Skip to main content

رسالة إلى رئاسة حكومة الوحدة الوطنية السودانية بشأن الوضع في مالاكال

سيادة الرئيس عمر حسن البشير
رئيس السودان
مكتب الرئاسة
قصر الشعب

معالي سلفاكير ميارديت
النائب الأول لرئيس السودان، ورئيس حكومة جنوب السودان
مكتب نائب الرئيس
قصر الشعب

أصحاب السيادة عُمر البشير وسلفاكير ميارديت،

أكتب إليكم بالنيابة عن هيومن رايتس ووتش - وهي منظمة مستقلة ناشطة بمجال الترويج لحقوق الإنسان والدفاع عنها في شتى أنحاء العالم - لدعوتكم إلى التحرك الفوري لمنع عودة المصادمات إلى مالاكال وضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت هناك في فبراير/شباط 2009. وبواعث قلقنا تستند إلى أبحاث تمت مؤخراً في مالاكال ومن واقع مراقبتنا للوضع هناك.

إن الصدام الذي وقع في فبراير/شباط بين جنود القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان، ويُشكلان معاً القوات المشتركة، هو ثالث انتهاك جسيم لأحكام اتفاق السلام الشامل الخاصة بوقف إطلاق النار. وقد وقعت خروقات جسيمة سابقة في أبيي في مايو/أيار 2008 ومالاكال في نوفمبر/تشرين الثاني 2006. ويُظهر الصدام بواعث قلق بالغة تخص قدرة القوات المشتركة على البقاء على وفاق، وأن تستمر في السيطرة والتحكم لا سيما على أعضاء الوحدات وهم عناصر سابقة بالميليشيات.

إن الصدام وما تلاه من أحداث عنف أدى إلى مصرع أكثر من 30 مدنياً، ونفس العدد تقريباً في صفوف العسكريين، وأعمال نهب موسعة لممتلكات المدنيين والحكومة من قبل جنود القوات المسلحة السودانية في القوات المشتركة، ومنهم أعضاء سابقين بالميليشيات. وأدى العنف فعلياً إلى انشطار مدينة مالاكال إلى منطقة شمالية تسيطر عليها قوات الجيش السوداني وأخرى جنوبية تسيطر عليها قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان، مع استمرار تواجد الجنود الذين تورطوا في النزاع في مالاكال، مما أسهم في خشية المدنيين تجدد العنف هناك في أية لحظة.

وحكومة الوحدة الوطنية، التي تتحمل عبر مسؤوليتها عن مجلس الدفاع المشترك، المسؤولية النهائية عن قوات القوات المشتركة التي تم تشكيلها بموجب اتفاق السلام الشامل، قد أخفقت في تنفيذ التوصيات المتفق عليها القاضية بنقل جنود القوات المشتركة إلى خارج البلدة وإبعاد عناصر الميليشيات السابقين المسيئين عن جناح القوات المسلحة السودانية بالقوات المشتركة. ويمكن أن يؤدي الإجراءان كلاهما إلى تقليل التوترات، التي قد تفضي إلى تجدد المصادمات وانتهاكات حقوق الإنسان.

وتدعو هيومن رايتس ووتش رئاسة حكومة الوحدة الوطنية إلى ضمان أن مجلس الدفاع المشترك في اجتماعه المقبل في مايو/أيار سينفذ هذه الإجراءات بشكل فوري. كما تدعو هيومن رايتس ووتش الرئاسة إلى ضمان تنفيذ السلطات العسكرية والمدنية المسؤولة لتحقيق فوري ومستفيض في انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في مالاكال وأن تضمن المساءلة عن الجرائم التي تم ارتكابها.

خلفية

كما تعرفون، فإن قوة القوات المسلحة السودانية الملحقة بالقوات المشتركة في مالاكال، فيها أعضاء سابقين في الميليشيات من عدة جماعات كانت تحت رئاسة زعماء ميليشيات سابقين. وقد طفت التوترات إلى السطح في 23 فبراير/شباط 2009، مع وصول الميجور جنرال بالقوات المسلحة السودانية، جبرائيل جيتويش شان، المعروف باسم جبرائيل تانجينيا ("تانج")، وهو زعيم ميليشيات سابق سيئ السمعة من مواليه آلاف الجنود الذين يخدمون في وحدة القوات المسلحة السودانية في صفوف القوات المشتركة في مالاكال.

