المحاسبة المنقوصة

أوجه القصور في محاكمات جرائم القتل أثناء الثورة التونسية

المحاسبة المنقوصة

أوجه القصور في محاكمات جرائم القتل أثناء الثورة التونسية

الملخص
اختصاص المحاكم العسكرية
ضعف في جمع الأدلة
عيوب في التمشي القانوني
أحكام تبرئة وعقوبات مخففة
عدم وجود قوانين تتعلق بمسؤولية القيادة
عدم وجود إرادة سياسية لجلب بن علي
قانون العدالة الانتقالية والمحاسبة
التوصيات
إلى النيابة العمومية
إلى الحكومة
إلى البرلمان التونسي
إلى أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة
إلى الحكومات والمؤسسات التي تقدم مساعدات لـتونس تحت عنوان برامج الإصلاح القضائي وسيادة القانون
منهجية التقرير
.I الخلفية
تعامل قوات الأمن مع الاحتجاجات الشعبية
منظومة القضاء العسكري في تونس
خطوات لتحقيق العدالة
المحكمة العسكرية بالكاف
المحكمة العسكرية بتونس
المحكمة العسكرية بصفاقس
محكمة الاستئناف العسكرية
.II إيجابيات المحاكمات العسكرية وعيوبها
ضمانات المحاكمة العادلة
اختصاص المحاكم العسكرية
ضعف في جمع الأدلة
عيوب في التمشي القانوني
عقوبات مخففة
تشريعات غير كافية حول مسؤولية القيادة
غياب الإرادة السياسية لجلب بن علي
III. قانون العدالة الانتقالية ومحاسبة جرائم الانتفاضة
شكر وتنويه
ملحق 1: جدول يُلخص المحاكمات

الملخص

أ ثناء الانتفاضة الشعبية التي شهدتها تونس والتي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، تسببت قوات الأمن التونسية في قتل 132 متظاهرًا وجرح مئات الآخرين في كافة أنحاء البلاد. وكانت أغلب الإصابات وعمليات القتل، في الفترة الممتدة من 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 إلى 14 يناير/كانون الثاني 2011، ناتجة عن استخدام القوة المفرطة من قبل قوات الأمن.

بعد سقوط بن علي، أنشأت السلطات الانتقالية هيئة رسمية لتقصي الحقائق في عمليات القتل، وفتحت السلطات القضائية تحقيقات جنائية، وأجرت محاكمات تتعلق بعمليات القتل وغيرها من الانتهاكات الجسيمة التي وقعت أثناء الانتفاضة. وفي أواخر 2011، بلغ عدد الأشخاص الذين خضعوا لمحاكمات في المحاكم العسكرية 53 شخصًا، منهم مسؤولون حكوميون سابقون وأعوان من الشرطة وقوات الأمن.

ومن بين الأشخاص الذين صدرت في حقهم إدانات في 2012 الرئيس السابق زين العابدين بن علي (الذي حوكم غيابيًا)، ووزير الداخلية السابق رفيق الحاج قاسم، وخمسة مديرين عامين في وزارة الداخلية. أدانت المحاكم 21 متهمًا، وبرأت 25 آخرين. وبعد سنتين، أيدت محكمة الاستئناف العسكرية إدانة بن علي وعقوبة السجن المؤبد الصادرة في حقه، ولكنها غيرت التهم المتعلقة ببقية المتهمين، وخففتها بشكل كبير.

يسعى هذا التقرير إلى تقييم جهود تونس في محاسبة المسؤولين عن عمليات القتل غير القانونية وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أثناء الانتفاضة. كما يسعى إلى تقييم مدى احترام التحقيقات والمحاكمات للمعايير الدولية، وخاصة تلك المتعلقة بالمحاكمة العادلة والتحقيق الفعال في انتهاكات حقوق الإنسان.

خلُص التقرير إلى أن المحاكمات عانت من ستة أوجه قصور أساسية نجم عنها إخفاق في تحقيق محاسبة كاملة لانتهاكات حقوق الإنسان.

اختصاص المحاكم العسكرية

ينص القانون التونسي على أن اختصاص المحاكم العسكرية يشمل الجرائم التي ترتكبها قوات الأمن. ولكن إجراء هذه المحاكمات في محاكم عسكرية تسبب في تقويض المحاسبة بثلاث طرق أساسية.

أولا، تسببت هذه المحاكمات في حصول تأخير لأن التحقيقات بدأت في محاكم مدنية، وقامت هذه المحاكم بجمع الأدلة، والاستماع إلى شهادات الشهود، وإجراء فحوصات الطب الشرعي، ثم أحالت الملفات على القضاء العسكري بعد أن خلصت إلى أن واحدا أو أكثر من واحد من المتورطين ينتمون إلى قوات الأمن أو الجيش. وبعد ذلك، شرع قاضي التحقيق العسكري في تحقيقات جديدة قبل توجيه التهم وإحالة الملفات إلى دائرة الاتهام العسكري.

ثانيا، ورغم أن هيومن رايتس ووتش لم تتوصل إلى أدلة تبرز وجود تعليمات سياسية مباشرة إلى المحكمة العسكرية، إلا أن الأحكام المخففة التي صدرت ضدّ الأشخاص المدانين جعلت الضحايا يعتقدون في وجود تأثير على هذه المحاكم. ورغم أن القضاء العسكري شهد إصلاحا في يوليو/تموز 2011 جعله أكثر احتراما للمبادئ الدولية للمحاكمة العادلة، إلا أن القضاة العسكريين مازالوا يخضعون رسميا لسلطة وزير الدفاع الذي يرأس المجلس الأعلى للقضاء العسكري والذي، بدوره، يشرف على تعيين القضاة وترقيتهم وتأديبهم وفصلهم. إضافة إلى ذلك، يتم تعيين القضاة المدنيين في المحاكم العسكرية بموجب أمر رئاسي، بعد التشاور مع وزير العدل ووزير الدفاع. وتنص المعايير الدولية على أن لا يتم التحقيق في أي انتهاكات يرتكبها أعوان من قوات الأمن أو الجيش من قبل أشخاص يخضعون إلى نفس القيادة، وهو مبدأ أساسي لم يُحترم أثناء التحقيق.

ثالثا، تم منع عائلات الضحايا والجرحى من المشاركة في التحقيقات لأن مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية لا تسمح بوجود أطراف مدنية في القضايا المعروضة على القضاء العسكري. ولذلك لم تشمل التحقيقات والإجراءات هذه العائلات.

ورغم أن الإصلاح الذي أدخل على القضاء العسكري في يوليو/تموز 2011 صار يسمح باعتبار الضحايا أطرافا مدنية وبإجراء ملاحقات مدنية لدى القضاء العسكري، إلا أن هذا الإصلاح لم يدخل حيز التنفيذ إلا في 16 سبتمبر/أيلول 2011. فكانت النتيجة حرمان العائلات من تقديم أدلة جديدة، ومن المطالبة بتحقيقات إضافية، ومن تقديم أي براهين إلى قضاة التحقيق لأن ذلك جدّ بين مايو/أيار 2011، تاريخ تحويل جميع القضايا من القضاء المدني إلى القضاء العسكري، وسبتمبر/أيلول 2011، تاريخ غلق التحقيقات.

ضعف في جمع الأدلة

لم تشرع النيابة العمومية في التحقيقات بشكل رسمي إلا في أواخر فبراير/شباط 2011، بعد أن قامت عائلات الضحايا برفع دعاوى لدى المحاكم المدنية، وهو ما يعني غياب أي تحقيقات ميدانية فورية، وضياع أدلة شرعية في غاية الأهمية. وقال ممثلو الضحايا إنه كان بإمكان المحكمة تحديد هويات كل مرتكبي الجرائم بدقة أكبر لو قامت المحكمة بمراجعة سجل الأسلحة والذخيرة الذي تحتفظ به وزارة الداخلية. ويتضمن هذا السجل معطيات حول الأسلحة والذخيرة التي تم توزيعها على جميع قوات الأمن، والذخيرة التي أرجعها كل واحد منهم عند انتهاء مهامه. ورغم أن المحاكم العسكرية، وخاصة في طور الاستئناف، بذلت جهودا في الحصول على أدلة حول الملابسات التي وقعت فيها عمليات القتل، قال بعض أفراد عائلات الضحايا إن المحاكم لم تُجر الفحوص الشرعية اللازمة للتحقيق في القضايا، ، ولم تقم بالتحقيقات الميدانية الضرورية.

عيوب في التمشي القانوني

قدمت محكمة الاستئناف العسكرية في نص الحكم الكتابي تحليلا للمسؤولية الجنائية لوزير الداخلية والمديرين العامين للأجهزة الأمنية. وخلصت إلى وجود أدلة تثبت مشاركة هؤلاء في الأعمال الجنائية عبر التخطيط لإخماد الاحتجاجات الشعبية، وعدم تقديم تعليمات واضحة لقوات الأمن بعدم استخدام القوة إلا عند الضرورة، وعدم مدّ الشرطة بوسائل تصدي للتجمهر غير قاتلة.

رأت محكمة الاستئناف العسكرية أن تطبيق الفصل 32 من المجلة الجزائية التونسية المتعلق بـ "المشاركة في الأعمال الجنائية"، الذي اعتمدت عليه المحاكم العسكرية الابتدائية لإدانة قادة سامين وإصدار عقوبات بالسجن لفترات مطولة في حقهم، يتطلب من المحكمة إثبات اتخاذ الشخص المتهم خطوات ايجابية ساهمت في وقوع الجريمة. وبالتالي رأت محكمة الاستئناف أنه في ظلّ عدم وجود أوامر رسمية مكتوبة صادرة عن القادة المتهمين وموجهة إلى مرؤوسيهم، فإن المحاكم الابتدائية أخطأت في تطبيق الفصل 32 المتعلق  بالمشاركة في الجريمة، وإن المتهمين مدانين فقط بتهمة "الامتناع المحظور"، أي عدم التدخل لمنع حصول عمليات قتل وليس المشاركة فيها. وتستوجب هذه التهمة الأقل خطورة، كما يعرفها الفصل 1 من القانون عدد 48 الصادر في يونيو/حزيران 1996، عقوبة بالسجن لا تتجاوز خمس سنوات، ولذلك قامت محكمة الاستئناف بتخفيف الأحكام الصادرة في حق المتهمين. وذلك يعني أن محكمة الاستئناف اعتبرت أن المسؤولية الجنائية للمتهمين تقتصر على "الإهمال"، وهو ما لا يعكس خطورة الجرائم المرتكبة، ولا يأخذ بعين الاعتبار بعض الأدلة التي توصلت إليها محاكم الاستئناف بنفسها حول تورط مسؤولين سامين في الجرائم.

توصلت المحكمة إلى وجود أدلة حول انتماء المسؤولين إلى مجموعة خططت لإخماد الاحتجاجات الشعبية باستخدام القوة، وأنها كانت تعمل وفق أوامر مباشرة من الرئيس السابق بن علي. ويبدو أن ما توصلت إليه المحكمة في ما يتعلق بعدم مشاركة المتهمين في الجرائم المرتكبة متناقض مع هذه الأدلة. إضافة إلى ذلك، ينص القانون الجنائي الدولي على أنه ليس من الضروري التوصل إلى وجود أدلة مكتوبة أو أوامر علنية لإثبات المشاركة في ارتكاب جرائم دولية.

