ملخص
منذ بداية الأزمة السورية في 2011، استقبل الأردن أكثر من 607 آلاف لاجئ يبحثون عن ملاذ آمن بعيدًا عن القتال وسفك الدماء. إلا أن الأردن لم يسمح أيضًا لجميع المجموعات الفارة من سوريا بالحصول على لجوء في البلد. وفي أبريل/نيسان 2012، بدأت السلطات في منع دخول الفلسطينيين الذين يعيشون في سوريا، ثم في يناير/كانون الثاني 2013 أعلنت بشكل رسمي اعتماد سياسة عدم القبول.
عند الإعلان عن سياسة عدم القبول، قال عبد الله النسور، رئيس الوزراء الأردني، إنه ينبغي السماح للفلسطينيين القادمين من سوريا بالعودة إلى أماكنهم الأصلية في إسرائيل وفلسطين، وإن "الأردن ليس مكانًا تحلّ فيه إسرائيل مشاكلها". كما قال إن "الأردن اتخذ قرارًا سياديًا واضحًا بعدم السماح لأشقائنا الفلسطينيين الحاملين لوثائق سورية بدخول الأردن... وعليهم البقاء في سوريا إلى أن تنتهي الأزمة". وفي مايو/أيار 2013، قال رئيس الديوان الملكي الهاشمي في الأردن لـ هيومن رايتس ووتش إن تدفق الفلسطينيين سيتسبب في تغيير التوازن الديموغرافي في الأردن، وربما يؤدي إلى عدم الاستقرار.
عملا بهذه السياسة، صارت قوات الأمن الأردنية تمنع الفلسطينيين القادمين من سوريا من عبور الحدود الأردنية، وتقوم باعتقال من تمكن منهم من الدخول من معبر غير رسمي باستخدام وثائق هوية سورية مزورة، أو الذين دخلوا عبر شبكات تهريب غير قانونية، ثم تقوم بترحيلهم إلى سوريا. من حيث المبدأ، تستثني هذه السياسة الفلسطينيين القادمين من سوريا والحاصلين على الجنسية الأردنية، ولكن السلطات الأردنية عمدت إلى منع المنتمين إلى هذه الفئة من الدخول في حالة انتهاء صلاحية وثائقهم الأردنية، وقامت أحيانًا بتجريدهم من الجنسية وإعادتهم قسرًا إلى سوريا.
يُعتبر ترحيل الفلسطينيين إلى سوريا انتهاكًا لالتزام الأردن بمبدأ عدم الإعادة الذي ينص عليه القانون الدولي، وبمنع إعادة اللاجئين أو طالبي اللجوء إلى أماكن تكون فيها حياتهم أو حريتهم معرضة إلى الخطر، ومنع إعادة أي شخص يكون عرضة إلى التعذيب، كما ينص على ذلك القانون العرفي الدولي.
على الرغم من سياسة عدم القبول التي تبناها الأردن، فإلى غاية يوليو/تموز 2014 كان أكثر من 14 ألفا من الفلسطينيين الفارين من سوريا قد طلبوا مساعدة من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا) في الأردن منذ بداية االنزاع في سوريا. ومن بين هؤلاء، أفاد ما يقرب من 1300 بدخولهم الأردن، قبل أن تبدأ السلطات في منع الفلسطينيين من عبور الحدود مع سوريا. وجاء معظمهم من مخيمات للاجئين الفلسطينيين أو من قرى في جنوب سوريا، أو من مخيم اليرموك في الضاحية الجنوبية لـ دمشق، وجميع المناطق التي شهدت قتالا عنيفًا بين المعارضة والقوات الحكومية في سوريا. وقبل اندلاع انتفاضة مارس/آذار 2011، كان قرابة 520 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأنروا في سوريا.
نتيجة لسياسة الحكومة الأردنية، أصبح عديد الفلسطينيين القادمين من سوريا دون وثائق إقامة في الأردن، وهو ما يجعلهم عرضة إلى الاستغلال، والاعتقال، والترحيل. ولا يستطيع الفلسطينيون القادمون من سوريا والذين لا يحملون وثائق هوية طلب الحماية لدى الحكومة الأردنية عندما يواجهون الاستغلال أو غيره من أشكال الانتهاك لأن ذلك يجعلهم عرضة للاعتقال والترحيل. وخلافًا للسوريين، لا يستطيع الفلسطينيون العيش بشكل قانوني في مخيمات اللجوء الرسمية الخاصة بالسوريين، وليس أمامهم من خيار سوى استئجار شقق في المدن والبلدات الأردنية، ولا يستطيعون العمل بشكل قانوني لكسب مال الإيجار.
وفقا لمشروع تحليل احتياجات سوريا، وهي منظمة مراقبة غير حكومية تقدم تحليلا مستقلا للوضع الإنساني للمتضررين من الأزمة السورية، قامت أجهزة الأمن الأردنية منذ 2013 باعتقال أكثر من مائة فلسطيني وترحيلهم إلى سوريا. كما قالت الأنروا، في التقرير السنوي حول الاستجابة للأزمة السورية الصادر في فبراير/شباط 2013، إنها قامت بتوثيق عديد حالات الإعادة القسرية، التي شملت نساءً وأطفالا.
في 2013 و2014، قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق إعادة سبعة فلسطينيين بشكل قسري من الأردن إلى سوريا، ونقل أربعة آخرين إلى سايبر ستي، وهو مركز احتجاز مغلق خاص باللاجئين الفلسطينيين والسوريين. وعند كتابة هذا التقرير، يوجد قرابة 180 فلسطينيا ومائتي سوري في هذا المركز. وباستثناء بعض الفترات القصيرة التي يُسمح فيها لبعض المقيمين في سايبر سيتي بزيارة أقارب لهم في بعض المدن الأردنية، كل أسبوعين أو ثلاثة، لا يُسمح للفلسطينيين المقيمين هناك بمغادرة المكان إلا للعودة إلى سوريا.
تشمل المعاملة الأردنية القاسية للفلسطينيين الفارين من سوريا، الفلسطينيين الذين يعيشون في سوريا ويتمتعون بالجنسية الأردنية، أو من كان آباؤهم مواطنين أردنيين من أصل فلسطيني. وكان العديد من هؤلاء قد انتقل من الأردن إلى سوريا أثناء وبعد نزاع سبتمبر/أيلول الأسود سنة 1970ـ71 بين المقاتلين الفلسطينيين والجيش الأردني. لم تُصرّح الحكومة الأردنية بشكل علني أن سياسة عدم دخول الفلسطينيين مرتبطة بتاريخ سبتمبر/أيلول الأسود. صار أولئك الذين شاركوا في سبتمبر/أيلول الأسود يبلغون ما لا يقل عن ستين سنة من العمر، إن لم يكونوا أكبر من ذلك، ولا يجب محاسبة أبنائهم وأحفادهم على أعمال ربما ارتكبها آباؤهم وأجدادهم منذ أكثر من 40 سنة.
رغم أن الأردن يسمح بشكل عام للفلسطينيين الذين يحملون وثائق أردنية سارية المفعول بدخول البلاد، إلا أن هؤلاء صاروا يواجهون خطر سحب الجنسية الأردنية والترحيل عندما يسعون للحصول على خدمات حكومية أردنية. وقامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق اعتقال عشرة فلسطينيين وتجريدهم من الجنسية الأردنية. وعلم المواطنون الأردنيون الذين سُحبت منهم جنسياتهم بقرار السحب بطريقة رسمية، ولكن أثناء قيامهم بإجراءات روتينية مثل تجديد جوازات السفر أو بطاقات الهوية، أو أثناء تسجيل الزواج أو الولادة لدى دائرة الأحوال المدنية في الأردن.
ويعود بعض الفلسطينيين المرحلين إلى سوريا، وخاصة الذين انتزعت منهم الجنسية الأردنية، يعودون إلى سوريا بدون وثائق هوية سارية المفعول، وهو ما يمنعهم من عبور نقاط التفتيش التابعة للحكومة والمعارضة، ما يضطرهم إلى البقاء لفترة غير محددة في قرى حدودية صغيرة دون الحصول على أي مساعدة إنسانية. وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع اثنين من الفلسطينيين تعرضا إلى الترحيل، ولا يحملان وثائق هوية، ويعيشان الآن في مسجد في قرية على الحدود السورية.
وفي جميع حالات الترحيل التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، قامت السلطات الأردنية بفصل الرجال الفلسطينيين عن أطفالهم وزوجاتهم وآبائهم وأقاربهم الذين تركوهم في الأردن، وتسبب ذلك أحيانًا في حرمان أفراد العائلة من مصدر الدخل الرئيسي.
لم تتدخل البلدان المانحة ووكالات المساعدة المحلية والدولية بشكل كاف لمواجهة المخاوف الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون القادمون من سوريا في الأردن. ورغم أن عدد الفلسطينيين الذين دخلوا إلى الأردن من سوريا منذ بداية النزاع بلغ ما لا يقل عن 14 ألف شخص، لم يحصل هؤلاء على مساعدات إنسانية إلا من عدد قليل من الوكالات. يُذكر أن القسم الخاص بالأردن في خطة الاستجابة الإقليمية لسوريا في 2014، الذي يرسم سياسة الحوار وتنسيق العمليات، لا يتطرق إلى الفلسطينيين. كما أن قوة المهام المشتركة بين الوكالات، وهي آلية تنسيق محلي بين وكالات المساعدة العاملة على الاستجابة لحاجيات السوريين اللاجئين في الأردن، والتي ترأسها المفوضية السامية للاجئين، لم تتناول بالنقاش مسائل متعلقة بالفلسطينيين القادمين من سوريا.
تتميز سياسة عدم قبول الفلسطينيين التي تم تبنيها مؤخرًا بتناقض شديد مع كيفية معاملة الأردن للمواطنين السوريين الذين لن تُفرض عليهم أي قيود رسمية عند الدخول. ومنذ اندلاع القتال في سوريا، فر أكثر من نصف مليون سوري إلى الأردن هربًا من العنف والدمار الذي تشهده بلادهم. كما تسبب النزاع في مقتل ما لا يقل عن 150 ألف شخص وتدمير مدن وقرى بأكملها.
تحرم دول أخرى بالمنطقة كذلك الفلسطينيين الفارين من العنف الدائر في سوريا من الحصول على لجوء آمن، أو تفرض قيودا على دخولهم. وباستثناء تركيا، فرض جميع جيران سوريا الآخرين قيودًا كبيرة على الفلسطينيين الذين حاولوا الفرار من أعمال عنف وهجمات غير قانونية نفذتها كل من القوات الحكومية والمجموعات المسلحة المناوئة لها.
ورغم أن الأردن ليس طرفاً في اتفاقية اللاجئين لسنة 1951 أو ملحقها لسنة 1967 فإنه ملزم مع ذلك بحكم القانون الدولي العرفي بعدم إعادة اللاجئين إلى مكان يتهدد الخطر فيه حياتهم أو حريتهم. وقد تبنت اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ـ والأردن عضو فيها ـ تبنت الاستنتاج رقم 25 في 1982 الذي يعلن أن "مبدأ عدم الإعادة... يكتسب بالتدريج طبيعة حكم قطعي من أحكام القانون الدولي".
يتعين على السلطات الأردنية إلغاء سياسة عدم قبول اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، والكف عن ترحيلهم إلى هناك. كما يتعين عليها قبول الفلسطينيين القادمين من سوريا والباحثين عن لجوء في الأردن، ولو بشكل مؤقت، والسماح لهم بالبقاء في الأردن والتنقل داخله بعد الخضوع لتمحيص أمني وإيجاد كفيل. كما يجب على السلطات الكف عن سحب الجنسية بشكل تعسفي من المواطنين الأردنيين أو أبنائهم الذين كانوا يعيشون في سوريا قبل 2011.
ويتعين على المانحين الدوليين وكالات الإغاثة أن يضمنوا تقديم الوكالات ذات الصلة دعمًا إنسانيا وحماية للفلسطينيين القادمين من سوريا في نفس حجم الخدمات المقدمة للمواطنين السوريين في الأردن.
لا يُعتبر الأردن البلد الوحيد المجاور لـ سوريا الذي وضع قيودًا على دخول الفلسطينيين. ويتعين على جميع دول الجوار احترام حقوق اللاجئين الفلسطينيين الباحثين عن الأمن واللجوء خارج سوريا ما داموا يواجهون انعدام الأمن والاضطهاد هناك. كما يجب أن لا يقع عبء توفير الأمن واللجوء على جيران سوريا فقط (الأردن ولبنان هما الوجهتان المفضلتان للفلسطينيين)، بل يجب أن تتقاسم بقية دول المنطقة وغيرها من الدول ذلك العبء.
كما يتعين على الدول الأخرى من خارج المنطقة تقديم مساعدة مالية للدول التي تستقبل لاجئين فلسطينيين من سوريا، وتنظر في إمكانية قبول اللاجئين الفلسطينيين الضعفاء ضمن إعادة توطين إنسانية مؤقتة. ولا ينبغي أن يتسبب القبول بتوطين مؤقت في بلد ثالث في حرمان اللاجئين الفلسطينيين من حقهم في العودة.
التوصيات
إلى الحكومة الأردنية
- يجب إلغاء سياسة عدم قبول الفلسطينيين القادمين من سوريًا بحثًا عن ملاذ آمن في الأردن.
- يجب الكف عن اعتقال الأشخاص فقط اعتمادًا على أصلهم القومي كفلسطينيين فارين سوريا بحثًا عن ملاذ آمن في الأردن.
- يجب الكف عن ترحيل الفلسطينيين إلى سوريا بسبب أصلهم القومي.
- يجب السماح لـ الأنروا في الأردن بتقديم مساعدة كاملة للفلسطينيين الفارين من سوريا على قدم المساواة مع بقية اللاجئين الفلسطينيين الذين تشملهم خدماتها.
- يجب السماح للوكالات الدولية والمحلية بتقديم مساعدات إنسانية للاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا على قدم المساواة مع اللاجئين السوريين.
- يجب السماح بإدراج دعم الفلسطينيين الفارين من سوريا في خطة الاستجابة الإقليمية المشتركة بين الوكالات لمواجهة الأزمة السورية في الأردن.
- يجب الكف عن سحب الجنسية عن المواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني.
- يجب إعادة الجنسية إلى جميع الأفراد الذين تم تجريدهم من جنسيتهم بشكل تعسفي. ويجب أن يتمتع كل شخص جُرّد من جنسيته بمحاكمة عادلة، مع الحق في استئناف الأحكام إذا بقي مجردًا من جنسيته.
إلى الأنروا
- يجب الاستمرار في مراقبة إعادة الفلسطينيين بشكل قسري إلى سوريا وإعداد تقارير حول ذلك.
