لم تطرأ تغييرات هامة على سياسات وممارسات حقوق الإنسان الأردنية في عام 2009. إذ راجع الأردن مرتين قانون الجمعيات الأهلية، في عام 2008 ثم في عام 2009، وشدد من القيود المفروضة على حرية منظمات المجتمع المدني. وبعد أن أصبح في عام 2008 أول دولة بالمنطقة تمد مظلة قانون العمل لعاملات المنازل، فإن تدابير الحماية المحددة الخاصة بعاملات المنازل المفروضة عام 2009 كانت أقل من المأمول. وما زال الأردن يطبق عقوبة الإعدام، لكن منذ عام 2006 هناك تجميد على تنفيذ أحكام الإعدام.
التعذيب والاحتجاز التعسفي والاحتجاز الإداري
التعذيب الذي حقق فيه خبراء سجون مستقلون من الأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش في أعوام 2006 و2007 و2008، تبين أنه منهجي ومتفشي، وهو مستمر. المبادرات الإيجابية، من قبيل برامج التدريب التي يديرها المركز الوطني لحقوق الإنسان ومنظمات أخرى لإثارة الوعي بشأن التعذيب في صفوف مسؤولي إنفاذ القانون، أقل بكثير من الكافي نظراً لعدم وجود إرادة سياسية بهذا الصدد في الأردن أو آليات فعالة لتقديم الجناة للعدالة.
وفي الأردن نظام لإصلاح السجون يسعى لإعادة تأهيل السجناء عبر المحفزات والأنشطة المختلفة مع تقليل الازدحام بالسجون وتحسين خدماتها. وهو لا يعالج مسألة محاسبة المسؤولين عن انتهاكات بحق النزلاء من بين العاملين بالسجون وأفراد قوات الأمن. ومن بين انتهاكات السجون الجديدة، تم نقل السجناء الإسلاميين من سجن سواقة إلى الجويدة في فبراير/شباط، ويُقال إن الحراس والدرك عرضوهم للضرب المتكرر لدى وصولهم، وفي سبتمبر/أيلول منع مسؤولو سجن الجويدة مياه الشرب عن السجناء الإسلاميين المضربون عن الطعام، على حد قول أقاربهم. كما يقع التعذيب في مراكز الشرطة بغرض انتزاع المعلومات. ورغم الإبلاغ عن الضرب المتكرر، ففي قضية في عام 2008 تم استخدام الكهرباء على مناطق حساسة من الجسد، فإن ضحايا التعذيب لا يلقون الانتصاف. والإفلات شبه الكامل من العقاب جراء القيام بالتعذيب مضمون في نظام المحاسبة الذي تديره الشرطة والمطبق في مراكز الاحتجاز، وهو عبارة عن آلية تظلم معيبة، وإجراء تحقيقات وأعمال مقاضاة صورية، وقضاة محكمة الشرطة الذين يطبقون الأحكام المخففة.
وبموجب قانون منع الجرائم فإن المحافظين يمكنهم احتجاز الأفراد إدارياً. ويطالب القانون المحافظين بأن تكون لديهم أدلة على وجود مسلك إجرامي، لكن عملاً لا يتم اتباع هذه القاعدة على الدوام. فكثيراً ما يتم استخدام الاحتجاز الإداري للالتفاف حول الالتزام بعرض المشتبهين على الادعاء في ظرف 24 ساعة من توقيفهم، أو لتفادي تنفيذ أحكام القضاة بالإفراج عن المشتبهين بكفالة. وفي مايو/أيار 2009 أفادت وزارة الخارجية بوجود 14 ألف محتجز إداري في عام 2008 (منهم 800 امرأة)، يشكلون خُمس تعداد السجناء في السجون، بعد أن كان العدد 20 ألفاً في عام 2006.
حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات
انتقاد الملك والتشهير بالمسؤولين والمؤسسات الحكومية والتعليقات التي تُرى مسيئة للإسلام تحمل عقوبات ثقيلة بموجب قانون العقوبات. وهناك مواد أخرى بالقانون تُجرم الكلام الذي يُعتبر مقللاً من هيبة الدولة أو ضاراً بالعلاقات الدولية للدولة. وتمت صياغة مراجعة لقانون العقوبات، كان من المنتظر عرضها على البرلمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2009، من شأنها - المراجعة - أن تُبقي على هذه المواد. والمادة 5 من قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2007 تطالب المطبوعات بالالتزام بـ "القيم الإسلامية".
وفي 21 يونيو/حزيران 2009 حكمت محكمة ابتداء عمان على إسلام سمحان بالسجن لمدة عام جراء إهانة الإسلام فيما نشره من شعر. وفي مارس/آذار ألغت محكمة استئناف عمان حُكماً بإدانة راديو البلد بتهمة خرق قانون الإعلام المرئي والمسموع ببث تعليقات للمستمعين يُزعم أنها تهين البرلمان، وفي أبريل/نيسان برأت محكمة صلح عمان الكاتب الصحفي خالد محادين من تهمة ذم وقذف البرلمان في مقال انتقد فيه الامتيازات الخاصة بالنواب، وكانت القضية قد بدأت إثر شكوى من فايز الشوابكة، الأمين العام لمجلس النواب. وفي يونيو/حزيران قاطعت صحف الأردن اليومية الكبرى تغطية البرلمان إثر تضييق إداريي البرلمان على دخول الإعلام إلى مداولات البرلمان ومقابلة أعضائه، وبعد أن صوت البرلمان على ضرائب خاصة بنسبة 5 في المائة على المؤسسات الإعلامية.
وفي أغسطس/آب، في تحد لثلاث سنوات من ضغط الجمعيات الأهلية من أجل قانون أكثر تسامحاً للجمعيات، أصدر البرلمان قانوناً معدلاً للجمعيات يسمح للحكومة بالتدخل في الأنشطة الداخلية للجمعيات. القانون الجديد يمنح السلطات صلاحيات واسعة لرفض الجمعيات الجديدة وصلاحيات موسعة لإغلاق الجمعيات القائمة. ويُلزم الجمعيات بإخطار السلطات مقدماً بالأنشطة المخطط لها وبعض الاجتماعات، ويجب أن يُسمح بحضور المسؤولين في هذه الاجتماعات المحددة في القانون. ويحق للحكومة التدقيق في حسابات الجمعيات البنكية ويجب أن توافق مسبقاً على تلقيها التمويل الأجنبي، ويحق لها - الحكومة - رفض قبول التمويل إذا شاءت.
حقوق النساء والفتيات
يحتجز محافظو الأردن في الحبس الوقائي النساء اللائي تهددهن أسرهن بالعنف. وفي عام 2008 نقل الأردن هؤلاء النسوة من سجن الجويدة إلى دار رعاية تديرها الحكومة ودور تديرها جمعيات أهلية، حيث يتمتعون بحريات أوسع، لكن ما زال من المطلوب موافقة أفراد أسرهن على إطلاق سراحهن.
وتستمر المحاكم الأردنية في إصدار أحكام مخففة في جرائم "الشرف" التي يرتكبها جناة من أسرة المرأة أو الفتاة المشتبهة بسلوك "غير أخلاقي"، وبحلول أغسطس/آب كانت هناك 14 قضية قتل من هذا النوع في عام 2009 وحده، وهي أغلب قضايا النساء المقتولات في الأردن. وفي يناير/كانون الثاني خففت محكمة حُكماً صدر على رجل حاول قتل شقيقته مرتين إلى نصف مدة السجن، بناء على أسباب متعلقة بشرف الأسرة، بعد أن تنازلت عن دعواها الشخصية بحقه. وأعلنت وزارة العدل في أغسطس/آب عن محكمة خاصة لجرائم "الشرف" لكن لم يتم إحراز تقدم موازي في قانون العقوبات ومواده التي تسمح بتخفيف الأحكام على قتل الزوجات المتلبسات بعمل جنسي مخالف والجرائم المرتكبة في حالة "الغضب"، أو تخفيف الأحكام عندما تتنازل الضحايا عن الدعاوى الشخصية بحقهن.
وضد معارضة جبهة العمل الإسلامية، أكبر جهة سياسية معارضة في الأردن، رفع الأردن في أغسطس/آب 2009 التحفظات على المادة 15 (4) من اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تعطي النساء حقاً على قدم المساواة بالرجل في السفر واختيار مقر السكنى.
