شهدت أوضاع حقوق الإنسان تدهوراً إبان فترة الانتخابات السابقة في أبريل/نيسان 2010 وخلال الشهور الأخيرة قبل الاستفتاء التاريخي المرتقب على تقرير مصير الجنوب، المقرر إجراؤه في يناير/كانون الثاني 2011 المقبل. وكانت المطالبة بإجراء الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب قد جاءت كجزء من "اتفاق السلام الشامل"، الذي وضع نهاية لحرب أهلية استمرت لمدة 22 عاماً.
اتسمت الانتخابات التعددية التي أجريت في أبريل/نيسان 2010 الماضي بتجاوزات خطيرة وانتهت بتعزيز سلطة "المؤتمر الوطني" الحاكم و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"، التي تسيطر على جنوب السودان. فقد انتُخب عمر البشير - الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية على خلفية جرائم ارتكبت في دارفور - رئيساً لحكومة البلاد، وسلفا كير رئيساً لحكومة جنوب السودان ونائباً للبشير.
تحوّل الاهتمام الدولي خلال النصف الثاني من العام 2010 صوب الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، حيث سيصوت الجنوبيون إما للوحدة أو الانفصال. كما من المقرر أيضاً إجراء استفتاء موازٍ على مستقبل مدينة أبيي الغنية بالنفط لتحديد ما إذا ستظل جزءاً من السودان أم تنضم إلى الجنوب.
ظل عمل الأطراف المعنية بطيئاً في حل القضايا الرئيسية حول الاستفتاء، مثل أحقية الناخبين في استفتاء أبيي، وترتيبات ما بعد الاستفتاء بشأن حقوق المواطنة واقتسام الثروة النفطية وتحديد الديون.
أما إقليم دارفور، غربي السودان، فقد شهد هجمات متزايدة من القوات الحكومية على قوات التمرد وعلى المدنيين، فضلاً عن ازدياد المواجهات المسلّحة بين الجماعات الإثنية، خصوصاً في جنوب وغرب دارفور. كما تعرّضت منظمات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إنسانية لهجمات متزايدة واستُهدفت بعمليات نهب واختطاف وقتل بواسطة عناصر مسلّحة في غرب السودان.
أجرى البرلمان تعديلاً في يناير على "قانون الطفل"، وتم بموجب هذا التعديل اعتبار سن النضج 18 عاماً. وكانت السلطات قد نفّذت في الفاشر، شمالي دارفور، العام الماضي حكم الإعدام على عبد الرحمن زكريا محمد، على جريمة ارتكبها وهو في سن 17 عاماً. ولم يتضح بعد ما إذا ستؤدّي التعديلات على "قانون الطفل" إلى حظر تنفيذ حكم الإعدام بحق الأحداث الذين لم يبلغوا سن الرشد القانونية، وفقاً للقانون الدولي.
التعدّي على الحقوق في الانتخابات العامة
سجّلت هيومن رايتس ووتش العديد من الانتهاكات في مختلف أنحاء السودان من جانب السلطات الشمالية والجنوبية على حد سواء خلال الانتخابات التي جرت في أبريل 2010. إذ سجّل مراقبون دوليون ومحلّيون الكثير من التجاوزات الفنيّة في مختلف المناطق، مثل التصويت المزدوج وملء الصناديق ببطاقات الاقتراع، وغيرها من التجاوزات.
وخلال الأشهر القليلة التي سبقت الانتخابات، اعتقلت سلطات حزب المؤتمر الوطني الحاكم مراقبين ينتمون لأحزاب المعارضة وأفراد في منظمات المجتمع المدني، كما منعت السلطات تجمّعات سلمية لأعضاء في أحزاب المعارضة في الشمال، وحدّت من حرية التجمع والتعبير. إلا أن هذه الحالات شهدت تراجعاً خلال أسبوع الانتخابات نفسه، لكن هيومن رايتس ووتش سجّلت العديد من حالات التهديد والمضايقات والاعتقالات التي طالت أعضاء في أحزاب المعارضة ومراقبين للانتخابات في الشمال.
