هجر أبيي
التدمير والنزوح في مايو/أيار 2008
خريطة لمنطقة أبيي
ملخص
فر ستون ألف نسمة أثناء وبعد القتال بين القوات المسلحة السودانية والجيش/الحركة الشعبية لتحرير السودان في البلدة المُتنازع عليها سياسياً؛ بلدة أبيي، في مايو/أيار 2008، وأثناء القتال قتلت القوات المسلحة السودانية مصحوبة بالميليشيات الموالية لها متعمدةً بعض المدنيين ونفذت عمليات نهب وتدمير موسعة في البلدة. و تم إحراق أكثر من نصف بيوت بلدة أبيي ودُمرت منطقة السوق بالكامل. ووصل أطراف النزاع إلى اتفاق باسترجاع الأمن في 7 يونيو/حزيران، لكنهم تباطئوا في تنفيذه. وفي الوقت نفسه ما زال يوجد عشرات الآلاف من المدنيين النازحين داخلياً، وما زال التوتر يغمر المنطقة.
وبعد شهرين من القتال ما زالت أعداد الإصابات في صفوف المدنيين والظروف المؤدية إلى مقتلهم غير معروفة. ولم يتسن بعد إجراء تحقيق شامل ومستقل في مزاعم الانتهاكات؛ لأن عناصر القوات المسلحة السودانية منعت الدخول إلى أبيي طيلة الأسابيع التالية على القتال. فضلاً عن أن حزب المؤتمر الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان وهما الطرفان الأساسيان في الحكومة المركزية وحكومة جنوب السودان على التوالي لم يبذلا أي جهود فعلية لإرساء سبل المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان وخرق القانون الإنساني الدولي في أبيي. إلا أن الأشخاص النازحين تعلو أصواتهم مطالبين بالمحاسبة.
والوضع السياسي والإداري لمنطقة أبيي الغنية بالنفط هو أحد الموضوعات المتأخرة عن المعالجة ضمن اتفاق السلام الشامل، وهو الاتفاق الذي تم توقيعه في عام 2005 بين الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان، والذي وضع حداً لحرب أهلية استمرت 20 عاماً. ومنطقة أبيي نفسها التي يشغلها سكان من قبائل النغوك دنكا والقاعدة الموسمية لقبائل المسيرية العربية البدوية الراعية للماشية ما زالت محط اهتمام بالغ، مع استعداد كل من الخرطوم وحكومة جنوب السودان والمجتمعات السكانية المحلية لإجراء الاستفتاء المحلي المزمع عقده في عام 2011. وسوف يقرر الاستفتاء ما إذا كانت أبيي ستنضم إلى جنوب السودان أو ستبقى جزءاً من ولاية جنوب كردفان (وهي إدارياً تتبع الشمال). والمشكلات القائمة في أبيي من شأنها أن تضفي الاضطراب على اتفاق السلام بين شمال وجنوب السودان.
وقد قابلت هيومن رايتس ووتش مجموعة كبيرة من الشهود التابعين لإثنية الدنكا الذين فروا جنوباً من أبيي، لكنها لم تتمكن من مقابلة السكان شماليّ أبيي. وشهادات شهود العيان التي جمعتها هيومن رايتس ووتش هي إذن تعكس إلى حد كبير ما كابده الدنكا نغوك. وقال الشهود الذين فروا من أبيي لـ هيومن رايتس ووتش إن جنود القوات المسلحة السودانية أطلقوا النار على المدنيين وهم يفرون واحتجزوا ثم قتلوا تعسفاً أشخاص آخرين. ويبدو من شهاداتهم أن 18 مدنياً على الأقل قد لاقوا حتفهم أثناء القتال. وفي الأيام التالية على القتال نهب جنود الحكومة وميليشيات المسيرية وأحرقوا السوق والمنازل الخاصة بالمدنيين في بلدة أبيي. وبحلول 17 مايو/أيار كان السوق بالكامل وأكثر من نصف بيوت أبيي قد أحرقت، إلا أن التدمير والنهب استمرا حتى أواخر شهر يونيو/حزيران. كما سرق الجنود وعناصر الميليشيات وألحقوا الضرر البالغ بالمنشآت والممتلكات الخاصة بوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي كانت تدعم إعادة الإعمار والمساعدة الإنسانية في أبيي في فترة ما بعد انتهاء النزاع.
وقد فر كل سكان أبيي تقريباً. وفيما فر عشرة آلاف شخص إلى الشمال، فإن المتبقين ويقدرون بخمسين ألفاً فروا جنوباً إلى منطقة تويك في جنوب السودان. وفي أواسط يوليو/تموز كانوا ما زالوا يعيشون في أكواخ مؤقتة أو في منازل مكتظة بشاغليها مع عائلات أخرى. وقال كثيرون لـ هيومن رايتس ووتش إنهم غير مستعدون للعودة ما لم تسحب حكومة الخرطوم بالكامل قواتها المسلحة من البلدة.
وفي أعقاب القتال وقّع ممثلون سياسيون من شمال وجنوب السودان على اتفاقية خارطة طريق أبيي التي من شأنها استعادة الأمن في أبيي. إلا أن تنفيذ الاتفاق كان بطيئاً. ويهدد تأخر الطرفين في سحب القوات والاتفاق على إدارة جديدة لـ أبيي بتقويض التوازن الدقيق لاستعادة السلام والأمن في أبيي. وفي 7 يوليو/تموز 2008 سقط قتيلاً جندي تابع للجيش الشعبي لتحرير السودان، وأصيب مراقب عسكري بالأمم المتحدة ومراقب تابع للجيش السوداني في أغوك بمنطقة تويك، مما أثار التوقعات بتجدد العنف.
وفي الفترة السابقة على القتال وأثناءه، تعرضت بعثة الأمم المتحدة في السودان لإعاقة بالغة في قدراتها الخاصة بحماية المدنيين ودعم تنفيذ اتفاق السلام الشامل. وجاء هذا نتيجة لاقتصار ولاية البعثة بالأساس، وغياب ما يكفي من عاملين وموارد، والقيود المفروضة على التنقل التي فرضها كل من الجيش السوداني والجيش الشعبي لتحرير السودان. وقال المدنيون النازحون لـ هيومن رايتس ووتش إنهم فقدوا الثقة في قدرة قوات حفظ السلام بالأمم المتحدة على إمدادهم بالحماية.
أما الأمم المتحدة والحكومات صاحبة النفوذ، التي تحركت سريعاً وبحزم إزاء نشوب القتال في أبيي، فعليها الآن أن تبقي على ضغطها على الطرفين من أجل تطبيق خارطة طريق أبيي بالكامل. وعلى بعثة الأمم المتحدة في السودان أن تنشر على وجه السرعة قوات مشتركة مُعززة في أبيي للمساعدة على تنفيذ خارطة الطريق ولتوفير الحماية للمدنيين استناداً إلى تفسير إيجابي لتكليف بعثة الأمم المتحدة في السودان.
منهج التقرير
يستند هذا التقرير إلى ما خلصت إليه بعثة تقصي الحقائق في منطقة تويك جنوبي أبيي في يونيو/حزيران 2008. وقد أجرت هيومن رايتس ووتش أكثر من 50 مقابلة مع المدنيين الفارين من القتال ومع عناصر الإغاثة الإنسانية والزعماء المحليين وآخرين. وتم حجب أسماء الأشخاص الذين تمت مقابلتهم لأسباب أمنية.
ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من زيارة بلدة أبيي أو المناطق الواقعة شمال منطقة تويك جراء القيود المفروضة على التنقل، والتي فرضتها القوات المسلحة السودانية. والمعلومات الواردة ممن تمت مقابلتهم تم تكميلها بمقابلات هاتفية وغيرها من الجهود البحثية.
التوصيات
إلى الحكومة السودانية
يجب إطلاع المراقبين الدوليين لحقوق الإنسان تحت إشراف المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان على جميع مناطق أبيي وعلى جميع المدنيين النازحين من أبيي من أجل إجراء تحقيق مستفيض في مزاعم مقتل المدنيين، ونهب وتدمير ممتلكات المدنيين وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي تم ارتكابها أثناء القتال على يد القوات المسلحة والميليشيات الموالية للحكومة.
ينبغي إجراء تحقيق جنائي شامل في كافة المزاعم بحق القوات المسلحة السودانية والميليشيات التي تدعمها الحكومة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وخرق القانون الإنساني الدولي في أعمال ترقى إلى جرائم خطيرة، مع مقاضاة الجناة طبقاً للمعايير الدولية، بمن فيهم من يشغلون مناصب القيادة الذين يعرفون أو يمكنهم المعرفة بوقوع الجرائم ولم يسعوا لمنعها.
يجب منح التعويض لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها القوات المسلحة السودانية والميليشيات التي تدعمها الحكومة.
يجب إزالة أية قيود على حرية تنقل بعثة الأمم المتحدة في السودان نهائياً، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن 1590 والاتفاق الخاص بقوات بعثة الأمم المتحدة في السودان.
يجب فوراً إتمام انسحاب كافة عناصر القوات المسلحة السودانية (بخلاف من يتبعون القوة المشتركة) والميليشيات الموالية للحكومة من منطقة أبيي الإدارية بما يتفق مع "خارطة طريق أبيي" الموقعة في 7 يونيو/حزيران 2008.
يجب دعم وتعزيز إعادة إعمار أبيي، بما في ذلك إعادة تشييد البيوت المحترقة ومباني المستشفيات ومقار المنظمات غير الحكومية.
ينبغي ضمان أن عودة أي من الأشخاص النازحين إلى أبيي هي عودة طوعية في ظل موافقة كاملة ومستنيرة.
يجب تنفيذ ودعم جهود المصالحة المحلية التي تشمل آليات المحاسبة على خرق القانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان.
إلى حكومة جنوب السودان
يجب إطلاع المراقبين الدوليين لحقوق الإنسان تحت إشراف المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان على كل مناطق أبيي والمدنيين النازحين عن أبيي من أجل إجراء تحقيق مستفيض في مزاعم مقتل المدنيين، ونهب وتدمير ممتلكات المدنيين وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي تم ارتكابها أثناء القتال على يد أي من عناصر القوات المسلحة والميليشيات.
ينبغي إجراء تحقيق جنائي شامل في كافة المزاعم بحق الجيش/الحركة الشعبية لتحرير السودان بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وخرق القانون الإنساني الدولي في أعمال ترقى إلى جرائم خطيرة، مع مقاضاة الجناة طبقاً للمعايير الدولية، بمن فيهم من يشغلون مناصب القيادة الذين يعرفون أو يمكنهم المعرفة بوقوع الجرائم ولم يسعوا لمنعها.
يجب منح التعويض لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبها الجيش/الحركة الشعبية لتحرير السودان.
يجب إزالة أية قيود على حرية تنقل بعثة الأمم المتحدة في السودان نهائياً، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن 1590 والاتفاق الخاص بقوات بعثة الأمم المتحدة في السودان.
يجب فوراً إتمام انسحاب كافة عناصر قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان (بخلاف من يتبعون القوة المشتركة) من منطقة أبيي الإدارية بما يتفق مع "خارطة طريق أبيي" الموقعة في 7 يونيو/حزيران 2008.
ينبغي ضمان أن عودة أي من الأشخاص النازحين إلى أبيي هي عودة طوعية في ظل موافقة كاملة ومستنيرة.
يجب تنفيذ ودعم جهود المصالحة المحلية التي تشمل آليات المحاسبة على خرق القانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان.
إلى بعثة الأمم المتحدة في السودان
يجب دعم ونشر مراقبي حقوق الإنسان، الذين يعملون تحت إشراف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من أجل تنفيذ تحقيق مستفيض في مزاعم مقتل المدنيين، ونهب وتدمير ممتلكات المدنيين وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي وقعت أثناء القتال على يد أي من القوات المسلحة أو الميليشيات. على أن يتم نشر نتائج التحقيق علناً.
يجب نشر قوة مُعززة من عناصر حفظ السلام التابعين لبعثة الأمم المتحدة في السودان تتمتع بما يكفي من العاملين والموارد من أجل الرد بفعالية على أية تهديدات مستقبلية تترصد المدنيين في أبيي، وكذلك لضمان حرية التنقل بالكامل في كافة أرجاء منطقة أبيي (القطاع السادس) بما يتفق مع ولاية البعثة واتفاق قوات البعثة.
لدى إتمام التحقيق في دور بعثة الأمم المتحدة في السودان المطلوب من جانب مجلس الأمن في 24 يونيو/حزيران 2008، يجب إصدار تقرير علني عن دور أنشطة البعثة في الفترة السابقة على القتال وأثناء القتال وبعده، مصحوباً بتوصيات بأية تغييرات مطلوبة سواء في ولاية البعثة أو القدرات العسكرية والأمنية الخاصة بها.
يجب على وجه السرعة إجراء دراسة للقدرات العسكرية، وهي الدراسة التي دعى إليها الأمين العام للأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني 2008. وبناء على هذه الدراسة وبناء على تقرير عن التحقيق في دور بعثة الأمم المتحدة في السودان، في منطقة أبيي، يجب وضع توصيات بصدد إعادة تشكيل بعثة الأمم المتحدة في السودان وأية جهود إضافية مطلوبة لضمان تمتع البعثة بما يكفي من قدرات عسكرية في أبيي ونقاط النزاع المحتملة الأخرى، في سبيل وفاء البعثة بواجبها الخاص بحماية المدنيين المعرضين للتهديد بالعنف البدني.
ينبغي الضغط من أجل مراقبة ومتابعة التحقيقات الجنائية والمقاضاة التي ستجريها حكومة السودان وحكومة جنوب السودان في المزاعم بحق القوات المسلحة والميليشيات الموالية الخاصة بالطرفين، في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ترقى إلى جرائم خطيرة.
يجب توفير تدريب ودعم للوحدة المشتركة للقوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان في أبيي لضمان استمرار عمل الوحدة على النحو الواجب.
يجب توفير التدريب والدعم لوحدات الشرطة المنتشرة في أبيي حالياً.
إلى الأمم المتحدة والدول الأعضاء بها
يجب الإبقاء على الضغط المفروض على حزب المؤتمر وحكومة جنوب السودان من أجل تنفيذ اتفاق السلام الشامل بالكامل، بما في ذلك بروتوكول وخارطة طريق أبيي. ويجب على الأخص ضمان أن آليات مراقبة تنفيذ اتفاق السلام الشامل من قبيل لجنة التقييم والتقدير تعمل بفعالية وتبلغ بشكل منتظم وعلني عن انتهاكات اتفاق السلام الشامل.
يجب الدعوة إلى وتوفير الموارد المكرسة من أجل نشر مفوضية حقوق الإنسان لفريق من المراقبين الدوليين لحقوق الإنسان لتنفيذ تحقيق شامل في مزاعم مقتل المدنيين ونهب وتدمير ممتلكات المدنيين وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي تمت أثناء القتال من قبل القوات المسلحة والميليشيات الموالية، والإبلاغ علناً عما يخلص إليه الفريق من نتائج.
ينبغي ضمان إجراء بعثة الأمم المتحدة في السودان فوراً لدراسة القدرات العسكرية التي دعى إليها الأمين العام في يناير/كانون الثاني 2008، وبناء على هذه الدراسة وعلى نتائج تحقيق بعثة الأمم المتحدة القائمة في دور وأنشطة البعثة قبل وأثناء وبعد القتال في أبيي، يجب توفير الدعم الإضافي للبعثة لضمان حيازتها لقدرات عسكرية كافية في أبيي ونقاط الصراع المحتملة الأخرى من أجل الوفاء بولايتها الخاصة بحماية المدنيين المعرضين لتهديد العنف البدني.
يجب دعم جهود المصالحة المحلية التي تشمل آليات للمحاسبة على انتهاك القانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان.
- يجب دعم وتعزيز إعادة إعمار أبيي، بما في ذلك إعادة تشييد البيوت المحترقة ومباني المستشفيات ومقار المنظمات غير الحكومية.
المُختصرات الأساسية
ABC |
لجنة حدود أبيي Abyei Boundaries Commission |
CJMC |
اللجنة العسكرية المشتركة لوقف إطلاق النار Ceasefire Joint Military Committee |
CPA |
اتفاق السلام الشامل Comprehensive Peace Agreement |
GNU |
حكومة الوحدة الوطنية Government of National Unity |
GOSS |
حكومة جنوب السودان Government of Southern Sudan |
NCP |
حزب المؤتمر الوطني National Congress Party |
OHCHR |
المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان Office of the High Commissioner for Human Rights |
SAF |
القوات المسلحة السودانية Sudanese Armed Forces |
SPLA |
الجيش الشعبي لتحرير السودان Sudanese Peoples Liberation Army |
SPLM |
الحركة الشعبية لتحرير السودان Sudanese Peoples Liberation Movement |
JIU |
الوحدة الموحدة المشتركة Joint Integrated Unit |
خلفية
أبيي: مشكلة لم تجد حلاً في اتفاق السلام الشامل
منذ فترة طويلة والمنطقة الحدودية الغنية بالنفط أبيي نقطة نزاع قائمة بين شمال وجنوب السودان، وما زالت كذلك حتى اليوم. وقد حاول اتفاق السلام الشامل الذي أُبرم عام 2005 أن يضع حداً لحرب أهلية دامت أكثر من 20 عاماً بين الحكومة المركزية والحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان، وحاول أن يفرض آلية لحل مشكلة أبيي المتكرر ظهورها على الساحة. إلا أن هذه المساعي نجحت نجاحاً محدوداً، ويعود هذا جزئياً إلى التأخير في التنفيذ.
وحسب اتفاق السلام الشامل فإن أبيي إحدى ثلاث "مناطق انتقالية" (بالإضافة إلى جبال النوبة في ولاية جنوب كردفان وولاية النيل الأزرق) اتفق الطرفان على تأجيل حل النزاع حول حدودها وكذلك التسوية السياسية للمنطقة. وبموجب بروتوكول لاتفاق السلام الشامل، وهو "بروتوكول أبيي"، فقد اتفقت الأطراف على تشكيل لجنة حدود أبيي، المُشكلة من ممثلين من حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان وخبراء دوليين، على أن تتولى اللجنة ترسيم الحدود الجغرافية لأبيي. ثم كان من المقرر أن تعين رئاسة حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، المُشكلة من حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان بعد توقيع اتفاق السلام الشامل، إدارة محلية مؤقتة لأبيي لتحكم المنطقة حتى عام 2011.[1]
وعلى النقيض من المنطقتين الانتقاليتين الآخريين، فإن مواطني آبيي مُنحوا الحق في تقرير إما البقاء ضمن شمال السودان أو جنوب السودان بموجب استفتاء محلي يتم في 2011. ومن المقرر أن يتم عقد هذا الاستفتاء بشكل مستقل بعيداً عن الاستفتاء الوطني الذي سيقرر بموجبه سكان جنوب السودان إما أن يصبحوا دولة مستقلة أو يبقون جزءاً من السودان.
وينص البروتوكول على أن أثناء الفترة حتى عقد الاستفتاء في 2011، يتم مشاركة صافي أرباح النفط المتولدة عن أبيي بين حكومة الوحدة الوطنية وحكومة جنوب السودان، مع تخصيص نسب ضئيلة للسكان المحليين.[2] إلا أن حكومة الوحدة الوطنية الحاكمة فسرت البروتوكول على أنه يعني أن هذا التوزيع لا يبدأ إلا لدى الاتفاق على حدود أبيي، وهو ما لم يحدث بعد. وقد عرضت لجنة حدود أبيي ما خلصت إليه من نتائج على الرئاسة في 14 يوليو/تموز 2007، لكن حزب المؤتمر الوطني تكرر رفضه للنتائج.[3] ويقول حزب المؤتمر الوطني إنه بما أنه لم يتم بعد ترسيم الحدود، فهو ليس ملزماً بتعيين إدارة محلية أو المشاركة في أرباح النفط المتولدة عن منطقة أبيي. والأمر خطير، فالحدود التي اقترحتها اللجنة تشمل ثلاثة حقول نفط كبرى، هي هجليج ودفرا وبامبو، التي بلغت أرباحها في الفترة من 2005 إلى 2007 زهاء 1.8 مليار دولار.[4]
ومع تزايد التوتر بسبب عدم تنفيذ اتفاق السلام الشامل بشكل عام، وخاصة بروتوكول أبيي، بلغ توتر الوضع الذروة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2007 حين انسحبت الحركة الشعبية لتحرير السودان من حكومة الوحدة الوطنية.[5] وفيما اتفقت الحركة الشعبية لتحرير السودان على العودة للانضمام إلى حكومة الوحدة الوطنية في ديسمبر/كانون الأول 2007، فإن الوضع في أبيي لم يتم حله بعد.
وتفاقمت التوترات السياسية على المستوى الوطني مع تزايد الخلافات الإثنية والنزاع على الموارد. ولدى جماعة دنكا نجوك، وتعتبر ضمن جماعة الدنكا الإثنية، قرى وأراضٍ زراعية ومراعٍ للماشية في سائر أنحاء المنطقة. كما تقوم جماعات الدنكا الأخرى من المناطق الواقعة جنوباً بالزراعة والرعي في المنطقة. والدنكا هي أكبر جماعة إثنية في جنوب السودان وأكثرها انتشاراً جغرافياً وترى أن منطقة أبيي تخصها.
وفي الوقت نفسه، فإن جماعة الميسرية من البدو العرب وهي متحالفة في أغلب الأحوال مع حكومة الشمال تطالب بدورها بحقوق في الأرض، إذ تمر هذه الجماعة سنوياً أثناء موسم الجفاف بالمنطقة للرعي على ضفاف نهر كير (بحر العرب) وروافده في جنوب السودان. وقد استقر بعض بدو الميسرية في المنطقة المحيطة بأبيي ويعيش العديد من تجار الميسرية في بلدة أبيي. وقد أدى هذا الاتفاق أحياناً إلى وقوع مصادمات بين الميسرية والدنكا، لكن هذه الخلافات يتم تسويتها محلياً، ودون تصعيد خطير في العموم.
وقد لعبت التفاعلات على المستوى الوطني دوراً في تصعيد الخلافات المحلية أثناء سنوات الحرب. إلا أنه منذ اكتشاف النفط في المنطقة ومنذ توقيع اتفاق السلام الشامل، اتخذت هذه التوترات بُعداً جديداً. وقد أمدت ترتيبات إجراء استفتاء في المستقبل كلاً من حزب المؤتمر الوطني وحكومة جنوب السودان الوقت والحافز للتأثير على تعداد السكان والتركيبة الإثنية في أبيي، في محاولة كل جانب لضم أرباح النفط الهائلة المتولدة عن أبيي إليه، سواء الشمال أو الجنوب.
وقد اتهم زعماء الدنكا نجوك حكومة الشمال باستخدام عرب الميسرية كميليشيات لإخراج الدنكا وتوطين أبيي بالموالين لحزب المؤتمر الوطني،[6] فيما أوضح أخرون أن الحركة الشعبية لتحرير السودان تشجع سكان الدنكا على العودة إلى أبيي من الخرطوم وكينيا، وهو ما يفسرونه على أنه محاولة من قبل الحركة لتعزيز الدعم للجنوب في البلدة. وقال العاملون بمنظمات مجتمع مدني كانوا يعملون في أبيي في ذلك الحين لـ هيومن رايتس ووتش إن زهاء 6000 من العائدين من الدنكا قد وصلوا إلى أبيي في أبريل/نيسان وحده.[7]
تصعيد التوترات
في الفترة بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار 2008 قام كل من القوات المسلحة السودانية التابعة لحكومة الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان بنشر قوات إضافية في أبيي.
وينص اتفاق السلام الشامل على أن أبيي يجب أن تؤمنها وحدة موحدة مشتركة مُشكلة من عدد عناصر مساوي من قوات الجيش السوداني والجيش الشعبي لتحرير السودان، على أن تتعاون في إطار قوة موحدة ولها ولاية مشتركة وزي رسمي موحد ومبادئ عمل مشتركة. وقامت القوتان بنشر الوحدة التي أصبح قوامها 300 جندي من كل من الطرفين في أبيي في يناير/كانون الثاني 2006،[8] واتهم كل من الطرفين الطرف الآخر بعدم سحب قواته من المنطقة.[9]
واشتكى الجيش الشعبي لتحرير السودان على الأخص من أن حزب المؤتمر الوطني لم يقم بسحب فرقة تخص القوات المسلحة السودانية (فرقة 31) وأنها ما زالت متمركزة في البلدة. وبدلاً من هذا ففي أواسط أبريل/نيسان 2008، وصلت قوة قوامها 220 عنصراً من قوات الجيش السوداني ثقيلة التسليح إلى أبيي لتعزيز القوة الموجودة بالفعل.[10] وأنكر الجيش الشعبي لتحرير السودان مزاعم قادة القوات المسلحة السودانية العكسية بأن الجيش الشعبي يعزز قواته في أبيي، لكن شهود العيان قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيش الشعبي لتحرير السودان يعزز بدوره قواته على الحدود الواقعة إلى الجنوب.[11]
ومع تواجد كل هذه القوات، نشبت مناوشات متكررة في منطقة أبيي وحولها. وفي إحدى هذه الحوادث، ووقعت في 7 فبراير/شباط، اندلع القتال بين الجنود من الفرقة 31 والجيش الشعبي لتحرير السودان بعد أن تصادمت عرباتهم على الطريق الواصل ديباب بأبيي، وقُتل في الحادث والقتال الذي تلاه سبعة اشخاص، منهم غال دينغ أليك، مسؤول الجيش الشعبي لتحرير السودان في بين نهوم. وفيما خلصت تحقيقات بعثة الأمم المتحدة في السودان إلى أن الحادث نشب جراء حادث سير على الطريق، فإن الدنكا نجوك يعزون الحادث، كما أوضحوا لـ هيومن رايتس ووتش، إلى "كمين" نصبته الفرقة 31 مما يكشف عن درجة عدم الثقة بين الجانبين.[12] وقال سكان أبيي لـ هيومن رايتس ووتش إن الحادث قد فاقم من آثاره التوترات القائمة بين الدنكا والمجتمعات المحلية العربية.
وفيما يعتبر تشكيل الفرقة 31 التابعة للجيش السوداني في أغلبها من الجماعات الإثنية بشمال السودان، بما فيها الميسرية، فهي تضم أيضاً زهاء 200 عنصر من الجنوب كانوا فيما سبق ضمن حركة وحدة جنوب السودان. وحركة وحدة جنوب السودان هي بالأساس ميليشيا متحالفة مع الخرطوم، وتم إدخالها ضمن صفوف القوات المسلحة السودانية بعد بدء تنفيذ اتفاق السلام الشامل. وقال سكان أبيي لـ هيومن رايتس ووتش إن ما بين عامي 2005 و2008، اشتكت سلطات الحركة الشعبية لتحرير السودان في أبيي للقوات المسلحة السودانية والعاملين بالأمم المتحدة من أن جنود حركة وحدة جنوب السودان يسيئون إلى المدنيين في أبيي والقرى المجاورة لها، بما في ذلك مزاعم باغتصاب امرأتين من الدنكا في توداج شمالي بلدة أبيي، فيما بين فبراير/شباط وأبريل/نيسان 2008.[13]
وبالإضافة إلى تعزيز القوات في منطقة تويك جنوبي أبيي، قام الجيش الشعبي لتحرير السودان أيضاً بنشر 80 عنصراً من القوات الإضافية في أبيي نفسها في مارس/آذار 2008 بصفتهم "حراس شخصيين" لممثل الحركة الشعبية لتحرير السودان المُعين حديثاً، إدوارد لينو. ورأى حزب المؤتمر الوطني في تعيين لينو القائد السابق بالجيش الشعبي لتحرير السودان والرئيس السابق لجهاز المخابرات بالجيش استفزاز في حد ذاته، واتهم الحركة بإجراء تعيين استباقي سابق على أوانه ضمن إدارة أبيي، وهو الأمر الذي اتفقت الأطراف بموجب اتفاق السلام الشامل على منح امتيازه للرئاسة السودانية.[14]
وعلى المستوى المحلي، وجهت أيضاً القوات المسلحة السودانية الاتهام إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان بوضع نقاط تفتيش غير مصرح بها في النواحي الشمالية من أبيي. وإحدى نقاط التفتيش هذه تم وضعها في دوكرا، وهي منطقة تقع على مسافة 10 كيلومترات شمالي بلدة أبيي، وكانت قد شهدت مناوشة أدت إلى اندلاع قتال موسع في مايو/أيار.[15] وقال أيضاً شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيش الشعبي لتحرير السودان احتجز تعسفاً زعيماً بارزاً بالميسرية وممثل عن حزب المؤتمر الوطني في أبريل/نيسان 2008. وطبقاً لبيان لبعثة الأمم المتحدة في السودان، تم احتجاز كل منهما لأربعة أيام دون طعام قبل إخلاء سبيلهما إثر تهديد من زعماء الميسرية بشن هجوك على الجيش الشعبي لتحرير السودان.[16]
اندلاع القتال
طبقاً للشهود، فعشية يوم 13 مايو/أيار 2008 اندلع القتال بين جنود حركة وحدة جنوب السودان، ضمن الفرقة 31 التابعة للقوات المسلحة السودانية، من جانب، وشرطة جنوب السودان التابعة للجيش الشعبي لتحرير السودان، وهذا لدى نقطة تفتيش دوكرا. وقُتل عنصر من القوات المسلحة السودانية وشرطي من الجيش الشعبي لتحرير السودان أثناء القتال، وتم نقل جندي آخر من القوات المسلحة السودانية (من حركة وحدة جنوب السودان) إلى المستشفى في بلدة أبيي. وأثار هذا الحادث التوترات في أبيي حتى بلغت نقطة الغليان. وفي الصباح التالي قامت جماعة مسلحة بأسلحة ثقيلة من حركة وحدة جنوب السودان/القوات المسلحة السودانية في ثلاث شاحنات بالذهاب إلى دوكرا حيث تجددت المصادمات مع الجيش الشعبي لتحرير السودان، ثم مضوا إلى المستشفى ليكتشفوا وفاة الرجل المصاب ليلاً.
