Iraq and Iraqi Kurdistan



العراق

  
قضايا القانون الإنساني الدولي في الحرب المحتملة في العراق
دراسة للإحاطة أعدتها منظمة هيومان رايتس ووتش

القسم الأول: الدروع البشرية والرهائن
تعمد استخدام الدروع البشرية واحتجاز الرهائن من جرائم الحرب

إن استخدام الدولة للمدنيين، بما في ذلك مواطنوها، دروعاً بشرية لحماية الأهداف العسكرية من الهجوم عليها يمثل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، ويُعتبر بمثابة جريمة حرب، كما إن إرغام المدنيين أو سواهم من غير المقاتلين على أن يصبحوا دروعاً بشرية ينتهك الحظر المفروض على احتجاز الرهائن(2).

محتويات التقرير
  • مقدمة
  • الجزء الأول
    1-الدروع البشرية والرهائن
    2-أسلحة الدمار الشامل
    3-الحرب في المدن
  • الجزء الثاني
    4-الهجمات الموجهة إلى الحالة المعنوية للمدنيين
    5-الأهداف المزدوجة الغرض
    6-قرارات الاستهداف - الاستخبارات وتحديد الأهداف
    7-قرارات الاستهداف - التمييز والحفاظ على التناسب
  • الجزء الثالث
    8-الأسلحة التقليدية
    9-واجب الدولة التي تقوم بالاحتلال في توفير الأمن
    10-الشفافية وتقدير الخسائر المدينة نتيجة الأعمال العسكرية
  • الخلاصة
  • الحواشي
  • ويحظر القانون الإنساني القائم على العرف والبروتوكول الأول التشجيع على استخدام المتطوعين دروعاً بشرية أو القيام فعلا بذلك(3).

    وقد لجأت الحكومة العراقية إلى استخدام الدروع البشرية في الماضي، وقامت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1991 بإدانة ما قيل عن استخدام العراق للدروع البشرية قائلةً:

    تعرب [الجمعية العامة] عن قلقها العميق إزاء المزاعم المتعددة والمفصلة عن قيام الحكومة العراقية بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وهى التي أشار إليها المقرر الخاص في تقريره، وخصوصاً... استخدام الأشخاص "دروعاً بشرية"، وذلك يمثل انتهاكاً صارخاً وبالغ الخطورة لالتزامات العراق بموجب القانون الدولي(4). وتخوفاً من الضربات الجوية - الأمريكية والبريطانية - عام 1997، قالت الحكومة العراقية صراحة إنها تستخدم "متطوعين" من المدنيين العراقيين في القصور الحكومية وغيرها من المواقع الاستراتيجية(5). ونظراً للانتهاكات السابقة من جانب الحكومة العراقية، لا بد أن ننظر إلى من يُسمون "بالمتطوعين" بقدر كبير من الريبة والشك، بل إن الرئيس صدام حسين نفسه قد أعرب عن شكر الدولة لوضع هؤلاء في تلك المواقع. وجاء في نبأ لوكالة الأنباء العراقية:

    إن الزعيم صدام حسين شكر جميع أبناء الشعب العراقي العظيم الذين توجهوا إلى قصور الشعب ومصانعه ومنشآته الأخرى حتى يكونوا درعاً متيناً ضد العدوان الغاشم الذي يتهدد بلدنا المناضل ...(6).

    وعلى غرار العمل في مصانع الذخيرة، يساهم المدنيون الذين يقومون بمهمة الدروع البشرية، سواء أكانوا متطوعين أم لا، مساهمةً غير مباشرة في القدرة الحربية للدولة. أي أن أعمالهم لا تشكل خطراً مباشراً على القوي المتناحرة، وما داموا لا يشاركون مشاركة مباشرة في العمليات العسكرية ضد أحد الخصوم، فإنهم يحتفظون بحصانتهم المدنية من الهجوم؛ ولا يجوز أن يستهدفهم الهجوم، وإن كان الهدف العسكري الذي تحميه الدروع البشرية معرضاً للهجوم، وفقاً لالتزامات الطرف المهاجم بموجب القانون الإنساني الدولي، وهي التي تقضي بالموازنة بين الأضرار التي قد تصيب المدنيين وبين المزايا العسكرية المباشرة والملموسة لأي هجوم، شريطة الكف عن الهجوم إذا بدا أن الأضرار التي تصيب المدنيين أكبر مما ينبغي(7).

    ولقد قام العراق في الماضي باحتجاز الرهائن، منتهكاً بذلك اتفاقيات جنيف. إذ قام، إبان غزوه للكويت في أغسطس/آب 1990 باعتقال بعض الغربيين وعرض إطلاق سراحهم إذا سحبت الولايات المتحدة قواتها العسكرية من المنطقة، وهدد بعد ذلك باستخدام هؤلاء الرهائن دروعاً بشرية. وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 1990، أعلن العراق الإفراج عن جميع الذين احتجزهم لديها رهائن(8). وفى 3 أبريل/ نيسان 1991 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 687 الذي يدين فيه العراق لاحتجازه الرهائن(9). ولم تلجأ الولايات المتحدة في تاريخها الحديث، في حدود علم منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى احتجاز الرهائن. فاحتجاز الرهائن محظور حظراً صارماً ويشكل جريمةً من جرائم الحرب، وفقاً للقانون الدولي(10). كما أنه من الممنوع أيضاً ارتكاب هذه الأعمال بمثابة انتقام من انتهاك الخصم لهذه المحظورات(11).

    · لا يجوز لأحد الأطراف في أي نزاع تشجيع المدنيين أو غيرهم من غير المقاتلين على العمل دروعاً بشرية أو استخدامهم لهذا الغرض.

    · إذا استخدم أحد الأطراف دروعاً بشرية، فيجب على القوات المواجهة له، رغم ذلك، أن تقوم بحساب مدى الضرر الذي يمكن أن يقع بالمدنيين وإذا ما كان مفرطاً بالقياس إلى المزايا العسكرية المتوقعة قبل القيام بالهجوم. · لا يجوز لأي طرف احتجاز الرهائن، ولو من باب الانتقام والرد.

    القسم الثاني: أسلحة الدمار الشامل

    لا يوجد مبرر قانوني لإقدام أي من أطراف الصراع في العراق على استخدام أسلحة الدمار الشامل مهما تكن الظروف.
    لما كان المبرر المنطقي المعلن للهجوم المحتمل على العراق هو الرغبة في التخلص من أسلحة الدمار الشامل(12) ، فإن هناك قضيتين تمثلان مبعث قلق كبير. الأولى هي تعمد القوات العراقية استعمال أسلحة الدمار الشامل ضد قوات الحلفاء الغازية أو باعتبارها عملاً انتقامياً ضد المدنيين العراقيين، وقد تلجأ الحكومة العراقية أيضاً إلى استخدام الأسلحة التقليدية في ارتكاب فظائع جماعية ضد العراقيين، وأما القضية الثانية فهي لجوء الولايات المتحدة إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل للرد على استخدام العراقيين لها، أو ضد المخابئ العراقية الحصينة التي يُشتبه في استخدامها لتخزين هذه الأسلحة أو لإيواء القيادة العراقية. وفى كل من هاتين الحالتين لن يكون هناك مبرر لاستخدام أسلحة الدمار الشامل ويكون هذا الاستخدام غير مشروع بموجب القانون الدولي. ويجب على مجلس الأمن للأمم المتحدة وغيره، ردعاً لمثل هذه الانتهاكات، أن يتعهد بمحاكمة كل من يأمر باستخدام أسلحة الدمار الشامل أو من يستخدمها، أو من يرتكب غيرها من الفظائع.

    وعلى الرغم من أن العراق قد زعم مراراً وتكراراً عدم امتلاكه حالياً لأسلحة الدمار الشامل، فلقد سبق له استخدام الأسلحة الكيميائية في الماضي ضد المحاربين وضد المدنيين على حد سواء، إذ استخدم الجيش العراقي الأسلحة الكيميائية مراراً ضد القوات المسلحة الإيرانية فيما بين عامي 1983 و 1988(13). كما أنه استخدم الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين الأكراد في حلبجة عام 1988، مما أسفر عن مقتل نحو 5000 شخص؛ وفى نحو أربعين حالة مسجلة في ذلك العام، أثناء "حملة الأنفال" التي ارتكبت خلالها جرائم الإبادة الجماعية ضد الأكراد العراقيين(14). وكانت حالات استخدام هذه الأسلحة الكيميائية في الماضي تمثل انتهاكاً لبروتوكول جنيف الصادر عام 1925 والذي يقضى بحظر استخدام الأسلحة الكيميائية(15). ولم يُعرف أن الولايات المتحدة قد استخدمت الأسلحة الكيميائية في القتال منذ عام 1918(16). والواقع أن أي استخدام للأسلحة الكيميائية من جانب أي من الطرفين سيمثل انتهاكاً لا لبروتوكول جنيف لعام 1925 فحسب بل أيضاَ لاتفاقية الأسلحة الكيميائية المعقودة عام 1993 وللقانون الدولي القائم على العرف(17).

    وعلى غرار ذلك، فإن استعمال أحد الطرفين في الصراع للأسلحة البيولوجية بأي صورة، من شأنه انتهاك القانون الدولي. إذ إن اتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1975 تحظر تطوير وإنتاج واقتناء وتخزين الأسلحة البيولوجية. والولايات المتحدة والعراق كلتاهما من الدول الأطراف في هذه الاتفاقية. ويُضاف إلى ذلك أن بروتوكول جنيف لعام 1925، والذي تعتبر أحكامه اليوم جزءاً من القانون الدولي القائم على العرف، وتعتبر ملزمة لجميع الدول، يحظر صراحة "استخدام أساليب الحرب الجرثومية"(18). والمعروف أن الولايات المتحدة لم تستخدم الأسلحة البيولوجية في القتال وقالت إنها قامت من جانب واحد بتفكيك برنامج أسلحتها البيولوجية الهجومية في عام 1969(19). وعلى الرغم مما ورد من أن العراق قد بدأ في تطوير القدرة على استخدام الأسلحة البيولوجية الهجومية في عام 1985(20) ، فلم يُعرف عنه أنه استخدم الأسلحة البيولوجية في القتال(21).

    أما إمكانية استخدام الولايات المتحدة للأسلحة النووية، هجومياً أو من باب الانتقام، فسوف تكون غير مشروعة بموجب القانون الدولي، ولقد شاع إعراب الجمهور عن القلق بشأن ما قيل عن نظر العسكريين في الولايات المتحدة في احتمال استخدام الأسلحة النووية. ودان السناتور الأمريكي إدوارد كينيدي ما نقلته الأنباء عن اعتزام وزارة الدفاع الأمريكية استخدام الأسلحة النووية هجومياً في "تفجير المخابئ" أي في الهجوم على مواقع أسلحة الدمار الشامل والمخابئ الحصينة التي تلجأ إليها القيادة العراقية(22). وهناك ما يدعو للخوف من أن تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام الأسلحة النووية رداً على استخدام العراق للأسلحة الكيميائية أو البيولوجية، إذ إن الاستراتيجية الوطنية الأمريكية للقضاء على أسلحة الدمار الشامل، المنشورة في ديسمبر/كانون الأول 2002 تنص صراحة على الاحتفاظ بالحق في الرد على أي استخدام لأسلحة الدمار الشامل ضد الولايات المتحدة أو حلفائها، بشتى ما لديها من قدرات عسكرية، بما في ذلك الأسلحة النووية، وتقول الاستراتيجية المنشورة: إن السياسات القوية المعلنة والقوات العسكرية الفعالة عناصر رئيسية في موقف الردع الذي نتخذه حالياً، إلى جانب شتى ضروب الأدوات السياسية، لإقناع من يمكن أن يتخذوا منا موقف الخصم بعدم السعي إلى [امتلاك] أسلحة الدمار الشامل أو استخدامها. وسوف تواصل الولايات المتحدة إيضاح أنها تحتفظ بالحق في الرد بقوة غلاَّبة - بما في ذلك اللجوء إلى جميع خياراتنا - على استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد الولايات المتحدة وقواتنا في الخارج وأصدقائنا وحلفائنا(23).

