Human Rights Watch
HRW World Report 1999
Over View - MENA
MENA Overview
Human Rgiths Developments
Human Rights Defenders
International Community
Work of Human Rights Watch
Algeria
Bahrain
Egypt
Iran
Iraq & Kurdistan
Israel
Saudi Arabia
Syria
Tunisia
المدافعون عن حقوق الإنسان

ربما كانت حركة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أحدث الحركات عهداً على مستوى العالم كله. ومع أن أنصارها ودعاتها من أبناء المنطقة لم يكفّوا عن نشدان قيم العدل والتسامح والاحترام المتبادل منذ أقدم العصور، بل منذ عهد الفراعنة في مصر، فإن حركة حقوق الإنسان الحديثة في المنطقة لم تظهر إلا في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، ولم تبدأ في التوسع إلا في أواخر الثمانينيات. وقد بلغ عدد مجموعات حقوق الإنسان في عام 1998أكثر من 20 مجموعة في مصر، وما لا يقل عن 12 مجموعة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد احتفلت أقدم مجموعة تستند إلى عضوية الدعاة في العالم العربي - وهي "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" ـ بالعيد الحادي والعشرين لإنشائها هذا العام، رغم أن قمع الحكومة لها عاق قدرتها على العمل في عام 1998. وقد نشطت مجموعات أخرى في الجزائر وإسرائيل والأردن والكويت ولبنان والمغرب واليمن، كما قامت المجموعات المقيمة خارج البلاد برصد أحوال حقوق الإنسان في البحرين وإيران والعراق وليبيا والمملكة العربية السعودية وسوريا والعديد من بلدان الخليج العربية الأخرى.

وكانت معظم منظمات حقوق الإنسان الملحية تركز، حتى منتصف التسعينيات، على الحقوق المدنية والسياسية. ولكن العديد من المجموعات قد أُنشئت في السنوات الأخيرة، خصوصاً في الأراضي التابعة للإدارة الفلسطينية وفي مصر، مع التركيز بصفة أولية على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. وما إن انفض المؤتمر العالمي لحقوق المرأة الذي عُقد في فيينا عام 1993، حتى بدأ التقارب والتعاون الوثيق في العمل بين حركة حقوق المرأة وحركة حقوق الإنسان في المنطقة. بل إن بعض منظمات حقوق الإنسان قد أنشأت في السنوات الأخيرة أقساماً خاصة بحقوق المرأة، وحاولت المنظمات الأخرى إدراج عنصر خاص بالمرأة في جميع برامجها.

ورغم النمو الباهر في حركة حقوق الإنسان، فقد كانت تتسم بالتفاوت في نطاقها الجغرافي. فكانت المجموعات توجد بصفة رئيسية في المغرب وتونس في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، وإن كانت بعض الأنشطة قد بدأت في مصر والضفة الغربية وقطاع غزة اللذين تحتلهما إسرائيل. وكان من دوافع نمو الحركة في البداية الاستياء من الأحزاب والحركات السياسية، وزيادة الوعي بتقاعس الأنظمة العربية عن تنفيذ ما التزمت به في أقوالها من إقامة العدل وتلبية الحقوق الأساسية. كما تزامن ازدياد الاهتمام على المستوى المحلي بحقوق الإنسان مع نهضة الإسلام السياسي وما بدا من تهديده لحقوق المرأة وحرية التعبير والعقيدة. كما اضطلع التأييد من جانب المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وأجهزة الإعلام المحلية والدولية، والتمويل الدولي، بأدوار حيوية في ظهور جيل جديد من الدعاة والمناصرين .

ولم يسلم نمو الحركة من النكسات والتحديات الكبرى. فكانت مجموعات حقوق الإنسان تفتقر إلى الوضع القانوني في كثير من بلدان المنطقة. وأدت الحرب الأهلية في الجزائر إلى تقليص نشاط مجموعات حقوق الإنسان هناك. كما راح ضحيتها في عام 1994 يوسف فتح الله، أمين عام "الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان". وقامت السلطات السورية بسحق الحركة الوليدة "للجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية وحقوق الإنسان" في سوريا، في عام 1992، وكان بعض كبار أعضائها لا يزالون في السجون بعد أن حُكم عليهم بعقوبات وصل بعضها إلى السجن عشر سنوات. وكان نائب رئيس "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" لا يزال في السجن عام 1998، إذ حُكم عليه بالحبس ثلاث سنوات، كما مُنع رئيسها السابق من السفر إلى الخارج. وفي الفترة الوجيزة التي انقضت على تولي السلطة الفلسطينية مقاليد الأمور في بعض أجزاء غزة والضفة الغربية اعتقل بعض كبار الدعاة مثل راجي الصوراني وإياد السراج فترات قصيرة، كما تعرض غيرهما من أنصار حقوق الإنسان للمضايقات والتهديدات، في محاولة للتكتم على أنباء المخالفات التي ترتكبها السلطة الفلسطينية.

ولكن التحديات تجاوزت حدود المضايقات وأعمال القمع الحكومية، وشملت بعض القضايا التي تمس صلب الحركة نفسها. وواصلت منظمات حقوق الإنسان نموها في مناخ سياسي معاد، وكانت تتعرض للهجوم من جانب جماعات المعارضة السياسية وأجهزة الإعلام، إلى جانب الحكومات نفسها. كما كانت الحركة تفتقر إلى القاعدة الاجتماعية العريضة، حيث تجلى ضعف مؤسسات المجتمع المدني على مستوى المنطقة بأسرها، إذ عجزت في الماضي عن تحديد مواقف مشتركة قائمة على حقوق الإنسان إزاء بعض القضايا ذات الطابع السياسي البارز مثل حرب الخليج عام 1991، والصراع العربي الإسرائيلي، والعقوبات، كما أدت المعايير المزدوجة التي اعتمدها الغرب والأمم المتحدة إزاء تلك القضايا وغيرها إلى إضعاف الحركة. وكان التمويل الأجنبي،على أهميته البالغة لتسهيل النمو السريع للحركة في التسعينيات، يعرض الدعاة لتهمة مناصرة برامج عمل أجنبية، كما كان يؤدي أحياناً إلى التنافس للحصول على التبرعات وإلى انحسار روح الزمالة والأخوة

. ومن الجدير بالذكر، عند تقييم مدى بلوغ الحركة المحلية مرحلة النضج، أن حقوق الإنسان أصبحت مدرجة في اللغة التي تستخدمها الحكومات وجماعات المعارضة، بما في ذلك الإسلاميون والأكاديميون والدعاة على مستوى المنطقة كلها. كما كان نمو المؤسسات الحكومية لحقوق الإنسان أو الآليات الوزارية، في الجزائر، وفي مصر والكويت والمغرب وتونس، وفي ظل السلطة الفلسطينية أيضاً، من المؤشرات على زيادة اهتمام الحكومات بالمطالب الخاصة بحقوق الإنسان.

وكان من المؤشرات التي تبعث على التفاؤل، أخيراً، نشوء بعض الهيئات الإقليمية في الثمانينيات، مثل "المنظمة العربية لحقوق الإنسان"، و"المعهد العربي لحقوق الإنسان"، ونمو هيئات إقليمية أخرى في التسعينيات ذوات اختصاصات محددة تتركز في التحديات التي تواجه الحركة. وكان من بينها "معهد دراسات حقوق الإنسان" بالقاهرة، الذي يعمل على بحث الجذور الثقافية والسياسة والاجتماعية - الاقتصادية لمفاهيم حقوق الإنسان في المنطقة، وبحث تأثيرها في فاعلية الحركة، و"البرنامج العربي لدعاة حقوق الإنسان"، الذي كان بمثابة شبكة لإلقاء الضوء على محنة المضطهدين من الدعاة وتنسيق الدفاع عنهم.


Return to the Top