أحلام مزعجة
استغلال العمال المهاجرين وانتهاك حقوقهم في السعودية
Saudi Arabia
السعودية
البيان الصحفي
السعودية: انتهاك حقوق العمال الأجانب

المحتويات
  • ملخص
  • استغلال العمال
  • العاملات المهاجرات
  • انتهاكات حقوق الإنسان في إطار نظام القضاء الجنائي.
  • المنهج
  • توصيات أساسية

  • ملخص

    لخص أحد العمال المهاجرين من الفلبين تجربته في المملكة العربية السعودية بقوله "إنها كانت حلما مزعجا". وقال لنا عامل آخر من بنغلاديش "كنت في ليالٍ كثيرة أنام على قارعة الطريق، وكانت تمر علي أيام كثيرة دون أن أذوق الطعام. كانت حياة مؤلمة، لا أعرف كيف أصفها". ولم يسع امرأة قروية من الهند، كان ابنها قد أعدم بعد محاكمة سرية، إلا أن تقول ""لم نعد نذرف الدمع، فقد جفت الدموع"، ثم تركت زوجها يحكي لنا عن ابنهما الذي سجن وأعدم في جدة.

    ولا مراء في أن العديد من الأجانب العاملين في المملكة في وظائف تتراوح بين أحقرها وأكثرها مهارة قد عادوا إلى ديارهم دون شكوى. أما الرجال والنساء الذين كابدوا ظروف عمل متردية واستغلالية، فضلاً عن العنف الجنسي وانتهاكات حقوق الإنسان في إطار نظام القضاء الجنائي، فتمثل المملكة العربية السعودية لهم كابوسا شخصيا.

    في عام 1962 كان العاهل السعودي آنذاك الملك فيصل بن عبد العزيز قد ألغى الرق في السعودية بمرسوم ملكي. ولكن على مدى أربعين عاما تلت ظل العمال المهاجرون الذين يعملون في المجتمع الذي يفترض أنه أصبح مجتمعا عصريا في المملكة يعانون من أشد صور الاستغلال العمالي التي تصل أحيانا إلى ظروف مشابهة لظروف حياة الرقيق. ومما يزيد من تعقيد حياة هؤلاء العمال وجود تمييز جنسي وديني وعنصري ضارب بجذوره في السعودية، الأمر الذي يرسي الأساس لظهور سياسات عامة ولوائح حكومية منحازة ووممارسات مخجلة من جانب أصحاب الشركات الخاصة، وإجراءات قانونية جائرة تفضي إلى صدور أحكام الإعدام. وجدير بالذكر أن الغالبية الساحقة من الرجال والنساء الذين يرزحون تحت هذه الظروف في المملكة العربيةالسعودية هم عمال يتقاضون أجورا زهيدة من البلدان الإفريقية والآسيوية وبلدان الشرق الأوسط.
    ويكشف هذا التقرير عن مآسي بعض هؤلاء العمال.
    ويستند التقرير إلى معلومات تم جمعها من العمال المهاجرين وأسرهم الذين يقيمون في بيوت مبنية بالطوب اللبن على الطرق الترابية في المناطق الزراعية الاستوائية في جنوب غرب الهند، وفي شقق واقعة في الأحياء المكتظة بالسكان في العاصمة الفلبينية مانيلا، وفي البيوت البسيطة في قرى بنغلاديش. ويتضمن الضحايا عمالا مهرة وآخرين غير مهرة، ومسلمين وهندوساً ومسيحيين، وشباباً خرجوا من أوطانهم لأول مرة، ورجالاً متزوجين ونساء غير متزوجات ومطلقات يعلن أطفالاً.

    وكان هؤلاء العمال يعملون في المملكة العربية السعودية في توصيل منتجات الألبان وتنظيف المستشفيات الحكومية، وإصلاح مواسير المياه، وجمع القمامة، وصب الخرسانة. وكان بعضهم يعمل في المخابز والمطاعم، وآخرون في الجزارة والحلاقة والنجارة والسباكة. أما النساء المهاجرات فكن يعملن في النظافة والطهو ورعاية الأطفال وصالونات التجميل وحياكة الملابس. ولما كان هؤلاء الرجال والنساء أصلا من العاطلين عن العمل أو يعملون بأجور متدنية في بلدانهم الأصلية، ومن بينهم الكثيرون الفقراء، فخرجوا من بلادهم لا يبتغون شيئاً سوى فرصة لكسب الرزق وتحسين أوضاعهم الاقتصادية وأوضاع عائلاتهم.

    ويعتبر هذا التقرير أول دراسة شاملة لانتهاكات حقوق الإنسان العديدة التي يتعرض لها العمال الأجانب في المملكة العربية السعودية؛ وتُعدُّ أصوات المهاجرين بمثابة نافذة على بلد مازال حكامه غير المنتخبين، الذين يتداولون السلطة بالوراثة، يؤثرون السرية على الشفافية على حساب العدل. وتوضح الروايات التي يسردها هذا التقرير سبب عودة الكثيرين من العمال المهاجرين، بما في ذلك المسلمون، إلى بلدانهم الأصلية، وهم في شدة الألم والاستياء من عدم المساواة ومن الإجراءات القضائية المجحفة في المملكة. ومن المهم أن نشير إلى أن هذا التقرير يمثل إدانة للإجحاف والتجرد من أي وازع أخلاقي من جانب أصحاب الأعمال الخاصة والكفلاء، فضلاً عن السلطات السعودية، بما فيها محققو وزارة الداخلية والقضاة الشرعيون، الذين لا يبدون أي احترام لسيادة القانون والكرامة الإنسانية الأصيلة للبشر رجالا ونساء، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الديانة.

    وتتعلق بعض أهم نتائج التقرير وأدعاها للانزعاج والقلق بإساءة معاملة العاملات المهاجرات، سواء في أماكن العمل أو في السجون السعودية. كما يلقي التقرير نظرة فاحصة على سير القضاء الجنائي السعودي من خلال أعين العمال المهاجرين أصحاب التجارب المباشرة في مكابدة المثالب الخطيرة لهذا النظام. ويلاحظ أن أسر وأصدقاء المهاجرين الذين أعدموا بضرب أعناقهم بموجب أحكام قضائية هم الذين يحكون كيف حجبت السلطات السعودية المعلومات عنهم وعن مسؤولي قنصلياتهم حتى بعد تنفيذ الإعدام في ذويهم. كما أن جثث هؤلاء الضحايا لم ترد إلى أسرهم التي لا زالت حتى الآن لا تعرف شيئا عما حدث لها.