أحكام تبرئة وعقوبات مخففة

في القضايا القليلة التي نجح فيها القضاة في تحديد المتورطين في عمليات القتل بشكل مباشر، وتوصلوا إلى أدلة كافية لإدانتهم، قرروا إعادة تعريف الجريمة من القتل العمد إلى "القتل على وجه الخطأ"، وبرروا ذلك بأن ملابسات الأحداث تشير إلى أن المتهمين قاموا بإطلاق النار في خضم أحداث الفوضى، ولم تكن لديهم نية القتل. وهذا يعني أن المحكمة خففت المسؤولية الجنائية لاستخدام الأسلحة النارية رغم أن ملابسات الأحداث تشير إلى أن المتهمين لم يلتزموا بمبدأي الضرورة والتناسب عند استخدامها، ولم يتبعوا الخطوات التي ينص عليها القانون التونسي.

عدم وجود قوانين تتعلق بمسؤولية القيادة

تتعلق المحاكمات بالمسؤولية المزعومة للمتهمين على سلوك قوات الأمن الخاضعة لقيادتهم.  وكن القانون التونسي لا يتضمن أحكاما تتعلق بمسؤولية القيادة. وينص القانون على أنه لا يمكن إدانة أي شخص بمسؤولية جنائية إلا إذا كان مسؤولا أو مشاركا بشكل مباشر في ارتكابها، كما ينص على ذلك الفصل 32 من المجلة الجزائية. يُذكر أن المجلة الجزائية لا تتضمن أحكاما قانونية تجرّم مسؤولية القيادة، وهو مفهوم محوري في القانون الجنائي الدولي يتم بموجبه محاسبة القادة والمسؤولين على جرائم يرتكبها مرؤوسوهم إذا كانوا على علم بها، أو كان يوجد ما يثبت علمهم بها، دون اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع حدوثها أو محاسبة مرتكبيها.

عدم وجود إرادة سياسية لجلب بن علي

فرّ بن علي إلى السعودية يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011. ورغم صدور مذكرة توقيف دولية ضدّه إلا أن الحكومة التونسية لم تبذل جهودًا كافية لاسترجاعه من السعودية ومحاكمته. وتسبب غياب بن علي عن المحاكمات في الحدّ من قدرة المحكمة على التدقيق في ما حدث، وفي غياب شاهد رئيسي عن الأحداث. ومن العناصر التي اعتمدت عليها المحاكم الابتدائية في إدانة بن علي ومسؤولين رفيعي المستوى هو شهادة الوزير الأول الأسبق محمد الغنوشي الذي أفاد أن بن علي قال له إنه مستعد لقتل ألف شخص من أجل إخماد الاحتجاجات. واستخلصت المحكمة من هذه الشهادة وجود أمر بقتل المتظاهرين صادر عن بن علي إلى القوات الميدانية عبر مديري وزارة الداخلية. كما اعتمدت المحكمة على ثلاثة خطابات ألقاها الرئيس السابق ووجه فيها تعليمات إلى قوات الأمن بالتعامل مع الاحتجاجات بكل حزم. ولذلك يُعتبر بن علي طرفا محوريا في المحاكمات، وتسبب غيابه في ثغرة كبيرة في جهود المحاسبة.

قانون العدالة الانتقالية والمحاسبة

تبرز مراجعة الجهود القضائية المبذولة للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة ضدّ المتظاهرين أثناء الانتفاضة التونسية إخفاق المنظومة القضائية في محاسبة مرتكبي الانتهاكات وتحقيق العدالة لعائلات الضحايا. فقد نجحت المحاكم فقط في إدانة مسؤولين سامين في وزارة الداخلية، وأصدرت في حقهم أحكاما مخففة جدا بالسجن لمدة ثلاث سنوات رغم مقتل ما لا يقل عن 132 شخصًا وإصابة 1452 آخرين بجروح. وهذا يرقى إلى إنكار حق الضحايا وعائلاتهم في الحصول على تعويض فعال. وتعتبر المحاكمات الناجحة أهم رادع لحصول انتهاكات في المستقبل، ونقطة بداية في تحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم. ولذلك يجب مواصلة الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة، وقد توفر العدالة الانتقالية إطارا جديدا للقيام بذلك.

في 24 ديسمبر/كانون الأول 2013، تبنى المجلس الوطني التأسيسي القانون المنظم للعدالة الانتقالية. أرسى هذا القانون مقاربة شاملة لانتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في الماضي، وأسس هيئة الحقيقة والكرامة المتكونة من 15 عضوا للكشف عن الانتهاكات التي حصلت في تونس من يوليو/تموز 1955 إلى حدود 2013. كما ينص القانون على آليات لجبر الضرر للضحايا، والإصلاح المؤسساتي، وتفقد الموظفين المدنيين، وتحقيق المصالحة الوطنية، وعلى استحداث دوائر متخصصة في صلب المنظومة القضائية لمحاكمة الانتهاكات الخطيرة التي جدت بين يوليو/تموز 1955 وديسمبر/كانون الأول 2013.

وعقب الاحتجاجات التي اندلعت بسبب قرار محكمة الاستئناف العسكرية الصادر في 12 أبريل/نيسان 2014 والقاضي بتخفيف العقوبات الصادرة في حق القادة السامين ومديري وزارة الداخلية إلى ثلاث سنوات فقط، أصدر المجلس الوطني التأسيسي قانونا آخر في يونيو/حزيران 2014 ينص على كيفية تعامل آليات العدالة الانتقالية مع انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة أثناء الانتفاضة. واعتبر القانون قتل المتظاهرين وإصابتهم بجروح أثناء انتفاضة 2010ـ2011 "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان" تقع تحت اختصاص قانون العدالة الانتقالية. كما نص القانون على أن قيام هيئة الحقيقة والكرامة بإحالة قضايا تتعلق بانتهاكات ارتكبت أثناء الانتفاضة إلى مكتب النيابة العمومية يعني الإحالة الآلية لهذه القضايا إلى الدوائر المتخصصة التي لها أولوية النظر فيها.

ورغم أن إعادة فتح القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة أثناء الانتفاضة ربما يوفر سبيلا إلى معالجة السلبيات وعدم تحقيق العدالة للضحايا، إلا أن ذلك يثير مخاوف جادة تتعلق بحقوق الدفاع. فإطار العدالة الانتقالية قد يسمح بإعادة محاكمة شخص ما، بعد أن حوكم في محكمة عسكرية وصدرت في حقه عقوبة بالسجن أو التبرئة، في الدوائر المتخصصة بنفس التهم، وهذا يتعارض مع الحقوق الأساسية التي تنص عليها الفقرة 7 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحظر "إعادة المحاكمة ".

ينص القانون الدولي على استثناءين اثنين من منع إعادة المحاكمة: عند بروز ملابسات جديدة، مثل اكتشاف أدلة جديدة، وعند ثبوت أن الإجراءات السابقة لم تتم في إطار الاستقلالية والحياد كما تنص على ذلك معايير سلامة الإجراءات، أو أنها تمت بهدف إخفاء المسؤولية الجنائية لشخص ما.

قد تتمكن هيئة الحقيقة والكرامة، من خلال قدرتها على الاطلاع على الأرشيف والشهادات، من اكتشاف حقائق جديدة قد تكون مهمة، وتبرر إعادة محاكمة شخص مرة ثانية. كما تستطيع هذه الهيئة دراسة كل قضية على حدة للتأكد مما إذا كانت المحاكمة جرت بشكل مستقل ومحايد، وكانت غايتها تحقيق العدالة أو لمساعدة شخص ما على الإفلات من العقاب. وفي هذه الحالة، ستستطيع آليات العدالة الانتقالية التي تم إنشاؤها في تونس تعويض الهوة المتعلقة بالإفلات من العقاب التي تميزت بها محاكمات الأشخاص المتهمين بارتكاب عمليات قتل وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أثناء الانتفاضة التونسية.

التوصيات

إلى النيابة العمومية

  • يجب إرسال توجيهات إلى جميع المدعين بإجراء تحقيقات شاملة ومحايدة وسريعة في جميع المزاعم المتعلقة بارتكاب الأعوان المكلفين بإنفاذ القوانين لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بصرف النظر عن رتبهم، وعما إذا كان الضحايا أو عائلاتهم قد تقدموا بدعوى رسمية في الغرض.
  • عند وجود مزاعم تتعلق بسوء سلوك أحد عناصر قوات الامن، يجب إقصاء الفرقة التي ينتمي إليها هذا العنصر من أي دور في التحقيقات المتعلقة بالحادثة، وكذلك المحاضر المتعلقة بشهادات الشهود. ويجب أن يكون هذا الدور من اختصاص المدعي العام، ويُمكن لفرق الشرطة التابعة لمراكز أخرى تقديم المساعدة عند الاقتضاء.
  • يجب ضمان إجراء تحقيقات سريعة ومحايدة، وتحديد آجال زمنية لتقديم الأدلة، مع ضمان التحقيق مع جميع المسؤولين، بما في ذلك أصحاب المراتب العليا.

إلى الحكومة

  • يجب مضاعفة الجهود لضمان جلب المتهم الرئيسي في هذه المحاكمات، الرئيس السابق بن علي، من السعودية.
  • يجب على وزير الداخلية إصدار أمر ملزم يحث فيه جميع قوات الأمن إلى الالتزام الدائم بأهم المعايير الدولية، وخاصة مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون.
  • يجب ضمان فتح تحقيق تأديبي في جميع ضباط القيادة الذين كانوا يعلمون، أو كان ينبغي أن يعلموا، بحصول جرائم خطيرة على يد مرؤوسيهم دون أن يتخذوا الإجراءات اللازمة لمعاقبتهم.
  • يجب إعلام الضحايا وعائلاتهم بشكل سريع بنتائج التحقيقات الداخلية والإجراءات التأديبية، ونشر هذه المعلومات للعموم كمؤشر على أن الوزارة لن تتسامح مع أي انتهاكات.
  • يجب التعاون بشكل كامل مع التحقيقات الجنائية والاحتفاظ بجميع الأدلة التي قد تثبت حصول انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان لدى أجهزة الأمن.
  • يجب تحديد الإجراءات التي يتم بموجبها تعيين القضاة والمدعين في الدوائر المتخصصة في قانون العدالة الانتقالية بما يحترم متطلبات الاستقلالية والحياد. كما يجب أن يتبع هذا المرسوم الإجراء الذي ينص عليه الدستور في ما يتعلق بتعيين القضاة، أي على قاعدة الاختيار والتوصية من قبل المجلس الأعلى للقضاء.
  • يجب إنشاء وحدة لحماية الشهود تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة الشهود وعائلات الضحايا أثناء التحقيق والمحاكمة وبعدهما.

إلى البرلمان التونسي

  • يجب تعديل الفصلين 20 و22 من القانون 4ـ69 الصادر في 24 يناير/كانون الثاني 1969 المتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر للحد من استخدام القوة المميتة الا في حالات الدفاع عن النفس أو عن آخرين ضد تهديد وشيك بالموت أو بإصابة خطيرة، ومنع حصول جرائم خطيرة فيها تهديد للحياة، واعتقال أي شخص يمثل هذا التهديد ولا يستجيب للسلطات، أو منع هروبه، وعندما لا يمكن استخدام أي وسائل أخرى أقل خطورة لتحقيق الأهداف المرجوة.
  • يجب إصلاح المجلة الجزائية بإدراج حكم قانوني خاص بمسؤولية القيادة يتماشى مع التعريف المتداول في القانون الدولي. ولأن هذا المبدأ جزء من القانون العرفي الدولي، يمكن تطبيقه بصورة رجعية علي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان تحت طائلة العدالة الانتقالية.
  • يجب اعتماد تشريعات تنفيذية لنظام روما الأساسي تضم تجريما لجرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية، والإبادة الجماعية في القانون  الداخلي.
  • يجب إصلاح القوانين التونسية بما يجعل اختصاص القضاء العسكري مقتصرا على الجرائم ذات الطابع العسكري البحت التي يرتكبها أعوان الجيش، واستثناء جميع القضايا التي يكون فيها المتهم أو الضحية من المدنيين.

