube ومواقع مخصصة لليمن. وكانت مقاطع الفيديو في العادة غير خاضعة للرقابة وتغطي فترات طويلة من الحوادث. ودققنا بحرص المادة الفيلمية والصور الضوئية لتحديد وجود أو غياب الأشخاص المسلحين وسط المتظاهرين، وهي نقطة خلافية هامة في أقوال مختلف الناشطين الجنوبيين على جانب، الذين يزعمون بتغيب الأشخاص المسلحين عن احتجاجتهم، والمسؤولين الحكوميين على الجانب الآخر، الذين يزعمون بأن العنف المميت وقع عادة جراء أعمال المتظاهرين المسلحين. هذه التسجيلات، بينما التقطها على طول الخط أشخاص ينتمون إلى أو على الأقل يتعاطفون مع أهداف المتظاهرين، فمن الممكن أن تُعتبر أدلة إضافية مكملة لروايات الشهود التي جمعتها هيومن رايتس ووتش، لأنها في الأغلب عبارة عن مقاطع مطولة خام لم تمسها يد التغيير أو التعديل. كما قارنت هيومن رايتس ووتش ما بين مقاطع الفيديو المتعلقة بهجمات بعينها في الحبيلين في شهر أبريل/نيسان وفي زنجبار شهر يوليو/تموز، مع روايات الشهود الحاضرين في الاحتجاجات التي تم جمعها أثناء المقابلات التفصيلية.

 

تم إجراء أغلب المقابلات باللغة العربية، إذ عاون أحد أعضاء الفريق اللغة العربية هي لغته الأولى في الترجمة الفورية لعضو الفريق الذي لا يتحدث العربية، بينما أجرى عضو الفريق الثالث المتقن للغة العربية مقابلاته وحده باللغة العربية. وأغلب المقابلات تمت في أماكن خاصة، لم يحضرها إلا فريق البحث والشخص الذي رُتبت المقابلة معه، رغم أن أجواء المقابلات المزدحمة في المُكلا جعلت المقابلات الانفرادية (بالمعنى الحرفي للكلمة) صعبة.

 

ولم تشهد البعثة تدخلاً مباشراً في عمل هيومن رايتس ووتش جنوب اليمن، لكن الحضور الأمني المكثف والوضع الأمني الحرج في بعض المناطق الريفية صعّب من العمل الميداني. ونصح ناشطون محليون فريق هيومن رايتس ووتش بعدم زيارة مناطق ردفان والضالع وأبين والشبوة الريفية، جراء المخاطر المحدقة من المسلحين في المناطق الريفية، ولاحتمال احتجاز قوات الأمن للفريق ومصادرة ما معه من معدات لازمة للبحث.

 

وأعلنت المواقع الإخبارية ومحطات التلفزة عن زيارة هيومن رايتس ووتش أثناء إجراء الفريق لبحوثه في المنطقة. ولم تتدخل السلطات بشكل مباشر مع نشاط البعثة في عدن، لكن انتظرت عربة محملة بعناصر شرطة السياحة وضابط أمن مسلح في ثياب مدنية فريق البحث خارج فندقه في المكلا، وأصروا على اصطحاب الفريق في جولته في يومه الثاني بالمدينة، متذرعين بالحفاظ على سلامتنا، مما حال دون إجراء المزيد من البحوث. واتصل عملاء من الأمن السياسي – وهو جهاز استخبارات يمني – في الليلة نفسها بسائق سيارة أجرة من المُكلا، وكان قد رافق الفريق لمدة وجيزة في تنقلاته باليوم الأول في المدينة، واستجوبوه بشأن أنشطة البعثة. وقال مسؤول بجهاز الأمن القومي في صنعاء، وهو هيئة استخباراتية أخرى، لناشط حقوقي يمني، إنه يعرف بأنشطة الفريق وتواجده في عدن من قبل الإعلان عن هذه الأنباء.

 

وتتوجه هيومن رايتس ووتش بالشكر إلى معالي وزيرة حقوق الإنسان، د. هدى البان، لترحيبها السريع بطلبنا بالاجتماع بها وللمعلومات التفصيلية التي قدمها مكتبها مشكوراً. ومع الأسف فقد تزامن الاجتماع بالوزيرة مع موعد رُتب للبعثة مع نائب وزير الداخلية، ولم يتم إخبارنا بالموعد الأخير إلا هاتفياً أثناء حضور الاجتماع بالوزيرة البان. ونُقدر لوزارة الداخلية استعدادها للاجتماع لمناقشة الوضع في جنوب اليمن.

 

III. خلفية

 

يبلغ تعداد اليمن السكاني 22 مليون نسمة، وهي جغرافياً أكبر بقليل من فرنسا، وتقع في الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، وعلى الجانب المقابل لها في البحر الأحمر يقع القرن الأفريقي (الصومال، جيبوتي، إريتريا، أثيوبيا). ويُقدر البنك الدولي نصيب الفرد من إجمالي الناتج القومي اليمني بنحو 520 دولاراً عام 2003، مما يجعلها أحد أفقر البلدان في العالم. وفي ذلك العام، كان ترتيب اليمن 151 من 177 دولة على مؤشر الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية.[1] وثلاثة أربع اليمنيين يعيشون في مناطق ريفية.

في عام 1962 وضع انقلاب مسلح حداً لحُكم الإمام الزيدي، ومعه انشأت الجمهورية العربية اليمنية، وأشار إليها كثيرون باسم اليمن الشمالي. ونشبت حرب أهلية في الستينيات تدخلت فيها مصر والسعودية إلى جانبي الجمهورية وجانب الإمام على الترتيب. وما كانت تُدعى حينها جنوب اليمن، كانت محمية بريطانية، إلى أن حققت استقلالها تحت مسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الاشتراكية في نوفمبر/تشرين الثاني 1967.

الوحدة والانفصال

تشير الروايات التاريخية القرآنية إلى اليمن كوحدة جغرافية واحدة، رغم تواجد مختلف الممالك والإمارات بمختلف المسميات على أرض اليمن إلى أن قامت القوى الاستعمارية، ومنها البرتغال والدولة العثمانية وبريطانيا، باحتلال أجزاء مما يُعرف حالياً باليمن. وعلى امتداد القرن العشرين، كان من يعيشون في مختلف النظم السياسية يعتبرون أنفسهم يمنيون، وأنهم جزء من "التاريخ القديم لبلاد العرب السعيد"[2] وهو ما مثل القاعدة الشعبية لاتحاد الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

وفي عام 1989 سحب السوفيت الذين كانوا يدعمون جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عناصر الدعم العسكري السوفيتية، وأحلوهم باستشاريين، وقطعوا المساعدات، مما أدى إلى بدء الحكومة في برنامج التحرير السياسي والنظر في الوحدة مع الشمال.[3] وفي الوقت نفسه، واجهت الجمهورية العربية اليمنية بدورها الضغوط الاقتصادية وكانت حريصة على تطوير حقول النفط حول منطقة شبوة، في أراضي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.[4] وأعلن الزعيمان، علي سالم البيض وعلي عبد الله صالح، الوحدة بين الجمهوريتين في 22 مايو/أيار 1990، تحت مسمى جمهورية اليمن. وبدأ اليمن في السير على مسار التعددية السياسية وعقد انتخاباته الأولى في عام 1993. وبدلاً من أن تعزز الوحدة، عززت الانتخابات من الشقاق بين جنوب اليمن، الذي صوت أغلبه لمرشحي الحزب الاشتراكي اليمني، وشمال اليمن، الذي دعم ناخبوه مرشحي حزب الإصلاح، وهو حزب إسلامي، وحزب المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس صالح.[5] وتدهورت العلاقات بين الحزب الاشتراكي وحزب المؤتمر الشعبي، وكانا قد شكلا ائتلافاً بعد عام 1990، نتيجة للاختلافات في السياسات، منها سرعة ومجال الاندماج بين الجيشين المنفصلين، والإصلاحات البيروقراطية والقضائية، وإجراءات مكافحة الفساد والإرهاب.[6] وأشعل هجوم على وحدات الجيش الجنوبي المتمركز في الشمال – يُزعم أن قبائل شمالية شنته – فتيل الحرب الأهلية في الفترة من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 1994، وانتهت بهزيمة الجنوب.[7]

وبعد حرب 1994، أحالت السلطات في صنعاء إلى التقاعد قسراً الكثير من الضباط العسكريين وموظفين عامين من الجنوب، ليحل محلهم شماليون. ويرى الكثير من أهل الجنوب في الهزيمة بداية تدهور حاد في مقدراتهم الاقتصادية وبداية تهميش أوسع للجنوبيين في اليمن المتحد الذي يهيمن عليه الشماليون، رغم أن اقتصاد اليمن الجنوبي الاشتراكي كان بالفعل في حالة تدهور حاد قبل الحرب الأهلية بكثير، وسوء إدارة الاقتصاد كان أحد العوامل الأساسية الدافعة بجنوب اليمن نحو الوحدة.[8] الضرر الذي ألحقته الحرب والنهب بالمصانع والصناعات لم يتسن مطلقاً تعويضه أو إصلاحه، ويزعم الجنوبيون أن الرعاية الاقتصادية للجنوب والتنمية النفطية في أرضهم مرقت بهم دون أن تصيبهم لينال نصيب الأسد منها أهل الشمال.[9] وطبقاً لروايات الجنوبيين، فإن عقود الأراضي والنفط في الجنوب نالها شماليون مقربون من الرئيس في أغلب الحالات، وأرباح حقوق استغلال نفط اليمن في الجنوب ملأت جيوب الشماليين.[10] وصار نحو مائة ألف ضابط وموظف جنوبي متقاعد لا يتلقون معاشهم إلا لماماً.[11] ويبدو أن تجميد المعاشات والرواتب سياسي الدوافع في أغلب الحالات، ولا يتم إلا بعد مشاركة الفرد في احتجاج سياسي.[12] هذه المظالم الاقتصادية تكمن في صميم احتجاجات الجنوبيين.

قوات الأمن

في اليمن أجهزة أمنية عديدة، مسؤولة أمام مختلف فروع السلطة التنفيذية. واختصاصاتها متداخلة، مما أدى إلى حيرة المواطن إزاء أي من الهيئات الأمنية مسؤولة عن هذا أو ذاك من انتهاكات حقوق الإنسان.

وتم إنشاء الأمن المركزي بموجب قرار رئاسي في عام 1980، وكُلف بمسؤوليات منها ضمان سلامة الممتلكات والأفراد، إلى حراسة الحدود ومكافحة الإرهاب.[13] والأمن المركزي يتبع رسمياً وزارة الداخلية بشكل مباشر.[14] وهذا الجهاز تورط كثيراً في استخدام القوة ضد المتظاهرين الجنوبيين.

كما يخضع لوزارة الداخلية قسم التحقيق الجنائي، المسؤول عن الجرائم غير السياسية، وتخضع لها أيضاً وحدة منفصلة لمكافحة الإرهاب. إلا أن التحقيق الجنائي ووحدة مكافحة الإرهاب قاما باعتقال أشخاص يُزعم أنهم مجرمون سياسيون. والتحقيق الجنائي مسؤول عن الكثير من الاعتقالات بحق المتظاهرين والناشطين الجنوبيين على المستوى المحلي.

الأمن السياسي هو جهاز الاستخبارات الداخلي اليمني، وأنشئ بقرار 121 لعام 1992 تحت مسمى الجهاز المركزي للأمن السياسي. وصلاحياته الخاصة بالاعتقال والاحتجاز مشتقة من هذا القرار وليس بموجب أي قانون آخر، ومراكز الاحتجاز الخاصة به ليست من مراكز الاحتجاز الرسمية، كما هو وارد في الدستور اليمني.[15] وجهاز الأمن السياسي مسؤول بشكل مباشر من الرئيس علي عبد الله صالح. ويبدو أن الأمن السياسي مسؤول بالأساس عن اعتقال الزعامات والمنظمين المشتبهين للحراك الجنوبي، وكذلك المثقفين وغيرهم من كبار الشخصيات المشاركة في الحراك، الذين يتجاوز تأثيرهم المستوى المحلي.

الأمن القومي، المُنشأ بموجب قرار 262 لعام 2002، يُحضر بالأساس التحليلات ويقدم المشورة للحكومة. وأدى التنافس على الصلاحيات بينه وبين الأمن السياسي إلى أن أنشأ الأمن القومي مراكز الاحتجاز الخاصة به في مطلع قرن الحادي والعشرين، وهي بدورها أماكن احتجاز غير مُعلنة ومن ثم فهي خارج إطار القانون اليمني. وسلطاته الخاصة بالاحتجاز والاعتقال مشتقة بالمثل من القرار فقط وليس بموجب أي قانون.[16] وهذا الجهاز يبدو أنه لا يلعب دوراً كبيراً في رد الدولة على الحراك الجنوبي.

الجهات الأخرى التي قال الشهود إنها متورطة في قمع الاحتجاجات واعتقال واحتجاز الناشطين، منها الشرطة العسكرية، والحرس الرئاسي، والمخابرات العسكرية، ومختلف وحدات الجيش، ومنها الدفاع الجوي.

ولا يشرف القضاء اليمني إشرافاً فعالاً على قانونية الاعتقالات وأعمال الاحتجاز. والأمن القومي والأمن السياسي على الأخص لا يلتزمان بمتطلبات قانون الإجراءات الجنائية اليمني لعام 1994، التي توجب ألا يُجري المسؤولون أعمال الاعتقال إلا بناء على أمر توقيف، وإخبار المشتبهين بالتهمة المنسوبة إليهم في ظرف 24 ساعة من الاعتقال، والإفراج عن السجناء الذين انتهت محكومياتهم.[17]

المحكمة الجزائية المتخصصة أُنشأت بموجب قانون صادر عام 1999، وتم إنشاءها بالأساس للنظر في جرائم مُعرفة في القرآن ومشمولة بقانون العقوبات، مثل جريمة الحرابة، بالإضافة إلى جرائم أخرى غير واردة في القرآن، ومنها اختطاف الأجانب والإضرار بمنشآت النفط وسرقة الجماعات المسلحة لوسائل النقل، والعضوية في تنظيم مسلح يسعى لمهاجمة الممتلكات العامة أو المواطنين، ومهاجمة أعضاء القضاء أو اختطاف مسؤولين أو أفراد من أسرهم. وفي عام 2004 وسع قانون جديد من صلاحيات المحكمة لتشمل جرائم مبهمة فضفاضة التعريف ضد الأمن القومي.[18] والمحكمة، مثل أغلب هيئات القضاء في اليمن، ليست مستقلة، ومحاكماتها لا تفي بالمعايير الدولية للعدالة والإنصاف.[19]

 

IV. عن الحراك الجنوبي

 

مولد وتركيبة الحراك الجنوبي

طبقاً لأغلب اليمنيين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، فإن مولد الحركة الاحتجاجية القائمة في جنوب اليمن بدأ بسلسلة من الاحتجاجات الصغيرة التي شنتها في عام 2007 منظمة للضباط العسكريين من الجنوب الذين أُجبروا على التقاعد، وطالبوا بإعادتهم إلى الوظيفة وزيادة معاشاتهم. شكل الضباط المحالون إلى التقاعد جمعية العسكريين المتقاعدين، وبدأوا في تنظيم سلسلة من الاعتصامات والمسيرات الاحتجاجية. وعلى الفور واجهت القوات الأمنية الاعتصامات والاحتجاجات بالعنف والاعتقالات التعسفية.

وقد أدى تفشي عدم الرضا عن الأداء الاقتصادي والتهميش في جنوب اليمن بعناصر أخرى من المجتمع إلى الانضمام إلى حركة الاحتجاج. وانضم الموظفون – وقد أحيل للتقاعد الكثير منهم قسراً عام 1994 – إلى الحركة على الفور. وثمة ما يُقدر بنحو 100 ألف عسكري وموظف مدني في الجنوب أحيلوا للتقاعد جبراً بعد عام 1994، وكانت معاشاتهم في صميم الاحتجاجات الأساسية في عام 2007.[20] وقد وسع المحامون والأكاديميون والطلاب والصحفيون والكثير من أهالي الجنوب من مجال الاحتجاجات. وسرعان ما استخدمت فروع الأحزاب الجنوبية السياسية، بقيادة الحزب الاشتراكي اليمني، ومعها فروع محلية لحزب الإصلاح وناصريين وبعثيين، استخدمت شبكاتها في تحريك الدعم للحراك.[21] وتشمل المطالب الآن المزيد من فرص العمل للجنوبيين، ووضع حد للفساد، ونصيب أكبر من أرباح النفط للمحافظات الجنوبية.[22] وكما أوضح أحد المعلقين: "ثمة إحساس بأن الجنوبيين مستبعدين من شبكات رعاية الشمال في مجالات الأعمال والسياسة والجيش".[23]

وانضمت هياكل قيادية أكثر تقليدية – منها شيوخ القبائل وكذلك السكان العاديين من أهل الريف – إلى الحراك الجنوبي.[24] ومع مطلع عام 2009 كسب الحراك الدعم العريض من مجتمع جنوب اليمن، وتصاعدت المطالب إلى دعوات صريحة بالانفصال وإعادة إنشاء الدولة المستقلة في الجنوب. ووصف ناشط يمني حقوقي الوضع كالتالي:

الآن، بحلول أواسط عام 2009، جميع الفصائل الجنوبية صارت تطالب بالانفصال عن الشمال. حكومة صنعاء لا تنظر إلا في كيفية وقف هذه الجماعات، وليس كيفية حل المشكلات التي تسببت في ظهورها. هناك عناصر نخبوية في الجنوب تشعر بالتهميش، لكن الجماعات التي يشرفون عليها تمثل المظالم الحقيقية للناس. الناس تريد أسعار مخفضة وخدمات أفضل وفرص عمل أكثر. هذا هو السبب في اصطفافهم وراء شعارات الانفصال.[25]

وقد حاول الحراك الجنوبي تطوير بعض المؤسسات المركزية كي يجمع حولها العناصر المتعددة المشاركة في الاحتجاجات. وفي يونيو/حزيران 2009 تناقلت التقارير تعيين الحراك الجنوبي لـ "مجلس قيادة الثورة السلمية للجنوب"[26] الذي وطبقاً لمن قابلتهم هيومن رايتس ووتش، يتشكل من خمسة مسؤولين، هم تحديداً حسن باعوم من حضرموت، رئيساً لمجلس الحزب الاشتراكي اليمني، وصلاح الشنفرة من الضالع، نائب الحزب الاشتراكي بالبرلمان، وناصر نوبة من شبوة، رئيساً لجمعية العسكريين المتقاعدين، وطارق الفضلي من أبين، الزعيم القبلي وحليف الفصيل الإسلامي، الذي انضم حديثاً إلى الحراك الجنوبي بعد أن كان في تحالف قوي مع الرئيس صالح، بالإضافة إلى يحيى سعيد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن.[27]

ويبدو أن هناك جهات وشخصيات كثيرة متنافسة يصور كل منها نفسه على أنه قيادة الحراك الجنوبي، ومن غير المرجح وجود جهة قيادية واحدة، بل عدة جماعات محلية وإقليمية تنسق أنشطتها فيما بينها إلى حد ما، لكنها تتحرك في العادة بشكل مستقل عن بعضها البعض. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تقييم فعالية مجلس القيادة هذا أو قدرته في الوقت الحالي على العمل كجهة مستقلة، نظراً لأن جميع أعضائه إما يختبئون أو فروا إلى الخارج. كما أن الكثيرين قدموا أنفسهم لـ "هيومن رايتس ووتش" على أنهم "قيادات الحراك". والانطباع الذي وصلنا ممن قابلناهم هو أن الحراك مهلهل إلى حد ما ويتسم بالقليل من التماسك الداخلي.

إعلان عدم اللجوء للعنف والمصادمات المسلحة

منذ بدء الاحتجاجات عام 2007 أصر الحراك الجنوبي علناً على أنه حركة سلمية، ورفض مراراً استخدام المقاومة المسلحة في تحقيق أهدافه.[28] وعلى الجانب الآخر فإن السلطات اليمنية والصحف التي تسيطر عليها الدولة تكرر اتهامها للحراك الجنوبي باحتضان عناصر مسلحة وقد اتهمت المشاركين المسلحين في التظاهرات بوفيات المحتجين.[29]

وطبقاً لسياسي على صلة بالحراك الجنوبي:

لقد واجهنا عنفاً كثيراً من قبل الدولة... كلما تم تنظيم مسيرة [حاشدة] يُقتل الناس. لكن الناس في هذا الحراك سلميون، وهذا تطور تاريخي في مجتمع قبلي الجميع فيه مسلحون. وأغلب المتظاهرين لديهم أسلحة مرخصة في بيوتهم، ويعرفون كيف يستخدمونها، لكنهم يفضلون السبل السلمية.[30]

أبحاث هيومن رايتس ووتش تشير إلى أن الأغلبية العظمى من المظاهرات الموسعة في جنوب اليمن، لا سيما تلك التي وقعت في مراكز حضرية مثل عدن والمُكلا، لم يكن فيها متظاهرين مسلحين. وتسجيلات الفيديو لهذه المسيرات في مناطق الحضر، والكثير من الاحتجاجات على مستوى القرى، يظهر فيها بالاساس متظاهرون عُزل في اعتصامات ومظاهرات غير مسلحة. وروايات شهود العيان التي جمعتها هيومن رايتس ووتش تزعم أيضاً أن أغلب المظاهرات كانت سلمية. إلا أن المظاهرات الأساسية التي شهدت العنف من قبل المتظاهرين، في أحيان كثيرة كان العنف يقع بعد محاولات من الأمن لوقف المظاهرات أو إطلاق الأمن النار على الحشود، مما أدى لرمي الحجارة رداً من المتظاهرين. وفي مناسبات نادرة، شمل عنف المتظاهرين إلقاء متفجرات بدائية مثل زجاجات المولوتوف وعجلات السيارات المحترقة.[31]

إلا أنه على حد علم هيومن رايتس ووتش في مرتين على الأقل وقعت مصادمات مسلحة بين رجال مسلحين وقوات الأمن، مما أدى لاتهام السلطات اليمنية للحراك الجنوبي بإيواء جناح مسلح. وقد وقعت الصدامات المسلحة في جبال الأحمرين بالقرب من الحبيلين، على بعد 100 كيلومتر تقريباً شمال شرق عدن، أواخر أبريل/نيسان ومطلع مايو/أيار 2009، وخلفت عدة جنود قتلى ومدنيين مصابين. وفي يوليو/تموز 2009، وقع صدام في زنجبار، عاصمة محافظة أبين، وخلف 12 قتيلاً على الأقل.

كما وقعت حوادث عنف هنا وهناك ضد مدنيين من الشمال في جنوب اليمن، مما يشير إلى تصاعد حدة التوترات بين أبناء المنطقتين. وفي يوليو/تموز 2009 قُتل ثلاثة شماليين في ردفان على يد من يُشتبه في كونهم متعاطفين مع الحراك الجنوبي. وفي الشهر نفسه، هاجم المتظاهرون وأحرقوا ونهبوا متاجر يملكها شماليون في المُكلا.

وفيما ما زالت هذه الحوادث استثنائية – وفيما تتناقض مع التوجه السلمي المُعلن ومسلك أغلب الحراك الجنوبي، وضمن ذلك مظاهرات ومسيرات من تنظيم المناصرين للحراك – فإن كل من هذه الحوادث تلقي الضوء على الطبيعة المشتعلة للموقف وخطر تصعيد العنف. والمصادمات المسلحة على الأخص تُظهر احتمالات نشوب نزاع مسلح يشمل جميع أرجاء الجنوب، ويبدو أنها مؤشر على وجود عناصر متعاطفة مع أهداف الحراك الجنوبي لكنها على استعداد لتحقيق هذه الأهداف عبر وسائل عنيفة.

المصادمات المسلحة

رغم أن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من زيارة مواقع المصادمات في الحبيلين وزنجبار، فقد قابلنا أشخاصاً تحدثوا عن هذه الوقائع، وتحصلنا على توثيق شامل بتسجيلات الفيديو للأحداث في المنطقتين.

