مصر

لم يشهد سجل مصر في مجال حقوق الإنسان تحسناً يُذكر خلال عام 2004. وأنشأت الحكومة "المجلس القومي لحقوق الإنسان" وعيَّنت عدداً من النشطاء المستقلين الذين يحظون بالاحترام في هيئة المجلس، ولكن لم يتم التصدي لقضايا خطيرة مثل تواتر تعذيب الأشخاص أثناء احتجازهم وقمع المعارضة السياسية السلمية. واستمر العمل بقانون الطوارئ، والذي يوفر الأساس للاعتقال التعسفي والمحاكمات أمام المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة. ولم يقتصر ضحايا التعذيب والمعاملة السيئة على المعارضين السياسيين، بل كان من بينهم أيضاً أشخاص احتُجزوا رهن التحقيق في قضايا جنائية عادية، ورجال اشتُبه في ضلوعهم في علاقات جنسية مثلية بالتراضي، وكذلك بعض أطفال الشوارع. وتتعرض المنظمات غير الحكومية لقيود صارمة بموجب القانون الجديد للجمعيات الأهلية، وترفض السلطات بشكل تعسفي طلبات العديد من المنظمات من أجل التسجيل كجمعيات أهلية، حسبما يقتضي القانون. وتواجه النساء والفتيات التمييز بصورة منتظمة في ظل قانون الأحوال الشخصية وغيره من القوانين، وكثيراً ما تمر حوادث العنف التي تستهدف النساء والفتيات دون أن يلقى مرتكبوها العقاب.
قانون الطوارئ
في فبراير/شباط 2003، مدَّدت الحكومة لفترة ثلاث سنوات أخرى حالة الطوارئ المستمرة في البلاد منذ 22 عاماً. ويجيز قانون الطوارئ، وهو القانون رقم 162 لعام 1958، القبض على الأشخاص بصورة تعسفية واحتجازهم بدون محاكمة إلى أجل غير مسمى، كما يخلق مناخاً من الإفلات من العقاب يتفشى فيه التعذيب وسوء المعاملة. واستخدمت الحكومة قانون الطوارئ لتجريم بعض أنشطة المعارضة السياسية، ولإحالة متهمين مدنيين إلى محاكم عسكرية أو إلى محاكم أمن الدولة، وهي محاكم استثنائية لا تفي إجراءات المحاكمة فيها بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وذكرت الأنباء أن نحو 700 ممن زُعم أنهم إسلاميون متشددون قد أُطلق سراحهم خلال عام 2004، ولم يسبق أن حُوكم هؤلاء أو أُدينوا بأية جريمة. وفي مطلع عام 2004، ذكر "مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء"، ومقره القاهرة، أن عدد المحتجزين آنذاك بدون تهمة لفترات مطولة يُقدر بنحو 15 ألف شخص. وأصدر المركز قائمةً بأسماء 65 محامياً ظلوا محتجزين بدون تهمة أو محاكمة بموجب قانون الطوارئ، ومضى على احتجاز بعضهم نحو 16 عاماً.
التعذيب
دأبت قوات الأمن والشرطة على تعذيب المحتجزين وإساءة معاملتهم، ولا سيما خلال التحقيق معهم. وكان التعذيب في الماضي يُستخدم ضد المعارضين السياسيين في المقام الأول، ولكن السنوات الأخيرة شهدت تفشي التعذيب في أقسام الشرطة العادية أيضاً، حيث يعاني منه أشخاص يجدون أنفسهم في الحجز للاشتباه فيهم أو لصلتهم بتحقيقات جنائية. ومن المعلوم أو المشتبه فيه أن التعذيب وسوء المعاملة قد تسببا في وفاة ما لا يقل عن 17 شخصاً أثناء الاحتجاز خلال عامي 2002 و2003، بما في ذلك ما لا يقل عن ثلاث حالات وفاة على أيدي مباحث أمن الدولة، وهي أحد أجهزة وزارة الداخلية، كما وردت أنباء عن حالات وفاة أخرى في الحجز خلال عام 2004. وأكد مسؤولون في وزارة الداخلية لمنظمة هيومن رايتس ووتش، في فبراير/شباط 2004، أنه لم يتم إجراء أي تحقيق جنائي مع مسئولي مباحث أمن الدولة بخصوص التعذيب أو المعاملة السيئة على مدى الأعوام الثمانية عشر الماضية، كما لم تُطبق عليهم أية إجراءات تأديبية داخلية، وذلك على الرغم من كثرة الادعاءات الموثوق بها عن ارتكاب انتهاكات جسيمة.
القيود على حرية تكوين الجمعيات
يفرض القانون المصري الجديد المنظم للجمعيات الأهلية (المنظمات غير الحكومية)، وهو القانون رقم 84 لعام 2002، قيوداً صارمة على الحق في حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، حيث يتيح للحكومة سيطرة لا مسوِّغ لها على إدارة وأنشطة الجمعيات الأهلية. وينص القانون، الذي أصبح نافذ المفعول في يونيو/حزيران 2003، على فرض عقوبات جنائية على الأنشطة "غير المرخصة"، بما في ذلك المشاركة في أي من الأنشطة السياسية أو النقابية التي تُعد من اختصاصات الأحزاب السياسية والنقابات (المادة 11). كما يقضي القانون بفرض عقوبة الحبس لمدة أقصاها ستة أشهر على من يتلقى أموالاً من الخارج لصالح إحدى الجمعيات الأهلية دون الحصول على إذن مسبق من وزارة الشؤون الاجتماعية. وقد يُعاقب بالحبس لمدة ثلاثة أشهر من يزاول أنشطة إحدى الجمعيات الأهلية قبل قيدها رسمياً.
وكان من بين الجمعيات التي رُفضت طلباتها من أجل القيد في بادئ الأمر "مركز دراسات المرأة الجديدة"، الذي يهتم بتوعية الرأي العام بقضايا حقوق المرأة، بما في ذلك تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والعنف في إطار الأسرة، و"مركز الأرض لحقوق الإنسان"، المعني بقضايا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الريفية. وفي كلتا الحالتين، قالت السلطات إن أجهزة الأمن لم توافق على طلبات القيد. كما رفضت الحكومة طلب "الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب"، لأنها أدرجت ضمن أهدافها "تغيير التشريعات المصرية بما يتفق مع مواثيق حقوق الإنسان". وقالت وزارة الشؤون الاجتماعية إنه ليس من حق الجمعيات الأهلية قانوناً أن "تهتم بالتشريع"، وإن هذه الأنشطة غير دستورية.

