Human Rights Watch
HRW World Report 1999
MENA Overview
Human Rights Developments
Human Rights Defenders
International Community
Algeria
Bahrain
Egypt
Iran
Iraq & Kurdistan
Israel
Saudi Arabia
Syria
Tunisia
التطورات في مجال حقوق الإنسان

لم يطرأ تحسن على أوضاع حقوق الإنسان، بل إنها تدهورت في بعض المجالات، مع احتدام الصراع على السلطة بين أنصار البرنامج الإصلاحي للرئيس خاتمي وأولئك الذين يريدون بقاء السلطة في القبضة القوية لمجموعة مغلقة من الحكام الملالي المرتبطين بمرشد الجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي. وبينما ساعد التنافس السياسي بين هذه الجماعات، الآخذة في الاستقطاب بشكل مطّرد، على تسليط الأضواء على القضايا المهمة لحقوق الإنسـان، فإنه يبدو من جانب آخر وكأنه يدفع إلى انتهاك حقوق الإنسان ويشجع على ذلك، من خلال سعي المتشـددين من رجال القضاء وأعضاء المجلس التشريعي لتبديد الجهود التي يبذلها الرئيس الإيراني محمد خاتمي من أجل تطبيع العلاقات الإيرانية مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بتصريحاته المؤيدة للحقوق الأساسية ولدور القانون. وقد قُوبلت الجهود المبذولة في سبيل الإصلاح بالقمع وإطـلاق التهديدات باستخدام المزيد من العنف. ففي إبريل/نيسان، على سبيل المثال، حذر قائد فرق الحرس الثوري الجنرال يحيى رحيم صفوي الإصلاحيين قائلاً "إننا نسـعى لاستئصال المناهضين للثورة حيثما وُجدوا، وعلينا أن نقطع رقاب بعضـهم ونقطع ألسنة آخرين منهم". وبعد ذلك بأيام، هدد الجنرال صفوي قائلاً:"سوف نتعقبهم عندما يحين وقت قطافهم ... فالثمار تُجْنَى عندما تنضج، وما زالت الثمار لم تنضج بعدُ"

وقد تزايد عدد الذين أُعدموا إثر محاكمات جائرة، ويدخل في عداد ذلك حالات الرجم العلني حتى الموت. ولأول مرة منذ 1992 يتم إعداد أحد البهائيين داخل السجن. وتعرض أتباع الأقليات الدينية المختلفة إلى التمييز الطائفي والاضطهاد، ومن بينهم المسلمون السنيون والمسيحيون البروتستانت واليهود. وكان المعارضون البارزون، بما في ذلك كُتّاب وصحفيون، عرضة للاعتقال التعسفي، كما أُغلقت بعض الصحف المستقلة. وصدرت قوانين جديدة تفرق في معاملة النساء وتهدف إلى تقييد النقاش حول حقوق المرأة. واسُتخدم التعذيب على نطاق واسع في أثناء التحقيقات، وتقاعست الحكومة عن اتخاذ خطوات لإيقاف الهجمات العنيفة التي تشنها جماعات الحراس التي تعمل بمثابة منفذ لتعليمات الملالي المحافظين والمعروفة باسم "أنصار حزب الله". ومع زيادة التوتر في العلاقات مع حـكام أفغانستان من حركة "طالبان" قامت حشود من الجماهير بالهجوم على اللاجئين الأفغان وضربهم مما أدى إلى وفاة عدد منهم. ويُذكر أن في إيران أكثر من مليون لاجئ أفغاني يعيشون بها منذ سنوات عدة بعد أن فرّوا من الحرب الأهلية في أفغانستان.

