الولايات المتحدة الأمريكية
USA
Report



الولايات المتحدة
  

الولايات المتحدة الأمريكية:
"الانحراف عن الهدف: إدارة الحرب والخسائر بين المدنيين في العراق"

1. ملخص وتوصيات
النتائج الرئيسية | المنهج | التوصيات الرئيسية | الهوامش | البيان الصحفي | English

المنهج


سبق أن أوفدت منظمة هيومن رايتس ووتش عدة بعثات لتقييم أضرار المعارك بهدف التحقيق في سير الحرب وخسائر المدنيين، ومنها بعثاتها إلى يوغوسلافيا في عام 1999 وأفغانستان في عام 2002. وبينما يقوم العسكريون بإجراء مثل هذه التقييمات لتحديد مدى النجاح العسكري لعملية من العمليات، فإن هيومن رايتس ووتش تقوم بمراجعة نفس الحوادث من منظور القانون الإنساني الدولي. وفي حالة بعثتها إلى العراق، فقد أجرت المنظمة بحثها على ثلاث مراحل قبل البعثة وفي أثنائها وبعدها.

قبل إيفاد البعثة

في أثناء مرحلة القتال الفعلي، قامت هيومن رايتس ووتش بمتابعة التقارير الإخبارية الواردة من شتى أنحاء العالم عن المدنيين الذين أصيبوا أو قتلوا بسبب القتال، وفحصت كل تقرير منها من حيث موقع الحدث وتاريخه وتوقيته إلى جانب التكتيكات والأسلحة المستخدمة والقوات العسكرية المشتركة فيه. وتم جمع التقارير في صورة قاعدة بيانات إلكترونية يوما بيوم، الأمر الذي يسر لباحثي هيومن رايتس ووتش تحديد المواقع الأولية للتفقد والتحليل داخل العراق. كما تضمنت الجهود المبذولة قبل إيفاد البعثة إعداد خرائط للعراق ومدنه الرئيسية مجهزة خصيصا باستخدام برنامج "آركفيو" للمعلومات الجغرافية. والغرض من هذه الخرائط الرقمية هو استخدامها لعرض البيانات المجموعة داخل العراق عن مواقع الأعيان والأحداث المختلفة على وجه الدقة.

أثناء البعثة

أوفدت منظمة هيومن رايتس ووتش فريقا مكونا من ثلاثة باحثين إلى العراق في الفترة من 29 أبريل/نيسان إلى الأول من يونيو/حزيران 2003، للتحقيق في آثار الحرب الجوية والحرب البرية والأجواء التي سادت بعد القتال مباشرة على المدنيين. وتضمن هذا الفريق محللا عسكريا كبيرا خبيرا في الشؤون العراقية، ومحاميا خبيرا بالقانون الإنساني الدولي واستخدام الذخائر العنقودية، وباحثا أول، ويتمتع ثلاثتهم بخبرة سابقة في هذا النوع من البحث(17). وركز الفريق على الجوانب الأساسية للقتال في أودية نهري دجلة والفرات التي وردت أنباء عن وفيات المدنيين فيها. واستعان الفريق بداية بقاعدة البيانات المكونة من التقارير الصحفية، ثم بعد ذلك بالمعلومات التي حصل عليها من مصادر داخل العراق، وزار عشراً من المدن العراقية، هي أم قصر والفاو والبصرة والناصرية والشاطرة وبغداد والحلة وكربلاء والنجف الأشرف والفلوجة. وحصل على بيانات عن مواقع الهجمات التي تمت بالذخائر العنقودية من مركز العمليات الإنسانية بالكويت، وقام برسم هذه المواقع على الخرائط باستخدام برنامج "آركفيو"، كما زار العديد من المواقع الواقعة داخل المناطق السكنية. وتنقل الفريق بحرية سواء داخل المدن أو فيما بينها بسيارات خاصة، دون أن يكون مسلحا أو مصحوبا بحراسة عسكرية.

وحاول الفريق في كل موقع من المواقع التي زارها البحث في ثلاثة مصادر مختلفة للمعلومات، هي مسار المقذوفات والأطراف المتحاربة والضحايا.

آثار المقذوفات: تتضمن الأدلة المتعلقة بآثار المقذوفات الأضرار الناجمة عن انفجار المقذوفات وانتثار شظاياها، وبقايا الأسلحة خاصة في حالة الذخائر العنقودية. وقد ساعدت هذه المعلومات الباحثين على تحديد الأسلحة المستخدمة في حوادث بعينها والطريقة التي استخدمت بها.

الأطراف المتحاربة: حاول الفريق إجراء مقابلات شخصية مع عدد من الجنود من كافة الأطراف الضالعة في كل واقعة بعينها، الذين يمكن أن يعطوا معلومات عن طريقتهم في القتال في اشتباكات معينة، بما في ذلك التفاصيل الخاصة بالأسلحة والتكتيكات التي استخدموها في وقت الهجوم.

الضحايا: أجرى الفريق مقابلات شخصية مع الضحايا والشهود في الهجمات التي أضرت بالمدنيين لجمع المعلومات عن وقت هذه الوقائع وتواريخها ومواقعها وطبيعتها. كما راجع الآلاف من التقارير الطبية في أكثر من عشر مستشفيات في المدن التي زارها، وأجرى مقابلات شخصية مع الأطقم الطبية في هذه المنشآت. وبالإضافة إلى ذلك، سجل الفريق في كل موقع من المواقع الإحداثيات الدقيقة للمواقع الهامة باستخدام النظام العالمي لتحديد المواقع بالأقمار الاصطناعية، مثل حقول الأشلاء والفوهات المتخلفة عن القنابل والأضرار الناجمة عن الشظايا والأسلحة الصغيرة، ومواقع قوات التحالف والقوات العراقية طبقا لشهادة الشهود، وأماكن الوفيات والإصابات المدنية - وذلك باستخدام أجهزة يدوية متوافقة مع النظام العالمي لتحديد المواقع من طراز "غارمين". كما التقط الفريق آلاف الصور الفوتوغرافية الرقمية لتحليلها إلى جانب الأدلة السابق ذكرها.

ولا بد أن نؤكد أن منظمة هيومن رايتس ووتش لم تتمكن، إلا في حالة واحدة، من إجراء مقابلات مع أفراد القوات المسلحة العراقية لتسجيل ردهم على ما نُسب إليهم من اتهامات بانتهاك القانون الإنساني الدولي، وآرائهم فيما يتعلق بالأسلوب القتالي لقوات التحالف. ولا يقيِّم هذا التقرير المزايا العسكرية لأي هجوم معين يتناوله بالوصف؛ بل يجب على أطراف الصراع القيام بمثل هذا التقييم في كل حالة على حدة قبل إقدامها على أي هجوم.

بعد البعثة

بعد عودته من العراق، قام فريق الباحثين بتجميع وتحليل كافة المعلومات التي جمعها أثناء البعثة؛ كما أجرى مقابلات للمتابعة مع المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين المعنيين.

خسائر المدنيين

لم تحاول هيومن رايتس ووتش إحصاء عدد الوفيات من المدنيين في العراق؛ فلا شك أنه من المفيد معرفة العدد الإجمالي للضحايا لإدراك آثار الحرب بصورة كاملة، ولإجراء تحليلات مقارنة مع صراعات أخرى حديثة، بيد أننا نعتقد أنه من الأهم فهم الظروف التي أدت إلى وقوع خسائر بين المدنيين.

وقد توجه باحثو هيومن رايتس ووتش إلى الكثير من المستشفيات في المدن العشر والبلدات الصغيرة العديدة التي زاروها أثناء البعثة؛ ووضع مديري المستشفيات والموظفون الطبيون، الذين كانوا يعملون في هذه المنشآت أثناء الصراع - وضعوا السجلات الطبية العراقية في متناول الباحثين (18)، مما سمح لهم باستخلاص بعض الاستنتاجات الإحصائية، ولكنها سلطت الضوء كذلك على التحديات التي تنطوي عليها أي محاولة لإجراء إحصاء دقيق لخسائر المدنيين.

