صعّدت المملكة العربية السعودية من التوقيفات والمحاكمات والإدانات القضائية للمعارضين السلميين، وفرقت باستخدام القوة مظاهرات سلمية نظمها مواطنون في عام 2013. استمرت السلطات في خرق حقوق تسعة ملايين سيدة وفتاة سعودية وتسعة ملايين من العمال الأجانب. كما في الأعوام الماضية، عرّضت السلطات آلاف الأفراد لمحاكمات غير عادلة والاحتجاز التعسفي. في عام 2013 أدانت المحاكم سبعة مدافعين عن حقوق الإنسان وأشخاص آخرين جراء التعبير سلمياً عن الرأي والتجمع سلمياً للمطالبة بإصلاحات سياسية وإصلاحات بمجال حقوق الإنسان.
حرية التعبير وتكوين الجمعيات والمعتقد
في 9 مارس/آذار حكمت المحكمة الجنائية بالرياض على الناشطين الحقوقيين د. محمد القحطاني ود. عبد الله الحامد بالسجن 10 و11 عاماً على التوالي، وبحظر سفر لمدد طويلة، بعد إدانتهما باتهامات منها "الخروج على ولي الأمر" و"إنشاء منظمة غير مرخصة". الاتهامات لا تتعلق سوى بدعوة الرجلين السلمية إلى احترام حقوق الإنسان. كما أمر الحُكم بحلّ منظمتهما، وهي الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية. وحكمت محكمة في البريدة على ناشط الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية عبد الكريم الخضر باتهامات مشابهة في يونيو/حزيران، وحكمت عليه بالسجن ثمانية أعوام.
حكمت المحكمة الجنائية المتخصصة في يونيو/حزيران على المدافع عن حقوق الإنسان مخلف الشمري بالسجن خمس سنوات وبحظر السفر 10 سنوات بناء على كتاباته وكشفه لانتهاكات حقوق الإنسان. ظل الناشطان الحقوقيان وليد أبو الخير وفاضل المناسف قيد المحاكمة حتى كتابة هذه السطور، على اتهامات لا تستند إلا لممارستهما سلمياً لحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات.
يستمر المسؤولون السعوديون في رفض تسجيل الجمعيات السياسية والمعنية بحقوق الإنسان، وهو ما يُعرّض أعضاؤها للملاحقة القضائية بتهمة "إنشاء منظمة غير مرخصة". في أغسطس/آب أيدت محكمة استئناف قرار وزارة الشؤون الاجتماعية برفض تسجيل مركز العدالة لحقوق الإنسان بالمنطقة الشرقية. قالت الوزارة إنها لا يمكنها منح التراخيص سوى للجمعيات الخيرية، وأن أنشطة العدالة ليست ضمن تعريف الوزارة للجمعيات الخيرية.
لا تتقبل السلطات السعودية ممارسة أتباع الديانات الأخرى غير الإسلام لشعائرهم علناً، وتميز بشكل ممنهج ضد الأقليات الدينية المسلمة، لا سيما الاثنى عشريين الشيعة والإسماعيليين.
في 8 فبراير/شباط داهم عناصر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (أو الشرطة الدينية) تجمع من حوالي 40 سيدة أثيوبية في الخبر بدعوى أنه تجمع ديني مسيحي. سجنتهن السلطات ورحلتهن في مجموعات، وتم ترحيل أخر مجموعة في يوليو/تموز.
وفي يوليو/تموز حكمت محكمة في جدة على الناشط الليبرالي رائف بدوي بالسجن ست سنوات و600 جلدة بتهمة "إهانة الإسلام" من خلال تأسيس موقع ليبرالي على الإنترنت، وعلى تعليقاته في مقابلات تلفزيونية. في أكتوبر/تشرين الأول أفرجت السلطات عن الصحفي حمزة كاشغري المحتجز منذ فبراير/شباط 2012 دون اتهامات على خلفية مزاعم بالتجديف، بسبب حوار متخيل دونه على صفحته على تويتر مع النبي محمد.
العدالة الجنائية
يواجه المعتقلون، بما في ذلك الأطفال، انتهاكات لحقوقهم في إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمات العادلة، بما في ذلك التعرض للاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة. وكثيرا ما يُصدر القضاة السعوديون أحكامًا بمئات الجلدات.
ويمكن للقضاة إصدار أوامر بالاحتجاز والاعتقال، تشمل الأطفال، بناءً على تقديراتهم الشخصية. ولا شيء يمنع من محاكمة الأطفال على أنهم بالغين إذا توفرت فيهم علامات البلوغ.
