Skip to main content

ليبيا

أحداث 2008

 

تسارعت وتيرة الاندماج الليبي في المجتمع الدولي في عام 2008 رغم انتهاكات الحكومة القائمة لحقوق الإنسان. وفي سبتمبر/أيلول زارت وزيرة الخارجية الأميركية ليبيا في أول زيارة على هذا المستوى منذ عام 1953. وبدافع من المصالح الاقتصادية والتعاون الليبي في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، عززت الحكومات الأوروبية أيضاً من علاقاتها مع ليبيا أثناء العام. وتستمر الحكومة الليبية في سجن الأشخاص جراء انتقاد النظام السياسي الليبي أو الزعيم الليبي معمر القذافي، وتفرض قيوداً مشددة على حرية التعبير والتجمع.

السجناء السياسيون

تستمر ليبيا في احتجاز أعداد كبيرة من الأشخاص جراء انخراطهم في النشاط السياسي السلمي. كما "اختفى" المئات غيرهم وبعضهم منذ عشرات السنين. وتم حبس الكثير منهم جراء خرق القانون رقم 71، الذي يحظر أي نشاط جماعي يعارض مبادئ ثورة 1969 التي وصلت بالقذافي إلى السلطة. ويمكن إعدام من يخالف القانون رقم 71.

وما زال فتحي الجهمي هو السجين السياسي الأبرز في ليبيا، وتم سجنه في مارس/آذار 2004 بعد أن دعى إلى الإصلاح الديمقراطي انتقد القذافي. وفي أواخر عام 2005 انتهت محكمة سرية إلى أن الجهمي غير مؤهل عقلياً وفي مايو/أيار 2006 أمرت باحتجازه في مستشفى نفسي. وطبقاً للجهمي، المصاب بمرض السكر وارتفاع ضغط الدم والقلب، فإن السلطات حرمته من الرعاية الطبية في المستشفى. وفي يوليو/تموز 2007 تم نقله إلى مركز طرابلس الطبي الذي تديره الدولة.

وفي مارس/آذار 2008 يسرت مؤسسة القذافي للتنمية، التي يديرها ابن القذافي، سيف الإسلام القذافي، من زيارة أجرتها هيومن رايتس ووتش ومنظمة أطباء لأجل حقوق الإنسان للجهمي. وتبين من تحقيق المجموعتين وجود إهمال في الرعاية أثناء الاحتجاز أدت إلى التدهور الجسيم في حالته الصحية. وعلى حد علم هيومن رايتس ووتش، ما زال الجهمي تحت الحراسة في مركز طرابلس الطبي، ولا يمكنه الخروج من حجرته مع التضييق على الزيارات الأسرية إليه.

وفي فبراير/شباط 2007 اعتقلت قوات الأمن الليبية 14 شخصاً كانوا يعتزمون عمل مظاهرة سلمية لإحياء الذكرى السنوية للحملة العنيفة على المتظاهرين في بنغازي. وفي 27 مايو/أيار 2008 أفرجت السلطات عن أحد الرجال، وهم جمعة بوفايد، وكان مفقوداً منذ اعتقاله. وتم إخلاء سبيل رجل آخر، هو عادل حميد، في 10 يونيو/حزيران. وما زال رجل ثالث، هو عبد الرحمن القطيوي "مفقوداً" منذ اعتقاله. وفي 10 يونيو/حزيران انتهت محكمة أمن دولة إلى الحكم على الإحدي عشر رجلاً المتبقين بالتخطيط لقلب نظام الحكم والاجتماع بمسؤول أجنبي، ويظهر أنه مسؤول بالسفارة الأميركية. والمحكمة - وهي داخل سجن أبو سليم في طرابلس، حكمت على الرجال بالسجن لفترات تراوحت بين 6 إلى 25 عاماً. والمنظم الأساسي للمظاهرة المزعومة، إدريس بوفايد، تلقى حُكماً بالسجن لمدة 25 عاماً، ثم تم إخلاء سبيله بناء على أسباب طبية في أكتوبر/تشرين الأول لأنه مصاب بسرطان الرئة وفي مرحلة متأخرة منه. وتم الحكم على عضو آخر من المجموعة، وهو جمال الحاجي، الكاتب الذي لديه الجنسية الدنماركية، بالسجن 12 عاماً. ورفضت السلطات الليبية طلبات الحكومة الدنماركية بزيارته.

حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير

لا يوجد في ليبيا منظمات مستقلة للمجتمع المدني. والقانون 19 الخاص بالجمعيات يقضي بأن توافق أولاً جهة حكومية على كل هذه المنظمات ولا يسمح القانون بالطعن في القرارات بالرفض. وقد رفضت الحكومة السماح بإنشاء منظمات مستقلة للصحفيين أو المحامين.