إلى أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة

  • تماشيا مع الولاية القضائية التي يمنحها لها قانون العدالة الانتقالية، يجب على الهيئة مراجعة جميع القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت أثناء الثورة والتي حوكمت في محاكم عسكرية للوصول إلى حقيقة ما حصل. وإذا توصلت الهيئة إلى أدلة هامة لم تكن متوفرة أو معلومة أثناء المحاكمة السابقة، أو إذا رأت أن المحاكمات السابقة لم تتم في إطار الاستقلالية والحياد كما تنص على ذلك معايير سلامة الإجراءات المكفولة في القانون الدولي، أو أنها تمت في ظروف جعلتها تحيد عن هدف تحقيق العدالة للشخص المعني، فإنه يتعين عليها إحالة هذه القضايا إلى النيابة العمومية للشروع في محاكمة جديدة لدى الدوائر المتخصصة.

إلى الحكومات والمؤسسات التي تقدم مساعدات لـتونس تحت عنوان برامج الإصلاح القضائي وسيادة القانون

  • يجب تشجيع تونس على التحقيق في جميع المزاعم المتعلقة بحصول انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان على يد الأعوان المكلفين بإنفاذ القانون.
  • يجب مساعدة السلطات التونسية على تبني إصلاحات شاملة في قطاع الأمن.
  • بالتنسيق مع السلطات الوطنية، يجب النظر في كيفية جعل المساعدات المقدمة لإصلاح قطاع القضاء مستغلة في دعم الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة في جرائم خطيرة لحقوق الإنسان.
  • يجب تقديم المساعدات التي من شأنها دعم الدوائر المتخصصة في قانون العدالة الانتقالية، مثل ما يتعلق بحماية الضحايا ودعمهم، والفحوص الشرعية، وتدريب العاملين على مقاومة الجرائم الخطيرة، وتقديم المساعدة الأمنية الدولية، وإصلاح القوانين، والدفاع عن المتهمين، وتوعية الناس وإعلامهم. 

منهجية التقرير

أجرت هيومن رايتس ووتش بحوثا حول المحاكمات العسكرية لضباط وأعوان الأمن المتورطين في استخدام القوة بشكل غير قانوني لإخماد الاحتجاجات التي شهدتها تونس بين ديسمبر/كانون الأول 2010 وأبريل/نيسان 2014. وترمي هذه البحوث بشكل أساسي إلى تقييم: (1) ما إذا كانت المحاكمات قد احترمت حق المتهمين في محاكمة عادلة، و(2) ما إذا كانت فعالة في محاسبة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

تابعت هيومن رايتس ووتش عديد المحاكمات الجماعية الخاصة بقتل المتظاهرين أثناء الانتفاضة التونسية في 2010ـ2011 في المرحلة الابتدائية ومرحلة الاستئناف، وأجرت مقابلات مع أكثر من 50 شخصًا، منهم أقارب لأشخاص قتلوا أو جرحوا أثناء الانتفاضة، وعائلات المتهمين، وممثلي الضحايا، ومحامو الدفاع، وقضاة عسكريين، ومسؤوليين قضائيين، وأطراف من المجتمع المدني ممن اهتموا بالمحاكمات. كما قام باحثو هيومن رايتس ووتش بمراجعة ملفات القضايا للمحاكمات الجماعية في المحاكم العسكرية في تونس والكاف وصفاقس، بما في ذلك لوائح الاتهام، والأدلة التي جمعها قضاة التحقيق، والأدلة المقدمة إلى المحكمة، ومحاضر استجواب الضحايا والشهود والمتهمين، والأحكام النهائية الصادرة عن المحاكم العسكرية في القضايا الابتدائية وقضايا الاستئناف.

I . الخلفية

تعامل قوات الأمن مع الاحتجاجات الشعبية

بعد أن قام البائع المتجول محمد البوعزيزي بإضرام النار في نفسه في سيدي بوزيد في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، هبّ آلاف التونسيين إلى الشوارع احتجاجا على الرئيس زين العابدين بن علي وحكومته، وكان أغلبهم من شباب الأحياء والمدن المهمشة. وردّت الشرطة على الاحتجاجات بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والذخيرة الحية، بينما قام المتظاهرون بإلقاء الحجارة، وفي بعض الأحيان الزجاجات الحارقة، على قوات الأمن. جدت الأحداث الأكثر دموية أيام 8 و9 و12 يناير/كانون الثاني 2011 في القصرين وتالة والرقاب حيث قتل أكثر من 23 شخصا وجرح مئات الآخرين، وكذلك في تونس العاصمة وضواحيها حيث قتل أكثر من 64 شخصًا بين 13 و15 يناير/كانون الثاني. وسقط معظم الضحايا نتيجة استخدام الذخيرة الحية من قبل الشرطة في ظروف لم يكن فيها ما يبرر اللجوء إلى القوة المميتة. وكانت الحصيلة الجملية 132 قتيل و حوالي 1452 جريح في الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 و14 يناير/كانون الثاني  2011 بحسب التقرير النهائي للجنة الوطنية لتقصي الحقائق التي أنشئت في فبراير/شباط 2011 للتحقيق في الانتهاكات التي حصلت أثناء الانتفاضة.[1]

خلصت تقارير لمنظمات غير حكومية، منها هيومن رايتس ووتش، إلى أن قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة في مواجهة المظاهرات. [2] وفشلت الشرطة بشكل ذريع في الالتزام بالقانون التونسي واتخاذ إجراءات تصاعدية قبل اللجوء إلى إطلاق النار على الجزء العلوي من أجسام المتظاهرين. وحصلت هيومن ايتس ووتش، أثناء التحقيق الذي أجرته، على شهادات من شهود قالوا إن الشرطة أطلقت عليهم النار دون سابق إنذار، وعلى أدلة طبية تؤكد أن عديد المتظاهرين يعانون من إصابات ناتجة عن طلقات نارية في مستوى الظهر والرأس، وهو ما يوحي بأن الشرطة أطلقت النار بنيّة القتل، واستخدمت القوة المميتة ضدّ أشخاص لم يكونوا يشكلون أي خطر على حياة الأعوان. كما تبرز الأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات إلى أن قوات الأمن التونسية لم تلتزم بالمعايير الدولية التي تنص عليها مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين ومدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، ولم تمتثل للقوانين التونسية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية. [3] وفي أغلب الحالات التي قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيقها، يبدو أن قوات الأمن التونسية قامت بإطلاق الذخيرة الحية على متظاهرين لم يكونوا يشكلون أي تهديد على حياتها او حياة الآخرين. واستنادًا إلى ملفات القضايا المتعلقة بمقتل المتظاهرين، فإن 89 بالمائة من الضحايا كانوا يحملون إصابات ناتجة عن إطلاق النار على أماكن حساسة مثل الرأس والصدر.

ينظم القانون التونسي رقم 4ـ69 المؤرخ في 24 يناير/كانون الثاني 1969، المتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر في الفصول 20ـ22 استخدام الأعوان المكلفين بإنفاذ القانون للأسلحة النارية حيث تنص على أنهم قد يلجؤون إليها فقط إذا لم تكن هناك أية وسيلة أخرى للدفاع عن "المكان الذي يحتلونه أو المنشآت التي يحمونها أو المراكز أو الأشخاص الذين عهد إليهم بحراستهم أو إذا كانت المقاومة بكيفية يستحيل التغّلب عليها بصفة أخرى إلا باستعمال الأسلحة"

كما ينص نفس القانون على أنه إذا رفض المتظاهرون "التفريق" على الرغم من التحذيرات التي أعطيت لهم، على أعوان إنفاذ القانون إتباع الإجراءات التالية من أجل تفريقهم:

  • الماء أو المطاردة بالعصي،
  • الرمي بالقنابل المسيلة للدموع،
  • طلق النار عموديا في الفضاء لتخويف المتجمهرين،
  • طلق النار فوق رؤوس المتجمهرين،
  • طلق النار صوب أرجلهم.

وفقط في حال "عمد المتجمهرون إلى بلوغ مقاصدهم بالقوة رغم استعمال جميع الطرق المنصوص عليها"، آنذاك فإن "أعوان الأمن يطلقون عليهم النار مباشرة".


يشتمل القانون التونسي على معيار أدنى من المبادئ الأساسية للأمم المتحدة، بشأن الظروف التي يمكن استخدام القوة المميتة في ظلها. في حين أن المبادئ الأساسية تنص على أنه "لا يجوز استخدام الأسلحة النارية القاتلة عن قصد إلا عندما يتعذر تماما تجنب ذلك من أجل حماية الأرواح"، ويسمح القانون التونسي لموظفي إنفاذ القانون باستخدام القوة المميتة لحماية مواقعهم أو المباني. ولا يستجيب هذا الحكم القانوني إلى الحد الأدنى من القانون الدولي الذي ينص على أن يكون استخدام القوة ضروريًا لحماية الأرواح ومتناسبًا، ولا يسمح باستخدام القوة المميتة إلا عندما تكون ضرورية جدا لحماية حياة الأشخاص.

منظومة القضاء العسكري في تونس

منظومة القضاء العسكري في تونس مستمدة من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية التي تم تبنيها في 10 يناير/كانون الثاني 1957. [4] وتتكون هذه المنظومة من ثلاث محاكم ابتدائية عسكرية، ومحكمة استئناف، [5] ودائرة اتهام عسكرية لدى المحاكم العسكرية الدائمة، ومحكمة التعقيب العسكرية، وهي جزء من محكمة التعقيب العادية، وتتكون من ضابط عسكري رفيع المستوى يعينه وزير الدفاع، وقضاة تحقيق عسكريين، ومدعي عام عسكري. [6]

للمحاكم العسكرية صلاحية النظر في الجرائم العسكرية، والجرائم المرتكبة ضدّ الجيش، والجرائم التي تنتهك القانون العادي عندما يرتكبها موظفون عسكريون في حق موظفين عسكريين آخرين، سواء أثناء العمل أو خارجه. [7] يشمل اختصاص المحاكم العسكرية المعروف بـ "محاكمة الأفراد بصفاتهم الشخصية" ( ratione personae ) ضباط الجيش وعديد المستويات الأخرى من الموظفين العسكريين، والمدنيين المتهمين بارتكاب جرائم أو المشاركة في جرائم في الثكنات العسكرية، أو المتهمين بالتشهير بالجيش. [8] واعتمادًا على هذا التقسيم، فإن اختصاص "محاكمة الأفراد بصفاتهم الشخصية" الذي تتمتع به المحاكم العسكرية يشمل قوات الأمن الداخلي التي تعتبر "قوة مسلحة مدنية" تابعة لوزارة الداخلية، بما في ذلك أعوان الأمن الوطني والشرطة الوطنية. [9] واستنادًا إلى الفصل 22 من القانون رقم 70 الصادر في أغسطس/آب 1982 المتعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي: " تحال على المحاكم العسكرية ذات النظر القضايا التي يكون أعوان قوات الأمن الداخلي طرفا فيها من اجل واقعة جدت في نطاق مباشرة العمل ولها مساس بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي أو بحفظ النظام في الطريق العام وبالمحلات العمومية والمؤسسات العمومية والخاصة وذلك أثناء أو اثر الاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر".

