ايران

شهدت أوضاع حقوق الإنسان الأساسية في إيران تدهوراً خلال عام 2004، ولاسيما حرية الرأي والتعبير. ودأبت السلطات على استخدام التعذيب وسوء المعاملة في الحجز، بما في ذلك الحبس الانفرادي لأجل غير محدد، عقاباً للمعارضين. وكان للقضاء - المسؤول أمام قائد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي لا أمام الرئيس المنتخب محمد خاتمي - دور محوري في كثير من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. ووقعت كذلك انتهاكات على أيدي هيئات يسميها الإيرانيون "المؤسسات الموازية"، وتتألف من ضباط الاستخبارات الذين يرتدون الثياب المدنية، والجماعات شبه العسكرية التي تعتدي بأساليب العنف على المتظاهرين في الاحتجاجات السلمية، والسجون ومراكز الاستجواب غير المشروعة والسرية التي تديرها أجهزة الاستخبارات.
حرية الرأي والتعبير
دأبت السلطات الإيرانية على قمع حرية الرأي والتعبير؛ فبعد انتخاب الرئيس محمد خاتمي في عام 1997 تضاعف عدد الصحف الإصلاحية وأخذت تتناول باطراد مواضيع حساسة في صفحاتها ومقالاتها. وبدأ بعض المثقفين الإيرانيين البارزين بتحدي المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها شكل الحكم الإسلامي المعمول به في البلاد. وفي أبريل/نيسان عام 2000 بدأت الحكومة حملة مطولة لإخراس المنتقدين، شملت إغلاق العديد من الصحف، وسجن بعض الصحفيين ورؤساء التحرير، واستدعاء رؤساء التحرير والناشرين من حين لآخر للمثول أمام هيئة باتت تُعرف باسم محكمة الصحافة. ولم يبق الآن سوى قلة قليلة من الصحف اليومية المستقلة، وهي تلك التي تطبق رقابة ذاتية صارمة. ورحل كثير من الكتاب والمثقفين عن البلاد أو سُجنوا أو كفوا عن انتقاد الأوضاع القائمة. وبعد أيام من زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير أمبيي ليغابو للبلاد في أواخر عام 2003، ألقت السلطات القبض من جديد على أحد النشطاء الطلابيين الذين تحدث معهم. وفي عام 2004 اتخذت السلطات كذلك إجراءات لحجب مواقع على شبكة الإنترنت تقدم الأنباء والتحليل بصورة مستقلة، واعتقال الكتاب الذين يستخدمون هذه الوسيلة في نشر المعلومات والتحليلات التي تتعرض للحكومة بالانتقاد.
التعذيب وسوء المعاملة في الحجز
مع إغلاق الصحف والدوريات المستقلة شهدت المعاملة السيئة التي يلاقيها المحتجزون في سجن إوين وفي مراكز الاحتجاز السرية التي يديرها القضاء والحرس الثوري الإسلامي مزيداً من التدني. وصار التعذيب وسوء المعاملة في الحجز يُستخدمان بوجه خاص ضد المحتجزين الذين سُجنوا لتعبيرهم عن آرائهم السياسية بصورة سلمية. وكثيراً ما يقبل القضاة الاعترافات المنتزعة بالإكراه فيما يمثل انتهاكاً للقانون الدولي والدستور الإيراني. واستُخدم الحبس الانفرادي لفترات مطولة - في زنازين صغيرة في الأقبية عادة - بهدف تحطيم إرادة المحتجزين وإكراههم على الإدلاء باعترافات وتقديم معلومات بخصوص زملائهم. ويُعد هذا الاستخدام المنظم للحبس الانفرادي من قبيل المعاملة القاسية واللاإنسانية. ومثل هذا الحبس الانفرادي لفترات مطولة، مضافاً إليه الحرمان من مقابلة المحامين والاعترافات المصورة بالفيديو، يشيع أجواء لا يجد فيها السجناء أي ملاذ يلجئون إليه طلباً للإنصاف من المعاملة التي يلاقونها في الحجز. ويُستخدم التعذيب الجسدي الشديد أيضاً، وخصوصاً ضد النشطاء الطلابيين وغيرهم ممن لا يتمتعون بشهرة المثقفين والكتاب المعارضين الأكبر سناً. وفي أبريل/نيسان عام 2004، أصدر رئيس القضاء آية الله محمود هاشمي شهرودي توجيهاً داخلياً يحظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية للمعتقلين، إلا أنه لم توضع حتى الآن أي آليات لتنفيذ هذا التوجيه.
