في 2011 تدهورت أوضاع حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة من خلال قمع السلطات للمعارضة السلمية، واعتقال النشطاء، وحل المجالس المنتخبة لمنظمات المجتمع المدني، وحظر التظاهر السلمي. ورغم التقدم الطفيف الحاصل في مواجهة انتهاك حقوق العمال المهاجرين في جزيرة السعديات، وهي منطقة تشهد أعمال بناء وتطوير على أعلى مستوى، فلا تزال هذه المشكلة مصدر قلق حقيقي.
حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير
يواجه المدافعون عن حقوق الإنسان ومنتقدو الحكومة التضييق، والسجن، والمحاكمات الجنائية. ويجرّم القانون الجنائي الإماراتي التعبير عن الرأي من خلال فرض قيود صارمة على محتوى ما يمكن أن يعبر عنه أي شخص، ويُسمح للحكومة بمقاضاة الأشخاص بسبب الآراء التي تنتقدها، وهو ما يعتبر انتهاكًا للمعايير الدولية.
في أبريل/نيسان، قامت قوات الأمن باعتقال أحمد منصور، مدون بارز وعضو في اللجنة الاستشارية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. كما قامت السلطات بحبسه انفراديًا لمدة سبعة أيام ومنعت اتصاله بمحاميه وعائلته. وجاء اعتقال أحمد منصور عقب حملة من المضايقات شنتها السلطات عليه وعلى نشطاء آخرين بعد أن قاموا، صحبة عشرات المواطنين الإماراتيين، بالتوقيع على عريضة في مارس/آذار للمطالبة بإصلاحات دستورية وبرلمانية. وقبل اعتقاله، تعرض أحمد منصور للتهديد بالقتل ست مرات وواجه حملة شرسة على الإنترنت.
وفي أبريل/نيسان أيضًا، اعتقلت قوات الأمن ناصر بن غيث، وهو أستاذ محاضر في علم الاقتصاد في فرع جامعة السوربون الفرنسية في أبوظبي. وكان ناصر بن غيث قد انتقد فشل الحكومة في القيام بإصلاحات جوهرية. كما قامت السلطات باعتقال ثلاثة أشخاص آخرين، فهد سالم الدلك، وحسن علي الخميس، وأحمد عبدالخالق، وهم جميعًا من نشطاء الإنترنت. ووجهت الحكومة إلى النشطاء الثلاثة تهمًا عملا بالمادة 176 من القانون الجنائي التي تجرّم الإساءة العلنية لمسؤولي الدولة. كما وجهت السلطات لأحمد منصور تهمة إضافية تتمثل في تحريض الآخرين على انتهاك القوانين من خلال الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات والتظاهر.
وقالت المحكمة العليا إنها سوف تنطق بالحكم يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني. ورغم أن المحاكمة استغرقت وقتًا طويلا وجرت وراء أبوابًا موصدة، فإنه لا يمكن للمتهم استئناف الحكم.
وشدّدت السلطات الإماراتية من قبضتها على حرية التعبير من خلال حل المجالس المنتخبة لإدارات جمعية الحقوقيين وجمعية المعلمين بعد أن وقعت هاتين الجمعيتين صحبة منظمتين أخريين من المجتمع المدني على وثيقة عامة خلال شهر أبريل/نيسان تدعو إلى مزيد من الديمقراطية في البلاد. وأصدرت مريم محمد خلفان الرومي، وزيرة الشؤون الاجتماعية، مرسومًا يقضي باستبدال مجلسي الإدارة بأشخاص من تعيين الدولة.
واستنادًا إلى هذا المرسوم، فإن الجمعيتين انتهكتا المادة 16 من قانون الجمعيات الإماراتي لسنة 2008 والذي يمنع أعضاء المنظمات غير الحكومية من التدخل "في السياسة أو أمور تمس بأمن الدولة أو نظامها الحاكم". ويفرض القانون الخاص بالجمعيات مراقبة شديدة على المنظمات غير الحكومية العاملة في الإمارات.
في 24 سبتمبر/أيلول، نظمت الإمارات العربية المتحدة انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، وهو هيئة استشارية لا تتمتع بأية صلاحيات تشريعية. وقامت السلطات الإماراتية بزيادة عدد الناخبين المؤهلين إلى 129 ألفًا، بعد أن كان العدد لا يتجاوز سبعة آلاف في انتخابات سنة 2006. ويختار الناخبون عشرين نائبًا من أصل 40 داخل المجلس الوطني الاتحادي، بينما يختار حكام الإمارات السبعة النصف الآخر من النواب.
حقوق العمال المهاجرين
استنادًا إلى آخر الإحصائيات، تقدر نسبة الأجانب بـ 85 بالمائة من مجموع السكان في الإمارات، وينتمي جزء منهم إلى فئة فقيرة من العمال المهاجرين. ويمنح قانون كفالة المهاجرين سلطات واسعة لأصحاب العمل على هؤلاء العمال الذين لا يحق لهم الانضمام إلى النقابات أو التفاوض الجماعي، ويواجهون العقوبات إذا دخلوا في إضراب. ولا تشمل حماية العمال التي ينص عليها قانون العمل لسنة 1980 العمال المهاجرين الذين يعملون في المنازل الخاصة. ورغم أن هذا القانون ينص على حدّ أدنى للأجور، فان الدولة لا تعمل على تفعيله.
وتتمثل الانتهاكات التي يتعرض لها العمال المهاجرين في كامل أنحاء البلاد في ظروف العمل غير الآمنة، واحتجاز وثائق سفرهم، والأجور الضعيفة، وعدم دفع الأجور بالرغم من أنه تم تبني نظام الكتروني لدفع الأجور بدأ العمل به سنة 2009.
وفي مايو/أيار، انتحر أثيرمان كانان، من أصل هندي ويعمل كرئيس عمال وعمره 32 سنة، بعد أن ألقى بنفسه من الطابق الـ 147 من برج خليفة، أعلى بناية في العالم. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن أثيرمان كانان ألقى بنفسه بعد أن رفض مشغله منحه تصريح للعودة إلى بلاده. وسبقت حالة انتحار أثيرمان كانان 25 حالة مماثلة لعمال من الهند يعملون في كامل أنحاء البلاد سنة 2011.
وفي يناير/كانون الثاني، دخل أكثر من ثلاثة آلاف عامل في شركة عربتاك في إضراب لمدة أسبوعين للمطالبة بزيادات في الأجور. وكان العمال يتقاضون ما يتراوح بين 650 و800 درهم شهريًا (بين 175 و220 دولار أمريكي). كما زعم بعضهم أنهم لم يتقاضوا أجورًا عن ساعات العمل الإضافية. وقامت السلطات الإماراتية بترحيل 71 مواطنًا من بنغلاديش لمجرد الاشتباه في أنهم قاموا بالدعوة إلى إضراب. واستنادًا إلى الحكومة الإماراتية، فقد شهدت البلاد 34 احتجاجًا عماليًا خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2011، وهو أقل من نصف عدد الاحتجاجات التي شهدتها نفس الفترة من السنة الماضية. وقالت الحكومة إن الاحتجاجات أساسًا مرتبطة بالتأخير في دفع الأجور، وعدم دفع أجور ساعات العمل الإضافية، أو المطالبة بالزيادات في الأجور.
ويُذكر أن سنة 2011 شهدت بعض التحسن في وضعيات العمال المهاجرين، وخاصة العاملين في جزيرة السعديات، وهي منطقة تشهد تطورا ملحوظا وبناء لمشروع ضخم. وفي مارس/آذار، أعلنت جامعة نيويورك أنها سوف تستأجر شركة موت ماكدونالد البريطانية لمراقبة ظروف العمل في المؤسسات الجامعية التابعة لها في أبوظبي وفي مايو/أيار أعلنت شركة أبوظبي للتطوير والاستثمار السياحي، أهم مؤسسة حكومية للتطوير في أبوظبي، عن التعاقد مع شركة ب.و.س الدولية المتخصصة في المراجعة والتدقيق لمراقبة ظروف العمل في جزيرة السعديات. وسوف تقوم الشركتان بنشر تقارير سنوية عن النتائج التي تتوصل إليها. ولكن كل من جامعة نيويورك وشركة أبوظبي للتطوير والاستثمار السياحي لم توفر أية معلومات شاملة حول مرجعية العمل ومنهجية المراقبة التي سوف يعتمدها المراقبون الذين تعاقدوا معهما.
وفي مارس/آذار، أدخلت شركة أبوظبي للتطوير والاستثمار السياحي تعديلات على سياسة عملها من خلال فرض تعويضات تدفعها الشركات المتعاقدة للعمال الذين دفعوا رسومًا متعلقة بتشغيلهم في جزيرة السعديات. وكانت حكومة الإمارات قد تبنت هذه الإجراءات الجديدة للتصدي لاستغلال وسطاء التشغيل الذين يفرضون على العمال الأجانب رسومًا متعلقة بالتشغيل ويمنحونهم عقودًا وهمية. وتمنع الإجراءات الجديدة بشكل صريح وكالات الانتداب الإماراتية من فرض رسوم على تشغيل العمال والوسطاء. وإذا ما ثبت أن أحد العمال قد دفع رسومًا للمتعاملين مع وكالة التشغيل الإماراتية داخل الإمارات أو خارجها، فإن وزارة العمل الإماراتية قد تفرض على الوكالة التعويض للعامل. كما تحمل الإجراءات وكالات التشغيل جزءاً من المسؤولية إذا ما تم انتداب العامل لدى صاحب عمل لا يقوم بدفع أجره، وتمنع تعيين العمال لدى شركات تواجه نزاعات عمالية جماعية. وأصبح مفروضًا على أصحاب العمل إيداع مبلغ مالي لا يقل عن 300 ألف درهم (81 ألف دولار أمريكي) يتم صرف أجور العمال منه إذا لم تقم الشركة بدفع أجورهم. إضافة إلى ذلك، يتوجب على وكالات التشغيل دفع مبلغ ألفي درهم (540 دولار أمريكي) لتأمين كل عامل.
كما تعاني العديد من عاملات المنازل في الإمارات العربية المتحدة من عدم دفع الأجور، والحرمان من الطعام، وساعات العمل الطويلة، وتحديد الإقامة قسراً، والاعتداء البدني والجنسي. وينص العقد النموذجي الخاص بعاملات المنازل الذي تم اعتماده في أبريل/نيسان 2007 على ضرورة تمكين العاملات من "عدد كاف من فترات الاستراحة" دون تحديد عدد ساعات العمل أو يوم العطلة الأسبوعية، وأجر ساعات العمل الإضافية، والتعويض للعاملات.
وفي يونيو/حزيران، صوتت الإمارات العربية المتحدة، صحبة حكومات أخرى، ونقابات، ومنظمات عمالية لتبني معاهدة لمنظمة العمل الدولية توفر حماية أفضل لعاملات المنازل. وتعتبر اتفاقية منظمة العمل الدولية حول العمل اللائق لعاملات المنازل أولى المعايير المتعلقة بعمال المنازل، وتعالج مسألة الحرمان الروتيني من الحماية التي يتمتع بها العمال الآخرون من قبيل أيام الراحة الأسبوعية، وتحديد عدد ساعات العمل والحد الأدنى للأجور.
حقوق المرأة
تفصل الإمارات العربية المتحدة بين قانون الأسرة وقانون الأحوال الشخصية في مسائل مرتبطة بتفسيرات الشريعة الإسلامية دون توفير إمكانية الحصول على مقاضاة وفق القانون المدني. ويفرض القانون تمييزا واضحا ضد المرأة بمنح امتيازات للرجل في مسائل الطلاق، والميراث، وحضانة الأطفال. ويمكن للمرأة الإماراتية الحصول على الطلاق عبر الخُلع، وهو ما يعني فقدانها لحقوقها المالية، ولا يحق لها طلب الطلاق إلا في ظروف استثنائية. وبينما ترث المرأة ثلث الإرث، يتمتع الرجل بالثلثين الآخرين.
كما يبرز التمييز ضد المرأة الإماراتية من خلال السماح للرجل الإماراتي بتعدد الزوجات (إلى حدود أربعة زوجات) والزواج بغير الإماراتيات بينما لا يحق ذلك للمرأة. ولا يمكن للمرأة الإماراتية المتزوجة من أجنبي تمرير جنسيتها إلى أطفالها، بينما يتمتع بهذا الحق الرجل الإماراتي المتزوج من نساء أجنبيات.
ورغم توفر الملاجئ والخطوط الساخنة لحماية المرأة، يبقى العنف الأسري مشكلة كبيرة. ويمنح القانون الجنائي للرجل حق تأديب زوجاته، بما في ذلك باستعمال العنف البدني. وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد أيدت حق الرجل في "تأديب" زوجته وأبنائه جسديًا.
وفي انتخابات سبتمبر/أيلول، شاركت 85 امرأة إماراتية في انتخابات عضوية المجلس الوطني الاتحادي من أصل 450 متنافسًا. وفازت امرأة واحدة في هذه الانتخابات.