كانت المحاكم العسكرية تشكل عنصرًا أساسيا في جهاز القمع الذي اعتمدته الدولة في فترات حكم الرئيسين الحبيب بورقيبة من 1957 إلى 1987 وزين العابدين بن علي من 1987 إلى 2011. وشهدت هاتين الفترتين إدانات ظالمة في محاكمات عسكرية تتعلق بجرائم سياسية. [10]

في يوليو/تموز 2011، بعد خلع بن علي بستة أشهر، أصدرت الحكومة الانتقالية المرسوم رقم 69 الصادر في 29 يوليو/تموز 2011، المتعلق بتعديل مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، والمرسوم رقم 70 الصادر في 29 يوليو/تموز 2011 المتعلق بتنظيم القضاء العسكري وضبط النظام الأساسي الخاص بالقضاة العسكريين.

واستنادًا إلى المدعي العام العسكري، كانت هذه الإصلاحات ترمي إلى تحقيق أربعة أهداف: [11]

  1. تعزيز استقلالية القضاء العسكري عن السلطة التنفيذية، فالقانون السابق كان يمنح لوزير الدفاع سلطات واسعة في المسائل الإجرائية. وكان الشروع في الإجراءات الجزائية لدى المحاكم العسكرية يتطلب موافقة من وزير الدفاع. [12] كما كان الوزير يتمتع بسلطة الإذن بتعليق تطبيق أي عقوبة صادرة عن المحكمة العسكرية. [13] أما المرسوم الجديد، فألغى هاتين الصلاحيتين.
  2. تعزيز حضور القضاة المدنيين في المحاكم العسكرية، فالمرسوم رقم 69 ينص على أن يكون رئيس المحكمة ورؤساء الدوائر قضاة من المحاكم المدنية. [14]
  3. إرساء نظام قضائي يتكون من درجتين من خلال إنشاء محكمة استئناف عسكرية، والتمديد في آجال استئناف القرارات لدى محكمة التعقيب، وجعله متناسبا مع أجل العشرة أيام الذي يتم تطبيقه على القرارات الصادرة عن القضاء المدني.
  4. تمكين الضحايا من التقاضي لدى القضاء العسكري، فقد كانت مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية لا تسمح لأطراف مدنية بالتقاضي لدى المحاكم العسكرية. [15] ولكن المرسوم رقم 69 جاء بتغيير، فصار فصله السابع ينص على أنه: " يمكن إثارة الدعوى العموميّة على المسؤوليّة الشخصيّة والقيام بالحق الشخصي أمام المحاكم العسكريّة أو قضاة التحقيق طبق القواعد والإجراءات المنصوص عليها بمجلة الإجراءات الجزائيّة". وتسمح مجلة الإجراءات الجزائية لكل من يعاني من ضرر ناتج عن اعتداء مباشر بأن يرفع دعوى قضائية. إضافة إلى ذلك، أصبح للضحايا الآن الحق في التعويض بموجب مجلة الإجراءات الجزائية.

خطوات لتحقيق العدالة

في أواخر فبراير/شباط 2011، قام قضاة تحقيق مدنيين بفتح تحقيقات رسمية في عمليات القتل التي جدت بين 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 و14 يناير/كانون الثاني 2011. كما قاموا بجمع الأدلة، واستجوبوا مئات الشهود، وأصدروا لوائح اتهام في حق بعض المشتبه فيهم. ولكن في مايو/أيار 2011، قرر قضاة التحقيق المدنيين إحالة القضايا إلى المحاكم العسكرية استنادًا إلى الفصل 22 من قانون سنة 1982 المتعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي الذي يمنح المحاكم العسكرية صلاحية النظر في القضايا التي يكون فيها المتهمون من قوات الأمن.

وقررت إدارة القضاء العسكري تجميع القضايا جغرافيا في المحاكم العسكرية بالكاف وتونس وصفاقس. وتم إجراء محاكمات جماعية في الكاف وتونس لأكثر من 40 مشتبها فيهم، ومحاكمات أخرى في محكمة صفاقس.

المحكمة العسكرية بالكاف

تعلقت المحاكمة الجماعية التي تمت في المحكمة الابتدائية العسكرية بالكاف بعمليات القتل التي حصلت في مدينتي تالة والقصرين غرب البلاد، والتي وقعت في أغلبها بين 8 و12 يناير/كانون الثاني 2011. وكانت شرطة مقاومة الشغب، قد جاءت مساء 8 يناير/كانون الثاني إلى مدينة تالة من مدن أخرى، وتسببت في مقتل خمسة أشخاص في تلك الليلة، وشخص سادس في 12 يناير/كانون الثاني، ثم انسحبت من المدينة، وحلّ محلها الجيش. أما في القصرين، التي بدأت فيها الاحتجاجات المناوئة للحكومة بتجمع للمحامين في 4 يناير/كانون الثاني، فقد بدأت الشرطة في إطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين في 8 يناير/كانون الثاني، وتسببت في مقتل 14 متظاهرًا. [16]

وبعد إحالة القضايا من المحاكم الابتدائية في القصرين والقيروان إلى القضاء العسكري في الكاف، قام فوزي العياري، قاضي التحقيق العسكري في المحكمة العسكرية في الكاف، بإصدار لوائح اتهام في حق 22 متهما في 17 أغسطس/آب 2011. وفي 6 سبتمبر/أيلول 2011، قامت دائرة الاستئناف في الكاف بمراجعة لوائح الاتهام وتثبيتها [17] ، ثم بدأت محاكمة 22 متهما في المحكمة العسكرية بالكاف في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2011. وتعلقت المحاكمة بـ 23 عملية قتل، ومئات الجرحى، ناتجة عن تدخل قوات الأمن في تالة والقصرين والقيروان وتاجروين.

عقدت المحكمة عشر جلسات قامت خلالها بدراسة الأدلة واستجواب المتهمين والشهود. وبدأت المرافعات من جانب النيابة العمومية ومحامي المتهمين والضحايا في 21 مايو/أيار 2012.

أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة في الكاف حكمها في 12 يونيو/حزيران 2012، وأدانت فيه الرئيس السابق بن علي غيابيا بالمشاركة في القتل عملا بالفصل 32 من المجلة الجزائية التونسية، وقضت عليه بالسجن المؤبد. كما أدانت رفيق الحاج قاسم، الذي شغل منصب وزير الداخلية من نوفمبر/تشرين الثاني 2004 إلى 12 يناير/كانون الثاني 2011، بنفس التهم وحكمت عليه بالسجن لمدة 12 سنة. وحكمت المحكمة أيضا بالسجن لمدة عشر سنوات على كل من عادل التويري، المدير السابق للأمن الوطني، وجلال بودريقة، المدير السابق لشرطة مقاومة الشغب (BOP)، ولطفي بن زواوي، المدير السابق للأمن العمومي، ويوسف بن عبد العزيز، عميد سابق في شرطة مكافحة الشغب، وخالد بن سعيد، مدير سابق للفرقة الخاصة بمقاومة الإرهاب. كما أدانت المحكمة ستة ضباط من ذوي الرتب الدنيا بقتل المتظاهرين عملا بالفصول 201 و202 و205 من المجلة الجزائية، وحكمت عليهم بالسجن لفترات تتراوح بين سنة واحدة و15 سنة. [18]

وبرّأت المحكمة عديد المتهمين الآخرين، ومنهم علي السرياطي، المدير العام للأمن الرئاسي في الفترة الممتدة من 1 ديسمبر/كانون الأول 2001 إلى 14 يناير/كانون الثاني 2011، وأحمد فريعة، وزير الداخلية بين 12 و27 يناير/كانون الثاني 2011، إضافة إلى عديد القادة الذين أشرفوا على قوات الأمن في تالة والقصرين أثناء مهاجمة المتظاهرين، ومنهم منصف العجيمي، مدير شرطة مكافحة الشغب في تالة بين 10 و12 يناير/كانون الثاني، ومنصف كريفة، المدير الجهوي لشرطة مكافحة الشغب عند وقوع الأحداث، وعديد الضباط الآخرين من ذوي الرتب الدنيا. [19]

المحكمة العسكرية بتونس

أجرت المحكمة الابتدائية العسكرية في تونس محاكمة جماعية لـ 43 متهما، بمن فيهم بن علي المحاكم غيابيا، ووزيري داخليته في فترة الانتفاضة، وخمسة مديرين عامين لقوات الأمن، و35 ضابطا من ذوي الرتب الدنيا. ونظرت المحكمة في عمليات إطلاق النار التي حصلت في ولايات تونس والكاف ونابل، والتي تسببت في مقتل 45 شخصًا وإصابة 97 آخرين بجروح. انطلقت المحاكمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، بعد أن قام قضاة التحقيق المدنيين في محاكم تونس وبنزرت ونابل بإحالة القضايا إلى القضاء العسكري اعتمادًا على الفصل 22 من القانون رقم 70 الصادر في أغسطس/آب 1982 المتعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي. [20]

وفي 19 يوليو/تموز، أدانت المحكمة العسكرية الدائمة في تونس بن علي غيابيا بالمشاركة في القتل عملا بالفصل 32 من المجلة الجزائية، وحكمت عليه بالسجن المؤبد. كما أدانت وزير الداخلية السابق رفيق الحاج قاسم بنفس التهم، وحكمت عليه بالسجن لمدة 15 سنة، والمدير السابق للأمن الرئاسي علي السرياطي، وحكمت عليه بالسجن لمدة 20 سنة. وحكمت المحكمة بالسجن لمدة عشر سنوات على كل من عادل التويري، المدير السابق للأمن الوطني، وجلال بودريقة، المدير السابق لشرطة مكافحة الشغب، ولطفي بن زواوي، المدير السابق للأمن العمومي، ومحمد علي العابد، المدير السابق للحرس الوطني. كما أدانت نفس المحكمة 14 ضابطا آخرين من ذوي الرتب الدنيا بقتل المتظاهرين طبق الفصول 201 و202 و205 من المجلة الجزائية، وحكمت عليهم بالسجن لفترات تراوحت بين سنة واحدة و15 سنة. وبرّأت المحكمة عديد المتهمين الآخرين، ومنهم أحمد فريعة، وزير الداخلية في الفترة الممتدة من 12 إلى 27 يناير/كانون الثاني 2011. [21]

المحكمة العسكرية بصفاقس

تم إجراء عدد من المحاكمات المنفصلة في المحكمة العسكرية الابتدائية بصفاقس.

صدر الحكم الأول في 30 أبريل/نيسان 2012، وقضى بسجن الشرطيين عمران عبدلالي ومحمد سعيد خلودة لمدة 20 سنة، مع غرامة مالية قدرها 80 ألف دينار (49230 دولار أمريكي) بسبب قتل سليم الحضري الذي أصيب برصاصة في الرأس أثناء مشاركته في مسيرة يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011 في مدينة صفاقس، 270 كلم جنوب تونس العاصمة. وبعد ذلك، قامت محكمة الاستئناف العسكرية في سبتمبر/أيلول 2012 بتخفيف العقوبة إلى السجن لمدة عشر سنوات في حق عمران عبدلالي وبرأت سعيد خلودة.

كما جرت في محكمة صفاقس محاكمة أخرى تتعلق بمقتل ثلاثة متظاهرين في دقاش، وهي بلدة تبعد حوالي عشر كلم على مدينة توزر جنوب غرب البلاد. وكان عبد القادر المكي وماهر العبيدي وأمجد الحامي قد قتلوا، وأصيب شخصان آخران بجروح، في مظاهرة شهدتها البلدة في 11 يناير/كانون الثاني 2011. ووجهت المحكمة تهمة القتل العمد لمشتبه فيه واحد، هو الطيب عمامي، الملازم في الحرس الوطني. وفي 15 فبراير/شباط، قضت المحكمة بسجنه لمدة 15 سنة. وخفضت محكمة الاستئناف العسكرية في الحكم الي 8 سنوات.

