Skip to main content

الأردن

أحداث عام 2008

  وعد الأردن عام 2008 بإجراء إصلاحات في مجال حقوق الإنسان، لكنه فشل في تنفيذها في معظم المجالات. ففي فرصة مخفقة  نحو الإصلاح، نتج عن مراجعة  قانون المنظمات غير الحكومية قانون جديد أكثر تقييدا. والقانون الجديد بشأن التجمع، على الرغم من التغييرات، ظلّ يتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وفشلت المحاولات في البرلمان لتوسيع العضوية في النقابات العمالية للعاملين غير الأردنيين بموجب قانون العمل الجديد، ولكن الأحكام لشمل خدم المنازل في ظلّ الحمايات التي يوفرها قانون العمل نجحت. وفشل برنامج طموح لإصلاح السجون وإجراء تعديلات قانونية لمعالجة التعذيب المنتشر على نطاق واسع. ويستمر الأردن بمراقبة الوقف غير الرسمي لتنفيذ عقوبة الإعدام والساري منذ مايو/أيار 2006

الاحتجاز التعسفي، والتوقيف الإداري والتعذيب

 أفرجت دائرة المخابرات العامة عن عصام البرقاوي (أبو محمد المقدسي) بعد ثلاث سنوات من الاحتجاز التعسفي والحرمان من المحاكمة العادلة. كما أطلق الأردن أيضا سراح المشتبه بهم من الأمن الوطني كلّ من عدنان أبو نجيلة وسمير البرق، بعد القبض عليهم أولا من قبل دائرة المخابرات العامة وتركهم بعد ذلك من قبل المدّعين العامين بدون محاكمة لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات.

وقد جعل التعديل على قانون العقوبات في أكتوبر/تشرين الأول 2007 من التعذيب جريمة جنائية لأول مرة. ولكن ليس لدى الأردن أيّ  آليات فعالة لتقديم مرتكبي التعذيب إلى العدالة. فآلية الشكوى الناقصة، والافتقار إلى التحقيقات والمحاكمات، والتساهل في إصدار الأحكام في محكمة الشرطة، والتي هي غير مستقلة، كلها عوامل تسمح ببقاء التعذيب في السجون بشكل روتيني وعلى نطاق واسع، ووقوعه مع إفلات كامل من العقاب تقريبا. وقعت أعمال شغب في فبراير/شباط في سجن بيرين،  وفي أبريل/نيسان في كل من سجني سواقة والموقر. وكانت الأسباب وراء ذلك سوء المعاملة، والتفتيش العاري ليلا، والخطة المنفذة بشكل سيئ لفصل المدانين عن المتهمين. كما قام مسئول كبير ضمن حرس الموقر بتعذيب العديد من السجناء في أبريل/نيسان بضربهم وتعليقهم بقضبان من الحديد. وقد لقي اثنان من السجناء حتفهما في حريق شب في السجن في 14  أبريل/نيسان، والذي فشلت السلطات في السيطرة عليه بسرعة.


في الأشهر الـ 10 الأولى من عام 2007، اعتقل حكام المحافظات 12178 شخصا ضمن إجراء التوقيف الإداري، وهذا الرقم أكثر مما كان عليه الوضع في عام 2006. وجاء الاعتقال دون دليل على السلوك الإجرامي أو بالتحايل على الالتزام القاضي بتقديم المتهمين إلى المدعي العام في غضون 24 ساعة. ويسمح القانون الأردني للمسئولين الحاكمين بتوقيف الأشخاص إداريا بموجب قانون منع الجرائم. ويجب تقديم الكفالة المالية لضمان الحصول على الإفراج عن الموقوفين إداريا، أما الموقوفون المعوزون فكثيرا ما يلجئون إلى الإضراب عن الطعام بدلا من ذلك.

حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع

 يعدّ انتقاد الملك، والمسؤولين الحكوميين وقوات الاستخبارات من المحرمات، ويترتب عليه عقوبات شديدة. ويعتمد أيضا أعضاء النيابة على قانون العقوبات لتجريم الكلام الذي يعمل على التقليل من هيبة الدولة والإساءة إلى العلاقات مع الدول الأخرى. في ديسمبر/كانون الأول 2007 اعتقلت الشرطة عمر مطر من المنظمة العربية لحقوق الإنسان بسبب تصريحات مزعومة أدلى بها لزميل له حول نسب الملك عبد الله وذلك في نزاع خاص. وقد أدانته محكمة أمن الدولة في ديسمبر/كانون الأول 2007 وحكمت عليه بالسجن سنة واحدة، ولكن محكمة الاستئناف ألغت الحكم وأفرجت عنه في فبراير/شباط 2008. وفي سبتمبر/أيلول اتهم المدعي العام أستاذاً بالطعن في الذات الملكية بمنع زملاء من تعليق صورة الملك في مكاتبهم، حسبما جاء في وكالة الأنباء الفرنسية. واستدعى المدعي العام في يونيو/حزيران الصحفيين الدنماركيين إلى الأردن بسبب إهانة المشاعر الدينية للأردنيين عن طريق إعادة نشر رسوم كاريكاتورية عن النبي محمد. وقد قال أحد الصحفيين أنه كان مستعدا للتوجه إلى الأردن للدفاع عن نفسه.

وفي يوليو/تموز، أقر البرلمان تعديلا لقانون التجمعات العامة (قانون التجمع)، وقانون الجمعيات الخيرية (قانون المنظمات غير الحكومية)، واللذين فشلا كلاهما في تنفيذ وعود قطعها رئيس الوزراء نادر الذهبي في يناير/كانون الثاني بعد احتجاجات المنظمات غير الحكومية على مشاريع القوانين السابقة. ويمنح قانون التجمع سلطة للحاكم بمنع، دون مبرر أو إذن، عقد أي اجتماع لمناقشة الشؤون العامة. ومنح قانون المنظمات غير الحكومية أحكاما تمنح الحكومة سلطة لترخيص المنظمات غير الحكومية وإغلاقها بدون اللجوء للقضاء، إضافة إلى صلاحيات واسعة لتحل محل إدارة المنظمات غير الحكومية والمسؤولين الحكوميين، ولرفض القرارات الداخلية للمنظمات غير الحكومية. ويضيف القانون للقيود القديمة قيودا جديدة، مثل موافقة رئيس الوزراء على كل تبرع أو منحة مالية من الجهات الأجنبية للمنظمات المحلية غير الحكومية، ومن الأردنيين إلى المنظمات الأجنبية غير الحكومية. ووعد الذهبي في سبتمبر/أيلول 2008 بتعديل القانون مرة أخرى.

وضع اللاجئين الفارّين من العراق

هناك ما يقدر بــ 500000 عراقي في الأردن، ومعظمهم من لاجئي الأمر الواقع (فقط سوريا تستضيف أكبر عدد من العراقيين). وصل غالبية اللاجئين العراقيين في الأردن بعد عام 2003. وبعد تفجيرات فندق عمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، تراجع معدل تسامح الأردن التقليدي تجاه العراقيين. فالحكومة الأردنية، التي لا يوجد لديها آلية موضوعة لتحديد وضع اللاجئ، قامت عمليا بإغلاق حدودها البرية ومطارها في وجه العراقيين الفارّين. ومنذ مايو/أيار 2008 يمنع النظام الجديد للتأشيرات دخول العراقيين للأردن دون تأشيرة، وبالتالي الوصول إلى بر السلامة. وقد شجعت كلّ من حكومتي العراق والأردن العراقيين على العودة في عام 2008، على الرغم من عدم كفاية التدابير اللازمة لضمان سلامتهم. قام الأردن مرة أخرى بقبول الأطفال العراقيين في المدارس العامة للسنة الدراسية 2007-2008.

حقوق المرأة

 أطلق الأردن عام 2008 سراح جميع النساء من ضحايا العنف أو التهديد بالعنف واللواتي وضعن في "الحبس الوقائي" في سجن الجويدة، مع نقل غالبيتهن إلى مآوي تديرها الحكومة أو منظمات غير حكومية أو جهات مجهولة. ومع ذلك تتطلب السلطات الأردنية موافقة أحد أفراد الأسرة على النقل. يتم وضع الفتيات ضحايا العنف أو اللواتي من الممكن أن يستمر تعرضهن لخطر الاستغلال في "الحبس الوقائي" التابع لمركز اعتقال الفتيات الأحداث.

وتواصل المحاكم الأردنية إصدار الأحكام المتساهلة حول "جرائم الشرف" التي ترتكب من قبل أفراد الأسرة ضدّ النساء والفتيات ممن يشتبه بسلوكهن "غير الأخلاقي". وتشكل عمليات القتل هذه غالبية جرائم قتل النساء في الأردن. ففي أكتوبر/تشرين الأول اعترف أحد سكان عمان بقتل ابنة أخته غير المتزوجة لاشتباهه بتورطها في "علاقة غير مشروعة". ومع نوفمبر/تشرين الثاني 2008، كان قد تم قتل 16 امرأة في الأردن تحت ذريعة "شرف العائلة".

حقوق العمال المهاجرين

وثقت تقارير جديدة انتهاكات ضدّ المهاجرين من دول جنوب شرق آسيا والعاملين في الأردن في مناطق صناعية مؤهلة أو كعمال منازل، والمهاجرين العرب الذين يعملون في البناء والزراعة. وشددت الحكومة سياسة التفتيش والشروط اللازمة لمكافآت الإدراج على "القائمة الذهبية" كشهادة لصالح شركة ما بعدم وجود انتهاكات عمالة فها. وشمل قانون العمل الجديد في يوليو/تموز 2008  بموجب أحكامه ولأول مرة عاملات المنازل، ولكن محاولة منح غير الأردنيين (الذين لا يحق لهم التصويت) حقوقا في نقابات العمل الأردنية بموجب القانون الجديد قد فشلت في البرلمان.

في يناير/كانون الثاني 2008 أوقفت الفلبين مواطنيها عن الذهاب إلى الأردن للعمل كعمال منازل، ويرجع ذلك إلى زيادة عدد الشكاوى من سوء المعاملة. وفي سبتمبر/أيلول اعتقلت أندونيسيا 40 أردنياً بتهم الإتجار في البشر في أندونيسيا. وردّ وزير الداخلية الأردني على ذلك بالوعد بقانون جديد لمكافحة الاتّجار بالبشر. وينص قانون العمل الجديد على عقوبات تصل إلى 2000 دينار (3000 دولار أميركي) ضدّ أصحاب العمل الذين "يستخدمون أيّ عامل بالقوة، أو عن طريق التهديد أو الخداع أو القسر، بما في ذلك حجز وثيقة سفر له"، وذلك كما ورد في تقرير لمركز عمان لحقوق الإنسان.

تشمل ظروف العمل المسيئة الضرب، والتحرش الجنسي، والاعتداءات، وساعات العمل الطويلة، وسحب جوازات السفر، وشيكات الأجور، والتمييز في الأجور على أساس الجنس أو الجنسية، ومنع العمال من مغادرة موقع العمل في أي وقت والحرمان من الرعاية الطبية.

الفاعلون الدوليون الأساسيون

قدّمت الولايات المتحدة للأردن أكثر من 700 مليون دولار على شكل مساعدة  اقتصادية وأمنية في عام 2008  (بالمقارنة مع الاتحاد الأوروبي الذي قدم  265 مليون يورو للفترة 2007-2010). وخلصت الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول للمرة الأولى على اتفاق لتأمين 660 مليون دولار كمساعدات سنوية للأردن لمدة خمس سنوات، لدعم "الأمن والاستقرار في المنطقة... والتنمية الاقتصادية والإصلاح السياسي". وقد نشرت السفارة الأميركية لأول مرة في فبراير/شباط على موقع الانترنت الخاص بها لائحة طويلة من الشروط اللازمة لتأهيل الأردن للحصول على تمويل. ولم تكن أوضاع حقوق الإنسان من بين تلك الشروط. ولكن سياسة الولايات المتحدة دعمت في عام 2008، وإن كان بشكل غير ناجح، مزيدا من التنقيح لقانون المنظمات غير الحكومية قبل أن يتم إقراره من قبل البرلمان  في يوليو/تموز.

واصل الاتحاد الأوروبي الإشادة علنا بالأردن، ولكنه كان أكثر انتقادا في تقاريره حول التقدم المحرز بشأن الحقوق السياسية وحقوق الإنسان والإصلاح. كما بدأ برنامجا لإصلاح السجون مع مديرية الأمن العام. ومع ذلك، لم يعثر الاتحاد الأوروبي على صوت موحد لصالح حقوق الإنسان في الأردن.

ولا تزال المملكة المتحدة تحاول إعادة اثنين على الأقل من الأردنيين إلى الأردن، وقالت أنها تعتمد على مذكرة تفاهم 2005 مع الأردن لمنع التعذيب، والتي بموجبها تسمح الحكومة لعدالة (منظمة أردنية غير حكومية ذات سجل محدود جدا في التحقيق في، والإعلان عن ومنع التعذيب) برصد معاملة المحتجزين المعادين.

في خطوة إيجابية، صدّق الأردن في مارس/آذار 2008 على العهد الدولي الخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ومن المقرر أن يعاد النظر في الأردن في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في فبراير/شباط 2009.