28 أبريل/نيسان – 7 مايو/أيار 2009: المصادمات في الحبيلين

في 28 أبريل/نيسان بدأ الجيش اليمني في نقل قوات جديدة إلى جبال الأحمرين في بلدة الحبيلين، وفي إنشاء مواقع عسكرية تشرف على القرى في المنطقة، ونصب نقاط تفتيش جديدة. ومع تفاعل بعض أهالي القرى والبلدات المحليين بتنظيم الاحتجاجات السلمية في الحبيلين، فإن عناصر أخرى نفذت هجمات مسلحة استهدفت المواقع العسكرية البعيدة عن القرى والبلدات. وطبقاً للتقارير الإعلامية، فإن المصادمات أسفرت عن وفاة خمسة عناصر أمنية على الاقل وشخصين مسلحين.[32]

وحصلت هيومن رايتس ووتش على تسجيل فيديو من صحفي محلي سافر برفقة مسلحين أثناء القتال إلى المنطقة، كما قابلنا الصحفي نفسه. ويُظهر تسجيل الفيديو جماعات صغيرة من المسلحين يطلقون الرصاص من رشاشات أيه كيه 47 الأوتوماتيكية، تجاه مواقع عسكرية على قمم الجبال البعيدة، بعيداً عن القرى المأهولة بالأسفل.[33] ثم يُرى في تسجيل الفيديو موقعاً للجيش يتم منه إطلاق قذائف للدبابات والمدافع على القرية بالأسفل، مع تصاعد الدخان من أثر انفجار القذائف وسط البيوت. كما يُظهر التسجيل عدة مدنيين يظهر أنهم مصابين بشظايا من قصف الجيش للقرية.[34]

وأحد المسلحين على الشاشة يقول للصحفي أسبابه وراء اللجوء للقتال المسلح:

إننا نقاتل لصوص، محتلين. اليوم نسأل، أية وحدة؟ وحدة الدبابات القابعة فوق بيوتنا؟ لقد بدأوا إطلاق النار. ونهبوا أرضنا، واستهلكوا ثروتنا، ونفد صبرنا على هؤلاء الطغاة ونفضل الموت.[35]

وبعد نحو أسبوع من المصادمات، في 3 مايو/أيار، حضر وزير الإدارة المحلية السابق – عبد القادر هلال – إلى الحبيلين لتسوية المواجهة بين الجيش والمسلحين المحليين.[36] وتم التوصل لاتفاق بين الشيوخ المحليين، وليس الحراك الجنوبي، والجيش، على إبعاد بعض النقاط العسكرية المُنشَئة حديثاً عن جبال الأحمرين، لكن لم تُنفذ الاتفاقات إلا جزئياً، طبقاً لأهالي القرى المحليين. إلا أنه منذ ذلك الحين توقفت الهجمات المسلحة على الجيش إلى حد كبير في تلك المنطقة.[37]

ويبدو أن المصادمات المسلحة في الحبيلين لا علاقة تربطها بالحراك الجنوبي، بما أن رجالاً مسلحين نفذوا هجمات على أهداف عسكرية باسمهم وليس استجابة لدعوات التحرك من الحراك الجنوبي. وهؤلاء المسلحون أنفسهم لم يستخدموا السبل السلمية أو أدّعوا اللجوء للمظاهرات السلمية أثناء شنهم للهجمات.

 

23 يوليو/تموز 2009: المصادمات حول بيت طارق الفضلي في زنجبار

صدام عنيف آخر وقع في 23 يوليو/تموز 2009، حول بيت الشيخ طارق الفضلي، الحليف الجنوبي السابق للرئيس علي عبد الله صالح، وأسفر عن مقتل 12 شخصاً على الأقل وإصابة 18 آخرين على الأقل.[38]

وأصبح الفضلي حليفاً للرئيس صالح أوائل التسعينيات، وفي الحرب الأهلية عام 1994 حارب إلى جانب صالح ضد الانفصاليين في الجنوب. وظل مورداً هاماً للمقاتلين "العرب الأفغان" خاصة في حرب 1994، ومناصراً للرئيس صالح منذ ذلك الحين.[39] إلا أنه في أبريل/نيسان 2009، غيّر الفضلي من ولاءاته، وتناقلت التقارير أنه أخر القيادات الخمسة لمجلس قيادة الثورة السلمية للجنوب، والذي كما هو مذكور أعلاه، يزعم أنه الجهة القيادية للحراك الجنوبي، وتم تشكيله في يونيو/حزيران 2009.[40] إلا أنه وكما قال لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة هاتفية، فإنه لا يبدو على وفاق مع المنهج السلمي للناشطين الآخرين في الحراك الجنوبي:

أخوتي في الحراك الجنوبي لا ينصتون لي، لكن هذا النظام لا يفهم الحوار السياسي، لا يفهم إلا القوة. أنا أفضل المقاومة [المسلحة] وإنشاء فرق عسكرية.[41]

وصدّق الفضلي على أن قلة من الحراك الجنوبي وافقوا على دعوته للمقاومة المسلحة، وقال: "بصراحة، لا أجد أن أي من حلفائنا يفضلون رأيي. جميعهم بالإجماع يفضلون الدفاع [المحدود] عن النفس والخيار السلمي".[42]

 

وفيما أفاد الفضلي أنه انضم إلى الحراك الجنوبي فقط لأن جنوب اليمن "قضية احتلال الشعب وسلبه ثروته"،[43] فقد رفض دعاوى بأنه يريد إنشاء نظام إسلامي في الجنوب، وأعلن ترحيبه بالتعاون مع الدول الغربية.[44]

 

ووقعت مصادمات زنجبار في "مهرجان" نُظم في 23 يوليو/تموز ونظمه الفضلي لدعم الحراك الجنوبي في بيته بزنجبار، عاصمة محافظة أبين، الواقعة على مسافة نحو 50 كيلومتراً شمال شرق عدن. وحصلت هيومن رايتس ووتش على تسجيل فيديو يُظهر صوراً مختلفة تماماً عن الأحداث وروايات متظاهرين آخرين غير مسلحين قابلتهم المنظمة.

 

فتسجيل الفيديو يُظهر حشد غفير يلوحون بالأعلام المناصرة لدولة جنوب اليمن قبيل الوحدة (رمز انفصالي) والدعوة للانفصال. ويظهر رجال مسلحون بين الحشد، منهم من يرفعون أسلحتهم في بعض الأحيان دعماً للمتحدثين على المنصة، وكذلك على أسطح البنايات وراء علم كبير للجنوب.[45] ويُرى مسؤولين أمنيين حكوميين في عربات عسكرية وشرطية على أطراف الحشد.[46]

 

ويظهر في تسجيل الفيديو تبادل لإطلاق النار بين مسلحين حول بيت الفضلي وقوات الأمن. وليس من الواضح كيف اندلع القتال.[47] وفي مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش، أنكر الفضلي المزاعم الرسمية بأن أتباعه حاولوا إخلاء سبيل السجناء من السجن المحلي، وأوضح أن قوات الأمن حاصرت المتظاهرين وأغلقت جميع الطرقات، مما لم يدع مجالاً لهم إلا السجن الواقع على مسافة ثلاثة كيلومترات. وقال الفضلي لـ هيومن رايتس ووتش أن ضابطاً من الأمن السياسي هو أول من فتح النار، على المتظاهرين، وأن قوات الأمن انضمت إليه على الفور.[48]

 

أدلة تسجيلات الفيديو التي جمعتها هيومن رايتس ووتش تُظهر رجالاً مسلحين للفضلي يتعاملون فيما يبدو مع أسلحة مألوفة تشمل رشاشات أوتوماتيكية طراز أيه كيه 47، وقاذفات صواريخ منخفضة طراز إم 72، وسلاح مضاد للدروع أو الدبابات. القتال في بيت الفضلي دام يومين بين مناصرين مسلحين للفضلي وقوات الأمن، وهو من ثم مختلف عن إطلاق الذخيرة الحية دون استفزاز على المتظاهرين السلميين، وهي الأعمال التي وقعت بحق متظاهرين آخرين (موثقة أدناه). إلا أن التورط في مثل هذه المصادمات الخاصة بالفضلي – أحد من يُزعم أنهم من قيادات الحراك الجنوبي – تُعد تصعيداً مُقلقاَ للموقف السياسي الراهن.

 

تصعيد التوترات بين أهالي الجنوب والشمال

ازدادت التوترات بين "الجنوبيين" و"الشماليين" في الجنوب، الذين يرون في الأغلب الأعم أنهم متمايزون ثقافياً عن أحدهم الآخر. أثناء المقابلات مع هيومن رايتس ووتش كثيراً ما أبدى الجنوبيون آراءً سلبية عن "تخلف" الشماليين، وفي بعض الأحيان سبّوا (لفريق هيومن رايتس ووتش) الشماليين المارين في الشوارع أثناء الانتقالات ما بين الاجتماعات والمقابلات.

 

وفي بعض الحالات تحولت التوترات إلى هجمات. ففي المُكلا، هاجم المتظاهرون ونهبوا وأحرقوا متاجر يملكها شماليون. واتهم المتظاهرون رجال الأعمال الشماليين باتخاذ جانب قوات الأمن في قمعها للمتظاهرين، أو حتى المشاركة الفعالة في أعمال المداهمة والعنف ضد المتظاهرين. ولجان حماية الوحدة، برعاية الدولة، وتتم مناقشتها في موضع آخر من التقرير، شاركت في العنف ضد أهل الجنوب، ويزيد تشكيل هذه الجماعات من احتمالات العنف بين الطائفتين على المستوى المجتمعي.

 

حادث آخر مميت أودى بحياة ثلاثة شماليين صباح 10 يوليو/تموز 2009، في منطقة حبيل جبر في ردفان. عبد الحميد سعيد القطبي، 55 عاماً، وابنيه، فايز 14 عاماً، وياسين، 19 عاماً، وصهره، خالد علي عبد الله، 25 عاماً، كانوا في طريقهم من منزلهم إلى متجر الحلوى في منطقة "العسكرية" عندما أوقفهم مسلحون في سيارتهم وأطلقوا عليهم النار. ياسين القطبي الذي فر بعد أن لحقت به إصابات ثم اعتقد المهاجمون أنه لقي حتفه، قال لقناة اليمن التلفزيونية التي تديرها الدولة أن أسرته تلقت تهديدات متلاحقة بمغادرة المنطقة:

 
طلبوا منّا مقابلة علي سيف [الشعيبي] بالقرب من منزله في حبيل جبر. وبرفقة ثلاثة مسلحين، استجوب [الشعيبي] أبي واتهمه بالتعاون مع المخابرات اليمنية وطالبه بالرحيل عن المنطقة لأنه شمالي ولا ينتمي للمكان. وقال له أبي أن يأخذ كل شيء ويتركنا لحالنا، لكنه أصر على أن يعترف أبي بأننا عملاء للمخابرات. ثم أمر رجاله بإطلاق النار على أبي، فلقي مصرعه. وقتل أيضاً أخي وعمي.[49]

 

وقالت قوات الأمن إنها كانت تبحث عن أربعة "مجرمين على صلة بالحراك الجنوبي".[50] ورفض زعيم الحراك الجنوبي ناصر الخبجي الإقرار بأية صلة بين واقعة القتل وحركته، وقال: "لقد قمنا بإدانة هذه الجريمة الشنعاء ضد أصحاب المتاجر. وليس بيننا وبين أخوتنا من الشمال أية عداوة، فهم يعانون القمع كالجنوبيين".[51]

 

القاعدة في اليمن والحراك الجنوبي

اليمن ملجأ لعدد كبير من قدامى المحاربين "الأفغان العرب" ممن شاركوا في الحملة ضد السوفييت في أفغانستان، وحاولت السلطات اليمنية ربط الحراك الجنوبي بالقاعدة، باتهامها كما هو واضح طارق الفضلي بالتواطؤ مع القاعدة. ورفض زعيم الحراك الجنوبي والنائب السابق بالبرلمان صلاح الشنفرة هذه الصلة بقوله: "لا صلات تربطنا بالقاعدة ونحن لا نقبل أي حديث أو موقف من هذا النوع [العنيف]".[52]

 

زعيم القاعدة في اليمن، ناصر الوحيشي، أعرب علناً عن تأييده للحراك الجنوبي. وفي 14 مايو/أيار 2009 في بيان صوتي له، قال الوحيشي لشعب الجنوب: "نحن في تنظيم القاعدة نؤيد ما تفعلونه من رفض للقمع ونؤيدكم ضد الحكومة".[53]

 

وربما كان الوحيشي يتحدث بالنيابة عن التنظيم في اليمن فقط، إذ ندت عن زعيم القاعدة على المستوى الدولي تعليقات بعد شهر يعلن فيها أن لا علاقة للتنظيم بدعم انفصال جنوب اليمن. وفي 22 يونيو/حزيران 2009 أنكر مصطفى أبو اليزيد – العضو بمجلس الشورى الأعلى للقاعدة على المستوى الدولي والمعروف بلقب "القائد العام" للقاعدة في أفغانستان – أي دعم من القاعدة لانفصال الجنوب. أوضح أن القاعدة تناضل لإنشاء دولة إسلامية موحدة، في اليمن أولاً، ثم في العالم الإسلامي:

 

أصل [حركتنا] هو توحيد الأمة الإسلامية بأسرها ودول الإسلام... إننا لا ندعم الفصل [الانفصال]... سوف يأتي الحُكم الإسلامي ويحكم هذه الدولة العظيمة بدلاً من تشرذمها جماعات.[54]

 

وقد قلل بعض المحللين السياسيين اليمنيين واثنين من الدبلوماسيين الأجانب قابلتهم هيومن رايتس ووتش من شأن مزاعم وجود صلات مباشرة بين الحراك الجنوبي والقاعدة. وأحد السفراء الأوروبيين نعت هذه المزاعم بأنها "أداة لتشتيت الانتباه" استخدمها المسؤولون الحكوميون.[55]

 

 

V. الاستخدام غير القانوني للقوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين

منذ عام 2007 والحراك الجنوبي يُنظم مظاهرات واعتصامات ومهرجانات ومسيرات، هي في الغالب سلمية، بشكل شبه يومي، بالإضافة إلى غير ذلك من أشكال الاحتجاج العلني، لإظهار صوت قضيتهم. وقوات الأمن من طرفها تلجأ بشكل مُتسق على نحو مقلق إلى فتح النيران على المتظاهرين، لتقتل وتصيب المتظاهرين العُزّل. ويبدو أن السلطات اليمنية غير مستعدة للسماح بالعرض العلني لمظالم الحراك الجنوبي، بغض النظر عن الطبيعة السلمية للحراك.

 

الأحكام القانونية الخاصة بحرية التجمع واستخدام القوة المميتة

الحق في حرية التجمع تصونه المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتنص على: "لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم".[56] واليمن دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية منذ عام 1987.

 

وأي قيد على حرية التجمع بناء على السلامة العامة أو الأمن القومي أو النظام العام يجب أن يخضع لتفسير ضيق، وإلا فإن الأسس المبهمة الفضفاضة لفرض هذه القيود قد تُستخدم لمنع جميع أشكال حرية التجمع تقريباً، لا سيما الاحتجاجات.[57]

 

والقانون اليمني الصادر عام 2003 بشأن تنظيم المظاهرات والمسيرات يدعو منظمي المظاهرات والمسيرات إلى إخطار السلطات ثلاثة أيام قبل الموعد المزمع للفعالية، إلا في حالة الاحتجاجات والتجمعات الصغيرة التي يعفيها القانون من هذا المطلب الإجرائي.[58] وينبغي على المتظاهرين ألا يزرعوا "الفتنة" أو يشككوا في "وحدة البلاد".[59] وفيما يسمح القانون الدولي لحقوق الإنسان للحكومات بالتحرك ضد الجماعات التي تستخدم العنف أو تروج له، فإنه لا يسمح للحكومات بحظر الجماعات لمجرد أنها من منطقة بعينها أو تروج للحكم الذاتي أو حتى الانفصال.[60]

 

القانون اليمني الخاص بالمظاهرات يحظر حمل السلاح في الفعاليات العامة.[61] ويطالب قوات الأمن بحماية المشاركين في المظاهرات وتوفير الرعاية الطبية لهم. وعلى قوات الأمن أن تُفرق حشود المتظاهرين في حالة ارتكاب جرائم، أو عندما تكون المظاهرات غير مُعلنة، أو في حالة أعمال الشغب.[62]

 

استخدام القوة من قبل قوات الأمن الحكومية ذات صلاحيات إنفاذ القانون محكوم بالمعايير الدولية. ومدونة الأمم المتحدة الخاصة بسلوك مسؤولي إنفاذ القانون ورد فيها أن "مسؤولي إنفاذ القانون عليهم الامتناع عن استخدام القوة إلا في حالة الضرورة القصوى وبالدرجة المطلوبة لأداء مهامهم".[63] ومبادئ الأمم المتحدة الأساسية الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية تنص على أن على مسؤولي إنفاذ القانون "وبقدر الإمكان، اللجوء إلى السبل غير العنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة"، ولا يحق لهذه القوات استخدام القوة "إلا إذا تبينت عدم فعالية السبل الأخرى".[64] وفي حالة وجود ضرورة لاستخدام القوة، على مسؤولي إنفاذ القانون "ممارسة ضبط النفس في استخدام هذه القوة وبالدرجة المتناسبة مع جدية الجريمة".[65] وورد في المبدأ 9 من المبادئ الأساسية:

 

على مسؤولي إنفاذ القانون الامتناع عن استخدام الأسلحة النارية ضد الأشخاص إلا في حالة الدفاع عن النفس أو عن آخرين ضد تهديد قائم بالموت أو الإصابة الجسيمة، أو لمنع ارتكاب جريمة جسيمة معينة تشمل تهديد جسيم للحياة، أو لاعتقال شخص يفرض مثل هذا الخطر ويقاوم سلطاتهم، أو لمنع فراره، وفقط في حالة عدم كفاية السبل الأقل خطورة في تحقيق هذه الأهداف. وعلى أية حال، فإن الاستخدام المميت عمداً للأسلحة النارية يجب عدم اللجوء إليه إلا إذا كان لا بديل له لإنقاذ الأرواح.

 

والمبدأ 10 من المبادئ الأساسية تطالب بأن يقوم مسؤولي إنفاذ القانون "بتوفير تحذير واضح لنيتهم استخدام الأسلحة النارية".[66] وتوضح المبادئ الأساسية بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يمكن التحلل من هذه الأحكام بناء على "ظروف استثنائية مثل الاضطرابات السياسية الداخلية أو أية طوارئ عامة". أي أنها معايير لا يمكن التحلل منها.[67]

 

وفي الاحتجاجات الستة التي تعمقت هيومن رايتس ووتش في التحقيق فيها، انتهكت قوات الأمن اليمنية جميع أوجه المبادئ الواردة أعلاه تقريباً. ففي أغلب هذه الاحتجاجات، لم يمثل المحتجون تهديداً على الشرطة أو آخرين بشكل يستدعي استخدام القوة المميتة، فأغلب المظاهرات كانت سلمية وراح يردد فيها مدنيون عُزل شعارات ويرفعون اللافتات. وعندما بدأت أعمال إلقاء الحجارة أو غير ذلك من أعمال العنف، كان بإمكان قوات الأمن اللجوء إلى سبل غير مميتة لاحتواء هذا العنف. ولم تقم قوات الأمن في أي من المظاهرات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش، بدعوة المتظاهرين إلى التفرق، أو هي أطلقت أعيرة نارية تحذيرية، أو غير ذلك من سبل تحذير المتظاهرين بأنها مقدمة على استخدام القوة المميتة. وفي أغلب هذه المظاهرات، لم تبذل الشرطة محاولات جدية تُذكر لاستخدام سبل غير مميتة لتفريق الحشود، مثل خراطيم المياه أو الرصاصات المطاطية أو القنابل المسيلة للدموع. وعندما استخدمت الغاز المسيل للدموع تلتها على الفور باستخدام الذخيرة الحية.

 

وبالإضافة إلى شهادات الشهود التي جمعتها هيومن رايتس ووتش وتحقيقاتها الميدانية في جنوب اليمن، تم التوصل إلى لقطات فيديو لهواة من المتظاهرين وُضعت على مواقع إلكترونية عامة. وأغلب هذه اللقطات تمثل تغطية خام وغير خاضعة لأي إعداد يُذكر وتُظهر قوات الأمن في مواجهتها لمن يبدو أنهم متظاهرين سلميين عُزل، بالقوة المميتة، وتتفق مع شهادات الشهود الموثقة أدناه.

 

وهذه الحالات الست تمثل النذر اليسير من إجمالي عدد حالات استخدام القوة المميتة من قبل قوات الأمن أثناء المظاهرات في جنوب اليمن، لكنها تُظهر نمطاً متسقاً بشكل مقلق للاستخدام غير القانوني للقوة من قبل قوات الأمن. والمنافذ الإعلامية مثل الجزيرة وثقت استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين في تظاهرات أخرى.[68]

 

وقالت وزيرة حقوق الإنسان اليمنية، د. هدى البان لـ هيومن رايتس ووتش إن وزارتها أوصت قوات الأمن بمختلف أشكال السيطرة على الحشود، رداً على وقائع القتل في الاحتجاجات الجنوبية.[69]

 

والحوادث التي وثقتها هيومن رايتس ووتش أدناه مُنظمة في ترتيب زمني عكسي، بدءاً بالحالات الأحدث ثم الأقدم. حالات إطلاق النار بشكل غير قانوني في مناطق حضرية مثل ساحة الهاشمي في عدن، موثقة بقدر أكبر من التفصيل، أكثر من الحالات في مناطق ريفية بعيدة، حيث كان من الأصعب الاستماع إلى شهادات متعددة من شهود عيان على هذه الفئة الأخيرة من الحالات.

 

31 مايو/أيار 2009: الضالع

في 31 مايو/أيار خرج الآلاف من المتظاهرين في مسيرة في الشارع الرئيسي بمدينة الضالع، الواقعة نحو 100 كيلومتر شمالي عدن، وهو يرددون الشعارات ويرفعون اللافتات الخاصة بالحراك الجنوبي. عبد الخالق مثنى عبد الله، المُدرس الناشط بالحراك الجنوبي، قال لـ هيومن رايتس ووتش كيف فتحت قوات الأمن النيران دون تحذير، لتتسبب في مقتل متظاهر وتُلحق الإصابات بآخرين:

 

وصلت حوالي التاسعة والنصف صباحاً، في الوقت الذي بدأت فيه المسيرة. كانت قوات الأمن موجودة هناك بالفعل. وبدأنا نسير في الشارع الرئيسي، وانضم أشخاص آخرون إلينا. وفجأة وفيما كنا نتحرك للأمام سمعنا طلقات نارية... وفي الوقت الذي بدأ فيه إطلاق النار، لم يكن هناك عنف [من المتظاهرين]، فقد كُنا في بداية مسيرتنا. وكان أمامنا حاجز للشرطة، لكننا لم نبلغه قط.

 

لم نسمع أي تحذيرات من قوات الأمن، ولم يطلبوا منا التفرق أو أي شيء؛ فذلك ليس بأسلوبهم. ربما أطلقوا 10 إلى 20 رصاصة مباشرة على الحشد. ثم انشغل الجميع بمحاولة مساعدة المصابين. ودام الاحتجاج 15 دقيقة ثم انتهى بإطلاق النار.[70]

 

نفس الشاهد شهد مقتل متظاهر آخر، هو توفيق الجعدي، متأثراً بعيار ناري: "رأيت أحد المتظاهرين يسقط إثر إصابته برصاص في رأسه وكتفه". وأصيب متظاهرين آخرين في ذلك اليوم.[71]

 

30 مايو/أيار 2009: شحر

في 30 مايو/أيار 2009 عقد مدنيون عُزل مظاهرة سلمية في بلدة شحر، مطالبين بالإفراج عن نحو 75 شخصاً محتجزين في مظاهرة نُظمت قبل يومين. وخرج المتظاهرون في مسيرة إلى مسجد عمر في وسط المنطقة الشاطئية بالبلدة، ثم إلى سدة الخور، وكانوا في طريقهم عائدين إلى مسجد عمر عندما واجهتهم قوة كبيرة من الأمن المركزي لمكافحة الشغب بأن اعترضت الطريق. ومع اقتراب المتظاهرين من خط الشرطة، بدأ الضباط أولاً في إطلاق النار في الهواء، ثم على المتظاهرين مباشرة، طبقاً لشاهد عيان:

 
انتظرنا الأمن المركزي لدى منزل بوباك، وكانوا في صف منتظم. اقتربنا منهم فأطلقوا النار في الهواء، نحو 50 رصاصة على الأقل. لم يتوقف الناس رغم ذلك واقتربوا حتى مسافة 5 أو 10 أمتار من الشرطة. ثم بدأوا في إطلاق النار على الناس.[72]

 

رصاصات الأمن المركزي أصابت تسعة متظاهرين على الأقل، وأودت بحياة عواض سعد برام، 21 عاماً، وكان في الصف الأول. وطبقاً لأبيه وشاهد عيان آخر قابلته هيومن رايتس ووتش، أصيب عواض سعد برام في رأسه وبعدة رصاصات في ساقيه. ولم يتم فتح أي تحقيق في واقعة إطلاق النار المميتة هذه.[73]

 

21 مايو/أيار 2009: ساحة الهاشمي، الشيخ عثمان – عدن

في 21 مايو/أيار 2009، في الذكرى السنوية لإعلان الزعماء السياسيين الجنوبيين لاستقلال جنوب اليمن في 1994 (واليوم السابق على يوم الوحدة اليمني، إحياء لذكرى 22 مايو/أيار 1990، يوم توحيد الشمال والجنوب) اندلعت مظاهرة كبرى في ساحة الهاشمي التي تتوسط حي الشيخ عثمان في عدن. مظاهرة 21 مايو/أيار كانت كبيرة لأن رئيس جنوب اليمن المنفي، علي سالم البيض، كان قد خرج من صمته الطويل وفي مؤتمر صحفي في ميونخ دعى إلى انفصال جنوب اليمن. وقتلت قوات الأمن ثلاثة أفراد على الأقل وأصابت 25 إلى 30 آخرين رداً على المظاهرة.