وفي دارفور شكّلت الأوضاع الأمنية عقبة في إجراء انتخابات حرّة ونزيهة. إذ لم يتمكّن مسؤولو الانتخابات وعدد من المرشّحين من دخول مناطق واسعة في دارفور بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة. فقد حدّت مخاطر عمليات النهب واستمرار النزاع المسلّح من حرية الحركة بالنسبة للمرشحين.
أما في جنوب السودان، فقد مارست قوات الأمن خلال العملية الانتخابية تهديدا واسع النطاق واعتقالات تعسّفية وعمليات حبس وسوء معاملة ضد معارضي الحركة الشعبية والناخبين ومراقبي الانتخابات.
تدهورت أوضاع حقوق الإنسان في مختلف أنحاء السودان بصورة عامة خلال الأسابيع التي تلت الانتخابات، مع تجدد القمع السياسي في الشمال والعنف المتعلّق بالانتخابات في الجنوب، خصوصا في الدوائر التي خاض الانتخابات فيها مرشحو الحركة الشعبية لتحرير السودان ضد مرشحين مستقلين، بالإضافة إلى النزاع المستمر في دارفور. ويمكن القول أن عدم وجود مسؤولية محددة لإجراء المحاسبة اللازمة عن الانتهاكات التي حدثت خلال الانتخابات لا يبشّر بإجراء استفتاء حر ونزيه لتقرير مصير الجنوب في يناير/كانون الثاني 2011.
القمع السياسي في جنوب السودان
فشلت الحكومة السودانية في تطبيق الإصلاحات المؤسسية والقانونية التي نصّت عليها اتفاقية السلام الشامل. فقد استمرت السلطات في فرض الرقابة على الصحف وواصلت أيضاً فرض قيودها على حرية التجمع والتعبير السياسي. كما ان قانون الأمن الوطني، الذي تمت إجارته في يناير، تضمّن سلطات واسعة تسمح له بإلقاء القبض على الإفراد ووضعهم في الحبس لمدة أربعة أشهر ونصف، الأمر الذي يشكّل انتهاكاً لاتفاقيات دولية وقّع عليها السودان. يُضاف إلى ما سبق ان الحصانة القانونية لقوات الأمن استمرت كما كانت عليه في السابق.
وأسفرت حملة أمنية شنّتها السلطات في العاصمة الخرطوم عقب الانتخابات عن إلقاء القبض على 15 شخصاً واعتقال الزعيم المعارض حسن الترابي لمدة ستة أسابيع، فضلا عن اعتقال أربعة صحافيين يعملون في صحيفة "صوت الشعب"، التابعة لـ"المؤتمر الشعبي" بقيادة الترابي. وتعرّض واحد من الصحافيين للصعق بالكهرباء خلال اعتقاله بواسطة عاصر جهاز الأمن. وفي يوليو/تموز الماضي صدرت أحكام بحبس ثلاثة من الصحفيين بتهمة "محاولة زعزعة النظام الدستوري".
يُضاف إلى ذلك، أن سلطات الأمن استأنفت الرقابة على الصحف قبل الطبع، وهو إجراء سبق أن صرّح البشير علناً بأنه قد توقف تماماً في سبتمبر/أيلول 2009. ومنع مسؤولون نشر المقالات التي تتناول اعتقال الترابي وصحفيي "رأي الشعب" وتصاعد العنف في دارفور. وخلال الأسابيع التالية واصلت السلطات الرقابة على الصحف من خلال زيارة مكاتب هذه الصحف والمحادثات الهاتفية مع رؤساء تحريرها، وهو الإجراء الذي بات يُعرف في أوسط الصحفيين السودانيين بـ"الرقابة بالريموت كنترول"، كما أغلقت السلطات العديد من الصحف.
واصلت قوات الأمن مضايقاتها لناشطي الدفاع عن حقوق الإنسان، واستهدفت الطلاب الأعضاء في "الجبهة الشعبية المتحدة"، وهو تنظيم طلابي تدّعي الحكومة ان له صلات بجماعة التمرد التي يقودها عبد الواحد النور. وتعرّض أفراد هذه الجماعة للاعتقال وسوء المعاملة والتعذيب.