    ويقضى القانون الدولي بعدم شرعية استخدام الأسلحة النووية، إلا - ربما - في ظروف استثنائية. وقد أصدرت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً عام 1996، تساوت فيه أصوات المؤيدين والمعارضين وصدر بالصوت المرجح لرئيس المحكمة، يقول أن التهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها "يناقض بصفة عامة" القانون الإنساني الدولي. وقررت المحكمة أنها لم يتوفر لها من الأسس ما يكفي للتوصل إلى نتيجة حاسمة بصدد ما إذا كان من المشروع استخدامها "في الحالات القصوى للدفاع عن النفس، أي التي يتعرض فيها بقاء الدولة نفسه للخطر"(24). والولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي سبق لها استخدام الأسلحة النووية أو الذرية في القتال على مر التاريخ، ولديها الآن نحو 8000 رأس نووي موزعة على الغواصات ذات الصواريخ الباليستية، والقاذفات الاستراتيجية، والصواريخ النووية البرية(25). وكانت آخر مرة تستخدم فيها الأسلحة الذرية هي ضرب مدينة نجاساكي اليابانية يوم 9 أغسطس/آب 1945 بقنبلة ذرية قُتل فيها 75000 شخص(26).

    وحتى وقت كتابة هذه الدراسة لم تتوافر أدلة مؤكدة على تمتع العراق بالقدرة على نشر أسلحة نووية، ولكن الولايات المتحدة تزعم أن العراق يسعى لامتلاك القدرة على إنتاج أسلحة نووية وأنه قد يكون على استعدادٍ لنشرها مع غيرها من أسلحة الدمار الشامل وتقديمها إلى المنظمات الإرهابية التي قد تستخدمها ضد الولايات المتحدة(27). ومع ذلك ففي وقت كتابة هذه الدراسة لا تتوافر أدلة مادية ملموسة معلنة تؤكد هذه الزعم. وهكذا فمن غير المحتمل أن يقوم العراق، مهما اشتط بنا الخيال، بتهديد بقاء الولايات المتحدة نفسها بحيث تبرر استخدام الأسلحة النووية. وتؤكد منظمة هيومن رايتس ووتش أن أي استخدام للأسلحة النووية سوف يكون غير مشروع إلا في "أقصى حالات الدفاع عن النفس". وإذا وقع مثل هذا فسوف يمثل سابقة لخرق الحظر العالمي المفروض على استخدام الأسلحة النووية منذ ضرب هيروشيما ونجاساكي، وربما يزيد من احتمال استخدام الدول الأخرى لها. وتوصى منظمة هيومن رايتس ووتش بما يلي:
    · يجب على جميع الأطراف الامتناع عن استخدام أي أسلحة دمار شامل، كيميائية أو بيولوجية أو نووية في أي ظرف من الظروف.
    · ينبغي لمجلس الأمن للأمم المتحدة أن يقوم بإجراء رادع يتمثل في محاكمة كل من يستخدم أو يأمر باستخدام أسلحة الدمار الشامل أو يرتكب أي فظاعات أخرى.

    القسم الثالث: الحرب في المدن

    في حالة وقوع حرب في المدن يجب على القوات المدافعة عنها تجنب وضع الأهداف العسكرية بالقرب من المناطق الآهلة بالسكان، ويجب على القوات المهاجمة لها تقديم ما يكفى من الإنذار للمدنيين وتوفير سبل الفرار لهم. يمثل القتال في المدن تحديات وذات طبيعة قاهرة من الزاوية الإنسانية ترجع إلى قرب المقاتلين من المدنيين في المناطق المدنية. ومثل هذا القتال من شأنه أن يزيد من الأخطار التي يتعرض لها المدنيون وقد يؤدي إلى وقوع خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين، ومن ثم فإن القوات المهاجمة والمدافعة تتحمل التزاماً قانونياً بحماية السكان المدنيين الذين يقعون بين شقي رحى القتال في المناطق المدنية.
    والأرجح أن يتحمل المدنيون أعباء أهوال العمليات العسكرية في أراضى المدن، وعلى سبيل المثال، ففي العمليات العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة في بنما عام 1989، كانت نسبة القتلى من المدنيين إلى العسكريين من أبناء بنما هي ستة إلى واحد، ومن أبناء الولايات المتحدة ثلاثة عشر إلى واحد(28). وقد وقع ذلك في القتال الذي دار في المنطقة المدنية، وكان يقتصر إلى حد كبير على مدينة واحدة (هي مدينة بنما، والتي كانت نسبة كثافة السكان فيها عام 1989 تبلغ 440 شخص في الميل المربع الواحد)(29) ولمدة لم تزد عن أسبوع واحد. أما في بلدة عراقية كبرى مثل بغداد (تبلغ الكثافة السكانية فيما ما يقرب من 2811 شخصاً في الميل المربع)(30) فقد تزيد هذه النسبة كثيراً عن ذلك، خصوصاً إذا طال أمد الحرب. فالقتال في المدن يزيد كثيراً من المخاطر التي يتعرض لها السكان المدنيون على نحوٍ لا يكاد يقع في المناطق الأخرى للعمليات. ومن المعضلات التي يفرضها القتال في المدن صعوبة التمييز بين المقاتلين والمدنيين بسب اقترابهم من بعضهم البعض، وهامش الخطأ الضئيل المقترن باستخدام الأسلحة في القتال من مسافة قريبة.