لا تخبر السلطات المشتبه فيهم دائماً بالتهم الموجهة إليهم أو الأدلة المُستعملة ضدهم. وبما أنه لا يوجد قانون جنائي في السعودية، فإن المدعين والقضاة السعوديين يُعرّفون الأعمال الإجرامية إلى حد بعيد بناءً على تقديراتهم الشخصية. كما لا تسمح السلطات بشكل عام للمحامين بمساعدة المشتبه فيهم أثناء الاستجواب وتعيق استجوابهم للشهود وتقديم الأدلة أثناء المحاكمة. كما أن الأحكام القضائية السابقة لا تُلزم القضاة، ولا توجد أدلة تُذكر على سعي القضاة للاتساق في إنزال الأحكام في القضايا المتشابهة.
استمرت السلطات في توقيف واحتجاز المشتبه بهم لشهور وأحياناً لسنوات دون مراجعة قضائية أو ملاحقة أمام القضاء. احتجزت قوات الأمن الناشط الأردني خالد الناطور بمطار الملك خالد الدولي في الرياض يوم 6 يناير/كانون الثاني 2013، فيما كان يحاول دخول المملكة في رحلة عمل. ظهر الناطور في مقاطع فيديو لمظاهرات في عمان انتقد فيها تدخل السعودية المسلح في البحرين. احتجزته السلطات بمعزل عن العالم الخارجي ودون اتهامات طيلة ثلاثة أشهر، ثم أفرجت عنه في 7 أبريل/نيسان. قالت هيئة حقوق الإنسان الحكومية لـ هيومن رايتس ووتش في يوليو/تموز إن أكثر من 2500 مشتبه بالإرهاب ما زالوا وراء القضبان دون اتهامات أو محاكمات لمدة بلغت أحياناً 10 سنوات.
طبقاً للتقارير الإعلامية، فقد أعدمت المملكة العربية السعودية 64 شخصاً على الأقل في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وأغلب الإعدامات كانت على جرائم قتل وجرائم متعلقة بالمخدرات وعمليات سطو مسلح. الأغلبية العظمى من عمليات الإعدام تمت بطريق ضرب العنق علناً. في 21 مايو/أيار أعدمت السلطات في محافظة جيزان خمسة يمنيين بتهمة السطو المسلح والقتل بطريق "الصلب" – وهي عقوبة تتمثل في ضرب العنق ثم عرض الجثامين مجزوزة الرأس علناً. وقت كتابة هذه السطور كان الادعاء بالمحكمة الجنائية المتخصصة قد طالب بتوقيع عقوبة "الصلب" على رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر.
في أبريل/نيسان أعدمت السلطات في مدينة أبها جنوبي المملكة سبعة رجال سعوديين رمياً بالرصاص على عمليات سطو مسلح تمت عام 2005، وكان اثنان منهم على الأقل تحت سن 18 عاماً وقت وقوع السرقات المزعومة. السعودية واحدة من أربع دول في العالم تستمر في إعدام الأحداث.
حقوق النساء والفتيات
بموجب نظام ولي الأمر، يُحظر على النساء والفتيات السفر أو إجراء معاملات رسمية أو الخضوع لبعض الإجراءات الطبية دون موافقة أولي أمرهن. وبالمثل، بموجب قواعد غير مقننة تخص الأحوال الشخصية، ليس مسموحاً للمرأة الزواج دون إذن ولي أمرها، وعلى النقيض من الرجل ليس لها حق في إبرام الطلاق من جانبها، وكثيراً ما تواجه التمييز في حضانة الأطفال.
في 26 أكتوبر/تشرين الأول قامت 50 سيدة سعودية على الأقل بقيادة سيارات في شتى أنحاء المملكة، في تحدٍ لحظر قيادة السيدات. قال مسؤولون بالشرطة أن رجال الأمن أوقفوا سيارات 18 سيدة على الأقل في مناطق مختلفة بالمملكة، وإن كان من غير الواضح هل تعرضن لغرامات أو عقوبات أخرى. في 27 أكتوبر/تشرين الأول أوقفت الشرطة طارق المبارك، وهو معلم بالمدرسة الثانوية وكاتب مقالات لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية الناطقة بالعربية، وكان قد أعرب عن دعمه لإنهاء حظر القيادة. أفرجت السلطات عن المبارك في 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
أعلنت وزارة التعليم في مايو/أيار أن الفتيات الملتحقات بالمدارس الخاصة يمكنهن المشاركة في الأنشطة الرياضية تحت إشراف المعلمات إذا ارتدين "ثياباً لائقة"، لكن لم تعلن عن الاستراتيجية الوطنية الموعودة بتعزيز الأنشطة الرياضية للبنات في المدارس الحكومية.
في يناير/كانون الثاني عيّن الملك عبد الله 30 سيدة في مجلس الشورى وعدّل نظام المجلس بما يضمن تمثيل المرأة. منحت وزارة العدل أول ترخيص لمحامية تحت التدريب وهي أروى الحجيلي، في أبريل/نيسان.