انعدام الأمن وانتهاكات حقوق الإنسان في جنوب السودان
تسبّب التلاعب في الانتخابات والتهديد الذي تعرّض له ناخبون خلال انتخابات أبريل الماضي بالجنوب في شعور بالغضب والإحباط. كما أدّى الشعور بمظالم تجاه نتائج الانتخابات إلى مواجهات مسلّحة، خصوصا في المناطق التي تواجه فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان معارضة قويّة.
ففي ولاية شمال جونقلي، على سبيل المثال، اشتبكت قوات موالية لرئيس الأركان السابق للجيش الشعبي لتحرير السودان، الذي خاض الانتخابات كمرشح مستقل لمنصب حاكم الولاية، مع قوات تابعة للجيش الشعبي لتحرير السودان عدة مرات بعد الإعلان عن نتيجة الانتخابات. وأسفرت جهود الجيش الشعبي لتحرير السودان لإلقاء القبض على القائد العسكري المنشق عن عدة انتهاكات لحقوق الإنسان ضد مدنيين، بما في ذلك اعتداءات جنسية، في منطقة شمال جونقلي. اما في ولاية أعالي النيل، فقد حدثت مواجهات بين عناصر الجيش الشعبي لتحرير السودان وميليشيا محليّة يتهمها الجيش الشعبي بإقامة صلات مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان - القياد الديمقراطية"، وهي حزب سياسي منشق عن الحركة الشعبية يترأسه القيادي السابق بالحركة لام أكول. وأشارت تقارير إلى أن الجنود ارتكبوا عمليات قتل واغتصاب ضد المدنيين خلال تلك المواجهات.
لا تزال أشكال العنف بين الجماعات المحليّة، بسبب عمليات سرقة الماشية والنزاعات الأخرى المحليّة في مختلف مناطق الجنوب، مصدراً لمخاطر القتل والعنف التي تتهدّد المدنيين. كما لا يزال "جيش الرب" يشكّل تهديداً أمنيا كبيراً في المناطق الغربية لجنوب السودان، حيث يشن أفراده هجمات ويقومون بأعمال اختطاف وقتل، طبقاً لتقارير شهرية حول الأوضاع في هذه المناطق.
لم تستطع حكومة جنوب السودان، ولا بعثة الأمم المتحدة في السودان من توفير الحماية الكافية للمدنيين من مصادر العنف المُشار إليها. كما ان الضعف في الجهاز العدلي وغياب آليات المسؤولية والمحاسبة تسببا في إشاعة أجواء إمكانية الإفلات من المساءلة والعقاب على العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.
الحقوق المدنية والسياسية والاستفتاء
عبّرت الجماعات الجنوبية التي تعيش في العاصمة الخرطوم وولايات أخرى في الشمال عن قلق متزايد، خلال الأسابيع القليلة قبل إجراء الاستفتاء، تجاه مستقبل حقوق المواطنة في مرحلة ما بعد الاستفتاء. إذ هدّد مسؤولو حزب المؤتمر الوطني علناً باحتمال عدم السماح للجنوبيين بالإقامة في الشمال في حال صوّتت غالبية الجنوبيين لصالح الإنفصال. وعادت أعداد كبيرة من الجنوبيين إلى جنوب السودان خلال نهاية عام 2010، كما تشير تقديرات إلى أن إعداد الجنوبيين الذين عادوا إلى ولايات الجنوب خلال فترة التسجيل للاستفتاء في نوفمبر الماضي تُقدر بعشرات الآلاف. وعلى الرغم من ان مسؤولي الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة الجنوب صرّحوا بضمان حماية حقوق الشماليين الذين يعيشون في الجنوب، فإن تقارير أشارت إلى أن بعض التجار الشماليين واجهوا تهديدات واضطروا للانتقال إلى ولايات الشمال. وفشل الحزبان الحاكمان، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان، حتى منتصف نوفمبر الماضي في التوصّل إلى اتفاق حول ترتيبات المواطنة خلال مرحلة ما بعد الاستفتاء. وأعرب الجنوبيون الذين يعيشون في الشمال، والشماليون الذين يعيشون في الجنوب عن مخاوف من الانتقام والطرد في حال التصويت لصالح الانفصال.
قال أيضاً صحفيون وناشطون في منظمات المجتمع المدني في مختلف أنحاء السودان انهم لا يتمتعون بأي حرية في الحديث بصورة صريحة حول المشاعر السائدة فيما يتعلّق بنتيجة الاستفتاء. ففي أكتوبر الماضي ألقت قوات الأمن القبض على طلاب جنوبيين أعربوا عن تأييدهم للانفصال في ندوة لصالح الوحدة في الخرطوم، الأمر الذي يعكس بوضوح التوتر المتزايد بشأن اختلاف وجهات النظر والمواقف تجاه هذه القضية. وعلى الرغم من ان مدير جهاز الأمن الوطني كان قد أعلن مطلع أغسطس الماضي عن رفع الرقابة القبْلية (الرقابة على الصحف قبل الطبع) في الولايات الشمالية، فإن السياسات القمعية تجاه وسائل الإعلام بصورة عامة تسبّبت في لجوء كثير من الصحف التي تصدر في العاصمة الخرطوم للرقابة الذاتية على المواضع الحسّاسة، بما في ذلك نتيجة الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان.
التدهور في دارفور
بلغ القتال في دارفور حدّته خلال العام 2010، نتيجة للمواجهات بين القوات الحكومية وقوات التمرد، وفي ما بين فصائل التمرد نفسها، وبين الجماعات الإثنية العربية المسلّحة في جنوب وغربي دارفور. ففي منطقة جبل مَرّة، التي تعتبر معقلاً قوياً لفصيل "جيش تحرير السودان"، بقيادة عبد الواحد النور، اندلعت مواجهات بين جماعات تابعة لهذا الفصيل حول تأييد محادثات الدوحة للسلام، وتواصلت أيضاً المواجهات بين القوات الحكومية والمتمرّدين خلال العام. اشتدّت كذلك حدة هجمات القوات الحكومية على جبل مَرّة مجدداً في سبتمبر، وأسفرت عن تدمير عشرات القرى ونزوح جماعي للسكان من مناطقهم. وفي منطقة جبل مون، وهي معقل آخر لقوات التمرد، ومناطق أخرى، اشتدت حدة المواجهات مجدّداً بين القوات الحكومية وقوات "حركة العدل والمساواة" في وقت سابق من العام 2010 عقب التقارب الذي حدث بين السودان وتشاد في يناير 2010، والذي وافقت الحكومتان التشادية والسودانية بمقتضاه على وقف دعم جماعات التمرد المعارضة للحكومتين، كما وافقتا أيضاً على المراقبة المشتركة للحدود بين البلدين.
لم تستطع بعثة منظمة الأمم المتحدة في دارفور (يوناميد) الوصول إلى غالبية المناطق المتأثرة بالعنف، على الرغم من التفويض الممنوح لها بحماية المدنيين الذين يواجهون خطر العنف بسبب النزاع المسلح هناك. إذ منعت سلطات الحكومة وقوات التمرد، على حد سواء، منظمات العون الإنساني وقوات حفظ السلام من دخول بعض المناطق عدة مرات. وحالت الزيادة في عمليات قطع الطرق والاختطاف والهجمات التي تستهدف عمليات المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة دون تقديم المساعدات اللازمة للمدنيين.
وفي الوقت نفسه تعثّرت مفاوضات السلام في الدوحة. فقد قاطعت حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد النور، وفصائل أخرى عملية المفاوضات، وتركت "حركة التحرير والعدالة" وحدها في مفاوضات الدوحة.
أعلنت الحكومة السودانية في سبتمبر/أيلول الماضي إستراتيجية جديدة تجاه دارفور، وهي إستراتيجية قالت الحكومة انها تركز بالدرجة الأولى على عودة النازحين إلى قراهم. إلا أن خطة الحكومة لم تقدّم ضمانات واضحة بشأن حقوق النازحين بسبب النزاع، مثل العودة الطوعية. كما أعلنت الحكومة مجدداً نيّتها في تفكيك المعسكرات، خصوصاً معسكر كلمة، جنوبي دارفور. حيث أسفر العنف السياسي بين الجماعات المسلحة عن مقتل 10 أشخاص في أغسطس الماضي.
خلال الفترة من 30 أكتوبر حتى 3 نوفمبر اعتقلت سلطات الأمن السودانية في الخرطوم أكثر من 10 ناشطين وصحفيين دارفوريين، ولا يزال هؤلاء رهن الاعتقال في أماكن غير معروفة ولم يُسمح لهم بالاتصال بأسرهم أو بمحامين. وينظر كثيرون إلى هذه الاعتقالات كونها وسيلة للحد من الترويج لأي معلومات حول دارفور أو معرفة ما يدور فيها من أحداث.
الأطراف الدولية الرئيسية
ازداد التفاعل الدولي مع ما يحدث في السودان نتيجة إجراء الانتخابات والاستفتاء حول مصير جنوب السودان، المزمع إجراؤه في يناير 2011، خصوصاً من جانب أطراف رئيسية في اتفاقية السلام الشامل، مثل الولايات المتحدة. ولا تزال منظمة الأمم المتحدة تدير مهمتين رئيسيتين لحفظ السلام في السودان، هما "بعثة الأمم المتحدة في السودان" UNMIS و"بعثة الأمم المتحدة في دارفورUNAMID.
وكانت منظمة الأمم المتحدة قد عقدت في 24 سبتمبر 2010 اجتماعاً على مستوى عالٍ حول السودان أكد فيه كل من الأطراف السودانية المشاركة في اتفاقية السلام الشامل و40 من رؤساء الدول التزامهم بإجراء الاستفتاء في أجواء مواتية وسلمية في يناير 2011.
أسفر تحوّل التركيز باتجاه الاستفتاء المرتقب على تقرير مصير الجنوب عن تحوّل الاهتمام الدولي من دارفور، على الرغم من الوضع المتدهور هناك وغياب تحقيق تقدم في التوصل إلى اتفاق سلام. لم تحقّق الحكومة السودانية تقدماً يُذكر في تطبيق توصيات "اللجنة عالية المستوى حول دارفور" التابعة للإتحاد الأفريقي، كما ان الإتحاد الأفريقي نفسه وبعض القادة أصحاب النفوذ لم يمارسوا أي ضغوط على الحكومة السودانية لحملها على تنفيذ هذه التوصيات. وبصورة عامة، لا تزال الأطراف الرئيسية المعنيّة بالوضع في السودان مختلفة بشأن النيّة في استخدام الضغوط اللازمة على الحكومة السودانية والنهج المناسب للتعامل معها.
جدّد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي بجنيف تفويض الخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان في السودان مؤكداً على أهمية الاستمرار في رصد أوضاع حقوق الإنسان في السودان، وهو ما اعترض عليه السودان والدول المؤيدة له. وتجدر الإشارة هنا إلى ان بعثتي الأمم المتحدة الرئيسيتين لحفظ السلام في السودان، UNMIS وUNAMID لم تعربا علناً عن لمخاوفهما بشأن أوضاع حقوق الإنسان في السودان إلا من خلال تقارير منتظمة إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
واصلت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقها حول الجرائم التي ارتكبت في دارفور وأصدرت مذكرة توقيف ثانية لإلقاء القبض على الرئيس عمر البشير في يوليو 2010، بعد أن أضافت تهمة الإبادة إلى تهم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وفي نفس الشهر طالب الإتحاد الأفريقي دوله الأعضاء مجدداً بعدم التعاون بشأن مذكرة إعتقال البشير. وسمحت كل من كينيا وتشاد، وكلاهما من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، بدخول البشير أراضيهما، في يوليو وأغسطس 2010، الأمر الذي اعتبر انتكاسة تجاه المسؤولية التي تفرضها عضوية المحكمة.