كما تواصل السلطات المصرية فرض قيود صارمة على التنظيمات السياسية. فقد دأبت "لجنة شؤون الأحزاب السياسية"، وهي لجنة رسمية جميع أعضائها تقريباً مسؤولون حكوميون ويرأسها حالياً أمين عام "الحزب الوطني الديموقراطي" الحاكم، على رفض طلبات تأسيس أحزاب سياسية جديدة، وذلك استناداً إلى معايير مصاغة بعبارات فضفاضة، من قبيل ما إذا كان برنامج الحزب يمثل إضافة للحياة العامة. وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول 2004، وافقت اللجنة، للمرة الثالثة فقط منذ عام 1977، على طلب تأسيس حزب جديد هو حزب "الغد"، الذي يرأسه النائب البرلماني المستقل أيمن نور، إلا إن اللجنة واصلت رفض طلبات أخرى.
اعتقال وتعذيب رجال بسبب العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي
منذ مطلع عام 2001، شنت شرطة الآداب حملةً من الملاحقات والمضايقات أسفرت عن القبض على مئات الأشخاص ومحاكمتهم وإدانتهم بزعم أنهم مارسوا الجنس مع رجال آخرين. وادعى بعض المسؤولين أنهم يستهدفون الإباحية الجنسية والدعارة (الفجور)، إلا إن السلطات دأبت على مداهمة شقق خاصة والتصنت على الهواتف وفرض رقابة مكثفة على مواقع الإنترنت، فضلاً عن اللجوء إلى الحيل، بغرض الإيقاع بأفراد كان جرمهم الوحيد هو ما زُعم عن سلوكهم الجنسي المثلي. وقد تعرض كثيرون ممن اعتُقلوا للتعذيب وسوء المعاملة بصفة معتادة على أيدي مسئولي الأمن. ويشارك أطباء في تعذيب أولئك المعتقلين تحت ذريعة جمع أدلة بمعرفة الطب الشرعي لتأييد تهمة "اعتياد الفجور".
إساءة معاملة أطفال الشوارع
تشن الحكومة من حين لآخر حملات اعتقال جماعي لأطفال الشوارع. وعادةً ما يكون هؤلاء الأطفال مشردين بلا مأوى، أو متسولين، أو متسربين من المدارس ولكنهم لم يرتكبوا أية جريمة. وكثيراً ما يتعرض هؤلاء الأطفال أثناء احتجازهم للضرب والإيذاء الجنسي والابتزاز على أيدي أفراد الشرطة والمحتجزين البالغين، وعادةً ما تحرمهم الشرطة من الطعام والأغطية والرعاية الطبية. وكثيراً ما تحجم السلطات عن مراقبة ظروف الاحتجاز بالنسبة للأطفال، أو التحقيق في حالات القبض التعسفي أو الإيذاء في الحجز، أو اتخاذ إجراءات تأديبية ملائمة ضد المسؤولين عن تلك الأفعال. وفي كثير من الحالات، احتُجز أطفال دون سند قانوني لعدة أيام ثم أُحيلوا إلى النائب العام بتهمة أنهم "عرضة للانحراف". وفي كثير من الأحيان لا تبلغ الشرطة الآباء بواقعة القبض على أبنائهم، أما الأطفال الذين يهربون من إيذاء الآباء أو يفتقرون إلى أوصياء لرعايتهم فلا يجدون ملاذاً يعينهم.
حقوق المرأة
شهدت القوانين المصرية المتعلقة بالأسرة والجنسية بعض الإصلاحات خلال السنوات الأخيرة. إلا إن ثمة ضرورة لاتخاذ خطوات إضافية من أجل تعديل القوانين التي تنطوي على تمييز ضد النساء والفتيات، ومحاكمة من يمارسون أعمال العنف ضد المرأة بسبب جنسها، ومنح النساء والفتيات كامل حقوق المواطنة على قدم المساواة مع الرجال. وقد كان من شأن قوانين الأحوال الشخصية التي تنطوي على التمييز، والتي تنظم أمور الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث، أن ترسخ مكانة المرأة كمواطن من الدرجة الثانية في نطاق الحياة الخاصة وأن تقوِّض وضعها القانوني. فعلى سبيل المثال، تؤدي القوانين والسياسات التمييزية المتعلقة بالطلاق إلى إهدار قدرة