- يجب الاستمرار في التدخل لدى السلطات الأردنية من أجل فتح الحدود للفلسطينيين الفارين من سوريا بحثا عن لجوء، والكف عن ترحيلهم، بطرق منها الإدانة الصريحة لإغلاق الحدود وعمليات الترحيل.
- يجب الاستمرار في مراقبة ظروف الفلسطينيين الفارين من سوريا المحتجزين في سايبر سيتي أو في مراكز احتجاز أردنية لأنهم دخلوا البلد بشكل غير قانوني، والدعوة إلى إطلاق سراحهم.
إلى وكالات إغاثة اللاجئين العاملة في الأردن
· يجب إدراج دعم الفلسطينيين الفارين من سوريا في خطة الاستجابة الإقليمية المشتركة بين الوكالات لمواجهة الأزمة السورية.
· بالتنسيق مع الأنروا، يجب ضمان حصول الفلسطينيين الفارين من سوريا على مساعدات وخدمات إنسانية على قدم المساواة مع السورين المتواجدين في الأردن.
· يجب دعوة الحكومة الأردنية إلى إلغاء سياسة عدم قبول الفلسطينيين الفارين من سوريا والكف عن ترحيلهم إلى هناك.
إلى دول الجوار السوري
- يجب السماح بدخول الفلسطينيين القادمين من سوريا الباحثين عن لجوء على قدم المساواة مع المواطنين السوريين.
- لا يجب ترحيل الفلسطينيين إلى سوريا فقط بالاعتماد على أصلهم القومي.
- لا يجب التمييز بين اللاجئين وطالبي اللجوء اعتمادا على أصلهم القومي.
إلى إسرائيل
- يجب السماح بدخول اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا والراغبين في العودة إلى مناطق خاضعة للسلطات الفلسطينية، واعتماد هذا الإجراء بشكل مؤقت على الأقل في انتظار نتائج الوضع النهائي التي ستسفر عنها المفاوضات.
إلى السلطات الفلسطينية
- يجب التدخل والضغط على المسؤولين الأردنيين للكف عن ترحيل الفلسطينيين وفتح الحدود أمام اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا على قدم المساواة مع المواطنين السوريين، بطرق منها الإدانة العلنية لأعمال إغلاق الحدود والترحيل.
- يجب السماح بدخول اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا الراغبين في العودة إلى مناطق خاضعة للسلطات الفلسطينية، واعتماد هذا الإجراء بشكل مؤقت على الأقل في انتظار نتائج الوضع النهائي التي ستسفر عنها المفاوضات.
إلى البلدان التي تقدم دعمًا للاجئين في الأردن
- يجب الحصول على ضمانات بأن الأردن لن يرفض أي طالب لجوء على الحدود مع سوريا، ولن يقوم بترحيل أي لاجئ إلى هناك.
- يجب تقديم مساعدات إنسانية لتلبية حاجيات جميع اللاجئين وطالبي اللجوء القادمين من سوريا.
إلى البلدان الأخرى خارج المنطقة
- يجب النظر في إمكانية توطين اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا بشكل مؤقت، دون المساس بحقهم في العودة.
منهج التقرير
اعتمد هذا التقرير على مجموعة من المقابلات التي أجرتها هيومن رايتس ووتش مع أفراد من 12 عائلة فلسطينية، وأكثر من 30 شخصًا ممن فروا من سوريا نحو عمان، وإربد، والرمثا، وجميعهم شملتهم سياسة عدم القبول الأردنية. وتحدثت خمس عائلات عن عمليات اعتقال وترحيل شملت أفراد منها، بينما تحدثت عائلتان أخريان عن عمليات احتجاز أفراد منها في سايبر سيتي، وهو مركز لاحتجاز اللاجئين شمال الأردن. وكانت ثلاث عائلات قد دخلت إلى الأردن بوثائق هوية أردنية، ومنها جوازات نافذة الصلاحية، وكتيبات عائلية، وشهادات ميلاد. وقالت ثلاث من العائلات الـ12 لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولين أردنيين قاموا بسحب الجنسية الأردنية من أفراد حاولوا تجديد وثائق هويتهم الأردنية، فأصبحوا عديمي الجنسية ولا يستطيعون إثبات هويتهم إذا تم ترحيلهم إلى سوريا.
شرح باحثو هيومن رايتس ووتش الغاية من المقابلات، وطمأنوا من أجروا معهم المقابلات بعدم الكشف عن هوياتهم، وأوضحوا لهم أنهم لن يحصلوا على أي حوافز مالية أو غير مالية مقابل التحث لـ هيومن رايتس ووتش. كما تحصلنا على موافقة من قابلناهم على التحدث عن تجاربهم بعدما أعلمناهم أنهم يستطيعون إنهاء المقابلة في أي لحظة يريدون. وتمت جميع المقابلات باللغة العربية. كما تم تغيير الأسماء الشخصية وتمت إزالة بعض التفاصيل حماية لهويتهم وأمنهم.
وللحصول على صورة أشمل لمعاملة اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع موظفين في منظمات إنسانية، واطلعت على التقارير التي أعدوها. وخلُصت هيومن رايتس ووتش إلى أن المسائل التي تطرق لها الفلسطينيون الذين تقابلنا معهم تبدو مماثلة إلى تلك التي يواجهها الفلسطينيون القادمون من سوريا بشكل عام.
في 5 مايو/أيار 2014، بعثت هيومن رايتس ووتش برسالة إلى حسين المجالي، وزير الداخلية الأردني، والتمست معلومات حول معاملة الأردن للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، لكنها لم تتحصل على أي ردّ.
I . خلفية
قبل اندلاع النزاع السوري، كان ما لا يقل عن 520 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في سوريا، بعضهم في مخيمات للاجئين وبعضهم الآخر في البلدات والمدن، وكانوا يتمتعون بعديد الحقوق على قدم المساواة مع المواطنين السوريين، ومنها الحصول على الخدمات الحكومية. واستنادا إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، فرّ معظم الفلسطينيين إلى سوريا سنة 1948 قادمين من شمال فلسطين، وخاصة من حيفا ويافا وصفد. [1] كما فرّ قرابة مائة ألف شخص آخرين من هضبة الجولان سنة 1967 بعد أن احتلتها إسرائيل. وفرّ بعض آلاف الفلسطينيين الآخرين من الأردن إلى سوريا بعد نزاع سبتمبر/أيلول الأسود سنة 1970ـ71. وحصلت موجة أخرى من فرار الفلسطينيين إلى سوريا عقب الاجتياح الإسرائيلي لـ لبنان في 1982. [2] وبقي بعض الأفراد من هذه المجموعات الأخيرة غير مسجلين كلاجئين لدى الأنروا في سوريا لأن اهتمام هذه الوكالة مقتصر على لاجئي 1948 وأبنائهم. ولكن حتى هذه الفئة كانت تتمتع ببعض خدمات الأنروا في سوريا. [3]
عانى الفلسطينيون في سوريا، كما هو حال السوريين أنفسهم، بشكل كبير من أعمال العنف التي عمت البلاد، والهجمات غير القانونية التي تشنها القوات الحكومية والمجموعات المسلحة المناوئة لها. وكما هو حال السوريين أيضًا، بدأ الفلسطينيون منذ اندلاع النزاع سنة 2011 في البحث عن لجوء في دول الجوار.
تعرضت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك مخيمات حلب، ودرعا، ومخيم اليرموك جنوب دمشق، إلى هجمات تسببت في خسائر كبيرة في الأرواح وتهجير المدنيين. كما تعرض مخيم اليرموك، الذي كان أكبر تجمع فلسطيني في سوريا قبل بداية النزاع، إلى حصار من قبل القوات الحكومية في ديسمبر/كانون الأول 2012، فتسبب في انتشار سوء التغذية، وحصلت حالات وفاة بسبب الجوع. [4] ورغم أنه تم إدخال بعض المساعدات المحدودة والمتقطعة إلى مخيم اليرموك بعد ذلك، مازال المخيم تحت الحصار عند نشر هذا التقرير، وبقي سكانه لا يستطيعون الحصول على مساعدات طبية لإنقاذ الحياة وعلى إمدادات غذائية كافية. واستنادًا إلى خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية للأزمة في الجمهورية العربية السورية لسنة 2014، تم تهجير نصف الفلسطينيين في سوريا والمُقدر عددهم بـ 540 ألف شخص داخل سوريا وخارجها نتيجة القتال، وتحتاج الجالية الفلسطينية بأكملها تقريبًا إلى مساعدات إنسانية. [5] كما تعرض الفلسطينيون في سوريا إلى الاعتقال التعسفي والتعذيب على يد القوات الحكومية والمجموعات المسلحة المعارضة. [6]
قالت امرأة فلسطينية من ضاحية الحجر الأسود جنوب دمشق لـ هيومن رايتس ووتش في عمان إن شقيقتها الكبرى توفيت جوعًا أثناء محاصرة الجيش السوري لمخيم اليرموك، وإن اثنين من أبنائها بقيا هناك تحت الحصار، ثم تمكن أحدهما من الفرار إلى منطقة أخرى في دمشق بعد أن فقد 40 كيلوغرامًا من وزنه. وأضافت: "تعرض حي الحجر الأسود إلى التدمير، وضاعت كل ممتلكاتنا، وصرنا خائفين في كل مكان في سوريا". [7]
من بين آلاف الفلسطينيين الذين فروا من سوريا إلى الأردن، يوجد عديد الأشخاص المسجلين كلاجئين لدى الأنروا ينحدرون من عائلات فرت إلى سوريا في 1948. وكان هؤلاء الفلسطينيون، قبل اندلاع النزاع، يحملون بطاقات هوية ووثائق سفر صادرة عن الهيئة العامة للاجئين العرب الفلسطينيين، وهي هيئة حكومية في سوريا تقدم خدمات للاجئين الفلسطينيين المسجلين في سوريا.
تعرض فلسطينيون آخرون ممن التمسوا اللجوء في الأردن إلى التهجير من الأردن إلى سوريا في 1970ـ71 على إثر نزاع سبتمبر/أيلول الأسود بين مجموعات فلسطينية مسلحة والجيش الأردني، أو هم هاجروا إلى سوريا بعد 1970 لأسباب أخرى. لا يحمل هؤلاء الفلسطينيون بطاقات هوية صادرة عن الحكومة السورية، بل أغلبهم يحمل جوازات أردنية منتهية الصلاحية أو وثائق هوية أردنية أخرى مثل دفتر العائلة أو شهادات الميلاد. [8] وحافظ بعض هؤلاء اللاجئين الذين يعودون إلى سنة 1970ـ71 وثائق هوية صادرة عن بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في دمشق. [9]
.II منع دخول الفلسطينيين القادمين من سوريا
قبل أبريل/نيسان 2012، سمحت السلطات الأردنية لما لا يقل عن 1300 فلسطيني فرّوا من القتال في سوريا بدخول البلد، وطبقت عليهم نفس الإجراءات المعتمدة عند دخول المواطنين السوريين.[10] وكانت السلطات تحتجز جميع السوريين والفلسطينيين في مراكز احتجاز مؤقتة، لكن بعد ذلك تسمح لهم بمغادرة تلك المراكز بعد التأكد من هويتهم، وإخضاعهم لفحص أمني، والاتصال بمواطن أردني يقبل أن يكون ضامنا أو كفيلا لهم.[11]
ولكن في أبريل/نيسان 2012، بدأ الأردن يمنع دخول الفلسطينيين، ويرفض مغادرة الفلسطينيين المحتجزين في مراكز احتجاز مؤقتة تعمل بإجراء "الخروج بكفالة"، ويُرحّل آخرين بشكل قسري.[12] وفي يونيو/حزيران، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 12 فلسطينيًا، من بينهم نساء وأطفال، قامت السلطات الأردنية باحتجازهم في مراكز احتجاز اللاجئين لمدة أشهر دون السماح لهم بالمغادرة. ومثل آلاف السوريين، دخل هؤلاء إلى الأردن دون عبور مركز حدودي رسمي. ولكن خلافًا للسوريين، تم إخضاعهم إلى إجراء خاص. وقال ثلاثة منهم إنهم تعرضوا أو إخوة لهم إلى الترحيل بشكل قسري إلى سوريا. بينما قال ستة رجال، ثلاثة منهم لهم عائلات فيها أطفال صغار، إنه تم اقتيادهم إلى الحدود وتهديدهم بالترحيل رغم أنه كان في ذلك الوقت مسموحًا لهم بالبقاء في الأردن.[13]
في يوليو/تموز 2012، رفض مسؤول من وزارة الداخلية تأكيد وجود سياسة عدم قبول خاصة بالفلسطينيين أثناء مقابلة خاصة أجرتها معه هيومن رايتس ووتش. ولكن في يناير/كانون الثاني 2013، تحدث رئيس الوزراء عبد الله النسور بشكل علني عن هذه السياسة في لقاء أجرته معه جريدة الحياة.[14] وقال النسور: "اتخذ الأردن قرارًا سياديًا واضحًا بعدم السماح لإخواننا الفلسطينيين الذين يحملون وثائق سورية بالعبور نحو الأردن".[15]
وقال فايز الطراونه، رئيس الديوان الملكي الهاشمي ورئيس الوزراء في الفترة الممتدة من مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول 2012، في مقابلة مع هيومن رايتس ووتش في يونيو/حزيران 2013، إن الأردن لن يتراجع عن سياسة عدم قبول الفلسطينيين القادمين من سوريا. كما قال إنه لو سمح لهم الأردن بالدخول، سوف يأتي مئات آلاف الفلسطينيين بحثا عن لجوء دائم في الأردن، وقد يتسببون في تغيير التوازن الديموغرافي عبر رفع عدد الأردنيين من أصل فلسطيني. وقال إن اختلال التوازن الديموغرافي من شأنه التأثير سلبًا على أمن البلاد.[16]
رغم تصريح عبد الله النسور لجريدة الحياة، لم تقتصر القيود التي فرضها الأردن على الفلسطينيين الذين يحملون وثائق سورية، ولكن شملت فلسطينيين يعيشون في سوريا ويحملون وثائق هوية أردنية. وكما تم شرح ذلك سابقًا، فهؤلاء هم أبناء مواطنين أردنيين من أصل فلسطيني، وكان البعض منهم قد فروا إلى سوريا عقب نزاع سبتمبر/أيلول الأسود في 1970ـ71 بين مجموعات فلسطينية مسلحة والجيش الأردني.
قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق أربع حالات لعائلات فلسطينية بعض أفرادها مواطنين أردنيين. وأكدت ثلاثة من هذه العائلات أن أحد أفرادها شارك في أحداث سبتمبر/أيلول الأسود مع منظمة التحرير الفلسطينية، بينما أكدت عائلة واحدة أن أحد أفرادها ممن شاركوا فعليا في أعمال العنف سنة 1970 مازال على قيد الحياة. كما قالت عائلتان إنهما تمكنتا من تجديد وثائق هويتهم الأردنية على امتداد السنين في السفارة الأردنية في دمشق. وقالت عائلتان من بين العائلات الأربعة إن السلطات الأردنية سمحت لهما بدخول الأردن منتصف أبريل/نيسان 2012 بوثائق هوية أردنية منتهية الصلاحية، ومنها جوازات السفر، وغيرها من الوثائق مثل شهادات الميلاد والجوازات الصادرة عن الأردن.[17] وتم رفض دخول عائلة ثالثة كانت تحمل وثائق هوية أردنية منتهية الصلاحية في ديسمبر/كانون الأول 2013، ولكنها تمكنت من الدخول في وقت لاحق بمساعدة أحد المهربين. وقالت العائلة الأخرى إن السلطات الأردنية سمحت لها بالدخول بجوازات سفر أردنية في بداية 2012 خلافًا لما كانت تفعله مع عائلات فلسطينية أخرى.[18]
يبقى العدد الجملي للفلسطينيين الذين رُفضت مطالبهم في الحصول على لجوء في الحدود السورية الأردنية منذ بداية القتال في سوريا غير معلوم. ولم تتمكن أي وكالة دولية من الوصول بشكل كامل إلى المعابر الحدودية غير الرسمية حيث يكون اللقاء الأول بين طالبي اللجوء والجيش الأردني.[19] وقال عديد اللاجئين السوريين والفلسطينيين الذين تقابلت معهم هيومن رايتس ووتش في الأردن في فبراير/شباط 2013 إنهم شاهدوا فلسطينيين، ورجالا سوريين غير متزوجين، وأشخاصا لا يحملون وثائق هوية يُمنعون من عبور الحدود أو يتعرضون إلى الترحيل القسري بعد إخضاعهم لفحص أمني أولي في مركز للشرطة قرب مدينة المفرق الشمالية.[20]
في ديسمبر/كانون الأول 2012، حاولت بسمة ن.، وهي فلسطينية من مخيم اليرموك، الحصول على لجوء في الأردن مع زوجها وأبنائها الثلاثة بعد أيام من تعرض مخيم اليرموك إلى قصف شديد من قبل الجيش السوري. وقالت بسمة إن ضباطًا من الجيش الأردني منعوهم من الدخول رغم أنهم يحملون شهادات ميلاد أردنية ودفتر عائلة ساري المفعول:
عندما عبرنا الحدود، حاول بعض ضباط الجيش الأردني مساعدتنا، ولكن بعد ذلك منعنا ضباط آخرون من الدخول. قالوا لنا: "أنتم فلسطينيون، لا تستطيعون الدخول". ثم اقتادونا في حافلة إلى الحدود من الجانب السوري، وتركونا هناك على الساعة الثانية فجرًا. ثم اقتادنا الجيش السوري الحر [مجموعة مسلحة معارضة] إلى مسجد في درعا.[21]
حاول فارس ر.، وهو فلسطيني آخر من مخيم اليرموك، الدخول مع زوجته وأبنائه الأربعة في أكتوبر/تشرين الأول 2012، بُعيد شن هجوم عسكري على المخيم. وقال:
عندما غادرنا، ذهبنا إلى نصيب [قرية حدودية سورية]، فقال لنا الجيش السوري الحر إننا لا نستطيع العبور. ولكننا عبرنا، ولما وصلنا إلى الأردن واستظهرنا ببطاقات هويتنا الفلسطينية السورية، جعلونا نقف جانبًا... ثم قال أحد الضباط إنه سوف يصطحبنا إلى الحدود السورية. وقال لي الضابط بصوت خافت: "ارجعي، وغيري بطاقة هويتك"، فوافقت على ذلك. ثم عدنا مع الجيش السوري الحر.[22]
ورغم الحظر الذي فرضه الأردن على دخول الفلسطينيين، تمكن ما يزيد على 14 ألف شخص من دخول الأردن بحثًا عن دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا)،[23] ومنهم 12700 شخص أفادوا بدخولهم بعد أن بدأ الأردن في منع دخول الفلسطينيين في أبريل/نيسان 2012.
احصائيات دخول الفلسطينيين اللاجئين في سوريا والمسجلين لدى الأنروا بحسب تواريخ حددوها بأنفسهم
مصدر: النظام الإقليمي لمعلومات اللاجئين لدى الأنروا، 1 يوليو/تموز 2014
رغم الحظر الذي فُرض على دخولهم، واصل الفلسطينيون القادمون من سوريا محاولة دخول الأردن هربًا من القتال الدائر هناك عبر معابر حدودية غير رسمية وبمساعدة مهربين. وتحدث الفلسطينيون الذين تقابلت معهم هيومن رايتس ووتش عن تحايلهم على الحظر الذي فرضه الأردن على دخول الفلسطينيين القادمين من سوريا.
قال عمر ف.، وهو فلسطيني من مدينة درعا، لـ هيومن رايتس ووتش إن زوجته السورية دخلت الأردن في مايو/أيار 2012 من معبر حدودي غير رسمي، وزعمت أن أبناءها الأربعة يحملون الجنسية السورية، رغم أنهم لا يحملون أي وثائق، فسمحت لها السلطات الأردنية بالدخول، والتسجيل لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، والذهاب إلى مخيم الزعتري للاجئين.[24] وبعد سنة، في مايو/أيار 2013، لحق بهم عمر، ودفع مبلغ 250 دينارًا أردنيًا (343 دولار أمريكي) لمهرّب ساعده على عبور الحدود والالتحاق بزوجته وأبنائه.[25] ويخشى عمر أن يُكتشف أمره فتقوم قوات الأمن الأردنية بإعادته إلى درعا حيث تعرض إلى التعذيب لمدة 15 يومًا في 2012 على يد المخابرات العسكرية السورية عقب اغتيال جنرال عسكري قرب منزله. وقال: "أخشى أن يقبض عليّ الأردنيون فيعيدونني إلى النظام، لا الجيش السوري الحر. لا أرغب في أن يعتقلني النظام مجددًا".[26]
وقال سمير ت.، وهو أيضًا فلسطيني من درعا، إنه عبر الحدود مع زوجته السورية وأبنائه الثلاثة بعد أن أصيبت زوجته على يد قناص. واستخدم سمير جواز سفر سوري لشخص آخر، وتمكن من التسجيل لدى المفوضية السامية للاجئين، ولكنه بعد ذلك لم يستطع مواصلة التظاهر بأنه سوري لأن صاحب الجواز عبر الحدود هو الآخر وصار مسجلا لدى المفوضية.[27] ولذلك صار سمير دون وثائق تبرر وجوده، وقال: "يعرف العديد من السوريين في هذه المنطقة أنني من درعا، ويعرفون أنني فلسطيني، ولكنني أحاول تجنبهم قدر المستطاع... وبسبب هذا الوضع، أنا لا أستطيع العمل، ولذلك أقضي كامل اليوم في المنزل مع زوجتي وأبنائي..."[28]
قال عبد الله ر.، وهو فلسطيني من دمشق ويبلغ من العمر 47 سنة، إنه دخل إلى الأردن في مايو/أيار 2014 للالتحاق بأفراد عائلته هناك. فسافر في البداية إلى قرية تل شهاب السورية الحدودية بحثا عن مهرّب يساعده على عبور الحدود. وبعد أن وجد مهرّبا دفع له مبلغ 750 دينار أردني (1060 دولار أمريكي)، تحدث عما حصل له أثناء العبور:
أخذني المهرّب مع خمسة سوريين في سيارة وسار بنا قرابة ساعة ونصف في اتجاه الحدود. ولما وصلنا إلى منطقة خضراء، طلب منا المهرّب أن نسير في طريق ترابية، وقال إننا سنجد سيارة أردنية في انتظارنا عند الجانب الآخر من الحدود. سرنا قرابة 700 متر، فوصلنا إلى منطقة فيها مجموعتان من الكثبان الرملية التي تميز الحدود. وبينما كنا نعبر، بدأ الجيش الأردني يطلق علينا النار، فاستلقينا على الأرض لتفادي الإصابة. وبعد وقت قصير، جاءت شاحنتان وعليهما جنود، ودون أن نعلم ما لذي يجري، قام جندي بإطلاق النار على خمسة منا في أرجلنا، دون أن نحاول الهروب.[29]
احتاج الرجل إلى رعاية طبية بسبب الإصابة برصاصة أسفل رجله اليُسرى. وقال إن هذه التجربة القاسية لن تثنيه عن محاولة العودة إذا تم ترحيله إلى سوريا لأنه لو لاحظ أحد جنود أو مسؤولي النظام في سوريا الإصابة في رجله لاعتقد أنه من الجيش السوري الحر وقام بإعدامه.[30]
.III اعتقال وترحيل الفلسطينيين القادمين من سوريا
قبل أبريل/نيسان 2012، دخل قرابة 1300 فلسطيني الأردن، معظمهم يحملون الجنسية الأردنية، أو هم من غير المواطنين الذين الذين حتجزتهم السلطات منذ دخولهم في مراكز احتجاز مؤقتة و يُسمح لهم بالمغادرة إذا وجدوا كفيلا أردنيًا. وبحسب ما توفر من معلومات لـ هيومن رايتس ووتش، لم تقم السلطات الأردنية بعد ذلك بترحيل أي من هؤلاء الفلسطينيين.
بعد أبريل/نيسان 2012، بدأ الأردن بإعادة اللاجئين الفلسطينيين على الحدود السورية وألغى العمل بنظام كفالة الفلسطينيين في مراكز الاحتجاز المؤقتة. واستنادًا إلى الأنروا، كان الأردن، إلى حدود أبريل/نيسان 2014، يحتجز قرابة 180 فلسطيني في سايبر سيتي، معظمهم محتجز منذ 2012.[31] باستثناء الفترات القصيرة التي تمنح لهم بعد كل أسبوعين أو ثلاثة لزيارة أقارب لهم في الأردن، لا يُسمح للفلسطينيين المحتجزين في سايبر سيتي بمغادرة المخيم إلا للعودة إلى سوريا.
يواجه آلاف الفلسطينيين غير الحاملين للجنسية الأردنية الذين دخلوا بطريقة قانونية بعد أبريل/نيسان 2012، وجميعهم لا يحملون شهادات كفالة سارية المفعول، خطر الاعتقال والترحيل إلى سوريا إذا عثرت عنهم السلطات الأردنية.
تحدث فلسطينيون تقابلت معهم هيومن رايتس ووتش عن مختلف الطرق التي يمكن للشرطة وأجهزة المخابرات أن تكتشف بها الفلسطينيين القادمين من سوريا فتقوم باعتقالهم، ومنها شن الحملات، وتفقد العاملين بشكل غير قانوني، أو عندما يحاول الفلسطينيون تجديد وثائقهم أو البحث عن خدمات حكومية.[32] وقال هؤلاء الفلسطينيون إن السلطات قامت باحتجازهم في مراكز الشرطة أو دائرة المخابرات العامة لعدة أيام، ثم حملتهم في شاحنات إلى سايبر سيتي أو قامت بترحيلهم إلى سوريا من معابر حدودية غير رسمية تشرف عليها مجموعات سورية معارضة.[33] وفي جميع هذه الحالات، لم تسمح السلطات لأي فلسطينيين بالاعتراض على قرار الترحيل رغم أن الأنروا، التي تراقب المسائل المتعلقة بحماية الفلسطينيين، تتدخل لدى السلطات لصالح الفلسطينيين عندما تحصل على موافقة بذلك.[34] وأثناء الاحتجاز، عادة ما يُسمح للفلسطينيين بإجراء مكالمة هاتفية مع أحد أفراد العائلة لإعلامه بأنهم يواجهون الترحيل.
استنادًا إلى منظمة سناب (SNAP) غير الحكومية، قامت السلطات الأردنية بإعادة ما لا يقل عن مائة فلسطيني بشكل قسري منذ 2013، "مع ارتفاع ملحوظ في بداية 2014".[35] وقالت الأنروا، في تقريرها السنوي حول الاستجابة للأزمة السورية الصادر في فبراير/شباط 2013، إنها سجلت عديد حالات الإعادة القسرية، بما فيها حالات شملت نساء وأطفالا.
في يناير/كانون الثاني 2013، قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق ثمانية تقارير ذات مصداقية عن ترحيل فلسطينيين قادمين من سوريا بشكل قسري من الأردن.[36] وفي أبريل/نيسان 2014، قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق ثماني حالات أخرى، سبعة رجال وامرأة، لفلسطينيين رحلوا على سوريا بين يوليو/تموز 2013 وفبراير/شباط 2014.
بعد ترحيلهم إلى سوريا، يواجه الفلسطينيون صعوبات في التنقل من المناطق الحدودية إلى منازلهم. وقامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق سبع عائلات فلسطينية قالت إن منازلها في درعا جنوب دمشق تعرضت إلى التدمير بسبب القصف والقتال.[37] كما قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق ست حالات لفلسطينيين قامت السلطات الأردنية بترحيلهم بعد مصادرة جميع وثاق هويتهم. وبدون هذه الوثائق، لم يتمكنوا من تجاوز نقاط التفتيش داخل سوريا في اتجاه المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والاتصال بمكتب الأنروا في درعا والتماس وثائق هوية ومساعدات إنسانية.[38] وبقيت إحدى عائلات الأشخاص الخمسة الذين تحدثت معهم هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف، عالقة منذ أواخر فبراير/شباط 2014 في بلدة حدودية سورية تسيطر عليها مجموعات مسلحة، ولم تستطع التنقل إلى أماكن أخرى داخل سوريا دون وثائق هوية. [39]
تُوفي ما لا يقل عن شخص واحد، اسمه محمود مرجان، بعد أن قامت السلطات الأردنية بترحيله مع زوجته واثنين من أبنائه الصغار من سايبر سيتي إلى سوريا في سبتمبر/أيلول 2012. واستنادًا إلى شخص مطلع على هذه الحالة، مرجان هو فلسطيني كان الحراس في سايبر سيتي يعتبرونه من مثيري المشاكل. ويوجد اختلاف حول الأسباب التي أدت إلى إعادته إلى سوريا. وقال أحد المستجوَبين إنه تحدث إلى مرجان عبر الهاتف أثناء ترحيله، فقال له إنه لا يرغب في العودة، ولكن السلطات اقتادته إلى الحدود وهددته بإطلاق النار عليه إذا لم يتابع المشي نحو سوريا.[40]
وبعد 20 يومًا، في 15 أكتوبر/تشرين الأول، قتل مرجان في سوريا بعد أن جاء رجال مسلحون إلى منزله وأطلقوا النار على رجله بحضور زوجته وأبنائه، ثم سحبوه داخل سيارة. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، ألقيت جثته أمام منزل والده، وعليها آثار تعذيب.[41]
قالت بسمة ن.، وهي فلسطينية من اليرموك، إن مجموعة تتكون من 20 ضابطًا من الشرطة في ملابس رسمية وضباط من المخابرات في ملابس مدنية اقتحموا منزلها في عمان مساء 8 يوليو/تموز 2013، بعد خمسة أشهر من دخول عائلتها إلى الأردن عن طرق مهرّب. وقامت الشرطة باعتقال زوجها، ثم احتجزته لمدة 15 يومًا في مركز احتجاز في دائرة المخابرات العامة في عمان، ورحلته إلى سوريا. وقالت بسمة: "بعد اعتقاله بأيام، اتصل بي من السجن وقال إنهم سيرحلونه إلى سوريا. كما قال لي إنهم استجوبوه فقط في اليوم الأول، ثم تركوه وحيدًا باقي المدة".[42] وبعد ترحيله، غادر زوجها سوريا مرة أخرى والتمس اللجوء في بلد ثالث بينما بقيت هي والعائلة منفصلين عنه في عمان.
كما قالت بسمة ن. إنها وأبناءها الثلاثة لا يحملون وثائق هوية، تمامًا كزوجها، وهي لا تعلم لماذا قامت السلطات باعتقال وترحيل زوجها فقط بينما كانوا جميعًا في المنزل عندما اقتحمته الشرطة. وهي تعتقد أن ترحيله كان بسبب انتمائه لـ منظمة التحرير الفلسطينية. وقالت: "أعتقد أن أحدًا ما وشى به [لانتمائه لمنظمة التحرير الفلسطينية] لأن الشرطة اعتقلت أيضًا ابن عمه، وابن أخيه، وشخصا آخر في نفس الليلة، وجميعهم في منازل مختلفة".[43] كما قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها تخشى أن يتم ترحيلها وأبناءها إلى سوريا رغم أنهم لم يفعلوا ذلك لما جاؤوا إلى المنزل. وأضافت: "نحن لا نشعر بالراحة هنا، ابنتي تدرس في الجامعة، ولكن الأمر خطير، ولا نستطيع التجول، فهم لا يستثنون أولادًا ولا بنات... نحن لا نرغب في وثائق إقامة ولا جوازات سفر. نحن فقط نرغب في أن نعيش هنا في سلام".[44]
قالت سناء ر.، وهي امرأة فلسطينية مسنة من المزيريب، قرية أغلب سكانها فلسطينيين تبعد عدة كيلومترات شمال غرب مدينة درعا في سوريا، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات الأردنية قامت بترحيل زوج ابنتها كمال وشقيقه، وكلاهما فلسطيني من المزيريب، بعد أن ألقت القبض على كمال وهو يعمل بشكل غير قانوني في بيع الخضر في إربد. كما قالت إن الأخوين دخلا إلى الأردن مع زوجتيهما مستخدمين دفاتر عائلية مزورة، وسجلوا أنفسهم لدى المفوضية السامية للاجئين بأسماء خاطئة. وبعد أن علمت باعتقال كمال بيومين، ذهبت سناء، وهي مواطنة أردنية، إلى مركز الشرطة لمعرفة ما حدث. [45] وقالت: "ذهبت إلى مركز الشرطة فطلبوا مني العودة في اليوم التالي، وقالوا إنهم سيجدون حلا. ولكن بعد ساعة اتصل بي محمد من سوريا".[46]
وبعد ذلك تحدثت إلى كمال من سوريا فأعلمها أن الشرطة الأردنية احتجزته لمدة يومين في مركز للشرطة في إربد، وإنه تعرض إلى الضرب على يد أعوان الشرطة، وطلبوا منه الكشف عن الفلسطينيين الآخرين الموجودين في المنطقة. وبعد أن أخبر الشرطة بوجود شقيقه في الأردن، اقتادوه إلى السوق ليدلهم عليه. وقامت السلطات بترحيلهم معًا إلى معبر غير رسمي تسيطر عليه مجموعة مسلحة، وهناك طلبوا منهما العبور، فتركا وراءهما زوجتيهما وثلاثة أطفال في إربد.[47]
في عدد قليل من الحالات، عوض ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن، قامت السلطات الأردنية بإرسالهم إلى مركز الاحتجاز في سايبر سيتي. وتحدثت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف لفلسطينيين اثنين محتجزين في سايبر سيتي. وقامت السلطات باحتجاز أحد الرجلين مع ثلاثة من أقاربه هناك عوض ترحيلهم إلى سوريا بعد أن تدخل أحد أقاربهم الأردنيين لدى أجهزة الأمن.[48] أما في الحالة الأخرى، فقال رجل اعتقل وأرسل إلى سايبر سيتي إنه لا يعلم لماذا اختارت السلطات عدم ترحيله.[49]
وفي جميع حالات الترحيل التي قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيقها، قامت السلطات الأردنية بفصل رجال فلسطينيين عن أبنائهم وزوجاتهم وآبائهم وغيرهم من الأقارب الذين تركوهم وراءهم في الأردن، وأحيانًا حرمان هؤلاء من مصدر رزقهم الرئيسي.
اعتقال وترحيل فلسطينيين يحملون وثائق هوية أردنية
لم تقتصر عمليات الاعتقال والترحيل على الفلسطينيين المسجلين في سوريا، بل تجاوزتهم لتشمل فلسطينيين قادمين من سوريا يحملون وثائق هوية أردنية.[50]
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع أفراد من أربع عائلات كانوا يحملون وثائق هوية أردنية عند الدخول، ومنها جوازات سفر منتهية الصلاحية، وكتيبات عائلية وشهادات ميلاد أردنية. وقال ثلاثة من هؤلاء إنهم أو آباؤهم فروا إلى سوريا أثناء نزاع سبتمبر/أيلول الأسود سنة 1970ـ71، وإن لهم أقارب كانوا قد قاتلوا مع مجموعات فلسطينية مسلحة ضدّ الجيش الأردني. وفي جميع هذه الحالات، بقي من غير الواضح ما إذا قامت السلطات الأردنية بسحب جنسياتهم قبل أن يدخلوا الأردن أو هي اتخذت القرار في وقت لاحق لما اتصلوا بقسم الحالة المدنية. ولم تقدم السلطات لجميع الفلسطينيين الذين تقابلت معهم هيومن رايتس ووتش أسباب سحب جنسياتهم.
قال رامي، وهو فلسطيني من درعا وعمره 24 سنة، لـ هيومن رايتس ووتش إنه قدم إلى الأردن مع أفراد من عائلته في 2012 بعد أن اشتد القتال في درعا. ودخلوا بشهادات ميلاد أردنية ونسخة من جواز سفر والده منتهي الصلاحية. كما قال إن والده غادر الأردن سنة 1969 للدراسة في موسكو، ولكنه لم يعد إلى هناك بعد أن أنهى دراسته، واستقر في مدينة درعا مع زوجته، وهي فلسطينية من لبنان. لا يعتقد رامي أن لوالده أي علاقة بأحداث سبتمبر/أيلول الأسود.[51]
لما دخلنا الأردن في 2012، ذهبت [مع أختي وأخي] إلى قسم الحالة المدنية للحصول على بطاقات هوية أردنية... كنا نرغب في الحصول على رقم هوية وطني. رفضوا ذلك، وصادروا شهادات ميلادنا وجواز سفر والدي. ثم أخذونا إلى سايبر سيتي، وها نحن فيه لمدة سنة وشهرين. كل ما لدينا الآن هو نسخة من جواز سفر والدي.[52]
وقالت والدة رامي، إنهم لم يرحّلوا إلى سوريا بفضل تدخل أفراد من العائلة يحملون الجنسية الأردنية في آخر لحظة ولهم علاقات في دائرة المخابرات العامة.[53] وأضافت: "لم يرتكب أبنائي أي خطأ، هم فقط يرغبون في الحصول على جواز سفر".[54]
كان سليم، وهو فلسطيني محتجز في سايبر سيتي منذ أوائل 2013، قد جاء إلى الأردن من منطقة الحجر الأسود جنوب دمشق. وقال لـ هيومن رايتس وووتش إن مسؤولين أردنيين ربما قاموا بسحب جنسيته في 2009 لما رفضت السفارة الأردنية في دمشق تجديد جواز سفره. كما قال إنه قاتل مع منظمة التحرير الفلسطينية في الأردن سنة 1970، ثم انسحب مع عائلته إلى سوريا بعد المعركة، ولكنه كان دائمًا يستطيع تجديد جوازه قبل 2009.[55]
كما قال سليم إنه دخل الأردن مع زوجته وابنتيه في يوليو/تموز 2012 مستخدمًا دفترا عائليا أردنيا وبطاقة هوية. وقال إنه لما حاول تجديد جوازه في قسم الحالة المدنية بعد ذلك بسبعة أشهر، قال له الموظفون في البداية إنهم سوف يمنحونه جوازه، ولكن بعد ذلك أعلموه بضرورة الحصول على موافقة من دائرة المخابرات العامة. ولما ذهب إلى دائرة المخابرات العامة، قام الضباط باعتقاله ووضعوه في سايبر سيتي.[56] ويسمح له ضباط سايبر سيتي بزيارة عائلته لمدة ثلاثة أيام كل أسبوعين، ولكنهم أيضًا أعلموه أنهم سيحرمونه من ذلك إذا عاد متأخرًا.[57]
إعادة نضال إلى سوريا قسرًا قال نضال، وعمره 35 سنة، في مقابلة هاتفية مع هيومن رايتس ووتش إن أعوان دائرة المخابرات العامة قاموا بترحيله مع إخوته الثلاثة وأخته بعد أن حاولوا تجديد جوازات سفرهم في مكتب الحالة المدنية في عمان أواخر فبراير/شباط 2014. وكان نضال وأقاربه، لما تقابلت معه هيومن رايتس ووتش، يسكنون في مسجد في بلدة نصيب على الحدود السورية، ويخشون التقدم شمالا في سوريا لأنهم لا يحملون وثائق هوية يستظهرون بها في نقاط التفتيش. كما تقابلت هيومن رايتس ووتش مع زوجة نضال، وهي سورية، ووالدته، وهي مواطنة أردنية، في عمان. وقالت والدة نضال لـ هيومن رايتس ووتش إنها قدمت وأبنائها الأربعة على مراحل في 2012 و2013 مع عائلاتهم من منطقة الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق. وقالت إنهم دخلوا جميعًا دون مشاكل بجوازات سفر أردنية منتهية الصلاحية، ولكن ابنها أحمد لم يستطع المغادرة لأنه لا يحمل وثائق أردنية فقتل بقنبلة في سوريا.[58] كما قالت والدة نضال إنها وُلدت وزوجها، الذي كان عضوًا في منظمة التحرير الفلسطينية في الستينات، في الأردن ثم فروا إلى سوريا بعد أحداث أيلول/سبتمبر الأسود. ولكنها حافظت هي وعائلتها على الجوازات الأردنية، وكانوا يقومون بتجديدها بعد كلّ خمس سنوات في السفارة الأردنية في دمشق. وقالت أيضًا إن صلاحية الجوازات انتهت بعد اندلاع نزاع 2011: "انتهت صلاحية جوازات سفرنا أثناء الحرب، وكانت السفارة في كل مرّة تؤخر تجديدها إلى أن صرنا غير قادرين على مغادرة منزلنا وسط دمشق لأن الطرقات لم تكن آمنة".[59] وقال نضال إنه ذهب وأفراد من عائلته إلى قسم الجوازات في دائرة الحالة المدنية في عمان في بداية 2014 لتجديد جوازات سفرهم، فقال لهم الموظفون هناك إن عليهم الذهاب إلى دائرة المخابرات العامة للقيام بذلك. ولكن لما ذهبوا إلى هناك، قام الأعوان باعتقالهم. كما قال: "فجأة، قاموا بعصب أعيننا وشدّوا أيدينا بالأغلال، وبقينا في مبنى المخابرات من الساعة الثالثة ظهرًا إلى الثامنة مساءً دون أن يتحدث إلينا أي أحد".[60] وقال أيضًا إن الأعوان قاموا بعد ذلك باستجوابهم الواحد تلو الآخر، وسألوهم عن عملهم، وما إذا كانوا ينتمون إلى أي حزب أو تنظيم مسلّح، وسألوه عن والده الذي توفي في سوريا في 2010. ثم أخذوا منه بصماته وطبعوها على قرابة 12 أو 15 ورقة دون أن يسمحوا له بقراءة ما كُتب عليها.[61] وفي اليوم التالي، قام الأعوان باقتيادهم جميعًا في حافلة إلى الحدود وأنزلوهم في معبر مدينة نصيب السورية.[62] وقالت والدة نضال إنها حاولت أن تفهم في قسم الحالة المدنية لماذا تم ترحيل أبنائها: "سألتهم ما إذا كان ذلك بسبب انتماء زوجي إلى منظمة التحرير الفلسطينية؟ لأنه غادر هذه المنظمة، وأصبح في نهاية حياته فقيرًا يبيع بعض السلع في شاحنة. فقالوا إنهم فعلوا ذلك لأن أبنائي لم يحتفظوا بجنسيتهم لمدة ثلاث سنوات، ولذلك لم يكونوا حتمًا يرغبون فيها".[63] بعد أن أمضوا شهرًا ونصف في نصيب، أصيب نضال بشظية في فخذه الأيسر في غارة شنتها الطائرات السورية على مواقع للجيش السوري الحر في المنطقة. وقال نضال إن طبيبًا تابعًا للجيش السوري الحر تمكن من تهريبه داخل الأردن مستخدمًا اسمًا سوريًا مستعارًا للحصول على علاج. فبقي هناك في المستشفى لمدة 16 يومًا، ثم قرر الأطباء في بداية أبريل/نيسان نقله إلى مركز آخر في مخيم الزعتري لتلقي مزيد من العلاج. ولكن في مركز تفقد اللاجئين في رباع سهران اكتشف الأعوان هويته، وقاموا على الفور بترحيله إلى نصيب رغم أنه كان يعاني من جروح. وقال نضال: "لما وصلت إلى هناك، عرفت لماذا كنت ممنوعًا من البقاء في الأردن. لقد قال لي أحد الأعوان" هل تذكر أحداث السبعينيات؟" فقلت له إن والدي مُنح عفوًا، ودخل الأردن عديد المرات منذ ذلك الوقت، وكانت آخرها سنة 1998. ولكنه قال لي: "أنت لست أردنيًا. أنت فلسطيني".[64] يُذكر أن نضال كان عمره تسع سنوات سنة 1970. كما قال نضال إن جرحه لم يُشفى ولم يحصل على أي رعاية طبية في نصيب، بينما كانت عائلته عالقة في مسجد هناك لأنها لم تكن تحمل أوراق تثبت هويتها في نقاط التفتيش الحكومية. وأضاف: "صرت غير قادر على المشي دون عكاز، وأنا لا أحمل أي وثائق هوية. أنا أحتاج إلى بطاقة هويتي كي أستطيع التنقل داخل سوريا على الأقل. لقد صرت تائهًا".[65] |
.IV عدم وجود حماية أثناء الإقامة في الأردن
يواجه جميع الفلسطينيين الفارين من سوريا وضعًا غير مستقر. فمنهم من لا يحمل وثائق هوية، ومنهم من يحمل شهادات تثبت أنه طالب لجوء صادرة عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومنهم مواطنون أردنيون أو أبناء لمواطنين أردنيين يواجهون خطر سحب الجنسية والترحيل.
لا يستطيع الفلسطينيون القادمون من سوريا المطالبة بحماية الحكومة الأردنية عندما يواجهون الاستغلال أو غيره من أشكال الانتهاك لأن ذلك يجعلهم عرضة للاعتقال والترحيل. ومثلما هو حال معظم اللاجئين السوريين في الأردن، لا يستطيع الفلسطيني ون العمل بشكل قانوني، وهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية.[66] ولكن خلافًا للسوريين، لا يستطيع الفلسطينيون العيش في مخيمات رسمية للاجئين، وهم مجبرون على تأجير شقق في البلدات والمدن الأردنية.
يُذكر أن القسم المتعلق بالأردن في خطة الاستجابة الإقليمية للأزمة السورية لسنة 2014، الذي يرسم سياسة الحوار وتنسيق العمليات بين الوكالات العاملة في مجال اللاجئين، استثنى الفلسطينيين.[67] ولذلك، بقيت الأنروا الوكالة الوحيدة التي تقدم مساعدات إنسانية وخدمات تعليمية وصحية للفلسطينيين، بغض النظر عن وضعهم في البلاد.[68]
قال شخصان فلسطينيان لـ هيومن رايتس ووتش إنهما لا يستطيعان المطالبة بحماية الحكومة أو جبر الانتهاكات التي يتعرض لها كل من لا يحمل وثائق هوية والتي تتراوح بين الاستغلال الاقتصادي والمضايقة في الشارع.
قال محمود، وهو فلسطيني من اليرموك يعيش في إربد مع زوجته وأبنائه الأربعة، إنه دخل الأردن ببطاقة هوية سورية مزيفة، ثم كفلهم أحد أقاربه، وهو مواطن أردني، حتى يتمكنوا من العيش خارج مخيم اللاجئين في الزعتري.[69] وبعد الكفالة، طلب منه أحد أقاربه القيام ببعض الأعمال في المنطقة، لأنه كان دهانًا، ولكنه رفض أن يدفع له المال. وقال محمود لـ هيومن رايتس ووتش: "ولما طلبت أجري، قال لي إنه علي العثور على كفيل آخر".[70]
كما قال محمود إنه لم ينل أجره في عديد أعمال الدهن الأخرى التي قام بها لأشخاص آخرين في إربد، وأحيانا استلم فقط أقل من نصف المبلغ المتفق عليه. ويخشى محمود مما سيحدث له إذا قاضى أي من زبائنه لأنه سيضطر لاستخدام بطاقة هوية سورية مزورة".[71]
وقال عمر ف، وهو فلسطيني آخر يعيش في الرمثا، إن ابنته البالغة من العمر 17 سنة تعرضت إلى تحرش من قبل أشخاص بينما كانت في طريقها إلى المدرسة، ولكنه لم يستطع رفع دعوى لأنه يخشى أن تكتشف الشرطة أمره:
واجهنا مشكلة في مدرسة الرمثا. بينما كانت ابنتي [تزعم أنها سورية] وفتيات سوريا أخريات في طريقهن إلى المدرسة، تحرش بهن بعض الشباب... وذات مرة، دخل هؤلاء الشباب إلى المدرسة وحاولوا أن يفتكّوا كتب الفتيات حتى يعرفوا أسماءهن، فاضطرت ابنتي وصديقاتها إلى الاختباء منهم في متجر للعطور. فصرخ صاحب المتجر على الشباب، بينما لم أستطع أنا إعلام الشرطة.[72]
تعيش جميع العائلات الفلسطينية التي تقابلت معها هيومن رايتس ووتش في شقق مؤجرة بمبالغ شهرية تتراوح بين 150 و250 دينار أردني (212 و353 دولار أمريكي). وقال العائلات إنها تحصل أحيانًا على مساعدات من الأنروا، تختلف حسب عدد أفراد العائلة، ولكنها تضطر للعمل بشكل غير قانوني لتوفير مبلغ الإيجار.[73] وقالت أربع عائلات على الأقل من بين العائلات الـ12 التي تقابلت معها هيومن رايتس ووتش إنها تخلفت عن تسديد مبالغ الإيجار، وإنها احتارت في توفير المبالغ المطلوبة، وخاصة العائلة التي تم ترحيل الرجال المشرفين عليها. وقالت سناء، التي تعرّض زوج ابنتها وشقيقه إلى الترحيل في بداية 2014: "تأخرت في دفع الإيجار لمدة شهرين، وصاحب الدار يسكن في الجهة المقابلة من الشارع، فأضطر أحيانًا إلى الخروج من الباب الآخر حتى لا يراني".[74]
وقال عاملون في مجال الإغاثة الدولية لـ هيومن رايتس ووتش إنهم صاروا يخشون ارتفاع عمليات اعتقال الفلسطينيين وترحيلهم، وخاصة الفلسطينيين الذين يزعمون أنهم سوريين، لأن الأردن صار يعتمد إجراء التفحص البيومتري للاجئين القادمين من سوريا، وإعادة تفحص السوريين الذين يعيشون في مخيم الزعتري وفي المدن.[75] ويفرض الإجراء الجديد على اللاجئين الخضوع لمسح القزحية من قبل سلطات الأنروا والسلطات الحكومية حتى يتمكنوا من الحصول بطاقة خدمات من وزارة الداخلية التي يستخدمها اللاجؤون للحصول على قسائم الأكل وخدمات أخرة.[76] وعملا بهذا الإجراء، ستكتشف السلطات هوياتهم المزورة. كما قال عمال الإغاثة إنهم يخشون أن يصير اللاجؤون الذين يرفضون هذا الإجراء مشتبه في أنهم فلسطينيين يزعمون أنهم سوريين فيتعرضون إلى الاعتقال والترحيل.[77]
.V سحب الجنسية من أردنيين من أصل فلسطيني
يسمح القانون الأردني في حالات مقيّدة بسحب الجنسية من مواطنيه، ومنها "تقديم خدمة لدولة معادية" أو خدمة مدنية" أو "عسكرية" لدولة أجنبية. ولكن في حالة الخدمة المدنية أو العسكرية للخارج، يتعين على الأردن تحذير الشخص المعني بضرورة ترك تلك الخدمة، وإن رفض ذلك يفقد الجنسية الأردنية.[78] إضافة إلى ذلك، لا يسمح القانون الأردني للسلطات بسحب الجنسية من الأطفال نتيجة لسحبها من والدهم إذا كان من أصل فلسطيني.[79]
ولم يعلم المواطنون الأردنيون الذين سُحبت منهم جنسياتهم بقرار السحب بإعلام رسمي، ولكن حصل ذلك أثناء القيام بإجراءات عادية مثل تجديد جواز سفر أو رخصة قيادة، أو تسجيل زواج أو ميلاد طفل لدى دائرة الحالة المدنية.[80]
قالت أربع عائلات فلسطينية قادمة من سوريا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم فرّوا إلى الأردن لأنهم كانوا يعتقدون أن وثائق هويتهم الصادرة عن السلطات الأردنية ستسمح لهم بالإقامة في الأردن والتمتع، في حالات محددة، بحقوق المواطنين. وفي هذه العائلات، حاول عشرة أشخاص تجديد وثائق هويتهم الأردنية لدى دائرة الحالة المدنية فاكتشفوا أن جنسياتهم سحبت منهم، فقامت السلطات باعتقالهم وترحيلهم أو وضعهم في سايبر سيتي. ومن بين هؤلاء الأشخاص العشرة، زعم شخص واحد أنه قاتل مع منظمة التحرير الفلسطينية ضدّ القوات الحكومية الأردنية أثناء نزاع أيلول/سبتمبر الأسود سنة 1970ـ71.[81]
لم يتمكن بعض المواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني الذين فروا إلى سوريا بعد نزاع سبتمبر/أيلول الأسود من التسجيل لدى الأنروا في سوريا أو لدى الهيئة العامة للاجئين العرب الفلسطينيين، وهي وكالة حكومية تقدم خدمات للاجئين الفلسطينيين المسجلين في سوريا، مثل إصدار وثائق سفر سورية أو بطاقات هوية للفلسطينيين المقيمين في سوريا.[82] وكان الفلسطينيون الذين يحملون وثائق هوية أردنية ويعيشون في سوريا، بما في ذلك جوازات سفر منتهية الصاحية، وكتيبات عائلية، وشهادات ميلاد ، يستطيعون الحصول على تراخيص إقامة صالحة لمدة عشر سنوات مباشرة من وزارة الداخلية السورية. ولكن خلافًا لغيرهم من الفلسطينيين، كان يتعين عليهم تقديم مطالب للحصول على تراخيص عمل، وكانت تفرض شروط على عملهم في القطاع العام.[83]. وقال شخصان من عائلتين فلسطينيتين تعيشان في سوريا إنهما يحملان وثائق هوية صادرة عن بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في دمشق.[84]
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع أفراد من أربع عائلات من سوريا رفضت دائرة الحالة المدنية تجديد بطاقات هوية وجوازات سفر لبعضهم. ولم نتمكن في هذه المقابلات من تحديد الوقت الذي قامت فيه السلطات الأردنية بسحب الجنسية من المواطنين الأردنيين الذين لهم أصل فلسطيني ويعيشون في سوريا. وبينما قالت إحدى العائلات إنها كانت تقوم بتجديد وثائقها لدى السفارة الأردنية في دمشق إلى حدود سنة 2011، وعائلة أخرى إلى حدود 2009، قالت العائلتان الأخريان إن مطالب التجديد كانت دائمًا تُرفض منذ 1981.[85]
بالإضافة إلى خطر الترحيل، يواجه الأردنيون من أصل فلسطيني الذين سُحبت منهم الجنسية صعوبة في التمتع بحقوقهم الأساسية الأخرى في الأردن، مثل الحصول على رعاية طبية، أو العمل، أو الملكية، أو التنقل، أو تسجيل أبنائهم في المدارس والجامعات العامة.[86] ولأن هؤلاء الأردنيين لا يستطيعون اللجوء إلى أي دولة أخرى، صاروا فلسطينيين بدون جنسية، ومنهم من جرب هذا الوضع مرتين منذ 1948.
يُذكر أن هيومن رايتس ووتش بعثت برسالة إلى حسين المجالي، وزير الداخلية الأردني، في 5 مايو/أيار 2014، والتمست معلومات حول عدد الأردنيين من أصل فلسطيني الذين سُحبت منهم جنسيتهم، ولكنها لم تتلقى أي ردّ.
.VI مساحات ضيقة: صدّ إقليمي للفلسطينيين الفارين من سوريا
ليس الأردن البلد الوحيد في المنطقة الذي يرفض توفير ملاذ آمن للفلسطينيين الفارين من العنف الدائر في سوريا، أو يفرض قيودًا على دخولهم. واستنادا إلى تقرير منظمة سناب (SNAP) الصادر في مارس آذار 2014:
في 2013، واجه [الفلسطينيون ال فارون من سوريا] قيودًا متزايدة عند محاولة الدخول أو التماس اللجوء، وكذلك عنفًا متصاعدًا في الدول المضيفة، وخاصة مصر، والأردن، ولبنان. وأجبر هذا الوضع [الفلسطينيين الفارين من سوريا] على خوض مغامرة الوصول إلى أوربا عبر الطرق البحرية والبرية بمساعدة مهربين.[87]
رغم أن العراق لم يفرض أي قيود رسمية على الفلسطينيين دون سواهم، إلا أن السلطات قامت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2012 بمنع دخول جميع طالبي اللجوء الذين حاولوا الدخول من المعابر الحدودية وسط العراق مع سوريا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2012.[88] واستنادًا إلى منظمة سناب (SNAP)، لا توجد أي إحصائيات رسمية للفلسطينيين الذين دخلوا العراق من سوريا، ولكن "يوجد... فلسطينيون التمسوا اللجوء في سوريا بين 2006 و2008 ولكنهم عادوا الآن إلى العراق بسبب التصعيد الحاصل في النزاع السوري".[89]
منذ بداية الأزمة السورية، حاول 53 ألف فلسطيني، من جملة 70 ألف فروا من سوريا، الحصول على لجوء في لبنان.[90] ورغم أن الحكومة اللبنانية لم تعلن عن فرض قيود رسمية على دخول الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى حدود مايو/أيار 2014، إلا أنها منعت دخول بعض الفلسطينيين منذ أغسطس/آب 2013.[91] إضافة إلى ذلك، لطالما فرض لبنان على الفلسطينيين القادمين من سوريا إجراءات تأشيرة منفصلة وأكثر تقييدًا من تلك التي تفرض على السوريين.[92] ولكن وزير الداخلية اللبناني أعلن في 8 مايو/أيار أن السلطات ستتوقف عن إصدار تأشيرات للفلسطينيين على الحدود، باستثناء حالات خاصة، ولذلك صار يتعين على الفلسطينيين القادمين من سوريا تقديم مطالب تأشيرة بشكل مسبق.[93] ولم يذكر الإعلان ما إذا سيتم فرض أي شروط أو قيود على مطالب التأشيرة التي يقدمها فلسطينيون. كما أعلنت الوزارة أنه في إطار السياسة الجديدة لن يستطيع الفلسطينيون القادمين من سوريا إلى لبنان تجديد أو تمديد تأشيراتهم التي حصلوا عليها سابقًا بشكل آلي على الحدود.
وفي 4 مايو/أيار، أعادت الحكومة اللبنانية حوالي ثلاثين فلسطينيًا إلى سوريا قسرًا عبر معبر المصنع الحدودي. وجاء قرار ترحيل هؤلاء الرجال بعد اعتقالهم في مطار بيروت في 3 مايو/أيار أثناء محاولتهم مغادرة البلاد بتأشيرات مزورة.[94]
ومن بين جميع الدول المجاورة لسوريا، لم تبقى إلا تركيا التي تسمح بدخول الفلسطينيين بكل حرية، وأفادت تقارير أنها وافقت على أن تمنحهم تراخيص للإقامة والعمل والدراسة بشكل قانوني هناك.[95] وإلى حدود أبريل/نيسان 2014، دخل ما لا يقل عن 1600 فلسطيني إلى تركيا، وسجلوا لدى المفوضية السامية للاجئين.[96]
بسبب هذا الصدّ الذي يلقونه على المستوى الإقليمي، وعدم القدرة على العيش في معظم الدول المجاورة، يضطر الفلسطينيون الفارون من العنف الدائر في سوريا إلى مواجهة أخطار أخرى، ومنها محاولة التسلل خلسة إلى أوروبا عبر البرّ أو البحر.
في مصر، حيث يوجد حوالي ستة آلف طالب لجوء فلسطيني قادم من سوريا، يتعين على الفلسطينيين والسورين الحصول تأشيرة بشكل مسبق.[97] وحتى أواخر 2013، قامت السلطات باعتقال ما لا يقل عن 400 فلسطيني فارين من سوريا على مراكب للهجرة السرية نحو أوروبا. وقال فلسطينيون تقابلت معهم هيومن رايتس ووتش في مراكز للشرطة إن السلطات المصرية قالت لهم إن السبيل الوحيد لتفادي الاحتجاز غير المحدد في مصر يتمثل في الذهاب إلى لبنان أو العودة إلى سوريا التي تمزقها الحرب.[98] ويكون الفلسطينيون في مصر أكثر عرضة للخطر لأن السياسة المتبعة في مصر تمنعهم من طلب اللجوء لدى المفوضية السامية للاجئين، بينما لا تشمل مجالات عمل الأنروا مصر.[99]
قالت زوجة رجل فلسطيني، قامت السلطات الأردنية بترحيله إلى سوريا في 2013، لـ هيومن رايتس ووتش إنه تمكن في وقت لاحق من التسلل إلى أوروبا عبر تركيا بمبلغ قدره سبعة آلاف يورو (9525 دولار أمريكي)، ولكنه أصيب بجروح في ظهره بينما كان يعبر طريقًا جبلية.[100]
يتعين على دول الجوار احترام حقوق اللاجئين الفلسطينيين الباحثين عن ملاذ آمن خارج سوريا ماداموا يواجهون عدم الأمن والاضطهاد بداخلها. ويجب أن لا يتحمل عبء اللجوء وتوفير الأمن بلد واحد من دول الجوار (الأردن ولبنان هما الوجهة المفضلة للفلسطينيين)، بل يجب تقاسمه بين دول المنطقة والدول الأبعد منها. وعلى إسرائيل أيضًا عدم انتظار قرار حول مسألة اللاجئين الفلسطينيين، والسماح للفارين من سوريا بالعودة إلى مناطق تابعة للسلطات الفلسطينية.
كما يتعين على الدول الأخرى من خارج المنطقة المساهمة في تحمل العبء بتقديم مساعدات مالية للدول التي استقبلت لاجئين فلسطينيين فارين من سوريا، والنظر في إمكانية قبول لاجئين وتوطينهم بشكل مؤقت، دون المساس بحقهم في العودة.
ترفض منظمة التحرير الفلسطينية وجامعة الدول العربية من حيث المبدأ والممارسة إدماج الفلسطينيين اللاجئين محليًا أو توطينهم في بلدان ثالثة. وهم يعتبرون أن إدماج اللاجئين الفلسطينيين أو توطينهم سيحرمهم من حق العودة.[101] وقد تكون بعض الدول مترددة في السماح بتوطين اللاجئين الفلسطينيين بسبب مواقف منظمة التحرير الفلسطينية وجامعة الدول العربية، إلا أن ذلك لا يجب أن يتسبب في تجاهل الوضع المزري للفلسطينيين. ومن بين الطرق التي يُمكن اعتمادها لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في دول ثالثة اعتماد نموذج الإجلاء الإنساني في كوسوفو الذي سمح بإعادة التوطين بشكل مؤقت، ولم يُعتمد كحلّ دائم.[102] وعملا بهذا الإجراء، لن يُحرم اللاجؤون الفلسطينيون من حقهم في العودة.
.VII المعايير الدولية
عدم الإعادة في قانون اللاجئين هو المبدأ المندرج ضمن القانون الدولي العرفي والذي يقضي بأنه لا يجوز لدولة أن تعيد لاجئاً أو طالب لجوء إلى بلد تتعرض فيه حياته أو حريته للتهديد بسبب العرق أو الديانة أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية أو إلى رأي سياسي معين. . وهذا المبدأ معترف به كقانون عرفي دولي، وتكفله اتفاقية اللاجئين لسنة 1951 وبرتوكولها لسنة 1967. كما أن وضع اللاجئ إشهاري ـ أي أنه اعتراف بتوافق شخص ما مع تعريف اللاجئ، وليس مكانة تكتسب. وعلى هذا فإن المبادئ الأساسية لحماية اللاجئين تنطبق على أولئك الذين لم يتم الاعتراف بهم رسمياً مثل انطباقها على اللاجئين المعترف بهم.
ورغم أن الأردن ليس طرفاً في اتفاقية اللاجئين لسنة 1951 أو ملحقها لسنة 1967 فإنه ملزم مع ذلك بحكم القانون الدولي العرفي بعدم إعادة اللاجئين إلى مكان يتهدد الخطر فيه حياتهم أو حريتهم. وقد تبنت اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ـ والأردن عضو فيها ـ تبنت الاستنتاج رقم 25 في 1981 الذي يعلن أن "مبدأ عدم الإعادة... يكتسب بالتدريج طبيعة حكم قطعي من أحكام القانون الدولي".[103] وتُعتبر القاعدة الآمرة أساسية وملزمة لجميع الدول، بغض النظر عن ممارساتها وتأييدها لها.
وينطبق التزام الدولة بعدم الإعادة على ترابها كما ينطبق على حدودها. في اجتماع اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في أكتوبر/تشرين الأول 2004، أصدرت اللجنة الاستنتاج رقم 99، الذي يدعو الدول إلى ضمان "الاحترام التام للمبدأ الأساسي المتمثل في عدم الإعادة، بما فيه عدم الرفض على الحدود دون سبيل إلى إجراءات نزيهة وفعالة لتحديد الوضع واحتياجات الحماية".[104] غير أن هذه الإجراءات غائبة حالياً عن الحدود التي تستقبل الوافدين من سوريا في الأردن، وأعداد الوافدين الهائلة تجعل تحديد وضع اللاجئين بشكل فردي غير مجدي في الوقت الراهن.
شخصت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الوضع السوري بأنه "نزوح جماعي هائل للاجئين".[105] وينص استنتاج اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين رقم 22 لسنة 1981 بشأن حماية طالبي اللجوء في أوضاع التدفق واسع النطاق على أنه:
في أوضاع التدفق واسع النطاق، يجب السماح بدخول طالبي اللجوء إلى الدولة التي يطلبون اللجوء إليها أولاً، وإذا عجزت تلك الدولة عن إدخالهم على أساس مستديم فعليها دائماً إدخالهم على أساس مؤقت على الأقل... ويجب السماح بدخولهم دون أي تمييز من حيث العرق أو الديانة أو الرأي السياسي أو الجنسية أو البلد الأصلي أو القدرة البدنية. وفي كافة الأحوال تنبغي مراعاة المبدأ الأساسي المتمثل في عدم الإعادة ـ بما فيه عدم الرفض على الحدود ـ بكل تدقيق.[106]
إن النتائج العملية لتطبيق مبدأ عدم الإعادة على الحدود تلزم الأردن بالسماح لطالبي اللجوء الوافدين كجزء من نزوح جماعي فراراً من انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان ومن العنف المعمم، السماح لهم بدخول البلاد، ولو مؤقتاً، لضمان عدم عودة أحد إلى الاضطهاد .
وعلاوة على التزامات القانون الدولي العرفي، فإن الأردن دولة طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حقوق الطفل، التي تشمل كلها التزامات تتعلق بعدم الإعادة، حيثما كانت إعادة فرد تمثل خطراً جدياً بانتهاك أحد حقوق الإنسان الأساسية، كالتعذيب.[107] كما أن حكومة الأردن وافقت مراراً على تعزيز التزامها بعدم إعادة طالبي اللجوء. في مذكرة التفاهم التي وقعها الأردن مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في أبريل/نيسان 1998، وافق الأردن :
بغرض حماية مؤسسة اللجوء في الأردن، وتمكين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من التصرف بمقتضى تفويضها... تم الاتفاق... على ضرورة احترام مبدأ عدم الإعادة، وعدم إعادة أي لاجئ يطلب اللجوء في الأردن إلى بلد يتهدد الخطر فيه حياته أو حريته بسبب عرقه أو ديانته أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو إلى رأي سياسي.[108]
وحينما قدم الأردن ترشيحه لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتاريخ 20 أبريل/نيسان 2006، تقدم للأمم المتحدة رسمياً بتعهداته والتزاماته بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، فقال.
قدم البلد على مدار العقود الماضية المأوى والحماية إلى موجات عديدة من اللاجئين؛ ويكرر الأردن التزامه، كبلد قديم العهد بالاستضافة، بالوفاء بالتزاماته اتفاقاً مع مبادئ القانون الدولي للاجئين بما فيها المبادئ القطعية، علاوة على القانون الدولي لحقوق الإنسان. [109]
وكرر الأردن التزامه في مارس/آذار 2012 أمام لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري، حيث نُقل عن الوفد الأردني قوله "رغم أن هذا البلد لم يكن بين الموقعين على اتفاقية 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين إلا أنه اعترف على الدوام بالمعايير القطعية للقانون الدولي للاجئين وعززها، وبالأخص مبدأ عدم الإعادة".[110]
إن تصريحات الأردن تعترف رسمياً بأن حماية اللاجئين هي التزام، وبأنه حريص على الوفاء بهذا الالتزام. وأكثر تلك المعايير جوهرية، بالنسبة للاجئين، هو مبدأ عدم الإعادة القسرية.
يزعم الأردن أن السياسة التمييزية التي ينتهجها ضدّ الفلسطينيين القادمين من سوريا ضرورية للحفاظ على أمنه القومي، ولكن يبقى واضحًا أن هؤلاء الفلسطينيين هم فارون من نفس ظروف الحرب التي فرّ منها سكان سوريا الآخرين. وفي حالات تدفق اللاجئين على نطاق واسع، قد يصير التدقيق في وضع كلّ لاجئ أمر غير عملي، ولكن الاستنتاج رقم 22 للجنة التنفيذية للمفوضية السامية للاجئين تنص على ضرورة قبول اللاجئين وحمايتهم، ولو بشكل مؤقت، وعلى أن يكون هذا القبول دون تمييز بسبب الأصل القومي، وأن يتم احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية بشكل دقيق.[111]
لا توجد أي قاعدة في القانون الدولي للاجئين تسمح بإعادة اللاجئين فقط بسبب أصلهم العرقي أو القومي. وقد يُستثنى أشخاص من وضع اللجوء بسبب ارتكاب جريمة حرب أو جريمة ضدّ السلام أو الإنسانية.[112] وقد يُستثنى كذلك أي شخص بسبب ارتكاب جريمة غير سياسية خطيرة خارج بلد الملجأ.[113] ولكن يجب أن تكون هذه الاستثناءات على أساس فردي وبعد أن يُعترف بحق شخص ما في الحصول على لجوء. ولا يُمكن نسب القيام بعمل جنائي لمجموعة بأكملها اعتمادًا على ظروف تاريخية تتعلق بانتماء سياسي في الماضي. وفي كل الحالات، توجد شكوك حول ما إذا كانت هذه الاستثناءات تنطبق على عديد الفلسطينيين القادمين من سوريا.
يُمكن أيضا رفع الحماية من الإعادة القسرية على لاجئين معترف بهم، ولكن فقط في ظروف خاصة.[114] ويكون ذلك من الناحية القانونية ممكنا، طبقا لاتفاقية عدم الإعادة القسرية، عندما يُدان شخص، بعد قبوله كلاجئ في بلد ما، في حكم نهائي بارتكاب جريمة خطيرة جدًا من شأنها تهديد مجموعة محلية.[115] ولكن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أوصت بأن يكون هذا الاستثناء مقيد بشكل جيد، وأن لا يُستعمل إلا في الحالات التي تكون فيها الإعادة القسرية آخر حلّ لمواجهة خطر محدق بالبلاد، وحيث تكون المخاطر التي يواجهها البلد المضيف أكبر من مخاطر تعرض اللاجئ إلى الاضطهاد عند العودة.[116] وإلى حد الآن، لم تعلم هيومن رايتس ووتش بإعادة أي فلسطيني فار من سوريا بسبب صدور حكم نهائي حول ارتكابه جريمة خطيرة جدًا. وحتى إذا ما أدين شخص بالمشاركة في أحداث سبتمبر/أيلول الأسود، على سبيل المثال، فإنه لم يعد بعد مرور أربعين سنة يُشكل أي خطر على المجتمع أو تهديد للدولة الأردنية. ويحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التعذيب بوجه خاص، جميع الحكومات من إعادة أي شخص، ودون استثناء، إلى مكان قد يواجهون فيه خطر التعرض إلى التعذيب.[117] ولذلك فإنه يُمكن حماية الأشخاص الذين تم استثناؤهم من اتفاقية اللاجئين بضمانات عدم الإعادة القسرية التي ينص عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان المتعلقة بالتعذيب، وهي غير قابلة للانتقاص.
شكر وتنويه
أجرى بحوث هذا التقرير وكتبه أحد باحثي هيومن رايتس ووتش. وقام بمراجعته كلّ من نديم حوري، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولمى الفقيه، باحثة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبيل فريليك، مدير برنامج حقوق اللاجئين، وطوم بورتيوس، نائب مدير برنامج. قدم المراجعة القانونية دينا بوكمبنر، مستشارة عامة. وقدم كل من جيليان سلوتزكر وساندي الخوري مساعدة في الإخراج والمراجعة. وأعد التقرير للنشر كل من غريس تشوي مديرة المطبوعات، وكاثي ميلز أخصائية النشر، وآنا لوبريور مدير إبداعي، وفبتزروي هبكنز المدير الإداري.
نتقدم بالشكر لكل الفلسطينيين الذين أطلعونا على قصصهم.
الملصق : رسالة إلى وزير الداخلة حول معاملة الأردن للفلسطينيين الفارين من سوريا
5 مايو/أيار 2014
سيادة اللواء حسين المجالي
وزير الداخلية
المملكة الأردنية الهاشمية
سيادة الوزير،
أكتب إلى سيادتكم هذا الخطاب لإبداء القلق من معاملة الأردن للفلسطينين القادمين من سوريا الذين فروا إلى الأردن هرباً من القتال في سوريا، بما في ذلك إعادة الأردن القسرية لعدد من الفلسطينيين الموجودين على التراب الأردني. كما تعرب هيومن رايتس ووتش عن قلقها إزاء التقارير المستمرة عن رفض إدخال فلسطينيين وافدين لدى الحدود الأردنية السورية، مما يشكل بدوره ضرباً من ضروب الإعادة القسرية. هذه المعاملة تختلف عن معاملة الأردن للمواطنين السوريين، الذين ورغم بعض الإغلاق المؤقت للحدود البرية، يُدخَلون من الحدود الأردنية ويمنحون الحق في البقاء بالمملكة كطالبي لجوء.
في مخالفة لالتزامات الأردن بموجب القانون الدولي، قام الأردن بحظر دخول كافة الفلسطينيين القادمين من سوريا في أوائل 2013، فحرم هؤلاء الذين يحاولون الفرار من سوريا من ملاذ آمن، ونزع الشرعية عن الموجودين داخل المملكة بالفعل، فزاد من استضعافهم وعرضتهم للاستغلال والاعتقال والترحيل.
وقد تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات من مصادر متعددة تفيد بأن الأردن لا يمنع الفلسطينيين القادمين من سوريا من الدخول فحسب، بل إن الشرطة والأجهزة الأمنية قد صعّدت من جهودها لتحديد أماكن الفلسطينين الذين دخلوا الأردن من سوريا، وتوقيفهم، وترحيلهم، حيث قامت بإعادة العديد من الأفراد منذ يناير/كانون الثاني 2013. وتشير المعلومات التي تلقيناها إلى أن عدداً من الفلسطينيين الذين تمت إعادتهم إلى سوريا كانوا من السيدات والمسنين والأطفال، بعضهم غير مصحوبين ببالغين. كما أفادت تقارير بأن بعض الذين أعيدوا إلى سوريا كانوا مواطنين أردنيين يقيمون في سوريا، وقد جردتهم السلطات الأردنية من جنسيتهم تعسفاً قبل ترحيلهم.
وعلى الرغم من حظر الدخول إلى الأردن، ففي مارس/آذار 2014 تمكن ما لا يقل عن 12 ألف فلسطيني من سوريا من التسجيل للحصول على دعم وكالة الأونروا، حسب ما أفادت الوكالة.
وبحسب بيان أخير من الأونروا فإن الفلسطينيين القادمين من سوريا الذين يلتمسون دعم الوكالة في الأردن "قد استنفدوا آليات الدعم المتاحة وهم في أمس الحاجة إلى المساعدة". كما يواجه هؤلاء الفلسطينيون صعوبة كبيرة في تسجيل المواليد والوصول إلى الخدمات الحكومية، ويتعرضون لخطر مستديم من الترحيل، بدون أية قدرة ظاهرة على الطعن على أوامر الترحيل.
وقد قامت هيومن رايتس ووتش في أوائل 2013 بتوثيق ثمانية حالات اضطر فيها طالبو لجوء فلسطينيون نجحوا في دخول الأردن إلى مواجهة الإعادة القسرية إلى ظروف الخطر في سوريا. وفي واحدة من تلك الحالات، تمت إعادة محمود مرجان وزوجته وأطفالهما قسرياً من "سايبرسيتي"، وهي منشأة الاحتجاز التي يجري احتجاز اللاجئين بها في الأردن، إلى سوريا يوم 25 سبتمبر/أيلول 2012. تم اعتقال مرجان من منزله في سوريا بعد 20 يوماً من إعادته القسرية، وألقيت جثته لاحقاً في الشارع أمام منزل والده وبها جراح ناجمة عن الرصاص وآثار تعذيب، بحسب مصادر على صلة بما حدث وطلبت عدم ذكرها بالاسم.
رغم أن الأردن ليس طرفاً في اتفاقية اللاجئين لسنة 1951 أو ملحقها الإضافي لسنة 1967، إلا أنه يتقيد بالقانون الدولي العرفي الذي يقضي بعدم إعادة اللاجئين إلى حيث تتعرض حياتهم أو حريتهم للتهديد. وقد تبنت اللجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ـ والتي ينتمي إليها الأردن كعضو ـ الاستنتاج رقم 25 لسنة 1982، الذي يعلن أن "مبدأ عدم الإعادة القسرية... يكتسب على نحو تدريجي صفة قاعدة عرفية من قواعد القانون الدولي".
وينطبق التزام الدولة بعدم الإعادة القسرية على ترابها كما على حدودها.
إن وكالة اللاجئين تصف الوضع السوري بأنه "نزوح جماعي هائل للاجئين". وقد عانى الفلسطينيون القادمون من سوريا، مثلهم مثل السوريين هناك، أشد المعاناة نتيجة للعنف المعمم والهجمات غير المشروعة التي تشنها قوات الحكومة والجماعات المسلحة غير الحكومية على السواء. كما تعرضت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، بما فيها تلك التي في حلب ودرعا، ومخيم اليرموك جنوبي دمشق، لهجمات أدت إلى وفيات في صفوف المدنيين. وتعرض مخيم اليرموك، الذي كان يؤوي أكبر جالية فلسطينية في البلاد قبل بدء النزاع، لحصار القوات الحكومية في ديسمبر/كانون الأول 2012 مما أدى إلى انتشار سوء التغذية والموت جوعاً في بعض الحالات. ورغم أن بعض الغوث قد دخل إلى اليرموك منذ ذلك الحين إلا أن المقيمين الباقين بالمخيم ما زالوا محرومين من الوصول إلى المساعدات الطبية التي قد تنقذ الأرواح وإلى الموارد الغذائية الكافية. وتفيد تقارير بأن نصف الـ540 ألف فلسطيني المقيمين في سوريا قد نزحوا جراء النزاع. كما تعرض الفلسطينيون في سوريا للاحتجاز التعسفي والتعذيب على أيدي القوات الحكومية.
ويقرر الاستنتاج رقم 22 للجنة التنفيذية التابعة لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، بشأن حماية طالبي اللجوء في أوضاع التدفق واسع النطاق ـ مثل وضع القادمين من سوريا في الوقت الراهن ـ أنه:
في أوضاع التدفق واسع النطاق، يجب السماح بدخول طالبي اللجوء إلى الدولة التي يطلبون اللجوء إليها أولاً، وإذا عجزت تلك الدولة عن إدخالهم على أساس مستديم فعليها دائماً إدخالهم على أساس مؤقت على الأقل... ويجب السماح بدخولهم دون أي تمييز من حيث العرق أو الديانة أو الرأي السياسي أو الجنسية أو البلد الأصلي أو القدرة البدنية. وفي كافة الأحوال تنبغي مراعاة المبدأ الأساسي المتمثل في عدم الإعادة ـ بما فيه عدم الرفض على الحدود ـ بكل تدقيق.
وعلاوة على التزامات القانون الدولي العرفي، فإن الأردن دولة طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حقوق الطفل، التي تشمل كلها التزامات تتعلق بعدم الإعادة، حيثما كانت إعادة فرد تمثل خطراً جدياً بانتهاك أحد حقوق الإنسان الأساسية، كالتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما أن حكومة الأردن وافقت مراراً على تعزيز التزامها بعدم إعادة طالبي اللجوء.
وتعترف تصريحات الأردن العلنية رسمياً بأن حماية اللاجئين من التزاماته، وبأنه يتقيد بتلبية هذا الالتزام، الذي يشمل التقيد بالمعايير العرفية (أي بالقانون العرفي). وأكثر هذه المعايير أساسية فيما يتعلق باللاجئين هو مبدأ عدم الإعادة القسرية.
وعليه فإننا، بغية الحصول على فهم أفضل لمعاملة الأردن للفلسطينيين القادمين من سوريا، والتمكن من تقديم انعكاس أفضل لها، نلتمس من سيادتكم الرد على الأسئلة التالية:
- ما هي القواعد أو الممارسات أو الإجراءات التي تحكم القرار بإعادة طالبي اللجوء الفلسطينيين إلى سوريا؟ وكيف تختلف عن القواعد أو الممارسات أو الإجراءات الحاكمة لمعاملة طالبي اللجوء غير الفلسطينيين في الأردن
- ما الهيئة الحكومية الأردنية المسؤولة عن الأمر بترحيل طالبي اللجوء الفلسطينيين من الأردن إلى سوريا؟ وما الهيئة الحكومية الأردنية التي تقوم بتنفيذ عمليات ترحيل طالبي اللجوء الفلسطينيين؟
- كم يبلغ عدد الفلسطينيين الذين أعادهم الأردن قسراً إلى سوريا منذ 2011؟ وكم يبلغ عدد السيدات والأطفال وكبار السن من بين هؤلاء؟
- هل تسمح السلطات الأردنية لطالبي اللجوء الفلسطينيين بالطعن على ترحيلهم؟ وإذا صح هذا فما هي الإجراءات أو القواعد الحاكمة لعملية الطعن على أمر الترحيل في الأردن؟
- كم يبلغ عدد الفلسطينيين القادمين من سوريا الذين تم تجريدهم من الجنسية الأردنية؟ وعلى أي أساس قامت السلطات الأردنية بتجريد فلسطينيين مقيمين في سوريا من الجنسية؟
- ما الهيئة الحكومية الأردنية المسؤولة عن تجريد طالبي اللجوء الفلسطينيين من الجنسية؟ وهل تلقت هذه الهيئة موافقة السيد رئيس الوزراء على تجريد طالبي اللجوء الفلسطينيين من الجنسية؟
- ما هي الهيئة الحكومية الأردنية المسؤولة عن الأطفال غير المصحوبين؟ وكم عدد الأطفال غير المصحوبين الذين قام الأردن بترحيلهم؟ ما الإجراءات التي تتبعها الحكومة الأردنية في حالات الأطفال غير المصحوبين؟
إننا نلتمس رد الوزارة على هذه الاستفسارات في موعد غايته 19 مايو/أيار 2014حتى يتسنى لنا إدراج هذه المعلومات في تقرير نعكف حالياً على إعداده حول هذه القضايا.
وسوف يسرنا الاجتماع مع سيادتكم في عمان لمناقشة هذه القضايا على نحو مباشر، فإذا كان هناك موعد مناسب للاجتماع، أو إذا خطرت لسيادتكم أية أسئلة، فإن بوسع طاقم مكتبكم الاتصال مباشرة بـ جيليان سلوتزكر، منسقة قسم الشرق الأوسط، على البريد الإلكتروني
إننا نتطلع إلى رد سيادتكم، مع وافر الاحترام والتحية من،
نديم حوري
نائب المدير التنفيذي
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
هيومن رايتس ووتش
نسخة إلى:
سيادة الدكتور فايز الطراونة
رئيس الديوان الملكي الهاشمي
د. علياء هاتوج بوران
سفيرة المملكة الأردنية الهاشمية في الولايات المتحدة الأمريكية
[1] وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، (الأنروا)، "أين نعمل"، http://www.unrwa.org/ar/where-we-work/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[2] مشروع تحليل حاجيات سوريا، "فلسطينيون من سوريا"، مارس/آذار 2014، http://www.acaps.org/reports/downloader/palestinians_from_syria_march_2014/77/syria ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014).
[3] المصدر السابق.
[4] وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، (الأنروا)، "التقرير السنوي حول الاستجابة للأزمة السوررية لسنة 2013"، http://www.unrwa.org/sites/default/files/syria_crisis_response_annual_report_2013_1.pdf ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014)، العفو الدولية، "امتصاص الحياة في مخيم اليرموك: جرائم الحرب المرتكبة ضدّ المدنيين المحاصرين"، AI Index MDE 24/008/2014، http://www.amnesty.org/en/library/asset/MDE24/008/2014/en/c18cfe4d-1254-42f2-90df-e0fce7c762fc/mde240082014en.pdf ، مارس/آذار 2014، (تمت الزيارة في 5 مايو/أيار 2014). نضال بيطار، Yarmouk Refugee Camp and the Syrian Uprising: A View from Within، Journal of Palestine Studies، خريف 2013، http://www.palestine-studies.org/files/Yarmouk%20Refugee%20Camp/BitariFinal.pdf ، (تمت الزيارة في 28 مايو/أيار 2014).
[5] "خطة الاستجابة الإنسانية للأزمة في الجمهورية العربية السورية للعام 2014"، (ديسمبر/كانون الأول 2013)، http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/2014_Syria_SHARP.pdf ، (تمت الزيارة في 1 مايو/أيار 2014). مشروع تحليل حاجيات سوريا، "فلسطينيون من سوريا"، مارس/آذار 2014.
[6] العفو الدولية، "امتصاص الحياة في مخيم اليرموك: جرائم الحرب المرتكبة ضدّ المدنيين المحاصرين"، AI Index MDE 24/008/2014 ، http://www.amnesty.org/en/library/asset/MDE24/008/2014/en/c18cfe4d-1254-42f2-90df-e0fce7c762fc/mde240082014en.pdf ، مارس/آذار 2014، (تمت الزيارة في 5 مايو/أيار 2014).
[7] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سماح، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[8] "دفتر العائلة" هو وثيقة هوية شائعة يتم استخدامها في أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للأسرة النواة. يحتوي الدفتر عادة على صور ومعلومات هوية عن الزوج والزوجة والمعيلين والأطفال، وهي الوثيقة الأكثر شيوعا لإثبات هوية الأطفال.
[9] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عائلتين فلسطينيتين من سوريا، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[10] "معاملة أردنية للفلسطينيين على الحدود السورية تتسم بالتمييز"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، يوليو/تموز 2012، http://www.hrw.org/ar/news/2014/06/15-0
[11] يلتزم الكفيل برعايتهم في الأردن، وبالتعاون مع السلطات إذا حدثت أي إشكاليات مع الشخص موضوع الكفالة. أنظر "معاملة أردنية للفلسطينيين على الحدود السورية تتسم بالتمييز"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، يوليو/تموز 2012، http://www.hrw.org/ar/news/2014/06/15-0 .
[12] "الخروج بكفالة" هو إجراء قانوني يسمح للاجئين في الأردن بمغادرة المخيمات ومراكز احتجاز اللاجئين والعيش في القرى والمدن الأردنية شريطة وجود مواطن أردني يقبل بأن يكون كفيلا. "معاملة أردنية للفلسطينيين على الحدود السورية تتسم بالتمييز"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، يوليو/تموز 2012، http://www.hrw.org/ar/news/2014/06/15-0
[13] "معاملة أردنية للفلسطينيين على الحدود السورية تتسم بالتمييز"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، يوليو/تموز 2012، http://www.hrw.org/ar/news/2014/06/15-0
[14] "معاملة أردنية للفلسطينيين على الحدود السورية تتسم بالتمييز"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، يوليو/تموز 2012، http://www.hrw.org/ar/news/2014/06/15-0
[15] "النسور للحياة: استقبال اللاجئين الفلسطينيين في سورية خط أحمر"، الحياة، http://alhayat.com/Details/470960 ، (تمت الزيارة في 10 مايو/أيار 2014).
[16] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فايز الطراونة، رئيس المحكمة الملكية الهاشمية، عمان، 27 مايو/أيار 2013.
[17] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع أربع عائلات فلسطينية من سوريا، عمان، 8 مايو/أيار 2013.
[18] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع أربع عائلات فلسطينية من سوريا، عمان، 8 مايو/أيار 2013.