    وكما ذكرنا آنفاً، يجب على الحكومة العراقية أن تمنع عن وضع المعدات العسكرية أو أفراد الجيش بالقرب من تجمعات المدنيين، ويجب عليها إبعاد المدنيين عن المناطق المجاورة للمنشآت العسكرية. وقد وردت أنباء تفيد بأن العراق قام في بعض الحالات بوضع الأهداف العسكرية عمداً وسط المناطق المدنية، وتشجيع المدنيين على القيام بدور الدروع البشرية في حالة وقوع الهجوم. ويعتبر هذا انتهاكاً لأحكام الحظر الواردة في القانون الإنساني القائم على العرف والبروتوكول الأول، والتي تقضى بعدم وضع الأهداف العسكرية في الأماكن المزدحمة بالسكان قبل نقل المدنيين المعرضين للخطر إلى مناطق أكثر أمناً(31).

    ويجب على قوات الولايات المتحدة وحلفائها أن توجه الإنذار المبكر الفعال قبل أي هجوم، لزيادة حماية المدنين الموجودين بالقرب من أي هدف عسكري إلى أقصى حد ممكن(32). وقد بدأت الولايات المتحدة منذ 12 ديسمبر/كانون الأول 2002 في استخدام طائرات الكوماندو صولو 2 من نوع EC-130 E للتخاطب عن طريق البث الإذاعي مع السكان المدنيين العراقيين بصفة عامة ومع القوات المسلحة العراقية(33). ويجب على الولايات المتحدة وحلفائها أيضاَ النظر في التدابير اللازمة للسماح للمدنيين العراقيين بالمغادرة الطوعية الآمنة للمناطق المدنية في الأوقات التي تتعرض فيها الأهداف العسكرية للهجوم، ويجب على جميع الأطراف أن تكون على استعداد لاستدعاء أطراف أخرى لتيسير الانتقال إلى مناطق غير عسكرية(34). كما يجب عليها أيضاً أن تكون على استعداد لتيسير مرور رجال المهن الطبية ومعداتهم ورجال الدين من المناطق الخاضعة للحصار أو التطويق، وإليها(35). واستباقاً لإمكان وقوع القتال في المدن العراقية تعتقد منظمة هيومن رايتس ووتش أنه يلزم اتخاذ الاحتياطات التالية:
    · يجب على الولايات المتحدة وحلفائها أن يضمنوا إصدار إنذاراتٍ كافية إلى السكان المدنيين قبل القيام بهجوم أرضى على أي مدينة عراقية. ويجب أن تصدر الإنذارات الكافية في الوقت المناسب وفي الموقع الجغرافي المحدد حتى تسمح للمدنيين بالوقت اللازم للاستفادة منها.
    · يجب أن تبذل الحكومة العراقية جهداً لإجلاء المدنيين عن المناطق التي قد تتعرض للهجوم، وأن تتحاشى إقامة الأهداف العسكرية بالقرب من السكان المدنيين. وكما أشرنا من قبل، عليها ألا تستخدم الدروع البشرية في حماية قواتها العسكرية من الهجوم.
    · يجب على جميع الأطراف أن تحاول تيسير الخروج الطوعي والآمن للمدنيين من المناطق المدنية التي تتعرض للهجوم، وتسهيل مرور رجال المهن الطبية ومعداتهم من المناطق الخاضعة للحصار أو التطويق وإليها.
    · ما دامت القوات العسكرية تستعد للقتال في المدن العراقية، فعليها أن تجعل من تجنب الخسائر البشرية بين المدنيين جزءاً لا يتجزأ من برامج تدريبها التكتيكي.