وتتعرض حرية التعبير لتقييد مُشدد. فالمادة 178 من القانون الجنائي تنص على السجن المؤبد لمن ينشر معلومات تُعتبر ضارة بسمعة البلاد أو تقوض من الثقة بها في الخارج. والتعليقات السلبية على القذافي كثيراً ما تُواجه بالعقوبات، والرقابة الذاتية منتشرة. وتتوفر الأنباء غير الخاضعة للرقابة على محطات القمر الصناعي ومواقع ليبية بالخارج، وكثيراً ما تقوم الحكومة بحجبها. وفي أبريل/نيسان 2007 شكلت الهيئة التشريعية الليبية - وهي مؤتمر الشعب العام - لجنة لفحص الإعلام الذي تهيمن عليه الحكومة. ولم تعلن الحكومة عن معلومات إضافية بشأن عمل اللجنة.

والاستثناءات على هذه القواعد هي المنظمات التي يديرها سيف القذافي، ومنها مؤسسة القذافي للتنمية. وفي أغسطس/آب 2007 أصدرت شركة الغد الخاصة به أول صحف ومحطات تلفزة خاصة في ليبيا، وشنت هذه المنافذ انتقاداً محدوداً على الحكومة.

التعذيب

تستمر تقارير التعذيب في كونها مصدر قلق كبير، وتؤثر على المواطنين الليبيين والأجانب على حد سواء - وأغلب الأجانب هنا من الأفارقة جنوب الصحراء - ممن يتم اجتجازهم أثناء المداهمات الأمنية الخاصة بالهجرة غير الشرعية.

وتزعم جماعات حقوقية ليبية في الخارج بأن السلطات الليبية عذبت محمد عادل أبو علي، وهو مواطن ليبي أعادته السويد إلى طرابلس في مايو/أيار 2008 بعد أن رفضت طلبه باللجوء. وأكدت هيئة الهجرة السويدية وفاة أبو علي رهن الحبس الليبي، وقال أحد أقاربه إنه كان محتجزاً بمعزل عن العالم الخارجي. وأوقفت السويد عمليات الترحيل إلى ليبيا في يوليو/تموز إلى الانتهاء من تحقيق في وفاته. ثم في أغسطس/آب أوقفت التجميد بعد أن فشل التحقيق في تحديد كيف مات أبو علي.

العنف ضد النساء والفتيات

ما زال موقف الحكومة من النساء موقف إنكار، إذ تترك الضحايا بلا حماية ودون الانتصاف. ولا يوجد في ليبيا قانون للعنف الأسري، وفيها قوانين غير ملائمة تخص العنف الجنسي. ولا تقاضي الحكومة الأشخاص إلا في جرائم الاغتصاب الأكثر جسامة، ويحق للقضاة اقتراح زواج المغتصب بالضحية كـ "تعويض اجتماعي" عن الجريمة. وضحايا الاغتصاب أنفسهن يخاطرن بالملاحقة القضائية بتهمة الزنا إذا حاولن توجيه الاتهامات.

وليس ضباط الشرطة مدربين على التعامل في حالات العنف ضد المرأة، ولا توجد مآوى للنساء أو الفتيات. وبدلاً من هذا تحتجز الحكومة عشرات الضحايا، لا سيما ضحايا الاغتصاب، في مراكز "إعادة تأهيل اجتماعي". وتُحرم الكثيرات من فرصة الطعن في قانونية احتجازهن. وتعرضهن السلطات لاختبارات عذرية قسرية ولمعاملة عقابية، وتشمل الحبس الانفرادي. والسبيل الوحيد المتاح للخروج من هذه المراكز هو تولي أحد الأقارب من الرجال مسؤولية المرأة أو الفتاة، أو إذا وافقت على الزواج. وفي فبراير/شباط 2006 قالت الحكومة إنها شكلت لجنة لدراسة المراكز، وليس عمل اللجنة، إذا كان لها أي نشاط، معروفاً.

سجن أبو سليم

ما زالت الحكومة لم تكشف عن أي نتائج توصلت إليها بصدد عملية القتل الموسعة في سجن أبو سليم بطرابلس في يونيو/حزيران 1996. وطبقاً لسجين سابق، فإن الأمن الداخلي قتل ما يناهز 1200 شخص من نزلاء السجن كانوا قد ثاروا على ظروف السجن. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2006 أطلق الحراس النار على مجموعة أخرى من السجناء إثر نشوب تمرد مزعوم، لتتسبب في مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة تسعة آخرين.

