Human Rights Watch
HRW World Report 1999
Over View - MENA
MENA Overview
Human Rgiths Developments
Human Rights Defenders
International Community
Work of Human Rights Watch
Algeria
Bahrain
Egypt
Iran
Iraq & Kurdistan
Israel
Saudi Arabia
Syria
Tunisia
دور المجتمع الدولي

الاتحاد الأوروبي

كانت حقوق الإنسان تتمتع بموقع بارز ومعلن في جدول أعمال الاتحاد الأوروبي بالنسبة للجزائر، بسبب القلق الذي ساور الرأي العام في أوروبا إزاء عدم مساءلة أحد عن مذابح المدنيين في ذلك البلد. وكانت اسـتجابة بعض البلدان، ومن أهمها فرنسا، تتمثل في تيسير السياسات التي تتبعها في منح تأشيرات الدخول، وحاول الاتحاد الأوروبي إقناع الجزائر بقبول المعونة الإنسانية وزيارة بعض مقرري حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة، ولكن الجزائر رفضت هذه المبادرات، ولم يكن القلق الرسمي من جانب الاتحاد الأوروبي كافياً للقيام بخطوات أخرى، مثل اقتراح إصدار قرار من جانب لجنة حقوق الإنسان، بسبب معارضة الدول التي تربطها بالجزائر روابط قوية ـ تتمثل في المصالح السياسية والاقتصادية ـ وخصوصاً فرنسا وإسبانيا وإيطاليا.

وورد أن عدداً من الدول الأوروبية أثار قضايا أخرى في مجال حقوق الإنسان، وبعض حالات انتهاكها، في الاجتماعات التي عُقدت مع المسؤولين الحكوميين في بعض البلدان الأخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأثارت ألمانيا وبعض الدول الأخرى بعض القضايا الخاصة بإيران، علناً، ولكن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" لم تسمع بأن بواعث القلق المذكورة كان لها تأثيرها في السياسات التجارية أو في الاتجاهات السياسية القائمة، باستثناء رفض بريطانيا استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران حتى تعلن طهران عن إلغاء الفتوى الخاصة بإهدار دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي. وأعلنت الحكومة البريطانية أيضاً، في مناسبة واحدة على الأقل، أنها قد أثارت قضايا انتهاكات محددة لحقوق الإنسان مع حكومة البحرين.

وأصدرت المفوضية الأوروبية وثيقة في 16 يناير/كانون الثاني تقول فيها إن "الجمود الذي أصاب المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين قد انتقلت عدواه إلى المبادرات الدولية الأخرى التي تهدف إلى استقرار المنطقة وازدهارها". وكان أهم ما يشغل بال الاتحاد الأوروبي هو أن الأزمة أصبحت تمثل خطراً على ما يُسمى بعملية برشلونة، والمقصود بها مبادرة الاتحاد الأوروبي، التي بدأت في مؤتمر القمة الذي عقد في برشلونة عام 1995، لإنشاء منطقة أمن للتجارة الحرة والتعاون بين أوروبا ودول البحر المتوسط. وقام جاك سانتر، رئيس المفوضية الأوروبية، بزيارة إلى المنطقة في فبراير/شباط، فزار مصر وإسرائيل والضفة العربية وغزة والأردن وسوريا ولبنان. وكان جدول أعماله يتضمن استعراض حالة اتفاقيات المشاركة المعقودة مع حكومات تلك البلدان، والمشروع الأوسع نطاقاً باعتبار دول أوروبا والبحر المتوسط شركاء، ويقوم كل منهما، أي اتفاقيات المشاركة ومشروع الشركاء، على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديموقراطية، ولكن المفوضية لم تحدد علناً الدور الذي أُنيط بحقوق الإنسان في مناقشات سانتر، إن كان قد أُنيط بها أي دور.

وقامت المملكة المتحدة أثناء رئاستها للاتحاد الأوروبي في الفترة من أول يناير/كانون الثاني حتى 30 يونيو/حزيران، بزيارتين على مستوى عالٍ للشرق الأوسط. ففي شهر مارس/آذار قام وزير الخارجية روبن كوك بزيارة إلى إسرائيل وسوريا ولبنان ومصر والأردن، في محاولة لإحياء المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي إبريل/نيسان قام توني بلير، رئيس الوزراء، بزيارة القاهرة، وغزة، والقدس، وعمان، والرياض. وركزت اجتماعاته على المفاوضات وعلى استثمارات المملكة المتحدة والفرص التجارية المتاحة.