وأُعدم مئات الأشخاص بعد محاكمات لم تف بالحد الأدنى من المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. ففي يونيو/حزيران، ذكرت صحيفة "هم شهري" اليومية أن أربعة من الشبان قد أُعدموا في مدينة الأهواز جنوبي البلاد، وذلك لتهجمهم على الزعيم خامنئي وارتكابهم جريمة السطو المسلح. وذكرت جماعات المعارضة أن سبعة أشخاص أُدينوا بارتكاب الزّنا وطُبق عليهم حد الرجم في أكتوبر/تشرين الأول 1997، كما حُكم على ستة آخرين بالرجم في يناير/كانون الثاني، حسبما ورد. وفي 21 يوليو/تموز، أُعدم روح الله روحاني في مدينة مشهد لاتهامه بتحويل أحد المسلمين عن دينه إلى اعتناق البهائية. وكان هذا الإعدام بداية لتدهور أوضاع الأقلية البهائية المضطهدة اضطهاداً شديداً، حيث زُج في السجون بما لا يقل عن 15بهائياً، ومن بينهم سبعة معرضون للحكم عليهم بالإعدام، وذلك بسبب عقيدتهم. وفي سبتمبر/أيلول، وقع المزيد من الاعتقالات بين صـفوف البهائيين، حيث اعتُقل عشرات منهم خلال موجة جديدة من الاضطهاد. وفي مايو/أيار، أُلقي القبض على رجل الأعمال اليهودي روح الله كاخده زاده، ثم أُعدم شنقاً في السجن. ولم تُعلن أية تفاصـيل عن جريمته ولم يُعرف شئ عن أية إجراءات قانونية اتُبعت معه، حيث أُحيط هذا كله بالسرية. وفي يونيو/حزيران، قُتل مولوي إمام بخش ناروي، إمام المسجد السنيّ في مدينة ميان كنغ بإقليم سيستان وبلوشستان في جنوب شرق إيران، مما أدى إلى اندلاع مظاهرات نظمها سكان المدينة الذين يعتقدون بأن السلطات مسؤولة عن مقتل إمامهم. ويشكل أهل السنة أقلية في إيران التي يعتنق أغلب سكانها المذهب الشيعي، لكن غالبية الأكراد والبلوش هم من السنة مما يفاقم حدة التوتر الموجود فعلاً في العلاقات بينهم وبين السلطات المركزية في الدولة التي تتخذ من المذهب الشيعي ديناً رسمياً لها.

وكان من شأن المحاولات التي بذلها رجال القضاء وغيرهم، من أنصار الإبقاء على الوضع الحالي في إيران، بهدف تشـويه سمعة كبار معاوني ومناصري الرئيس خاتمي والحط من مصداقيتهم، أن تسلط الاهتمام في الداخل والخارج على مشـكلات حقوق الإنسان التي طال أمدها. ومن أمثلة ذلك محاكمة محافظ طهران غلام حسـين كراباشي بعد توجيه تهم الفساد إليه، والتي كشفت عن استخدام التعذيب على نطاق واسع في أثناء التحقيق مع المشتبه فيهم. وقد ورد أن الموظفين القضائيين حاولوا إقامة قضية ضد كراباشي على أساس اعترافات انتُزعت بالقوة من موظفي المحافظة ومن بينهم بعض العُمَد المنتـخبين ونوابهم. وعندما أُطلق سراح هؤلاء العمد المعتقلين بادروا بالشـكوى من المعاملة السـيئة التي لحقتهم وقدموا شهادات طبية تؤيد ادعاءاتهم. وقد أوردت الجـرائد المتـعاطفة مع الرئيـس خاتمي ومحافظ طهران هذه الأقوال على نطاق واسع

وفي مارس/آذار، صرح رئيس القضاة آية الله يزدي، في معرض رده على أسئلة عدائية من مراسلين صحفيين حول المعاملة التي يلقاها المسؤولون، بأن المزاعم المثارة "هي جزء من حملة سياسية تستهدف الشرطة والقضاء"، كما هدد يزدي المراسلين بتقديمهم للمحاكمة بتهمة "توجيه اتهامات لا أساس لها ضد الجهاز القضائي"

وفي مايو/أيار، استطاع فرج سركوهي الرئيس السابق لتحرير مجلة "أدينه" (انظر: التقرير السنوي لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" لعام 1998)، أن يبوح بمعلومات عن صنوف التعذيب وسوء المعاملة التي عانى منها أثناء اعتقاله، والتي كان من بينها محاولات وهمية لإعدامه. وقد صدرت هذه الأقوال عن فرج سركوهي بعد إطلاق سراحه من العقوبة بالسجن عاماً واحداً بتهمة توزيع مواد دعائية ضارة، وبعد السماح له بالسفر إلى ألمانيا للحاق بأسرته. وهكذا فإن تجربة سركوهي وكذلك شهادة معاوني محافظ طهران قد أظهرتا على الملأ استمرار تفشي التعذيب في السجون الإيرانية

وأظهرت محاكمة محافظ طهران العلنية، والتي شهدها مراسلون دوليون، مشكلات أخرى طويلة الأمد يعاني منها نظام العدالة الجنائية. ففي جلسة يونيو/حزيران، انتقد الدفاع حياد المحكمة قائلاً للقاضي: "إنه أمر لا يتفق مع مبادئ العدالة أن تشغل منصب قاضي التحقيق وقاضي المحكمة في نفس القضية". ويُذكر أن مهام الادعاء قد أُوكلت أيضاً إلى قاضي المحكمة في المحاكم العامة، التي أقيمت لأول مرة في عام 1994، وهو الأمر الذي يهدر ضمانات المحاكمة العادلة (انظر التقرير السنوي لعام 1995). كما جذب المحافظ الانتباه إلى تعذيب مساعديه وإلى عدم صلاحية أي شهادات خطية انتُزعت تحت الإكراه أثناء وجود أصحابها في السجن. وقد صدر الحكم بإدانة المحافظ ومعاقبته بالجلد والسجن خمس سنوات، غير أنه لا يزال طليقاً إلى حين البت في الاستئناف ضد هذا الحكم

كما كشفت محاكمة محافظ طهران بشكل جلي الانقسامات في صفوف قادة إيران والتي كثيراً ما أثرت سلبياُ على حماية حقوق الإنسان. ففي إبريل/نيسان، وعقب سجن محافظ طهران، انتقد وزير الداخلية عبد الله نوري "الإجراء التعسفي‎" الذي اتخذه القضاء، وأعلن أن وزارته سوف تشكل لجنة للدفاع عن المحافظ. وأدى انتقاد نوري للقضاء إلى اقتراع البرلمان على سحب الثقة منه، وقد جاء التصويت لغير صالحه ومن ثم عُزل من منصبه في 26 يونيو/حزيران. وقد ردّ الرئيس خاتمي على ذلك بتعيين عبد الله نوري في منصب نائب رئيس الجمهورية للتنمية والشؤون الاجتماعية

وقد أثار عبد الله نوري غضب العناصر المحافظة عندما طلب بإلغاء دور "مجلس الأمناء" في فرز أسماء المرشحين واستبعادهم من دخول الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو انتخابات "مجلس الخبراء"، وهو مجلس يتكون من 86 عضواً ويتولى مسؤولية اختيار قائد الجمهورية الإسلامية. وقد اعترض "مجلس الأمناء" تقريباً على جميع المرشحين المرتبطين بذوي الاتجاهات الإصلاحية في الانتخابات التي أُجريت في أكتوبر/تشرين الأول. وفي مايو/أيار، منح عبد الله نوري تصريحاً للطلاب بالتظاهر تأييداً للقوانين الإصلاحية التي تنظم عملية المشاركة في الانتخابات. وقد قامت جماعة من جماعات الحراس من "أنصار حزب الله" بتفريق مظاهرة سـلمية بالقوة كان قد انتظم فيها عدة آلاف من الطلاب في حديقة لاله بطهران، ولم تحرك الشرطة ساكناً أثناء ذلك. وفي أغسطس/آب، رفضت الحكومة، تحت ضغط العناصر المحافظة، أن تقدم إلى البرلمان مشروع قانون يحد من سلطات "مجلس الأمناء"

وبينما أظهرت المعاملة التي تلقاها عبد الله نوري ما يحدث من انتهاكات لحق المشاركة في الشؤون العامة وحرية التجمع، فضلاُ عن الأنشطة غير القانونية التي تقوم بها جماعات الحراس، فإن وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي عطا الله مهاجراني أصبح معروفاً بجهوده لزيادة التنوع في الصحافة الإيرانية عن طريق إصدار التصاريح لمطبوعات جديدة تحمل وجهات نظر مستقلة. وفي مقابل جهود مهاجراني أبدى القضاء حماساً متزايداً نحو إغلاق المطبوعات المستقلة والزج بالصحفيين والمحررين في السجون ومحاكمتهم، كما تزايدت هجمات جماعات الحراس على مكاتب الصحف، وأقر البرلمان قوانين جديدة تهدف إلى حظر المطبوعات التي تتعرض لحقوق النساء ولإصلاح قانون الأسرة