ولجأ أقارب ضحايا عام 1996 إلى المحكمة لطلب معلومات عن مصائر أقاربهم المفقودين. وفي يونيو/حزيران 2008 أمرت محكمة في بنغازي الدولة بالكشف عن هوية القتلى وملابسات وفاتهم. وعلى حد علم هيومن رايتس ووتش فلم تمتثل الدولة بعد بأمر المحكمة، مما أثار احتجاجات أسر الضحايا. وفي يوليو/تموز ذكر سيف القذافي أن نتائج تحقيق أولي في الحادث تكشف عن "استخدام مفرط للقوة وإساءة استخدام السلطة" في السجن. ووعد بمحاكمة علنية لكنه لم يقدم جدول زمني بها.

معاملة الأجانب

تستمر الحكومة في ترحيل الأجانب جبراً؛ ممن ليست لديهم أوراق إقامة صحيحة، وأحياناً تعيدهم إلى بلدان قد يواجهون فيها الاضطهاد ومنها إريتريا. وأفاد الأجانب بوقوع اعتقالات تعسفية وضرب وغيرها من أشكال الإساءة أثناء احتجازهم وترحيلهم.

ولا يوجد قانون لجوء في ليبيا، ولم توقع على اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين، ولا يوجد فيها اتفاق كتابي مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. إلا أن الحكومة تقوم بإعداد قانون عن اللجوء السياسي وتردد أنها تمنح ممثلي مفوضية اللاجئين حق الاطلاع الدوري على مراكز الاحتجاز.

وعود الإصلاح

استمرت الحكومة في عام 2008 وللعام الرابع، في مراجعة العروض الخاصة بقانون عقوبات جديد وقانون للإجراءات الجنائية. وفي عام 2005 ذكر وزير العدل أنه، بموجب قانون العقوبات الجديد، سوف تقتصر عقوبة الإعدام فقط على "أخطر الجرائم" وجرائم "الإرهاب". إلا أن مشروع قانون 2004 المقترح يوحي بأن الحكومة قد تقبل بتعريف فضفاض للغاية للإرهاب، وقد يُستخدم في تجريم الأشخاص جراء التعبير عن الآراء السياسية السلمية. ولم تقدم الحكومة بعد مشروع القانون إلى مؤتمر الشعب العام.

الفاعلون الدوليون الأساسيون

في عام 2008 حسنت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية من علاقاتها مع ليبيا رغم انتهاكات حقوق الإنسان فيها. وفي أغسطس/آب وقعت ليبيا والولايات المتحدة اتفاق تسوية، يؤمن الطرفين من القضايا جراء عمليات تفجير ليبيا وقصف أميركي جوي في التسعينات. وفي سبتمبر/أيلول زارت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس ليبيا وقالت إنها ناقشت "باحترام" موضوع حقوق الإنسان مع القذافي. كما زار رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيون بيرلسكوني ليبيا في سبتمبر/أيلول، وتعهد بدفع 5 مليارات دولار أميركي تعويضاً على "الضرر" الذي سببته إيطاليا أثناء حكمها الاستعماري. وقال بيرلسكوني إن إيطاليا ستلقى المزيد من النفط والغاز الليبي و"مهاجرين عشوائيين أقل". ووقع الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين اتفاقيات أسلحة وطاقة بمليارات الدولارات أثناء زيارته في أبريل/نيسان، وهي الزيارة الأولى لليبيا من قبل رئيس روسي. ووقع القذافي عقوداً بمليارات الدولارات أثناء زيارات لفرنسا وإسبانيا في ديسمبر/كانون الأول 2007.

وتستمر ليبيا حسب التقارير في مشاركة الحكومات الغربية فيما لديها من معلومات استخباراتية عن الميليشيات الإسلامية. وفي عامي 2006 و2007 أعادت الحكومة الأميركية مواطنين ليبيين، هما محمد الرسيمي وسفيان حمودة، إلى ليبيا بعد خمسة أعوام من الاحتجاز في خليج غوانتانامو. وفي ديسمبر/كانون الأول 2007 زار مسؤولون أميركيون الرجلين في مقر أمن الدولة الليبي وتناقلت التقارير أنهما كان محتجزين دون أن يعرفا الاتهامات ضدهما ودون مقابلة محامي على ما يبدو.

وتستمر الدول الأوروبية في التعاون بمجال التحكم في الهجرة غير الشرعية من ليبيا إلى أوروبا، وعادة دون مراعاة كافية لحقوق المهاجرين أو الحاجة إلى حماية اللاجئين وغيرهم من خطر التعرض للإساءة لدى العودة إلى بلادهم الأصلية.