Israel, the Occupied West Bank, and Gaza Strip, and Palestinian Authority Territories


اسرائيل والسلطة الفلسطينية Israel,  and Palestinian Authority
معرض صور عن العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي في جنين

الحقوق محفوظة لـ بيتر بوجارت من HRW
  
جنين: العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي
الخسائر في صفوف المدنيين
وحالات القتل غير المشروع في جنين


  • تقديم حول الحالات التي وثقتها الووتش
  • بعض الحالات 1
  • بعض الحالات 2
  • من هذا التقرير :
    البيان الصحفي|| هذا التقرير || الملخص || التوصيات
    اقرأ ايضا
    مركز العاصفة: دراسة حالة لانتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الخليل
  • و بالانجليزية
  • إطلاق النار على منير وشاحي ومريم وشاحي في 6 أبريل/نيسان

    تقيم أسرة وشاحي في بيت صغير قرب مدخل مخيم جنين، على مقربة من المستشفى الرئيسي في جنين. وفي حوالي الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم السبت الموافق 6 أبريل/نيسان كان عيسى وشاحي البالغ من العمر ستين عاماً، وزوجته مريم وشاحي البالغة من العمر 58 عاماً يشربان الشاي في مطبخهما عندما اندلع القتال حول منزلهما، وبدأت دبابة تتحرك باتجاههما، وتطلق النار نحو منطقتهما. وأصابت قنبلة منزلهما وملأت الغرف بالدخان، ففتحت الأسرة النوافذ والأبواب لطرد الدخان. ولم يكن هناك أي مسلحين فلسطينيين داخل منزل أسرة وشاحي، حسبما قال عيسى وشاحي.
    وعندما رأى ابنهما منير البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً الدبابات مقبلة نحو المنزل، خاف وقرر الهرب: "عندما رأى الدبابات آتية، وشاهد كل تلك النيران، قال "إنهم سيقتلوننا"، وجرى خارجاً من المنزل". وما إن غادر منير المنزل حتى أطلق عليه الجنود الإسرائيليون النار أثناء تقدمهم نحو المنزل. وسمعه والداه وهو يصيح "أنا أصبت"، ثم رأوا بعض شباب المنطقة يأخذونه إلى المستشفى، لكنه توفي في الطريق إليه".
    وبعد إطلاق النار على منير استمر الجيش الإسرائيلي في قصف منزل وشاحي لمدة ثلاثين دقيقة على الأقل على الرغم من أن البيت لم يكن يقطنه سوى الزوجين المسنين. وأصيبت مريم بجراح عندما أصابت مطبخها قذيفة دبابة، وأمطرتها بالشظايا مما تسبب في إحداث جرح خطير برأسها. وعلى مدى يوم ونصف اليوم بعد ذلك ظل عيسى وشاحي المسن يحاول محاولة يائسة أن يجلب الإسعافات الطبية لزوجته المصابة بجرح بالغ - وجدير بالذكر أن الزوجين متزوجان منذ ثمانية وثلاثين عاماً، ولهما عشرة أبناء. لكن الجنود الإسرائيليين منعوا سيارات الإسعاف مراراً من الوصول إلى المنزل، على الرغم من أن بيت أسرة وشاحي لا يبعد سوى عدة مئات من الأمتار عن المستشفى الرئيسي بجنين، وتوفيت مريم متأثرة بجراحها في حوالي الساعة 11 من صباح اليوم التالي (انظر ما يلي حول "عدم السماح بوصول الإسعافات الطبية"). ويبدو أو وفاة مريم وشاحي نجمت عن حرمانها عمداً من الإسعافات الطبية، مما يستدعي إجراء تحقيق في هذه الحالة باعتبار أن ما حدث قد يكون بمثابة جريمة حرب. وتوحي المعلومات المتوافرة عن وفاة منير وشاحي أن النار أطلقت عليه بينما كان يحاول الهرب وهو أعزل من السلاح، وتستدعي تلك المعلومات التحقيق فيها أيضاً.

    مقتل يسرا أبو خرج في انفجار قنبلة في 6 أبريل/نيسان

    كانت يسرا أبو خرج، وهي امرأة مصابة باختلال عقلي في الستين من عمرها، تعيش في شقة من حجرة واحدة في الدور العلوي ببيت عائلتها الذي يقع على مقربة من مدخل مخيم اللاجئين، على مسافة لا تبعد أكثر من عشرين متراً عن منزل أسرة وشاحي. ويوضح ابن أخيها عبد الكريم خرج أن عمته اعتادت أن تقف بجوار النافذة لتغني وأحياناً لتصيح، ويعتقد أن النار أطلقت على عمته من مروحية وهي واقفة في هذا الوضع حوالي الساعة السادسة من صباح يوم الجمعة 6 أبريل/نيسان.
    كنت في شقة الدور الأرضي، وعندما أصابت القذيفة البيت شعرنا بها، وصعدنا إلى الدور الثالث ورأينا القذيفة هناك [وكانت قد اخترقت السقف] وأدركنا أن يسرا لا بد أن تكون قد ماتت. فصعدت إلى أعلى في محاولة للتأكد، ولكننا لم نستطع الدخول لأن المروحيات كانت لا تزال تحلق في السماء، فنزلنا لأسفل ثانية. وفي اليوم الخامس من الهجوم احتل الجنود الطوابق الثلاثة الأولى من المبنى، وطلبنا منهم أن نأتي لأخذ الجثة لإرسالها إلى المستشفى، لكنهم رفضوا.
    ولم تستطع الأسرة نقل جثة يسرا المتحللة لدفنها إلا في يوم 17 أبريل/نيسان؛ وعندما تفقدت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الغرفة، وجدت أن الدمار فيها يشير إلى أن المقذوف دخل من النافذة واخترق الأرضية إلى الشقة الواقع بالطابق الأسفل. وذكر عبد الكريم خرج للمنظمة أنه على الرغم من وجود مقاتلين في حي الحواشين المجاور، فلم يكن هناك أي قتال يدور في تلك الآونة.
    وأفادت الأسرة أنه لم يكن هناك أي مقاتلين فلسطينيين في المنزل أو بالقرب منه في الوقت الذي أطلقت فيه المروحية النار عليه. وقد تفقد باحثو منظمة مراقبة حقوق الإنسان منزل أبو خرج بدقة، ولم يعثروا على أي شيء يوحي بأن المقاتلين الفلسطينيين سبق لهم استخدامه، مثل الأكياس الرملية أو الأعيرة الفارغة. ومقتل أي مدني أعزل في ظروف لا يدور فيها أي قتال أمرٌ يستوجب التحقيق فيه للاشتباه في كونه جريمة حرب.

    إطلاق النار على نزار مطاحن في 6 أبريل/نيسان

    في يوم الجمعة 5 أبريل/نيسان دخلت مجموعة من خمسين جندياً إسرائيلياً منزل أسرة مطاحن وتفقدته وقررت البقاء فيه هذه الليلة. وجاء فيما روته ختام مطاحن البالغة من العمر اثنين وأربعين عاماً: "وضعونا جميعاً في غرفة واحدة ولم يسمحوا لأي منا بالتحرك. كنا بحاجة إلى إذن حتى للذهاب إلى دورة المياه". وفي العاشرة من صباح اليوم التالي الموافق السبت 6 أبريل/نيسان أعلن الجنود أن على المدنيين مغادرة المنازل في المنطقة لأن الجيش الإسرائيلي يخطط لهدم بعض المنازل. وتروي ختام مطاحن أن ابن عمها نزار مطاحن البالغ من العمر 22 عاماً حاول أن يفر هارباً بينما كان بعض الجنود يفتشون ثياب الرجال، فأطلق الجنود عليه النار وأردوه قتيلاً في الحال:
      عزل الجنود الرجال عن النساء. وطلبوا من الرجال خلع ملابسهم عن النصف الأعلى من أجسادهم، ووضع أيديهم على رؤوسهم. لكن نزار لم ينتظر حتى يخلعوا ثيابه، فحاول الهرب لأنه كان خائفاً. فأطلقوا عليه النار على الفور. لقد كان يحاول الهرب لكنهم أطلقوا عليه النار في رأسه.
    وليس من الواضح لماذا حاول نزار الهرب؛ ولما كان الجنود الإسرائيليون قد سبق لهم تفتيش كل الرجال في البيت وقضاء الليلة فيه، فمن المستبعد جداً أن نزار كان مسلحاً وقت إطلاق النار عليه. وحسب ما تقوله أسرته، فإنه لم يكن ضالعاً في أي حركة فلسطينية مقاتلة، ولم يكن مطلوباً، ولم يسبق أن سجن مطلقاً. ومحاولة الفرار من جانب أي مدني أعزل لا يمثل أي خطر مباشر على الجنود المعنيين ليست في حد ذاتها سبباً يجعله هدفاً عسكرياً بشكل تلقائي؛ ومن ثم فمن الواجب إجراء تحقيق في مقتل نزار مطاحن.

