Skip to main content

العراق

أحداث عام 2008

لا تزال أوضاع حقوق الإنسان في العراق سيئة للغاية. فالمكاسب الأمنية في عام 2008 لم تكن كافية لتخفف حدّة أزمة التشرّد في العراق، فهنالك حوالي 2.8 مليون عراقي مشرّد داخل البلاد ونحو 2 مليون في الخارج، بشكل أساسي في سوريا والأردن.

ولا تزال الحكومة تقوم على قاعدة سياسية وعرقية طائفية ضيقة، على الرغم من التوافق، فقد عادت الكتلة السنية إلى رتبها في يوليو/تموز بعد مقاطعة دامت عاماً. وكان من المفترض أن تدرج الحكومة ضمن قواتها الرسمية حوالي 100000 غالبيتهم من القوات السنية شبه العسكرية التي اعتمدت عليها القوات الأميريكية لتوفير الأمن داخلياً، ولكن المسئولين الحكوميين تنازعوا على أعدادهم، وهددوا باعتقال بعض الزعماء، ملقين ظلالا من الشك حول الخطة.

 

وجاهدت مراكز الاحتجاز التي تديرها الحكومة لاستيعاب أكثر من 24000 معتقلا، كما فاقم التأخر في المراجعة القضائية للحالات من هذا الازدحام. وقال الجيش الأميركي في أكتوبر/تشرين الأول بأن أعداد المحتجزين قد انخفضت إلى نحو 17000  شخص من ذروة وصلت حوالي 26000 في أواخر عام 2007. بعض المعتقلين قضوا سنوات في السجن دون تهمة أو محاكمة.

 


وفي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2008، أخذ البرلمان العراقي يستعد للتصويت على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة التي تحكم وجود القوات الأجنبية فيه عند انتهاء ولاية مجلس الأمن للقوة متعددة الجنسيات في نهاية عام 2008.

 

التطورات السياسية

 

 قصد من مشروع القانون الذي أقرّ من البرلمان العراقي في  فبراير/شباط تحسين إجراءات فحص أعضاء حزب البعث السابقين. ولا يزال القانون الجديد يركز على الانتماء لمجموعة وليس على المسؤولية الفردية حول الانتهاكات السابقة. وقد تمّ تمرير قانون عفو الذي هدف في جانب منه في نفس الوقت لتخفيف الاكتظاظ في مراكز الاحتجاز، ولكن لم يكن له سوى  تأثير محدود على أعداد المحتجزين. وفي سبتمبر/أيلول، أقرّ البرلمان التشريعات اللازمة لإجراء انتخابات في المحافظات التي ُينظر إليها على أنها حاسمة لتصحيح مقاطعة الانتخابات عام 2005 من جانب السنّة والشيعة الموالين لمقتدى الصدر، غير أنه أرجأ اتخاذ قرار بشأن الانتخابات في كركوك المنقسمة عرقيا.

 

العمليات العسكرية للقوة متعددة الجنسيات والحكومة العراقية

 

استمرت العمليات العسكرية للقوة متعددة الجنسيات ضدّ المتمردين في جميع أنحاء البلاد، واستمرت كذلك في إلحاق خسائر في صفوف المدنيين. على سبيل المثال، في 19 سبتمبر/أيلول، قتلت القوات الأميركية، مدعومة بهجمات جوية، سبعة عراقيين شمال بغداد. وقد قالت القوة متعددة الجنسيات إنها استهدفت صانع قنابل في تنظيم القاعدة، ولكن مسئولين محليين قالوا إن القتلى كانوا أفراد أسرة بغدادية مشرّدة.

 

وقد شنّ الجيش العراقي هجمات على المتمردين وقوات الميليشيات في أجزاء مختلفة من البلاد. بدأت الحكومة عمليات عسكرية مع القوات الأمريكية ضدّ الموالين لمقتدى الصدر في البصرة وبغداد في أبريل/نيسان ومايو/أيار على التتابع. وقتل في عمليات أبريل/نيسان التي تركّزت في مدينة الصدر ببغداد ما لا يقل عن 595 شخصا، نصفهم تقريبا من المدنيين، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.

 

الهجمات على المدنيين والتشرد

 

ظل المدنيون هدفا للهجمات من جانب الجماعات المسلحة من الشيعة والسنّة في أنحاء البلاد، على الرغم من أن عدد هذه الهجمات تراجع بعد الهجوم الأميركي العراقي في عام 2007. في فبراير/شباط 2008 مدّد مقتدى الصدر تجميد نشاطات ميليشيا جيش المهدي التابعة له. وعزى الكثير من العراقيين انخفاض مستوى العنف في العراق لوقف الميليشيات المسلحة في 2007 في أعقاب اشتباكات دامية مع القوى الشيعية المتنافسة.

 

وفي بغداد أدّى تفجيران في منطقة تجارية مزدحمة في 7  مارس/آذار 2008 إلى  مقتل ما يصل إلى 71 شخصا. وفي 18 يونيو/حزيران في انفجار شاحنة ملغومة في حي شُرّد منه السنّة من قبل الميليشيات الشيعية قتل ما يصل إلى 63 شخصا. وتسببت انتحارية استهدفت الحجاج الشيعة في مقتل ما لا يقل عن 32 شخصا يوم 28 يوليو/تموز. كما وخلّفت موجتان من الهجمات قبل وخلال عطلة عيد الفطر في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 48 قتيلا على الأقل. وانفجرت سيارة ملغومة في الدجيل، شمال بغداد، وقتلت ما يصل إلى 32 شخصا في 12 سبتمبر/أيلول. امرأة انتحارية ثانية تسببت في 28 يوليو/تموز في كركوك بمقتل نحو 25  شخصا خلال احتجاج كردي على قانون الانتخابات في المحافظات.

 

استمرّ التشريد باستمرار العنف الطائفي، ولكن الضغوط الاقتصادية والصعوبات في الحفاظ على الوضع القانوني في كلّ من سوريا، والأردن ومصر حملت  بعض اللاجئين على العودة. كما وأعلنت الحكومة العراقية دوريا عن حوافز مالية للعائدين. (للإطلاع على وضع أكبر عدد من اللاجئين العراقيين، والفلسطينيين الفارّين من العراق والعالقين على الحدود السورية، أنظر الفصل الخاص بسوريا). وفي بغداد، نادرا ما تمكّن العائدون من استعادة منازلهم السابقة، على الرغم من أن الحملة التي قامت بها قوات الأمن لطرد المستقطنين من المنازل التي شغلوها هدفت إلى تمهيد الطريق للعودة. في بغداد وأماكن أخرى، هدّدت أوامر إخلاء مستقطني الممتلكات العامة بمضاعفة التشرّد.

 

في أغسطس/آب، أفاد مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين بأن فقط 10000  من الـ 30000 عراقي الذين تمّ إحالتهم إلى التوطين في الولايات المتحدة منذ مطلع عام 2007 قد غادروا، على الرغم من تسارع الوتيرة في منتصف عام 2008. في سبتمبر/أيلول قالت وزارة الخارجية الأميركية أنها قد وصلت إلى هدفها المتمثل في قبول 12000 لاجئ في السنة المالية 2008 (من 1600 في عام 2007)، ووضعت هدفا باستيعاب 17000 قبولا في السنة المالية 2009. ووعد الاتحاد الأوروبي لأول مرة أيضا باستيعاب مزيد من اللاجئين العراقيين.

 

الاحتجاز والتعذيب من قبل القوات العراقية

 

يتواصل ورود التقارير عن انتشار التعذيب وغيره من الانتهاكات ضد المعتقلين في مراكز الاحتجاز التي تديرها وزارتا الدفاع والداخلية والشرطة. وروى المعتقلون الذين أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات معهم في المحكمة الجنائية المركزية العراقية في  مايو/أيار الإساءة التي تلقوها من جانب أفراد الشرطة والعسكريين أثناء الاحتجاز الأولي.  وكانت قد أبلغت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في تقرير سابق عن ادعاءات واسعة النطاق حول سوء المعاملة في الاحتجاز السابق للمحاكمة. وصدّق مجلس الرئاسة في العراق في آب/ أغسطس على موافقة البرلمان على العراق ليصبح طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

 

 

بلغ عدد المعتقلين في عهدة الحكومة العراقية (باستثناء المنطقة الكردية الشمالية) ما يقرب من 24000 في أغسطس/آب، وفقا لمسؤول في وزارة حقوق الإنسان. وأفادت السلطات القضائية أنه في أب/ أغسطس تم الموافقة على أكثر من 100000 طلب عفو. ولكن اعتبارا من سبتمبر/أيلول، قدّر الدبلوماسيون المتتبعون لتنفيذ العفو بأن الإصدارات بلغت فقط 5000-8000 بينما أعطت التقديرات من المسئولين العراقيين في أكتوبر/تشرين الأول رقما أدنى من ذلك. أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في أغسطس/آب عن بعض التخفيف في الاكتظاظ في مرفق احتجاز الأحداث ((al-Tobchi juvenile، وهو المكان الذي أبلغ المعتقلون بعثة الأمم المتحدة عن حدوث الاعتداء الجنسي فيه عام 2007، بعد إطلاق سراح مئات المعتقلين بموجب العفو.

 

احتجاز القوة متعددة الجنسيات

 

اعتبارا من مطلع أكتوبر:/تشرين الأول 2008 قال الجيش الأميركي بأنه كان يحتجز حوالي 17000 معتقل في العراق، وفي الشهر السابق قال إنه أطلق سراح ما يقرب من 13000 منذ بداية عام 2008. واقتصر استعراض القضايا على جلسات الاستماع التي جاءت متخلّفة عن معايير المحاكمة العادلة المعترف بها دوليا. وقدر مسئولون في القوة متعددة الجنسيات في مايو/أيار أن ما لا يزيد عن عشرة معتقلين يحالون إلى المحاكم العراقية للدعوى الجنائية. وفي يونيو/حزيران، أصدرت المحكمة العليا الأميركية قرارا مخيبا للآمال بشأن اثنين من المواطنين الأميركيين، شوقي عمر ومحمد مناف، الذين تحتجزهما الولايات المتحدة في العراق. في حين أيدت المحكمة اختصاص المحكمة الاتّحادية في حالات الرجال، إلا أنها لم تُصغ كثيرا لادّعاءات الرجال الموضوعية بأنهم سيتعرضون للتعذيب في حال سلّموا للسلطات العراقية، مشيرة إلى أن مثل هذه التقييمات متروكة للفروع السياسية التابعة للحكومة.

 

انخفض عدد الأطفال الموجودين في عهدة القوات متعددة الجنسيات خلال عام 2008  من مما يقرب من 900 في ديسمبر/كانون الأول 2007 إلى ما يقرب من 170 اعتبارا من منتصف سبتمبر/أيلول 2008. ويبدو أن الانخفاض الحادّ يعكس سرعة إجراء معاملات القوة متعددة الجنسيات لحالات الأطفال، والنقل إلى الحضانة العراقية لمحاكمتهم، والتحوّل من الاعتقالات من قبل القوة متعددة الجنسيات إلى عمليات الاعتقال من قبل القوات العراقية. الأحداث المحتجزون تحت حراسة القوة متعددة الجنسيات ما زالوا يفتقرون إلى الحصول على مشورة قانونية مستقلة للطعن في احتجازهم.

 

المحاسبة عن الجرائم السابقة

 

في مايو/أيار بدأت المحكمة العراقية العليا بمحاكمة وزير الخارجية السابق ونائب رئيس الوزراء طارق عزيز، إلى جانب سبعة متهمين آخرين من الحكومة السابقة لإعدام التّجار المتهمين بالتربح بينما كان العراق تحت العقوبات في عام 1992. المحاكمات السابقة في المحكمة العراقية العليا، بما في ذلك محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، شابها الفشل لعدم كشف أدلة رئيسة، وتقويض استقلالية وحياد المحكمة وانتهاك حق المتهمين في مواجهة الشهود.

 

العنف ضد المرأة

 

لا يزال العنف ضد النساء والفتيات في العراق يمثل مشكلة خطيرة، مع وجود أعضاء من الجماعات المسلحة والميليشيات والجنود ورجال الشرطة من بين مرتكبي الجرائم. حتى في القضايا البارزة التي تنطوي على قوات الشرطة أو الأمن، فإن المحاكمات نادرة. كما وتستهدف الجماعات المسلحة العاملة في البصرة وبغداد أهدافا من النساء السياسيات، وموظفات الخدمة المدنية، والصحفيات والناشطات في مجال حقوق المرأة. كما أنهم هاجموا النساء في الشوارع لما يعتبرونه "غير أخلاقي" أو "غير إسلامي" بما فيه عدم ارتداء الحجاب. وتبقي مخاطر هذه الهجمات العديد من النساء العراقيات في البيت. ولا يزال القتل على خلفية "الشرف" من قبل أفراد الأسرة يشكل تهديدا سائدا للنساء والفتيات في العراق. ففي حين تم تسجيل العشرات من الحالات، في عام 2008، فحالات قليلة هي التي تم إدانتها.

 

الأشخاص المثليون والمثليات وأصحاب التفضيل الجنسي المزدوج والمتحولون جنسيا هم أيضا عرضة للهجمات من جانب أطراف في الدولة وغيرها.

 

الفاعلون الدوليون الأساسيون

 

اعتبارا من سبتمبر/أيلول 2008، وصل عدد جنود الولايات المتحدة ما يقارب 146000 جندي في العراق (انخفض العدد من 160000-170000 في ذروة عام 2007). وكان للمملكة المتحدة، الدولة الوحيدة الثانية من البلاد ذات عدد كبير من العاملين في العراق، ما يقرب من 4000. معظم البلدان الأخرى التي لديها قوات في العراق من المتوقع أن تنسحب منها قواتها قبل انقضاء ولاية القوة متعددة الجنسيات في ديسمبر/كانون الأول 2008.

 

وافقت حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في نوفمبر/تشرين الثاني على الاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة المترتب عليه انسحاب جميع القوات الأمريكية بحلول بداية عام 2012. وأشارت مسودات الاتفاق إلى أن العراق والولايات المتحدة سوف يحددا فيما إذا كانت الولاية القضائية العراقية يمكن أن تنطبق في الحالات التي تكون فيها القوات الأميركية متهمة بارتكاب جرائم في الوقت المحدد خارج المنشآت العسكرية.

 

في أغسطس/آب، وافق مجلس الأمن الدولي على تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق لمدة سنة واحدة. ويقوم مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة بمراقبة، والإبلاغ عن ومتابعة انتهاكات حقوق الإنسان كجزء من خطة تهدف إلى وضع آليات لمعالجة التجاوزات السابقة والحالية.