[19] مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، “2014 UNHCR country operations profile – Jordan,”، http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/page?page=49e486566 ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[20] "الأردن ـ يجب أن يضغط أوباما على الملك عبد الله لوقف إعادة طالبي اللجوء"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 21 مارس/آذار 2013، http://www.hrw.org/ar/news/2013/03/21-0 .
[21] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسمة، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[22] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فارس، إربد، 29 أبريل/نيسان 2014.
[23] وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا)، "اللاجؤون الفلسطينيون من سوريا في الأردن"، http://www.unrwa.org/ar/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86 ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014).
[31] وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا)، "اللاجؤون الفلسطينيون من سوريا في الأردن"، http://www.unrwa.org/ar/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86 ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014). تايلور لاك، “Jordan opens new Syrian refugee holding facility amid emerging humanitarian crisis,”، Jordan Times ، 11 مايو/أيار 2012، http://jordantimes.com/Jordan+opens+new+Syrian+refugee+holding+facility+amid+emerging+humanitarian+crisis++-47891 ، (تمت الزيارة في 13 مايو/أيار 2014).
[32] Need footnotes
[33] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع عائلات فلسطينية قادمة من سوريا، عمان وإربد، 28 و29 أبريل/نيسان 2014.
[34] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع عائلات فلسطينية قادمة من سوريا، عمان وإربد، 28 و29 أبريل/نيسان 2014. وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا)، "اللاجؤون الفلسطينيون من سوريا في الأردن"، http://www.unrwa.org/ar/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86 ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014). وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا)، "التقرير السنوي المتعلق بالاستجابة للأزمة السورية لسنة 2013"، http://www.unrwa.org/sites/default/files/syria_crisis_response_annual_report_2013_1.pdf ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[35] مشروع تحليل احتياجات سوريا، "فلسطينيون من سوريا"، مارس/آذار 2014، http://www.acaps.org/reports/downloader/palestinians_from_syria_march_2014/77/syria ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014).
[36] "الأردن ـ يجب أن يضغط أوباما على الملك عبد الله لوقف إعادة طالبي اللجوء"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 21 مارس/آذار 2013، http://www.hrw.org/ar/news/2013/03/21-0 .
[37] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع عائلات فلسطينية من سوريا، عمان والرمثا وإربد، 28 و29 أبريل/نيسان 2014.
[38] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع عائلتين فلسطينيتين من سوريا، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[39] مقابلة عبر الهاتف مع نضال م، 2 مايو/أيار 2014.
[40] مقابلة هيومن رايتس ووتش، تم حجب الاسم، 2 فبراير/شباط 2013.
[41] مقابلة هيومن رايتس ووتش، تم حجب الاسم، 2 فبراير/شباط 2013.
[42] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسمة، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[43] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسمة، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[44] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسمة، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[45] عملا بالقانون الأردني، لا تستطيع المرأة أن تمنح الجنسية لزوجها أو أبنائها.
[46] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سناء، إربد، 29 أبريل/نيسان 2014.
[47] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سناء، إربد، 29 أبريل/نيسان 2014.
[48] مقابلة عبر الهاتف مع رامي، 6 مايو/أيار 2014.
[49] مقابلة عبر الهاتف مع سليم، 6 مايو/أيار 2014.
[50] بعض هؤلاء الفلسطينيين هم أبناء مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية الذين فروا من الأردن سنة 1970، وكان في ذلك الوقت معظم فلسطينيي الضفة الغربية والفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الشرقية يحملون الجنسية الأردنية نتيجة لضم الضفة الغربية للأردن سنة 1949. وبعد فك ارتباط الأردن مع الضفة الغربية في 1988، قامت السلطات بسحب الجنسية من معظم سكان الضفة الغربية. ربما هذا هو الأساس المنطقي لتجريد الفلسطينيين من وثائقهم الأردنية الآن، ولكن ليس بوسعنا تأكيد ذلك.
[51] مقابلة عبر الهاتف مع رامي، 6 مايو/أيار 2014.
[52] السابق.
[53] السابق.
[54] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مرام، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[55] مقابلة عبر الهاتف مع سليم، 6 مايو/أيار 2014.
[56] السابق..
[57] السابق.
[58] مقابلة عبر الهاتف مع منى ، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[59] مقابلة السابق.
[60] مقابلة عبر الهاتف مع نضال ، 2 مايو/أيار 2014.
[61] مقابلة السابق.
[62] السابق.
[63] مقابلة عبر الهاتف مع منى ، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[64] مقابلة عبر الهاتف مع نضال، 2 مايو/أيار 2014.
[65] السابق.
[66] وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين في الشرق الأدنى (الأنروا)، "الاستجابة لأزمة سوريا الإقليمية يناير/كانون الثاني-ديسمبر/كانون الأول- مراجعة نصف سنوية".
[67] مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، "خطة الاستجابة الإقليمية للأزمة السورية لسنة 2014"، http://www.unhcr.org/syriarrp6/docs/syria-rrp6-jordan-response-plan.pdf ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[68] وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا)، "الاستجابة لأزمة سوريا الإقليمية يناير/كانون الثاني-ديسمبر/كانون الأول- مراجعة نصف سنوية"، http://www.unrwa.org/sites/default/files/syria_crisis_response_annual_report_2013_1.pdf ، (تمت الزيارة في 30 يوليو/تموز 2014).
[69] نظام "الخروج بكفالة" هو إجراء قانوني يسمح للاجئين في الأردن بمغادرة مخيمات اللجوء ومراكز احتجاز اللاجئين والعيش في البلدات والمدن الأردنية شريطة العثور على مواطن أردني يكفلهم.
[70] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمود، إربد، 29 أبريل/نيسان 2014.
[71] السابق.
[72] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عمر، الرمثا، 29 أبريل/نيسان 2014.
[73] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع عائلات فلسطينية، عمان وإربد والرمثا، 28 و29 أبريل/نيسان 2014. لا يستطيع عديد الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى الأردن الحصول على تصاريح عمل لأنهم لا يحملون وثائق هوية.
[74] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سناء، إربد، 20 أبريل/نيسان 2014.
[75] مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، "خطة الاستجابة الإقليمية للأزمة السورية لسنة 2014"، http://www.unhcr.org/syriarrp6/docs/syria-rrp6-jordan-response-plan.pdf ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[76] مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، "خطة الاستجابة الإقليمية للأزمة السورية لسنة 2014"، http://www.unhcr.org/syriarrp6/docs/syria-rrp6-jordan-response-plan.pdf ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[77] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع عمال في مجال الإغاثة الإنسانية، تم حجب الأسماء، عمان، 6 مايو/أيار 2014.
[78] تقرير هيومن رايتس ووتش، "بلا جنسية من جديد: الأردنيون من أصل فلسطيني المحرومون من الجنسية"، الصفحة 26.
[79] تقرير هيومن رايتس ووتش "بلا جنسية من جديد: الأردنيون من أصل فلسطيني المحرومون من الجنسية، الصفحة 16.
[80] تقرير هيومن رايتس ووتش "بلا جنسية من جديد: الأردنيون من أصل فلسطيني المحرومون من الجنسية، الصفحة 26.
[81] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع أربع عائلات فلسطينية قادمة من سوريا، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[82] مشروع تحليل احتياجات سوريا، "فلسطينيون من سوريا"، مارس/آذار 2014، http://www.acaps.org/reports/downloader/palestinians_from_syria_march_2014/77/syria ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014).
[83] السابق.
[84] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع عائلتين فلسطينيتين، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[85] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع عائلات فلسطينية، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[86] Stateless Again، الصفحة 47.
[87] مشروع تحليل احتياجات سوريا، "فلسطينيون من سوريا"، مارس/آذار 2014، http://www.acaps.org/reports/downloader/palestinians_from_syria_march_2014/77/syria ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014).
[88] "العراق/الأردن/تركيا يمنعون السوريين من الفرار من الحرب"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 1 يوليو/تموز 2013، http://www.hrw.org/ar/news/2013/07/01 .
[89] مشروع تحليل احتياجات سوريا، "فلسطينيون من سوريا"، مارس/آذار 2014، http://www.acaps.org/reports/downloader/palestinians_from_syria_march_2014/77/syria ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014).
[90] مشروع تحليل احتياجات سوريا، "فلسطينيون من سوريا"، مارس/آذار 2014، http://www.acaps.org/reports/downloader/palestinians_from_syria_march_2014/77/syria ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014).
[91] "لبنان ـ منع دخول فلسطينيين فارين من سوريا"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 8 أغسطس/آب 2013، http://www.hrw.org/news/2013/08/07/lebanon-palestinians-fleeing-syria-denied-entry .
[92] وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا)، "اللاجؤون الفلسطينيون من سوريا في لبنان"، http://www.unrwa.org/ar/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86 ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014).
[93] “Lebanon restricts Palestinians fleeing Syria,” ، i24 News ، 9 مايو/أيار 2014، http://www.i24news.tv/app.php/en/news/international/middle-east/140509-lebanon-restricts-palestinians-fleeing-syria
[94] بيان هيومن رايتس ووتش، "لبنان- رفض دخول الفلسطينيين وترحيلهم إلى سوريا"، 6 مايو/أيار 2014، http://www.hrw.org/ar/news/2014/05/06-0
[95] “Turkey offers residency to Palestinian refugees fleeing Syria,”، al-Akhbar English، 19 فبراير/شباط 2014، http://english.al-akhbar.com/node/18704 ، (تمت الزيارة في 15 مايو/أيار 2014).
[96] مشروع تحليل احتياجات سوريا، "فلسطينيون من سوريا"، مارس/آذار 2014، http://www.acaps.org/reports/downloader/palestinians_from_syria_march_2014/77/syria ، (تمت الزيارة في 17 مايو/أيار 2014).
[97] وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا)، “Syria Crisis Response Update (Issue No. 73)، 7 أبريل/نيسان 2014، http://www.unrwa.org/newsroom/emergency-reports/syria-crisis-response-update-issue-no-73 ، (تمت الزيارة في 14 مايو/أيار 2014). "مصر ـ احتجاز لاجئين من سوريا وإكراههم على العود"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، http://www.hrw.org/ar/news/2013/11/10-0 .
[98] "مصر ـ احتجاز لاجئين من سوريا وإكراههم على العود"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، http://www.hrw.org/ar/news/2013/11/10-0 .
[99] السابق.
[100] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسمة، عمان، 28 أبريل/نيسان 2014.
[101] أنظر سوزان أكرم، “Palestinian Refugees and Their Legal Status: Rights, Politics, and Implications for a Just Solution,” ، Journal of Palestine Studies ، Vol. 31, No. 3 ، ربيع 2002، الصفحات 36ـ51، http://www.palestine-studies.org/files/Special%20Focus/World%20Refugee%20Day/Palestinian%20Refugees.pdf ، (تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2014).
[102] Bill Frelick، “Humanitarian Evacuation from Kosovo:A Model for the Future?” ، World Refugee Survey—2000 ، متاح على available at http://m.reliefweb.int/report/65648 (تمت الزيارة في 1 يوليو/تموز 2014).
[103] مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، "الاستنتاج العام بشأن الحماية الدولية رقم 25"، 1982، 20 أكتوبر/تشرين الأول 1982، http://www.unhcr.org/excom/EXCOM/3ae68c434c.html ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[104] مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، "الاستنتاج العام بشأن الحماية الدولية رقم 99"، 2004، 08 أكتوبر/تشرين الأول 1982، http://www.unhcr.org/excom/EXCOM/3ae68c434c.html ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[105] مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، “Remarks to the United Nations Security Council António Guterres, United Nations High Commissioner for Refugees 27 February 2013”، 27 فبراير/شباط 2013، http://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain?docid=512f4b082 ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[106] مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، "حماية طالبي اللجوء في وضعيات التدفق واسع النطاق"، 21 أكتوبر/تشرين الأول 1981، 1http://www.unhcr.org/excom/EXCOM/3ae68c6e10.html، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[107] اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللانسانية (اتفاقية مناهضة التعذيب)، اعتمدت في 10 ديسمبر/كانون الأول 1984، G.A. res. 39/46, annex, 39 U.N. GAOR Supp. (No. 51) at 197, U.N. Doc. A/39/51 (1984)، دخلت حيز التنفيذ في 26 يونيو/حزيران 1987. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اعتمد في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، G.A. Res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171، دخل حيز التنفيذ في 23 مارس/آذار 1976. اتفاقية حقوق الطفل، اعتمدت في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1986، G.A. Res. 44/25, annex, 44 U.N. GAOR Supp. (No. 49) at 167, U.N. Doc. A/44/49 (1989)، دخلت حيز التنفيذ في 2 سبتمبر/أيلول 1990.
[108] مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، "مذكرة تفاهم بين حكومة الأردن ومفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين"، 5 أبريل/نيسان 1998، mawgeng.unblog.fr/files/2009/02/moujordan.doc، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[109] رسالة من البعثة الدائمة في المملكة الأردنية الهاشمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، 20 أبريل/نيسان 2006، http://www.un.org/ga/60/elect/hrc/jordan.pdf ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014).
[110] لجنة القضاء على التمييز العنصري، ,“Consideration of reports, comments and information submitted by States parties under article 9 of the Convention, Thirteenth to seventeenth periodic reports of Jordan,”، CERD/C/SR.2154,، 8 مارس/آذار 2012، http://www.bayefsky.com/summary/jordan_cerd_c_sr2154_2012.pdf ، (تمت الزيارة في 25 مايو/أيار 2014)، الفقرة 9.
[111] استنتاج اللجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين بشأن حماية طالبي اللجوء في وضعيات التدفق على نطاق واسع، الاستنتاج 22 لسنة 1981، 21 أكتوبر/تشرين الأول 1981، http://www.unhcr.org/3ae68c6e10.html ، (تمت الزيارة في 2 يوليو/تموز 2012).
[112] أنظر اتفاقية اللاجئين، المادة 1(ج) (أ).
[113] أنظر اتفاقية اللاجئين، المادة 1(ج) (ب).
[114] لم نتوصل في أبحاثنا إلى أن فلسطينيين منعوا من الدخول أو سحبت منهم جنسياتهم بسبب مزاعم تتعلق بضلوعهم في أعمال سبتمبر/أيلول الأسود. وحتى لو كان بعضهم ضالع بشكل فردي ومباشر في هذه الأعمال التي جدت منذ زمن بعيد، فإننا لم نتوصل إلى أي معلومات تبرر الأعمال التي تقوم بها الدولة الأردنية.
[115] أنظر اتفاقية اللاجئين، المادة 33 (2).
[116] أنظر مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، رأي استشاري من مكتب المفوض السامي بشأن الاستثناء المتعلق بالأمن القومي بموجب المادة 33 (2) من اتفاقية اللاجئين لسنة 1951، 6 يناير/كانون الثاني 2006، http://www.refworld.org/docid/43de2da94.html ، (تمت الزيارة في 27 يونيو/حزيران 2014).
[117] اتفاقية مناهضة التعذيب، المادة 3.1.