وقال مسؤول طبي لـ هيومن رايتس ووتش:
دخل الكثير من الجنود إلى المستشفى معهم الأسلحة فقام العاملون الطبيون بالفرار. ورفض الجنود ترك أسلحتهم بالخارج، وكانوا يحملون مدافع رشاشة طراز AK47.[17]
وطبقاً للسكان الذين فروا من القتال، ففي حوالي الساعة 11:30 صباحاً بدأت القوات المسلحة السودانية تطلق النيران عشوائياً على ما يبدو حول المستشفى ومنطقة السوق. ورد جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان، وتبادلوا إطلاق النار بشكل مكثف على مدار الساعات القليلة التالية، واستخدموا ضمن الأسلحة قذائف الهاون والمدفعية الثقيلة، وهذا حول المستشفى والسوق والمناطق السكنية.[18] وسرعان ما انشقت الوحدة الموحدة المشتركة إلى عناصر بولاء للشمال وآخرين للجنوب، فدخل منهم التابعون للقوات المسلحة السودانية تحت لواء الفرقة 31، وقاموا بقتال العناصر التابعين للجيش الشعبي لتحرير السودان.
وحين اندلع القتال تمكن أغلب المدنيين من الفرار من البلدة. إلا أن بعض من اضطروا للبقاء أو العودة قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنه في الأيام التالية قام جنود القوات المسلحة السودانية وميليشيا الميسرية القادمون من الشمال بعمليات نهب موسعة ودمروا منازل المدنيين ومبانيهم. وبحلول 17 مايو/أيار كان نصف مباني البلدة تقريباً قد احترق بالكامل.[19] وفي ساعات الصباح الأولى من 20 مايو/أيار، شن الجيش الشعبي لتحرير السودان هجوماً جديداً مع ما وردت إليه من تعزيزات، لكن تم دفعه للخلف مجدداً، في ظل خسائر كبيرة في الأرواح على الجانبين.[20]
هجمات القوات المسلحة السودانية والميليشيات المدعومة منها على المدنيين والانتهاكات الأخرى للقانون الدولي في أبيي
قتل المدنيين
أفاد شهود العيان هيومن رايتس ووتش بمقتل 18 مدنياً على الأقل في الفترة بين 14 إلى 21 مايو/أيار، و15 منهم على الأقل قيل إنهم قُتلوا عمداً على يد القوات المسلحة السودانية أو الميليشيات الموالية للحكومة.
وقالت شاهدة عيان، هي امرأة فرت من القتال في 14 مايو/أيار، لـ هيومن رايتس ووتش:
رأيت جاري يسقط قتيلاً بعيار ناري أمام بيته. لهذا ركضت. كان قد هرع لفك عنزاته لكن جندياً تقدم منه وأرداه قتيلاً وسرق العنزات. لم يكن جاري جندياً، ولم يكن يرتدي زياً رسمياً. ومع ركضنا للخارج رأينا جثثاً لأشخاص موتى على الأرض.[21]
وقال رجل فر من القتال في السوق يوم 14 مايو/أيار:
جاءوا [الرجال المسلحون] على ظهر الجياد، وراحوا يطلقون النيران علينا ونحن نركض مبتعدين. كان هناك شخصان أو ثلاثة أشخاص على ظهر كل جواد، فيقفز اثنان ويبدآن في إطلاق النار. كانوا جميعاً يرتدون الزي الرسمي، ورأيت خمسة مدنيين يُقتلون.[22]
وقال رجل ظل في أبيي لعدة أيام بعد اندلاع القتال لـ هيومن رايتس ووتش إن زوجته شاهدت مُدرساً من أبيي يمسك به جنود القوات المسلحة السودانية ويوثقون يديه. وبعد أيام تم العثور على جثة المُدرس إلى جانب النهر، مع جثث ثمانية مدنيين آخرين.[23]
وقال تجار دارفوريون فروا من القتال في سوق أبيي لـ هيومن رايتس ووتش إنه بينما فر الكثير من التجار العرب إلى الشمال أو لجأوا إلى مقار القوات المسلحة السودانية، اختار الكثير من سكان دارفور الفرار جنوباً إلى منطقة تويل بمساعدة الجيش الشعبي لتحرير السودان. وأوضح تاجر دارفوري لـ هيومن رايتس ووتش كيف حضر جنود من القوات المسلحة السودانية إلى سوق أبيي في 17 مايو/أيار وقاموا بجمع التجار الدارفوريين الذين يطالبون بنقودهم وفيما بعد أحرقوا متاجرهم. وقال إنه شاهد بعينه الجنود يصطحبون مجموعة من ستة دارفوريين إلى مقرهم، وقيل له من جانب تجار آخرين إن من تم اصطحابهم هؤلاء قد قُتلوا بالداخل.[24] لكن لا يمكن تأكيد هذه الواقعة بما أنه لم يطلع أي طرف مستقل على مقار القوات المسلحة السودانية.
ولأن القوات المسلحة السودانية قيدت الدخول إلى البلدة في الأسابيع التالية على القتال، فلم تتمكن أية جهة مستقلة من إجراء تحقيقات مستفيضة عن إجمالي عدد المدنيين القتلى أو الظروف المحيطة بمقتلهم. وفي المرات القليلة التي سمحت فيها القوات المسلحة لدبلوماسيين دوليين وهيئات أممية بزيارة البلدة، جعلت تحركاتهم تقتصر على مناطق بعينها.[25]
ولم تتمكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر من البدء في إزالة الجثث من البلدة حتى منتصف شهر يونيو/حزيران، أي بعد شهر من اندلاع القتال. وقال مدنيون تمكنوا من دخول أبيي في الوقت نفسه لـ هيومن رايتس ووتش إنهم عثروا على جثث 18 مدنياً على الأقل. ونظراً لاقتصار القدرة على دخول أبيي في الأيام الأولى التالية على القتال، فإن هذا الرقم يُعد جزءاً من العدد الإجمالي المتوقع. وطبقاً لزعماء ثلاثة من القبائل الفرعية التسعة التي تشكل النجوك دنكا في أبيي، فأكثر من 100 مدني لم يكن مصيرهم معروفاً بعد شهر من القتال.[26]
والقانون الإنساني الدولي (قوانين الحرب) المنطبق على النزاعات الداخلية المسلحة[27] يحظر الهجمات المباشرة أو العشوائية على المدنيين.[28] وعلى الأطراف، وهي في هذه الحالة القوات المسلحة السودانية والميليشيات التي تدعمها، وقوات الجيش الشعبي لتحرير السودان، أن تتخذ إجراءات احتياطية لتقليل الخسارة غير المقصودة في أرواح المدنيين. كما يحظر القانون الإنساني الدولي إجراء عمليات إعدام بمعزل عن القضاء.[29] وقوانين حقوق الإنسان تحظر الحرمان التعسفي من الحياة.[30]
النهب والإحراق وتدمير الممتلكات
قال شهود عيان لـ هيومن رايتس ووتش إنه في الأيام التالية على المصادمات الأولية التي اندلعت في 14 مايو/أيار، قامت قوات الجيش السوداني وميليشيا الميسرية التي يساندها الجيش بجلب الدمار على أبيي، فقاموا بإحراق السوق ونصف المنازل على الأقل، وقاموا بنهب الممتلكات منهجياً من منازل المدنيين ومقار المنظمات غير الحكومية.
وقالت امرأة قضت ليلة 14 مايو/أيار في بيتها في أبيي لـ هيومن رايتس ووتش كيف دخل جنود الجيش السوداني إلى بيتها في الصباح التالي:
حين هدأ القتال عدت إلى بيتي. وحوالي الساعة العاشرة صباح اليوم التالي جاء رجال وأمرونا بالمغادرة، وقالوا لنا: سنأخذ كل شيء وسنحرق بيتكم... وحاولت أخذ حقيبة واحدة لكنهم لم يسمحوا لي. وكانوا يرتدون زياً بنياً مموهاً.[31]
وروى تاجر من سوق أبيي لـ هيومن رايتس ووتش كيف شهد بيته يتعرض للتدمير:
تركت كل شيء في أبيي حين بدأ القتال. ورأيت بعض الناس يقاتلون فهربت... رأيت بيتي يحترق... وقد أحرقه جنود من الفرقة 31 في زيهم الرسمي المموه. لدي زوجتان وثمانية أطفال، وقد جئنا سيراً على الأقدام في يوم واحد... حتى رغم أن الأطفال صغار السن. وحين بدأ القتال هربنا.[32]
وقال شهود عيان كانوا في السوق حين بدأ القتال في 14 مايو/أيار لـ هيومن رايتس ووتش إن التجار الذين رفضوا إعطاء النقود لمن كانوا يقومون بالنهب، هدد جنود الجيش السوداني والميليشيا بإطلاق النار عليهم:
[حين بدأ القتال] كنا في المسجد وخرجنا وذهبنا إلى متاجرنا. وجاء عناصر الفرقة 31 ونادوا علينا لكي نخرج. خرجنا فقالوا هاتوا نقودكم. ومن رفض الانصياع للأوامر هددوه بإطلاق النار عليه، لكن حتى من سلموا النقود تم احتجازهم. وقد تركت نقودي في المتجر ففتحوه عنوة بعد أن عالجوا رتاجه بالبندقية. ودخلوا وأخذوا النقود. وتحفظوا عليّ أنا والآخرين في السوق. واستخدموا أعواد الثقاب والعشب لإحراق المتاجر، فوقفت أشاهد متجري يحترق.[33]
وقد ظلت امرأة لم تتمكن من الفرار من أبيي مع نشوب القتال بما أنها مريضة في كوخها على مدار الأسبوعين التاليين. وتكررت سرقتها وتعرضها للتهديدات:
كنت مريضة في بيتي، وسمعت أصوات طلقات البنادق لكن لم أتمكن من الحركة. دخل الجنود إلى بيتي واستعد أحدهم لإطلاق النار لكن هناك من أمره بألا يفعل. وبدلاً من هذا طرحوني أرضاً وأخذوا سريري وأغراض أخرى. وأخذوا المياه وهددوني بإحراق بيتي. وذات مرة جاء رجلان فأخذوا ما عندي من مياه. وفي يوم لاحق دخلت امرأة وقالت لا تخافي لن يقتلوك فأخرجي. لكنني لم أرغب في التحرك، وكنت أشرب مياه الأمطار، وعشت على الطعام الذي كان مخزناً في بيتي.[34]
وقال عدة شهود عيان ظلوا في أبيي بعد 14 مايو/أيار لـ هيومن رايتس ووتش إنهم رأوا الجنود والميليشيا التابعة للحكومة يحرقون المنازل. ورأى شاهد عيان الجنود يتنقلون في أنحاء المدينة وفي أيديهم المدافع الرشاشة طراز AK47 يحرقون ويدمرون الأكواخ والممتلكات. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه أثناء سيره من مقر الجيش نحو مقر بعثة الأمم المتحدة في السودان:
رأيت بعض عناصر الميسرية، وبعضهم في الزي الرسمي، وبعضهم في ثياب مدنية، يحرقون البيوت. استخدموا المشاعل المصنوعة من العشب الذي أشعلوا فيه النيران بأعواد الثقاب. ورأيت مباني وأكواخ محترقة بالكامل قرب السوق.[35]
وبحلول 17 مايو/أيار، حسب قوله، كان السوق بالكامل وأكثر من نصف المنازل في أبيي قد سويت بالأرض.[36]
كما قام عناصر الجيش السوداني والميليشيا المتحالفة بنهب وإلحاق الأضرار الواسعة بمقار هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، وأخذوا الأثاث ومكيفات الهواء ونزعوا حتى الأسلاك الكهربية من على الجدران.[37] واستمر النهب لستة أسابيع بعد بدء القتال.[38]
وبموجب القانون الإنساني الدولي فإن "الأهداف المدنية" التي تشمل المنازل والممتلكات (بما في ذلك ممتلكات الهيئات الإنسانية)، خاضعة للحماية، والتدمير أو النهب المباشر أو العشوائي للأهداف المدنية أمر محظور. وعلى الأطراف أن تتخذ احتياطاتها من أجل تقليل الضرر اللاحق بالأهداف المدنية.[39] والنهب، طبقاً لنظام المحكمة الجنائية الدولية، جريمة حرب في النزاعات المسلحة غير الدولية.[40]
وتدمير المنازل هو بدوره انتهاك لحقوق الإنسان، وينتهك الحق الأساسي في السكن وفي حماية ممتلكات الأفراد.[41]
النزوح
قالت امرأة فرت مع أسرتها من بيتهم في أبيي إلى أباتوك لـ هيومن رايتس ووتش:
هربنا إلى الشرق ورحنا نركض حتى وصلنا إلى ماجاك التي قضينا فيها الليل. وفي الصباح التالي سمعنا بعض طلقات المدفعية... أصوات مرتفعة.. بوم بوم... فرحنا نركض ثانية. ورأينا الدخان يتصاعد من أبيي.[42]
ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن زهاء 60000 مدني فروا من القتال في أبيي. ويقدر المكتب أن 50000 شخص ما زالوا يعيشون مؤقتاً في أكواخ أو في منازل مكتظة بشاغليها مع أسر أخرى في منطقة تويك، الواقعة جنوب أبيي، مع فرار الباقين إلى الشمال.[43]
وقال مدنيون في أجوك وتورالي وأباتوك لـ هيومن رايتس ووتش إنهم غير مستعدين للعودة حتى تقوم حكومة الخرطوم بسحب كامل قواتها وحتى يتم نشر قوة عسكرية وشرطية مشتركة في أبيي بدلاً من القوات السودانية.
وقالت لـ هيومن رايتس ووتش امرأة فرت من أبيي وقضت الأسبوعين التاليين في منطقة تويك في كوخ واحد مع سبعة بالغين آخرين وتسعة أطفال، إنه على الرغم من الاضطرار للعيش في مثل هذه الظروف، فإنهم لن يفكروا في العودة إلى أبيي حتى تنسحب الفرقة 31: "نريد العودة وسوف نعود، لكن لن نتمكن من هذا إلى أن تغادر الفرقة 31".[44]
وبعد النزاع يحق للمدنيين العودة إلى منازلهم الأصلية في أمان وبشكل طوعي، بناء على الموافقة المستنيرة.[45] وعلى كل من القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان ضمان أن المدنيين يمكنهم العودة إلى أبيي لتقييم الوضع القائم قبل الموافقة على العودة النهائية، وألا يتعرضوا لأي ضغوط من أجل العودة وألا يعودوا إلا إذا وافقوا بمحض إرادتهم على هذا.
خارطة طريق أبيي
في مطلع يونيو/حزيران 2008 بينما كانت القوات المسلحة السودانية ما زالت تسيطر على بلدة أبيي، ومع استمرار النهب والتدمير، بدأت المفاوضات على إعادة إرساء الوضع الأمني في الخرطوم وجوبا. وفي 7 يونيو/حزيران 2008 وقع المسؤولون الحكوميون من حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان على اتفاق جديد لأبيي، هو خارطة طريق أبيي، والكثير من أجزاء الاتفاق تعكس الاتفاق القائم بالفعل بموجب بروتوكول أبيي الملحق باتفاق السلام الشامل.
وينص اتفاق خارطة الطريق على انسحاب القوات المسلحة للجانبين من أبيي واستبدالها بوحدة موحدة مشتركة جديدة تضم عناصر من الجيش الشعبي لتحرير السودان والقوات المسلحة السودانية، بدلاً من الوحدة التي تفككت سريعاً مع بدء المصادمات الأولى، وكذلك وضع قوة مشتركة من عناصر الشرطة. وكان من المقرر نشر الوحدة الموحدة المشتركة الجديدة في 17 يونيو/حزيران، وأن تنسحب عناصر القوات المسلحة والجيش الشعبي لتحرير السودان ما إن تتولى الوحدة الجديدة مهامها. كما نص الاتفاق على أن تعين الرئاسة إدارة مدنية لأبيي.[46]
وتتصدى خارطة الطريق كذلك لقضية ترسيم الحدود الشائكة، وربما هي أكثر القضايا السياسية حرجاً فيما يتعلق بأبيي نظراً لتداعياتها على المشاركة في أرباح النفط والاستفتاء المحلي المُنتظر في عام 2011. إلا أن ثمة قلق على تزيد الخارطة من غموض والتباس الوضع المعقد بالفعل.
وبموجب خارطة الطريق فقد اتفق الأطراف على أنه إذا لم يتمكنوا من الاتفاق على الحدود الخاصة بالمناطق التسعة التابعة لنجوك التي عرضتها لجنة حدود أبيي في يوليو/تموز 2007 بحلول نهاية يونيو/حزيران، فسوف تتم إحالة القضية إلى محكمة التحكيم الدولية لتبت فيها، وهو ما فعلته الأطراف بالفعل في 7 يوليو/تموز.[47] وفي تلك الأثناء وافقت الأطراف على المشاركة في أرباح النفط على المنطقة الحدودية كما سبق الاتفاق في بروتوكول أبيي.
إلا أن خارطة الطريق نصت أيضاً على حدود "مؤقتة" محدودة أكثر لأبيي، واستبعدت منها ميرام وحقول البترول في هيجليج. وتنطبق على هذه المنطقة الأصغر أحكام نشر الوحدة المشتركة وانسحاب القوات المسلحة والجيش الشعبي لتحرير السودان وتعيين إدارة انتقالية مؤقتة. ومن هنا فبينما تنص على أن تتلقى حكومة جنوب السودان أرباح نفطية من هيجليج، فلن تحصل على امتياز أي تواجد عسكري أو سياسي في المنطقة.
وفيما يبدو أن خارطة الطريق تعالج عدة قضايا متأخرة بشأن أبيي، فقد وقع بالفعل تأخير في تنفيذ بنودها. فالوحدة المشتركة الجديدة تم انتشارها سريعاً، إذ وصلت إلى أبيي في 18 يونيو/حزيران 2008.[48] إلا أنه يبدو أن القوات المسلحة السودانية لم تبدأ في الانسحاب حتى 4 يوليو/تموز، وحتى 18 يوليو/تموز لم تكن قد انتهت من الانسحاب بعد.[49] ولم ينته بعد الجيش الشعبي لتحرير السودان من الانسحاب من المناطق الواقعة جنوبي أبيي.[50]
وقد تأخر أيضاً تعيين إدارة لأبيي. بموجب خارطة الطريق على الرئاسة أن تعين إدارة جديدة لأبيي بحلول نهاية يونيو/حزيران. إلا أن الأطراف لم تصل إلى اتفاق على نائب رئيس الإدارة،[51] فتم تأجيل الاتفاق على تعيين إدارة حتى نهاية يوليو/تموز. وقد سمح البطء في التنفيذ بتفاقم التوترات مجدداً بين الطرفين. وفي 7 يوليو/تموز 2008 سقط جندي تابع للجيش الشعبي قتيلاً وأصيب مراقب عسكري تابع للأمم المتحدة ومراقب تابع للقوات المسلحة السودانية في أجوك.[52]
وبالإضافة إلى ذلك فإن خارطة الطريق لا تضم أية أحكام تخص إما تعويض الضحايا أو محاسبة الجناة على الانتهاكات التي ارتكبها أي من الأطراف أثناء القتال، وهما موضوعان قال السكان الذين فروا لـ هيومن رايتس ووتش إنهما هامان وأساسيان.[53] وجراء القيود التي فرضتها القوات المسلحة السودانية على الدخول إلى البلدة، فمع أوائل يوليو/تموز لم تتمكن أية جهة مستقلة من إجراء تحقيق كامل في الانتهاكات الحقوقية أو الخاصة بالقانون الدولي التي وقعت أثناء القتال، ولم تتحرك حكومة السودان أو جنوب السودان بالمرة نحو إجراء تحقيق جنائي في الانتهاكات التي ترقى لجرائم حرب خطيرة.[54]
وتنص خارطة الطريق على أن السكان المدنيين عليهم العودة إلى أبيي لدى إتمام الترتيبات الأمنية وهي نشر الوحدة المشتركة وقوة الشرطة المشتركة وذكرت خارطة الطريق أنه من المتوقع إتمام هذا بنهاية شهر يونيو/حزيران. وليس من المرجح أن يتم تنفيذ هذه الترتيبات حتى نهاية يوليو/تموز، وفي هذه الأثناء تكرر قول الأشخاص النازحين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم غير مستعدين للعودة. كما أوضح آخرون أن أجزاء كثيرة من البلدة قد تعرضت للتدمير بحيث لن يتمكنوا من العودة إلى أن تتم إعادة البناء. وعلى حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان أن تضمن أن أي عودة لأشخاص نازحين تكون طوعية وتستند إلى الإلمام بكامل المعلومات الخاصة بالموقف في أبيي، خاصة فيما يتعلق بالأمن.
وأخيراً فإن خارطة الطريق لا تضم أي أحكام عن السلام على المستوى المحلي وجهود المصالحة، وقال أشخاص نازحون من أبيي أنها أمور مهمة من أجل التعايش السلمي في المستقبل.[55] وأي جهود في هذا الصدد يجب أن تعالج أيضاً قضية المحاسبة جراء الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.
دور بعثة الأمم المتحدة في السودان
أثناء القتال وقبله كانت بعثة الأمم المتحدة في السودان في أبيي لا تملك القدرة على القيام بمهمتين أساسيتين ضمن ولايتها: مراقبة تنفيذ اتفاق السلام الشامل، وحماية المدنيين.
وبموجب قرار مجلس الأمن 1590 فوضت بعثة الأمم المتحدة في السودان مهمة دعم تنفيذ اتفاق السلام الشامل، وهذا في الأغلب عبر مراقبة اتفاق منع إطلاق النار والتحقق من الالتزام به وغيره من عناصر اتفاق السلام الشامل، وعلى أطراف النزاع أن توفر حرية التنقل لبعثة الأمم المتحدة في السودان في سائر أنحاء السودان.[56]
إلا أن الخرطوم وحكومة جنوب السودان تكرر فرضهما للقيود على تنقلات بعثة الأمم المتحدة في السودان. وفي مارس/آذار 2006 أخطرت القوات المسلحة السودانية بعثة الأمم المتحدة في السودان بأن عدد البلدات في المناطق الواقعة شمالي أبيي، ومنها أبو فلة ومقلاد وميرام، سوف تُستبعد من قائمة المراقبة.[57] وتدخل هذه المناطق ضمن الحدود المقترحة من قبل لجنة حدود أبيي، لكن حزب المؤتمر الوطني يقول بأن هذه المناطق لا تدخل ضمن الحدود المقبولة لأبيي، ولهذا فليس لبعثة الأمم المتحدة ولاية مراقبة الأوضاع داخلها.[58] وفي سبتمبر/أيلول 2006 أبلغ ممثلون عن الجيش الشعبي لتحرير السودان بعثة الأمم المتحدة والقوات المسلحة السودانية بأن الجيش الشعبي سيفرض قيوداً على تحركات مراقبي بعثة الأمم المتحدة جنوبي أبيي.[59] وعلى الرغم من رفع هذه القيود مؤقتاً في ديسمبر/كانون الثاني 2007[60] ومرة أخرى في أبريل/نيسان 2008،[61] إلا أن هذا كان لفترة مؤقتة وفيما يتصل بمناطق محدودة. والنتيجة لم تتمكن بعثة الأمم المتحدة من التحقيق بالكامل في مزاعم تعزيز القوات وغيرها من الانتهاكات شمال أبيي. وحين وقعت مصادمات بين القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان في دوكرا في 13 مايومأيار، كان نقص المعلومات والاتصالات في تلك المنطقة هو ما أعاق قدرة بعثة الأمم المتحدة على الرد بفعالية.[62]
والقرار 1590 يفوض أيضاً بعثة الأمم المتحدة في السودان بالتحرك لحماية المدنيين المعرضين لخطر قائم بالعنف البدني، على أن:
يحق لبعثة الأمم المتحدة في السودان اتخاذ اللازم، في المناطق التي تنتشر فيها قواتها وكما ترى حسب ما تملك من قدرات... ودون الإضرار بمسؤوليات حكومة السودان، أن تحمي المدنيين الخاضعين لتهديد قائم بالعنف البدني.[63]
ومسؤولية الحماية مذكورة صراحة بكونها مرتبطة بقدرات بعثة الأمم المتحدة في المناطق المنتشرة بها، وبالطبع فإن القرارات الخاصة بنشر القدرات العسكرية للبعثة هامة في تحديد قدرتها على حماية المدنيين. وعلى الرغم من تزايد الوعي، خاصة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2007، بأن أبيي نقطة صراع محتملة قائمة في النزاع الجديد،[64] فإن الوحدة الموجودة هناك كانت مصممة للاضطلاع بمهام مراقبة وليس حماية المدنيين.[65] وكانت قوة البعثة وقوامها 200 جندي في أبيي غير كافية، سواء من حيث عدد الأشخاص أو المعدات، سواء لغرض منع القتال أو التدخل حالما بدأ القتال في 14 مايو/أيار.[66] وقامت بعثة الأمم المتحدة بإخراج العاملين بالشؤون الإنسانية من المنطقة مساء 14 مايو/أيار، وتمكنت من مساعدة المدنيين الذين جاءوا إلى مقر البعثة سعياً للحماية. وحين قالت لهم الحركة الشعبية لتحرير السودان إن هناك بعض المدنيين ما زالوا مُحاصرين في أبيي بعد أسبوعين من اندلاع القتال، تمكنت البعثة من إحضارهم من منازلهم وإعادتهم إلى مقر البعثة.[67] إلا أنه في أغلب فترات الأسابيع الأربعة التالية من القتال لم يتمكنوا من ردع العنف الجاري، وشمل استمرار نهب جنود القوات المسلحة السودانية والميليشيا الموالية للحكومة، وظلوا في أغلب الأوقات داخل مقر البعثة.[68]
وكما أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة مجلس الأمن في يناير/كانون الثاني 2008، فإن التقييم الإستراتيجي لوضع بعثة الأمم المتحدة يشير إلى الحاجة لمراجعة قوة المكون العسكري بالبعثة.[69] وأقر التقرير ذاته بأن أبيي هي أكبر تحدي يواجه الأطراف، نظراً للتواجد القائم للقوات من الجانبين في المنطقة. وفي أبريل/نيسان 2008 طالب الأمين العام بعثة الأمم المتحدة في السودان بوضع إستراتيجية متكاملة لحماية المدنيين وإدارة النزاع، مع منح الأولوية القصوى لنقاط الصراع المحتملة على الحدود.[70] وعلى الرغم من هذا فحين اندلع القتال في أبيي لم تكن قوة بعثة الأمم المتحدة كافية للوفاء بمتطلبات هذا النزاع القابل للتنبؤ باشتعاله. وحتى 8 يوليو/تموز لم يكن قد تم تقدير القدرات العسكرية، ومن المخطط إجراء التقييم في وقت لاحق من يوليو/تموز.[71]
وقال بعض المدنيين الذين فروا من القتال في أبيي لـ هيومن رايتس ووتش إنهم فقدوا الثقة في قدرة عناصر حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة على حماية المدنيين. وقال زعماء المجتمعات المحلية لـ هيومن رايتس ووتش إنهم تقدموا بشكاوى لبعثة الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بتعزيز القوات وسلوك الفرقة 31 التابعة للقوات المسلحة السودانية، لكن بعثة الأمم المتحدة لم تقم بمعالجة هذه الشكاوى.[72]
وقال لـ هيومن رايتس ووتش رجل كان يعمل مع منظمة غير حكومية دولية في وسط أبيي: "كانت بعثة الأمم المتحدة ضعيفة للغاية ولم تتمكن من إيقاف أي شيء. وتملك البعثة أسلحة كبيرة خارج المقر، لكن كان الرجال جميعاً بالداخل".[73]
وإثر طلب من مجلس الأمن في 24 يونيو/حزيران 2008، أرسلت بعثة الأمم المتحدة فريقاً للتقييم في 4 يوليو/تموز للتحقيق في "الدور الذي لعبته بعثة الأمم المتحدة في معالجة العنف".[74] وحتى 18 يوليو/تموز لم تكن البعثة قد أبلغت عما خلصت إليه من نتائج أو عن أية تحقيقات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الأطراف أثناء الهجمات.
وبدأت اللجنة العسكرية المشتركة لوقف إطلاق النار[75] في التحقيق في القتال كما ورد في خارطة الطريق. إلا أن هذا التحقيق سوف يُركز على الأنشطة العسكرية والخروقات الخاصة باتفاق السلام الشامل، وليس انتهاكات حقوق الإنسان، وسوف يتم تنفيذه بصفة مشتركة من جانب ممثلين عن الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني، وكذلك عاملين من بعثة الأمم المتحدة في السودان.
ولا تركز أي من هذه التحقيقات الجارية على انتهاكات حقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي. وعلى الأمم المتحدة أن تكلف مراقبين لحقوق الإنسان بتنفيذ تحقيقات مستفيضة في انتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الانتهاكات التي تم ارتكابها أثناء القتال، وأن تكشف علناً عن النتائج التي تصل إليها.[76] وعلى الحكومة المركزية وحكومة جنوب السودان أن يتعاونا بالكامل مع هذه التحقيقات، وأن يتخذا كل الإجراءات المطلوبة لضمان محاسبة الجناة وتعويض الضحايا.
وقد طلب مجلس الأمن في 24 يونيو/حزيران من بعثة الأمم المتحدة أن "تنشر عناصرها بنشاط، بالقدر الملائم، وعناصر حفظ السلام في أبيي وحولها في محاولة لتخفيف التوترات ومنع تصعيد النزاع لدعم تنفيذ اتفاق السلام الشامل".[77] إلا أن بحلول 18 يوليو/تموز لم تكن بعثة الأمم المتحدة في السودان قد نشرت بعد قوات إضافية كافية في أبيي.[78]
[1]حسب اتفاق السلام الشامل "الرئاسة" هي رئاسة السودان (الرئيس عمر البشير)، ونائبا الرئيس إلا أنه فيما يتعلق بالتعيينات يتولى الرئيس اتخاذ القرارات بموافقة النائب الأول للرئيس، وهو رئيس حكومة جنوب السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان: سالفا كير (اتفاق السلام الشامل، الفصل 2، جزء 2، مادة 2.3).
[2]بموجب بروتوكول أبيي فإن صافي أرباح النفط المتولدة عن أبيي يتم توزيعها على النحو التالي: الحكومة الوطنية 50%، حكومة جنوب السودان 42%، منطقة بحر الغزال 2%، غرب كردفان 2%، منطقة نجوك دنكا 2% وسكان المسيرية 2%. بروتوكول أبيي التابع لاتفاق السلام الشامل، مادة 1.2.3
[3]انظر: nternational Crisis Group, Sudans Comprehensive Peace Agreement: Beyond the Crisis, Africa Briefing No. 50, 13 مارس/آذار 2008: http://www.crisisgroup.org/home/getfile.cfm?id=3341&tid=5329&l=1 (تمت الزيارة في 14 يوليو/تموز 2008)، صفحة 9.
[4]انظر: International Crisis Group, Sudan: Breaking the Abyei Deadlock, Africa Briefing No. 47, 12 أكتوبر/تشرين الأول 2007، على: http://www.crisisgroup.org/library/documents/b47_sudan_abyei_web.pdf (تمت الزيارة في 14 يوليو/تموز 2008) صفحة 8.
[5]حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة السودان الوطنية، وتم تشكيلها بموجب قرار رئاسي في 20 سبتمبر/أيلول 2005، وتستند في أغلبها إلى اتفاق مشاركة السلطة بموجب اتفاق السلام الشامل الذي منح أعضاء الحركة الشعبية لتحرير السودان فرصة التمثيل في الحكومة الوطنية (وكذلك تشكيل حكومة جنوب السودان).
[6]مقابلات مع اثنين من زعماء الدنكا نجوك من النازحين من أبيي، نجوك، 20 يونيو/حزيران 2008.
[7]مقابلات مع العاملين بمنظمات مجتمع مدني تعمل بالإغاثة الإنسانية كانوا متواجدين في أبيي في أبريل/نيسان، جوبا وتورالي، 15 و17 يونيو/حزيران 2008. وانظر: بعثة الأمم المتحدة في السودان، "مراقبة اتفاق السلام الشامل، التقرير الشهري عن تنفيذ اتفاق السلام الشامل"، أبريل/نيسان 2008، على:
[8]بعثة الأمم المتحدة في السودان، "مراقبة اتفاق السلام الشامل: التقرير الشهري عن تنفيذ اتفاق السلام الشامل"، أكتوبر/تشرين الأول 2006، على: http://www.unmis.org/common/documents/cpa-monitor/CPA%20Monitor%20-%200610%20-%20final%20-%20Three%20Areas.pdf(تمت الزيارة في 13 يوليو/تموز 2008) صفحة 3.
[9]بعثة الأمم المتحدة في السودان، "مراقبة اتفاق السلام الشامل، التقرير الشهري عن تنفيذ اتفاق السلام الشامل"، أبريل/نيسان 2008، على:
[10]أكد نازحون من الدنكا نجوك على تواجد الفرقة 31، انظر أيضاً "المرجع السابق"، فقرة 168.
[11]مقابلة خاصة، جوبا، 15 يونيو/حزيران 2008.
[12] مقابلات مع أشخاص نازحين من الدنكا نجوك، أجوك، 19 و20 يونيو/حزيران، مرسالات مع العاملين ببعثة الأمم المتحدة في السودان، جوبا، 3 يوليو/تموز 2008.
[13]مقابلة مع زعيم نازح للدنكا نجوك من أبيي، أجوك، 20 يونيو/حزيران 2008.
[14]انظر: NCP rejects SPLM administration to Sudans Abyei, Sudan Tribune, 31 مارس/آذار 2008، على: http://www.sudantribune.com/spip.php?article26567 (تمت الزيارة في 11 يوليو/تموز 2008).
[15]مقابلة مع قسم عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة، نيويورك، 3 يوليو/تموز 2008
[16]مراسلات مع العاملين ببعثة الأمم المتحدة في السودان، جوبا، 14 يوليو/تموز 2008.
[17]مقابلة مع عامل بوكالة إغاثة إنسانية من أبيي، أجوك، 21 يونيو/حزيران 2008.
[18]مقابلة مع عامل بوكالة إغاثة إنسانية في أبيي أجوك، 21 يونيو/حزيران 2008.
[19]مقابلات مع أشخاص نازحين من أبيي، أجوك، 22 يونيو/حزيران 2008.
[20]مقابلة مع زعيم محلي، تورالي، 17 يونيو/حزيران 2008، ومقابلة مع عامل طبي بالحركة الشعبية لتحرير السودان، تورالي، 18 يونيو/حزيران 2008.
[21]مقابلة مع امرأة نازحة، تورالي، منطقة تويك، 17 يونيو/حزيران 2008.
[22]مقابلة مع رجل نازح، أباثوك، 20 يونيو/حزيران 2008.
[23]مقابلة مع رجل نازح، أجوك، 21 يونيو/حزيران 2008. وتم تأكيد العثور على الجثث بصفة مستقلة من جانب اثنين من العاملين بلجنة الإغاثة وإعادة التأهيل بجنوب السودان، في مقابلة معهما في أجوك، 21 يونيو/حزيران 2008.
[24]مقابلة مع تجار من دارفور نازحين من أبيي، تورالي، 18 يونيو/حزيران 2008.
[25]مقابلات مع العاملين بلجنة الإغاثة وإعادة التأهيل السودانية وزعماء الدنكا نجوك الذين زاروا البلدة وتعرضوا لتقييد في الحركة فرضه عليهم عناصر القوات المسلحة السودانية، أجوك، 22 يونيو/حزيران 2008.
[26]المرجع السابق.
[27]بموجب القانون الدولي فإن نزاع أبيي يُعتبر نزاعاً مسلحاً غير دولي (داخلي)، وتُشتق القوانين المطبقة فيه بالأساس من المادة 3 المتكررة في اتفاقيات جنيف لعام 1949، والبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 لاتفاقيات جنيف (البروتوكول الثاني) والقانون الدولي العرفي.
[28]البروتوكول الإضافي لاتفاقيت جنيف الموقع في 12 أغسطس/آب 1949 والبروتوكول الخاص بضحايا النزاعات غير الدولية المسلحة (البروتوكول الثاني)، 1125 U.N.T.S. 609دخل حيز النفاذ في 7 ديسمبر/كانون الأول 1978، المادة 13. صدقت عليه السودان في 13 يوليو/تموز 2006، ودخل البروتوكول حيز النفاذ في السودان في 13 يناير/كانون الثاني 2007.