ما زال إنفاذ العقاب على العنف الأسري متراخياً، لكن في أغسطس/آب أصدر مجلس الوزراء نظاماً (قانوناً) جديداً يجرم الأذى الأسري للمرة الأولى. لا يتناول النظام تفصيلاً آليات الإنفاذ من أجل ضمان التحقيقات الفورية في ادعاءات الأذى، أو ملاحقة من يرتكبون الأذى أمام القضاء، ولا يجرم صراحة الاغتصاب الزوجي.
حقوق العمال الوافدين
يوجد في السعودية أكثر من تسعة ملايين عامل يعملون في الحرف اليدوية والوظائف الكتابية وقطاع الخدمات، ويمثلون أكثر من نصف القوة العاملة في البلاد. ويعاني الكثير من هؤلاء العمال من انتهاكات متنوعة ومن الاستغلال في العمل، الذي يرقى في بعض الأحيان إلى ما يشبه الاسترقاق.
ويربط نظام الكفالة تراخيص إقامة العمال الأجانب، بصاحب العمل "الكفيل"، ولا يمكن للعمال تغيير عملهم أو مغادرة البلاد إلا بعد الحصول على موافقة الكفيل الكتابية. ويقوم بعض أصحاب العمل خروجاً على القانون، بمصادرة جوازات السفر، ومنع الرواتب، وإجبار العمال الوافدين على العمل دون رغبتهم.
في 4 نوفمبر/تشرين الثاني – بعد "فترة سماح" امتدت لسبعة شهور للعمال الأجانب لكي يصححوا خلالها أوضاعهم ويستكملوا أوراقهم – داهمت السلطات أماكن عمل وأعدت نقاط تفتيش في شتى أنحاء البلاد للقبض على العمال الذين ليست معهم أوراق ثبوتية سليمة، أو لا يعملون لصالح كفيلهم القانوني. أعلن وزير الداخلية محمد بن نايف في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني أن السلطات طردت أكثر من ستين ألف عامل أجنبي خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحملة.
ما زال ما يقارب مليون ونصف من عمال المنازل مقصيين مننظامالعمل لسنة 2005، لكن في يوليو/تموز مرر مجلس الوزراء تشريعاً جديداً لعمال المنازل. يكفل القانون للعمال المنزليين بعض تدابير الحماية الأساسية للمرة الأولى، مثل فترة راحة يومية تسع ساعات، ودفع الرواتب فور انتهاء كل شهر، وإجازات مرضية، وإجازة كل عامين مدفوعة الأجر، لمدة شهر. يحظر القانون على الكفيل توظيف العاملات المنزليات خارج بيت الكفيل أو تكليف العاملات بعمل يضر صحتهن.
العمالة المنزلية – وأغلبها من السيدات – كثيراً ما تواجه جملة من الانتهاكات تشمل العمل المفرط، وتحديد الإقامة جبراً، وعدم الحصول على الأجور، والحرمان من الطعام، والانتهاكات النفسية والبدنية والجنسية. العاملات اللائي يحاولن الإبلاغ عن انتهاكات أصحاب العمل يواجهن أحياناً الملاحقة القضائية بناء على اتهام مضاد بالسرقة أو "عمل السحر".
أعدمت السلطات عاملة المنازل السريلانكية ريزانا نافيك البالغة من العمر 24 عاماً، في شهر يناير/كانون الثاني، على خلفية وفاة طفل في رعايتها يبلغ من العمر 4 شهور في عام 2005، وإن كانت نافيك في ذلك الحين تبلغ من العمر 17 عاماً، ورغم ادعاءها بأن المحققين انتزعوا اعترافها تحت الإكراه، وأنها لم يتح لها ترجمة فورية ملائمة أثناء الاستجواب.
الأطراف الدولية الرئيسية
لم تنتقد الولايات المتحدة علناً – وهي حليف أساسي – انتهاكات حقوق الإنسان، إلا من خلال التقارير السنوية التي يأمر بها الكونغرس، وإن أعرب ناطقون باسم وزارة الخارجية الأمريكية عن "القلق" إزاء إدانات الحامد والقحطاني وبدوي.
في أغسطس/آب وافقت وزارة الدفاع الأمريكية على صفقة بـ 1300 قنبلة عنقودية للسعودية، بأكثر من 640 مليون دولار. لم تنضم الدولتان إلى اتفاقية الذخائر العنقودية.
في مارس/آذار 2013 أعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي عن أنها "تدين بقوة" إعدام سبعة رجال سعوديين من أبها، بينهم طفلان وقت وقوع الجرائم التي أدينوا فيها.