واستمرت تعرض الصحف للمضايقات وأوامر الإغلاق، سواء عن طريق القنوات الشرعية ممثلةً في محاكم الصحافة، أو عن طريق إجراءات إدارية خارج الإطار القانوني أو هجمات من جانب جماعات الحـراس. فقد احتُجز أكبر كَنجي، رئيس تحرير جريدة "راحه نو" الأسبوعية، بمعزل عن العالم الخارجي لمدة ثلاثة أشهر، في أعقاب خطبة ألقاها في مدينة شيراز وانتقد فيها سياسة الحكومة. وفي يناير/كانون الثاني، اتهم اتحاد الصحفيين، الذي تأسس حديثاً، رئيس القضاة "بإعاقة حرية الصحافة"، وذلك بعد تصريحه بأن القضاة غير ملزمين بتوضيح أسباب اعتقال أي شخص لوسائل الإعلام. وفي فبراير/شباط، حُظِرت النشرة الإخبارية التي يصدرها حبيب الله بايمان رئيس حزب "الحركة الإسلامية المجاهدة" غير المرخص، كما فُرضت عليه غرامة من خلال إجراءات لا تفي بالمعايير الدولية المتبعة للإجراءات الواجبة. وفي إبريل/نيسان، داهمت الشـرطة مكاتب ثلاث صحف يومية هي: "هم شهري" و"إيران" و"إيران ديلي نيوز" وكانت تؤيد جميعها محافظ طهران، وذلك في عملية تخالف الطرق التي حددها قانون الصحافة للتحقيق في أية مخالفات ترتكبها الصـحف. وفي يوليو/تموز، أُغلقت ثلاث صحف أخرى تحت وطأة الضغط الرسمي، وهذه الصحف هي: "بنشامبيها" و"كوزارشه روز" و"خانه". كما سُجِن رئيساً تحرير صحـيفتي "كوزارشه روز" و"خانه" لمدة أسبوع رهن التحقيق. وفي أغسطس/آب، أُغلقت صحيفة "جامه"، التي استطاعت في خلال شهور قليلة أن تكتسب سمعة طيبة وعدداً كبيراً من القراء لاستبسالها في المناداة بالإصلاح، وذلك على الرغم من مطالبة الادعاء في محكمة الصحافة بتطبيق أخف العقوبات. وفيما يبدو أنه تحول عن النهج المعتاد، صّرح وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي عطا الله مهاجراني بأن "الذين لا يلزمون حدودهم يمكن أن يصبحوا من خصوم الحرية وأعدائها". وبعد أيام قلائل من إغلاق صحيفة "جامه"، صدرت صحيفة أخرى اسمها "طوس"، وسرعان ما اتهمت "طوس" بأنها هي نفسها "جامه" قد عادت للصدور باسم جديد. وقد اعترض على ذلك رئيس القضاة آية الله يزدي قائلاً "إن إعادة إصدار جريدة سبق منعها بعد إعطائها اسماً جديداً أمرٌ غير قانوني، ولهذا فإننا نطلب من وزارة الثقافة أن تتخذ إجراءً بهذا الصدد قبل أن يقوم غيرها باتخاذه". وعقب هذه التصريحات، قامت مجموعة من "أنصار حزب الله" بمهاجمة مكاتب الصحيفة. ولم تخف الضغوط على صحيفة "طوس" من جانب العناصر المحافظة

ففي 15سبتمبر/أيلول، هدد آية الله خامنئي باستعمال المزيد من القوة خارج الإطار القانوني لإسكات الصحف المستقلة التي وصفها بأنها "حركة ثقافية خطيرة وتسللية ... تكتب ضد الإسلام"، وذلك ما لم يتخذ المسؤولون الحكوميون إجراءات ضدها. وفي اليوم التالي أُلقي القبض على حامد رضا جاليبور ومحمد جوادي حصار مديري صحيفة "طوس" ورئيس تحريرها ماشاالله شمسول وازين وعضو هيئة تحرير الصحيفة إبراهيم نبوي، وذلك بموجب أمر صادر من المحاكم الثورية لاتهامهم بنشر مقالات تهدد الأمن والمصالح العامة؛ وصدر الأمر بإغلاق الصحيفة. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أُطلق سراح الصحفيين الأربعة ولم تقدم السلطات أي سبب قانوني لاعتقالهم

وفي سبتمبر/أيلول صدر أمر إداري بإغلاق الصحيفتين المستقلتين "راحه نو" و"توانا". وأعلنت الهيئة القضائية أنها بصدد تكوين هيئة خاصة لمراقبة أداء الصحافة ولإحالة الكتاب إلى المحاكم الثورية. وقد احتجت وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي على هذه الخطوة، وأصرت على ضرورة التعامل مع المخالفات الصحفية طبقاً للقانون وعن طريق المحاكم العادية وأمام هيئة محلفين