المؤسسات الموازية
"المؤسسات الموازية" (نهاد موازي) هو التعبير الذي يشير به الإيرانيون إلى الهيئات شبه الرسمية الخاصة بالقمع التي باتت تتخذ باطراد نهجاً مكشوفاً في قمع الاحتجاجات الطلابية، واحتجاز النشطاء والكتاب والصحفيين في سجون سرية، وتهديد المتحدثين والحضور من أنصار الديمقراطية في الاجتماعات العامة. وقامت هذه الجماعات باعتداءات وحشية على الطلاب والكتاب والساسة الإصلاحيين، وأقامت حواجز تفتيش تعسفية في شتى أنحاء طهران. وتعمل الجماعات شبه العسكرية مثل "أنصار حزب الله" و"باسيج" تحت سيطرة مكتب الزعيم الأعلى ووردت كثير من الأنباء التي تفيد بأن الشرطة النظامية ذات الزي الرسمي كثيراً ما تخشى المواجهة مع أفراد هذه الجماعات ذوي الملابس المدنية. أما السجون غير القانونية التي لا تخضع لإشراف "المكتب الوطني للسجون"، فهي مواقع يتعرض فيها السجناء السياسيون للانتهاكات والترهيب والتعذيب دون أن ينال مرتكبو هذه الجرائم أي عقاب. وعلى مدى العام الأخير استُدعي بعض الأفراد من ذوي النشاط السياسي إلى مركز احتجاز تديره "إدارة الأماكن العمومية" لاستجوابهم من جانب أجهزة الاستخبارات "الموازية". ويفيد صحفيون ونشطاء طلابيون تعرضوا لمثل هذا الاستجواب دون إلقاء القبض عليهم أو احتجازهم، بأن الهدف من جلسات الاستجواب هو ترهيب وتهديد الطلاب وغيرهم.
الإفلات من العقاب
لا توجد في إيران أي آلية لمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الموظفون الرسميون والتحقيق فيها. وساعد إغلاق وسائل الإعلام المستقلة في إيران على ترسيخ مناخ الإفلات من العقاب. وفي السنوات الأخيرة قامت لجنة المادة 90 البرلمانية (المكلفة بموجب الدستور بالتصدي للشكاوى الخاصة بانتهاكات الدستور التي ترتكبها سلطات الحكم الثلاث) بجهد جدير بالإعجاب للتحقيق في الشكاوى الكثيرة التي تلقتها وإصدار تقارير عنها، إلا أن اللجنة تفتقر إلى أي سلطة لوضع النتائج والتوصيات التي تتوصل إليها موضع التنفيذ. ودعت اللجنة مراراً إلى إجراء تحقيق واف في المخالفات القانونية التي يرتكبها القضاء، غير أن ذلك لم يحدث حتى الآن. وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 2003 قدمت لجنة المادة 90 تقريراً علنياً بخصوص وفاة المصورة الكندية الإيرانية الأصل زهراء كاظمي في الحجز قبل عدة أشهر؛ وحمل التقرير موظفي القضاء المسؤولية المباشرة عن وفاتها. وفي تطور غريب اتهمت الهيئة القضائية رضا أحمدي، وهو مسؤول من المراتب الدنيا بوزارة الاستخبارات، بقتل كاظمي. وبرغم التوبيخ الشديد من وزارة الاستخبارات سارع القضاء بإجراء محاكمة رُتبت على عجل في مايو/أيار 2004 بُرئ فيها رضا أحمدي من التهمة. ولم يتخذ القضاء أي خطوات أخرى لتحديد المسؤولين عن وفاة كاظمي وتقديمهم للمحاكمة.
