Skip to main content

إيران

أحداث عام 2008

مع استمرار حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد في التذرع "بالأمن القومي" واستخدامه مبررا لإسكات المعارضة، شهد العام 2008 ارتفاعا كبيرا في عدد حالات الاعتقال بين الناشطين السياسيين والأكاديميين وغيرهم في إيران بسبب ممارستهم السلمية للحق في حرية التعبير وحرية التجمع. كذلك تناقلت الأنباء تقارير عديدة عن تعرض هؤلاء المعتقلين لعمليات التعذيب وإساءة المعاملة. كما لا تزال كل من السلطة القضائية، الخاضعة لإمرة آية الله علي خامنئي، ووزارة الاستخبارات مسؤولة عن العديد من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. كذلك شهدت إيران ارتفاعا حادا في عدد حالات الإعدام المنفذة خلال العام 2008.

حرية التعبير والتجمع

تعمل السلطات الإيرانية وبشكل منهجي على قمع حرية الرأي والتعبير عن طريق سجن الصحفيين والمحررين وتشديد الرقابة على النشر والنشاطات الأكاديمية. وقد وقعت معظم حالات اعتقال الصحافيين خلال عام 2008 نتيجة لتغطيتهم قضايا الأقليات العرقية ونشاطات المجتمع المدني. كذلك قام مجلس الأمن القومي بإصدار تحذيرات رسمية وغير رسمية للصحف تحظر فيها تغطية قضايا مثل انتهاكات حقوق الإنسان والاحتجاجات الاجتماعية، أما القلة القليلة من الصحف المستقلة القليلة فلا تزال تمارس رقابة ذاتية شديدة على عملها.

كما يلاحظ أيضا أن تمكّن الكثير من الكتاب والمفكرين من تجنب الاعتقال يعود إما لمغادرتهم البلاد أو نتيجة لتوقفهم عن توجيه النقد للحكومة. وقد قامت الحكومة بفصل عدد من أساتذة الجامعات المعارضين أو بإحالتهم قسرا إلى التقاعد المبكر، وهو توجه يلاحظ تعاظم حدوثه خلال عام 2008. وعلى ذات المنوال بدأت الجامعات الحكومية مؤخرا بمنع بعض الطلاب النشيطين سياسيا من التسجيل للفصل الدراسي المقبل، وممارسة الضغوط على الاتحادات الطلابية وأنصارها لإجبارهم على الكف عن توجيه الانتقادات للحكومة.

في عام 2008 واصلت السلطات استهداف الطلبة وصحفيي الإنترنت حيث قامت الحكومة بصورة منتظمة بمنع المواقع الإيرانية والأجنبية التي تتناول الأخبار والتحليلات السياسية. كذلك لا تظهر حكومة أحمدي نجادي أي تسامح مع الاحتجاجات والتجمعات السلمية فقد اعتقلت قوات الأمن خلال هذا العام أكثر من مائة طالب من الطلبة الناشطين وبدون إبلاغ أسرهم على الأغلب. كذلك تعرض الطلبة المحتجزون، وفقا لشهادة بعض الطلاب المعتقلين وعائلاتهم، لسوء المعاملة والانتهاكات أثناء احتجازهم على يد قوات الأمن.

المجتمع المدني

زادت الحكومة من ضغوطها على منظمات المجتمع المدني المنادية بحقوق الإنسان وحرية التعبير عن طريق تقييد نشاطاتها ومنع نشطائها من مغادرة البلاد وبضمنها مركز المدافعين عن حقوق الإنسان، الذي ترأسه شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2003، وجمعية الصحافيين الإيرانيين. وفي تاريخ الثاني من أكتوبر/تشرين أول 2008 حذرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عبادي من "إساءة استخدام تسامح الحكومة معها"، ويذكر أن عبادي هي محامية تعمل بانتظام على توجيه النقد العلني للحكومة وتقوم بالدفاع عن قضايا الحريات السياسية وحقوق الإنسان أمام المحاكم. وقد قامت زارة الخارجية الماليزية، وبضغط من الحكومة الايرانية، بإجبار المؤسسة الدولية للسلام على إلغاء مؤتمر كان من المقرر أن تحضره عبادي أثناء انعقاده في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2008. وقد كانت عبادي قد تلقت في وقت سابق من العام تهديدات بالقتل ردت عبادي عليها علنا بتحميل الحكومة الإيرانية مسؤولية وقوع أي ضرر عليها، وعلى حياتها وقد وعدت السلطات في وقت لاحق بضمان سلامتها.

بالإضافة إلى ذلك أجبرت أجهزة الحكومة الاستخبارية محمد صديق خودفند، الصحفي والناشط في مجال حقوق الإنسان في غرب إقليم كردستان، على إغلاق المنظمة غير الحكومية التي يرأسها والمتخصصة في الدفاع عن حقوق الإنسان في كردستان، كما قامت باعتقاله في شهر يوليو/تموز 2007 وحكم عليه بالسجن لمدة 11 سنة في يونيو/حزيران 2008 بسبب نشاطاته المضادة للأمن الوطني ومشاركته في الدعاية ضد الدولة.

العدالة الجنائية وإعدام الأحداث

يسمح القانون الايراني بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق من وصل إلى سن البلوغ والتي يحددها القانون بعمر 9 أعوام بالنسبة للفتيات و15 عاما بالنسبة للفتيان. وقد كانت إيران، وحتى كتابة هذه التقرير، الدولة الوحيدة في العالم التي قامت بإعدام أحداث خلال عام 2008 يصل عددهم إلى ستة أشخاص نتيجة لجرائم قاموا بارتكابها آنذاك قبل وصولهم لسن 18 عاما. ويجدر بالذكر أن إيران شهدت تنفيذ 26 حالة إعدام أحداث من أصل 32 حالة معلن عنها منذ شهر يناير/كانون ثاني من عام 2005 في جميع أنحاء العالم. وفقا لمصادر عديدة، لا يقل عدد الأحداث القابعين في انتظار تنفيذ أحكام الإعدام في إيران عن 130 حدثا على الأقل كثير منهم حكم عليه بالإعدام بعد محاكمات غير عادلة. أما تنفيذ أحكام الإعدام نفسها فيعتبر أحيانا انتهاكا للقوانين الوطنية الإيرانية بسبب عدم إخطار أسر الجانحين والمحامين مسبقا قبل 48 ساعة من موعد تنفيذ الإعدام.

بتاريخ الرابع من أغسطس/آب 2008 قامت السلطة القضائية بوقف تنفيذ حكم الإعدام رجما على أربعة إيرانيين بسبب نية قيام السلطة القضائية، وفقا للمتحدث بإسمها، بإعادة النظر في جميع أحكام الرجم التي تتظر التنفيذ. ومع ذلك، لا يزال الرجم عقوبة مسموح بها بموجب قانون العقوبات الإيراني.

حقوق المرأة

صعّدت الحكومة من حملتها ضد الناشطات في مجال حقوق المرأة في عام 2008 وأخضعت عشرات النساء للاعتقال التعسفي وحظر السفر والمضايقات. كلك تم اعتقال ثمانية ناشطات في شهر يونيو/حزيران عند الاحتفال بإحياء الذكرى السنوية الثانية لاجتماع حقوق المرأة الذي فضته الشرطة الإيرانية بالقوة في عام 2006. وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول قامت الشرطة الإيرانية باعتقال عائشة مومني وهي طالبة أمريكية من أصل إيراني تقوم بإجراء بحث حول حقوق المرأة في إيران، واحتجزتها لمدة ثلاثة أسابيع في سجن ايفين في طهران. كما صادرت أجهزة الأمن جهاز الحاسوب الخاص بها وتسجيلات لمقابلات قامت بإجرائها مع ناشطات بمجال حقوق المرأة. في وقت لاحق من ذلك الشهر قامت أجهزة الأمن الإيرانية بمنع سوزان تهماسبي، والتي كانت حينئذ تقود حملة المليون توقيع من أجل المساواة، من ركوب الطائرة وصادرت جواز سفرها من دون توجيه أي اتهام لها بارتكاب أي جريمة. علاوة على ذلك شاركت السلطة القضائية أيضا في ملاحقة الناشطات المشاركات في الأنشطة السلمية بتهم مثل "تشويش الرأي العام"، والقيام ب "بالدعاية ضد النظام" و "نشر الأكاذيب عبر نشر أخبار كاذبة".

في شهر سبتمبر/أيلول أقرت محكمة الاستئناف في طهران أحكام الجلد والسجن التي صدرت بحق إثنتين من ناشطات حقوق المرأة، مسومة ضياء ومرزية مرتضي لانغرودي، لمشاركتهما في مظاهرة عام 2006 والمطالبة بالمساواة في الحقوق. وقد كان قد حكم في وقت سابق من العام على أربع نساء أخريات بالسجن ستة أشهر لكل منهن لقيامهن بكتابة المقالات ونشرها في بعض مواقع الإنترنت المناصرة لقضايا المرأة.

أما في شهر يناير/كانون الثاني 2008 أطلقت السلطات الإيرانية سراح كل من مريم حسين شاه وجلفا جفاهري من سجن ايفين حيث قضيتا فيه أحكاما بتهم "تشويش الرأي العام" و "نشر الأكاذيب". لكن لا تزال اثنتان من الناشطات، روناك صفاء زاهدة وهناء عبدي، رهن الاعتقال في سجن ساننداج بتهمة "تعريض الأمن الوطني للخطر". ولقد كانتا قبل الاعتقال من العضوات النشيطات في رابطة أزارمهر لنساء كردستان، وهي مجموعة نسوية تعمل على عقد ورش عمل لبناء قدرات النساء في كردستان الإيرانية.

الأقليات

تتعرض الأقليات الإثنية والدينية في إيران للتمييز والاضطهاد في بعض الحالات. ففي المقاطعات الشمالية الغربية من أذربيجان وكردستان تعمل الحكومة على الحّد من الأنشطة الثقافية والسياسية للتجمعات الأذربيجانية والكردية، بما في ذلك عمل المنظمات غير الحكومية ذات التركيز على القضايا الاجتماعية. كما تفرض الحكومة قيودا على ترويج ثقافات ولغات الأقليات فعلى سبيل المثال قام عملاء وزارة الاستخبارات متخفين بملابس مدنية في العاشر من شهر سبتمبر/أيلول باعتقال 19 من النشطاء الأذربيجانيين البارزين في مجال الثقافة، والأكاديميين، والناشطين في القطاع الخاص خلال احتفال خاص بشهر رمضان واحتجزتهم في سجن ايفين والذين تتهمهم الحكومة بالانحياز لجماعات المعارضة المسلحة والعمل ضد الأمن الوطني.

أما مولافي عبد الحميد، وهو أحد أبرز رجال الدين السنة في إيران، فلقد أصدر بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول تصريحا قال فيه أنه في حال فشلت الحكومة في معالجة مشاكل الطائفة السنية، بما في ذلك التمييز ضدها، فمن غير المرجح أن يشارك أفرادها في الانتخابات الرئاسية لعام 2009. ويستند بعض النقد الذي يوجهه عبد الحميد إلى ما حدث في عام 2008 حين تم إعدام إثنين من رجال الدين السنة في زاهدان، واغتيال اثنين آخرين من رجال الدين السنة في كردستان، وتدمير مدرسة أبو حنيفة الدينية السنية قرب زاهدان، والقبض على 11 من رجال الدين السنة عند الاحتجاج على هذا الهجوم، بالإضافة إلى الجهود الحثيثة والمنظمة لإخراج المواطنين السنة من المناصب الحكومية والجيش وقوات الشرطة، وهذه كلها من أهم الانتقادات التي يرفعها رجال الدين السنة ضد الحكومة.

وعلى نحو مماثل لا تزال الحكومة ترفض السماح للطائفة البهائية بممارسة الشعائر أو الأنشطة الدينية علنا ولذلك ألقت قوات الأمن القبض في 14 مايو/أيار على ستة من قيادي الطائفة البهائية وأعضاء فريق التنسيق الوطني للبهائيين ونقلتهم إلى سجن إيفين، بدون إطلاعهم على التهم الموجهة لهم وقد كان أحد المنتسبين لهذه المجموعة قد ألقي القبض عليه في الخامس من شهر مارس/آذار. ولا يزال سبعة منهم رهن الاعتقال حتى وقت كتابة هذا التقرير.

فيروس نقص المناعة البشرية /الإيدز

فى أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي قامت قوات الأمن باحتجاز الأخوين أراش وكايمار علائي ولا يزالا قيد اٌحتجاز بدون توجيه تهم لهما رغم كونهما من الشخصيات المرموقة عالميا وفي داخل إيران لما قدماه من مساهمات في مجال برامج الوقاية والعلاج من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. وقد نشط الأخوان علائي على مدى أكثر من 20 عاما في معالجة المشاكل المرتبطة بتعاطي المخدرات، مع التركيز على انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وقاما بدور رئيس في وضع هذه القضايا على جدول أعمال الرعاية الصحية الوطنية.

الفاعلون الدوليون الأساسيون

خلال عام 2008 هيمن البرنامج النووي الايراني مرة أخرى على المناقشات والسياسات في الساحة الدولية، وألقى بظلاله على الضرورة الملحة لمناقشة انتهاكات حقوق الإنسان في إيران. ولقد حدث منذ تولي أحمد نجادي لمقاليد الحكومة أن توقف وبشكل كلي الحوار النقدي بين الغرب وايران بشأن قضايا حقوق الإنسان وأصبح تعهد الاتحاد الأوروبي بربط التقدم في مجال توسيع نطاق التعاون بين أوروبا وإيران باحترام الأخيرة لحقوق الإنسان بدون أثر يذكر. أما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فكان قد اعتمد ومنذ عام 2007 ثلاثة قرارات لفرض عقوبات اقتصادية على إيران بسبب برنامجها النووي.

تابعت إيران في عام 2008 استخدام ما يسمى بـ "التهديدات الخارجية" لأغراض قمع المجتمع المدني وتجاهل اتساع  نطاق الاعتراضات المتزايدة على الصعيدين المحلي والدولي على انتهاك السلطات الإيرانية لحقوق الإنسان. كذلك استمرت السلطات الإيرانية في استخدام اتهامات غير مثبتة بتبعية المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان للدول الغربية، خصوصا الولايات المتحدة، كذريعة لتقييد حرية التعبير والتجمع داخل البلد.

ولا تسمح الحكومة الايرانية أيضا لمجلس حقوق الإنسان والمقررين الخاصين للأمم المتحدة بدخول إيران والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة من جانب الناشطين، ووسائل الإعلام ومصادر مستقلة منذ العام 2005.