وقد أدى وصول تانج إلى ظهور موجة من الذعر، لا سيما جراء دوره في إثارة المصادمات السابقة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2006، أسهم وجوده في مالاكال إلى وقوع مصادمات بين نفس قوات القوات المشتركة، مما أسفر عن وفاة 150 شخصاً، وتانج مطلوب من قبل حكومة جنوب السودان على صلة بهذه المصادمات. وطبقاً لمسؤولي القوات المسلحة السودانية الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش؛ فإن عناصر القوات المسلحة السودانية ممن كانوا من الميليشيات التابعة بالولاء لتانج، هم فقط من شاركوا في صدام فبراير/شباط.

وقد اندلع القتال صباح يوم 24 فبراير/شباط 2009، حين حاصر جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان مقر القوات المسلحة السودانية على الجانب الشمالي من البلدة سعياً لاعتقال تانج. وتصاعد تبادل أولي لإطلاق النار إلى قتال دام ست ساعات؛ وأسفر عن خسائر جسيمة في الأرواح وإصابات وتدمير للممتلكات.

وقد تدخل مسؤولون رفيعو المستوى من حكومة الوحدة الوطنية واللجنة العسكرية المشتركة لوقف إطلاق النار، في مساء ذلك اليوم لفض اشتباك القوات، ولضمان مغادرة تانج لمالاكال. وفيما بعد أعدت قوات الأمم المتحدة منطقة محايدة فاصلة لفصل منطقة الشمال عن الجنوب. كما شملت قرارات اللجنة المشتركة قرارات تخص نزع أسلحة الجنود وتشكيل لجنة على مستوى الدولة للتحقيق في الخسائر في الأرواح والممتلكات، وقرار بنقل مقر قوات القوات المشتركة.

أدلة على انتهاك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان

كشفت أبحاث هيومن رايتس ووتش في مالاكال عن أنه أثناء الصدام وفي الأيام التالية عليه، تسبب الجنود من الجانبين في مقتل عشرات المدنيين بأسلحة صغيرة والمدفعية، في تبادل إطلاق النار وفي أعمال الاستهداف بالقتل.

وطبقاً للتقديرات الرسمية، فإن 33 مدنياً على الأقل لقوا مصرعهم ولحقت الإصابات الخطيرة بأكثر من 60 آخرين. وفر ما يُقدر بـ 3500 شخص إلى القرى المجاورة وإلى مواقع أخرى، وفر الكثير من تجار البلدة من ذوي الأصول الشمال سودانية إلى الخرطوم وإلى أماكن أخرى. وانخرط الجنود من القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان - على حد سواء - في أعمال نهب وتدمير للممتلكات المدنية. وأفاد شهود آخرون قابلتهم هيومن رايتس ووتش بأن مدنيين مسلحين ممن لا ينتسبون إلى أي من الجانبين، انخرطوا بدورهم في القتال.

ويظهر من أبحاث هيومن رايتس ووتش أن جنود القوات المسلحة السودانية أطلقوا النار إما عمداً أو بشكل عشوائي بلا تمييز على المدنيين، في خرق لقوانين الحرب. ومن الأمثلة أن دبابة تتبع القوات المسلحة السودانية في الجانب الشمالي من البلدة أطلقت جهة الجنوب على مناطق سكنية. وأحد القذائف أصابت متجراً صغيراً في حي أسوسا، كان المدنيون يتجمعون فيه لاحتساء الشاي، وقتلت - القذيفة - ثمانية أشخاص على الأقل. وفي مثال آخر، تم إطلاق قذيفة من دبابة تابعة للقوات المسلحة السودانية فأسفرت عن مقتل مدني واحد على الأقل في حي بام، ودمرت منزلاً وألحقت أضراراً جسيمة بمنزل آخر. وفي المثالين، خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن القذائف أصابت مواقع تبعد بأكثر من كيلومتر عن أي هدف عسكري.

كما يبدو من الأبحاث أن جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان، بحق المدنيين الذين يبدو أنهم ينتمون للشمال. وفي واقعة في 24 فبراير/شباط، قال شهود عيان، منهم أحد العاملين بالأمم المتحدة، أنهم شاهدوا جنوداً من الجيش الشعبي لتحرير السودان يطلقون النار على رجل أعزل يرتدي ثياباً مدنية. وفي واقعة أخرى في 25 فبراير/شباط، دخل جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان مجمعاً سكنياً وأطلقوا النار وقتلوا ستة من المدنيين الشماليين على الأقل، ولم تكن معهم أسلحة.

كما وثقت هيومن رايتس ووتش حوادث أساء فيها جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان لجنوبيين. ففي مساء 24 فبراير/شباط، أطلق جنديان من الجيش الشعبي لتحرير السودان - يبدو أنهما كانا مخمورين - النار وقتلوا مدني أعزل. وفي حادث آخر في 27 فبراير/شباط، قبض الجنود تعسفاً على مدرس من النوير، واحتجزوه وضربوه وهددوه بالقتل، واتهموه بالتحيز لجانب القوات المسلحة السودانية.

وإثر الصدام، تورط جنود من القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان في نهب المتاجر والمساكن في شتى أرجاء مالاكال. ونهب جنود كانوا عناصر سابقين في الميليشيات، وكانوا يتمركزون شمالي البلدة، في نهب مخزن يخص المنظمات الإنسانية، ومنها وكالة الأمم المتحدة للاجئين، وجامعة أعالي النيل. وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إنهم رأوا الجنود يخرجون بالأثاث والحواسب الآلية وغيرها من الأغراض القيّمة من الجامعة ليلة 26 فبراير/شباط.

الوضع الراهن

حتى مايو/أيار 2009، ما تزال مالاكال محفوفة بالتوترات ومنقسمة إلى قطاعين جنوبي وشمالي، مع الفصل بين عناصر القوات المسلحة السودانية على جانب، والجيش الشعبي لتحرير السودان على جانب آخر. ويبدو أن الوضع خطير ويمكن أن يشتعل في أي وقت. وقد أدى سوء اتصال بشأن تحركات القوات في مطلع مايو/أيار إلى بعث المخاوف من اندلاع القتال مجدداً، مما أدى لإغلاق السوق مؤقتاً في 4 مايو/أيار.

وفي الوقت نفسه، فإن الحكومة لم تحقق بعد بشكل مستفيض في الجرائم المرتكبة، أو هي فرضت المساءلة على يُشتبه في كونه ارتكبها. ولجنة الدولة الخاصة بالتحقيق في الخسائر في الأرواح والممتلكات لم تعمل على تعويض ضحايا جرائم العنف والنهب. ولم تقم سلطات القوات المشتركة وشرطة الدولة أو السلطات القضائية بعد بتقديم المسؤولين عن أكثر الانتهاكات جسامة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي إلى العدالة.

وتقترح عليكم هيومن رايتس ووتش بكل احترام ما يلي:

  • أن تضغط الرئاسة على مجلس الدفاع المشترك من أجل التنفيذ، وبشكل عاجل، للتوصيات الخاصة بتدوير القوات وتغيير مواقعها، ضمن القوات المشتركة، وضمان أن تعمل القوات المسلحة السودانية على إخراج عناصر الميليشيات السابقين من صفوف القوات المشتركة وأن يحل مكانهم جنود القوات المسلحة ممن لا سجل لديهم بارتكاب الإساءات.
  • على السلطات المعنية من وزارة الشؤون القانونية بجنوب السودان والتنمية الدستورية والقضاء في جنوب السودان، أن تحقق فوراً وتقاضي من تراه مستحقاً للتقاضي، فيما يخص الانتهاكات المفترض وقوعها لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، والتي تم ارتكابها من قبل الجنود والمدنيين المسلحين.
  • على مجلس الدفاع المشترك أن يوجه قادة القوات المشتركة إلى التعاون الكامل مع السلطات في وزارة الشؤون القانونية والتنمية الدستورية والقضاء في جنوب السودان، لضمان المساءلة عن الجرائم المُرتكبة.
  • على حكومة الوحدة الوطنية والحكومات المانحة وبعثة الأمم المتحدة في السودان، أن تدعم فوراً القوات المشتركة في مالاكال على مسار تنفيذ التوصيات الخاصة بتدوير القوات وتغيير مواقعها، بمنحها المساعدات المادية والتقنية.

ونقدر لكم إخبارنا بالخطوات المُتخذة لتنفيذ هذه التوصيات.

مع بالغ التقدير والاحترام،

جورجيت غانيون
مديرة قسم أفريقيا
هيومن رايتس ووتش

نسخة إلى:

رئيس مجلس الدفاع المشترك والقوات المشتركة
وزارة التنمية القانونية والدستورية، جنوب السودان
السلطة القضائية بجنوب السودان
الممثل الخاص للأمين العام، بعثة الأمم المتحدة في السودان
رئيس لجنة التقييم والتقدير

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة