Iraq and Iraqi Kurdistan



العراق

  
قضايا القانون الإنساني الدولي في الحرب المحتملة في العراق
دراسة للإحاطة أعدتها منظمة هيومان رايتس ووتش

القسم الثامن: الأسلحة التقليدية
يجب الامتناع عن استخدام الألغام الأرضية والقنابل العنقودية

الألغام الأرضية المضادة للأفراد. يشغل حظر استخدام وسائل الهجوم التي تصيب الأهداف العسكرية والمدنية دون تمييز موقعاً جوهرياً في القانوني الإنساني(52). والألغام الأرضية المضادة للأفراد تعتبر بطبيعتها أسلحة لا تراعي مثل ذلك التمييز، أي أنها لا تستطيع التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين الذين قد يتسببون دون قصد في تفجيرها.

محتويات التقرير
  • مقدمة
  • الجزء الأول
    1-الدروع البشرية والرهائن
    2-أسلحة الدمار الشامل
    3-الحرب في المدن
  • الجزء الثاني
    4-الهجمات الموجهة إلى الحالة المعنوية للمدنيين
    5-الأهداف المزدوجة الغرض
    6-قرارات الاستهداف - الاستخبارات وتحديد الأهداف
    7-قرارات الاستهداف - التمييز والحفاظ على التناسب
  • الجزء الثالث
    8-الأسلحة التقليدية
    9-واجب الدولة التي تقوم بالاحتلال في توفير الأمن
    10-الشفافية وتقدير الخسائر المدينة نتيجة الأعمال العسكرية
  • الخلاصة
  • الحواشي
  • . وتشير التقديرات إلى أن هذه الألغام تتسبب في إحداث خسائر بشرية جدية كل عام يتراوح عددها ما بين 15000 و20000، غالبيتهم الساحقة من المدنيين(53). وهى تمثل مشكلةً خطيرةً في العراق، ورثتها في الحروب السابقة، وخصوصاً في شمالي العراق (كردستان العراق). وآخر مرة تأكد استخدام الولايات المتحدة فيها لهذه الألغام في القتال كانت إبان حرب الخليج العربي عام 1991.

    وتعتقد منظمة هيرمن رايتس ووتش أن استخدام هذه الألغام محظور بموجب القانون الدولي القائم على العرف لأنها أسلحة لا تراعى التمييز، بطبيعتها، بين ضحاياها(54). أضف إلى ذلك أن معاهدة حظر الألغام المعقودة عام 1997 تنص على حظر استعمال وإنتاج ونقل وتخزين هذا النوع من الألغام. وليس العراق ولا الولايات المتحدة من الدول الأطراف في المعاهدة المذكورة، والتي يبلغ عددها 131 دولة. ولكن قيام الولايات المتحدة باستخدام هذا الألغام يمكن أن يعرض حلفاءها العسكريين من الأطراف في المعاهدة لحظر انتهاك الحظر الذي تفرضه على المساعدة في القيام بأي عمل تحظره المعاهدة.

    القنابل العنقودية. بالإضافة إلى مشكلة الدقة في الاستهداف، تسبب القنابل العنقودية المصوبة من الجو في إحداث العديد من الخسائر البشرية بين المدنيين ونشأة مشكلات إنسانية واقتصادية اجتماعية خطيرة بعد توقف العمليات العسكرية، إذ إن الأعداد الكبيرة من "القنيبلات" التي لا تنفجر عند الاصطدام المبدئي حسبما كان مقدراً لها تمثل تهديداً للمدنيين لفترة طويلة بعد انتهاء الهجمات، تماماً مثل الألغام الأرضية المضادة للأفراد. وتقوم كل من الولايات المتحدة والعراق بتخزين "الذخائر الدقيقة" من المتفجرات(55). وفي حرب الخليج ألقت الولايات المتحدة نحو 61000 قنبلة عنقودية تحتوى على نحو عشرين مليون "قنبلة" على العراق والكويت، كما ألقت نحو 1228 قنبلة عنقودية في أفغانستان في الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول 2001 ومارس آزار 2002، فخلفت بذلك ما لا يقل عن 12400 "قنبلة" لم تفجر في شتي أنحاء البلاد(56).

    وبناء على مشكلات الاستهداف والمشكلات الإنسانية المرتبطة بالقنابل العنقودية توصى منظمة هيومن رايتس ووتش بأن تمتنع الولايات المتحدة وغيرها من استعمال القنابل العنقودية حتى تنخفض المعدلات المبدئية للفشل انخفاضاً كبيراً، وحتى تهبط - بالتأكيد - إلى ما دون مستوى الواحد في المائة الذي حدده وزير الدفاع الأمريكي وليام كوهن باعتباره سياسة وزارة الدفاع الأمريكية، في يناير/كانون الثاني 1999(57). وتوصى منظمة هيومن رايتس ووتش بما يلي:

    · أي يمتنع كل طرف من أطراف الصراع على استخدام أو تيسير استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد.

    · أن يمتنع كل طرف من أطراف الصراع عن استخدام القنابل العنقودية خصوصاً في المناطق الآهلة بالسكان أو القريبة منها.

    القسم التاسع: واجب الدولة التي تقوم بالاحتلال في توفير الأمن

    يجب على الولايات المتحدة وحلفائها القيام فوراً بتوفير الأمن والخدمات الإنسانية للمدنيين في أي منطقة يقومون بالسيطرة عليها.
    من المحتمل، نظراً للقدرات العسكرية للولايات المتحدة، أن تتمكن هي وحلفاؤها في حالة نشوب صراع مسلح، من السيطرة الفعلية بسرعة على مساحةٍ كبيرةٍ من الأراضي العراقية. وقد يؤدي نزوح القوات العراقية من أي منطقة من المناطق إلى نشأة فراغ أمني، وهو الذي قد يؤدي بدوره إلى احتمال الثأر من جانب الجماعات التي تتعرض للقمع على أيدي الحكومة الحالية، واحتمال ممارسة الانتهازية من جانب العناصر الإجرامية.

    وعلى الدولة التي تقوم بالاحتلال واجب إعادة النظام والأمن العام وضمانهما في المنطقة الخاضعة لسيطرتها(58). وهذا الواجب يبدأ، وفقاً للقانون الدولي القائم على العرف، حالما ينشأ نظام احتلال مستقر، وإن كانت اتفاقيات جنيف تقول إنه يبدأ حالما تنشأ أية علاقة بين قوة الاحتلال والمدنيين في تلك المنطقة أي في أقرب لحظة ممكنة - وهو مبدأ يتجلى في السياسات العسكرية للولايات المتحدة(59). وهذا الواجب يقتضي من الولايات المتحدة وحلفائها استخدام أفرادها للحفاظ على النظام العام أثناء تقدمهم في البلد وأن يكونوا على استعداد لتولي مهام التعبئة والتدريب الكافي لأفراد الجيش المحلي ومن بعده رجال الشرطة لحمل تلك المسؤوليات، ويجب أن تتحملها هذه القوات وتتسلمها فوراً من القوات التي أطاحت بالسلطات القائمة، حتى لا تترك فترة فاصلة لأعمال الانتقام والثأر.

    وهناك منطقتان تبعثان على قلق خاص، الأولي هي المنطقة التي يتركز فيها الشيعة في المدن، مثل البصرة والنجف وكربلاء. وقد سجل التاريخ حالات إعدام قامت بها القوات المناهضة لصدام حسين خلال انتفاضة عام 1991؛ وتخشى منظمة هيومن رايتس ووتش استئناف أعمال القتل هناك. والثانية هي مدينة كركوك، حيث قام السنيون العرب بالإزاحة المنتظمة للأكراد فيما يسمي بعملية "التعريب" التي ترعاها الحكومة العراقية(60).
    وقد تؤدي عودة الأكراد إلى كركوك لاستعادة أراضيهم المفقودة إلى أعمال العنف. وسوف تتضمن المهام الأساسية إذن إرسال الدوريات لخفارة الأحياء والقرى والمعرضة لذلك، والدفاع الفعال عن فئات السكان المستضعفة، وتشديد الحراسة على السجون والمعتقلات التي يمكن أن يتعرض فيها السجناء لأعمال انتقامية أو يقومون هم بها.

    فإذا قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها باحتلال أراض عراقية، فسوف يكون لديها سلطات إصدار تشريعية جزائية لضمان النظام العام وحماية أمنها نفسه(61) ، أو تحديد الإقامة أو حتى حبس الأشخاص إذا دعت "الضرورة القصوى" لذلك، لحماية أمن قوات الاحتلال التابعة لها(62). وفي الحالة الأولي يجب على من يقوم بالاحتلال أن يكون على استعداد لتقديم جميع الضمانات الممكنة للمحاكمة العادلة، بما في ذلك الحق في توكيل محام يختاره المتهم بنفسه(63). وفى الحالة الأخيرة، يجب أن يسمح باستئناف الأحكام أمام بعض المحاكم أو المجالس الإدارية، وذلك بالنسبة لأية أحكام بالحبس أو تحديد الإقامة(64). ويجب إنشاء هذه المؤسسات في أقرب وقت ممكن، تحاشياً لإمكان قيام قوات الاحتلال باحتجاز الأشخاص بصورة تعسفية وإلى أجل غير مسمى. والواقع أن التهديد بالمحاكمة من أشد السبل فعالية في ردع مرتكبي الفظائع.
    · يجب أن تكون الولايات المتحدة وحلفاؤها على استعداد لتوفير الأمن إلى السكان المدنيين حالما تصبح في يدها السيطرة الفعلية على أراض عراقية.

    · ويجب أن تكون الولايات المتحدة وحلفاؤها، في حالة احتلال أراض عراقية، على استعداد لأن تنشي، في أقرب الآجال، الهياكل القضائية والإدارية التي تستطيع ضمان حقوق المحاكمة العادلة واستئناف أحكام السلطة المؤقتة الخاصة بالاحتجاز، وتغير مكان الإقامة، والحبس.

    · يجب على الولايات المتحد وحلفائها، في حالة احتلال أراض عراقية، أن تلتزم علناً بمحاكمة كل مسؤول عن ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

    القسم العاشر: الشفافية وتقدير الخسائر المدينة نتيجة الأعمال العسكرية

    يجب فتح جميع الأبواب الممكنة أمام الصحفيين ومراقبي حقق الإنسان لتقدير تأثير الحرب على المدنيين لا بد من توافر درجة من الشفافية في العمليات العسكرية فهذا عامل أساسي لإظهار الالتزام بالقانون الإنساني وتمكين الجمهور من تفهم ذلك، ومن ثم يجب إتاحة أقصي الفرص الممكنة أمام الصحفيين ومراقبي حقوق الإنسان للاتصال بالقادة العسكريين، والحصول على المعلومات العسكرية، وزيادة جبهة القتال، دون المساس بأمن العمليات العسكرية. ومن الخطوات الإيجابية سماح العرق بدخول المراسلين الأجانب واستعداد وزارة الدفاع الأمريكية للسماح للصحفيين بمرافقة الوحدات العسكرية. ويجب على جميع الأطراف أن تكون على استعداد لاحترام حماية المراسلين الحربيين بموجب القانون الدولي، وخصوصاً كونهم مدنيين وحقهم في صفة أسري الحرب(65).

    ومن المظاهر الأخرى للشفافية استعداد القوات العسكرية لاتخاذ الخطوات اللازمة في أقرب وقت ممكن لتسهيل التحقيق الداخلي والخارجي في مزاعم جرائم الحرب والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني. وتعتقد منظمة هيومن رايتس ووتش أنه سيكون من المفيد، تحقيقاً للشفافية والمصداقية العامة، ألا يكتفي الطرفان بالتحقيقات الداخلية والمحاكمات العسكرية، بل أن ينظرا في إمكان تشكيل لجان تحقيق في الانتهاكات المرتكبة إبان الحرب، بحيث تتكون كلها من خبراء من خارج المؤسسة العسكرية للطرفين المتصارعين، أو تضم بعض هؤلاء الخبراء. ومن هذه اللجان القائمة حاليا اللجنة الدولية لتقصي الحقائق، المشكلة بموجب البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف، وإن كان إنشاء لجان مخصصة أخرى قد يكون فعالاً أو مقبولاً لدى الطرفين، نظراً لأن العراق والولايات المتحدة ليسا من الدول الأطراف في البروتوكول الأول.

    وأخيراً فإننا ندهش لأن الدول لم تقم بتقييم يُذكر للوضع في أعقاب الهجوم من حيث الآثار المترتبة على استخدام أسلحة وتكتيكات معينة ضد المدنيين، رغم الجهود المتزايدة المبذولة لتنبؤ مقدماً بالخسائر المدنية. وقامت الولايات المتحدة بصفة خاصة بإعداد نماذج ومعادلات حاسوبية متقدمة لتقدير عدد القتلى والجرحى من المدنيين الذي يمكن أن ينجم على استعمال بعض الأسلحة واختيار أهداف بعينها. ولكنها إذا لم تقم بتحليل رقيق للنتائج الفعلية للأعمال العسكرية وشتي العوامل التي ساهمت في اتخاذ قرارات بعينها، سيكون من الصعب عليها تجنب أو تقليل نسبة الأخطاء البشرية أو تحسين معلومات الاستخبارات والتحليلات الاستراتيجية التي تؤدى إلى ما لا داعي له من قتلى بين المدنيين وأضرار مدنية. وتري منظمة هيومن رايتس ووتش أن جميع أطراف الصراع من واجبها جمع البيانات وإجراء التحليلات اللازمة لإيضاح المدى الفعلي للخسائر المدينة والمزايا والقيمة الحقيقة للأهداف العسكرية بهدف وضع قاعدة تستند إليها في اتخاذ القرارات في المستقبل، بغرض تقليل تأثير الحرب على المدنيين إلى أدني حد ممكن.

    وفيما يتعلق برفع مستوي الشفافية والمساءلة بموجب قوانين الحرب، توصي منظمة هيومن رايتس ووتش بما يلي:

    · على جميع الأطراف تيسير إتاحة الحصول على المعلومات العسكرية والاتصال بالعسكريين والوصول إلى ميادين القتال للصحفيين والمراقبين الدوليين؛

    · على جميع الأطراف أن تحترم الصفة القانونية للصحفيين باعتبارهم مدنيين وأسرى حرب؛

    · على جميع الأطراف أن تتخذ الإجراءات اللازمة على وجه السرعة لتيسير إجراء التحقيق الداخلي والخارجي فيما يزعم من جرائم الحرب والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي.