Skip to main content

تستمر سياسة العدالة الجنائية الأميركية في إثارة بواعث القلق فيما يتعلق بحقوق الإنسان. وشهد عام 2008 استمرار عمليات الإعدام بعد توقيف لمدة سبعة أشهر، واستمر تزايد تعداد السجناء في الولايات المتحدة، وهو بالفعل أكبر تعداد للسجناء في أي دولة في العالم. وفي عام 2008 أيضاً أكدت هيومن رايتس ووتش قضاء أكثر من 2500 سجين أميركي لأحكام السجن المؤبد دون احتمال لإطلاق سراحهم المشروط جراء جرائم ارتكبوها وهم تحت 18 عاماً، ولا تفرض دولة أخرى في العالم هذه العقوبة على المخالفين الأحداث.

 

وفي تطورات إيجابية، صاغت المحكمة العليا الأميركية قانوناً يحرم محتجزي غوانتانامو من الطعن في قانونية احتجازهم، وقامت وزارة العدل بالملاحقة القضائية لأول مرة بموجب قانون صادر عام 1994 يسمح للمحاكم بمحاكمة المشتبهين بارتكاب التعذيب في الخارج من مواطنين أميركيين أو أي شخص في الولايات المتحدة.

 

عقوبةالإعدام

منذ سبتمبر/أيلول 2007 وحتى مايو/أيار 2008 لم تقع أية عمليات إعدام في الولايات المتحدة، فيما نظرت المحكمة العليا فيما إذا كان الإعدام بالحقن - وهو الأسلوب المستخدم في كل الولايات التي تحكم بالإعدام في الولايات المتخدة - يُعد عقوبة قاسية وغير اعتيادية. وفي أبريل/نيسان حكمت المحكمة في قضية باز ضد ريس بأنها - هذه العقوبة - لا تُعد كذلك، وسرعان ما تم استئناف عمليات الإعدام. وبين مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول 2008 وقعت 30 عملية إعدام، ونصفها في ولاية تكساس.

 

إلا أن المحاكم والمُشرعين مستمرين في تضييق نطاق عقوبة الإعدام. وفي ديسمبر/كانون الأول 2007 ألغت ولاية نيوجيرسي عقوبة الإعدام، لتصبح أول ولاية منذ أكثر من 40 عاماً تتخذ هذا الإجراء. وفي يونيو/حزيران 2008 في قضية كينيدي ضد لويزيانا، حكمت المحكمة العليا الأميركية بأن الإعدام لا يمكن فرضه في أية جريمة بحق شخص آخر لم تسفر عن الموت. وأعلنت المحاكم الأميركية عن إنزال 110 عقوبة إعدام جديدة في عام 2007، وهو أقل عدد منذ إعادة عقوبة الإعدام في عام 1976.

 

وبين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول 2008، تمت تبرئة أربعة مساجين وإلغاء عقوبات الإعدام بحقهم، مما رفع عدد المحكومين بعقوبة الإعدام المفرج عنهم منذ عام 1973 بسبب ظهور أدلة براءة إلى 130 شخصاً.

 

وشهد عام 2008 خطو خطوة إلى الخلف بالنسبة للأشخاص من غير المواطنين المحكوم عليهم بالإعدام دون السماح لهم بالاتصال بسفاراتهم حسب ما تقضي اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية. وفي 5 أغسطس/آب أعدمت ولاية تكساس خوزيه ميديلن رغم قرار من محكمة العدل الدولية يأمر الولايات المتحدة بإعادة النظر في مثل هذه القضايا، ورغم قرار من الرئيس جورج بوش مفاده ضرورة التزام المحاكم بقرار محكمة العدل الدولية.

 

الحُكم بالسجن المؤبد على الأحداث دون إتاحة إطلاق السراح المشروط

في عام 2008 راجعت هيومن رايتس ووتش عدد الأشخاص في الولايات المتحدة المحكوم عليهم بالإعدام دون احتمال إخلاء السبيل المشروط جراء جرائم ارتكبوها تحت 18 عاماً، لتعلن زيادة العدد إلى 2502 شخصاً. كما تحققنا من عدم إمضاء مخالفين أحداث لهذه العقوبة في أي مكان آخر من العالم.

 

وتستمر محاولات وضع حد للسجن المؤبد على الأحداث دون إتاحة إخلاء السبيل المشروط في سياق تشريع إصلاحي ما زال لم يبت فيه الكونغرس ضمن تشريعات ولايات كاليفورنيا وفلوريدا ولويزيانا وميتشغن ونبراسكا. وفي عام 2008 أوصت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري بأن الولايات المتحدة "على ضوء التطبيق غير المتساوي" للعقوبات على الأقليات العرقية، تم وقف استخدامها في جرائم يرتكبها أشخاص تحت سن 18 عاماً ومراجعة أوضاع الأشخاص الذين يمضون هذه العقوبات بالفعل".

 

الاحتجاز

صدر تقرير في يونيو/حزيران 2008 عن مكتب الإحصاءات العدلية في وزارة العدل انتهى إلى أن تعداد المُحتجزين بلغ 2.3 مليون شخص وهو الرقم الأعلى على الإطلاق، أو 762 شخصاً من كل 100 ألف ساكن في الولايات المتحدة. وتستمر الولايات المتحدة في كونها صاحبة أعلى عدد للأشخاص المحتجزين وأعلى معدل لنصيب الفرد من الاحتجاز بالنسبة لإجمالي عدد السكان في العالم.

 

ويقععبء الاحتجاز بصورة غير متساوية على أعضاء الأقليات العرقية والإثنية. والرجال السود المحتجزين يبلغ عددهم ستة أضعاف تعداد الرجال البيض المحتجزين، و10.7 في المائة من كل الرجال السود الذين يتراوح عمرهم بين 30 و34 عاماً مُحتجزون وراء القضبان. وصدر تقرير لـ هيومن رايتس ووتش في عام 2008 بعنوان "استهداف السود" انتهى إلى أن التباينات العرقية أفدح بالنسبة لجرائم المخدرات، مع كون الرجال السود أكثر 12 مرة من الرجال البيض الذين يتم احتجازهم على ذمة الإدانة بجريمة مخدرات، رغم أن معدلات تعاطي المخدرات متساوية بين السود والبيض.

 

وفي مارس/آذار 2008 أبدت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري "القلق إزاء التباينات العرقية المستمرة في نظام العدالة الجنائية... بما في ذلك عدم التناسب في عدد الأشخاص المنتمين للأقليات العرقية والإثنية والقومية ضمن تعداد السجناء" ودعت الولايات المتحدة إلى "اتخاذ كل الخطوات المستطاعة لضمان الحق للجميع في المعاملة المتساوية أمام المحاكم وأمام جميع هيئات النظام العدالة".

 

وواحد من كل خمسة سجناء في الولايات المتحدة محبوس جراء جريمة على صلة بالمخدرات. والكثير من السجناء، خاصة المُدانين بحيازة المخدرات أو جرائم الملكية، لهم تاريخ في الاستخدام والتعاطي والإدمان. وانتشار الأمراض المتصلة بتعاطي المخدرات مثل الإيدز وفيروس الكبد ج منتشرة أكثر بكثير في صفوف السجناء أكثر من السكان العاديين. إلا أن سجون الولايات المتحدة ومراكز الاحتجاز بها ما زالت تقاوم الإجراءات العملية من قبيل توزيع الواقي الذكري أو غير ذلك من السبل التي ثبت قدرتها على تقليل انتشار الإيدز وفيروس الكبد ج، والأمراض المنتقلة جنسياً ومعالجة إدمان المخدرات.

 

وقانون إصلاح تشريعات السجون لعام 1996 قدم مجموعة من المعوقات تواجه السجناء الساعين للانتصاف لحقوقهم في المحكمة. وهذه المعوقات - التي تنطبق على السجناء فقط - نجمت عن قضايا بالزعم بالإساءات الجنسية وغير ذلك من الإصابات الجسيمة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2007 تم عرض قانون على الكونغرس بتعديل أو إلغاء بعض أحكام قانون إصلاح تشريعات السجون.

 

العقوبةالجسدية في المدارس العامة

طبقاً لوزارة التعليم الأميركية فإن أكثر من 200 ألف تلميد في مدارس عامة تلقوا عقاباً جسدياً على الأقل لمرة واحدة أثناء العام المدرسي 2006 - 2007. والعقاب الجسدي - الذي يتخذ عادة هيئة ضربة أو أكثر من ضربة على المؤخرة بعصا خشبية - عقاب قانوني في المدارس العامة في 21 ولاية. وتقرير هيومن رايتس ووتش الصادر عام 2008 بعنوان "تعليم يتسم بالعنف" يركز على العقوبة الجسدية في تكسا س وميسيسيبي، وهما ولايتان ينتشر فيهما العقاب الجسدي أكثر من غيرهما. وانتهى التقرير إلى أن العقوبة الجسدية يمكن أن تؤدي إلى إصابات جسيمة وتُستخدم بشكل غير متناسب ضد الطلاب السود وطلاب برنامج التعليم الاستثنائي.

 

حقوق المرأة

يستمر الكفاح من أجل تحقيق المساواة في الأجور للنساء عام 2008، مع محاولة أعضاء من الكونغرس إلغاء قرار للمحكمة العليا صدر عام 2007 يقضي بتضييق مجال تطبيق معايير التقاضي جراء التمييز في تلقي الأجور ضد أصحاب العمل. ورغم الحراك الموسع من قبل جماعات حقوق المرأة، فإن قانون "ليلي ليدبيتر للأجور العادلة" مات في مجلس الشيوخ بعد أن مر بمجلس النواب. إلا أن هوة التمييز في الأجور بين الجنسين ضاقت إلى أقل معدلاتها في التاريخ، مع كسب النساء لـ 78 في المائة مما يكسبه الرجال.

 

وما زالت مساعدات الولايات المتحدة الدولية مُحملة بالقيود التي تقوض من الحقوق الجنسية والإنجابية للنساء. وعاود الكونغرس عام 2008 العمل بقرار خطة طوارئ الرئيس للإغاثة من الإيدز لمدة خمسة أعوام أخرى، لكنه مستمر في توجيه التمويل نحو البرامج التي تركز على الامتناع عن الملذات ويبقي على المطلب الخاص بأن تتعهد المنظمات بمعارضتها للنشاط الجنسي قبل تلقي التمويل الأميركي. وبالمثل فإن "قاعدة التقييد العالمية" تستمر في حظر المنظمات الأجنبية من تلقي التمويل الأميركي إذا قامت بتوفير أعمال الإجهاض ومشاورة النساء بشأن الإجهاض، أو الانخراط في الترويج لحقوق الإجهاض، حتى وإن لم تُستخدم أية أموال مساعدة أميركية بشكل مباشر في هذه الجهود.

 

العنف الجنسي

في الولايات المتحدة، تُعد جريمة الاغتصاب من أقل الجرائم مواجهة بالاعتقال والمقاضاة والإدانة بين مختلف الجرائم العنيفة الأخرى. وفي عام 2008 بدأت هيومن رايتس ووتش تحقق في مواطن فشل سلطات إنفاذ القانون في الحفاظ على الأدلة في قضايا الاغتصاب وفحصها والتدقيق فيها. ولدى الإبلاغ عن جريمة عنف جنسي، يُطلب من الضحية الخضوع لفحص لمدة أربع إلى ست ساعات لجمع أدلة الـ "دي إن أيه"، والتي إذا تم فحصها قد تساعد مجريات التحقيق الجنائي. لكن وزارة العدل تقدر أن زهاء 500 ألف من أدلة الاغتصاب هذه تقبع دون فحص في المعامل الجنائية ومخازن الشرطة في شتى أرجاء الولايات المتحدة. وفي لوس أنجلوس وحدها، يوجد 7300 وحدة من أدلة الاغتصاب التي لم يتم فحصها أو العمل بها، مع تزايد معدل التأخير لأكثر من 30 شهراً.

 

التمييز بناء على التوجه الجنسي والهوية الجنسية

يستمر القانون الأميركي في عدم حمايته من التمييز بناء على التوجه الجنسي أو الهوية الجنسية، سواء في مجالات العمل أو مجالات أخرى. وقانون "الدفاع عن الزواج" الذي يحظر على الحكومة الفيدرالية الاعتراف بالعلاقات بين الأزواج من نفس النوع الجنسي، ما زال مُطبقاً. وفي عام 2008 قضت محاكم كاليفورنيا وكونيتيكيت العليا لصالح المساواة في الحق في الزواج للأشخاص من نفس النوع في هاتين الولايتين، لكن تم إجراء استفتاء على مستوى الولاية في نوفمبر/تشرين الثاني فانتهت نتيجته إلى إبطال أحكام المحكمة. وقانون لم شمل الأسر الأميركية، الذي سيسمح بالعلاقات المثلية بين المواطنين الأميركيين ورعايا الدول الأخرى في أغراض الهجرة، لم يمر بعد من الكونغرس.

 

حقوق غير المواطنين

يوجدزهاء 38 مليون شخص من غير المواطنين يعيشون في الولايات المتحدة، و12 مليون منهم تقريباً غير موثقين. وفي عام 2008 واجه هذا التعداد مشكلات حقوقية أغلبها مشابهة للمشكلات التي واجهوها في السنوات السابقة.

 

وحسبما تم التوثيق في تقرير هيومن رايتس ووتش "الإبعاد" في عام 2007 فإن المهاجرين الشرعيين الذين عاشوا في الولايات المتحدة لعشرات السنين، ومنهم السكان الدائمين الشرعيين، يتم ترحيلهم دون مراعاة الإجراءات القضائية بموجب قوانين صدرت عام 1996، إذا تمت إدانتهم بجريمة، حتى لو كانت جريمة غير عنيفة مثل السرقة من المتاجر أو حيازة كمية صغيرة من المخدرات. وأثناء إجراءات الترحيل لا يُسمح للقضاة بالنظر في مدة جدية جريمة غير المواطن مقابل تواجده القانوني في الولايات المتحدة أو علاقاته الأسرية (ومنها وجود قرين من المواطنين الأميركيين أو أطفال صغار)، أو ملكية الأعمال أو دفع الضرائب أو الخدمات للعسكرية الأميركية، أو احتمال تعرضه للاضطهاد بعد الترحيل. وفي عام 2006، أحدث عام تتوافر منه بيانات، زاد عدد غير المواطنين المُرحلين ثانية، ليبلغ 95752 شخصاً بعد أن كان 90426 شخصاً في عام 2005، مما زاد إجمالي عدد الأشخاص المُرحلين بموجب هذه القوانين إلى 768345 شخصاً.

 

وفي عام 2008 استمرت سلطة الهجرة والجمارك الأميركية في نظام استحدثته عام 2007 يقضي بإجراء مداهمات موسعة على أماكن العمل التي يعمل بها عمال غير موثقين. وفي أغسطس/آب 2008، في أكبر هذه المداهمات في التاريخ الأميركي، تم اعتقال 600 شخص من غير المواطنين في لوريل في ولاية ميسيسيبي.

 

وبالمثل في مايو/أيار 2008 قام عناصر من سلطة الهجرة بالقبض على 389  عاملاً غير موثق في منشأة لتعبئة اللحوم في بوستفيل بولاية أيوا. وبعد المداهمات تقدم المحامي العام في أيوا بأكثر من 9300 اتهام بجُنح جنائية ضد مُلاك المنشآة والمديرين فيها تحت طائلة انتهاكات قوانين العمل، ومنها عمل الأطفال والورديات الطويلة دون دفع أجور إضافية. إلا أن الادعاء، الذي هدد بدوره بتوجيه الاتهامات للعمال - وبعضهم استخدموا هويات مُزيفة للحصول على العمل - بالسرقة العمد للهوية، وهو اتهام يستتبعه الحُكم بعدة عقوبات ويُوجه إلى الشخص الذي ارتكب السرقة بالتزوير وليس المهاجرين غير الموثقين الساعين للحصول على وظائف.

 

وتحتجز الولايات المتحدة زهاء 300 ألف شخص من غير المواطنين كل عام بكلفة سنوية تبلغ 1.8 مليار دولار، طبقاً لسلطة الهجرة والجمارك. وغير المواطنين يتم احتجازهم في حوالي 300 مركز احتجاز، وحوالي 24 منها تخضع للإشراف المباشر لسلطة الهجرة والجمارك، رغم أن بعضها تديرها شركات خاصة، والباقي يخص سجون الولاية والسجون ومراكز الاحتجاز المحلية التي تتعاقد مع سلطة الهجرة والجمارك من أجل توفير أسرّة لمحتجزي السلطة.

 

وعدد غير المواطنين المحتجزين الكبير في الولايات المتحدة يثير عدة مصادر للقلق تتعلق بحقوق الإنسان. وفي تقرير "تجاهل مُزمن" الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2007 انتهت هيومن رايتس ووتش إلى أن سلطة الهجرة والجمارك لا تقوم بالمتابعة الواجبة للرعاية الصحية للمحتجزين المصابين بالإيدز، ولا تلتزم بالمعايير الدولية أو الوطنية لعلاج الإيدز على النحو الملائم. وانتهت أيضاً أبحاث هيومن رايتس ووتش الخاصة بالرعاية الصحية للنساء في مراكز احتجاز المهاجرين لا تشمل على النحو الملائم الرعاية الدورية الخاصة بأمراض النساء، أو مراقبة سرطان الثدي والرحم وتشخيص المرضين، أو خدمات تنظيم الأسرة والرعاية السابقة والتالية على الولادة، والخدمات لضحايا العنف الجنسي والعنف ضد المرأة.

 

وتم نشر عدة مقالات في صحيفة واشنطن بوست في مايو/أيار 2008 وكشفت عن أن 30 من غير المواطنين ماتوا أثناء الاحتجاز بين 2003 و2008 جراء أفعال اتخذها العاملون الطبيون أو أعمال لم يقوموا بها وكان من الواجب أدائها.

 

وفي خطوة إيجابية، ألغى الكونغرس القانون الذي يحرم غير المواطنين المصابين بالإيدز - والمطبق منذ 15 عاماً - من دخول الولايات المتحدة. ورغم أ، الرئيس بوش وقع على القانون، فحتى كتابة هذه السطور لم تُصدر الإدارة بعد الأنظمة اللازمة للتنفيذ الكامل لإلغاء الحظر على السفر.

 

خليج غوانتانامو والاحتجاز لأجل غير مُسمى واللجان العسكرية

رغم قول الرئيس بوش إنه يود لو تم إغلاق مركز الاحتجاز في خليج غوانتانامو، فإن 255 رجلاً ما زالوا وراء القضبان هناك حتى كتابة هذه السطور، ولم يتم اتخاذ خطوات لإغلاء المركز حتى انتهاء فترة إدارة بوش. والأغلبية العظمى من المحتجزين هناك مُحتجزون منذ سبعة أعوام دون نسب اتهام إليهم. وأكثر من النصف محتجزين في مرافق احتجاز عالية الحراسة الأمنية حيث يقضون 22 ساعة يومياً في زنازين صغيرة لا يصلها الضوء أو الهواء الطبيعي في ظل وجود مناظر خارجية جد محدودة.

 

وفي يونيو/حزيران 2008 أسقطت المحكمة العليا في قضية بومدين ضد بوش قانوناً يحرم محتجزي غوانتانامو من الحق في الطعن في قانونية احتجازهم. وتقدم كل المحتجزين تقريباً بالطعن في قانونية احتجازهم لكن تم تأخير النظر في قضاياهم جراء جملة من المساءل الإجرائية والقانونية مثل ما إذا كان يجب إجراء جلساتهم سراً أم علناً.

 

وأكثر من 24 محتجزاً تم الأمر بالإفراج عنهم ما زالوا لم يعودوا إلى بلدانهم الأصلية لاحتمال مواجهتهم للتعذيب لدى العودة. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2008 حكمت محكمة فيدرالية بأن على الولايات المتحدة إخلاء سبيل 17 صينياً من إثنية الإيغور محتجزين في غوانتانامو وإدخالهم الولايات المتحدة. وأقرت الحكومة الأميركية بأن الرجال لا يفرضون تهديداً على الأمن لكن لا يمكن إعادتهم إلى الصين لأنهم سيواجهون الاضطهاد هناك. وأصدرت محكمة استئناف فيدرالية قراراً يؤيد هذا الأمر، وما زال مصير الرجال لم يتم البت فيه حتى كتابة هذه السطور.

 

واستمرت الولايات المتحدة في تسليم محتجزين آخرين من غوانتانامو دون التقييم الفعلي أو المستقل لمدة خطورة تعرضهم للتعذيب أو الإساءات لدى العودة لبلدانهم. وفيما حصل بعض المحتجزين على أوامر من المحكمة تقضي بإخطارهم مسبقاً بأي عملية نقل، فالكثير من المحتجزين لم ينالوا هذا الحُكم. وزعمت الولايات المتحدة أن "الضمانات الدبلوماسية - الوعود بالمعاملة الإنسانية - من قبل الحكومات المُستقبلة للأشخاص هي ضمانة كافية ضد الإساءات، رغم وجود أدلة دامغة على عكس ذلك.

 

وتستمر الحكومة الأميركية في احتجاز المواطن القطري علي كهلة المري في الولايات المتحدة بصفته "مقاتل عدو" دون نسب اتهام إليه أو محاكمته. والمري تم الإعلان في البداية أنه مقاتل عدو في عام 2003، قبل أسابيع من موعد محاكمته بتهمة التزوير المالي والشهادة الزور. وفي عام 2007 قضت هيئة من محكمة استئناف فيدرالية بأن احتجاز المري غير قانوني، لكن المحكمة ككل أبطلت هذا الحُكم. وطعن المري في الحكم في المحكمة العليا الأميركية.

 

وفي الوقت نفسه تستمر الإدارة في مقاضاة محتجزي غوانتانامو أمام اللجان العسكرية التي لا تفي بالضمانات الأساسية لإجراءات التقاضي السليمة. وفي مايو/أيار2008 تقدمت الحكومة الأميركية باتهامات في اللجان العسكرية تدعو فيها لإنزال عقوبة الإعدام بخالد شيخ محمد وأربعة محتجزين آخرين متهمين بالمسؤولية عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول. وكان الخمسة رهن الاحتجاز السري طرف وكالة الاستخبارات المركزية في سجونها السرية قبل نقلهم إلى غوانتانامو، وتناقلت التقارير تعرضهم لسنوات للتعذيب ولإساءات أخرى. ولم يتم تحديد موعد للمحاكمة. كما تسعى الولايات المتحدة لرفع قضايا ضد 15 محتجزاً آخرين، منهم عمر خضر ومحمد جواد، وكانا أحداثاً وقت نقلهما لأول مرة إلى غوانتانامو قبل سبع سنوات تقريباً.

 

وأدين ثلاثة محتجزين فقط أمام اللجان العسكرية حتى كتابة هذه السطور. وأُدين الأسترالي ديفيد هيكس بموجب اتفاق اعتراف في مارس/آذار 2007 وهو الآن حر طليق في أستراليا. وأول محاكمة للجان العسكرية وقعت في يوليو/تموز 2008 ضد سالم أحمد حمدان، سائق أسامة بن لادن السابق. وتم تبرئة حمدان من التآمر وأدين بتوفير الدعم المادي للإرهاب، وحُكم عليه بالسجن خمسة أعوام ونصف بعد أن قضى بالفعل خمسة أعوام في الحبس. وكما قيل فيما يتعلق بجميع محتجزي غوانتانامو، فإن إدارة بوش ترى أن حمدان يمكن احتجازه حتى بعد انتهاء فترة الحُكم عليه. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2008 أدين علي حمزة البهلول باتهامات إرهابية وحُكم عليه بالسجن المؤبد.

 

سياسة التعذيب

على مدار السنوات الثلاث السابقة أبطل الكونغرس والمحاكم استناد إدارة بوش على التعذيب كتقنية للاستجواب. وفي سبتمبر/أيلول 2006 أعلن البنتاغون عن قواعد جديدة منطبقة على الاستجواب في كافة الهيئات العسكرية الأميركية وتنصل من استخدام تقنيات مُسيئة مثل محاكاة الإغراق والإجبار على خلع الملابس وإلحاق خفض حرارة الجسد بالأشخاص. وفي فبراير/شباط 2008 مرر الكونغرس تشريعاً يُلزم الاستخبارات المركزية الالتزام بالقواعد نفسها، لكن اعترض الرئيس بوش على تمريره بحق الفيتو الممنوح إياه.

 

سجون الاستخبارات المركزية السرّية

في أبريل/نيسان 2008 أعلنت وزارة الدفاع عن نقل محتجز كان طرف الاستخبارات المركزية إلى غوانتانامو، في إشارة إلى استمرار عمل السجون السرية للسي آي آيه حتى ذلك الحين. وما زال 24 إلى 36 محتجزين سابقين طرف الاستخبارات المركزية "مختفين"، وأماكنهم مجهولة. والكثير منهم يُعتقد أنهم نُقلوا بصورة غير قانونية إلى بلدان مثل سوريا وليبيا وباكستان والجزائر.

 

الحرمان من حماية اللاجئين

تسمح القوانين الأميركية بحرمان الأشخاص الذين يُعتقد أنهم على صلة بـ "الدعم المادي" لبعض الجماعات المسلحة من حماية اللاجئين. والمصطلحات المُعممة في القانون أدت بالسلطات إلى حرمان أشخاص مستحقين لوضع اللاجئين بموجب القانون الدولي، ومنهم ضحايا اغتصاب أجبروا على الخدمة المنزلية طرف جماعات متمردين. وفي يناير/كانون الثاني 2008 أصدر الكونغرس تشريعاً منح الإدارة سلطة التنازل عن هذه المعايير في الحالات المستحقة، لكن ممارسة هذه السلطة كان بطيئاً للغاية.

 

المقاضاة داخلياً على التعذيب في الخارج

في تطور هام، رفعت وزارة العدل أول قضية لها بموجب قانون لعام 1994 يسمح للمحاكم بمحاكمة المشتبهين بالتعذيب بالخارج سواء كانوا مواطنين أميركيين أو أشخاص يسكنون الولايات المتحدة. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2008 قضت هيئة مخلفين في ميامي بإدانة تشارلز "تشاكي" تايلور الابن، وهو ابن الرئيس الليبيري السابق ومواطن أميركي، بناء على عدة وقائع تعذيب في جرائم ارتكبتها وحدة عسكرية نخبوية ترأسها في ليبيريا في الفترة من 1997 إلى 2003.

 

الفاعلون الدوليون الأساسيون

مع ختام زيارته في يونيو/حزيران 2008، دعى المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بالإعدام خارج نطاق القضاء ودون إجراءات تقاضي الولايات المتحدة إلى تحسين نظام العدالة العسكري لديها وضمان أن عقوبة الإعدام تُطبق بعدالة ودون تمييز عنصري. والمقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري والخوف من الأجانب وما يرتبط بهذا من عدم تسامح، أبدى قلقه بشأن بقايا الفصل العنصري وضعف التعليم العام إثر زيارته في أواسط عام 2008.

 

ورغم دعوة الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة إلى إغلاق مركز احتجاز غوانتانامو، إلا أنه لم ينتقد علناً اللجان العسكرية أو تقدم بعروض جدية بشأن محاكمة أو إخلاء سبيل محتجزي غوانتانامو. ومن جانب آخر، فإن الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي تدخلت وحاولت وقف الإعدام في عدد من قضايا الإعدام بالولايات المتحدة.