وأكدت الجزائر ومصر وإسرائيل والبحرين، في تعاملها مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه أن الموضوع الرئيسي للحوار السياسي والتعاون يجب أن يكون الإرهاب، لا حقوق الإنسان. ولم يجنح الجانب الأوروبي إلى الاعتراض على ذلك علناً إلا في مناسبات عارضة، ففي شهر مايو/أيار اجتمع وزراء داخلية إيطاليا وفرنسا والبرتغال والجزائر والمغرب وتونس في نابولي، وقال المسؤولون الجزائريون إن الاجتماع أدى إلى إنشاء فريق عامل لتدعيم التعاون في مكافحة الإرهاب. وفي أوائل يونيو/حزيران عقد وزراء الخارجية في البلدان الشركاء من أوروبا والبحر المتوسط اجتماعاً غير رسمي في باليرمو لفحص وضع عملية برشلونة التي كان يبدو أنها توقفت. وقال روبن كوك وزير الخارجية البريطاني إنه تم الإعراب في الاجتماع عن القلق العميق إزاء توقف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، واتفق على عقد اجتماع خاص مكرس لاتخاذ تدابير تعاونية للقضاء على الإرهاب.

وقامت عدة بلدان أوروبية باعتقال عدد من الجزائريين والمصريين، وغيرهم من العرب، المقيمين فيها، للاشتباه في صلتهم بجماعات المعارضة التي تستعمل العنف في المنطقة، وحظيت تلك الاعتقالات بدعاية واسعة. ففي أوائل سبتمبر/أيلول بدأت السلطات الفرنسية محاكمة جماعية لبعض الأشخاص الذين كانت قد قبضت عليهم في عامي 1994 و 1995، ويبلغ عددهم 138 شخصاً، واتهمتهم بالانتماء إلى شبكة واسعة تقدم الدعم، من حيث الإمداد والتموين، للجماعات الإسلامية المسلحة، وقالت إن مقر الشبكة يقع في منطقة باريس.

وربما كان عزوف أوروبا عن الحديث علناً عن قضايا حقوق الإنسان في الشرق الأوسط يرجع، في جانب منه، إلى أن بلدان المنطقة ما زالت مصـدراً رئيسياً للواردات الأوروبية من الطاقة، وسوقاً رئيسية للصادرات الأوروبية، بما في ذلك السلع والخدمات العسكرية. وتقول أحدث البيانات التي جمعها جهاز البحوث في الكونغرس الأمريكي إن اتفاقيات المبيعات المعقودة مع بلدان المنطقة، وأغلبها مع بلدان مجلس التعاون الخليجي، كانت تمثل 82 في المائة من إجمالي اتفاقيات المبيعات العسكرية الفرنسية مع البلدان النامية في الفترة 1994 - 1997. وكانت النسبة الخاصة ببريطانيا 36 في المائة. أما من حيث البضائع العسكرية التي تسلمتها المنطقة فعلاً، أي العقود التي نُفّذت، فكان الشرق الأوسط يستأثر بنسبة 45 في المائة من الأسلحة الفرنسية التي وصلت إلى البلدان النامية، ونحو 88 في المائة من الأسلحة التي باعتها المملكة المتحدة. وكانت النسبة هي 69 في المائة فيما يتعلق بالبلدان الأوروبية الأخرى (باستثناء ألمانيا وإيطاليا).

الولايات المتحدة

استمرت الولايات المتحدة، بفضل وجودها العسكري ومبيعاتها العسكرية، وبفضل التزامات المعونة الأجنبية واستئثارها باهتمام المسؤولين على أعلى مستوى، تنهض بأكبر دور بين جميع الدول الأجنبية في الشرق الأوسط، ومع ذلك فلا يكاد يوجد من المؤشرات ما يدل على أن إدارة الرئيس كلينتون قد حاولت استخدام قدرتها على الضغط في تعزيز حقوق الإنسان في المنطقة، ولم تلح من واشنطن بادرةٌ تنم عن أن الانتهاكات الخطيرة والمنتظمة التي يرتكبها حلفاؤها الأقربون، مثل مصر وإسرائيل والمملكة العربية السعودية والبحرين، سيكون لها أدنى تأثير في علاقات الولايات المتحدة بهذه البلدان.