وقد تفاوتت جودة هذه السجلات من استمارات المستشفيات المفصلة المعدة بواسطة الكمبيوتر إلى الدفاتر الملطخة بالدماء التي تحتوي على بيانات مسجلة بخط اليد. ولئن كان بعض المنشآت الطبية قد تمكنت من الاحتفاظ بسجلات شاملة، فثمة منشآت أخرى كانت سجلاتها غير كاملة، وكانت بعض أجزائها ناقصة؛ ومن البديهي أن حفظ السجلات لم يكن دائماً على رأس أولويات المستشفيات إبان العمليات العسكرية النشطة؛ وهذا هو أحد الأسباب التي تدفع إلى الاعتقاد بأن العدد الإجمالي لخسائر المدنيين في العراق لن يعرف على وجه الدقة أبداً. وثمة تحدٍ آخر يواجه من يحاول إحصاء خسائر المدنيين العراقيين، وهو أنه في هذا البلد المسلم تُدفن الجثث على الفور تقريباً. ورغم أن المستشفيات لديها سجلات بعض الوفيات التي وقعت أثناء الحرب، فإن نسبة معينة من الموتى لم ينقلوا إلى المستشفيات، بسبب تقاليد وأعراف دينية، ولا حتى لاستخراج شهادات الوفاة.
وأخيراً، ففي بعض الحالات، مثلما هو الحال في أي حرب، لا يكاد يوجد أي رفات يمكن من خلاله تحديد هوية الموتى.

ورغم أنه قد يكون من المتعذر إجراء إحصاء كامل لخسائر المدنيين، فقد بذلت بعض المحاولات لتحديد عدد الموتى؛ فعقب انتهاء العمليات القتالية الرئيسية، جمعت وكالة الأسوشيتد برس بيانات من ستين مستشفى من مستشفيات العراق البالغ عددها 124، وقدرت عدد المدنيين الذين لقوا حتفهم بما لا يقل عن 3420؛ ووصفت الوكالة هذا الإحصاء بأنه "ناقص"، وقالت "من المؤكد أن الحصيلة الكاملة - إن تم إحصاؤها على الإطلاق - سوف تكون أعلى من ذلك بكثير". (19) وأجرت صحيفة "لوس أنجيليس تايمز" استقصاء لسبعة وعشرين مستشفى في بغداد والمناطق المحيطة بها، فتبين لها أن ما لا يقل عن 1700 مدني قد لقوا حتفهم، فيما أصيب أكثر من 8000 آخرين في العاصمة. (20).

وتشير الإحصائيات المستقاة من سجلات المستشفيات إلى أن الحرب البرية تسببت في الغالبية العظمى من الوفيات؛ ففي الناصرية، لقي أكثر من 400 مدني حتفهم، من بينهم ما لا يقل عن 72 امرأة و169 طفلاً؛ وأصيب أكثر من 700 آخرين من النساء والأطفال. وقد نجمت الكثرة الغالبة من هذه الخسائر عن نيران الأسلحة الصغيرة عندما اشتدت ضراوة القتال في أحد الأحياء الكثيفة السكان بالمدينة. وكانت حصيلة القتلى والجرحى مرتفعة في بغداد أيضاً؛ وفي الحلة، تسببت الذخائر العنقودية التي أطلقتها القوات الأمريكية من الأرض في وقوع 90 بالمائة من جميع خسائر المدنيين؛ وقتلت هذه الأسلحة أعداداً كبيرة من المدنيين في البصرة وبغداد أيضاً. وإذا كانت الحرب البرية قد تسببت في وقوع عدداً أكبر بكثير من الخسائر بين المدنيين، فإن الحرب البرية، ولا سيما الهجمات الفاشلة التي استهدفت القيادات العراقية، قد ساهمت في العدد الإجمالي للقتلى والجرحى من المدنيين.

النتائج الرئيسية | المنهج | التوصيات الرئيسية | الهوامش | البيان الصحفي | English