عمليات القتل في مدينة الرقاب: في 29 يناير/كانون الثاني 2013، أصدرت المحكمة العسكرية في صفاقس حكمها المتعلق بعمليات القتل التي وقعت في مدينة الرقاب، في ولاية سيدي بوزيد، وقضت بسجن مراد الجويني، قائد في شرطة مكافحة الشغب، لمدة عشر سنوات، والملازم بسام العكرمي غيابيا بالسجن لمدة 20 سنة. وكان المتهمان ضالعين في قمع الاحتجاجات التي شهدتها مدينة الرقاب التي تبعد 50 كلم جنوب شرق سيدي بوزيد. وتسبب قمع الاحتجاجات في الرقاب إلى مقتل خمسة أشخاص، وإصابة 32 آخرين بجروح.

محكمة الاستئناف العسكرية

شرعت المحكمة في جلسات الاستئناف في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2012، وعقدت عشر جلسات تتعلق بالمحاكمة الجماعية في مدينة تونس وعشر جلسات أخرى تتعلق بالمحاكمة الجماعية في مدينة الكاف. استمعت المحكمة إلى شهادات الشهود، واتخذت عديد الإجراءات التكميلية، مثل مطالبة شركات الهاتف الجوال بتقديم قائمة في جميع المكالمات الهاتفية التي أجراها المتهمون في الفترة الممتدة من 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 إلى 14 يناير/كانون الثاني 2011.

وفي 12 أبريل/نيسان 2012، أصدرت محكمة الاستئناف العسكرية حكمها في المحاكمتين الجماعيتين لمتهمي مدينة تونس ومدينة الكاف، وفي محاكمة منفصلة لمتهمين في إحدى قضايا مدينة صفاقس. كما قررت المحكمة توحيد الأحكام رغم أن المحاكمات كانت تجري بشكل منفصل حتى ذلك الوقت.

ثبتت المحكمة الإدانة الصادرة عن المحكمة الابتدائية في حق بن علي بالمشاركة في القتل، وأبقت على عقوبة السجن المؤبد في حقه، ولكنها خففت التهم والاحكام الصادرة في حق متهمين آخرين. فقد أدانت وزير الداخلية السابق رفيق الحاج قاسم، والمسؤولين الأمنيين عادل تويري، وجلال بودريقة، وعلي السرياطي، ولطفي بن علي الزواوي عملا بالفصل 1 من القانون رقم 48 الصادر في يونيو/حزيران 1966، بـ " الامتناع المحظور"، وهي تهمة أقل خطورة من التهمة التي وجهتها لهم المحكمة الابتدائية، فنتج عن ذلك تخفيف الحكم الصادر في حقهم من السجن لمدة 20 سنة إلى ثلاث سنوات فقط. كما قضت المحكمة بضرورة طرح الفترة التي قضاها كل متهم في السجن من فترة العقوبة. وحكمت المحكمة على ضباط من ذوي الرتب الدنيا بالسجن لفترات تراوحت بين سنة واحدة وثلاث سنوات بتهمة قتل المتظاهرين عملا بالفصول 201 و202 و205 من المجلة الجزائية.

.II إيجابيات المحاكمات العسكرية وعيوبها

ضمانات المحاكمة العادلة

قامت هيومن رايتس ووتش بمراقبة عديد جلسات المحاكمة الجماعية في المحاكم الابتدائية ومحكمة الاستئناف العسكرية. وفي هذه الجلسات، نجح القضاة بشكل عام في إدارة قاعة المحكمة والتعامل مع المتهمين والأطراف المدنية بشكل صحيح، ومنحوا للمتهمين ومحاميهم فرصا واسعة لتقديم الطلبات والمرافعة ودحض التهم.

كما احترمت المحاكم بشكل عام حق المتهمين في الحصول على محاكمة عادلة، والحق في تعيين محامين من اختيارهم. وأكد محامو الدفاع لـ هيومن رايتس ووتش إنهم تمكنوا من الاطلاع على ملفات القضايا وجميع الوثائق التي تحتويها، بما في ذلك لوائح الاتهام، وشهادات الضحايا والشهود، وجميع الأدلة الأخرى التي تم استخداما في المحاكمة. [22] كما سمحت المحاكم لمحامي الدفاع بتفحص الشهود، واستدعاء شهود خاصين بهم، وتقديم أدلة أخرى.

يُعتبر الرئيس السابق بن علي المتهم الوحيد الذي حوكم غيابيًا. ورغم أن القانون الدولي لا يمنع المحاكمات الغيابية، إلا أنه يعتبرها تعويضا غير كاف للمحاكمة العادية التي يكون فيها المتهم حاضرًا في مواجهة متهميه. ويتعين على المحاكم التي تحاكم أشخاصا غيابيا التأكد من بعض الضمانات الإجرائية التي تكفل الحقوق الأساسية للمتهمين، مثل إعلامهم بإجراءات التقاضي بشكل مسبق، وبحقوقهم في التمثيل أثناء الغياب، والتأكيد على حقهم في إعادة المحاكمة على أسس موضوعية عند عودته. ولكن لا توجد أي أحكام قانونية متعلقة بالمحاكمة الغيابية في قانون المرافعات والعقوبات العسكرية. ورغم أن محكمة الكاف قامت بتعيين محام للدفاع عن بن علي، إلا أنه لم يشارك في المحاكمة بشكل كامل. فقد كان حاضرًا أثناء الجلسة الأخيرة، إلا أنه رفض المرافعة. وتشير هذه العناصر إلى أنه لم يتم احترام الضمانات الإجرائية الدنيا للمحاكمة الغيابية في هذه القضية.

اختصاص المحاكم العسكرية

مثلما أشرنا سابقا، ينص القانون التونسي على أن للمحاكم العسكرية صلاحية النظر في جميع الجرائم التي ارتكبها أعوان الأمن أثناء انتفاضة 2011، عملا بالمادة 22 من القانون رقم 70 الصادر في أغسطس/آب 1982 المتعلق بالقانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي. ولكن سير المحاكمات المتعلقة بالانتفاضة في المحاكم العسكرية تسبب في تقويض المحاسبة بأشكال مختلفة.

أولا، حدث تأخير في ختم التحقيقات والشروع في المحاكمات، فقد بدأت المحاكم المدنية في أول الأمر بالتحقيق، وقام قضاة التحقيق المدنيين بجمع الأدلة، والاستماع إلى شهادات الشهود، وإجراء فحوصات الطب الشرعي، ليقوموا بعد ذلك بإحالة القضايا إلى القضاء العسكري لوجود أشخاص ينتمون إلى الجيش أو قوات الأمن من بين المشتبه فيهم. فشرع قضاة التحقيق العسكريين بعد ذلك في تحقيقات جديدة، واتخذوا نفس الخطوات التي اتخذها قضاة التحقيق المدنيين، ثم قاموا بإعداد لوائح الاتهام وأحالوا القضايا إلى دوائر الاتهام العسكرية. تسبب ذلك في تأخر التحقيقات والانطلاق في جلسات المحاكمة. كما تسبب نقل القضايا إلى القضاء العسكري في غضب لدى الضحايا وعائلاتهم الذين رفعوا دعاوى لدى محاكم مدنية ليكتشفوا بعد ذلك بخمسة أشهر أنها أحيلت إلى القضاء العسكري.

ثانيا، يوجد تصور سائد، خاصة بين الضحايا وعائلاتهم، بوجود ارتباط بين المحاكم العسكرية والسلطة التنفيذية في تونس لضمان التصريح بأحكام مخففة في حق المتهمين. ورغم الإصلاحات التي أدخلت على القضاء العسكري كما ذكرنا سابقا، بقي القضاة العسكريون مرتبطين بشكل رسمي بوزير الدفاع عبر المجلس الأعلى للقضاء. ويُشرف هذا المجلس، الذي يرأسه وزير الدفاع، على تعيين القضاة العسكريين، وترقيتهم، وتأديبهم، وفصلهم. إضافة إلى ذلك، يتم تعيين القضاة المدنيين في المحاكم العسكرية بموجب مرسوم رئاسي، بعد التشاور مع وزير العدل ووزير الدفاع. كما يتم تعيين المدعي العام العسكري من قبل وزير الدفاع، ويبقى يعمل تحت إمرته. وينتمي جميع المدعين وقضاة التحقيق الذين يعملون في المحكم العسكرية إلى الجيش، ولذلك لا يمكن اعتبار المحاكم العسكرية مستقلة عن السلطة التنفيذية. وتسبب غياب الاستقلالية في بث مزيد من الشكوك بين الضحايا وعائلاتهم بأن المحاكم خاضعة لضغوط سياسية، وان ذلك نتج عنه التصريح بعقوبات مخففة في حق الأشخاص المدانين في عمليات القتل التي حصلت أثناء الانتفاضة، وتبرئة متهمين آخرين.

ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتونس طرف فيه منذ 1969، على المعايير القانونية الدولية المتعلقة بسير المحاكمات العادلة لضمان حصول ضحايا الانتهاكات على تعويضات فعالة. ولذلك يجب أن تجرى المحاكمات الجنائية في "محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون". [23]

دعت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، هيئة الخبراء المكلفة بمراقبة امتثال الدول للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الدول الأعضاء إلى محاكمة موظفي الجيش وقوات الأمن في محاكم مدنية في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان. [24]

توجد معايير دولية أخرى تنص على أن تتم محاكمة القضايا التي فيها انتهاكات لحقوق الإنسان في حق مواطنين مدنيين في محاكم مدنية، وليس محاكم عسكرية، بما في ذلك القضايا التي يكون فيها المشتبه فيهم من عناصر الجيش أو غيره من قوات الأمن. وعلى سبيل المثال، تنص المبادئ التوجيهية بشأن الحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا على أن "الغرض الوحيد من المحاكم العسكرية هو الاختصاص بالنظر في الجرائم عسكرية الطابع بالأساس والتي يرتكبها عناصر من العسكريين". [25] وكذلك تنص مبادئ الأمم المتحدة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان من خلال مكافحة الإفلات من العقاب على أن "اختصاص المحاكم العسكرية يجب أن يقتصر على التجاوزات العسكرية المرتكبة من قبل عسكريين، ويُستبعد منها ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، وهي القضايا التي يجب أن تتبع اختصاص المحاكم العادية بالدولة، أو في حالة الضرورة، كما هو الحال بالنسبة للجرائم الجسيمة بتعريف القانون الدولي، تخضع للمحاكم الدولية أو المُدوّلة". [26]

ثالثا، منعت عائلات الضحايا والجرحى بصفتها أطرافا مدنية من المشاركة في مرحلة التحقيق لأن قانون المرافعات والعقوبات العسكرية لا يسمح بوجود أطراف مدنية في قضايا عسكرية. [27] ولذلك حرمت العائلات من التحقيقات، ومن الاطلاع على شهادات الشهود التي استمع لها قضاة التحقيق، ومن تقديم أي أدلة إضافية.

صارت الإصلاحات التي أدخلت على منظومة القضاء العسكري في يوليو/تموز 2011 تسمح للضحايا بأن يكونوا طرفا مدنيا له الحق في رفع دعاوى لدى المحاكم العسكرية طبق القواعد والإجراءات التي ينص عليها قانون المرافعات والعقوبات العسكرية (الذي يسمح لكل من لحق به ضرر ناتج عن اعتداء مباشر أن يرفع دعوى). ولكن لم يبدأ العمل بمرسوم يوليو/تموز إلا في 16 سبتمبر/أيلول 2011، وهو نفس الشهر الذي ختم فيه قضاة التحقيق في المحاكم الابتدائية العسكرية تحقيقاتهم، وأصدروا لوائح الاتهام. ونتيجة لذلك، لم يتمكن الضحايا وعائلاتهم من الاتصال بالمحاكم العسكرية بين مايو/أيار 2011، لما قامت بإحالة القضايا إلى القضاء العسكري، وسبتمبر/أيلول 2011، تاريخ ختم التحقيقات. وبالتالي لم يتمكنوا من تقديم أي أدلة، أو التماس تحقيقات إضافية، أو تقديم أي طلبات لقضاة التحقيق.

قالت لمياء فرحاني، شقيقة أنيس فرحاني الذي قتل برصاص الشرطة في 13 يناير/كانون الثاني 2011، وهي محامية للضحايا، قالت لـ هيومن رايتس ووتش:

قتل أخي في نهج كولونيا، وسط تونس العاصمة، في 13 يناير/كانون الثاني 2011. رفعنا قضية لدى المحكمة الابتدائية [المدنية] في تونس، واتصلنا بالقاضي بشكل مباشر، وتقابلنا معه عديد المرات، وقدمنا له أدلة من قبيل مقاطع فيديو تظهر بوضوح تسلسل الأحداث التي أدت إلى مقتل شقيقي، وطلبنا منه الاستماع إلى عديد الشهود. وبعد ذلك، قام القاضي المدني بختم الأبحاث، وأصدر لائحة الاتهام، وأحال القضية على دائرة الاتهام في المحكمة الابتدائية في تونس، التي كان يُفترض أن تقوم بتثبيت التهم. ولكن هذه الدائرة قررت في أغسطس/آب 2011 إحالة القضية إلى القضاء العسكري. ومنذ ذلك الوقت، وحتى انتهاء التحقيقات العسكرية في سبتمبر/أيلول 2011، لم نتمكن من الاطلاع على الإجراءات. قام قاضي التحقيق العسكري باستدعاء شاهدين على مقتل شقيقي للاستماع إلى شهادتيهما مجددًا. حاولت الاطلاع على الشهادات، فذهبت إلى المحكمة العسكرية، ولكنهم قالوا لي إنه لا يحق لي الحصول على أي وثائق من المحكمة، وإنه بإمكاني الحصول على نسخ من الشهادات من عند محامي المتهمين. [28]

وقال محامون آخرون ممن يمثلون الضحايا إن منعهم من الاطلاع على مجريات التحقيق الذي أجرته المحاكم العسكرية حرمهم من تقديم شهود جدد وأدلة إضافية. وقال شرف الدين القلّيل، محامي بعض الضحايا، لـ هيومن رايتس ووتش:

إن مرحلة التحقيق هي المرحلة الحاسمة في المحاكمة، والمدعي العام يقوم بتوجيه التهم استنادا إلى المعطيات التي جمعت أثناء هذه المرحلة، وعلى المحاكم تحديد المسؤولية الجنائية بالاعتماد على نفس الأدلة. وأثناء هذه المرحلة الرئيسية، لم يسمح لنا بالاطلاع على مجريات التحقيق. وفي وقت لاحق، تمكنا من الحضور في المحكمة، ولكن كان ذلك متأخرًا، وضاع جزء كبير من الأدلة الأساسية. [29]

ضعف في جمع الأدلة

لأول مرة في تاريخ تونس، يجد قضاة التحقيق أنفسهم بصدد التحقيق مع رئيس الدولة السابق ووزراء الداخلية ومسؤولو ن سامون، وجمع أدلة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن. ولذلك كانت تنقصهم الخبرة في تحديد الأدلة التي يحتاجونها من وزارة الداخلية، وكيفية الحصول عليها.

إضافة إلى ذلك، ولأن المدعين المدنيين لم يشرعوا في التحقيقات إلا أواخر فبراير/شباط 2011، أي بعد قتل المتظاهرين بأسابيع، لم يتمكنوا من إجراء أي أبحاث ميدانية، وبالتالي ضاعت منهم أدلة شرعية في غاية الأهمية. وعلى امتداد الأسابيع التالية لسقوط بن علي، انسحبت الشرطة من الشوارع، وتحمل الجيش مسؤولية تنفيذ القانون في ظروف أمنية هشة، وهو ما تسبب في منع عديد القضاة والنيابة من القيام بواجباتهم. وفي بعض الحالات، قام أطباء الطب الشرعي بإجراء عمليات التشريح ودونوا النتائج في تقارير طبية مفصلة. ولكن في بعض الحالات، لم يقم المسؤولون عن حفظ جثث القتلى بالاحتفاظ بالرصاصات التي تسببت في عمليات القتل، ولم يتم ختمها لاستخدامها كأدلة في محاكمات مستقبلية. ورغم أن القانون ينص على ضرورة إصدار إذن بالدفن من قبل المدعي العام قبل الحصول على شهادة دفن في حالات القتل بالرصاص، ولكن في خضم فوضى الانتفاضة قامت عديد العائلات بدفن الضحايا بشكل متسرع.

تسبب التأخير الحاصل في التحقيقات التي أجرتها المحاكم المدنية في عرقلة جهود قضاة التحقيق المدنيين، والعسكريين من بعدهم، في جمع أدلة شرعية كافية، كما هو واضح من خلال لوائح الاتهام الصادرة عن المحاكم الابتدائية العسكرية في الكاف وتونس. واعتمدت التحقيقات بشكل كبير على مقابلات أجراها قضاة التحقيق مع مئات الشهود، لم يتمكن اغلبهم من تحديد هوية القتلة. واعتمدت الشهادات على سرد الأحداث ووصف الظروف والملابسات التي عمدت فيها الشرطة على استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين، ولكنها فشلت في تحديد الضباط المسؤولين عن عمليات إطلاق النار القاتلة، والذين كانوا في الغالب يتكونون من ضباط محليين يعملون مع ضباط تم جلبهم من جهات أخرى. وترى بعض عائلات الضحايا ممن التقت بهم هيومن رايتس ووتش أن الفشل في تحديد هويات الذين تسببوا في مقتل أبنائهم كان أكبر سبب لشعورهم بالإحباط. [30]

قال محامو الضحايا إنه كان بإمكان المحاكم تحقيق نجاح أكبر في تحديد هوية الأشخاص الذين ارتكبوا عمليات القتل في بعض الحالات إذا قامت بمراجعة سجلات الأسلحة والذخيرة التي تم تسليمها إلى أعوان الأمن والسجلات الرسمية المتعلقة بانتشارهم على الميدان. [31] وتستخدم هذه السجلات لتدوين الأسلحة والذخيرة التي قدمت إلى كل ضابط قبل الشروع في عملية ما وحجم الذخيرة التي تم إرجاعها عند انتهاء العملية، وتدوين أسماء وصفات الشرطة وأعوان الأمن المنتشرين في كل مكان. وقام محامو الضحايا برفع طلب رسمي لدى المحاكم الابتدائية في الكاف وتونس لمطالبة وزير الداخلية بمدهم بهذه السجلات، ولكن المحكمتين رفضتا الطلب. وفي أول جلسة لها، قالت محكمة الاستئناف العسكرية إنها ستستجيب لجميع مطالب محامي المتهمين والضحايا، وقدمت طلبا لوزارة الداخلية كي تمد المحكمة بجميع السجلات المتعلقة بالأسلحة والذخيرة التي كانت لدى أعوان الشرطة وغيرها من قوات الأمن أثناء حصول عمليات القتل، وجميع السجلات الرسمية المتعلقة بانتشار قوات الأمن في المواقع التي تم فيها استخدام الذخيرة الحية وسقوط ضحايا. وفي ردها المؤرخ في 18 ديسمبر/كانون الأول 2012، [32] أكدت وزارة الداخلية أن السجلات الرسمية لم تعد موجودة لأنها تعرضت إلى الإتلاف عندما تعرضت عديد مراكز الشرطة إلى الحرق أثناء الانتفاضة. وخلافا لما قالته وزارة الداخلية، قام عديد أعوان الشرطة المتهمين بإطلاق النار على المتظاهرين بالاستظهار ببعض هذه السجلات لدى المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف لإثبات براءتهم. [33]

كما رفضت المحاكم الابتدائية مطالب تقدم بها محامو الضحايا للحصول على جميع مكالمات الهاتف الخلوي للمتهمين بين ديسمبر/كانون الأول 2010 و14 يناير/كانون الثاني 2011. وقال محامو الضحايا إن هذه السجلات من شأنها توفير أدلة حول ما إذا تجاوز القادة والمديرون غرفة العمليات المركزية التابعة لوزارة الداخلية وأصدروا أوامر بإطلاق النار وقتل المتظاهرين من خلال هواتفهم الخلوية الشخصية. وطالبت محكمة الاستئناف شركات الاتصال المعنية بتقديم هذه السجلات، فثبت وجود مئات المكالمات بين المديرين والقادة أثناء فترة الانتفاضة، مع ارتفاع ملحوظ في الأيام التي تمت فيها عمليات القتل. ولكن المحكمة لم تتمكن من معرفة محتوى المكالمات لأنها من الناحية التقنية تبقى محفوظة لسنة واحدة ثم يتم فسخها. إذا قامت المحاكم الابتدائية بمطالبة شركات الهاتف الخلوي بتسليم هذه السجلات في فترة لا تتجاوز 12 شهرًا منذ حدوث عمليات القتل، لساعدت في تحديد هوية المتورطين، وإثبات ما إذا صدرت عنهم أوامر بالقتل، أو باستخدام القوة دون التقيد بمتطلبات الضرورة والتناسب.

قالت بعض عائلات الضحايا الذين قتلوا على يد قوات الأمن لـ هيومن رايتس ووتش إن المحاكم الابتدائية العسكرية فشلت في إشراك الخبرات اللازمة للطب الشرعي، واستدعاء شهود رئيسيين عن عمليات القتل، وإجراء أبحاث ميدانية. [34] وعلى سبيل المثال، قالت نجاة الناموسي، والدة محمد الناصر، لـ هيومن رايتس ووتش:

قتل ابني في 13 يناير/كانون الثاني 2011 في حمام الأنف [الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة]. كان في ذلك اليوم يشاهد التلفزيون مع شقيقه في غرفة الجلوس حوالي الساعة السادسة مساءً، وكان المتظاهرون قد بدأوا في التجمع في الشارع المحاذي لمنزلي، وهم يرددون شعارات مناوئة للنظام. خرجت من الشقة، وذهبت إلى السطح مع الجيران لنرى ما يحدث في الشارع. كنت أستطيع رؤية مركز الشرطة الذي كان يبعد مسافة مائتي متر تقريبا عن بيتي، وكان يوجد أعوان شرطة في زي أسود ويحملون أقنعة وأغطية. وحوالي الساعة السادسة والنصف مساء، سمعت ابني يصرخ: "لقد قتل أخي"، فنزلت في ذعر، ووجدت ابني ملقى في الممر، مغطى بالدم ولا يقوى على الحركة. سألت ابني ما الذي حصل، فقال إنهم كانوا يشاهدون التلفزيون، وفجأة سمع صوتا، وإذا به رصاصة تخترق الإطار الحديدي للشباك وتصيب ابني على مستوى الرقبة. لقد توفي في طريقه إلى المستشفى. وإلى اليوم، لم يقم المدعي العام ولا قضاة التحقيق بزيارة مكان الجريمة للقيام بالأبحاث الميدانية اللازمة في منزلي. لقد طالب محامينا بالاستماع إلى شهادة رئيس مركز الشرطة في ذلك الوقت، ومساءلته عن قوات الأمن التي شاركت في إخماد الاحتجاجات وكانت تعمل تحت إمرته. ولكن المحكمة العسكرية لم تأمر بالاستماع إلى شهادته. [35]

أكد شرف الدين القليل، أحد محاميي العائلة، هذه الرواية، وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه قدم طلبا لمحكمة الاستئناف العسكرية لاستدعاء رئيس مركز الشرطة كشاهد. [36] وقال إنه يعتبر شهادة رئيس المركز أساسية في تحديد جميع ملابسات إطلاق النار لأنه يُفترض أن يكون هو الذي طالب بتعزيزات أمنية، وله علاقة مباشرة بمكان الجريمة، لأن الرصاصة القاتلة انطلقت من سطح المركز الذي كان يرأسه. ولكن محكمة الاستئناف لم تقم باستدعاء رئيس مركز الشرطة رغم أن بقية الأدلة لم تكن كافية لتحديد هوية عون الشرطة الذي أطلق النار وتسبب في مقتل محمد الناصر.

قالت ليلى الحداد، محامية لعديد عائلات الضحايا، لـ هيومن رايتس ووتش إنها تعتقد أن المحاكم الابتدائية العسكرية ومحاكم الاستئناف لم تتعامل بحرص كاف لتحقيق العدالة، وخاصة عندما فشلت في استدعاء شهود رئيسيين في بعض المحاكمات. وكمثال على ذلك، ذكرت قضية راشد بالعربي الذي قتل في 13 يناير/كانون الثاني 2011 في منطقة المرناقية. وشهد على عملية إطلاق النار شاهدان قدما شهادتهما أمام قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية العسكرية في تونس العاصمة وقالا فيها إن أعوانا من مركز شرطة المرناقية هم الذين قاموا بإطلاق النار على راشد بالعربي. وقدم احدهما وصفا دقيقا للعنصر الذي أطلق النار، ولكن ليلى الحداد قالت إن قاضي التحقيق لم يقم باستدعاء رئيس المركز للإدلاء بشهادته، رغم أنه كان بإمكانه تحديد العون الذي أطلق الرصاصة القاتلة لأن الحادثة وقعت أمام مركز الشرطة. [37]  

وقال الشاذلي المزليني، والد قيس المزليني الذي قتل في 13 يناير/كانون الثاني في المنيهلة، لـ هيومن رايتس ووتش إن ابنه التحق بمجموعة من الشبان الذين كانوا يشاركون في مسيرة سلمية في المنيهلة، فتم إطلاق النار عليه وعلى شابين آخرين من مسافة تبعد حوالي مائتي متر عن مركز الشرطة. كما قال إن شهودا أخبروه إنهم شاهدوا الشرطة تطلق النار على رأس ابنه، ومن بعده على ثابت العياري الذي ذهب لمساعدته، ثم على شاب ثالث اسمه هشام ذهب لمساعدتهما معًا، فلقوا حتفهم جميعا في الطريق إلى المستشفى. كما قال الشاذلي المزليني إن ابنه خضع إلى تشريح في مستشفى شارل نيكول، وحصل هو على شهادة طبية حول الإصابات التي تسببت في مقتل ابنه، بما في ذلك الاتجاه الذي أطلقت منه الرصاصة القاتلة. ولكن المزليني قال إن قضاة التحقيق في المحكمة المدنية والمحكمة العسكرية لم يقوموا بزيارة المكان الذي قتل فيه ابنه والشخصان الآخران، أو التثبت من المسافة الفاصلة بين مركز الشرطة ومكان الحادثة لتحديد مصدر إطلاق النار. [38]

عيوب في التمشي القانوني

استنادا إلى نص الحكم الكتابي، اعتمد قضاة المحاكم الابتدائية العسكرية على المنطق الاستدلالي وعلى أدلة ظرفية لإدانة مديري قوات الأمن بتهمة المشاركة في القتل. واعتقدوا في وجود أوامر باستخدام القوة المميتة اعتمادًا على خطابين ألقاهما الرئيس السابق بن علي في 10 يناير/كانون الثاني و13 يناير/كانون الثاني 2011. تعهد في الأول بإخماد الاحتجاجات والتعامل معها بكل حزم بينما طالب في الثاني، الذي ألقاه عشية فراره إلى السعودية، بـ "الكف عن استخدام الذخيرة الحية". واستنتج القضاة من هذه التعليمات وجود أوامر سابقة باستخدام الذخيرة الحية، رغم أن المحكمة لم تحصل على أي وثائق تثبت ذلك.

كما خلص القضاة إلى أن كلّ المديرين العامين المتهمين كانوا جزءا من مخطط لاستخدام القوة، بما في ذلك الذخيرة الحية، ضدّ المتظاهرين لأنهم شاركوا في اجتماعات خلية الأزمة التي عقدت أيام 9 و10 و11 و12 يناير/كانون الثاني لوضع خطة لمواجهة الاحتجاجات. كما خلص القضاة إلى أن القيادات العليا للدولة أمروا باستخدام القوة لإخماد المظاهرات، وقاموا بتمرير هذه الأوامر عبر تسلسل القيادة، من المديرين العامين لقوات الأمن إلى المديرين الجهويين لشرطة مكافحة الشغب، ومنهم إلى ضباط المراتب الدنيا والأعوان المنتشرين في الشوارع.

لم تقبل محكمة الاستئناف العسكرية بالمعطيات التي توصلت إليها المحكمة الابتدائية، وألغت الحكم الابتدائي، وقالت إنها لم تتوصل إلى أي أدلة قاطعة على أن كبار المسؤولين ارتكبوا أعمالا ايجابية ساهمت في وقوع الجرائم. وقامت محكمة الاستئناف بتحليل معنى المشاركة في القتل، وخلصت إلى أن الفصل 32 من المجلة الجزائية ينص على ضرورة وجود أحد أو بعض الأعمال المذكورة في القانون حتى تثبت المحكمة المشاركة في القتل. [39] ورأت المحكمة أن مجرّد "التحريض"، دون ارتكاب الأعمال المذكورة، لا يرقى إلى المشاركة في القتل. وأعلنت، في ما يتعلق بالمتهم جلال بودريقة، المدير السابق لشرطة مكافحة الشغب، وجميع المديرين العامين الآخرين لقوات الأمن أنه:

"لا يوجد في ملفات القضايا أي أدلة على توفر جميع الشروط القانونية للمشاركة في القتل العمد، والمشاركة في محاولة القتل... ورغم وجود أدلة على التقصير في واجب مراقبة مرؤوسيه المنتشرين على الميدان ومنعهم بشكل علني وواضح من إطلاق النار صوب المتظاهرين... لا توجد أي أدلة تثبت مشاركته الإيجابية في مساعدة مرؤوسيه في تحقيق هدف جنائي أو أنه كان يعلم بالنوايا الجنائية لمرؤوسيه." [40]

كما خلصت محكمة الاستئناف العسكري، اعتمادًا على وقائع معلومة، إلى إدانة جلال بودريقة والمديرين العامين الآخرين بالإهمال او ما يسمي "الامتناع المحظور"، كما ينص على ذلك الفصل 1 من القانون رقم 48 لسنة 1966، وأن المحكمة الابتدائية أخطأت في إدانته بالمشاركة في القتل. [41] وينص القانون رقم 48 على أن يعاقب كل شخص يمتنع عن القيام بعمل ما لمنع وقوع جريمة وانتهاك للسلامة الجسدية لشخص ما بالسجن لفترة تصل إلى خمس سنوات.

وقالت محكمة الاستئناف العسكرية إنها لم تتوصل إلى أدلة قاطعة على وجود أي أوامر كتابية موجهة إلى الشرطة أو قوات الأمن الأخرى بقتل المتظاهرين. وخلصت إلى أن عدم وجود أي أوامر كتابية باستخدام القوة منعها من محاكمة المتهمين بتهمة المشاركة في القتل.

ولذلك خلصت محكمة الاستئناف العسكرية إلى أن جرائم قتل المتظاهرين كانت ناتجة عن أعمال فردية ارتكبها أعوان من ذوي الرتب الدنيا في الشرطة وغيرها من قوات الأمن، وإن المسؤولين السامين، بما في ذلك وزير الداخلية والمديرين العامين، يتقاسمون المسؤولية فقط لأنهم لم يمنعوا حصول تلك الجرائم.

ولكن محكمة الاستئناف العسكرية لم تأخذ بعين الاعتبار الأدلة الظرفية في تحديد المسؤولية الجنائية لبعض المسؤولين السامين. إضافة إلى ذلك، يعتبر التمشي الذي اعتمدته المحكمة متناقضا مع الأدلة التي تثبت أن المتهمين خططوا لقمع المتظاهرين، وهي أدلة ذكرتها المحكمة في نص الحكم.

  • -          جميع المسؤولين السامين شاركوا في خلية الأزمة التي أنشأها بن علي في 8 يناير/كانون الثاني لوضع خطة لمواجهة الاحتجاجات الشعبية. عقدت هذه الخلية اجتماعات يومية بداية من 8 يناير/كانون الثاني، واتخذت عديد القرارات العملية بنشر قوات الأمن في جميع الجهات، ثم قامت بتنفيذها.
  •  

  • -          يبرز العدد الكبير للقتلى والجرحى، والانتشار الواسع لاستخدام القوة المميتة من قبل قوات الأمن في مختلف مناطق البلاد، أن عمليات القتل لم تكن ناتجة عن ردود أفعال أعوان الأمن تجاه المتظاهرين، وإنما هي جزء من خطة شاملة لاستخدام القوة لقمع الاحتجاجات.
  •  

  • -          خلصت المحكمة إلى أن المتظاهرين، في أغلب الحالات، لم يكونوا يشكلون أي خطر على الشرطة أو الغير عندما أطلقت عليهم النار، وإن قتلهم يرقى إلى جرائم قتل غير قانونية ناتجة عن استخدام القوة المفرطة دون مبرر. ورفضت المحكمة فكرة إطلاق النار في إطار الدفاع عن النفس، وقالت إن ملفات الشرطة لا تحتوي على أي أدلة تبرز أن المتظاهرين كانوا يشكلون تهديدًا لحياة أو سلامة أعوان الشرطة المنتشرين على الميدان.
  •  

  • -          خلصت المحكمة أيضا إلى أن وزير الداخلية السابق والمديرين العامين للأمن لم يوفروا للشرطة وقوات الأمن وسائل غير مميتة لمواجهة الحشود، ووفروا لها أسلحة وذخيرة ذات طبيعة عسكرية. وقالت المحكمة إن ذلك ساهم في رفع عدد الإصابات وعمليات القتل أثناء الأسابيع الثلاثة التي سبقت سقوط بن علي. كما خلصت المحكمة إلى أن السلطات قدمت لقوات الأمن أسلحة وذخيرة أثناء الانتفاضة باعتماد إجراءات مخالفة للعادة وبإتباع أمر كتابي صادر عن المتهم جلال بودريقة، المدير السابق لشرطة مكافحة الشغب. وعملا بالإجراء العادي، يتم مدّ كل فرقة بنوع واحد من أسلحة "شتاير" الآلية وذخيرة من عيار 20 مم، ولكن بودريقة أمر بمدّ الأعوان المنتشرين في الشوارع بأسلحة وذخيرة إضافية.
  •  

  • -          علم المسؤولون السامون الذين تتم محاكمتهم بعمليات القتل مباشرة بعد وقوعها، وأن بعضها كانت ناتجة عن الاستخدام المفرط للقوة، ولكنهم لم يتخذوا أي إجراءات لمنعها أو منع حصول عمليات أخرى، أو لمحاسبة مرؤوسيهم المسؤولين عن ارتكابها.
  •  

  • -          لم تصدر أي أوامر للشرطة بضبط النفس عند التعامل مع المتظاهرين إلا في 14 يناير/كانون الثاني على الساعة الثانية و25 دقيقة ظهرًا (من قبل أحمد فريعة وزير الداخلية آنذاك، الذي حلّ محل رفيق الحاج قاسم في 12 يناير/كانون الثاني). تضمن هذا الأمر حظرًا لاستخدام الذخيرة الحية، وطلب من أعوان الشرطة إطلاق النار في الفضاء، ثم فوق رؤوس المتظاهرين بعد أن يستنفذوا جميع الوسائل القادرة على تفريقهم.
  •  