 

وطبقاً لعدة شهود عيان، فإن قوات الأمن في عدة مرات فتحت النيران على المتظاهرين دون إعطاء تحذيرات وفي غياب أي تهديد قد يُبرر مثل هذه القوة. وبعد بدء قوات الأمن في إطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين، بدأ بعض المتظاهرين في إلقاء الحجارة على قوات الشرطة، التي ردت بمزيد من إطلاق النار. وإلقاء المتظاهرين للحجارة قد يكون فعلاً إجرامياً، لكنه لا يمثل مستوى التهديد الذي يبرر لقوات الأمن الاستخدام المتكرر للقوة المميتة.

 

عبد الناصر صالح أحمد عبيد، الطيار الحربي السابق الذي تم إجباره على التقاعد بعد الحرب الأهلية عام 1994، قال لـ هيومن رايتس ووتش كيف ملأ المتظاهرون الساحة في وقت مبكر من اليوم وأن قوة أمنية كبيرة كانت حاضرة بالفعل في انتظارهم:

 

وصلت حوالي التاسعة صباحاً. وكان الاحتجاج في ساحة الهاشمي. وكانت الساحة مليئة بالآلاف، كانت ممتلئة عن آخرها. راح الناس يرددون الشعارات ضد الفساد وحرية الجنوب. والأمن المركزي [قوات مكافحة الشغب] والحرس الجمهوري من صنعاء ووحدات جديدة بالآلاف ووحدات من الجيش كانت تملأ أرجاء الساحة.[74]

 

وطبقاً لأقوال عدة شهود عيان، فإن قوات الأمن سرعان ما هاجمت المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع وبدأت في إطلاق الذخيرة الحية نحوهم. نصر نصر عبد الله حاموزيبة، الجندي السابق الذي كان في الصف الأول من المتظاهرين يرفع لافتة عليها شعارات الحراك الجنوبي، روى كيف أصيب عندما حاولت قوات الأمن المركزي منع مجموعته من دخول الساحة، أولاً بالغاز المسيل للدموع، ثم بالذخيرة الحية:

 

كنت أرفع لافتة في مقدمة المظاهرة، في الصف الأول. أردنا دخول الساحة من شارع الكريمي، القريب من الساحة. وصلت وحدات الأمن المركزي ببنادق الغاز المسيل للدموع وأطلقت علينا الغاز. ثم التقطت امرأة من الصف الأول حجراً وألقته على الشرطة. وكان رجال الشرطة أمامنا، على مسافة نحو خمسين متراً، لكنهم كانوا يحيطون بنا أيضاً.
 
لكن أربعة جنود بدأوا في إطلاق النار نحو الصف الأمامي مباشرة. ولم يطلقوا رصاصة أو اثنتين، بل أفرغوا ذخيرة بنادقهم وأطلقوا رصاصات كثيرة. سقط اثنان منا مصابين، وأنا أُصبت في ساقي الأيمن وأصيب رجل آخر من ردفان في صدره.[75]

 

عبادي ناجي علي السهيل، ضابط الجيش الذي أُجبر على التقاعد عام 1994، أدلى لـ هيومن رايتس ووتش برواية مشابهة عن كيفية إصابته ذلك الصباح في الاحتجاج بساحة الهاشمي:

 

كان عدد الجنود والأمن أكبر من المتظاهرين وكانوا مُسلحين، وأغلبهم من الأمن المركزي. كان المتظاهرون يحاولون دخول ساحة الهاشمي من الشوارع الجانبية، والأمن في الساحة وفي الشوارع الجانبية. في البداية حاولنا الدخول من جانب شارع سوق عدن الدولي، لكنهم أطلقوا الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي علينا.

 

عندما بلغنا طرف ساحة الهاشمي كنا كثيرين. وقف الأمن أمامنا وأطلق علينا النار، وأصيب ستة أشخاص، واحد تلو الآخر. وفي بعض الأوقات حاولنا الاقتراب [من الأمن] لحملهم على التراجع، وألقى الشباب عليهم الحجارة لكن قلنا لهم أن يكفوا عن هذا.
 
كنت ثالث شخص يُصاب ذلك اليوم، وقد أصيب ستة أشخاص في المكان، لكن إجمالي الإصابات ذلك اليوم كان 23 إصابة. كنا واقفين في مكاننا بلا حراك في اللحظة التي أطلقوا فيها النار، وكنا نردد الشعارات. ثم تكثف إطلاق النار، وهناك عدة ثقوب لرصاصات في ثيابي. وكنت في الصف الأول من المتظاهرين عندما أُصبت، لكن لا أعرف إن كان الناس يرمون الحجارة وقتها، لكن بعد أن أُصبنا غضب الناس وألقوا المزيد من الحجارة. دخلت الرصاصة كاحلي واخترقته من الجانب الآخر. وما إن وقعت نقلوني إلى المستشفى.
 
لم تقم الشرطة بتحذيرنا إطلاقاً قبل بدء إطلاق النار.[76]

 

محمد فاضل حيدر عزب، 15 سنة، روى لـ هيومن رايتس ووتش، كيف وبعد بدء إطلاق النار غضب بعض المتظاهرين وألقوا الحجارة على قوات الأمن فأطلقوا عليهم المزيد من الرصاص:

 

كنا سلميين في البداية، ثم بدأوا في إطلاق النار فبدأنا في إلقاء الحجارة عليهم. أنا و[شاب] آخر، ألقينا الحجارة على الشرطة، وردوا بالذخيرة الحية. كنا على مسافة نحو 50 متراً من الشرطة، والشرطة مختبئة خلف الجدران، فخرجوا من خلفها وأطلقوا النار. أصبنا دروعهم بأحجارنا عدة مرات، لكننا كنا بعيدين عنهم. أطلقوا علينا عدة مرات، وعندما انتهت ذخيرة بنادقهم عبأوها من جديد. وكنا مئات من الشباب في شجار مع الشرطة.
 
أصيب نحو 30 شاباً ذلك اليوم. أصبت في كاحلي برصاصة حية، وأصبت أيضاً بعبوة غاز مسيل للدموع في ساقي.[77]

 

عبد الخالق مثنى عبد الله، المدرس والناشط بالحراك، قدم لـ هيومن رايتس ووتش رواية مشابهة عن المصادمات ذلك الصباح:

 

بوصولنا كان الغاز المسيل للدموع قد بدأ. اختبأ الناس وراء البنايات وفي الشوارع الجانبية، وراحت قوات الأمن تطاردهم في شتى الأرجاء. ثم عادت قوات الأمن إلى تشكيلها النظامي، وتقدم الشباب منهم، فطاردوا الشباب. ألقى الشباب الحجارة على الشرطة وردت الشرطة بالذخيرة الحية.
 
كانت هناك مجموعة كبيرة من الشباب في الشارع الرئيسي. وكانت تفصل الشباب عن الشرطة مسافة كبيرة. أطلقت قوات الأمن النار مباشرة على الشباب وأصابتهم. ورأيت سبعة شباب يسقطون أمام عيني، وأحدهم أصيب في عنقه ومات، وآخر أصيب في رأسه ومات... راح الشباب يرجمون الشرطة بالحجارة عندما بدأ إطلاق النار، لكنهم كانوا على مسافة بعيدة منهم فلم يصيبوهم. وكانوا يرمون الحجارة فقط، ولا شيء غيرها.[78]

 

وطبقاً لعدة روايات صحفية، فإن ثلاثة أشخاص على الأقل ماتوا بعد إطلاق النار على المتظاهرين، مات أحدهم في المصادمات، واثنان في المستشفى متأثرين بإصاباتهما.[79] والقتلى الثلاثة هم عبد القاسم محسن حسن الطلالي، وعبيد مثنى سيل الحليمي، وأديب عبده عبد الله البهري.

 

واستمرت قوات الأمن في استخدام الذخيرة الحية أثناء جهود نقل المصابين إلى المستشفى. وإثر إطلاق النار في ساحة الهاشمي نقل المتظاهرون الجرحى إلى مستشفى خاص. وتجمع حشد كبير غاضب من المتظاهرين أمام المستشفى، حيث عالجتهم قوات الأمن مجدداً بالغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية، لتصيب متظاهرين آخرين. وقال أحد الحاضرين:

 

حين أُصبت، تعرضت لمشكلات أخرى في المستشفى. إذ كان المستشفى ممتلئاً عن آخره بالمصابين، وأقاربهم متجمعين للاحتجاج، وكان الزحام بالخارج شديداً. قوات الأمن المركزي [مكافحة الشغب] حضرت وفرقت الحشد بالغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية، وأصيب آخرون، ومنهم عبد الله خالد، يبلغ من العمر نحو 20 عاماً، وأصيب في جنبه وكان بحاجة لرعاية طبية في الخارج. وأطلقوا الغاز المسيل للدموع ودخل إلى المستشفى، ونحن بالداخل اختنقنا من الغاز فأعطونا أقنعة.[80]

 

محافظ عدن عدنان الجفري أنكر في ذلك اليوم تماماً وقوع أية مصادمات وقال: "لم تقع مصادمات بين قوات الأمن والمتظاهرين في عدن". واتهم "عناصر مارقة" و"مخربين" بالتسبب في الوفيات، في محاولتهم لبث الاضطرابات، وليس قوات الأمن.[81]

 

15 أبريل/نيسان 2009: الحبيلين

صباح 15 أبريل/نيسان 2009، تجمع الآلاف من المتظاهرين في معهد معلمين ردفان بالحبيلين، مسيرة ساعتين بالسيارة شمال شرق عدن، للاحتجاج على الاعتقالات الأخيرة في ردفان وزيادة التواجد العسكري في المنطقة. وكان الأمن المركزي قد بدأ بالفعل بالانتشار في منطقة المعهد منذ السادسة صباحاً، انتظاراً للمظاهرة. وطبقاً لأحد المشاركين: "ذهبت إلى المظاهرة لأن لي أصدقاء أصيبوا واحتجزوا. وقمنا بالاحتجاج أمام بوابات المعهد. وكان أغلب الحشد طُلاب، لكن المدنيون انضموا إلينا، ورحنا نطالب بالإفراج عن المعتقلين".[82] كريم زين ثابت، 20 عاماً، الطالب بالمعهد، وصف لـ هيومن رايتس ووتش كيف أصيب بعيار ناري:

 

حوالي الساعة 9:15 صباحاً، بدأ إطلاق النار، وكنت من أول المصابين، وأصبت برصاصة حية في قدمي. وفتح عناصر الأمن المركزي من شاحنتين النار علينا، وكنا في الشارع الرئيسي، ربما أطلق النار نحو 5 أو 6 جنود. وفتحوا النار من أسلحة أوتوماتيكية، فلم نتمكن من إحصاء الرصاصات، وأطلقوا على المتظاهرين مباشرة، على أقدامنا... وفي المعهد قبل أن تفتح الشرطة النار، لم يتم إلقاء أي أحجار، ولم يتم إلقاء الحجارة إلا بعد إطلاق النار. ولم تحذرنا الشرطة إطلاقاً، بل خرجوا من شارع جانبي وتقدموا نحونا في الشارع الرئيسي ثم فتحوا النيران.[83]

 

وبعد بدء إطلاق النار نقل المتظاهرون الجرحى إلى مستشفى محلي، حيث وقع صدام آخر مع قوات الأمن. أيمن سالم محسن علي، 25 عاماً، الطالب، وصف كيف أصيب عند المستشفى:

 

عند مستشفى ردفان، كنا نحو 300 متظاهر. رحنا نردد شعارات مثل: "الثورة الثورة يا جنوب!" وكان الأمن المركزي والأمن العام متواجدين، نحو 20 سيارة. لم تصدر منهم تحذيرات [التفرق]، بل فتحوا النار علينا بالذخيرة الحية، على الحشد تماماً، وأطلقوا البنادق الآلية نحو 15 دقيقة... وأصبت في خصري برصاصة عندما فتحوا النار.[84]

 

شخصان على الأقل، هما ماجد حسين ثابت ولول محمد الحليمية، قُتلا جراء إطلاق قوات الأمن النار في هذا الحادث لدى المستشفى.[85]

 

4 يوليو/تموز 2008: مفرق الشعيب، الضالع

في 4 يوليو/تموز 2008، نظم الآلاف من سكان الضالع الواقعة نحو 100 كيلومتر شمال عدن، مظاهرة في بلدة مفرق الشعيب القريبة للدعوة للإفراج عن المحتجزين من الاحتجاجات السابقة. ونصب الأمن المركزي أربع نقاط تفتيش حول المتظاهرين، وكان هناك نحو 100 ضابط شرطة في المنطقة. ولدى اقتراب المتظاهرين من خط الشرطة، فتحت الشرطة النار عليهم. وليد قاسم أسعد شعيبي، 25 عاماً، القيادي بمنظمة اتحاد شباب الجنوب، روى لـ هيومن رايتس ووتش كيف أطلقت عليه الشرطة النار عندما فتحوا النار على المتظاهرين دون تحذير:

 

تراجعنا في البداية، وقمنا بالتظاهر في منطقة أخرى، لكنهم أطلقوا النار على الأرض أمام أقدامنا ونحن نقترب من خطوطهم. وأصبت في الجزء العلوي من فخذي الأيسر، وأصبت جراء أربع رصاصات أخرى أصابت الأرض أمامي... لا أعرف إذا كانت الجروح بفعل الحصى المتناثر أم شظايا الرصاص الذي أصابني في ساقي... أقصر مسافة بين المتظاهرين والشرطة كانت نحو 10 أمتار، وعندها فتحوا النار. لم نحاول الاقتراب أكثر من ذلك، وكنت بين من دعوا المتظاهرين إلى التراجع. ولم أكن حتى في الصف الأمامي لدى فتحهم للنار.[86]

 

13 يناير/كانون الثاني 2008: ساحة الهاشمي، عدن

في 13 يناير/كانون الثاني 2008، الذكرى السنوية لاندلاع القتال عام 1986 بين جماعتين جنوبيتين متنافستين، تم تنظيم مظاهرة كبيرة في ساحة الهاشمي، في منطقة الشيخ عثمان بعدن. إذ يحتفل أهل الجنوب الآن بهذه الذكرى في مهرجان للتسامح والتصالح ووحدة شعب الجنوب، وشملت المظاهرة في الساحة إلقاء كلمات لعدة سياسيين بارزين، منهم علي مناصر وحسن باعوم وناصر نوبا وشالا الشايع وعيدروس النقيب وأحمد بن عمر الفريد، طبقاً للمشاركين.[87]

 

وكان يملأ ساحة الهاشمي وبالقرب من المنصة تواجد أمني كثيف؛ عناصر من الأمن المركزي وشرطة النجدة والجيش والشرطة النظامية. وكانت البنادق الآلية منصوبة على سيارات للأمن، وأغلبها بنادق آلية طراز أيه كيه 47. ثم بدأت قوات الأمن في إطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على حشد المتظاهرين. ثابت عبيد حازم القحوري، العقيد بالجيش الجنوبي الذي أُجبر على التقاعد عام 1994، روى لـ هيومن رايتس ووتش كيف أصابته قوات الأمن عندما فتحت النار على المتظاهرين السلميين:

 

كنت ضمن الأمن الخاص بالفعالية، فكنت في الصف الأول [بعيداً عن المنصة]. ثم فجأة انطلقت رصاصات حية من خلفي. أصبت برصاصة من الخلف. ودخلت في فخذي الأيمن، وأصابت العضلة. وخلفي كان ضباط الأمن المركزي والنجدة والجيش والشرطة النظامية، على مسافة 40 متراً تقريباً. سمعت طلقات كثيرة لحظة إصابتي.[88]

 

لقي ثلاثة أشخاص على الأقل مصرعهم أثناء المداهمة في ذلك اليوم، طبقاً لثلاثة تقارير إخبارية.[89] أحدهم هو صالح أبو بكر البكري، من لحج. وأسرته رفعت قضية على لجنة أمن عدن في 17 يناير/كانون الثاني 2008، بتهمة إطلاق النار غير القانوني، لكن حتى الآن لم يتم فتح تحقيق أو جلسات في المحكمة بشأن مقتله. وبعد رفع القضية، تلقت الأسرة مكالمات هاتفية تهديدية من ضباط الأمن القومي، يقولون إن لم يتنازلوا عن القضية فسوف يخضعون للاحتجاز.[90]

 

دور الميليشيات الموالية للحكومة

الانتهاكات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في اليمن لا تقتصر على تلك التي ارتكبتها قوات الأمن الرسمية. إذ توجد ميليشيات موالية للحكومة وضباط أمن في غير الزي الرسمي تواطأت في الانتهاكات. زيادة أنشطة الميليشيات والجماعات غير القانونية تعرقل كثيراً من آليات مساءلة قوات إنفاذ القانون، مما يثير احتمال وقوع انتهاكات إضافية وعنف بين مختلف طوائف المجتمع. الرئيس علي عبد الله صالح أطلق تحذيراً من العنف بين طوائف المجتمع في أبريل/نيسان، إذ حذر قائلاً:

 

إذا وقع أي شيء للوحدة لا قدر الله، فلن تُقسم اليمن إلى قسمين، كما يعتقد الكثيرون، بل إلى عدة أقسام... سوف يقاتل الناس من بيت إلى بيت ومن نافذة إلى نافذة... يجب أن يتعلموا الدروس مما حدث في العراق والصومال.[91]

 

نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين الجنوبيين وكذلك الصحفيين المستقلين الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش قالوا إنهم يعتقدون أن الرئيس قرر إنشاء ميليشيات موالية للحكومة معروفة باسم "لجان الدفاع عن الوحدة اليمنية"، في أبريل/نيسان 2009، أثناء مصادمات الحبيلين (انظر أعلاه) والاحتجاجات في الجنوب. هدف لجان الدفاع عن الوحدة اليمنية، حسبما يرون، هو تنظيم مظاهرات مناوئة في الجنوب لصالح وحدة اليمن، لكن هذه الجماعات المشبوهة يبدو أيضاً أن لها يد في العنف ضد المتظاهرين.[92] وفي 25 مايو/أيار 2009، قابل الرئيس صالح زعماء قبائل موالين للحكومة ومسؤولين من المجالس المحلية في الحبيلين وردفان والضالع في قصره بصنعاء، وتناقلت التقارير أنه قال لهم: "أنا واثق أنكم ستبقون على ولاء لثورتي سبتمبر وأكتوبر"، ووعدهم بفتح معسكرات التدريب العسكرية في الجنوب دعماً لوحدة اليمن.[93]

 

أعضاء اللجان المذكورة منهم أعضاء سابقين وحاليين في هيئات عسكرية وأمنية، وغيرهم من المسؤولين الحكوميين.[94]

 

الظهور الأول المعروف للجان كان عندما قامت مجموعة من الرجال المسلحين بالقرب من ملح بإيقاف شاحنة لصحيفة الأيام في طريقها لصنعاء، وصادروا وأحرقوا 16500 نسخة من الصحيفة. وطبقاً للشهود، فإن عناصر مسلحة وغير مسلحة من لجان حماية الوحدة ظهروا أيضاً أثناء المداهمات الأمنية التي استهدفت المتظاهرين، وقاتل عناصر اللجان إلى جانب قوات الأمن في مجمع الفضلي في 23 يوليو/تموز 2009.[95]

 

عبد الناصر صالح أحمد عبيد، الطيار العسكري المتقاعد البالغ من العمر 45 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش كيف كان حاضراً في مظاهرات 21 مايو/أيار 2009 في عدن، واختبأ عن قوات الأمن لتفادي اعتقاله. وعندما حاول السير إلى بيته، في التاسعة والنصف مساءً، أوقفت مجموعة من الشماليين سيارته. ووصفهم بأنهم "جنجويد"، في إشارة مهينة للميليشيات الموالية للحكومة التي ترهب المدنيين في منطقة دارفور بالسودان (وسبة جنوبية معروفة لوصف لجان حماية الوحدة). وعندما عثر الشماليون على ملصقات للرئيس السابق في المنفى لجنوب اليمن، علي سالم البيض، في سيارة عبيد، قاموا بضربه بقسوة. وفي النهاية لكمه أحد المهاجمين في عينه بأداة معدنية صلبة، مما أدى لتمزق عينه وإصابته بعمى دائم في تلك العين.[96]

 

وفي الكثير من الحوادث العنيفة ضد منظمي المتظاهرين من قبل رجال في زي مدني، من المستحيل معرفة من المسؤول. عصام مهدي علي، القيادي بمنطقته في جناح شباب الحراك الجنوبي، تعرض للاحتجاز حوالي الساعة السابعة والنصف صباحاً في احتجاج ساحة الهاشمي 7 مايو/أيار 2009، وظل رهن الاحتجاز حتى بعد منتصف الليل على يد الأمن السياسي، لأنه رفض توقيع تعهد بعدم المشاركة في المستقبل في الاحتجاجات. وبعد منتصف الليل بقليل، تم نقله برفقة محتجز آخر إلى ساحة الهاشمي وأُفرج عنهما. وبدأ في السير إلى بيته، فتوقفت سيارة أجرة إلى جواره، وقال له السائق أن يركب. وهو يفتح الباب الخلفي قبض عليه بعض الرجال من الداخل وأجبروه على ركوب السيارة. ونقله الرجال إلى جزء غير مأهول من عدن، بالقرب من محطة كهرباء المدينة، حيث هددوه وعذبوه:

 

كانوا ثلاثة، أحدهم جنوبي والآخرين شماليين. كانوا يلفون رؤوسهم بالشال. توقفوا وسألوني أسئلة، وهم يحرقون السجائر على ذراعيّ. سألوني لماذا أساعد الحراك، قائلين إننا يجب أن نعيش جميعاً في ظل الوحدة، وإن علينا احترام الرئيس، وإنه سيمنحنا جميعاً حياة مريحة، وأشياء من هذا القبيل. ثم هددوني قائلين إذا شاركت في احتجاجات 7 يوليو/تموز، فسوف يحفرون اسم الرئيس علي عبد الله صالح كاملاً في ذراعي بحرق السجائر فيه.[97]

 

الحرمان من الرعاية الطبية والهجمات ضد العاملين بالقطاع الطبي والمنشآت الطبية

طبقاً لبعض شهود العيان، ومنهم مسؤولين طبيين، فإن قوات الأمن زادت من صعوبة حصول المصابين على الرعاية الطبية، بأن أمرت المستشفيات العامة بعدم استقبال أو علاج المصابين جراء الاحتجاجات، ووضعت ضباط من الأمن السياسي وأجهزة أمنية أخرى في المستشفيات، بل ونفذت هجمات داخل المستشفيات وأخذت مرضى مصابين من على أسرتهم. مثل هذه الأعمال تعرض حياة المصابين لخطر جسيم، وكان كثيرون منهم قد أصيبوا بأعيرة نارية على نحو غير قانوني من قبل قوات الأمن.

 

الحرمان من الحصول على الرعاية الطبية انتهاك جسيم لحقوق الإنسان. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يكفل "حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه".[98] وقد صدق اليمن على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في 9 فبراير/شباط 1987. ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنوطة بتفسير العهد، في تعليقها العام رقم 14 قالت: "حق العلاج يشمل إنشاء نظام للرعاية الطبية السريعة في حالة الحوادث".[99] وارتأت اللجنة أن "الحرمان من الوصول إلى المرافق الطبية" ينتهك التزام الدول باحترام الحق في الصحة.[100]

 

محمد فاضل حيدر عزب، الطالب البالغ من العمر 15 عاماً، أصيب في كاحله برصاصة حية أثناء احتجاجات 21 مايو/أيار 2009، ونُقل إلى المستشفى للعلاج. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد أن أمضى يومين في المستشفى، حضر ضباط الأمن إلى المستشفى في أربع شاحنات ونقلوه من فراشه إلى مركز شرطة القاهرة. وفي مركز الشرطة، سأله الضباط لماذا شارك في الاحتجاجات، ومن نظم المظاهرات، وأمروه بتوقيع ورقة يتعهد فيها بعدم المشاركة في المستقبل في المظاهرات، ثم أفرجوا عنه.[101]

 

أما قاسم أسعد شعيبي المصاب في فخذه الأيسر أثناء احتجاج مفرق الشعيب في 4 يوليو/تموز 2008. فقد نُقل مباشرة إلى مستشفى الشعيبي العام، لكن حسبما قال لـ هيومن رايتس ووتش، رفض الحراس في المستشفى إدخاله ومصابين آخرين إلى المستشفى، فاضطر للسعي للعلاج الخاص. وتم إخراج رصاصة عيار أيه كيه 47 من ساقه على يد طبيب خاص.[102]

 

ثابت عبيد حازم القحوري، ضابط الجيش المتقاعد المصاب في ساحة الهاشمي في يناير/كانون الثاني 2008، نُقل سريعاً على يد زملائه من المتظاهرين بالسيارة إلى مستشفى خاص، لكن في طريقهم أوقفتهم الشرطة لدى جولة مصنع الغزل والنسيج. وقال الضابط عند نقطة التفتيش إنه بحاجة للتحدث إلى رئيسه قبل السماح لهم بالمرور. القحوري أوضح أنه مصاب، لكن الضابط رد: "ما زلت بحاجة للتحدث إلى رئيسي". واضطروا للانتظار خمس دقائق قبل السماح لهم بالتحرك. وأمضى القحوري شهوراً في المستشفى للتعافي من جرح الرصاصة، وفي النهاية سافر إلى الهند لإجراء عملية بمبلغ 20 ألف دولار وظل قعيداً.  ورفضت السلطات قبول قضية رفعها ضد قوات الأمن بتهمة إطلاق النار، وكان قد رفعها محامي القحوري.[103]

 

VI. الاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة

قامت قوات الأمن منذ بدء الاحتجاجات في عام 2007 باحتجاز الآلاف من المشاركين في المظاهرات والمارة – ومنهم أطفال – بشكل تعسفي. وهذه الاحتجازات التعسفية تتخذ ثلاثة أشكال: الاحتجاز الوقائي قصير الأجل لمنع المشاركين من بلوغ الاحتجاجات ولمنع المظاهرات نفسها؛ الاحتجاز للمتظاهرين السلميين لفترات مطولة أحياناً؛ احتجازات طويلة الأجل بلا محاكمة تستهدف المشتبهين بكونهم قيادات في الاحتجاجات. ولم يخضع للمحاكمة إلا بعض القيادات المحتجزين، في مواجهة اتهامات مبهمة سياسية الدوافع مثل "المساس بالوحدة الوطنية" و"الدعوة للانفصال" أو التحريض عليه.