[29]البروتوكول الثاني مادة 4.
[30]العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تم تبنيه في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، G.A. Res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No.16) at 52, U.N. Doc A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171 ودخل حيز النفاذ في 23 مارس/آذار 1976، وصدقت عليه السودان في 18 مارس/آذار 1989، مادة 6. الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، تم تبنيه في 27 يونيو/حزيران 1981، OAU Doc. CAB/LEG/67/3 rev. 5, 21 I.L.M. 58 (1982) دخل حيز النفاذ في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1986، وصدقت عليه السودان في 3 سبتمبر/أيلول 1982، مادة 4.
[31]مقابلة مع امرأة نازحة من أبيي، تورالي، 16 يونيو/حزيران 2008.
[32]مقابلة مع تاجر نازح من أبيي، تورالي، 16 يونيو/حزيران 2008.
[33]مقابلة مع تاجر نازح من أبيي، تورالي، 18 يونيو/حزيران 2008.
[34]مقابلة مع امرأة نازحة من أبيي، أجوك، 22 يونيو/حزيران 2008.
[35]مقابلة مع رجل نازح من أبيي، أجوك، 21 يونيو/حزيران 2008.
[36]المرجع السابق.
[37]مقابلة مع ممثل عن منظمة SSRRC قام بزيارة أبيي في يونيو/حزيران. واطلعت هيومن رايتس ووتش على صور فوتوغرافية دالة على الدمار الحادث.
[38]مقابلة هاتفية مع مراقب عسكري من بعثة الأمم المتحدة في السودان في أبيي، 29 يونيو/حزيران 2008.
[39]البروتوكول الثاني، مادة 4.
[40]نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما)، U.N. Doc. A/CONF.183/9, 17 يوليو/تموز 1998، دخل حيز النفاذ في 1 يوليو/تموز 2002، مادة 8(2)(هـ)(v)
[41]الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، مادة 14. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تم تبنيه في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966،G.A. Res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 49, U.N. Doc. A/6316 (1966),
993 U.N.T.S. 3ودخل حيز النفاذ في 3 يناير/كانون الثاني 1976، وصدقت عليه السودان في 18 مارس/آذار 1986، مادة 11.
[42]مقابلة مع امرأة نازحة من أبيي، أباتوك، 21 يونيو/حزيران 2008.
[43]انظر: South Sudan Abyei Displacement, OCHA situation report No 20 for reporting period 28 June to 4 July 2008 - http://www.reliefweb.int/rw/rwb.nsf/db900sid/KKAA-7GB7HR?OpenDocument&rc=1&emid=ACOS-635PJQ(تمت الزيارة في 16 يوليو/تموز 2008).
[44]مقابلة مع امرأة نازحة من أبيي، تورالي، 16 يونيو/حزيران 2008.
[45]لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مبادئ توجيهية عن النزوح الداخلي، UN Doc. E/CN.4/1998/53/Add.2 (1998)مذكورة في قرار 1998/50، مبدأ 28.
[46]كان قد تم التوصل إلى اتفاق مماثل في اتفاق السلام الشامل لكن لم يتم تنفيذه قط.
[47]انظر: Abyei's roadmap gets boosted as SPLM and NCP strike a deal on administration and arbitration, New Sudan Vision,7 يوليو/تموز 2008، على: http://www.newsudanvision.com/news/abyeis-roadmap-gets-boosted-splm-and-ncp-strike-a-deal-administration-and-arbitration-1136(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2008).
[48]مقابلات مع ممثلين عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، أجوك، 18 يونيو/حزيران 2008.
[49]مقابلة مع أحد العاملين ببعثة الأمم المتحدة في السودان، 18 يوليو/تموز 2008.
[50]مراسلات مع أحد العاملين ببعثة الأمم المتحدة في السودان، 18 يوليو/تموز 2008.
[51]تنص خارطة الطريق على أن يرشح حزب المؤتمر الوطني نائب الرئيس. وقد رشح الحزب مرشحاً من الميسرية، لكن الحركة الشعبية لتحرير السودان رفضت قبوله وأصرت على أن تكون كل الإدارة من الدنكا (مقابلة مع ممثل عن الحركة الشعبية لتحرير السودان في جوبا، 24 يونيو/حزيران 2008).
[52]انظر: UN: UN observer, army monitor shot in Abyei region of Sudan, Associated Press,8 يوليو/تموز 2008، على: http://news.aol.com/story/_a/un-un-observer-army-monitor-shot-in/n20080708104409990013(تمت الزيارة في 14 يوليو/تموز 2008).
[53]مقابلات مع أشخاص نازحين من أبيي، أجوك، 19 و20 مايو/أيار 2008.
[54]في يوليو/تموز أخرجت بعثة الأمم المتحدة في السودان فريق تحقيق إلى ابيي، لكن الفريق مفوض بالتحقيق في دور البعثة وليس انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي التي ارتكبتها أطراف القتال. كما تعتزم اللجنة العسكرية المشتركة لوقف إطلاق النار إجراء تحقيق، لكن من المخطط له حالياً أن يشمل العسكريين وأن يركز على انتهاكات اتفاق السلام الشامل (مقابلة مع العاملين بقسم الأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، نيويورك، 15 يوليو/تموز 2008).
[55]مقابلات مع السكان وزعماء الدنكا نجوك النازحين من أبيي، وونروك وأجوك، 19 إلى 21 يونيو/حزيران 2008.
[56]قرار مجلس الأمن 1590 (2005)، S/RES/1590 (2005) على: http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N05/284/08/PDF/N0528408.pdf?OpenElement(تمت الزيارة في 19 أغسطس/آب 2007)، وانظر نظام اتفاق القوات بين حكومة السودان والأمم المتحدة بشأن وضع بعثة الأمم المتحدة في السودان، http://www.unmis.org/english/documents/sofa.pdf(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2008).
[57]انظر: United Nations Mission in Sudan, The CPA Monitor; Monthly Report on Implementation of the Comprehensive Peace Agreement,مايو/أيار 2008، على:
[58]مقابلة مع أحد العاملين بقسم عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، نيويورك، 3 يوليو/تموز 2008.
[59]انظر: United Nations Mission in Sudan, The CPA Monitor; Monthly Report on Implementation of the Comprehensive Peace Agreement,مايو/أيار 2008، على:
[60]تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن السودان، S/2008/64,فقرة 30، 31 يناير/كانون الثاني 2008، على: http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/217/07/PDF/N0821707.pdf?OpenElement(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2008).
[61]تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن السودان، S/2008/267 22 أبريل/نيسان 2008، على: http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/306/90/PDF/N0830690.pdf?OpenElement(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2008)، فقرة 4.
[62]مقابلة مع أحد العاملين بقسم عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة، نيويورك، 3 يوليو/تموز 2008.
[63]قرار مجلس الأمن 1590، مادة 16(i).
[64]انظر على سبيل المثال تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن السودان، S/2008/64، 31 يناير/كانون الثاني 2008، على: http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/217/07/PDF/N0821707.pdf?OpenElement(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2008).
[65]مقابلة مع أحد العاملين بقسم عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة، نيويورك، 3 يوليو/تموز 2008.
[66]مقابلات مع أحد العاملين ببعثة الأمم المتحدة في السودان، وممثلين عن الحركة الشعبية لتحرير السودان ونازحين من أبيي.
[67]مراسلات مع أحد العاملين ببعثة الأمم المتحدة في السودان، 16 يوليو/تموز 2008.
[68]مقابلات مع أشخاص نازحين وعمال إغاثة إنسانية من أبيي.
[69]تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن السودان، S/2008/64، 31 يناير/كانون الثاني 2008، على: http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/217/07/PDF/N0821707.pdf?OpenElement(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2008). فقرة 77.
[70]تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن السودان، S/2008/267 22 أبريل/نيسان 2008، على: http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N08/306/90/PDF/N0830690.pdf?OpenElement(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2008)، فقرة 46 و48.
[71]مقابلة مع أحد العاملين ببعثة الأمم المتحدة في السودان، 8 يوليو/تموز 2008.
[72]مقابلتان مع اثنين من زعماء الدنكا نجوك نازحين من أبيي، 21 يونيو/حزيران 2008.
[73]مقابلة مع عامل بمنظمة غير حكومية دولية نزح من أبيي.
[74]مجلس الأمن، بيان الرئاسة، S/PRST/2008/24، 24 يونيو/حزيران 2008، على: http://www.securitycouncilreport.org/atf/cf/%7B65BFCF9B-6D27-4E9C-8CD3-CF6E4FF96FF9%7D/Sudan%20SPRST200824.pdf(تمت الزيارة في 14 يوليو/تموز 2008).
[75]اللجنة العسكرية المشتركة لوقف إطلاق النار مُكلفة بالإشراف على التزام الأطراف باتفاق السلام الشامل. وترأسها بعثة الأمم المتحدة في السودان وتضم ممثلين عن حزب المؤتمر الوطني وحكومة جنوب السودان.
[76]أجرى مراقبو حقوق الإنسان ببعثة الأمم المتحدة تحقيقات في منطقة تويك، لكنهم لم يبلغوا عما توصلوا إليه من نتائج بعد.
[77]مجلس الأمن، بيان من الرئاسة، S/PRST/2008/24، 24 يونيو/حزيران 2008، على: http://www.securitycouncilreport.org/atf/cf/%7B65BFCF9B-6D27-4E9C-8CD3-CF6E4FF96FF9%7D/Sudan%20SPRST200824.pdf(تمت الزيارة في 14 يونيو/حزيران 2008).
[78]مقابلة هاتفية مع أخد العاملين بقسم عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، نيويورك، 18 يوليو/تموز 2008.