    وفاة جمال فايد بسبب جرافة في 6 أبريل/نيسان

    كان جمال فايد البالغ من العمر 37 عاماً يعيش مع سبعة عشر آخرين من أفراد عائلته في منطقة جرة الذهب في المخيم، بجوار حي الحواشين. وكان فايد معاقاً منذ مولده، فهو غير قادر على الكلام أو الأكل أو الحركة بدون مساعدة. وعلى مدى اليومين الأولين كانت الأسرة تحتمي من القتال في غرفة صغيرة بجوار المطبخ. وقد انضم إليهم أقارب آخرون طلباً للأمان.
    واشتد إطلاق النار حول المنزل ومن جانب مروحيات الجيش الإسرائيلي في عصر اليوم الثاني 4 أبريل/نيسان. وفي 5 أبريل/نيسان أصيب المنزل بصاروخ، فشب حريق في الطابقين الثاني والثالث. وحاولت أسرة فايد أن تفر إلى الشارع من الباب الرئيسي، لكنهم اضطروا إلى الرجوع عندما أصيبت العمة المسنة فادية محمد بطلق ناري في كتفها قبيل بلوغها الباب. فكسروا نافذة جانبية وقفزوا منها إلى الخارج، لكنهم لم يتمكنوا من رفع فايد لإخراجه من خلال النافذة. فهبطوا الدرج جرياً وهم ينادون على الجنود ليكفوا عن إطلاق النار. ثم جرت الأسرة إلى موقع للجنود الإسرائيليين في منزل يقع على الجانب الآخر من الشارع. وقام أحد رجال إسعاف الجيش الإسرائيلي بعلاج إصابة فادية بسرعة، وأخيراً شقت الأسرة طريقها إلى منزل عم فايد الذي يقع على مقربة منهم.
    وفي وقت مبكر من صباح اليوم التالي 6 أبريل/نيسان، عادت أم فايد وأخته للبيت للاطمئنان على سلامة فايد، الذي لم يكن مسلحاً. وتروي أخته أنها هي وأمها جرتا إلى الجنود الإسرائيليين في الشارع لتطلبا الإذن بأخذه:
      حاولنا أن نستعطف الجنود قائلين إن هناك رجلاً مشلولاً في المنزل، بل وأبرزنا لهم بطاقة هويته، فنهرنا الجنود الموجودون في الشارع وأمرونا بالابتعاد، فجرينا إلى [جنود في] منزل مجاور وقلنا لهم نفس الشيء ورجونا وتوسلنا، فسمحوا أخيراً لخمس من النساء بدخول المنزل ليحاولن حمله إلى الخارج. فدخلت أم فايد وعمته وأخته واثنتان من الجيران إلى المنزل، وبعد برهة سمعن صوت جرافة تقترب: جاءت الجرافة وبدأت تهدم المنزل. وكنا نسمع الناس في الشارع يصيحون "قف! هناك نساء بالداخل. قف!" وكان الجنود أنفسهم يعلمون أننا بالداخل لأنهم كانوا قد أذنوا لنا بدخول المنزل وإخراج جمال منه. وعلى الرغم من الصياح استمرت الجرافة في هدم المنازل؛ فهرعت النساء إلى الخارج، والمنزل يهتز ويتداعى من حولهن ليسحق جمال المشلول تحت الأنقاض، وسائق الجرافة يشتمهن ويصفهن بأنهن ساقطات، فأسرعت النسوة إلى منزل آخر للاحتماء به. أما رجل الإسعاف الذي كان قد ساعدهن في اليوم السابق فثار وسب سائق الجرافة.
    وظلت النسوة في المنطقة ثلاثة أيام ثم عدن مرة أخرى إلى الأنقاض بعد انتهاء الاجتياح. "كنا ننام في مكان آخر بالليل، وأثناء النهار نأتي هنا للبحث عنه. بحثنا طوال اليوم أمس ولكننا لم نستطع أن نعثر عليه". وتم انتشال جثة فايد من تحت الأنقاض في 21 أبريل/نيسان، أي بعد 15 يوماً من هدم المنزل عليه. ومن الصعب أن نعرف ما الهدف العسكري الذي ساعد في تحقيقه هذا الهدم، أو أي اعتبار مشروع للضرورة العسكرية الملحة يمكن التعلل بها تبريراً لسحق جمال فايد حتى الموت بدون إعطاء أسرته الفرصة لإخراجه من المنزل. إن هذه الحالة تستدعي التحقيق فيها لاحتمال كونها جريمة حرب.

    إطلاق النار على جمال الصباغ في 6 أبريل/نيسان

    يبلغ جمال الصباغ من العمر 31 عاماً، وهو مصاب بمرض السكري، وكان يقيم في منطقة الدمج بالمخيم مع زوجته نادية وأطفاله الثلاثة. وكان منزله قريباً من موقع القتال الشديد الذي دارت رحاه خلال أول يومين من الاجتياح؛ وعندما اشتدت نيران المروحيات في اليوم الثاني الموافق الرابع من أبريل/نيسان، قامت الأسرة بكسر بابين من الأبواب الداخلية للمنزل، وفرت إلى منزل عم نادية الذي يبعد عنها بمسافة بيتين.
    واشتدت الغارة الجوية في الساعة الثانية من صباح اليوم التالي الموافق الخامس من أبريل/نيسان، فهرعت الأسرة إلى الشارع بحثاً عن مكان آمن. وأصيب منزل الصباغ بقذيفة، وبدأ يحترق أمام أعين الأسرة. وقد ذكرت زوجة الصباغ لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان أنه لم يكن هناك أي فلسطينيين مسلحين داخل منزلهم.
    وفي اليوم التالي الموافق السادس من أبريل/نيسان مرت دبابة إسرائيلية في الطريق وكان الجنود ينادون من خلال مكبرات الصوت على كل الرجال في المنطقة للخروج من منازلهم إلى الشارع، فانصاع الصباغ للنداء وخرج إلى الشارع في حوالي السادسة مساء. وكانت زوجته ترقبه من المدخل عندما رفع قميصه حسب التعليمات وذكر اسمه كاملاً ثم تجرد من ملابسه حتى لم يبق عليه سوى سرواله الداخلي. ثم أمره الجنود بالسير مع الرجال الآخرين إلى الميدان الواقع عند العيادة الصحية، فقال لهم الصباغ إنه مصاب بمرض السكري ولا يتحمل الجو البارد، فسمح له الجنود بإحضار دوائه وقميص في كيس أسود من البلاستيك.
    وفي الطريق إلى العيادة الصحية سار معه إبراهيم ز. (اسم مستعار)، وهو جار له عمره 16 عاماً. وعندما وصلوا إلى الميدان بجوار العيادة أمروا بالاستلقاء على الأرض. وكان إبراهيم قد رأى الصباغ وهو يتحدث مع الجنود عن مرضه قبل ذلك بفترة وجيزة، وكان لا يزال يحمل قميصه وأدويته في الكيس الأسود. وقال إبراهيم لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان:
      انبطحنا أرضاً، ثم أمرونا بأن نقف وأمروا جمال بأن يترك كيسه. كانوا يريدونه أن يضعه على الأرض، وهذا ما فعله. ثم أمرونا أن نخلع سراويلنا، وبينما كنا ننفذ الأمر أطلقوا عليه النار. وحسب رواية إبراهيم، فقد أطلق الجنود رصاصتين، واحدة على الصباغ وواحدة عليه حيث كان يبعد عنه بضعة أمتار. وقد أخطأت الرصاصتان إبراهيم لكنهما أصابتا الصباغ. لم أر من أطلق علي النار، فقد كان الوقت ليلاً؛ انبطح الجميع على الأرض عندما سمعوا الطلقات، وكان الصوت يشير إلى أنها قريبة منا جداً على بعد يتراوح بين خمسة وعشرة أمتار. وعندما سمعت الطلقات ألقيت بنفسي على الأرض. وسمع إبراهيمُ الصباغَ وهو يردد الشهادة، ثم ساد الصمت.
    وبعد عشر دقائق وصلت مجموعة من أحد عشر رجلاً فلسطينياً، وأمروا بالتجرد من ملابسهم إلا الداخلية منها، والجثو أمام الجنود. ثم قيد الجنود أيديهم واحداً واحداً بدءًا بالجانب الأيمن، ولكنهم لم يقيدوا أيدي آخر ثلاثة منهم، وإنما أمروهم بحمل جثة الصباغ إلى داخل مبنى العيادة حيث حاولوا وضع الجثة في ثلاجة كبيرة، لكنها لم تسعها. وكان آخر ما رآه إبراهيم قبل أن يقتادوه إلى التحقيق مجموعة من الجنود الإسرائيليين تضع جثة الصباغ تحت سلم العيادة. ومن ثم ينبغي في هذه الحالة إجراء تحقيق لتحديد أسباب إطلاق النار على شخص وقتله بينما كان في ذلك الوقت تحت السيطرة المباشرة للجيش الإسرائيلي وكان يطيع الأمر بالتجرد من ملابسه.

    إطلاق النار على علي مقصقص في السابع من أبريل/نيسان

    كان علي مقصقص، وهو بائع متجول، يعيش في منطقة الساحة في مخيم جنين. وكان في منزله يوم الأحد السابع من أبريل/نيسان مع أولاده الستة الذين تتراوح أعمارهم بين الرابعة والرابعة والعشرين. وكانت زوجته التي تعمل بمستشفى الرازي في مدينة جنين من بين حوالي ثلاثين من العاملين بالمستشفى الذين اضطروا للبقاء في المستشفى بسبب حظر التجول فلم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم.
    وفي اليوم الثاني للاجتياح اقترب القتال من منزل أسرة مقصقص واشتدت الغارة الجوية؛ فأصابت قذيفة البيت المقابل له مباشرة، مما أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص بداخله بجراح، بعضهم من المقاتلين وبعضهم من المدنيين الذين كانوا يحتمون بالداخل بعد تدمير منازلهم. فحاولت الأسرة مساعدة من بالداخل، واستدعت سيارة إسعاف، ولكن قيل لهم إن السيارة لا تستطيع الوصول إليهم. وذكر أحد أبناء علي واسمه حسن أن جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية قالت له "لقد حاولنا الحضور، لكن الجنود أطلقوا النار علينا، بل إنهم اعتقلوا بعض العاملين التابعين لنا". فقام أفراد الأسرة بجر بعض المصابين إلى مكان أكثر أمناً، لكنهم اضطروا لترك الآخرين.
    وفي اليوم التالي الموافق السابع من أبريل/نيسان كان علي مقصقص يحتمي هو وأسرته في الغرفة الأمامية من المنزل التي لم يكن بها مصدر للماء الجاري، وعندما أذن لصلاة الظهر أراد علي مقصقص أن يذهب للصلاة؛ فخرج ليحضر بعض الماء للوضوء من الخزانات الموجودة في الناحية الغربية من المنزل. وكان يدرك أن الجنود الإسرائيليين اتخذوا موقعهم في الجهة الشرقية من المنزل، ولكنه لم يكن يلحظ أن هناك جندياً آخر عند نافذة قرب الجانب الشمالي الشرقي للمنزل، على بعد حوالي عشرين متراً من خزان المياه.
    وفتح مقصقص الباب وخرج. ويحكي ابنه حسن لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان ما حدث بعد ذلك: ما إن خرج حتى سمعناه يصيح "طخوني، طخوني!" نعم، وسمعنا صوت الطلقات، وكان صوت بندقية قناصة. إن هذا سابع اجتياح لجنين، وقد تعودنا على هذه الأصوات الآن. وجرى أبي ليختبئ تحت سلم خرساني خفيض على بعد حوالي مترين إلى يساره.
    وقد أطلقت النار مرتين على مقصقص فأصابته في بطنه؛ وعلى الفور اتصل حسن وإخوته تليفونياً بجارهم محمود طالب ليأتي لمساعدتهم في إنقاذ أبيهم. فوافق طالب، وجرى حسن إلى باب الفناء ليفتحه له. ولكن بينما كان يفتح الباب أطلق الجندي النار ثانية، فأخطأ حسن لكنه أصاب طالب في جنبه. وقد قال طالب لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان: "ذهبت لمساعدته، وكان في منزل جاري هنا أحد الجنود، وعندما رآني أطلق النار علي؛ فكلما رأي شيئاً يتحرك، أطلق النار عليه". وقدم طالب لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان شهادة طبية تفيد بأنه تم إخراج طلقة وشظية من صدره. وقام حسن بالمساعدة في سحب طالب إلى مخزن صغير، ثم هشم نافذة المخزن. وفر حسن وإخوته وأخواته وطالب من خلال النافذة، ثم جرى حسن والأطفال إلى منزل عمهم وهم يعرفون أن أباهم في حكم الميت، وإن لم يكونوا متأكدين: "كنا نعرف أن أبي تحت السلم، لكنه كان صامتاً، فلم يند عنه صوت بعد صرخته الأولى".
    وظل حسن والأطفال في منزل عمهم حتى انتهاء الاجتياح. وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر لهم وفاة أبيهم، وذلك بعد ثمانية أيام من إطلاق النار عليه، ونقلت رفاته لدفنها. وخرق مدني أعزل لحظر التجول بغرض إحضار الماء لا يجوز اعتباره عملاً عدوانياً تحت أي ظرف من الظروف، ومن ثم ينبغي إجراء تحقيق في هذا الحادث.

    إطلاق النار على محمد أبو السباع في التاسع من أبريل/نيسان

    يقع منزل محمد أبو السباع الذي يبلغ من العمر 65 عاماً في حارة الحواشين في مخيم جنين للاجئين، التي سوتها القوات الإسرائيلية بالأرض تماماً باستخدام الجرافات في أثناء هجومها على المخيم. وفي حوالي الساعة السادسة من صباح يوم التاسع من أبريل/نيسان لاحظت الأسرة أن الجرافات الإسرائيلية دخلت الحارة وبدأت في دك البيوت دون سابق إنذار، ثم بدأت الجرافات تهدم بيت أبو السباع والأسرة لا تزال بالداخل.
    فخرج محمد أبو السباع رب الأسرة ليتناقش مع سائق الجرافة الذي يهدم منزله، وأوضح له أن أسرته لا تزال بالداخل، ورجاه أن يوقف عملية الهدم برهة، فاستجاب السائق وبدأ في مغادرة المنطقة. ويقول سامي أبو السباع ابن محمد البالغ من العمر 43 عاماً إن جندياً إسرائيلياً أطلق النار على أبيه فأرداه قتيلاً بينما كان عائداً إلى منزله:
    عندما غادرت الجرافة المكان أطلق أحد القناصة النار على أبي. وكان عندئذ داخل المنزل، ولكن نظراً لأن نصف المنزل كان قد تهدم [بفعل الجرافة] فقد كان ظاهراً للعيان [من الخارج]، وقد أصيب في صدره برصاصة أو اثنتين. وكان الوقت في الصباح الباكر، حوالي الساعة السابعة والنصف أو نحو ذلك. وتوفي أبي في الحال، فوضعنا جثته في الغرفة.
    وبعيد مقتل محمد أبو السباع لاحظ الباقون من أفراد الأسرة مجموعات من المدنيين يسيرون في الشوارع وهم يحملون ملاءات بيضاء، وأخبرهم بعض هؤلاء المدنيين أن الجرافات تسوي البيوت بالأرض في منطقة الحواشين بالمخيم، وأن كل من يبقى في بيته يعرض نفسه لخطر الموت. فقرر أفراد أسرة أبو السباع أن يغادروا منزلهم هم الآخرون: "تركنا [جثة] أبي بالداخل، وخرجنا". وعند مدخل المخيم، اعترض الجنود الإسرائيليون المدنيين، ففصلوا النساء والأطفال عن الرجال، وتركوا النساء والأطفال يمضون في طريقهم إلى المستشفى، بينما قيدوا الرجال واعتقلوهم. وعندما أطلق سراح سامي أبو السباع من الاعتقال وجد بيته وقد تهدم تماماً، فبدأ يبحث عن جثة أبيه وسط الأنقاض:
    وجدنا الجثة منذ يومين [في 18 أبريل/نيسان]. فقد عدت وتعرفت على المكان الذي كان بيتنا قائماً فيه. وأحضرنا الجرافة. وعندما رأيت السرير والعظام قلت للجرافة أن تتوقف، وبدأنا نحفر بأيدينا. وكانت الجثة قد تحللت.
    وتعمد قتل مدني أعزل في غير وضع القتال هو انتهاك للقانون الإنساني الدولي ويُعدُّ بمثابة جريمة حرب.

    مقتل نايف عبد الجابر وحامد فايد في العاشر من أبريل/نيسان

    كانت أسرتا عبد الجابر وفايد تقيمان خارج مخيم جنين، في منطقة المراح بمدينة جنين. وفي حوالي الساعة الثانية من بعد ظهر يوم 10 أبريل/نيسان دخلت دبابتان المنطقة. وفي ذلك الوقت كان نايف عبد الجابر البالغ من العمر 19 عاماً يزور بيت صديقه حامد فايد البالغ من العمر 20 عاماً. وحاول والد نايف أن يتصل ببيت فايد ليحذر ابنه من أن الوضع خطير بدرجة يتعذر معها رجوعه لمنزله، ولكن الشابين كانا قد خرجا. وقد أنكرت أسرتا الشابين وأصدقاؤهما بشدة ضلوعهما في نشاط أي تنظيم فلسطيني مسلح. والمعتاد في حالة مقتل أي مقاتل فلسطيني، أن تفتخر أسرته وأصدقاؤه كثيراً "باستشهاده"، وألا يحاولوا إنكار تاريخه النضالي.
    وكان محمد شلبي البالغ من العمر 20 عاماً برفقة الشابين، ويروي ما حدث بقوله:
      كنا في بيتنا مع حامد، ونايف و[شاب آخر] وكنا جالسين عندما سمعنا ضجيج الدبابات وداهمنا الخوف. وعندما شعرنا أن الموقف قد أصبح بالغ الخطورة، قررا العودة إلى منزليهما. فحاولت ثنيهما عن الرحيل، لكنهما أصرا على العودة للبيت.
      وخرجنا من المنزل نحن الأربعة، وكنا نسير متقاربين، ثم تركنا [الشاب الآخر] ليعود إلى منزله، فبقينا نحن الثلاثة معاً. وكان نايف وحامد يقفان أمام متجر، بينما عدت أنا لأتأكد ما إذا كانت هناك دبابات أخرى في الشارع.
    ثم بدأ إطلاق النار، وظننت أنه يأتي من الدبابات، ثم أدركت أنه يأتي من المروحيات. وعندما سمعت إطلاق النار ذهبت لأختبئ... وعندما وجدنا حامد [بعد الهجوم] كان ما زال يتنفس؛ واستغرق الوصول إلى المستشفى حوالي ثلاثين دقيقة. وكان في المرة الأولى قد جرح في رجله، ثم حاول الهرب والاختباء فأصيب في رأسه من الخلف بطلق ناري.
    ولم يشهد محمد شلبي واقعة إصابة نايف عبد الجابر، الذي كان يختفي خلف سيارة أخرى، لكن نايف عُثر عليه فيما بعد مصاباً بجرح مميت في نفس المكان الذي كان فيه حامد. فحمل محمد شلبي وصديق آخر حامد المصاب بجرح مميت إلى المستشفى، حيث توفي بعد قليل متأثراً بجراحه. وكان قاسم عبد الجابر قد سمع بإطلاق النار على ابنه، فهرع إلى المنطقة مع زوجته ليجد ابنه جريحاً:
    عندما وصلت إلى هناك، وجدت بعض الناس يحيطون بنايف ويقدمون له الإسعافات الأولية، وكان ينزف من فمه ولكنه لا يزال على قيد الحياة. فأخذناه ووضعناه على أرضية أحد المتاجر. وطلبنا سيارة إسعاف لكن السائق مُنع من الوصول إلى المنطقة. وجاءت سيارة المطافئ لتحاول المساعدة ولكنها منعت بدورها، فقد منعها الجنود الإسرائيليون من الوصول إلى المنطقة.
    وجلسنا مع نايف حتى الساعة الثانية صباحاً. وكانت المنطقة بأكملها محاصرة بالدبابات وكانت [مروحيات] الأباتشي تحلق في السماء. كما تفقد الجنود الإسرائيليون المنطقة بكلابهم وجعلوا الجميع يخرجون وفتشوا ملابسهم فيما بين الساعة 11:30 تقريباً حتى منتصف الليل. وقال الإسرائيليون إنه كان هناك أربعة أشخاص، وإنهم أطلقوا النار على أحدهم فقتلوه وأصابوا آخر، وكانوا لا يزالون يبحثون عن الاثنين الباقيين وعن الشخص المصاب.
    وفي الساعة الثانية صباحاً سمحت القوات الإسرائيلية أخيراً لسيارة مطافئ بدخول المنطقة ونقل نايف إلى المستشفى، لكنه توفي متأثراً بجراحه في الثامنة من مساء يوم الخميس 11 أبريل/نيسان. وفي أثناء الهجوم أصيب بعض المدنيين في البيوت المجاورة أيضاً من جراء القتال. ومن هؤلاء المصابين رينا حسن البالغة من العمر 15 سنة، والتي كانت لا تزال طريحة الفراش عندما تحدثت إلى منظمة مراقبة حقوق الإنسان: "جاءت المروحيات فوق المنطقة وبدأت تطلق النار، وكنت في غرفتي عندما بدأ إطلاق النار.
    وسقطت قنبلة كبيرة من الهليكوبتر بالخارج في الشرفة وأصابتني منها خمس شظايا، منها اثنتان لا تزالان في رئتي، واثنتان في كتفي". وقام أربعة من الصبية من المنطقة بنقل الفتاة إلى المستشفى على نقالة أعدوها يدوياً. وقتل مدنيين وهما يحاولان العودة إلى منزلهما أمرٌ يتوجب التحقيق فيه.

