على النقيض من دول أخرى في الخليج، لم تواجه قطر اضطرابات داخلية كبيرة. لكن مناخ حقوق الإنسان ما زال ينطوي على إشكاليات، تحديداً ما يتعلق بالعمال الوافدين في قطر الذين يتزايد عددهم. يستمر المهاجرون في التعرض لانتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية، ومنها العمل الجبري والقيود التعسفية على الحق في مغادرة قطر، التي تفرض عليهم ظروفاً استغلالية وانتهاكات من قبل أصحاب عملهم. تدهور سجل قطر السيئ في حرية التعبير مع إعلان مشروع قانون الجرائم المعلوماتية.
حقوق العمال الوافدون
تقوم قطر بتحديث بنيتها التحتية تحضيراً لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، لكن السلطات لم تنفذ بعد إصلاحات مطلوبة تكفل للعمال الوافدين ما يكفي من تدابير حماية في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، ومنها العمل الجبري والإتجار بالبشر.
طبقاً لإحصاءات 2013 الرسمية، فإن تعداد قطر يبلغ 2 مليون نسمة، منهم 10 في المائة فقط مواطنين قطريين. عدد المواطنين الأجانب الناشطين اقتصادياً في قطر زاد بواقع 122000 شخص، أي حوالي 10 في المائة، في الشهور الـ 12 من أبريل/نيسان 2012 وحتى أبريل/نيسان 2013، ومن المتوقع أن يزيد العدد استجابة للطلب المتزايد في قطاع الإنشاءات القطري.
القانون القطري رقم 14 لعام 2004 الذي ينظم العمل في القطاع الخاص يضع حداً أقصى لساعات العمل ويطالب بحصول العمال على إجازات سنوية مدفوعة الأجر، ويفرض متطلبات تخص الصحة والسلامة ويطالب بحصول العمال على أجورهم في مواقيت تحصيل الأجر شهرياً. لكن السلطات تخفق في تطبيق هذه التدابير وقوانين أخرى تهدف إلى حماية حقوق العمال.
بشكل عام يضطر العمال إلى دفع رسوم استقدام كبيرة ويصادر أصحاب العمل في العموم جوازات سفرهم لدى وصولهم إلى قطر. نظام الكفيل يربط الإقامة القانونية للعامل الوافد بصاحب عمله أو كفيله. وتنتشر شكوى العمال الوافدين من إخفاق أصحاب العمل في سداد أجورهم لهم في مواقيتها، إن سددوها من الأساس، لكن ممنوع على العمال تغيير الوظائف دون موافقة الكفيل صاحب العمل إلا في حالات استثنائية وبموجب موافقة صريحة من وزارة الداخلية. ومما يضيف إلى عرضة العمال للضرر أن عليهم استصدار تأشيرة خروج من الكفيل من أجل مغادرة قطر. محظور على العمال الوافدين العمل النقابي أو المشاركة في إضرابات، رغم أنهم يشكلون 99 في المائة من قوة عمل القطاع الخاص.
يعيش العديد من العمال الوافدين في ظروف تنطوي على الازدحام وعدم النظافة، لا سيما العمال غير الحائزين على أوراق إقامة وعمل قانونية.
يمكن أن يفقد العمال توثيقهم القانوني إذا أبلغ أصحاب العمل عن تركهم للعمل، أو عندما لا يدفع أصحاب العمل رسوم تجديد بطاقات هوية العمال السنوية. عدم توفر الأوراق القانونية يخلف العمال في خطر الاعتقال والاحتجاز أو الترحيل. كما يتركهم عرضة لمزيد من الاستغلال العمالي. نادراً – إن حدث – ما تقوم السلطات برفع قضايا ضد أصحاب العمل الذين يخالفون قوانين العمل ومكافحة الإتجار القطرية.
في مايو/أيار 2013 أعلنت مؤسسة قطر – وهي منظمة شبه حكومية تشارك بقوة في التنمية العقارية – عن مدونة سلوك لظروف العمال، تطالب المقاولين والمقاولين من الباطن في المشروعات القطرية باحترام هذه المدونة. وهناك منظمة شبه حكومية أخرى هي اللجنة العليا 2022 تخطط لفعل المثل في مشروعات على صلة بكأس العالم. مدونات السلوك هذه إذا تم تطبيقها بالشكل الصحيح، سوف تحسن ظروف العمال في بعض المشروعات وربما تصل بهم إلى الحد الأدنى الدولي لمعايير حقوق العمال. لكن ليست هذه المدونات بالبديل الكافي لتنظيم الدولة ولن تحسن من ظروف عمل أغلب العمال الوافدين متدني الرواتب في قطر، بما أن هذه المشروعات المشمولة بها المدونات المذكورة لا تشكل إلا قلة من المشروعات القائمة في قطر.
عمال المنازل الوافدون، وكلهم تقريباً من السيدات، عرضة للخطر بشكل خاص. بالإضافة إلى المشاكل التي يتعرض لها العمال الوافدون جميعاً، فهم عرضة للإساءات الشفهية والبدنية والجنسية في بعض الحالات. بعض العاملات ليس مسموحاً لهن بالحديث إلى غرباء وهن محبوسات في البيوت التي يعملن بها. الكثيرات منهن لا يتلقين إجازة اسبوعية. وليست مكفولة لهن أية حماية بموجب قانون العمل القطري، الذي يمكن أن يوفر لهن أيام راحة أسبوعية ويضع حداً أقصى على ساعات العمل، بالإضافة إلى تدابير أخرى. العقد الإقليمي الموحد للعمال المنزليين، المتوقع أن تصدر الموافقة عليه في عام 2014، لا يكفل معايير الحد الأدنى التي تم ذكرها في اتفاقية العمال المنزليين الصادرة مؤخراً عن منظمة العمل الدولية.
حرية التنقل
هناك عدد من المهنيين الأجانب يعملون في قطر اشتكوا من عدم قدرتهم على الخروج من البلاد بسبب إخفاق أصحاب عملهم في إصدار تأشيرات خروج لهم، أو رفضهم لذلك.
القانون رقم 4 لعام 2009 الذي ينظم الكفالة والعمل والإقامة للعمال الأجانب، يطالبهم باستصدار تصاريح إقامة وتصاريح خروج لدى رغبتهم في مغادرة البلاد. بموجب نظام الكفالة فهذه التصاريح يوفرها "كفيل الإقامة" الذي يمكنه فعلياً منع من يكفلهم من مغادرة قطر.
لا يتطلب القانون تبرير كفلاء الإقامة عدم توفيرهم تصاريح الإقامة للعاملين لديهم، بل يضع العبء على العمال الأجانب، أن يجدوا مواطناً قطرياً آخر على استعداد لكفالة تصريح الخروج. البديل أنه يتعين على الوافدين نشر إخطار في صحيفتين يوميتين ثم توفير شهادة بعد 15 يوماً بأن ليس عليهم مطالبات قانونية. لا يمكن تبرير متطلبات تأشيرة الخروج من واقع كونها تمنع فرار الأجانب من قضايا المحاكم في قطر، بما أن وزارة الداخلية لديها سلطات منفصلة بفرض حظر سفر على غير المواطنين الذين يواجهون اتهامات جنائية أو قضايا مدنية في محاكم قطرية.
كما أن ثمة بواعث قلق إزاء النهج التعسفي الذي تلجأ إليه قطر في فرض حظر سفر لأجل غير مسمى ضد أفراد متهمين في مخالفات جنائية أو مدنية من قبل أصحاب عملهم.
مطلب تأشيرة الخروج واستخدام السلطات لحظر السفر تعسفاً يعني أن أصحاب العمل القطريون يمكنهم منع عمالهم الأجانب من ترك قطر لأجل غير مسمى، وهي سلطة قد يستخدمونها في ممارسة الإكراه على الموظفين الأجانب الذين يدخلون معهم في منازعات. من بين العمال الأجانب الذين يحصلون على أجور عالية وكانوا عالقين في قطر خلا عام 2013 لاعب كرة القدم الفرنسي زاهر بلونيس، وثلاثة موظفين سابقين آخرين في قناة الجزيرة للأطفال.
حرية التعبير
في فبراير/شباط خففت محكمة استئناف حكم السجن المؤبد الصادر على الشاعر محمد بن ذيب العجمي – قطري الجنسية – إلى السجن 15 عاماً، وقد صدر الحكم الأول في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 من قبل محكمة في الدوحة. أدانته المحكمة بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم بعد أن ألقى قصائد تنتقد أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. في يونيو/حزيران 2013 تنازل الأمير عن عرشه وسلم الحكم لابنه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
في مايو/أيار وافقت الحكومة القطرية على مشروع قانون للجرائم المعلوماتية، لكن ما زال من غير الواضح متى يتم تفعيله. لم تشاور السلطات مركز الدوحة للإعلام الذي تموله الدولة، ودوره تعزيز حرية الإعلام في قطر، أثناء تحضير مسودة القانون، ولم تكشف عن محتوياته كاملة.
لكن طبقاً لإعلام الدولة فإن القانون يعاقب أي شخص يمس المبادئ أو القيم الاجتماعية أو ينشر أخباراً أو صوراً أو مقاطع إذاعية أو مرئية على صلة بحرمة الحياة الخاصة للأفراد، حتى لو كان ما تم بثه حقيقي، أو تمس الآخرين أو تشهر بهم عن طريق الإنترنت أو وسائل تقنية معلومات أخرى. وإلى الآن لم تفعل السلطات مسودة قانون الإعلام لعام 2012 المنطوية على إشكاليات، والتي تعرض الصحفيين في قطر لعقوبات مالية كبيرة إذا انتقدوا أية دولة من دول مجلس التعاون الخليجي.
أحكام قانون العقوبات القطري لا تستقيم مع المعايير الدولية لحرية التعبير. المادة 134 على سبيل المثال تفرض عقوبة بالسجن بحد أقصى 5 سنوات على أي شخص يُدان بانتقاد الأمير أو نائبه.
حقوق المرأة
أحكام قانون رقم 22 لسنة 2006 – أول قانون قطري يتصدى للأحوال الشخصية وشؤون الأسرة – تميز ضد السيدات. نصت المادة 36 على ضرورة أن يشهد رجلان على عقد الزواج، الذي يتممه وصي المرأة. المادة 57 تحول دون إضرار الزوج بزوجه بدنياً أو نفسياً، لكن المادة 58 نصت على أن مسؤولية الزوجة رعاية البيت وطاعة زوجها. ليس الاغتصاب الزوجي جريمة.