ولقد أثارت الإدارة الأمريكية موضوع حقوق الإنسان في تعاملها مع بعض البلدان، إذ دعا المسؤولون الأمريكيون الجزائر في أوائل عام 1998 إلى التحلّي بمزيد من الشفافية والاهتمام بحقوق الإنسان في حملتها لمكافحة المتمردين. وأعربت وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت، وغيرها من المسؤولين، في عدة مناسبات عن الترحيب بالجهود الإصلاحية التي يبذلها الرئيس خاتمي في إيران، كما أعلن المسؤولون في الولايات المتحدة إدانتهم لاضطهاد البهائيين في إيران، في أعقاب إعدام أحد أتباع المذهب البهائي في يوليو/ تموز. وقالت وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت وكذلك مساعد وزيرة الخارجية مارتن إنديك في سبتمبر/ أيلول، إن الإدارة الأمريكية تقوم حالياً بجمع المعلومات الخاصة بالفظائع وجرائم الحرب التي ارتكبتها الحكومة العراقية، إذ قد تحتاج لاستخدامها في محاكمة خاصة. وقال دافيد شيفر، السفير المتجول المعني بقضايا جرائم الحرب، أثناء زيارته للكويت في مايو/ أيار، إن موعد إنشاء المحكمة الخاصة لا يزال قيد التكهنات، "ولكن أولويتنا المباشرة هي إعداد السجل بصورة مقنعة ... إلى الحد الذي لن يستطيع المجتمع الدولي معه أن يتجاهل ما تكشف عنه الأدلة".

وكانت المناسبة الوحيدة التي أعلنت فيها إدارة الرئيس كلينتون عن بواعث قلقها بشأن حقوق الإنسان في معظم بلدان الشرق الأوسط في عام 1998 هي التقارير القطرية التي نشرتها وزارة الخارجية في يناير/ كانون الثاني، وكانت الفصول الخاصة بالشرق الأوسط تتميز بمستواها الرفيع، بصفة عامة

وكانت البلدان التي تتلقى أكبر قدر من المعونة العسكرية والاقتصادية الأمريكية، وتشتري أكبر قدر من الأسلحة الأمريكية تنتهك حقوق الإنسان انتهاكات جسيمة في عام 1998، ولم يكد أي مسؤول أمريكي يشير إلى ذلك علناً. وكان تقديرات الإدارة الأمريكية عن السنة المالية 1999 المقدمة إلى الكونغرس تشير إلى أن المبيعات العسكرية الأجنبية، التي تمولها الحكومة، إلى بلدان الشرق الأوسط، وبصفة رئيسية إلى مصر وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، سوف تصل إلى 4,38 مليار دولار، وهو ما يمثل أكثر من 49 في المائة من برنامج المعونات المذكورة للسنة المالية 1998، وأن نصيب المنطقة سوف يزيد إلى 59 في المائة من مجمل البرنامج في السنة المالية 1999، وكانت مصر وإسرائيل تستأثران بما يزيد على ملياري دولار تقريباً من أموال الدعم الاقتصادي، أي ما يربو على 83 في المائة من إجمالي الدعم للسنة المالية 1998

وقد حدد مساعد وزيرة الخارجية مارتن إنديك في الوثيقة 12 هدفاً من "أهم الأهداف الدائمة" لسياسات الولايات المتحدة في المنطقة، وكان من بينها "تشجيع الاتجاه نحو العمليات السياسية الديموقراطية، واحترام سـيادة القانون، وزيادة احترام حقوق الإنسان، وتحسين الفرص المتاحة للمرأة، وتوسيع مؤسسات المجتمع المدني". وتشير بقية الوثيقة، إلى جانب السياسات الفعلية، إلى أن الأولويات الرئيسية للإدارة الأمريكية هي استمرار المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والدول العربية، لضمان الانتفاع الكامل والآمن بموارد الطاقة في الخليج العربي، والحفاظ على أمن جميع الشركاء في المنطقة، وتخفيض الحواجز أمام استثمارات الولايات المتحدة وصادراتها إلى المنطقة.

وجاء في الوثيقة أن الإدارة قد "زادت من تأكيد الولايات المتحدة على حقوق الإنسان، وإضفاء الطابع الديموقراطي، وسيادة القانون". ولكن لم يكن من السهل تبين هذا التأكيد في ميزانية الولايات المتحدة أو في سياساتها إبان عام 1998. وأشارت الإدارة الأمريكية في هذا الصدد إلى البرنامج الدولي للتعليم والتدريب في المجال العسكري، والذي تأتي بمقتضاه أعداد صغيرة من ضباط الجيش من الجزائر، والبحرين، ومصر، والأردن، ولبنان، والمغرب، وعمان، وتونس، واليـمن إلى الولايات المتحدة للتعليم، والذي يتضمن التدريب في مجال حقوق الإنسان. كما أشارت إلى صندوق الديموقراطية الإقليمي للشرق الأوسط، الذي تزايدت موارده من 750 ألف دولار في السنة المالية 1997 إلى ما يقدر بخمسة ملايين دولار في السنة المالية 1998. ويقدم الصندوق المعونة في الانتخابات، مثل وسائل رصد عمليات الاقتراع، إلى جانب منح صغيرة لتدعيم المنظمات غير الحكومية المحلية في المنطقة. ولم يكن قد اتضح حتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول مقدار المبالغ التي تم تخصيصها أو صرفها من هذا الصندوق. وقدمت الولايات المتحدة مبلغاً يقدر بنحو 94 مليون دولار لمساعدة اللاجئين في المنطقة في السنة المالية 1998، وكان معظمه من خلال "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" التابعة للأمم المتحدة، كما دعم الصندوق بعض برامج "المفوضية العليا لشؤون اللاجئين" بالأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر

وقالت وزارة الخارجية أيضاً في هذه الوثيقة إنها تهدف إلى ضمان التأكيد في الرسالة الإعلامية/ الجماهيرية للولايات المتحدة على ضرورة الاستمساك بالممارسة الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، وإبراز هذين العنصرين. ومع ذلك، فلم تكن حقوق الإنسان بارزة على الإطلاق في سياق الدبلوماسية المعلنة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ففي عام 1998 قام نائب الرئيس الأمريكي آل غور، ووزير الدفاع وليام كوهين بزيارة المملكة العربية السعودية، ومصر، وإسرائيل، كما قامت وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت بزيارة إسرائيل والأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية. وتباحث الرئيس كلينتون ووزيرة الخارجية مادلين أولبرايت في واشنـطن مع مسؤولي المملكة العربية السعودية وإسرائيل والبحرين والسلطة الفلسطينية، وغيرهم من قادة المنطقة، كما قام ستيوارت أيزنستات وكيل وزارة الخارجية للشؤون الاقتصادية، بزيارة إلى تونس وإسرائيل، وقام مساعد وزيرة الخارجية مارتن إنديك بعدة رحلات إلى المنطقة. ولم تشأ الإدارة أن تغتنم أياً من هذه المقابلات الدبلوماسية للإشارة علناً إلى قلقها بشأن الممارسات المثيرة للاستنكار في مجال حقوق الإنسان في تلك الدول

وقالت الوثيقة المقدمة إلى الكونغرس إن حقوق الإنسان كانت تمثل عناصر مهمة في الحوار الدبلوماسي الذي دار مع حكومات المنطقة. ومع ذلك فإنه يبدو أن التحركات الأمريكية بشأن حالات أو انتهاكات محددة في بعض البلدان قد كانت قليلة. والظاهر أن ذكر حقوق الإنسان قد اقتصر على التأييد العارض للمبدأ، أو، في أقصى تقدير، على بعض عبارات القلق إزاء الأوضاع الداخلية. وقد حدث في حالة واحدة على الأقل، وهي حالة البحرين، أن الولايات المتحدة تقاعست عن إثارة حالات انتهاك محددة مع الحكومة، ومن ثم قوضت، فيما يبدو، التحركات الدبلوماسية البريطانية بشأن تلك الحالات في عام 1998

حكومات المنطقة

كانت الحكومات في المنطقة تكاد تلتزم الصمت، فلا تعلق أي منها على ممارسة غيرها من الحكومات في مجال حقوق الإنسان، وإن كانت غالبيتها على استعداد لانتقاد سجل حقوق الإنسان للاحتلال الإسرائيلي، وكانت إسرائيل تسارع بالرد عليها، ولكن الحكومات العربية امتنعت عن مساءلة بعضها البعض عن الانتهاكات الجسيمة. وكان مما يبعث على الكدر أن تلتزم حكومات المنطقة الصمت إزاء أزمة حقوق الإنسان في الجزائر في حين يعرب المجتمع الدولي عن قلقه، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعندما وقعت سلسلة من المذابح الكبرى في أوائل يناير/ كانون الثاني، قام مهاب مقبل، مبعوث الجامعة العربية بزيارة الجزائر وأدلى بتصريح يكرر فيه رفض الحكومة للتدخل الدولي قائلاً: "إن مهمتي الرئيسية تنحصر في تأييد الجزائر ... ورفض أي تدخل أجنبي في الجزائر لأن هذه مسألة داخلية"

وفي يناير/ كانون الثاني عقد مجلس وزراء الداخلية العرب اجتماعاً مغلقاً في تونس أقر فيه بالإجماع اتفاقية واسعة النطاق للتعاون في مكافحة الإرهاب، وهي المبادرة التي كانت مصر والجزائر قد اقترحتاها أول الأمر منذ عدة سنوات. واعتُمد الاتفاق رسمياً، وهو يتكون من 43 مادة، ويُعرف باسم "اتفاقية مكافحة الإرهاب"، يوم 22 إبريل/ نيسان، في دورة مشتركة استثنائية لوزراء الداخلية والعدل العرب في القاهرة. ويلتزم الموقعون على هذه المعاهدة باتخاذ إجراءات شتى تتراوح بين إحكام الرقابة على الحدود لمنع تسلل الأشخاص والأسلحة وبين تبادل المعلومات وإجراءات تسليم المطلوبين

واعترض "المركز العربي لاستقلال القضاء والعاملين بالمهن القانونية"، وهو هيئة مستقلة مقرها القاهرة، على الاتفاقية قائلاً إنها قد وسعت من مفهوم الجرائم الإرهابية دون مبرر. كما قال إن الاتفاقية تشـكل خطراً على حرية وسلامة الأفراد لأنها تُلزم الحكومات بالعمل على اتخاذ ترتيبات لتسليم الأشخاص يجوز بموجبها لحكومة ما وضع الأفراد قيد الحبس الاحتياطي مدة قد تصل إلى ثلاثين يوماً بمجرد تسلم طلب كتابي من دولة أخرى عضو في الاتفاقية، ومدة قد تصل إلى ستين يوما حتى لو لم يكن طلب التسليم الرسمي كاملاً. وقال المركز المذكور إنه يخشى أن تسيء الدول استخدام أحكام اتفاق تسليم الأشخاص بغرض مضايقة خصومها السياسيين، بحيث تستعمل الحبس الاحتياطي لمدد طويلة كشكل من أشكال الاعتقال الفعلي

ووقّعت عدة بلدان في المنطقة "المعاهدة الدولية بشأن حظر إنتاج واستعمال الألغام الأرضية المضادة للأفراد"، وكان من بينها الجزائر والأردن وقطر وتونس، ولكن اليمن وحدها هي التي صادقت على المعاهدة. واستـضاف الأردن في يوليو/ تموز مؤتمراً إقليمياً لشبكة الناجين من الألغام الأرضية، أعلنت الملكة نور فيه قرار مجلس الوزراء الأردني بالمصادقة على هذه المعاهدة

وشاركت حكومات المنطقة في المؤتمر الدبلوماسي الذي عُقد في روما في يونيو/ حزيران-يوليو/ تموز، والذي وافق بأغلبية 120 صوتاً مقابل سبعة أصوات على المعاهدة الدولية التي تنص على إنشاء محكمة الجنايات الدولية حتى تنظر في قضايا جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. وكانت دول الشرق الأوسط قد أبدت اعتراضها، أثناء الاجتماعات التحضيرية ومفاوضات روما، على النصـوص القانونية التي تدعم استقلال المحكمة وفاعليتها، وخصوصاً على التصدي لجرائم الحرب في غضون الصراعات الداخلية، والجرائم الخاصة بالمرأة، ولكن معظم هذه الدول قامت بتعديل مواقفها التي كانت تعوق إقرار المعاهدة أثناء المؤتمر، بل أعرب الكثير منها، إضافة إلى جامعة الدول العربية، في وقت لاحق عن تأييده للنص النهائي للمعاهدة. وكانت قائمة الدول التي صوتت ضد المعاهدة تضم خمساً من دول المنـطقة هي العراق، وإسرائيل، وليبيا، وقطر واليمن ـ هذا إلى جانب الصين والولايات المتحدة. وحتى منتصف أكتوبر/ تشرين الأول كانت الأردن هي الدولة الوحيدة من دول المنطقة التي وقعت فعلاً على المعاهدة، وكان مجموع الدول الموقعة عليها قد بلغ58 دولة


Return to the Top