    مقتل كمال صغير في 10 أبريل/نيسان

    كان جمال صغير البالغ من العمر 57 عاماً رجلاً فقيراً مقعداً لا يفارق كرسيه المتحرك؛ وكان يبيت الليل في غرفة خلفية في محطة بنزين في جنين قرب مصنع إبراهيم حداد، وفي كل يوم تقريباً كان يذهب بكرسيه المتحرك إلى مخزن صناعي مجاور حيث كان صديقه درار حسين البالغ من العمر 50 عاماً يغسل له ثيابه، ويصلح كرسيه المتحرك، ويحضر له الطعام، كما يخفف عنه بعض الشيء من وحدته التي يعيش فيها. وفي يوم الأربعاء 10 أبريل/نيسان جاء كمال صغير لزيارة صديقه درار حسين كالمعتاد، وقال درار حسين إنه قام بغسل ثياب صديقه وإطعامه ثم أوصله على كرسيه المتحرك إلى الطريق الرئيسي عندما أراد العودة إلى غرفته في حوالي الساعة الرابعة مساءً. وبعد بذلك بفترة وجيزة قتل كمال صغير:
    في ذلك اليوم جاءني في الصباح كعادته كل يوم، فغسلت ثيابه ونشرتها لتجف. وفي حوالي الساعة الرابعة أو الرابعة والربع مساءً دفعت بكرسيه المتحرك إلى الشارع، فمضى في طريقه إلى محطة البنزين... وكنت قد وضعت راية بيضاء على الكرسي كي تسهل رؤيته من بعيد.
    وانتظرت حوالي عشر دقائق، لأنه يستغرق بعض الوقت حتى يصل إلى آخر [ساحة] المصنع. ثم سمعت صوت الدبابات يأتي من الغرب، فشعرت بالقلق عليه لأنه كان في الشارع. ثم بدأوا يطلقون النار من الدبابات. وكنت أعرف تماماً موقعه في تلك اللحظة، وكان القتال دائراً هناك. وظننت أول الأمر أنهم يطلقون النار ليحملوه على الابتعاد عن الشارع.
    ثم اقتربت الدبابات وأصبح الوضع شديد الخطورة بحيث لا يمكنني البقاء في الخارج، فدخلت. وتوقفت الدبابات حوالي 45 دقيقة على مشارف المصنع... ولم تغادر الدبابات المنطقة، وإنما ظلت في مكانها فلم أستطع الخروج من المجمع للاطمئنان عليه. وظلت الدبابات هناك طوال الليل. وفي الصباح التالي رفع حظر التجول في جنين لفترة وجيزة، فذهب درار حسين على الفور للاطمئنان على صديقه:
    ذهبت سيراً على الأقدام، وفي المكان الذي توقعته وجدت الكرسي المتحرك وقد سحقته الدبابات. رأيت الكرسي، لكني لم أجد جثة؛ فجريت إلى محطة البنزين التي يبيت فيها منادياً "كمال!، يا كمال!". ودخلت غرفته ولكني لم أجد فيها أحداً.
    فعدت إلى مكان الكرسي المحطم، لأنظر هنا وهناك. وكنت قد لمحت شيئاً وسط الحشائش [من المصنع]، فتذكرته فجأة وذهبت لأستكشفه فوجدت جثته بين الحشائش.
    لم يكن بالمستطاع التعرف على الجثة، فقد كان وجهه مهشماً ورجلاه مسحوقتين، ولم أتمكن من التعرف عليه إلا من خلال الجرابين اللذين كنت قد غسلتهما له في اليوم السابق.
    وقد ذهبت منظمة مراقبة حقوق الإنسان لتفقد موقع مقتل كمال صغير، فوجدت الكرسي المسحوق المرشوق بطلقات الرصاص على جانب الطريق، والراية البيضاء لا تزال مثبته فيه. ولاحظت المنظمة أن هذا الجزء من الطريق الذي قتل عليه كمال صغير مكشوف تماماً والرؤية فيه ممتازة، ومن ثم فمن المستبعد أن يكون الجنود الإسرائيليون الذين أطلقوا عليه النار قد رأوا أي شيء بخلاف رجل مسن على كرسي متحرك. وعلى الرغم من أن كمال صغير كان بالخارج أثناء حظر التجول، فإن استعمال القوة المميتة لا يمكن تبريره بحجة فرض حظر التجول. وعلى ذلك فإن هذه الحالة تثير القلق بشأن ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، ومن ثم تستدعي إجراء تحقيق جنائي فيها.

    مقتل فارس زيبان في 11 أبريل/نيسان

    تعيش أسرة زيبان في حي المسلح في مدينة جنين، خارج مخيم جنين للاجئين. وأثناء عملية الجيش الإسرائيلي في مخيم اللاجئين، تم فرض حظر التجول التام على المدينة بأكملها. وفي صباح يوم 11 أبريل/نيسان أُخبر المدنيون في مدينة جنين أن حظر التجول سيرفع لبضع ساعات للسماح لهم بجلب المواد الغذائية وغيرها من المستلزمات الضرورية.
    وعندما تم رفع الحظر أعطى عناد زيبان البالغ من العمر 42 عاماً بعض النقود لابنه فارس البالغ من العمر 14 عاماً وطلب منه الذهاب لشراء بعض مواد البقالة. فغادر فارس زيبان البيت وذهب مع مجموعة من النساء وصبيين آخرين إلى متجر قريب للبقالة يقع على مقربة من المدرسة الإبراهيمية. وكان بصحبته يوسف
      أ. (اسم مستعار)، الذي أخبر منظمة مراقبة حقوق الإنسان بما حدث في الطريق إلى المتجر: كنت أنا وفارس وصبي آخر وبعض النساء معاً، وقال لي فارس أن أعود إلى البيت ولكني رفضت. وبينما كنا سائرين نحو دبابة [على بعد 75 متراً]، رأينا الدبابة تدور نحونا، فخفت وقال لي فارس "ارجع إلى البيت!"، لكني رفضت.
    ثم بدأت الدبابة تطلق النار، فجرى فارس وولد آخر بعيداً. ووقعت أنا على الأرض، ثم رأيت فارس يسقط على الأرض فظننت أنه تعثر وحسب؛ لكني رأيت الدماء على الأرض، فذهبت إلى فارس وظننت أنه مغشي عليه فقط، ثم جاءت امرأتان فحملتاه إلى سيارة.
    لم يقل الجنود أي شيء قبل أن يبدأوا إطلاق النار؛ ولم يكن معنا رجال، وإنما كنا مجموعة من الصبية والنساء فقط؛ ولم نكن نقذف أي حجارة على الدبابة.
    وكان عناد زيبان في السوق عندما سمع بإطلاق النار على ابنه وبنقله إلى المستشفى؛ فهرع إلى المستشفى لكنه سرعان ما أُبلغ بموت ابنه. وقد زارت منظمة مراقبة حقوق الإنسان مكان إطلاق النار، ووجدته يقع في شارع يتميز بوضوح الرؤية؛ أي أن مرمى النار أمام الجنود كان واضحاً من مكان وقوف دبابتهم في وسط الطريق. واستخدام القوة المميتة ضد مجموعة من المدنيين عقب رفع حظر التجول في مكان لا يدور فيه قتال يمثل اعتداءً متعمداً على المدنيين العزل، ومن ثم جريمة من جرائم الحرب.