حقوق العمال
في يوليو/تموز فرقت الشرطة وقوات الدرك بالقوة اعتصاماً لعمال ميناء العقبة، على خلفية الاحتجاج على خطط إيقاف مساعدة الدولة في الإسكان. واعتقلت السلطات أكثر من 80 عاملاً وأصابت ثلاثة عمال، بعد أن "تعدى المتظاهرون شفهياً" على قوات الأمن، طبقاً لوزير الداخلية نايف القاضي، الذي اتهم "إسرائيل ومن يعملون لحسابها في" الأردن بنشر شائعات كاذبة عن عنف الشرطة.
لجنة العمل الوطنية، وهي منظمة حقوقية أميركية، أفادت بوقوع انتهاكات بحق العمال الأسيويين العاملين في مناطق الأردن الصناعية، ومن الانتهاكات تأخر تلقي الأجور والتحفظ على جوازات السفر وأوضاع السكنى غير الملائمة صحياً وتفريق الشرطة للإضرابات المرتجلة. ولا يحق إلا للنقابيين الأردنيين الإضراب بإذن من الحكومة، أما غير الأردنيين، رغم أنهم مسموح لهم بالانضمام للنقابات منذ عام 2008، فلا يحق لهم الإضراب.
الأنظمة الجديدة المفروضة بمجال العمل بالمنازل، الصادرة في سبتمبر/أيلول 2009 إثر ضم عاملات المنازل لمظلة حماية قانون العمل في يوليو/تموز 2008، تقيد من الحقوق الأساسية، مثل حرية التنقل، ولم تفرض تدابير حماية كافية للعاملات اللاتي يعملن لساعات مطولة وكثيراً ما يجدن أنفسهن عالقات مع عائلات مُسيئة. الأنظمة تفرض "جميع الالتزامات المالية" على العاملة التي تغادر صاحب عملها ما لم تفي بمعيار صعب فيما يخص إثبات خطأ صاحب العمل. وتضم الأنظمة فقرات إيجابية تطالب صاحب العمل بضمان دفع الأجور بشكل منتظم، وتوفير سكنى ملائمة، والتغطية الطبية. وزارة العمل أغلقت في عام 2009 أربع مؤسسات استقدام للعمالة وحذرت 8 منظمات أخرى من انتهاك قانون العمل.
وتقدم الادعاء بشكاوى بحق مشتبهين بموجب قانون الأردن لمكافحة الإتجار بالبشر، الصادر في يناير/كانون الثاني 2009، لكن المحاكم لم تكن قد قامت بالفصل فيه هذه القضايا بعد حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2009.
الأطراف الدولية الرئيسية
أتمت الولايات المتحدة اتفاق بمدة خمس سنوات، يبدأ عام 2010، لتوفير 360 مليون دولار للأردن على هيئة مساعدات اقتصادية سنوية، و300 مليون دولار مساعدات عسكرية أجنبية. هذا يمثل زيادة على مطالبة الإدارة الأميركية السنوية بالمساعدة للأردن، لكن في الماضي كانت المساعدات ارتجالية بالأساس، وفاقت المساعدات الأميركية الفعلية للأردن عام 2008 المليار دولار (مقارنة بمساعدات الاتحاد الأوروبي بمبلغ 265 مليون يورو عن أعوام 2007 إلى 2010).
وبدأ الاتحاد الأوروبي مع الأردن في مشروع مشترك يهدف إلى تحسين "احترام حقوق الإنسان فيما يخص معاملة المحتجزين". وفي أبريل/نيسان ذكر تقرير الاتحاد الأوروبي عن تقدم الأوضاع وجود "بعض التحسن" في القضاء على التعذيب، لكنه ذكر أيضاً نقص استقلال القضاء وتواجد "محاكم استثناء" وانتقدت "زيادة سيطرة الدولة" على المنظمات غير الحكومية. وفي بيان صادر في أبريل/نيسان، قال بينيتو فيريرو والدنر، مفوض العلاقات الخارجية وسياسات الجوار بالاتحاد الأوروبي بـ "تشجيع الأردن على... إحراز التقدم بمجال الحكم الرشيد وتوفير ظروف تمكن المجتمع المدني من دعم الحكومة في جهودها".
وأثناء نظر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في المراجعة الدورية الشاملة للأردن، قبل الأردن توصيات بإجراء تحقيقات مستقلة في مزاعم التعذيب، لكنه رفض التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، الذي ينص على إجراء هذه التحقيقات المستقلة.