كثير من النساء، بما في ذلك من يرتبطن بعلاقات تنطوي على الإيذاء، على مجرد السعي لطلب الطلاق، بينما تترك أخريات يعانين في حالة من عدم الاستقرار القانوني لسنوات. ولا يكفل قانون العقوبات منع حوادث العنف في إطار الأسرة أو معاقبة مرتكبيها على نحو فعال، أما الشرطة فلا تتعاطف عادةً مع شكاوى النساء والفتيات المعتدى عليهن. كما تؤدي السياسات الحكومية الحالية إلى حرمان النساء من فرصة العمل كقضاة؛ ويُذكر أن استبعاد المرأة من العمل في سلك القضاء ليس منصوصاً عليه في القانون، ولكنه أمر يتعلق بالممارسة ويمثل انتهاكاً للدستور المصري ولالتزامات مصر الدولية بعدم التمييز بين الجنسين.
التعصب الديني والتمييز ضد الأقليات الدينية
بالرغم من أن الدستور المصري يكفل للمواطنين المساواة في الحقوق بغض النظر عن الدين، فلا تزال هناك مشكلة تتمثل في التمييز ضد المسيحيين المصريين والتعصب ضد البهائيين والمذاهب الإسلامية غير التقليدية أو التي تمثل أقلية. ويقر القانون المصري تحول غير المسلمين إلى الإسلام، ولكنه لا يقر التحول من الإسلام إلى أية ديانة أخرى. وهناك أنباء موثوق بها تفيد بأن المسلمين الذين يعتنقون المسيحية يواجهون مضايقات في بعض الأحيان. وكان من شأن الصعوبات في الحصول على وثائق هوية جديدة أن تؤدي إلى القبض على بعض من تحولوا إلى المسيحية بزعم أنهم زوروا هذه الوثائق. ويحظر القانون المؤسسات والأنشطة الجماعية للبهائيين. وقد اعتقلت السلطات وحاكمت عدداً من الأفراد من معتنقي المذاهب الإسلامية غير التقليدية أو الداعين إليها على اعتبار أن ذلك يمثل إهانة لأحد "الأديان السماوية"، وهي الإسلام والمسيحية واليهودية.
الأطراف الدولية الرئيسية
ظلت الولايات المتحدة منذ أمد طويل أكبر مصدر للمساعدات العسكرية والاقتصادية الأجنبية لمصر، حيث بلغت المعونات العسكرية نحو 1.3 مليار دولار والمساعدات الاقتصادية نحو 600 مليون دولار في السنة المالية 2004. وتستضيف مصر المناورات العسكرية المعروفة باسم "النجم الساطع"، والتي تجري مرتين في العام وتشارك فيها عدة دول بالإضافة إلى القوات الأمريكية، وهي أضخم مناورات عسكرية في المنطقة. وترى الولايات المتحدة أن مصر تُعتبر "شريكاً فاعلاً في الحرب العالمية ضد الإرهاب". وفي يونيو/حزيران 2004، صرح نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي دافيد ساترفيلد أمام إحدى لجان الكونغرس بأن حكومتي البلدين "تتعاونان بشكل وثيق وعلى نطاق واسع في مكافحة الإرهاب وقضايا إنفاذ القانون".

وفي أول يونيو/حزيران 2004، بدأ سريان اتفاق الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، والموقّع في يونيو/حزيران 2001. وبالرغم من أن الاتفاق ينص في ديباجته على "احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديموقراطية"، فإن تنفيذه لم يتأثر على ما يبدو بمشاكل حقوق الإنسان الجسيمة في مصر. ويُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لمصر، حيث يحصل حالياً على 40 بالمئة من صادراتها ويقدم 34 بالمئة من وارداتها.


التقاريرالسابقة | 1999 | 2000 | 2001 | 2002 | 2003 | 2004


  • البيان الصحفي
  • مصر
  • إيران
  • العراق
  • إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة
  • السعودية
  • سوريا
  • تونس
    English
  •