مجلس صيانة الدستور
"مجلس صيانة الدستور" هو هيئة تتألف من 12 من رجال الدين يعين القائد الأعلى ستة منهم، أما الستة الآخرون فترشحهم السلطة القضائية ويقر مجلس الشورى (البرلمان) تعيينهم. ولمجلس صيانة الدستور سلطة لا معقب عليها في الاعتراض على التشريعات التي يقرها البرلمان ومنع صدورها. ففي السنوات الأخيرة مثلاً رفض المجلس مراراً مشاريع قوانين أقرها البرلمان في مجالات مثل حقوق المرأة وقانون الأسرة وحظر التعذيب وإصلاح النظام الانتخابي. واعترض المجلس أيضاً على مشاريع قوانين برلمانية تجيز التصديق على معاهدات دولية لحقوق الإنسان مثل اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
كما أن المجلس مخول أيضاً سلطة فحص أهلية المرشحين للمناصب السياسية التي تُشغل بالانتخاب، بما في ذلك الرئاسة وعضوية البرلمان، استناداً إلى معايير غامضة، ولا يخضع تقديره في هذا الصدد إلا لمراجعة القائد الأعلى. واستخدم المجلس سلطاته التعسفية بأسلوب يتسم بالتحيز الصارخ خلال الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في فبراير/شباط عام 2004، حيث استبعد ما يزيد على 3600 من المرشحين الإصلاحيين والمستقلين معتبراً إياهم غير مؤهلين لخوض الانتخابات، متيحاً للمرشحين المحافظين الهيمنة على الساحة الانتخابية. وأشاعت إجراءات المجلس جواً من السلبية واللامبالاة بين الناخبين وقاطع كثير منهم الانتخابات. واعتبر كثير من الإيرانيين هذه الخطوة "انقلاباً صامتاً" لحساب المحافظين الذين لم يحققوا سوى نتائج هزيلة في الانتخابات السابقة عام 2000. واعتبر المجلس كذلك كثيراً من أعضاء البرلمان القائم غير مؤهلين لخوض الانتخابات، وهو نفسه الذي كان قد أقر ترشيحهم في انتخابات عام 2000.
الأقليات
ما برح أبناء الأقليات العرقية والدينية في إيران عرضة للتمييز، بل وللاضطهاد في بعض الحالات. وما زال أتباع البهائية يواجهون الاضطهاد، بما في ذلك عدم السماح لهم بممارسة شعائر العبادة أو مباشرة شؤون الطائفة علناً. وفي احتجاج علني يندر أن تشهد البلاد مثله كتب 18 من أعضاء البرلمان السنة إلى السلطات في يوليو/تموز عام 2003 ينتقدون معاملة السنة في البلاد ورفض السماح ببناء مسجد لهم في طهران. واستمرت معاناة طائفة البلوش، وهم أقلية أغلب أفرادها من السنة ويعيشون في إقليمي سيستان وبلوشستان الواقعين على حدود البلاد، من عدم تمثيلهم في الحكومة المحلية، كما شهدت منطقتهم وجوداً عسكرياً مكثفاً. وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2003 أدى التوتر بين سكان المنطقة والحرس الثوري إلى مظاهرات حاشدة في سروان بإقليم بلوشستان، وقُتل خمسة أشخاص على الأقل في الاشتباكات التي أعقبت ذلك بين المتظاهرين والشرطة.
الأطراف الدولية الرئيسية
زاد الاتحاد الأوروبي علاقاته الاقتصادية والدبلوماسية مع إيران. وتعهد الاتحاد الأوروبي بأن تكون عملية توثيق العلاقات مرتبطة بمعايير حقوق الإنسان، إلا أن هذا لم يكن له تأثير يُذكر حتى الآن. وبدأت كل من أستراليا وسويسرا أيضاً "حواراً بخصوص حقوق الإنسان" مع إيران، إلا أن معايير هذا الحوار لم تُعلن، الأمر الذي لا يُرجح معه أن يكون لهذا الحوار تأثير أكبر مما حققه الحوار الذي يجريه الاتحاد الأوروبي.
ووجهت إيران دعوة مفتوحة إلى الآليات الموضوعية التابعة للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في عام 2002. ومنذ ذلك الحين قام فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي ومقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالنهوض بالحق في حرية الرأي والتعبير وحمايته بزيارة البلاد وأصدرا تقارير تنتقد ممارسات الحكومة في هذين المجالين. بيد أن الحكومة لم تنفذ توصيات خبراء الأمم المتحدة، بل ووقعت بعض حالات الانتقام من شهود العيان الذين أدلوا بإفاداتهم أمام الخبراء بأشكال من بينها مثلاً اعتقالهم من جديد. ومنذ ذلك الحين لم ترد إيران على طلبات الزيارة التي تقدم بها مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء.

واستمر التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران؛ ووصفت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إيران علناً بأنها جزء من "محور الشر". وقال نائب وزير الخارجية الأمريكي ريتشارد أرميتاج في أكتوبر/تشرين الأول عام 2003 إن الولايات المتحدة لا تتبع سياسة "تغيير النظام" فيما يخص إيران. إلا أن الأنباء المتواصلة التي ترد من واشنطن تشير إلى أن الإدارة ما زالت منقسمة حول هذه النقطة. ولا زالت الولايات المتحدة تعارض تقديم قروض لإيران من المؤسسات المالية الدولية.


التقاريرالسابقة | 1999 | 2000 | 2001 | 2002 | 2003 | 2004


  • البيان الصحفي
  • مصر
  • إيران
  • العراق
  • إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة
  • السعودية
  • سوريا
  • تونس
    English
  •