وتعرضت حرية التعبير إلى التقييد بطرق أخرى. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1997، ألقى آية الله العظمى منتظري محاضرة في مدينة قُم انتقد فيها تفسير آية الله خامنئي لمبدأ "ولاية الفقيه" الذي يقوم على أساسه منصب قائد الجمهورية الإسلامية. وفي أعقاب ذلك، قام "أنصار حزب الله" بتفتيش مقر إقامته تفتيشاً دقيقاً. وعلى مدار العام وُضع آية الله العظمى منتظري تحت الإقامة الجبرية ومُنع من التدريس أو إبداء تعليقات على الشؤون العامة

ويُذكر أن منتظري كان قد اختير من قبل خليفة لآية الله الخميني. وفي فبراير/شباط، أمرت محكمة خاصة برجال الدين بتجميد جميع الأرصدة التي يتحكم فيها آية الله منتظري بما في ذلك أموال "الخُمس" التي يتلقاها من أتباعه الشيعة في إيران وفي شتى أنحاء العالم. كما اعتُقل العشرات من أقاربه وأنصاره بسبب آرائهم. ففي ديسمبر/كانون الأول 1997، على سبيل المثال، اعتُقل إبراهيم فردي زعيم "حركة حرية إيران" لمدة 11 يوماً، وذلك فيما يبدو لدوره في حشد التأييد لرسالة مفتوحة وقّع عليها 55 شخصاً يحتجون فيها على القيود المفروضة على آية الله منتظري. وفي إبريل/نيسان، اعتُقل حوالي 40 من تجار السوق (البازار) والمدرسين لقيادتهم مظاهرات للاحتجاج على القيود المفروضة على آية الله منتـظري نُظمت في بلدته نجف أباد التي تقع في وسط إيران. كما اعتُقل هادي هاشمي، زوج ابنة منتظري، في مايو/أيار واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي. وفي غضون الشهر نفسه، قُبض على محمد موحدي سافوجي، وهو ابن أحد أعضاء البرلمان، وحُكٍم عليه في سبتمبر/أيلول بالسجن عشرين شهراً، وذلك لمجاهرته بانتقاد المعاملة القاسية التي يلقاها آية الله منتظري

وفي يونيو/حزيران، اعتُقل الفقيه المستقل حجة الإسلام محسن سعيد زاده، وذلك على ما يبدو لانتقاده العلني لوضع المرأة في قانون الأسرة. ولم يُتح له الطعن أمام المحكمة في قانونية اعتقاله، كما لم يُسمح له بالاتصال بمحاميه، وكان لا يزال معتقلاً حتى لحظة كتابة هذا التقرير

واستمر حرمان أصحاب الآراء المعارضة، من خارج قيادات الملالي المتنابذة، من التعبير عن آرائهم، وكان من بين هؤلاء من ينتمون لأحزاب سياسية مثل "حركة حرية إيران" و"حزب الأمة الإيرانية". كما حُظرت مطبوعات المعارضة ودأبت جماعات الحراس على مهاجمة اجتماعاتها. وعلى النقيض من ذلك، وافقت لجنة الأحزاب السياسية في وزارة الداخلية، في مايو/أيار، على الترخيص لحزب "خُدام البناء" (كارغوزاران سزندغي)، الذي يتزعمه أنصار الملالي المرتبـطين بالدعوة للإصلاح الاقتصادي، ليصبح بذلك أول حزب سياسي. وجنحت جماعات الحراس، التي تنتهج أساليب العنف، إلى تقييد حرية تكوين الجمعيات والحد من النقاش السياسي، دون أن تتدخل السلطات لمنعهم من ذلك. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1997، أثارت عناصر من "أنصار حزب الله" الفوضى خلال خطاب كان يلقيه الفيلسوف المعارض عبد الكريم سوروش، وألحقت دماراً كبيراً بمكاتب اتحاد الطلبة في جامعة أمير كبير. وفي نفس اليوم، اعتدت نفس العناصر بالضرب على حشمة الله طبوزاده، أحد زعماء الطلبة الراديكاليين، لمطالبته بأن يكون انتخاب قائد الجمهورية الإسلامية عن طريق الاقتراع المباشر وبالحد من سلطات القائد. وفي مارس/آذار، قامت عناصر من "أنصار حزب الله" بفض مظاهرة نظمتها الطلبة في طهران احتجاجاً على دور "مجلس الأمناء" في استبعاد بعض المرشحين خلال الانتخابات البرلمانية التكميلية. وفي مايو/آيار، اعتدى بعضهم بالضرب على أحد المتحدثين وعطلوا مؤتمر للجراحين كان ينتقد مشروع قانون يقضي بالفصل بين الجنسين في تلقي الخدمات الصحية، بحيث لا يتولى أطباء من أحد الجنسين فحص مرضى من الجنس الآخر. وفي أعقاب اعتداء عدد من "أنصار حزب الله" على نائب لرئيس الجمهورية وأحد الوزراء بالضرب، أدلى الرئيس خاتمي بتصريح، في 11 سبتمبر/أيلول، قال فيه: "إن السلطات يجب ألا تتردد أو تأخذها الشفقة في التعامل مع هذا العنف المقيت الموجه ضد الحرية وحكم القانون. إن الخارجين على القانون، سواء عن جهل أو لغرض في أنفسهم، لا يفهمون أي منطق سوى منطق القوة". ولم يُتخذ أي إجراء ضد مرتكبي ذلك الهجوم العلني على اثنين من كبار المسؤولين الحكوميين

و كانت حقوق المرأة بمثابة ميدان آخر للمواجهة بين الإصلاحيين والقوى المحافظة في المجتمع. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، حقق الإصلاحيون بعض النجاح عندما وافق البرلمان على قانون يسمح للقضاة بأن يأمروا بوضع الأطفال الصغار في حضانة أُمهاتهم في قضايا الطلاق، إذا كان ذلك يخدم مصلحة الطفل المثلى. وقد عُدَّ هذا النجاح بمثابة نقطة مضيئة في عام اكتنفت فيه حقوق المرأة في إيران ظلال مختلفة، وإن كان قد شهد تحقق نجاح جماهيري ملحوظ للداعين إلى تغيير المعاملة التمييزية التي تتعرض لها المرأة، وخاصة داخل الأسرة

وقد رد المحافظون على النشاط المتزايد لدعاة حقوق المرأة بمحاولة حظره؛ ففي إبريل/نيسان، أجاز البرلمان مشروع قانون، لم يصبح بعد قانوناً، يجرم "زرع الفرقة بين الرجال والنساء عن طريق الدفاع عن [حقوق] المرأة خارج إطار الشريعة والقانون". ويسعى القانون المقترح إلى حظر طباعة صور النساء غير المحجبات في الصحف والمجلات. وقد عارض وزير الثقافة مهاجراني مشروع القانون المذكور، لكن الأغلبية المحافظة في البرلمان تغلبت على معارضته وأجيز القانون عند عرضه للمرة الثانية على البرلمان في أغسطس/آب

وفي جوٍ مشابه، تغلب البرلمان على المعارضة من جانب بعض الوزراء وعديد من عضوات البرلمان ومن أصحاب المهن الطبية، وصدّقَ على مشروع قرار يهدف إلى الفصل بين الجنسين في الخدمات الطبية. وقد نبّه كثير من المعلقين إلى عدم إمكان تطبيق هذا القانون من الناحية العملية، نظراً لعدم وجود العدد الكافي من الطبيبات للوفاء حتى بالحد الأدنى من المتطلبات الطبية لنساء إيران. وذكر البعض أن الأمر يحتاج إلى توظيف وتدريب آلاف الطبيبات الجديدات، كما اعترض أطباء النساء والتوليد على ذلك لأنهم سيصبحون من العاطلين. واعتبر الكـثيرون مشروع القانون بمثابة استعراض لقوة المحافظين في البرلمان، الذين عزموا على وضع حد للجهود الرامية إلى إصلاح قانون الأسرة. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أعاد "مجلس الأمناء" مشروع القانون إلى البرلمان دون الموافقة عليه

وكان فرض قانون الزي النسائي يتفاوت في حدته وفقاً لتغير المناخ السياسي. وقد فرضت عقوبات على النساء اللاتي اعتُقلن لعدم التزامهن بتغطية شعر الرأس وارتداء عباءة فضفاضة (شادور) تُخفي تفاصـيل الجسم، وتراوحت العقوبات بين دفع غرامة مالية أو الجلد 74 جلدة أو السجن لفترة أقصاها ثلاثة شهور. وقد زاد اعتقال النساء خلال مايو/أيار الذي وافق أيام شهر المحرم، وهي فترة حداد وتعبّد عند الشيعة. وفي الوقت نفسه اتسمت الاحتفالات بمناسبة تأهل الفريق الإيراني لنهائيات كأس العالم لكرة القدم في فرنسا، في يونيو/حزيران، باختلاط الجنسين والمخالفة العلنية لقانون الزيّ.

Return to the Top