المعايير القانونية

القانون الدولي يحظر الاحتجاز والاعتقال التعسفيين. وطبقاً لفريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، فإن الاحتجاز يصبح تعسفياً إذا لم توفر السلطات أي سند قانوني صحيح يبرر الحرمان من الحرية، والحرمان من الحرية جراء ممارسة حقوق أو حريات محمية، مثل حرية التعبير، أو في حالة وقوع انتهاكات للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، جسيمة إلى درجة اتسام الحرمان من الحرية صفة التعسف.[104]

والمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ورد فيها: "لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه". ومن يتعرض للاعتقال يجب إخباره لحظة اعتقاله بأسباب اعتقاله ويجب أن يُخطر سريعاً بالاتهامات المنسوبة إليه. ومن يُنسب إليه الاتهام بأعمال إجرامية "يقدم... سريعا، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه".[105]

وينص الدستور اليمني على أن "تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم".[106] ويحظر الدستور الاعتقالات والتفتيش والاحتجاز إلا إذا تم القبض على الشخص متلبساً بالجريمة أو بناء على أمر من قاضي أو النيابة.[107] والدستور، الذي يحتوي على عناصر أساسية لإجراءات العدالة الجنائية، ينص أيضاً على أن النيابة العامة ينبغي أن توجه الاتهام إلى من يُعتقل بارتكاب جريمة محددة في ظرف 24 ساعة، وأن القاضي وحده هو من يحق له تمديد الاحتجاز بما يتجاوز مدة الاحتجاز سبعة أيام الأولية من الحبس الاحتياطي.[108] وقانون العقوبات اليمني ينص على السجن بحد أقصى خمسة أعوام بحق المسؤولين الذين يحرمون الأفراد بالخطأ من حريتهم.[109]

الاحتجاز التعسفي الجماعي

لأن الاحتجاجات تُنظم في العادة ويُعلن عنها مقدماً، وكثيراً ما تكون خلال أيام السنة المهمة للجنوب، فإن قوات الأمن عادة ما تتمكن من التواجد بأعداد كبيرة، وتبدأ في اعتقال المشتبهين بتنظيم الاحتجاجات قبل المسيرات. وفي اليوم المُعلن عنه للاحتجاجات، فإن من يسافرون ويمرون بنقاط تفتيش على الطريق أو من يجدون أنفسهم على مقربة من أماكن الاحتجاجات يتعرضون للاعتقال التعسفي. وفي الاحتجاجات نفسها، كثيراً ما تحاول قوات الأمن احتجاز المشتبهين بالمشاركة، وأحياناً ما تعتقل المارة. الاتهامات الرسمية للمُعتقلين تشمل "المشاركة في احتجاج غير مرخص له" و"تهديد وحدة الدولة" لكن قلة قليلة من المعتقلين يخضعون للمقاضاة أو المحاكمة جراء هذه الاتهامات، طبقاً لمحتجزين سابقين وناشطين في الحراك الجنوبي.[110]

دراسة حالة للاعتقال والترهيب: محمد عبد الله حسني

الكثير من ناشطي الحراك الجنوبي والمنظمات في الجنوب، واجهوا عدة فترات من المضايقات والاعتقالات، ويأتي هذا عادة على غرار النمط الموضح للاعتقالات والترهيب والضرب بحق محمد عبد الله حسني، المحامي الشاب وأحد المُنظمين في الحراك الجنوبي بعدن.

وفي 13 يناير/كانون الثاني 2008، انضم محمد عبد الله حسني إلى اعتصام في ساحة الهاشمي. فقام أربعة رجال مسلحين في ثياب مدنية باحتجازه ونقلوه إلى مقر الاستخبارات العسكرية في حي تواهي في عدن. وتحفظوا عليه طوال اليوم وضربوه أثناء الاستجواب. وقال:

في كل حجرة استجواب أربعة محققين. من الثامنة صباحاً إلى الرابعة عصراً راحوا يستجوبوني. وضربوني بمسدساتهم على ظهري وصفعوني. وسألوني من يناصر الحراك، وأهانوني، وقالوا إننا لسنا مسلمين حقاً، وإننا خونة وحشرات وكلاب. راحوا يضربوني طوال الوقت، وقالوا إنهم سيقتلونني، وأنني لا شيء، وأن لا أحد يعرف حتى بمكاني. ثم أخذوا بصمات أصابعي وأفرجوا عني.[111]

وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، في الذكرى السنوية لاستقلال الجنوب عام 1967 عن بريطانيا، حضر محمد عبد الله حسني مهرجاناً في ساحة الهاشمي بالشيخ عثمان. هذه المرة قبضت عليه الشرطة وهو يغادر المهرجان، ونقلته إلى مركز شرطة الشيخ عثمان، حيث احتجزوه برفقة 200 مشارك آخرين في المهرجان، وتحفظوا عليهم خمسة أيام في زنازين مزدحمة وفي أوضاع احتجاز سيئة:

مكثت في زنزانة خمسة أيام دون نسب اتهامات إليّ، وعاملونا كالمجرمين. لم نخرج من الزنزانة ولم يحدث أي شيء سوى هذا، ولم يصطحبونا للاستجواب قط. كنا 23 متظاهراً في الزنزانة، لكن كان فيها أيضاً مجرمين، منهم قتلة، وإجمالي عدد شاغري الزنزانة كان 38 شخصاً. كانت المروحة في الممر ولا توجد مروحة في الزنزانة... أصيب أحد المتظاهرين فلم يسمحوا له بتلقي الرعاية الطبية. وأطلقوا سراحي بعد خمسة أيام.

بعد ستة أسابيع، في 13 يناير/كانون الثاني 2009، احتجزت قوات الأمن محمد عبد الله حسني مجدداً وهو في طريقه ذلك اليوم إلى احتجاج في ساحة الهاشمي. أوقفته الشرطة في نقطة تفتيش، ونقلته من جديد إلى مركز شرطة الشيخ عثمان، حيث تحفظوا عليه أربع ساعات محبوساً في عربة الشرطة وكانت نوافذها موصدة.[112] ومن مركز الشرطة نقلته السلطات إلى سجن المنصورة، حيث كانوا يحتجزون المتظاهرين في زنزانتين كبيرتين، كل منهما تضم 350 شخصاً. وبدأت السلطات في الإفراج عن بعض المحتجزين في اليوم نفسه، لكنها نادت على المشتبهين في كونهم قيادات للحراك الجنوبي أو منظمين للمظاهرة بالاسم، ومنهم حسني، ووضعتهم في الحبس الانفرادي. وأمضى حسني ثلاثة أيام رهن الحبس الانفرادي في سجن المنصورة.

وإثر احتجاجات أبريل/نيسان ومطلع مايو/أيار رداً على المصادمات في ردفان وإغلاق صحيفة الأيام (انظر أدناه)، في 7 مايو/أيار 2009، ذهب محمد عبد الله حسني إلى مركز شرطة الشيخ عثمان بصفته محامٍ وسأل عن أسماء المئات من المحتجزين. وأثناء مغادرته المركز، أوقفه رجال شرطة في ثياب رسمية ومدنية في عربتين بالقرب من مسجد النور، وبدأوا في ركله وضربه بكعب البنادق والهراوات. ونقلوه وهو ينزف بغزارة إلى مركز شرطة الشيخ عثمان، الممتلئ عن آخره بالمحتجزين في ذلك الوقت. وقال متذكراً: "عندما وصلت إلى المركز، كان مزدحماً للغاية". ثم نقل المسؤولون حسني إلى قسم التحقيق الجنائي لمزيد من الاستجواب، رغم أنهم كانوا قد بدأوا في الإفراج عن المحتجزين بعد انتهاء الاحتجاج. وأمضى ستة أيام في قسم التحقيق الجنائي مع أربعة مشتبهين آخرين بأنهم من منظمي الحراك، في زنزانة تجمعهم بخمسة مشتبهين في أعمال عنف، منهم رجل متهم بقتل اثنين بفأس. وفي 13 مايو/أيار بعد أن وقع صديق له على "تعهد" قال فيه إنه سيبقى بعيداً عن المظاهرات، أفرجت السلطات عنه.

وقال حسني إنه تلقى "الكثير من التهديدات" منذ الإفراج عنه. وقال: "حاولوا اعتقالي عدة مرات، فلم أعد أنام في بيتي". وقال إن بعد أيام قليلة من الإفراج عنه، طعن بعض الرجال شقيقه، 23 عامأً، بسكين وهو في طريقه إلى متجر، وقالوا له: "فلنر إن كان الجنوب سينفعك". وعندما أبلغ حسني الشرطة عن الهجوم، لم يتخذوا أية خطوات للتحقيق في الحادث.[113]

اعتقالات تعسفية أخرى

واجه بعض الناشطين الآخرين في الحراك الجنوبي معاملة شبيهة. نصر نصر عبد الله حموزيبة، ضابط الجيش المتقاعد، روى لـ هيومن رايتس ووتش كيف تم احتجازه برفقة ثلاثة أصدقاء بشكل تعسفي في 13 يناير/كانون الثاني 2009، على مقربة من ساحة الهاشمي، حيث كان الناس متجمعين في احتجاج. وضعته الشرطة في شاحنة للشرطة برفقة 50 محتجزاً آخرين ونقلته إلى مركز شرطة المندانة أولاً، قبل إحالته إلى الاستخبارات العسكرية لأنه جندي متقاعد. وقال:

أمضيت ثمانية أيام في الاستخبارات، لكن أحسست كأنها ثمانية أعوام. كنا جميعاً في حجرة صغيرة ليس فيها إلا مروحة واحدة، نحو 70 شخصاً في 3 حجرات. لكن لم نتعرض للضرب، فكانوا يسبونا فقط ويوجهون إلينا الإهانات. ثم أفرجوا عني وفقدت معاش [التقاعد] العسكري لمدة 6 أشهر.[114]

وفي 5 أو 6 يونيو/حزيران 2009، كان وليد قاسم أسعد شعيبي – رئيس اتحاد شباب الجنوب في الضالع – خارجاً من سكن الطلاب في عدن عندما توقفت سيارة لشرطة النجدة إلى جواره، وجذبه أربعة رجال مسلحين إلى داخل السيارة بعد أن أقر بشخصيته. ثم وضعوا حقيبة سوداء على رأسه ونقلوه إلى مقر الأمن المركزي في خور مكسر بعدن. وفي الطريق إلى هناك سأله رجال الأمن: "لماذا تحاول بث الكراهية بين الناس؟" وفي مقر الأمن، تم ربط يديه ووضع في هنجر كبير. بدأ رجلان في استجوابه فيما كانا يلكمانه في رأسه وصدره وهما يقولان له: "أنت هندي، أنت صومالي، أنت لست يمنياً".[115] وعندما أوضح أنه انضم للحراك الجنوبي للنضال من أجل حقوقه، قال له رجال الأمن: "لن تنال حقوقك إلا إذا اختفى الأمن المركزي من الوجود".

وبعد الضرب والاستجواب، الذي يُقدر شعيبي أنه دام 25 دقيقة، رفض المسؤولون السماح له بالاتصال بأسرته. وظل في نفس الحجرة ثلاثة أيام، دون مرحاض (وكان يتخلص من فضلاته في ركن من الحجرة) والقليل من المياه والطعام، ودون المزيد من الاستجواب. وفي منتصف الليلة الثالثة، نقلوه بالسيارة إلى مفرق فندق عدن، وركلوه من السيارة إلى الطريق. وقال: "ركلوني خارج السيارة بأحذيتهم. كنت نصف عارٍ، وراح المارة ينظرون إليّ كأنني مجنون".[116]

وقبل احتجاج كان من المقرر عقده في عدن يوم 7 يوليو/تموز 2009، وهو يوم الوحدة اليمني، صعدت قوات الأمن والشرطة من حملة الاعتقالات التعسفية الوقائية لدرجة غير مسبوقة. فقد نصبت الشرطة حواجز على الطريق في شتى أنحاء المدينة وعلى مدار اليومين السابقين على الاحتجاجات قبضت على الآلاف من الساعين للوصول إلى ساحة الهاشمي في الشيخ عثمان. وطبقاً لمحامي على دراية بأحداث ذلك اليوم:

احتجازات 7 يوليو/تموز مختلفة عما حدث من قبل. فالتحرك الأمني كان جاهزاً تحضيراً لذلك اليوم، واعتقلوا ناس كثيرين. لم تكن السجون كبيرة بما يكفي لتسعهم جميعاً، فنقلوا بعض المحتجزين إلى هناجر بل وحتى استاد 22 مايو الرياضي. أغلب الناس اعتقلوا في نقاط التفتيش في طريقهم إلى الاحتجاج. وفي 7 يوليو/تموز لم يقع احتجاج موسع في عدن بسبب الاعتقالات.[117]

وفي 2 يوليو/تموز، قبل خمسة أيام من احتجاج 7 يوليو/تموز، اعتقلت السلطات اثنين من قيادات الحراك الجنوبي، قاسم الضعيري وعلي محمد السعدي، العضو في مجلس قيادة الثورة السلمية، والظاهر أن القصد وراء الاعتقال كان منع الاحتجاجات.[118]

الاحتجاز طويل الأجل دون نسب اتهامات

رغم أن السلطات اليمنية أفرجت عن الأغلبية العظمى ممن احتجزتهم على ذمة الاحتجاجات على وجه السرعة، إلا أن المئات من المؤيدين والزعامات المشتبهين بالحراك الجنوبي احتجزوا لفترات أطول من ستة أشهر، وفي الأغلب دون مراجعة قضائية لاحتجازهم أو اتصالهم بمحاميهم. ولم يُسمح بالاتصال بالأسرة أو المحامين إلا بعد عدة أيام من الاحتجاز. وفي زيارة غير مُعلنة إلى المُكلا يوم 14 يوليو/تموز 2009، قابل باحثو هيومن رايتس ووتش في يوم واحد أهالي 24 شخصاً في ذلك الحين كانوا خاضعين للاحتجاز طويل الأجل دون اتهامات، وأشار الأهالي إلى وجود المزيد من المحتجزين الآخرين. ويُقدر أحد أعضاء حزب سياسي مُعارض أن المحتجزين منذ مايو/أيار 2009 يتراوح عددهم حول 200 شخص ما زالوا متهمين دون نسب اتهامات. وفي 27 أبريل/نيسان اتخذ احتجاج في المُكلا طابع العنف، وكان سجن الشرطة والسجن المركزي ومقر الأمن السياسي في المُكلا جميعاً مزدحمة بالمحتجزين الذين تم القبض عليهم أثناء الحملة التي تلت الاحتجاج العنيف. ومن بين المحتجزين أطفال (انظر أدناه) وكذلك مسنين: سليم عبادي، أحد من ظلوا رهن الاحتجاز حتى كتابة هذه السطور للاشتباه بتطوره في الحراك الجنوبي، يبلغ من العمر 81 عامأ.[119] وقد فر المئات الآخرون من المُكلا إلى مناطق جبلية للفرار من الاعتقال والاحتجاز التعسفيين.

اعتقالات المُكلا إثر عنف 27 أبريل/نيسان يبدو أنها كانت معممة وتعسفية. على سبيل المثال، في 28 أبريل/نيسان داهم رجال الأمن المركزي فندقاً في المُكلا، واعتقلوا منه 15 رجلاً كانوا يمضغون القات في ذلك التوقيت، والكثير منهم حضروا احتجاج اليوم السابق.[120] ومن المُحتجزين السعيد بافراج، في الثلاثينات، وابن أخته، نصر عبد الله بامثقال، 25 عاماً، وكلاهما حضر احتجاج 27 أبريل/نيسان. وتعرض الرجال للضرب المبرح حتى إن نصر عبد الله بامثقال نُقل إلى المستشفى (في ظل حراسة الشرطة) بعد ذلك. وفي وقت زيارة هيومن رايتس ووتش أواسط يوليو/تموز، كان الاثنان رهن الاحتجاز في السجن المركزي للمُكلا، للاشتباه في "المساس بالوحدة الوطنية"، لكن لم يمثلا للمحاكمة، مثل الكثير من المحتجزين في المُكلا.[121]

وتستمر قوات الأمن في البحث عن شقيقي نصر عبد الله بامثقال، ياسر عبد الله بامثقال، 33 عاماً، ومحمد عبد الله بامثقال، 40 عاماً، وقد فرا إلى الجبال التماساً لحماية قبيلتهما، كما فعل الكثير من المطلوبين من ناشطي الحراك الجنوبي. ولمّا لم يتمكن الأمن من الوصول إلى الرجلين، احتجزت أحد أصهارهما في 27 يونيو/حزيران، واستجوبته لمدة ساعة عن مكانهما. كما تكرر احتجاز قوات الأمن لشقيق آخر للرجلين المطلوبين، وهو جمال عبد الله بامثقال، وهو مُعاق ذهنياً، واحتجزته "رهينة" لإجبار الشقيقين على التسليم.[122]

وفي قضية نموذجية أخرى على أعمال الأمن، احتجز الأمن السياسي ناصر محفوظ باقزقوز، 32 عامأ، وهو مُعلم جغرافيا يرأس فرع المُكلا لحزب التجمع الوحدوي، بعد يومين من إلقاءه كلمة في مسيرة 27 أبريل/نيسان. وتم احتجازه 45 يوماً، وأُفرج عنه لمدة أربعة أيام ثم عاودوا القبض عليه. وكان رهن الاحتجاز في السجن المركزي بالمُكلا في التوقيت الذي زارت فيه هيومن رايتس ووتش المدينة أواسط يوليو/تموز.[123]

ورغم صعوبة مراقبة الاعتقالات والاحتجاز التعسفيين المعممين في ريف جنوب اليمن، فيبدو أن مثل هذه الأعمال وقعت في عدة مناطق ريفية جنوبي اليمن. فطبقاً لعبد الله سليم جمبين، رئيس الحزب الاشتراكي اليمني في بلدة الشحر، الواقعة نحو 30 كيلومتراً شرقي المُكلا، فإن 83 شخصاً كانوا رهن الاحتجاز (وقت زيارة هيومن رايتس ووتش أواسط يوليو/تموز) بعد اعتقالهم بين 28 و30 مايو/أيار. وفي 7 يوليو/تموز، كان 20 شخصاً آخرين محتجزين في الشحر، منهم سبعة قُصّر. أربعة من الأشخاص المحتجزين يوم 7 يوليو/تموز تعرضوا للضرب المبرح من قبل قوات الأمن، ومنهم اثنين نُقلوا للمستشفى جراء الإصابات.[124]

الإحالة إلى الاستخبارات العسكرية والأمن السياسي

منذ بدء الاحتجاجات في عام 2007، فإن بعض المحتجزين في الجنوب، خاصة من يُعتقد أن لهم دور قيادي في حركة الاحتجاجات، أحيلوا إلى الاستخبارات العسكرية والأمن السياسي في صنعاء للمزيد من التحقيق والاستجواب. وفي قضايا نادرة، تحركت السلطات لمحاكمة قيادات من الحراك الجنوبي بناء على اتهامات منها المساس بالوحدة، لكن لم تنتهي أي من هذه المحاكمات حتى الآن إلى صدور أحكام.

ومن بين أول من تعرضوا للاعتقال العميد المتقاعد ناصر النوبة، رئيس جمعية العسكريين المُسرحين، وهي منظمة ظهرت مبكراً للاحتجاجات والاعتصامات من قبل العسكريين المتقاعدين قسراً. النوبة تعرض للاحتجاز من بيته في عدن في 2 سبتمبر/أيلول 2007، وبصفته ضابط عسكري، فقد أحيل إلى الاستخبارات العسكرية في 8 سبتمبر/أيلول 2007، وبعد ذلك نسبت إليه محكمة عسكرية الاتهام بالخيانة لطعنه في وحدة اليمن باعتبارها غير قانونية. وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، تم الإفراج عنه قبل أن تصل المحكمة إلى حُكم، بموجب عفو رئاسي.[125]

محتجزون آخرون في الأمن السياسي بصنعاء لم يُنسب إليهم الاتهام قط أو هم مثلوا أمام المحكمة، كما يتطلب القانون اليمني. فقد احتجزت قوات الأمن اثنين من الحرس الشخصي لنائب البرلمان ناصر الخبجي في 13 مايو/أيار 2008، في اعتصام للضباط العسكريين المسرحين في الحبيلين، وفيه تحدث الخبجي، ونقلوهما إلى الأمن السياسي في صنعاء بعد خمسة أيام. وأحد الحارسين، نصر محمد صالح، 24 عاماً، تحدث عن معاملته في الأمن السياسي في صنعاء:

وضعونا في الحبس الانفرادي [لمدة 17 يوماً] وفي الاحتجاز لمدة 3 أشهر و14 يوماً في صنعاء. كانوا يقومون باستجوابنا في الليل بدءاً من اليوم الأول. كانوا يعصبون أعيننا ويوثقون رباط أيدينا، ويستجوبونا في قبو تحت المبنى، بعد أن يوقظونا ليلاً. كان يستجوبنا اثنان، ويسألون عن علاقتنا بالنائب ناصر الخبجي، وأين يختبئ، ومن هم زعامات الحراك. تعاونت مع أسئلتهم، وقلت لهم ما يريدون معرفته. ولم أتعرض للضرب أو التعذيب، فقط سوء المعاملة نفسياً، لاستيقاظي ليلاً، لكن كنت أسمع آخرين [من المحتجزين] يصرخون من الألم.
 
نُقلت إلى المحكمة أثناء هذه الشهور الثلاثة، ولم يُسمح لي بإجراء مكالمات هاتفية، ولم أر أي من أقاربي أو محامين... وفي سبتمبر تم التوصل إلى قرار بالإفراج عني [والحارس الشخصي الآخر].[126]

تم اعتقال 12 قيادياً آخر من الحراك الجنوبي ونقلوا إلى صنعاء في أبريل/نيسان 2008، ومنهم حسن باعوم ويحيى غالب شعيبي.[127] أمضوا ستة أشهر في سجن الأمن السياسي في زنازين تحت الأرض، ثم نُسب إليهم الاتهام فيما بعد بالمساس بوحدة اليمن. الرئيس صالح أفرج عن القيادات الاثني عشرة في قرار عفو صدر في سبتمبر/أيلول. وفر باعوم إلى خارج البلاد بعد الخروج، والشعيبي مختبئ في منطقة ريفية خشية التعرض للاعتقال مجدداً إذا عاد للمدينة.[128] وأغلب قيادات الحراك الجنوبي مختبئون في الجبال فراراً من الاحتجاز التعسفي والاتهامات السياسية.[129]

وفي عام 2009 استمرت السلطات في الاعتماد على اتهامات سياسية مريبة ضد زعامات الحراك الجنوبي. في أبريل/نيسان اعتقلت السلطات قاسم عسكر جبران، السفير السابق لجمهورية اليمن الديمقراطية إلى موريتانيا، واتهمته بـ "المساس بالوحدة والتحريض على قتال السلطات".[130] وتم نقل جبران إلى سجن الأمن السياسي في صنعاء وقُدم للمحاكمة، وتم تجميد المحاكمة بعد جلستين دون إبداء أسباب. وأفادت صحيفة يمن تايمز أن أثناء جلسة 3 يونيو/حزيران، أدخلت النيابة ضمن الأدلة "خطب ووثائق ومنشور بعنوان: مشروع عن رؤية النضال السلمي لقضية الجنوب ومستقبل شعب جنوب اليمن، ووثيقة تفيد بالانتماء إلى المجلس الوطني الأعلى للتحرير واستعادة دولة اليمن الجنوبي".[131] وهو ما زال رهن الاحتجاز.

احتجاز الأطفال

اتفاقية حقوق الطفل تُعرف الطفل بأنه " كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه".[132]

 

كما تحدد اتفاقية حقوق الطفل عدة معايير لاحتجاز الأطفال، وتنص على أن الاعتقال والاحتجاز والحبس للأطفال "لا يُستخدم إلا كحل أخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة".[133] ويجب مراعاة المصلحة الفضلى للطفل أثناء النظر في قرار الاحتجاز.[134] المبادئ الدولية لاحتجاز الأحداث تطالب أيضاً بإخطار ولي الأمر أو الوصي فور القبض على

الطفل.[135] ومن المتطلبات الأساسية في القانون الدولي، فصل الأطفال عن البالغين أثناء الاحتجاز.[136] كما تتطلب المعايير الدولية فصل الأطفال الذين لم يُحاكموا بعد عن الأطفال المُدانين بجرائم.[137]

وكان الأطفال من بين من تعرضوا للاحتجاز في المظاهرات. وفيما تم الإفراج عن بعضهم بعد ساعات قليلة، إلا أن هيومن رايتس ووتش وثقت ثلاث حالات لأطفال تحت سن 18 عاماً تعرضوا للاحتجاز لأيام وأسابيع دون نسب اتهامات إليهم، وبعضهم فاتته اختبارات المدرسة بسبب احتجازهم. وأثناء مراجعة قائمة بـ 69 محتجزاً من حضرموت نُشرت على موقع Adenpress.com، أشار ناشط من الحراك الجنوبي من الشحر إلى أن أربعة أطفال محتجزين يبلغ عمرهم 14 و14 و15 و16 عاماً، هم من مدينته.[138] وفي جميع الحالات الموثقة من قبل هيومن رايتس ووتش، تم احتجاز الأطفال برفقة البالغين. وتحتجز السلطات الأطفال مع البالغين في بلدات ومدن الجنوب الأخرى: طبقاً للحزب الاشتراكي اليمني في الشحر، فإن سبعة أطفال تعرضوا للاحتجاز هناك يوم 7 يوليو/تموز 2009، وظلوا رهن الاحتجاز حتى بعد 10 أيام من ذلك التاريخ.[139]

 

عمرو حباني، 13 عاماً، تعرض للاحتجاز التعسفي في 8 يوليو/تموز، وكان رهن الاحتجاز منذ سبعة أيام عندما قابلت هيومن رايتس ووتش أمه. وكانت قد أخذته إلى مديرية الشرطة في المُكلا في شأن آخر، وهناك، حسب قولها "أخذ المقدم عمرو من يده وقال إنه يجب اعتقاله".[140] وفي اليوم السابق، احترق متجر لرجل من الشمال أثناء احتجاج في المُكلا، وظن الشرطي أن عمرو مشتبه بالفعلة. وقالت أمه إن الأسرة تعيش إلى جوار المتجر المحترق، لكن عمرو كان نائماً إلى جوارها عندما احترق المتجر. وتمكنت أم عمرو من زيارته لأول مرة في 14 يوليو/تموز، في مكتب النيابة.[141]

 

وفي قضية متصلة، سألت شرطة المُكلا في 9 يوليو/تموز 2009 والد لصبيين في سن المراهقة، هما عمر بانبوع، 19 عاماً، وعماد بانبوع، 16 عاماً، أن يُحضر ابنيه إلى مركز الشرطة. وفي مركز الشرطة اعتقلت الصبيين، وأرسلت الوالد إلى بيته. والفتيان، وبينهما عماد، الطفل، كانا ما زالا رهن الاحتجاز في 14 يوليو/تموز عندما قابلت هيومن رايتس ووتش أقاربهما. وقال الأب لـ هيومن رايتس ووتش إن الصبيين كانا في زنزانة مزدحمة برفقة مشتبهين بالغين. وقال: "اشتكى الطفلان من أن الزنزانة مزدحمة للغاية، وأن الكبار يدخنون كثيراً".[142] وطلب ضابط شرطة رشوة بمبلغ 11 ألف ريال يمني (55 دولاراً) وحصل عليها، للإفراج عن الصبيين في 9 يوليو/تموز، لكن حتى 14 يوليو/تموز، كانا ما زالا رهن الاحتجاز.[143]

 

وفي 21 يونيو/حزيران، احتجزت قوات الأمن محمد حسين السقاف، 16 عاماً، وأحد زملائه في المدرسة، يبلغ من العمر 16 عاماً، عندما حاولا الذهاب لزيارة صديق بالغ أثناء احتجازه في مركز شرطة باداود في المُكلا. وتم الإفراج عن الصديق في الليلة نفسها، لكن الشرطة قالت لأبي محمد أنها تلقت أوامر من الأ/ن السياسي بالتحفظ على محمد رهن الاحتجاز. وبعد أسبوع على احتجازه، حضر عشرون رجل أمن لتفتيش منزله. وكان محمد ما زال رهن الاحتجاز وقت زيارة هيومن رايتس ووتش أواسط يوليو/تموز، وطبقاً لأبيه، فإنه كان محتجزاً طرف الأمن المركزي في زنزانة جماعية، برفقة بعض الأطفال الآخرين ونحو 50 بالغاً.[144]

 

VII. الرقابة على الصحافة والخروقات بحق الصحفيين والصُحف

 

داهمت حكومة صنعاء التغطية الإعلامية المستقلة والجنوبية الحزبية لأحداث الجنوب. فالتعبير الحر في اليمن يعتبر تحت الحصار.

في 4 مايو/أيار 2009، أوقفت وزارة الإعلام عن النشر ثماني صحف يومية وأسبوعية مستقلة جراء تغطيتها لأحداث الجنوب.[145] وطبقاً لمحامين يمنيين كان هذا إجراء غير مسبوق وغير قانوني.[146] ثم سُمح للصحف الأسبوعية بمعاودة النشر في أواخر يونيو/حزيران.

 

وفي 11 مايو/أيار 2009، أنشأت الحكومة محكمة جديدة لمحاكمة الصحفيين. وبحلول يوليو/تموز بدأت المحكمة تنظر في بعض القضايا.[147] وتوجد نيابة منفصلة لقضايا الصحافة والمطبوعات، وفي الماضي أحالت تلك النيابة الصحفيين والمشتغلين بالإعلام إلى المحكمة جراء انتهاكات مزعومة لقانون العقوبات وقانون الصحافة والمطبوعات.

 

الانتهاكات بحق الصحفيين والمحررين والمدونين وكُتاب الرأي الموثقة أدناه، بينما هي فريدة من نوعها لما تحمل من حدة، فهي ليست بالظاهرة الجديدة في اليمن. في عام 2008 انتهت بحوث هيومن رايتس ووتش في انتهاكات حقوق الإنسان المُرتكبة في سياق النزاع المسلح بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية شمالي اليمن، إلى وجود إجراءات تضييق مشددة على حرية التعبير، وحملة واسعة النطاق من التهديدات والمضايقات، والاعتقالات التعسفية، والاتهامات المُختلقة بحق الصحفيين وغيرهم من قادة الرأي.[148]

 

 

 

 

 

 

المعايير القانونية الخاصة بحرية التعبير

المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تكفل الحق في حرية التعبير:

 

لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.[149]

 

ويسمح القانون الدولي بتقييد حرية التعبير "لحماية الأمن القومي"، لكن هذا التقييد لا يشمل التعبير السلمي عن مطالب الانفصال، كما ورد في مبادئ جوهانزبرغ عن الأمن القومي وحرية التعبير والحصول على المعلومات.[150]

 

قانون الصحافة والمطبوعات اليمني لعام 1990، الذي حدد صلاحيات وزارة الإعلام وينظم حرية الصحافة، يُعتبر على الورق أحد أكثر قوانين الصحافة حرية في الشرق الأوسط. فقد وردت فيه جملة من الحريات للصحفيين، وحقوق المواطنين في حرية الصحافة:

 

حرية المعرفة والفكر والصحافة والتعبير والاتصال والحصول على المعلومات حق من حقوق المواطنين لضمان الإعراب عن فكرهم... الصحافة المستقلة تمارس رسالتها بحرية...  الصحافة حرة فيما تنشره وحرة في استقاء الأنباء والمعلومات من مصادرها... حماية حقوق الصحفيين والمبدعين وتوفير الضمانات القانونية اللازمة لممارسة المهنة وحقهم في التعبير دون تعرضهم لأي مسألة غير قانونية يكفلها القانون، مالم تكن بالمخالفة.[151]

 

إلا أنه رغم التأكيد على أن "الصحافة مستقلة"، فإن الديباجة نفسها تضع عبئاً ثقيلاً على الصحافة: "تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع وتكوين الرأي العام والتعبير عن اتجاهها بمختلف وسائل التعبير في إطار العقيدة الإسلامية والأسس الدستورية للمجتمع والدولة وأهداف الثورة اليمنية وتعميق الوحدة".[152]

 

ويفرض القانون محاذير مبهمة فضفاضة على أنواع الأنباء التي يمكن نشرها. فالسلطات اليمنية استخدمت المادة 103 للرقابة على الصحافة المستقلة. وهي تحظر انتقاد رئيس الدولة وكذلك نشر أية موضوعات "تبث روح الشقاق والتفرقة بين أفراد المجتمع" أو "تؤدي إلى ترويج الأفكار المعادية لأهداف ومبادئ الثورة اليمنية أو المساس بالوحدة الوطنية أو تشويه التراث والحضارة اليمنية والعربية والإسلامية".[153]

عقوبات انتهاك هذه المحظورات، إذا ثبتت في المحكمة، تشمل إغلاق المطبوعات ومنع الصحفيين من مزاولة مهنة الصحافة، وغرامة بحد أقصى 10 آلاف ريال يمني (50 دولاراً) والسجن لمدة عام، رغم أن صحفيين قد حُكم عليهم بفترات أطول من السجن جراء مقالات حساسة.[154] كما يحق لوزارة الإعلام مصادرة أية مطبوعة أو صحيفة "إذا تم الطبع أو الإصدار والتداول خلافاً" لقانون الصحافة والمطبوعات، لكن "يُعرض الأمر على القضاء للنظر في مصادرة الأشياء المحجوزة عليها"، ولأصحاب الشأن في الصحيفة  الحق في "اللجوء إلى القضاء للطعن بقرار الحجز والمطالبة بتعويض".[155]

"الخطوط الحمراء": الرقابة الذاتية التي فرضتها الحكومة

انتهاكات حقوق الإعلام في اليمن لا تتوقف فقط على مصادرة الصحف واعتقال الصحفيين وغيرها من أشكال الاضطهاد الشبيهة، بل هنالك أيضاً جهود مبذولة لضمان ممارسة الإعلام لرقابة ذاتية وعدم تخطي "الخطوط الحمراء" وهي القضايا المحظور تداولها في الإعلام والتي قد تؤدي إلى مصادرة أعداد الصحف، أو حتى الاعتقال والمقاضاة للصحفيين أو رؤساء التحرير. هذه "الخطوط الحمراء"، ليست مكتوبة في كل الحالات، وهي معروفة من قبل الصحفيين ورؤساء التحرير ولا تقتصر على أحداث جنوب اليمن. وروى أحد المحررين لـ هيومن رايتس ووتش كيف كتب مسؤولون من الأمن القومي للصحفيين والمحررين في 2004 يأمرونهم بالامتناع عن انتقاد الرئيس أو أفراد أسرته (والكثير منهم يشغلون مناصب حكومية واقتصادية هامة)، والامتناع عن الحديث عن إساءة استخدام المسؤولين للسلطة، ومسألة من سيخلف الرئيس علي عبد الله صالح.[156]

ومنذ اشتداد الاحتجاجات في جنوب اليمن عام 2009، واجه الصحفيون والمحررون تضييقاً متصاعداً على الكتابة عن الجنوب. وقال صحفيون ومحررون لـ هيومن رايتس ووتش إنهم سيتخطون "الخط الأحمر" إذا نشروا مقابلات مع رجال سياسة جنوبيين في المنفى أو قيادات للحراك الجنوبي، أو إذا نشروا صوراً للعنف من قبل الأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين، أو حتى ذكروا الأسماء الرسمية للجهات المنظمة للاحتجاجات.

كما تستخدم الحكومة اليمنية أسلوب الرشوة لإسكات منتقديها. فطبقاً لمصدر موثوق، فإن مكتب الرئاسة عرض على رؤساء تحرير الصحف "تمويلاً للدعم" يبلغ آلاف أو حتى عشرات آلاف الدولارات شهرياً، كي تسلك الصحف خطاً حكومياً فيما تنشره. وأوضح رئيس تحرير إحدى الصحف المستقلة لـ هيومن رايتس ووتش أنه رغم استمراره في رفض مثل هذه الرشاوى، فإن المسؤولين في مكتب الرئيس مستمرين في الاتصال به وتذكيره بالمبالغ النقدية الهائلة "المتراكمة" لصالحه.[157]

إغلاق صحيفة الأيام

صحيفة الأيام – ومقرها عدن – هي أقدم وأشهر الصحف اليومية اليمنية، ويتراوح معدل توزيعها اليومي حول 70 ألف نسخة. كما أنها الصحيفة المستقلة اليمنية الوحيدة التي لديها مطابعها الخاصة، فجميع الصحف الأخرى تطبع في مطابع الحكومة، مما ييسر تدخل السلطات في النشر والتوزيع (انظر أدناه).

المشكلات القائمة التي تواجه الأيام تأثرت بحادث في فبراير/شباط 2009، يشمل خلافاً على ممتلكات وليس محتوى الصحيفة، عندما حاول مسؤول شمالي السيطرة على مقر الأيام في صنعاء.[158] وعندما اشتدت وطأة الاحتجاجات والمصادمات في جنوب اليمن في أبريل/نيسان 2009، "غطت الأيام الأحداث بشكل موسع، وكانت صور الدماء والإصابات تعلو غلاف الصحيفة لأيام"، حسبما قال هشام بشراحيل، المدير العام للأيام، لـ هيومن رايتس ووتش.[159] وبدأ الرئيس علي عبد الله صالح في إرسال الوفود إلى الصحيفة، مطالباً إياهم بتخفيف وطأة تغطيتهم. وبدءاً من مطلع أبريل/نيسان، طبقاً لبشراحيل، طلب ياسر اليمني – نائب محافظ لحج ووسيط موثوق للرئيس – طلب من رؤساء التحرير الكف عن استخدام صور المصابين ونزيف الدماء، قائلاً إن الرئيس قلق من استخدام الصور كأدلة ضده في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

وفي 9 أبريل/نيسان حسب قول بشراحيل، اتصل الرئيس صالح بمالك صحيفة الأيام لحمله على أن ينشر تحت اسمه افتتاحية مؤيدة للحكومة عن الوضع في الجنوب. وفي المقابل، وعد بأن قضية فبراير/شباط 2008 في صنعاء ضد مُلاك الأيام سيتم إسقاطها. والتزم هشام بشراحيل وطبع الافتتاحية المُرسلة إليه بالفاكس من مكتب الرئيس، لكن الصحيفة استمرت في التغطية الانتقادية للاحتجاجات والرد الحكومي العنيف. ثم تلقى العاملون بالصحيفة تهديدات شخصية، وقال هشام بشراحيل: عثر مُصمم بالصحيفة على ورقة على بابه عليها تهديد بـ "قطع رقبته" إذا استمر في العمل بالأيام.

وفي 1 مايو/أيار، أوقف مسلحون شاحنة توصيل أعداد الأيام في منطقة ملح في لحج (انظر أعلاه). وطبقاً لبشراحيل، فإن المهاجمين ينتمون إلى لجنة حماية الوحدة المؤيدة للحكومة المُشكلة حديثاً.

وليلة 2 مايو/أيار، صادر الجنود في نقطتي تفتيش عسكريتين بالقرب من عدن أكثر من 50 ألف نسخة من الأيام، أي كامل النسخ المخصصة للتوزيع في اليمن خارج عدن. ووقعت الشرطة والاستخبارات ووزارة الإعلام على إيصال استلام بنسخ الأيام المُصادرة. وبحلول 4 مايو/أيار حاصرت قوات الأمن مقر الأيام في عدن وفتشت جميع السيارات الخارجة من المقر، لمنع توزيع 70 ألف عدد هي إجمالي النسخ المطبوعة ذلك اليوم.[160] وعلى ضوء حصار مقر الصحيفة، قرر المُلاك في 4 مايو/أيار التوقف عن النشر، وكانت صحيفة اليمن المستقلة الأكبر ما زالت غير قادرة على النشر وقت زيارة هيومن رايتس ووتش بعد أكثر من شهرين، في 12 يوليو/تموز 2009.

وإثر الإغلاق الجبري للأيام في 4 مايو/أيار، بدأت السلطات في إحياء النقاش حول قضية الملكية المتنازع عليها المُثارة في فبراير/شباط 2008، وتعتقد عائلة بشراحيل أن من أحيوا الجدل من جديد هم من بين القوة التي أطلقت النار على مجمع الأسرة في صنعاء وبدرت محاولات لاستدعاء أفراد من الأسرة للشهادة في المحكمة (ترفض الأسرة حضور الجلسات بالمحاكم خشية على سلامتهم). وعلى خلفية تنفيذ أوامر الاستدعاء، شنت قوات الأمن في 12 مايو/أيار هجوماً على مقر الأيام في عدن، وانخرطت في تبادل لإطلاق النار استمر لمدة ساعة مع حُرّاس المقر، مما أسفر عن مقتل شخص وإلحاق إصابات خطيرة بآخر، لكن قوات الأمن لم تتمكن من إحكام السيطرة على المقر. ومنذ تبادل إطلاق النار وأفراد عائلة بشراحيل يلجأون إلى مقر الصحيفة، ولا يمكنهم الخروج منه خوفاً من الاعتقال أو ما هو أسوأ. وقد زار وزراء حكوميون الأسرة التماساً للتوسط لإنهاء المواجهة، دون نتائج ملموسة حتى الآن.

إغلاق الصحف: مايو/أيار – يونيو/حزيران 2009

أعلن وزير الإعلام اليمني، حسن أحمد اللوزي، في 4 مايو/أيار، عن حظر على توزيع وتداول ثماني صحف هي أبرز الصحف اليمنية اليومية والأسبوعية المستقلة، وشمل الحظر الذي بدأ على الأيام بالفعل صُحف خاصة هي المصدر والوطني والديار والمستقلة والنداء والشارع والأهالي.[161] وفي 6 مايو/أيار أعلن الوزير أن الصحف انتهكت قانون الصحافة والمطبوعات اليمني فيما يخص "الوحدة والمصلحة العليا للبلاد" واتهم الصحف بـ "التحريض على انتهاك القوانين والنظام، وبث الكراهية والعداوة بين شعب اليمن الواحد".[162] وطبقاً لرؤساء تحرير الصحف المتأثرة بالقرار، فلم تكن هذه هي المرة الأولى منذ توحيد اليمن عام 1990 التي تُفرض فيها مثل هذه الإجراءات التقييدية على الصحف المستقلة.

وأيد الرئيس صالح الحظر المفروض على الصحف اليمنية المستقلة في كلمته بتاريخ 6 مايو/أيار أمام البرلمان:

 

إذا كان هناك مجال للحديث في الصحافة فيجب أن يكون عن الخير والحب والأخوة. إذا وقعت أخطاء على مسار التنمية أو الأمن أو القضاء، فلن يُواجه انتقاد هذه الأخطاء بالاعتراض، فهناك مساحة لهذا. لكن الوحدة والحرية والديمقراطية والثورة والجمهورية والدستور ثوابت وطنية لا يمكنها تخطيها.[163]

 

وطبقاً لرؤساء التحرير المتأثرين، فإن قرار إغلاق الصحف تم اتخاذه بعد نشرهم لمقابلات مع قيادات الحراك الجنوبي وتفصيل الصحف الدقيق في بعض الأحيان بالموضوعات الصحفية والصور الفوتوغرافية العنف الذي تنتهجه قوات الأمن في الاحتجاجات.[164]

 

وفي 18 مايو/أيار، استدعت نيابة الصحافة والمطبوعات سامي غالب، رئيس تحرير صحيفة النداء، وثلاثة من زملائه لإخطارهم بأن وزارة الإعلام نسبت إليهم اتهامات هي "التحريض على العصيان المسلح، والتحريض ضد الوحدة، وبث روح الطائفية".[165] وطبقاً للجنة حماية الصحفيين، وهي منظمة مراقبة دولية، فإن التحقيقات امتدت أيضاً لتشمل رؤساء تحرير وصحفيي الشارع والمصدر والديار والوطني.[166]

 

وفي 11 مايو/أيار، أعلن مجلس القضاء العالي، أعلى سلطة قضائية في اليمن، عن إنشاء محكمة الصحافة المتخصصة لمحاكمة الصحفيين، وهو تطور يبدو أنه يعكس إنشاء محكمة جزائية متخصصة حاكمت قيادة الحراك الجنوبي (انظر أدناه). ويخشى الصحفيون أن إنشاء محكمة متخصصة للصحافة قد يؤدي إلى المزيد من الاضطهاد للصحفيين، ويرون أن إنشاء أية محكمة متخصصة يخرق الدستور اليمني.

 

وفي 11 يوليو/تموز، عقدت محكمة الصحافة المتخصصة أولى جلساتها، ونظرت فيها في اتهامات سابقة (ديسمبر/كانون الأول 2006) ضد رئيس التحرير سامي غالب، عن نشر صحيفته لتحقيق عن الفساد في وزارة الأوقاف. ووجهت الوزارة اتهام "السب والتشهير" لغالب، الذي طالب محاموه بتوضيح للسند القانوني لهذه الاتهامات في الجلسة الأولى.[167] وفي 2 أغسطس/آب، قضت محكمة الصحافة المتخصصة بإغلاق القضية، لأن تغطية الصحيفة لم تشمل مواد تشهيرية أو تنطوي على الذم أو القذف ومن ثم فما نشرته يدخل في نطاق ما يُسمح قانوناً بنشره في اليمن.[168]

 

ورفع وزير الإعلام التجميد عن بعض الصحف في أواخر يونيو/حزيران، لكنه استمر في حظر نشر الأيام والوطني. وتناقلت التقارير إصداره تعليمات تقييدية على رؤساء تحرير وصحفيي الصحف المسموح لها بالعودة للنشر، من جديد، بالامتناع عن تغطية احتجاجات الجنوب وحملة الحكومة القمعية، وأية مقابلات مع قيادات الحراك الجنوبي.[169] إلا أن عندما حاولت الصحف الطبع، رفضت مطبعة صحيفة الثورة التي تملكها الدولة أن تطبع لها، وقالت بأن لديها توجيهات من وزارة الإعلام بهذا. وعلق سامي غالب رئيس تحرير صحيفة النداء، أحد رؤساء التحرير المتأثرين بالقرار قائلاً: "هكذا يلاعبونك".[170]

 

بعض الصحف لجأت إلى مطابع صغيرة مملوكة لأفراد أعلى تكلفة، لكن عملها ما زال مقيداً وعليه رقابة مشددة. وأخيراً سُمح لصحيفة الوطني بنشر عدد في أواسط يوليو/تموز، لكن قوات الأمن صادرت جميع الأعداد المُرسلة إلى عدن.[171] وفي 4 أغسطس/آب، صادرت السلطات نسخاً من صحيفة الديار من باعة الصحف في صنعاء بسبب موضوعات منشورة في العدد على صلة باحتجاجات الجنوب.[172] وفي 10 أغسطس/آب، أمرت وزارة الإعلام بمصادرة جميع نسخ العدد رقم 105 من صحيفة الأهالي، من مطبعة صحيفة الثورة، حيث كان يتم طبع الأهالي، بسبب تغطية العدد لاحتجاجات الجنوب.[173]

 

اعتقال الصحفيين

من الانتهاكات الجسيمة الأخرى المتفشية الاعتقال التعسفي للصحفيين ورؤساء التحرير. قائد نصر علي، مراسل ردفان لصحيفتي الشارع والثوري، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه تعرض عدة مرات للضرب على يد قوات الأمن، وكذلك التهديدات والاحتجاز جراء نشاطه كصحفي. في 21 أبريل/نيسان 2008، اعتقله الأمن المركزي لتغطيته مظاهرة في معهد المعلمين بردفان، وتم احتجازه عدة أيام. وأثناء الاحتجاز، طلبوا منه توقيع تعهد بعدم كتابة أي شيء عن الاحتجاجات.[174] وفي 13 مايو/أيار 2008 احتجزه الأمن المركزي وتعرض للضرب المبرح بعد أن صور مظاهرة في ردفان. وقال علي لـ هيومن رايتس ووتش:

 

كنت ألتقط صوراً فوتوغرافية للاحتجاج. ضربوني تلك المرة، ثمانية أشخاص من الأمن العام، ومنهم مدير الأمن العام في ردفان، الذي أمرهم بضربي والقبض عليّ، أنا وبعض القيادات الطلابية. وضربونا بالهراوات وكعوب البنادق، وفيما كانوا ينقلونا إلى السجن العام استمروا في ضربنا في السيارات.

 

واحتجزت السلطات قائد نصر علي في السجن العام حتى 22 مايو/أيار، وفيه وُجه إليه الاتهام بـ "المساس بوحدة جمهورية اليمن" وتم الإفراج عنه بكفالة حتى محاكمته. وفي 18 يوليو/تموز أدانته محكمة برفقة 22 آخرين وحُكم عليه بالحبس ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ، شريطة ألا يشاركوا في احتجاجات أخرى. ومن جديد اعتقلت السلطات قائد نصر علي في 13 يناير/كانون الثاني 2009، إبان تغطيته لاحتجاج في عدن، وتحفظت عليه خمسة أيام في سجن عدن قبل الإفراج عنه، بعد أن تعهد بعدم المشاركة في الاحتجاجات.

وفي 2 يناير/كانون الثاني 2009، احتجز الأمن السياسي وجدي الشعبي، مراسل الأيام والوطني ومُكلا برس، في المستشفى الجمهوري بعدن، حيث كان يحقق في موضوع عن عدم كفاية الرعاية الطبية في المستشفى. واحتجزه مسؤولو الأمن السياسي واستجوبوه لعدة ساعات.[175]

 

وبعد نشر موضوعه عن عدم كفاية الرعاية الطبية في المستشفى بصحيفة الوطني ومُكلا برس في 5 يناير/كانون الثاني، أمر مدير أمن محافظة عدن بالقبض عليه مرة أخرى. وحدث هذا في 13 يناير/كانون الثاني، فيما كان يغطي مظاهرات في عدن. ونقلته الشرطة إلى مركز شرطة البساتين، وتحققوه من هويته، ثم قال له أحد الضباط: "أنت مطلوب، وتم توزيع تنبيه بشأنك على كافة مراكز الشرطة بناء على أمر من مدير الأمن". وألقوا بشعبي في زنزانة برفقة مجرمين مشتبهين بالإتجار في المخدرات وقراصنة صوماليين، حيث أمضى عشرة أيام، ثم نقلوه إلى السجن المركزي في لحج، حيث أمضى أسبوعاً إضافياً، دون حتى نسب اتهام إليه أو التحقيق معه. وأخيراً تلقى وكيل النيابة صحيفة اتهام من عدن، تتهم الشعبي بـ "قتل جنود"، لكن الشعبي قال لـ هيومن رايتس ووتش إن وكيل النيابة "كان يعرف أنها اتهامات مزيفة"، و"أطلق سراحي دون أي شروط".[176]

 

وقال الشعبي لـ هيومن رايتس ووتش أيضاً إنه أوقف دراسته الجامعية رغم أنه طالب في السنة الأخيرة بالصحافة والإعلام، وقريب من نيل درجته الجامعية.

 

لم أعد قادراً على الاستمرار في الدراسة، لأنني إذا دخلت كليتي، فسوف يعتقلني الأمن السياسي لأنني مستمر في الكتابة بالصحافة. ضابط جنوبي من الأمن السياسي [متعاطف معي] حذرني أن هذا سيحدث. وكنت قد أوشكت على نيل درجتي الجامعية.[177]

 

الهجمات على قناة الجزيرة

قناة الجزيرة الفضائية القطرية هي واحدة من منافذ إخبارية دولية قليلة تعمل من خلال مكتب دائم في اليمن، ومقره صنعاء. وعكفت الشبكة على التغطية الموسعة لاحتجاجات الحراك الجنوبي وتكرر استفزازها لغضب السلطات اليمنية.

 

في مناسبتين على الأقل منع ضباط الأمن صحفيي الجزيرة من مغادرة فنادقهم، لمنعهم من تصوير الاحتجاجات في مدن الجنوب. في 21 مايو/أيار 2009، حدد مسؤولو الأمن إقامة مدير مكتب الجزيرة، مراد هاشم في حجرته بالفندق في عدن، فيما كانت الاحتجاجات قائمة بالخارج.[178] وفي 7 يوليو/تموز، حددت قوات الأمن مجدداً إقامة هاشم وفريق العمل الذي كان يلازمه في فندقهم بعدن.[179]

كما تعرض صحفيو الجزيرة لاعتداءات بدنية. ففي 22 يونيو/حزيران، هاجم مقنعون مراسل الجزيرة في عدن، فاضل مبارك، فيما كان يصور احتجاجاً في جعر، بمحافظة أبين. وأصيب مبارك واحتاج لغرز جراحية لعلاج إصاباته. وفي 17 يونيو/حزيران قام مجهولون برجم عربة للجزيرة في طريقها لتصوير مظاهرة مؤيدة للحكومة في الضالع، مما أضر بالعربة. وفي الهجمتين، ظل المهاجمون مجهولون. ولم يتعرض العاملون بالمنافذ الإعلامية المؤيدة للحكومة مثل هذه الهجمات.[180]

 

وفي 12 يوليو/تموز طالب نائب برلماني من حزب المؤتمر الشعبي الحاكم، هو علي مسعد اللهبي بإغلاق مكتب الجزيرة، قائلاً إن الجزيرة "تعادي اليمن ووحدته وأمنه واستقراره" وأنها تبث "ما يُملى عليها من القوى المعادية... خاصة الانفصاليين الذين يستهدفون [الإضرار بـ] صورة اليمن في الخارج".[181] ومنع مسؤولون حكوميون الجزيرة من تغطية فعاليات الحكومة، في انتقام ظاهر من تغطيتها الانتقادية لاحتجاجات الجنوب وحرب صعدة في الشمال، ففي 27 يوليو/تموز، كان مراسل الجزيرة هو الصحفي الوحيد المحروم من دخول جلسة أسئلة وأجوبة في البرلمان اليمني بشأن الدفاع والأمن القومي، وقد طرد المسؤولون فريق الجزيرة من مؤتمر في عدن لمسؤولين محليين مع نائب رئيس الوزراء في يوليو/تموز.[182]

 

وفي 26 يوليو/تموز، تلقى مكتب الجزيرة في صنعاء مكالمة من رقم من المملكة العربية السعودية. وقال المُتصل للمنسق الذي أجاب على الهاتف: "قل لرئيس المكتب إن موته قريب. بربي لسوف نصل إليه حتى لو كان في بيته".[183] وفي 11 أبريل/نيسان تلقى مدير مكتب الجزيرة مراد هاشم ومراسل الجزيرة أحمد الشلفي تهديدات مماثلة على هواتفهما النقالة، من رقم سعودي، يطالبهما بوقف أي تغطية لأحداث جنوب اليمن.[184] وقال مراد هاشم للجنة حماية الصحفيين:

 

هناك حملة تحريض موسعة ضدنا من الإعلام المقرب من الحزب الحاكم... فالمسؤولون يحرضون علناً الجماهير ضدنا. الصحف الحزبية قالت إن الجهاد ضد الجزيرة وصحفييها هو واجب ديني. ووقعت اعتداءات على طواقم العمل لدينا، [و] مُنعنا من أداء عملنا عدة مرات، وتلقينا رسائل ومكالمات تهديد.[185]

 

احتجاز بعض المدونين وحجب المواقع الإلكترونية

في اليمن حضور قوي للمدونين والمدونات، وبسبب القيود المشددة على الصحافة المطبوعة والقنوات التلفزيونية المستقلة، فإن بعض التغطيات الأكثر تفصيلاً – وإن كانت حزبية وسياسية – لأحداث الجنوب واردة في المدونات، والتي تنشر أيضاً مقابلات مع قيادات الحراك الجنوبي. وبالنتيجة، فإن المدونين في نطاق مراقبة الأجهزة الأمنية، فأغلب المدونات التي تغطي أحداث جنوب اليمن حجبتها شركات توفير خدمة الإنترنت التي تسيطر عليها الحكومة، وقام مسؤولو الأمن السياسي باحتجاز بعض محرري المدونات وعدداً من المدونين المعروفين.

 

ففي 18 يونيو/حزيران 2009، ذهبت قوات الأمن المسلحة إلى منزل صلاح السقلدي، محرر موقع AdenGulf.Net، وهو موقع شهير يُركز على أخبار جنوب اليمن ويوفر تغطيات شاملة لاحتجاجات الجنوب. واحتجز الأمن السقلدي وصادر حاسوبه وأوراقه الخاصة.[186] وما زال حتى الآن رهن الاحتجاز.

 

وأثناء تواجد هيومن رايتس ووتش في اليمن، كان هو آخر من تم اعتقالهم لأسباب شبيهة. ففي 12 مايو/أيار 2009، داهمت قوات الأمن منزل يحيى بامحفوظ، المدون من المُكلا والمدير السابق لموقع حضرموت نيوز الإخباري الذي يغطي احتجاجات الجنوب وينشر بيانات قيادات الحراك الجنوبي. واحتجز الأمن بامحفوظ وصادروا حاسوبه ومتعلقات شخصية أخرى.[187] وحتى كتابة هذه السطور، ما زال حسب التقارير رهن احتجاز الأمن السياسي بعد نقله إلى صنعاء.[188]

 

وفي 4 مايو/أيار 2009، داهمت قوات الأمن المسلحة منزل فؤاد عاشور، رئيس تحرير موقع مكلا برس الإخباري، واعتقلته. وبعد احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي لسبعة أسابيع، نقلته السلطات إلى الأمن السياسي في عدن، وما زال محتجزاً هناك حتى كتابة هذه السطور.

 

أغلب المواقع التي تغطي جنوب اليمن وفيها تعليقات على الحراك الجنوبي تعرضت للحجب لشهور، وفي بعض الحالات لسنوات. ومن بين المواقع التي تتناقل التقارير عدم إمكانية فتحها من اليمن بسبب رقابة الحكومة، هي مواقع صوت الجنوب، وشام شام نيوز، وشبكة الخليف عدن، ومنتديات الضالع، وصحيفة الأيام، والمكلا برس بل وحتى مدونة Armiesofliberation.com لجانا نوفاك، التي تعرض موضوعات إخبارية انتقادية عن اليمن.[189]

وإثر الاحتجاجات المميتة في يناير/كانون الثاني 2008، حجبت السلطات اليمنية أيضاً بعض المواقع، والظاهر أن هذا تم بعد إذاعة تسجيل فيديو لإطلاق قوات الأمن النار "بلا استفزاز على حشد [من المتظاهرين]"، طبقاً للجنة حماية الصحفيين.[190] والمواقع المحجوبة في يناير/كانون الثاني 2009 تشمل موقع YemenPortal وYemenHurr، وHour’s News، وحضرموت، والطيف، واليمن، وعدن برس، وصوت الجنوب.[191] ويزعم أن الحكومة اليمنية منعت في اليمن القدرة على فتح صفحات تسجيلات الفيديو الخاصة بالاحتجاجات التي يتم تحميلها على موقع يو تيوب، ومواقع أخرى فيها تغطية بالفيديو لاحتجاجات الجنوب، بأن أضافت تلك المقاطع إلى قائمة "المقاطع الجنسية" في برامج الفلترة التي تستخدمها.[192]

 

احتجاز السعودية وتسليمها لمدونين يمنيين

السعودية، جارة اليمن الثرية إلى الشمال، تستضيف عدداً كبيراً من اليمنيين، ومنهم الكثير من جنوب اليمن، ومنهم منفيين سياسيين ومواطنين عاديين خرجوا يلتمسون فرصاً اقتصادية أفضل في السعودية.[193] وهناك مساهمون يمنيون في مواقع إخبارية تغطي اليمن، وكذلك مدونات وغيرها من المنتديات الإخبارية الطابع على الإنترنت التي تُدار من السعودية، وهم انتقاديون للغاية للسلطات اليمنية. المباحث السعودية دأبت على مدار العام الماضي على التعاون مع نظيرتها اليمنية في احتجاز المدونين اليمنيين وتسليمهم إلى اليمن.

 

في إحدى هذه الحالات، في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2008، احتجز مسؤولو المباحث السعودية علي شايف، المدون الذي كان يكتب على موقع بوابة الضالع، من شقته في جدة. وعلى مدار الشهور الثمانية التالية، ظل شايف رهن الاحتجاز السعودي، دون السماح له بمكالمات هاتفية أو استقبال زوار. أسرته في اليمن قالت إنها لم تعرف شيئاً عن مصيره بخلاف اعتقاله، الذي عرفوه من زملاء السكن مع شايف.[194] وفي مايو/أيار أو يونيو/حزيران 2009، نقلت السلطات السعودية شايف إلى اليمن دون أية مراعاة لإجراءات التقاضي السليمة. وما زال محتجزاً طرف الأمن السياسي في صنعاء. وفي مطلع يوليو/تموز 2009 سمح الأمن السياسي لأسرته بزيارته، ومنذ ذلك الحين يُسمح له باستقبال مكالمات هاتفية مرة في الأسبوع من ذويه، لكن حتى كتابة هذه السطور ما زال رهن الاحتجاز دون نسب اتهامات إليه أو محاكمته.[195]

 

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2008 احتجزت المباحث السعودية مدوناً آخر على موقع بوابة الضالع، هو فهمي علي نصر، في جدة، ونقلته إلى اليمن رهن احتجاز الأمن السياسي، الذي أفرج عنه بعد ذلك.[196] وتناقلت التقارير اعتقال الأمن السعودي مدوناً ثالثاً في بوابة الضالع، هو محمد الربيعي، في جدة، قبل شهور من الآن. ويبدو أنه ما زال رهن احتجاز الأمن السعودي.[197]

 

VIII. احتجاز بعض الأكاديميين وغيرهم من قادة الرأي

 

كانت جامعات جنوب اليمن من المراكز التي خرج منها عناصر من الحراك الجنوبي. فالطلاب من بين الناشطين والمُنظمين، وبعض الأكاديميين الجنوبيين قاموا بدورهم بالكتابة والمحاضرة عن القضايا التاريخية والاقتصادية الكامنة في صميم مظالم الحراك.

وقال أكاديميون وطلاب جنوبيون لـ هيومن رايتس ووتش إن الحياة الأكاديمية – التي لم تكن أبداً حرة تحت الحُكم الماركسي – تخضع حالياً لرقابة الشماليين والتضييق الشديد سياسي الدوافع. وقال أحد الأساتذة الجامعيين أن من بين الأكاديميين في جامعة عدن – ولها فروع في مختلف مدن الجنوب – فإن العميد الوحيد الباقي من أصول جنوبية هو عميد كلية التعليم في يافع. وجميع العمداء الآخرين من الشمال، وكذلك الإدارة العليا للجامعة، على حد قوله.[198]

ونتيجة للحضور الكثيف لعناصر الجيش اليمني الشمالية في المناطق الجنوبية، فإن الشماليين، لا سيما العسكريين في البرامج الدراسية، يُشكلون جزءاً يعتد به من الطلاب. وأحد الأكاديميين يُقدر أن 30 في المائة على الأقل من هؤلاء، على حد قوله، يحصلون على منح دراسية ومناصب في الجامعة.[199] ومن ثم يشعر الكثير من الطلاب والأساتذة في الجامعة بالإجحاف مهنياً وأكاديمياً.[200]

وقامت إدارات الجامعات اليمنية بتضييق الحريات الأكاديمية وحرية التعبير في الجامعات والمعاهد ومؤسسات التعليم العالي الأخرى في شتى أنحاء الجنوب. وتعرض الأساتذة والطلاب الذين شاركوا في الحراك الجنوبي للاعتقالات والتهديدات والإجراءات التأديبية والطرد.

وتنشط مختلف الجهات الأمنية في الحرم الجامعي، وتراقب المنشقين مراقبة لصيقة. وللأمن السياسي حضور جامعي خاص، من أعمال مراقبة واحتجاز واستجواب لأي طالب أو أستاذ يشارك في الاحتجاجات. وقال أكاديميون لـ هيومن رايتس ووتش إن الهيئات الأمنية لها مجموعة منظمة من المخبرين، إذ تُكلف طلاب معينين في قاعات الدرس بإمداد الهيئات الأمنية بالملاحظات المدونة من المحاضرات.[201]

الطلاب الذين يشاركون في الاحتجاجات يتعرضون للتبعات من قوات الأمن ومن السلطات الأكاديمية. محمد عبد الله مثنى، الطالب بالصف الخامس بكلية الهندسة، قال لـ هيومن رايتس ووتش كيف احتجزه الأمن المركزي مع 30 إلى 35 طالباً آخرين، من الرجال والنساء، في الحرم الجامعي لجامعة عدن أثناء احتجاج 10 مايو/أيار 2009، المنعقد للمطالبة بالإفراج عن الناشطين المحتجزين. وتم احتجازه لمدة يومين، ثم أُمر بكتابة تعهد بعدم المشاركة في الاحتجاجات في المستقبل، قبل إخلاء سبيله. وإثر الإفراج عن الطلاب، هددت الجامعة بطرد 15 طالبة خضعن للاحتجاز. كما تعرض محمد للتهديد من مساعد مدرس (والطالب بالدكتوراه من شمال اليمن)، إذ قال له الأخير إنه إذا استمر في المشاركة بالاحتجاجات، فمن المؤكد أنه سيرسب ويُجبر على إعادة السنة.[202]

احتجاز حسين عاقل  

من بين الأكاديميين المحتجزين حالياً الأستاذ الجامعي حسين عاقل  ، الذي يقوم بتدريس الجغرافيا الاقتصادية بجامعة عدن. ففي أبريل/نيسان 2009 كتب الأستاذ عاقل   مقالاً في صحيفة الوطني بعنوان "مبادرة التجمع الأكاديمية حول توحيد هيئات الحراك الجنوبي"، بتوقيع من 14 أكاديمياً (تم إنكار بعض التوقيعات فيما بعد).[203]

وإثر نشر المبادرة، استدعى رئيس جامعة عدن، د. عبد العزيز الحبتور، بعض الأساتذة الأربعة عشرة (تسعة منهم من جامعة عدن)، وطالبهم بإصدار اعتذار، وهددهم بفقدان رواتبهم وتجميد عملهم بالجامعة، ومنع الترقيات عنهم.[204] ثم تناقلت التقارير عقد د. الحبتور لمجلس الجامعة، الذي أصدر قراراً بتجميد الموقعين لمدة ستة أشهر عن العمل في الجامعة، ومنع أية ترقيات لهم، رغم عدم تنفيذ هذا القرار حتى الآن.[205]

كما ألقى د. عاقل   محاضرات، وكتب عن الفساد والمحسوبية، في منح الأراضي وعقود استكشاف حقول النفط في الجنوب، وهي قضية حساسة؛ لأنها تؤدي عادة إلى اتهامات بحق الرئيس وعائلته. وكتب سلسلة مقالات عن النفط في صحيفة الوطني، وناقش فيها كيف أن عائلة الرئيس وقبيلته أخذوا أراضي للدولة حول حقول شبوة النفطية لصالح استكشاف الشركات الخاصة لحقول النفط، ذاكراً أكثر من مائة عضو من عائلة الرئيس.[206] كما حاضر طلابه في الجامعة عن الفساد المتعلق بالنفط، ووضع في اختباراته سؤالاً للطلبة عن هذه القضية.[207]

وبدءاً من مطلع مايو/أيار، سعت قوات الأمن إلى القبض على الأستاذ عاقل  ، فوضعت نقاط تفتيش بالقرب من بيته. وقال أحد أقاربه إنهم عندما لم يتمكنوا من معرفة مكانه، اعتقلوا ابنه البالغ من العمر 13 عاماً، صدام حسين عاقل، لمدة أسبوعين، بدلاً منه كرهينة. وظل رهن الاحتجاز مدة أسبوعين في مركز شرطة طوبان، مع محتجزين آخرين في نفس عمره تقريباً.[208] وفي 7 يونيو/حزيران تم احتجاز عاقل   من حرم جامعة عدن. ونُقل بعد ذلك إلى الاحتجاز طرف الأمن السياسي في صنعاء. وبدأت محاكمته في 10 أكتوبر/تشرين الأول بتهمة "التحريض على الفتنة وثقافة الكراهية في المجتمع" و"نشر مقالات تمس وحدة اليمن". [209]

تحديد إقامة صالح يحيى سعيد في منزله

تناقلت التقارير حضور صالح يحيى سعيد – أستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن وأحد الموقعين على "مبادرة الأكاديميين" المنشورة في صحيفة الوطني – لاجتماع الضالع 12 يونيو/حزيران للقيادات الحراك الجنوبي. وتم الإعلان في بيان بعد الاجتماع عن تعيينه نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة.[210]

وفي مطلع يوليو/تموز، حاصرت قوات الأمن منزل الأستاذ سعيد في عدن، ووضعته فعلياً قيد الاعتقال المنزلي. وفي 10 يوليو/تموز احتجزت قوات الأمن ابن الأستاذ سعيد البالغ من العمر 25 عاماً إثر صلاة الجمعة في مسجد عدن، وقالت له إنه محتجز كرهينة إلى أن يسلم أبوه نفسه للشرطة.[211] وتم الإفراج عن الابن بعد 24 ساعة، وقالت له قوات الأمن إنها ستحتجز أبيه ما إن يخرج من بيته.[212]

وقبل يومين، في 8 يوليو/تموز ذهبت مجموعة من زملاء الأستاذ سعيد لزيارته إبداءً للتضامن معه. وقال أحد هؤلاء الأساتذة فيما بعد لـ هيومن رايتس ووتش كيف احتجزتهم الشرطة وعنفتهم إثر الزيارة:

كان هناك نحو عشرين رجلاً يجلسون إلى جوار المنزل. عندما خرجنا منه الساعة 6 مساءً، في سيارتين، سجلوا أرقام السيارات لديهم. وفجأة أحاط بنا الأمن.
 
ذهبت مع أستاذ آخر في سيارتي إلى خور مكسر. توقفنا على مسافة كيلومترين، في جولة عريش. وقالت لنا الشرطة أن نتوقف، وفتحوا الباب، وأخرجنا أربعة رجال شرطة من السيارة، وفتشوها، وصادروا 8000 ريال [40 دولاراً] مني و10 آلاف ريال [50 دولاراً] من زميلي، وهواتفنا النقالة. فتشونا أيضاً. وأخذوا أوراق الهوية ودونوا أسمائنا... وبعد ساعة من المكالمات لا أعرف مع من، أعادوا إلينا الهواتف النقالة، لكن ليس النقود، وتركونا نمضي في سبيلنا.[213]

تم توقيف سيارة أخرى يستقلها أساتذة جامعيون كانت في طريقها إلى منطقة الشيخ عثمان في عدن، لدى نقطة تفتيش عبد القوي. تم اصطحاب الرُكاب الثلاثة جميعاً إلى مركز شرطة مندانة، حيث تم استجوابهم لمدة خمس ساعات قبل الإفراج عنهم.[214] أحد الأساتذة المحتجزين روى لـ هيومن رايتس ووتش كيف جادل مع مسؤول الأمن بشأن معاملتهم، وسأل الضابط: "إذا كنتم ضربتم أكاديميين بهذه الطريقة، فكيف تعاملون الناس العاديين؟" فأجاب الضابط: "أنتم لستم أكاديميون، أنتم مخربون لوحدتنا".[215]

اختطاف عبد الخالق مثنى عبد الله

عبد الخالق مثنى عبد الله، 32 عاماً، مُعلم من عدن وناشط سياسي يسهم من الحين للآخر بمقالات لصحيفة الديار وصحف أخرى، وقد كسر تابو مناقشة التهميش السياسي للجنوب. وتحدث لـ هيومن رايتس ووتش عما يراه "تهميش سياسي وظلم للجنوب، وعدم مساوتنا بالشمال"، مشيراً إلى أنه في رأيه فإن الجنوب لم يحصل على نصيبه العادل وإنه من الواجب التأكيد على الحقوق الاقتصادية للجنوب:

توجد الكثير من الموارد في الجنوب، لكننا لا نرى أية مزايا... فالشماليون يأتون ويأخذون مواردنا، ولا نحصل على أي شيء. بالنسبة لنا نحن المثقفين، هذا الوضع غير مقبول.[216]

وفي 12 يوليو/تموز، غادر بيته متجهاً لحضور صلاة الجمعة في مسجد عدن، فاقترب رجل أمن في ثياب مدنية منه وأمسك بيده، وقال إنه يريد التحدث إليه، لكنه دفعه إلى داخل سيارة متوقفة ممتلئة برجال الأمن الذين عصبوا عينيه. وتحركوا به إلى منزل مجهول يبدو أنه مُستخدم كمركز احتجاز. وأثناء فترة احتجازه واستجوابه، لم يُعرِّف أي من الرجال نفسه أو الجهة التي يعمل لصالحها.

ومن السابعة مساءً وحتى الواحدة صباحاً، ظل عبد الله وحده في الحجرة، ثم نقلوه إلى حجرة الاستجواب، وبدأ ضابط ثاني في تدوين الأقوال. وبعد عدة أسئلة أساسية عن اسمه وسنه وعنوانه، بدأ المحقق في توجيه ألفاظ نابية:

سألني عن مركزي في الحراك الجنوبي، وبدأ يسبني، قائلاً إننا يجب أن نحب الوحدة وأشياء من هذا القبيل. ثم سألني إن كنت أحصل على مقابل مادي مقابل كتابة هذه الأشياء، ومن أعرف [من اليمنيين في المنفى] في لندن. وسألني عن كتاباتي، وإذا كنت حقاً أؤمن بـ "الوساخات" التي أكتبها، أو إذا كنت أكتب ما يدفعون "هم" مقابله كي أكتبه. وسألته إذا كان يريد مناقشة هذه الأمور معي، أم أنه لن يزيد عن الصياح في وجهي.

ثم هدد المحقق عبد الله:

توقف عن الكلام ثم قال: إذن فأنت فيلسوف! وأمر جندياً بالدخول. فدخل الجندي يحمل قناع رأس تتساقط منه الدماء، وقضيب حديدي. وقال المحقق: أترى؟ هذا ما كان يرتديه شخص حققت معه قبلك، والآن حان دورك! وبدأ في سبي وتهديدي من جديد.

وفي نهاية الاستجواب، ورغم التهديدات، لم يتعرض عبد الله لإيذاء بدني، في النهاية هدده المحقق: "قال لي، إذا رأيت أي مقالات أخرى لك فسوف أعيدك إلى هنا وأقتلك. لقد جئنا بك هنا بلا أي مشاكل، ويمكن أن نحضرك متى شئنا، لا مشكل".

وبعد الانتهاء من التحقيق، حوالي الخامسة صباحاً، تم تعصيب عيني عبد الله مجدداً، وأعيد إلى السيارة، ثم ركلوه إلى الشارع. قال: "أمروني بالنهوض وأنا معصوب العينين وأعادوني إلى نفس السيارة، التي راحت تجوب الشوارع كما حدث عندما جئنا. وفجأة ركلوني في ظهري، ووجدت نفسي اصطدم بالأسفلت، فقد كنت في الشارع".

 

شكر وتنويه

 

يستند هذا التقرير إلى بعثة بحثية إلى اليمن استغرقت أسبوعين أثناء يوليو/تموز 2009، وكانت مُشكلة من بيتر بوكارت، مدير قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش، وكريستوف ويلكى، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعمرو خيري، منسق الترجمة العربية والموقع الإلكتروني. قام بيتر بوكارت بكتابة التقرير، بإضافات من كريستوف ويلكى إلى النص. راجع التقرير جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقام بالمراجعة القانونية كلايف بالدوين، استشاري قانوني أول. وأندرو ماوسون، نائب مدير قسم البرامج قام بمراجعة التقرير بدوره. تشكر هيومن رايتس ووتش الناشطين الحقوقيين اليمنيين والناشطين بالحراك الجنوبي على تعاونهم مع بعثتنا. قدموا متدربون عند هيومن رايتس ووتش رنا رزق و لارا حداد و تينو كاماردا و بصائر علي مساعدات بحثية إضافية. جهز التقرير للنشر ناديا برهوم، المنسقة بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأعده للطباعة كل من غرايس شوي مديرة المطبوعات وفيتزروي هوبكنز مدير البريد. وعاون عمرو خيري في ترجمة التقرير إلى اللغة العربية وفي إعداده للنشر.

 

[1] البنك الدولي، اليمن، http://web.worldbank.org/WBSITE/EXTERNAL/COUNTRIES/MENAEXT/YEMENEXT/o,,menuPK:310170~pagePK:141159~piPK:14110~theSitePK:310165,00.html (تمت الزيارة في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2008).

[2] انظر: Joseph Kostiner, “Yemen. The Tortuous Quest for Unity, 1990-94,” The Royal Institute of International Affairs, Chatham House Papers, (Royal Institute of International Affairs, London: 1996), صفحة 2.

[3] السابق، صفحة 7.

[4] انظر: Joseph Kostiner, “Yemen,” p.11. See also: Klaus Enders et al., “Yemen in the 1990s: From Unification to Economic Reform,” International Monetary Fund, Occasional Papers 208, http://www.imf.org/external/pubs/nft/op/208/index.htm (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009)، صفحة 4.

[5] انظر: Brian Whitaker, The Birth of Modern Yemen (2009), e-book published at www.al-bab.com/yemen/birthofmodernyemen (تمت الزيارة في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2009)، صفحة 137.

[6] انظر: Joseph Kostiner, “Yemen,” صفحات 65 إلى 74.

[7] انظر: Human Rights Watch/Middle East, Yemen: Human Rights in Yemen During and After the 1994 War, vol. 6, no. 5, October 1994, صفحة 6.

[8] انظر: Brian Whitaker, The Birth of Modern Yemen, صفحات 16 إلى 22. ثمة وصف معاصر للأوضاع الاقتصادية في عام 1990 يصف الحال في جنوب اليمن قبيل الوحدة كالتالي: "لقد انهار الاقتصاد فعلياً، فالمزارعون رفضوا تسليم الطعام بالأسعار البخسة التي نالوها، ولأسابيع كان الطعام الوحيد المتوفر في سوق عدن هو البطاطس والخبز والبصل. وكانت متاجر الحكومة خالية..." انظر: Liesl Graz, “South Yemen Waits for Unity,” Middle East International, March 16, 1990

[9] انظر: Ginny Hill, “Yemen: Fear of Failure,” Chatham House Middle East Programme Briefing Paper, November 2008 صفحة 5.

[10] انظر: “Troubled Yemen,” The Economist (London), June 2, 2009

[11] انظر: Brian Whitaker, The Birth of Modern Yemen, صفحة 216.

[12] مقابلات هاتفية لـ هيومن رايتش ووتش مع جمال شنيطير، مُدرس، شبوة، وعلي بن يحيى، موظف في سلك التعليم، شبوة، 12 يوليو/تموز 2009.

[13] قرار جمهوري رقم 107، وزارة الداخلية، 1980، منشور على موقع قوات الأمن المركزي، www.yemencsf.org (تمت الزيارة في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2009).

[14] وزارة الداخلية، اللائحة التنظيمية لوزارة الداخلية، 1995، www.police-info.gov.ye/laws/Min01.htm (تمت الزيارة في 19 أغسطس/آب 2008).

[15] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع قاسم، محامي، صنعاء، 2 سبتمبر/أيلول 2008. طبقاً للمعلومات التي حصلت عليها هيومن رايتس ووتش فإن أماكن احتجاز الأمن السياسي غير مصرح بها بموجب الدستور. الدستور اليمني يحظر الاحتجاز "في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون" دستور جمهورية اليمن، 2001، مادة 48 (ب).

[16] رئيس جمهورية اليمن، "قرار جمهوري بشأن إنشاء جهاز الأمن القومي لجمهورية اليمن"، 6 أغسطس/آب 2002. مادة 5.2 تنص على أن لضباط الأمن القومي صلاحيات ضباط الضبط القضائي الخاصة بالاعتقال. المادة 84 من قانون الإجراءات الجنائية اليمني ورد فيها المدعين العامين والمحافظين وضباط الشرطة وآخرون بصفتهم "ضباط الضبط القضائي"، وتنص أيضاً على أن جميع الضباط الممنوحين صلاحيات الضبط القضائي بموجب القانون يمكن إضافتهم إلى القائمة"، رئيس جمهورية اليمن "قرار جمهوري بشأن قانون رقم 13 لعام 1994 بشأن الإجراءات الجنائية"، مواد 84 إلى 89.

[17] قرار جمهورية بشأن قانون رقم 13 لعام 1994، بشأن الإجراءات الجنائية.

[18] قرار جمهوري رقم 391 لعام 1990 بشأن المحكمة الجزائية المتخصصة، مادة 3، وقرار جمهوري رقم 8 لعام 2004، بشأن المحكمة الجزائية المتخصصة، مادة 1.

[19] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محامي لمتعاطفين مع المتمردين الحوثيين [تم حجب الاسم بناء على طلبه]، صنعاء، يوليو/تموز 2008. أورد المحامي تفصيلاً كيف رفضت المحكمة الاستماع إلى شهود الدفاع، وكيف قبلت المحكمة مزاعم الادعاء، مثل خطط تسميم مياه صنعاء، دون دليل على ذلك.

[20] انظر: Whitaker, The Birth of Modern Yemen, صفحة 216.

[21] انظر: Susanne Dahlgren, “The Southern Movement in Yemen,” ISIM Review 22, Society & the State, Autumn 2008 صفحة 51.

[22] انظر: Ginny Hill, “Economic Crisis Underpins Southern Separatism,” Carnegie Endowment for International Peace, Arab Reform Bulletin, June 2009, http://www.carnegieendowment.org/arb/?fa=show&article=23191 (تمت الزيارة في 29 يونيو/حزيران 2009).

[23] Whitaker, The Birth of Modern Yemen صفحة 216.

[24] كما هو موضح في هذا التقرير، "الحراك الجنوبي" ليس منظمة واحدة جيدة التنظيم بقيادة واضحة محددة، بل تحالف من الأفراد والمنظمات غير واضح المعالم. إلا أنه معروف تحت مسمى ":الحراك الجنوبي" داخل اليمن وخارجها، ومن ثم تم استخدام هذا المسمى في التقرير.

[25] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ناشط حقوقي، صنعاء، 8 يوليو/تموز 2009.

[26] انظر: “Al-Dhali’ Meeting 12 June 2009,” Al-Dhiya’i post to Al-Yemen discussion forum, June 12, 2009, http://www.al-yemen.org/vb/archive/index.php/t-389737.html (تمت الزيارة في 20 أغسطس/آب 2009).

[27] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رشيد عجينة، عدن، 12 يوليو/تموز 2009. أعلنت جماعة أخرى تُدعى المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب، عن أنه لن يعترف بمجلس القيادة هذا. انظر: Taj Aden News Website, June 21, 2009, http://tajaden.org/bayanat/467.html (تمت الزيارة في 20 أغسطس/آب 2009). بعد أيام قليلة، أعلن أحد أعضاء المجلس، وهو ناصر نوبة، عن أنه لم يحضر اجتماع الضالع الذي تم تشكيل المجلس بموجبه، وبدلاً من هذا زعم أنه رئيس "السلطة الوطنية العليا لرئاسة الجنوب"، وأن السلطة الوطنية العليا هي "الجهة الوحيدة المخولة بالتحدث بالنيابة عن [الحراك الجنوبي] والحوار مع أي طرف آخر" مما يوحي بوجود صراعات داخلية على السيطرة على الحراك. (بيان ناصر النوبة، بتاريخ 13 يونيو/حزيران 2009، توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش).

[28] انظر على سبيل المثال ناصر نوبة: "ندعو الشعب الجنوبي إلى المشاركة في هذه الفعالية [لذكرى انسحاب الجيش البريطاني]... بتمسكهم بالقيم المدنية والسلوك الحضاري والأساليب السلمية في التعبير عن الرأي". "المجلس الأعلى لتحرير الجنوب وهيئة الحراك السلمي بعدن يدعوان الجنوبيين للاحتفال بعيد الاستقلال بعدن"، مداخلات من ناصر أسعد لمنتدى المجلس اليمني الحواري، 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، على: http://www.ye1.org/vb/showthread.php?t=304437 (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009). وتعليقات ليحيى الشعيبي عن الطبيعة السلمية للحراك، وفي مهمد حميدي "النائب الشنفرة: حرمان أبناء الجنوب من الوظيفة والثروة ومحاولة طمس تاريخهم وهويتهم هو أشد انواع الإرهاب"، الأيام، 24 سبتمبر/أيلول 2008، على: http://www.ye1.org/vb/archive/index.php/t-284724.html (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009).

[29] انظر على سبيل المثال، Hammoud Mounassar, “Yemeni president urges dialogue after deadly clashes,” AFP, May 21, 2009 (اقتباس من الرئيس صالح يتهم فيه "الخارجين عن القانون الذين يهدفون إلى إصابة الأمة وأمنها وإثارة الاضطرابات" بالتسبب في الوفيات أثناء مظاهرة في عدن)، وانظر: “Aden Governor: No clashes between citizens and security,” Saba News, May 21, 2009 (اقتباس لمحافظ عدن عدنان الجفري يذكر فيه أن مسلحين ضمن "العناصر الفوضوية" التي "أثارت الاضطرابات والأعمال التخريبية" هي المسؤولة عن مقتل متظاهر"، انظر: One Killed, Four Wounded in Yemen Unrest,” Maktoob Business, July 25, 2009 (تصريح من موقع وزارة الدفاع يتهم الناشطين "المعادين للوحدة" بإطلاق النار من فوق أسطح البيوت وأنهم وراء الإصابات والخسائر.

[30] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ناصر باحبيب، صنعاء، 10 يوليو/تموز 2009.

[31] هذه الحوادث موصوفة بشكل أكثر تفصيلاً أدناه. انظر الفصل الخامس: الاستخدام غير القانوني للقوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين.

[32] مقابلات هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع ياسر، مستشفى الحبيلين، 3 مايو/أيار 2009، ومع صلاح الشنفرة، نائب البرلمان، الضالع، ومع بركان تنبه، الحبيلين، 5 مايو/أيار 2009. انظر أيضاً: "توسع رقعة المواجهات المسلحة وأرتال من الدبابات وقاذفات الصواريخ تصل إلى ردفان"، صحيفة الأيام، 1 مايو/أيار 2009  http://www.al-ayyam.info/default.aspx?NewsID=b056428e-d616-40ec-9f47-55556bfe1938 (تمت الزيارة في 20 أغسطس/آب 2009).

[33] المسلحون، في مقابلات مع الصحفي، يطلقون على أنفسهم لقب "الذئاب الحمر"، إشارة إلى جماعات التحرير الوطني المسلحة المستلهمة للأفكار الماركسية الذين قاتلوا القوات البريطانية أثناء الفترة الاستعمارية، في الأعوام بين 1964 إلى 1967. انظر: Vitaly Naumkin, The Red Wolves of Yemen: The Struggle for Independence (London: Oleander Press, 2004)

[34] السابق.

[35] تسجيل فيديو لدى هيومن رايتس ووتش.

[36] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الصحفي قائد نصر الردفاني، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[37] في 28 يوليو/تموز 2009، وتقريباً في تمام الساعة الثانية صباحاً، تم نصب كمين لنقطة تفتيش عسكرية بالقرب من لودر في حبيلين، مما أسفر عن مقتل أربعة جنود، لكن هذا الحادث وقع في منطقة أخرى تختلف عن منطقة المصادمات الأولى، ويُرجح أن يكون على صلة بمصادمات 23 يوليو/تموز في بيت الفضلي، وهو الصدام المذكور أدناه.

[38] بعض الروايات الصحفية زعمت وفاة نحو 16 شخصاً في القتال. طبقاً لمحافظ أبين، أحمد الميسري، فإن 8 أشخاص قُتلوا وأصيب 18 آخرين، منهم ستة رجال شرطة. انظر: Mohammed al-Kibsi and Abd al-Aziz Oudah, “Confrontations in Abyan Result in Tens of Deaths and Injuries,” Yemen Observer, July 25, 2009. إلا أن الأطباء في مستشفى الرازي في زنجبار ومستشفى 28 مايو في عدن، قالوا لأسوشيتد برس إن مستشفيهما تلقيا 10 جثث وأن شخصين آخرين ماتا متأثرين بالإصابات في المستشفى. انظر: Ahmed Al-Haj, “Security Forces Kill 12 Protestors in Yemen,” Associated Press, July 25, 2009.

[39] انظر: John F. Burns, “Yemen Links to bin Laden Gnaw at F.B.I. in Cole Inquiry,” New York Times, November 26, 2000, http://www.nytimes.com/2000/11/26/world/yemen-links-to-bin-laden-gnaw-at-fbi-in-cole-inquiry.html?pagewanted=all (تمت الزيارة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2009). الفضلي، الذي كان رفيقاً لأسامة بن لادن في أفغانستان في الثمانينات، أعلن في عام 2009 رفضه لأي صلات تربطه بالقاعدة في اليمن، قائلاً إن تورطه في أفغانستان يعود إلى أكثر من عشرين عاماً، وأنه أصبح يرحب بدعم الغرب لجنوب اليمن. انظر: Arafat Madayash and Sawsan Abu-Hussain, “Al Qaeda Calls for Islamic State in South Yemen,” Al-Sharq al-Awsat, May 14, 2009, http://www.aawsat.com/english/news.asp?section=1&id=16728 (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009). طارق الفضلي سليل سلطان أبين الذي جاء بتعيين بريطاني، واسرته ربحت أراضي كثيرة أثناء فترة الحكم البريطاني... وقد حارب في أفغانستان أثناء الحرب الأفغانية السوفيتية، ونال سمعة القائد العسكري للمقاتلين العرب الأفغان. وإثر عودته إلى اليمن في عام 1993، تناقلت التقارير إنشاء الفضلي لمعكسرات تدريب في جنوب اليمن للعرب الأفغان – العرب الذين حاربوا في أفغانستان – وهاجم مقاتلوه حكومة جنوب اليمن، التي أممت أراضي أسرته... وكان على صلة بسلسلة تفجيرات استهدفت مسؤولين اشتراكيين في نوفمبمر/تشرين الثاني 1992. وحاولت السلطات القبض عليه من معقله الجبلي في مراقيشة، لكنها لم تتمكن من تجاوز تجهيزاته الدفاعية... انظر: Gordon Waterfield, Sultans of Aden (London: Stacey International, 2002), Eric Watkins, “Yemeni Extremists Heed the Call,” BBC, December 30, 1998, and Whitaker, Birth of Modern Yemen صفحات 111 إلى 113.

[40] انظر ياسر حسن "الخبجي يدعو إلى تغيير "مجلس قيادة الثورة" لأنه "ليس قرآنا" وفيه "إشكالات"، المصدر أونلاين، على: http://www.almasdaronline.com/index.php?page=news&news_id=2190 (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009).

[41] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع طارق الفضلي، أبين، 27 أغسطس/آب 2009.

[42] السابق.

[43] انظر: Arafat Madayash and Sawsan Abu-Husain, “Al Qaeda Call for Islamic State in Southern Yemen,” Al-Sharq al-Awsat, May 14,2009, http://www.aawsat.com/english/news.asp?section=1&id=16728 (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009).

[44] انظر: “Civil War Fears as Yemen Celebrates Unity,” BBC, May 21, 2009

[45] تسجيلات فيديو على موقع youtube توجد نسخ منها لدى هيومن رايتس ووتش.

[46] تسجيلات فيديو على موقع youtube توجد نسخ منها لدى هيومن رايتس ووتش.

[47] طبقاً لمحافظ أبين، أحمد الميسري، فإن القتال بدأ عندما حاول المتظاهرون اقتحام السجن: "بعد أن انتهوا [من الخطب] اتجهوا إلى معسكر الأمن المركزي وأعلنوا بمكبرات الصوت أنهم سيحاولون إخلاء سبيل بعض السجناء بالقوة"، انظر: Mohammad al-Kibsi and Abd al-Aziz Oudah, “Confrontations in Abyan Result in Tens of Deaths and Injuries,” Yemen Observer, July 25, 2009

[48] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع طارق الفضلي، أبين، 27 أغسطس/آب 2009.

[49] انظر: Mohammad al-Qadhi, “Killings Deepen Yemeni Rift,” The National (UAE), July 21, 2009.

[50] انظر: Zaid al-Alaya’a, “Police Arrested 2 Suspects of Murder of Three Shopkeepers in Lahj,” Yemen Observer, July 18, 2009.

[51] انظر: Mohammad al-Qadhi, “Killings Deepen Yemeni Rift,” The National (UAE), July 21, 2009

[52] انظر: Arafat Madayash and Sawsan Abu-Hussain, “Al Qaeda Calls for Islamic State in Southern Yemen,” Ashrarq Alawsat.

[53] انظر: Abdul Hameed Bakier, “Al Qaeda in Yemen Supports Southern Secession,” Jamestown Foundation, Terrorism Monitor vol.7, no. 16, June 12, 2009

[54] انظر: NEFA Foundation, “Transcript of Mustafa Abu al-Yazid’s Interview on Al-Jazeera,” June 22, 2009

[55] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع سفير، تم حجب الاسم ومكان وموعد المقابلة بناء على طلبه. عبد الحميد بكير، خبير الاستخبارات بشأن مكافحة الإرهاب كتب قائلاً: "تسجيل الوحيشي الصوتي الذي يدعم فيه الحراك في جنوب اليمن، هو في الواقع محاولة لاستغلال الوضع والسيطرة على منطقة الجنوب لأن القاعدة لن تتحالف أبداً مع من لا يلتزمون بالسلفية الجهادية، دعك من الشيوعيين الكفار". انظر: “Al Qaeda in Yemen Supports Southern Secession,” Jamestown Foundation, Terrorism Monitor vol.7, no. 16, June 12, 2009.

[56] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مادة 21.

[57] انظر: Manfred Nowak, UN Covenant on Civil and Political Rights: CCPR Commentary (Kehl am Rhein: N.P. Engel, 1993) صفحات 386 و387.

[58] قرار جمهوري بقانون رقم 29 لسنة 2003 بشأن تنظيم مظاهرات ومسيرات، مادة 4 و19.

[59] قانون بشأن تنظيم مظاهرات ومسيرات، مادة 9.ج، و16.

[60] من الواضح أن الأحزاب السياسية لا يمكن حظرها لأنها من منطقة بعينها أو لأن برنامجها انفصالي. انظر على سبيل المثال حُكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في "الحزب الشيوعي الوحدوي التركي ضد تركيا"، قرار (19393/92) (1986) 26 E.H.R.R. 121. انظر أيضاً اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، حكم رقم 75/92، مؤتمر كانتاغيسي الشعبي ضد زائير، تقرير النشاط الثامن، 1994 – 1995.

[61] قانون بشأن تنظيم مظاهرات ومسيرات، مادة 13 و17.

[62] قانون بشأن تنظيم مظاهرات ومسيرات، مادة 8 و9.

[63] مدونة الأمم المتحدة الخاصة بسلوك مسؤولي إنفاذ القانون، أقرتها الجمعية العامة في 17 ديسمبر/كانون الأول 1979، G.A. res. 34/169, annex, 34 U.N. GAOR Supp. (No. 46) at 186, U.N. Doc. A/34/46 (1979) مادة 3.

[64] المبادئ الأساسية لاستخدام القوة والأسلحة النارية من قبل مسؤولي إنفاذ القانون، أقرها المؤتمر الثامن للأمم المتحدة بشأن منع الجريمة ومعاملة المجرمين، هافانا، 27 أغسطس/آب حتى 7 سبتمبر/أيلول 1990، U.N. Doc. A/CONF.144/28/Rev.1 at 112 (1990) المبدأ الرابع.

[65] السابق، مبدأ 5 (أ).

[66] السابق.

[67] السابق، مبدأ 8.

[68] انظر على سبيل المثال: "قتيل باحتجاجات جنوب اليمن"، Aljazeera.net, July 25, 2009, http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F4E6419A-D3DB-4B12-A944-421B0790C44D.htm (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009)، وأصيب شخصان عندما فتحت الشرطة النيران على المتظاهرين الذين اعترضوا طريق في زنجباراستهداف جديد لأحد صحفيي الجزيرة باليمن، Aljazeera.net, June 23, 2009, http://www.aljazeera.net/NR/exeres/68F71DC6-C275-47EA-8BD3-FD13EBC4E625.htm (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009).

[69] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع د. هدى البان، وزيرة حقوق الإنسان، صنعاء، 19 يوليو/تموز 2009.

[70] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الخالق مثنى عبد الله، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[71] السابق، انظر أيضاً: Hammoud Mounassar, “Four Killed in Yemen Clashes,” Agence France Presse 31 مايو/أيار 2009، وذكر: "في وقت مبكر من يوم الأحد قُتل متظاهر يمني وأصيب خمسة آخرين في مصادمات عندما فتحت الشرطة النيران لتفريق مظاهرة في الضالع شمالي ميناء عدن الجنوبي، والعاصمة لجنوب اليمن السابق. أحد المتظاهرين، توفيق الجعدي، مات أثناء إجراء عملية جراحية له في المستشفى. وقد أصابته رصاصة، حسبما قال مصدر طبي بعد الحادث. وقال شهود عيان إن الشرطة تبادلت إطلاق النار مع المتظاهرين الذين كانوا يرفعون اللافتات عليها شعارات ضد الحكومة. واندلع العنف مجدداً في المستشفى عندما حاولت الشرطة اعتقال متظاهر مُصاب، مما أدى إلى إصابات في صفوف الشرطة والمتظاهر، حسب أقوال الشهود".

[72] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد سعيد بن سهيل، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[73] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع والد عواض سعيد برام، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[74] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الناصر صالح أحمد عبيد، عدن، 10 يوليو/تموز 2009. انظر ايضاً مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الخالق مثنى عبد الله، عدن، 10 يوليو/تموز 2009: "وصلت إلى ساحة الهاشمي حوالي الساعة الثامنة. عندما وصلت كانت الساحة ممتلئة عن آخرها. كانت قوات الأمن هناك، ومنها الأمن المركزي والشرطة النظامية ووحدات من الجيش، ولا يمكن معرفة لمن تنتمي القوات المتواجدة على وجه التحديد. وكانوا يملأون أرجاء الساحة".

[75] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نصر نصر عبد الله حموزيبة، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[76] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبادي ناجي علي السهيل، عدن، 13 يوليو/تموز 2009.

[77] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد فاضل حيدر عزب، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[78] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الخالق مثنى عبد الله، عدن، 10 يوليو/تموز 2009. وبصفته ناشط في الحراك، شهد على هذا الحادث وكذلك حادث وقع بعده في الضالع (انظر أعلاه)، والضالع تبعد عدة ساعات بالسيارة أو الحافلة عن عدن.

[79] انظر: Mohammed Mukhashaff, “Three Killed as Police Disperse South Yemen Protest,” Reuters, May 21, 2009; “Yemen Denies Reports of Deadly Clashes,” CNN, May 22, 2009; Hammound Mounassar, “Yemeni President Urges Dialogue After Deadly Clashes,” Agence France-Presse, May 21, 2009

[80] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبادي ناجي علي السهيل، عدن، 13 يوليو/تموز 2009. متظاهر مصاب آخر قال: "كنا نسمع الرصاصات تصيب جدران المستشفى، فنزلنا من أسرتنا وزحفنا إلى الجدار. ثم سقط الغاز المسيل للدموع في شرفة المستشفى، ودخل الدخان إلى الحجرات". مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نصر نصر عبد الله حموزيبة، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[81] السابق، وانظر: “Yemen Denies Reports of Deadly Clashes,” CNN, May 22, 2009

[82] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع كريم زين ثابت، عدن، 10 يوليو/تموز 2009.

[83] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع كريم زين ثابت، عدن، 10 يوليو/تموز 2009.

[84] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أيمن سالم محسن علي، عدن، 10 يوليو/تموز 2009.

[85] السابق.

[86] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع وليد قاسم أسعد شعيبي، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[87] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ثابت بن حازم القحوري، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[88] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ثابت عبيد حازم القحوري، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[89] انظر: “Four Dead in Yemen Protests,” AFP, January 13, 2008 (يزعم وفاة ثلاثة أشخاص ورجل شرطة).

[90] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أبو بكر صالح أبو بكر البكري، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[91] انظر: “YEMEN: Fissiparous Tendencies as Unrest Flares in South?,” IRIN, May 13, 2009, http://www.irinnews.org/Report.aspx?ReportId=84359 (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009). [تُرجم نص التصريح من الإنجليزية للعربية].

[92] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محرري صحف يمنية، صنعاء، 8 يوليو/تموز 2009.

[93] انظر: Nasser Arrabyee, “Yemen: Even Mountains Erode,” Arab Reform Initiative, June 3, 2009.

[94] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إدارة صحيفة الأيام، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[95] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إدارة صحيفة الأيام، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[96] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الناصر صالح أحمد عبيد، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[97] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عصام مهدي علي، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[98] العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أقرته الجمعية العامة في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، قرار: G.A. Res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 49, U.N. Doc. A/6316 (1966), 993 U.N.T.S. 3 دخل حيز النفاذ في 3 يناير/كانون الثاني 1976، مادة 12.

[99] لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، "أمور هامة ناشئة عن تطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، تعليق عام رقم 14، الحق في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، , E/C.12/2000/4 (2000), http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/40d009901358b0e2c1256915005090be?Opendocument (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009).

[100] السابق.

[101] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عزب، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[102] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع وليد شعيبي، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[103] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ثابت القحوري، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[104]انظر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي،  "Fact Sheet no. 26," http://www.unhchr.ch/html/menu6/2/fs26.htm (تمت الزيارة في 8 سبتمبر/أيلول 2008).

[105] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أقرته الجمعية العامة في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، G.A. Res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171 دخل حيز النفاذ في 23 مارس/آذار 1976، مادة 9.

[106] دستور جمهورية اليمن، مادة 48 (أ).

[107] دستور جمهورية اليمن، 2001، مادة 48 (ب).

[108] السابق، مادة 48 (ج).

[109] قانون العقوبات، اليمن، مادة 246.

[110] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عريف الحليمي، ناشط بالحراك الجنوبي ومحامي، عدن، 11 يوليو/تموز 2009. الحليمي قال إن قيادات الحراك أحياناً ما اتُهموا بـ "المساس بالوحدة" و"تشكيل منظمات" دون ترخيص و"تكدير السلم". انظر أيضاً: حالة حقوق الإنسان في اليمن. في أسبوع 27، موقع: Al-Taghyir.net, August 11, 2009, http://www.al-tagheer.com/news.php?id=10236 (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009). ويرد في التقرير بدء محاكمة 25 ناشطاً من الحراك بتهمة المشاركة في فعالية غير مرخص لها، أمام محكمة حوت.

[111] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عبد الله حسني، عدن، 11 يوليو/تموز 2009. جميع الأقوال المذكورة بشأن معاملته مستقاة من هذه المقابلة.

[112] تتراوح درجة الحرارة بالنهار في عدن شهر يناير/كانون الثاني بين 25 إلى 27 درجة مئوية.

[113] السابق.

[114] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نصر نصر عبد الله حموزيبة، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[115] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع وليد قاسم أسعد شعيبي، عدن، 11 يوليو/تموز 2009. أدلى الرئيس علي عبد الله صالح بتعليقات عنصرية مشابهة في مكالمة هاتفية لمؤيدي الحكومة أثناء احتفالات يوم الوحدة في الضالع، وقال فيها للجمهور أن قيادات الحراك "عملاء أجانب ويمثلون الاحتلال البريطانية. أحدهم في الأصل هندي والآخر أندونيسي، إنهم ليسوا يمنيين. أنا جاد، انظروا إلى وجهه، إنه ليس يمنياً، يبدو كالهنود!... لا تسمعوا إلى الانفصاليين، هؤلاء من الهند وأبناء الهنود، وأبناء الصوماليين وآخرين". تسجيل صوتي لمكالمة للرئيس صالح توجد نسخة منها لدى هيومن رايتس ووتش.

[116] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع وليد قاسم أسعد شعيبي، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[117] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سعيد سالم بافراج، عدن، 13 يوليو/تموز 2009.

[118] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامية الأغربي، صنعاء، 9 يوليو/تموز 2009.

[119] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خميس محيريق، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[120] القات هو أوراق شجرة القات التي تُزرع في اليمن ويمضغه أغلب الرجال اليمنيين، وعدد النساء اليمنيات اللاتي يتعاطينه بشكل يومي في فترة العصر في تزايد، ويتم تناوله بمضغ الأوراق وتخزينها في الوجنة. أغلب أوقات الاستراحة والعمل تتم في جلسات منفصلة للرجال والنساء لمضغ القات، ويُفضل أن تكون في المفرج، وهو حجرة استراحة. وهو يحتوي على مادة مُنبهة وتصنفه منظمة الصحة العالمية كمادة مُخدرة. زراعة القات تستهلك أغلب الموارد المائية القليلة في اليمن.

[121] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سعيدة سالم بافراج، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع قريب لياسر عبد الله بامثقال، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع صهر ياسر عبد الله بامثقال، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[122] السابق.

[123] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شقوق ناصر محفوظ باقزقوز، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[124] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الله سالم جمبين، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[125] النوبة بعد الإفراج عنه: رفضت توقيع أي تعهد بوقف نشاطي السياسي وسأزاوله من الليلة، عدن برس، 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2007.

[126] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نصر محمد صالح، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[127] انظر: “President Pardons Detainees of Inciting Regionalism, Separation,“ Sabanews.Net; Sept. 11, 2008, http://www.sabanews.net/en/news163807.htm (تمت الزيارة في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2009).

[128] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع يحيى غالب شعيبي، عدن، 10 يوليو/تموز 2009، ومؤسسة عدن للمرأة والشباب، مركز حقوق الإنسان، تقرير يوليو/تموز 2009، توجد نسخة مع هيومن رايتس ووتش.

[129] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع يحيى غالب شعيبي، محامي، وناصر الخبجي، نائب برلماني، وناصر النوبة، عميد متقاعد، من زعامات الحراك الجنوبي وكانوا مختبئين لدى التحدث إليهم بين 10 و15 يوليو/تموز 2009.

[130] الأيام، 23 أبريل/نيسان 2009، على: http://www.al-ayyam.info/Default.aspx?NewsID=a2ad1f7d-3c80-49f4-a38f-0281ca7ee832 (تمت الزيارة في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2009). و“Man who provided rebels with information about missiles to be tried, Saba News Agency, June 12, 2009,  http://www.sabanews.net/en/news186238.htm (تمت الزيارة في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2009).

[131] انظر: Mohammed Bin Sallam, “Protests, Trials Continue,” Yemen Times, June 3, 2009, http://cc.bingj.com/cache.aspx?q=qasim+askar&d=76767331559523&mkt=en-US&setlang=en-US&w=416b5d7c,21f5b02b (تمت الزيارة في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2009).

[132] اتفاقية حقوق الطفل، أُقرت في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1989، 1577 U.N.T.S. 3 (دخلت حيز النفاذ في 2 سبتمبر/أيلول 1990)، مادة 1.

[133] اتفاقية حقوق الطفل، مادة 37 (ب)، انظر أيضاً قواعد الأمم المتحدة الخاصة بحماية الأحداث المحرومين من حريتهم، فقرة 2. ومعايير الأمم المتحدة الدنيا الخاصة بإدارة العدالة للأحداث ("قواعد بكين")، G.A. res. 40.33, annex, 40 U.N. GAOR Supp. (No. 53), p. 207, U.N. Doc A/40/52 (1985), فقرة 13.

[134] اتفاقية حقوق الطفل، مادة 3. بموجب قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المحرومين من حريتهم، فقرة 28:

"يجب ألا يتم احتجاز الأحداث إلا في ظروف تأخذ في الحسبان احتياجاتهم الخاصة بهم ووضعهم والمتطلبات الخاصة وفقاً للسن والشخصية والنوع الاجتماعي ونوع الجريمة، وكذلك الصحة النفسية والبدنية، ولضمان حمايتهم من الآثار الضارة والأوضاع الخطيرة. المعيار الأساسي لفصل مختلف فئات الأحداث المحرومين من حريتهم يجب أن يكون توفير الرعاية الأفضل التي تفي بالاحتياجات الخاصة بالأفراد المعنيين بشكل خاص وحمايتهم بدنياً ونفسياً وضمان سلامتهم".

[135] قواعد بكين، فقرة 10، مجموعة مبادئ حماية جميع الأشخاص الخاضعين لأي من أشكال الاحتجاز أو الحبس، مبدأ 16 (3).

[136] انظر اتفاقية حقوق الطفل، مادة 37 (ج) (يعامل كل طفل محروم من حريته بإنسانية واحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، وبطريقة تراعى احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه). قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المحرومين من حريتهم، فقرة 29، قواعد بكين، فقرة 13.4، المعايير الدنيا لمعاملة السجناء، أقرها مؤتمر الأمم المتحدة الأول المعني بمنع الجريمة ومعاملة المجرمين في 30 أغسطس/آب 1955، جنيف 1955، ووافق عليه مجلس الأمم المتحدة الاقتصادي الاجتماعي بقرار رقم 663 C (XXIV)، 31 يوليو/تموز 1957، و2076، 13 مايو/أيار 1977، فقرة 8(ب).

[137] قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المحرومين من حريتهم، فقرة 17.

[138] انظر: "كشف أولي بأسماءالمعتقلين في حضرموت، بينهم أطفال دون ال 18 من العمر"، Adenpress.com 12 يوليو/تموز 2009. توحد نسخة مطبوعة لدى هيومن رايتس ووتش، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع ناشطمن الشهر، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[139] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الله سالم جمبين، المُكلا، 14 يوليو/تموز، ومتابعة هاتفية في 17 يوليو/تموز 2009.

[140] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أم عمر حباني، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[141] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أم عمرو حباني، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[142] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أبو عمر، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[143] السابق.

[144] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسين عبد الرحمن السقاف، المُكلا، 14 يوليو/تموز 2009.

[145] الصحف التي كانت توزع ثم تعرضت للتجميد هي الأيام والمصدر والوطني والديار والمستقلة والنداء والشارع والأهالي. انظر ايضاً: اليمن: يجب وقف الحملة على الصحف، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 15 مايو/أيار 2009، على: http://www.hrw.org/ar/news/2009/05/15-0

[146] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامية الأغربي، مسؤولة الحريات العامة، نقابة الصحفيين، صنعاء، 8 يوليو/تموز 2009، ومع سامي غالب، رئيس تحرير صحيفة النداء، صنعاء، 8 يوليو/تموز 2009. وطبقاً لما ذكراه، فإن محامٍ تابع للنقابة قال بأن القانون لا يمنح وزارة الإعلام إلا صلاحية وقف النشر جراء خروقات لتصريح الصحيفة، مثلاً عندما تنشر صحيفة أسبوعية بشكل يومي، لكن لا علاقة لصلاحيات الوزارة تلك بمحتوى الصحف نفسه.

[147] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع د. هدى البان، وزيرة حقوق الإنسان، صنعاء، 19 يوليو/تموز 2009. قال صحفي إن المحكمة بدأت بالنظر في القضايا أواخر يونيو/حزيران أو مطلع يوليو/تموز.

[148] انظر، هيومن رايتس ووتش، وقائع الاختفاء والاعتقالات التعسفية في سياق النزاع المسلح مع المتمردين الحوثيين في اليمن، أكتوبر/تشرين الأول 2008، صفحات 38 إلى 45.

[149] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مادة 19.

[150] نص مبادئ جوهانزبرغ متوفر على: http://www.article19.org/pdfs/standards/joburgprinciples.pdf/

[151] جمهورية اليمن، قانون رقم 25 (1990)، بشأن الصحافة والمطبوعات، 22 ديسمبر/كانون الأول 1990، مواد 3 إلى 6.

[152] السابق، مادة 4.

[153] قانون رقم 25 (1990)، بشأن حرية الصحافة والمطبوعات، 26 ديسمبر/كانون الأول 1990، مادة 103 (2) إلى (4) تحظر نشر "ما يمس المصلحة العليا للبلاد من وثائق ومعلومات سرية أو إفشاء أسرار الأمن والدفاع عن الوطن وفقاً للقانون [و] ما يؤدي إلى إثارة النعرات القبلية أو الطائفية أو العنصرية أو المناطقية أو السلالية وبث روح الشقاق والتفرقة بين أفراد المجتمع [و] ما يؤدي إلى ترويج الأفكار المعادية لأهداف ومبادئ الثورة اليمنية أو المساس بالوحدة الوطنية أو تشويه التراث والحضارة اليمنية والعربية والاسلامية".

[154] السابق، مواد 104 إلى 106. في يوليو/تموز 2008، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على عبد الكريم الخيواني، الصحفي البارز، بالسجن ستة أعوام جراء كتاباته الانتقادية في عام 2007 بشأن الحرب في الشمال بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية. حتى فريق دفاع الخيواني لم يتمكن من أن يشرح لـ هيومن رايتس ووتش على وجه التحديد الاتهامات بحق الخيواني. الرئيس صالح عفى عن الخيواني في 25 سبتمبر/أيلول 2008 وأمر بالإفراج عنه.

[155] المادة 107.

[156] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رئيس تحرير إحدى الصحف، تم حجب مكان المقابلة وتاريخها.

[157] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رئيس تحرير صحيفة، تم حجب مكان المقابلة وتاريخها.

[158] طبقاً لأسرة بشراحيل، مُلاك الصحيفة، ففي 12 فبراير/شباط 2008، حاولت مجموعة من المسلحين رش لوحة تعلن ملكية مجمع الأيام في صنعاء لأصحابها بالطلاء، والمجمع يستضيف أيضاً بعض أفراد الأسرة المالكة للصحيفة، وقال المسلحون: "المنزل ملك للشيخ أحمد الحبري". طبقاً لأسرة بشراحيل، فإن الشيخ الحبري معروف باستيلائه على الممتلكات باستخدام صلاته بالرئيس في مصادرة الممتلكات بشكل غير قانوني. وقد نشب تراشق بالأسلحة النارية بين مجموعة المسلحين وحراس المكان، مما خلف أربعة من المسلحين مصابين، ومات أحدهم. وإثر تبادل إطلاق النار تم احتجاز أحد حراس الأيام – "عمير العبادي" – من قبل قوات الأمن وأحاطت قوات الأمن بالمكان، وطالبوا أسرة بشراحيل بتسليم أحد أفراد الأسرة كرهينة إلى أن تتم الوساطة القبلية مع أسرة القتيل. وما زالت مشكلة هجوم 12 فبراير/شباط على الأيام مستمرة، فأسرة القتيل هددت بالثأر لمقتله، ورغم أن الرئيس على عبد الله صالح تكرر وعده بالتدخل المباشر في القضية، فإنه لم يفعل هذا حتى الآن. بدلاً من هذا استمرت السلطات في استخدام القضية المفتوحة ضد مُلاك الأيام في الضغط عليهم للتخفيف من وطأة تغطيتهم لأزمة الجنوب. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مُلاك صحيفة الأيام، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[159] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بشراحيل هشام بشراحيل،  23 يوليو/تموز 2009، ما لم يُذكر خلاف ذلك، فإن جميع التصريحات والمعلومات الواردة بشأن الأيام جاءت من هذه المقابلة.

[160] السابق، انظر أيضاً: Committee to Protect Journalists, “Government Seizes Newspaper Offices in Yemen,” May 4, 2009

[161] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رؤساء تحرير للصحف، صنعاء، 8 يوليو/تموز 2009، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع هيئة تحرير الأيام، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[162] انظر: Yemen: Police Raid Paper, Wound Three,” IFEX press release, May 13, 2009, http://www.ifex.org/yemen/2009/05/13/police_raid_al-ayyam/ (تمت الزيارة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2009). وقرار خطي من وزارة الإعلام يأمر بمصادرة جميع النسخ المطبوعة من خمس صحف، هي المصدر والوطني والديار والنداء والشارع، بتوقيع من مدير عام الصحافة، بتاريخ يبدو أنه 4 مايو/أيار 2009. توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش... وحاجج صحفي من نقابة الصحفيين بأن الوزارة ليس لديها صلاحية تجميد نشر الصحف، رغم أن بإمكانها مصادرة عدد معين ينتهك قانون الصحافةوالمطبوعات، بعد المراجعة القضائية والطعن. واعتبر أن القانون لا ينص إلا على تجميد الصحف في حالة انتهاك شروط الترخيص، مثل عندما تنشر صحيفة أسبوعية بشكل يومي. ولا توجد مثل هذه الصلاحيات الإدارية على المحتوى المنشورلأي مطبوعة تلتزم بشروط ومواصفات ترخيصها.

[163] انظر: Committee to Protect Journalists, “CPJ Alarmed by Yemen Government’s newspaper censorship,” May 7, 2009 [ليست الكلمة الأصلية، مُترجمة من الإنجليزية للعربية].

[164] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رؤساء تحرير لبعض الصحف، صنعاء، 8 يوليو/تموز 2009، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع هيئة تحرير الأيام، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[165] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامي غالب، رئيس تحرير النداء، صنعاء، 9 يوليو/تموز 2009.

[166] لجنة حماية الصحفيين، رسالة إلى الرئيس علي عبد الله صالح، 22 مايو/أيار 2009.

[167] انظر صحيفة يمن تايمز، 12 يوليو/تموز 2009.

[168] انظر: “First Press and Printing Court Ruling Goes for al-Nida; Local and International Denounce Threats Targeting al-Jazeera Crew in Sana’a,” Yemen Post, August 2, 2009.

[169] مقابلة هيومن رايتس وتش مع سامية الأغربي، ممثلة نقابة الصحفيين اليمنية، صنعاء، 8 يوليو/تموز 2009.

[170] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامي غالب، رئيس تحرير النداء، صنعاء، 9 يوليو/تموز 2009.

[171] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هيئة تحرير الأيام، عدن، 11 يوليو/تموز 2009.

[172] نقابة الصحفيين اليمنية، بيان، 10 أغسطس/آب 2009.

[173] السابق.

[174] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قائد نصر علي، عدن، 10 يوليو/تموز 2009. التصريحاتوالمعلومات في الفقرة التالية مستقاة من المقابلة.

[175] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع وجدي الشعبي، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[176] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع وجدي الشعبي، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[177] السابق.

[178] انظر: Article 19/IFEX, “Dark Days for Yemeni Media,” June 2, 2009

[179] انظر: Ibn Alshibani, “One killed because the Occupation forces storming to one of the Hotels and Prevent Al-Jazeera crew to leave the Hotel,” South Arabia Times, July 7, 2009 http://sa-times.co.cc/breaking-news/one-killed-because-the-occupation-forces-storming-to-one-of-the-hotels-and-prevent-al-jazeera-crew-to-leave-the-hotel/ (تمت الزيارة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2009).

[180] انظر: استهداف جديد لأحد صحفيي الجزيرة باليمن، Aljazeera.net, 23 يونيو/حزيران 2009، على: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/68F71DC6-C275-47EA-8BD3-FD13EBC4E625.htm (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009).

[181] انظر: “Yemeni Parliament (sic.) demanded to close al-Jazeera office in Sana’a,” Yemen Post, July 13, 2009.

[182] انظر: Reporters Without Borders, “Al-Jazeera Journalist Harassed and Threatened Over Coverage of Southern Unrests,” July 28, 2009; Arabic Network for Human Rights Information/IFEX, “Authorities Threaten to Close al-Jazeera Office,” July 16, 2009

[183] انظر: Committee to Protect Journalists, “Al-Jazeera Bureau Chief Threatened in Yemen,” July 27, 2009.

[184] انظر: Article 19/IFEX, “Al-Jazeera Journalist Warned About Covering Southern Yemen,” April 20, 2009

[185] انظر: Committee to Protect Journalists, “Al-Jazeera Bureau Chief Threatened in Yemen,” July 27, 2009.

[186] انظر: AdenGulf.Net, “Statement from AdenGulf.Net on the Editor’s Kidnapping,” June 19, 2009

[187] انظر: CPJ, “Editors Detained, Special Court Established in Yemen,” May 12, 2009

[188] انظر: Yemen Journalist Syndicate, “YJS condemns extraordinary actions against Rashid, Assaqdali,” July 5, 2009.

[189] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ناشطين من منتدى حواري، صنعاء، 10 يوليو/تموز 2009.

[190] لجنة حماية الصحفيين، “Yemeni Web sites apparently blocked,”  25 يناير/كانون الثاني 2008.

[191] السابق.

[192] انظر: Rashad al-Shar’abi, China to the Rescue (of Internet Freedom in Yemen), MENASSAT, July 2, 2008

[193] تورطت المملكة في حرب شمال اليمن الأهلية في الستينات وكانت العدو التقليدي أيديولوجياً للحزب الاشتراكي اليمني الماركسي. إلا أن في عام 1994 وقفت السعودية إلى جانب جنوب اليمن في الحرب الأهلية، رغم أنها لم تعترف بإعلانها الاستقلال. (Kostiner, Yemen, p.95.)

[194] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع أحد أقارب علي شايف، 13 يوليو/تموز 2009.

[195] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع أحد أقارب علي شايف، 13 يوليو/تموز 2009.

[196] السابق.

[197] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامية الأغربي، مسؤولة بنقابة الصحفيين، صنعاء، 9 يوليو/تموز 2009.

[198] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذ جامعي، ق. أ. أ.، تم حجب الاسم، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[199] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ق. أ. أ.، تم حجب الاسم، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[200] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذ جامعي، أ. ي.، تم حجب الاسم، عدن، 13 يوليو/تموز 2009.

[201] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذين جامعيين، ق. أ. أ.، وأ. ي.، تم حجب الاسماء، عدن، 12 و13 يوليو/تموز 2009.

[202] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عبد الله مثنى، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[203] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذ جامعي، ق. أ. أ.، تم حجب الاسم، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[204] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذ جامعي، م. س.، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[205] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ق. أ. أ.، 12 يوليو/تموز 2009.

[206] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ق. أ. أ. 12 يوليو/تموز 2009.

[207] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قريب لحسين عاقل  ، عدن، 13 يوليو/تموز 2009.

[208] السابق.

[209] انظر: “Court Prosecutes Yemeni Professor,” Alsahwa-yemen.net news website, October 10, 2009, http://www.alsahwa-yemen.net/view_nnews.asp?sub_no=401_2009_10_10_73388 (تمت الزيارة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2009).

[210] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رشيد عجينة، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[211] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد أقارب صالح يحيى سعيد، عدن، 13 يوليو/تموز 2009.

[212] السابق. طبقاً لأستاذ زميل، "حاولت الشرطة القبض على د. سعيد، لكنه رفض الخروج من بيته. وهو مثل أغلب اليمنيين، لديه أسلحة في بيته، من ثم خشوا من الدخول. في ثقافتنا من العار السماح للناس بالدخول إلى بيتك لاعتقالك. فقالت الشرطة له: ما إن تخرج من بيتك فسوف نعتقلك". مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذ جامعي، م. س.، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[213] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ق. أ. أ.، 12 يوليو/تموز 2009.

[214] السابق.

[215] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع م. س.، 12 يوليو/تموز 2009.

[216] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الخالق مثنى عبد الله، عدن، 11 يوليو/تموز 2009. جميع الأقوال والإشارات التالية الواردة في هذا الجزء مستقاة من هذه المقابلة.