  • -          في ما يتعلق بالمعلومات التي كانت متوفرة للمسؤولين السامين، جمعت محكمة الاستئناف أدلة على أن كل واحد منهم قام بمراقبة الأحداث، وحصل على معطيات محيّنة كل ساعة عبر البرقيات الأمنية المتعلقة بالأحداث الدائرة في جميع مناطق البلاد. إضافة إلى ذلك، يبرز التحليل الإحصائي لسجلات الهاتف الخلوي التي حصلت عليها محكمة الاستئناف العسكري من شركات الاتصالات أن كبار القادة الأمنيين كانوا على اتصال غير منقطع برؤسائهم في وزارة الداخلية. وخلصت المحكمة إلى أن المسؤولين السامين الذين يواجهون الاتهام كانوا على اطلاع جيد بالأحداث، وكانوا يعلمون ما يحصل، ويعلمون بعمليات قتل المتظاهرين والظروف الحافة بها، ويوجد افتراض قوي بأنهم أمروا مرؤوسيهم بارتكاب الجرائم. [42]
  • قضت محكمة الاستئناف في حكمها الصادر في 12 أبريل/نيسان 2014 بسجن الرئيس السابق بن علي مدى الحياة. وخلصت إلى أنه بصفته رئيسًا للدولة كان قائدا لقوات الأمن عملا بالفصل 2 من القانون رقم 70 لسنة 1982 الذي ينص على أن رئيس الدولة يمارس رقابة مباشرة أو غير مباشرة على جميع قوات الأمن التونسية. كما خلصت المحكمة إلى أن بن علي لم يتخذ أي إجراءات لوقف عمليات القتل، بل استخدم في خطاباته نبرة تحريضية من خلال وصف المتظاهرين بـ "العصابات العنيفة"، وقال إنه سيستخدم جميع الوسائل الضرورية لإفشال جهودهم في زعزعة الدولة.

    غير أن المحكمة لم تتبع هذا التمشي المنطقي في قضايا وزير الداخلية السابق والمديرين العامين السابقين لقوات الأمن، وحكمت عليهم جميعا بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب "التقصير في أداء الواجب" أو "الامتناع المحظور". هذا التناقض بين العقوبة المشددة المفروضة على بن علي والعقوبة المخففة على المسؤولين السابقين يبرز فشل المحكمة في تحليل هياكل القيادة والمراقبة في وزارة الداخلية بشكل دقيق لتحديد مسؤولية كل متهم.

    خلصت المحكمة إلى أن بن علي كان مشاركا في قتل المتظاهرين، اعتمادًا على ما توصلت إليه من أدلة تثبت أنه أصدر أوامر بالقتل، وأن قرار استخدام القوة لإخماد المتظاهرين أتخذ على أعلى مستوى في أجهزة الدولة، ولذلك فإن هذه الأوامر والخطة المتبعة لمواجهة المحتجين مرت عبر هياكل القيادة والتحكم. ولذلك فإن المحكمة تجاهلت معطيات جمعتها بنفسها حول وجود خطة لقمع المتظاهرين باستخدام القوة المفرطة، وفشلت في تطبيق المعايير الدولية للمسؤولية الجنائية الخاصة بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

    ينص فقه القضاء القانوني الدولي منذ فترة طويلة على عدم ضرورة وجود أوامر مكتوبة أو صريحة بارتكاب جريمة ما لتحديد المسؤولية الجنائية لشخص معين. على سبيل المثال، قضت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة أن التخطيط للقيام بجريمة يعني" واحد أو عدة أشخاص تتوخى تصميم ارتكاب جريمة في كل من مرحلتي التحضير والتنفيذ ".واعتبرت الدائرة الابتدائية انه يكفي توفر أدلة ظرفية على وجود خطة ". كما قضت المحكمة الجنائية الدولية لروندا في قضية أكايسو أن " ليس هناك شرط أن يكون الامر بارتكاب الجريمة قد اعطي كتابيا أو في أي شكل معين. فالاوامر يمكن أن تكون صريحة أو ضمنية. وصدور الأمر يمكن ان يتم اثباته من خلال الأدلة الظرفية ".

    وحتى في حالة الاكتفاء بتطبيق القانون التونسي، لم تأخذ المحكمة بعين الاعتبار جميع العناصر المتوفرة لها والتي اعتبرتها أدلة على أن المتهمين كانوا مشاركين في الجرائم، وسهلوا ارتكابها. وينص الفصل 32 من المجلة الجزائية التونسية على مفهوم المساعدة والتحريض، ويعرّف المشاركة في الجريمة بمساعدة المجرم على ارتكابها.

    عقوبات مخففة

    في القضايا القليلة التي حدد فيها القضاة المتورطين في عمليات القتل بشكل مباشر وتوصلت فيها محكمة الاستئناف إلى أدلة كافية لإدانتهم، قررت إعادة تعريف الجريمة من القتل العمد إلى "القتل على وجه الخطأ"، وبررت ذلك بأن ملابسات الأحداث تشير إلى أن المتهمين قاموا بإطلاق النار في خضم أحداث الفوضى، ولم تكن لديهم نية القتل. وهذا يعني أن المحكمة خففت المسؤولية الجنائية لاستخدام الأسلحة النارية ضد المتظاهرين رغم أن ملابسات الأحداث تشير إلى أن المتهمين كانوا متدربين على استخدام الأسلحة النارية، ولم يلتزموا بمبادئ الضرورة والتناسب عند استخدامها، ولم يتبعوا الخطوات التي ينص عليها القانون التونسي في ما يتعلق بمواجهة الحشود.

    وعلى سبيل المثال، قامت هيومن رايتس ووتش بمراجعة عملية قتل أنيس الفرحاني التي جدّت في 13 يناير/كانون الثاني 2011. تم في البداية اتهام الملازم في شرطة مكافحة الشغب عبد الباسط بن مبروك بقتل الهالك وإصابة شخص آخر بجروح في منطقة لافيات في تونس العاصمة. وأدانت المحكمة الابتدائية العسكرية بتونس عبد الباسط بن مبروك بالقتل العمد، وحكمت عليه بالسجن لمدة 12 سنة، ولكن محكمة الاستئناف قررت بعد ذلك تخفيف الجريمة من القتل العمد إلى القتل على وجه الخطأ، وخففت العقوبة الصادرة في حق المتهم إلى السجن لمدة ثلاث سنوات عملا بالفصل 208 من المجلة الجزائية (العنف الذي ينتج عنف وفاة). وعند مراجعة هذا الحكم، خلصت المحكمة إلى انه لا توجد أدلة على أن عمليات القتل كانت متعمدة لأن المتهم أصاب الضحيتين في مناطق غير قاتلة من الجسم. وكان أنيس الفرحاني قد توفي بُعيد وصوله على المستشفى بسبب الإصابة برصاصة في الجزء العلوي من جسمه. كما خلصت المحكمة إلى أن الفوضى التي شهدتها منطقة لافايات، حيث قام متظاهرون بإحراق العجلات وغلق الشوارع وإلقاء الحجارة على الشرطة، قد خلقت شعورًا بالخطر لدى قوات مكافحة الشغب، وأن عبد الباسط بن مبروك أطلق النار على أنيس الفرحاني عن غير قصد. ورأت المحكمة أن "سلوك المتهم كان ناتجا عن شعوره بالتوتر والغضب، ما جعله يفقد التحكم في نفسه. وهذا لا يعني وجود نية القتل عملا بمقتضيات الفصل 202، وإنما هو القتل على وجه الخطأ عملا بالفصل 205 من المجلة الجزائية. [43]

    تشريعات غير كافية حول مسؤولية القيادة

    لا يوجد في التشريعات التونسية أي أحكام قانونية تقدم تعريفا لمسؤولية القيادة في الأعمال الإجرامية. وتنص المجلة الجزائية على أنه لا يمكن تحميل المسؤولية الجنائية لأي شخص إلا إذا كان ضالعا بشكل مباشر في جريمة ما، أو مشاركا فيها. [44] ويعني مفهوم مسؤولية القيادة، كما هو معرّف في القانون الدولي، تحميل المسؤولية للقادة أو رؤساء العمل المدنيين على جرائم يرتكبها مرؤوسوهم من أعوان القوات المسلحة وغيرهم من الأشخاص الخاضعين لهم. [45] وعملا بهذا المبدأ، يُعتبر القائد مسؤولا من الناحية الجنائية إذا لم يأمر بارتكاب جرائم ولكن توجد أدلة تثبت توفر ثلاثة شروط: هي وجود علاقة فعلية بين القائد والمرؤوس، وعلمه، أو وجود ما يجعله يعلم، بأن مرؤوسه ارتكب جريمة ما، وفشله في اتخاذ جميع الخطوات المعقولة لمنع وقوع الجريمة أو معاقبته عليها. ويشمل هذا المعنى للمسؤولية الجنائية عدم التدخل في ما يحصل.

    تنص مبادئ الأمم المتحدة بشأن المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة على أنه "يمكن اعتبار الرؤساء وكبار الموظفين وغيرهم من الموظفين العموميين مسؤولين عن الأعمال التي يرتكبها من يعملون تحت رئاستهم إذا كانت قد أتيحت لهم فرصة معقولة لمنع حدوث هذه الأفعال". [46]

    يجب على المشرّع التونسي مراجعة القانون الجزائي بإدراج جريمة مسؤولية القيادة بما يتماشى مع المفاهيم القانونية الدولية. ولن يتسبب هذا الحكم القانوني في انتهاك مبدأ عدم رجعية القوانين إذا التزم بالمادة 15.2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أن هذا المبدأ لا يتعرض إلى الانتهاك ما دام العمل الجنائي، بغض النظر عما إذا كان مجرما في القانون المحلي، "كان حين ارتكابه يشكل جرما وفقا لمبادئ القانون العامة التي تعترف بها جماعة الأمم".

    سوف يسمح تبني قانون يتعلق بمسؤولية القيادة للسلطات بمحاسبة كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين وقادة قوات الأمن عن جرائم حقوق الإنسان التي يرتكبها موظفون يعملون تحت قيادتهم أو توجيههم، وسيمنع تكرار الحالات المشابهة لتلك التي لم يُحاسب فيها المسؤولون عن نشر قوات الأمن في الشوارع أثناء الانتفاضة عن الانتهاكات المرتكبة في حق المتظاهرين. يُعتبر مبدأ مسؤولية القيادة جزءا من القانون العرفي الدولي، وتوجد إشارات كثيرة إليه في فقه القانون الدولي. وعلى سبيل المثال، تسميه المحكمة الجنائية الدولية لـ يوغسلافيا سابقًا "مبدأ راسخ في القانون التقليدي والعرفي".

    إضافة إلى ذلك، يتعين على تونس بصفتها عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية تبني مبدأ تجريم مسؤولية القيادة في جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية. ويُحدّد نظام روما الأساسي، المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، مسؤولية القيادة لدى القادة العسكريين والرؤساء المدنيين في الجرائم التي يرتكبها أفراد تابعون للقوات المسلحة أو غيرها من القوات الخاضعة لأمرهم. وكانت تونس قد انضمت إلى نظام روما الأساسي في 24 يونيو/حزيران 2011. [47] وتنص المادة 86 من نظام روما الأساسي على أن تقوم الدول الأعضاء بإدراج أحكامه القانونية في قوانينها المحلية. ويُعتبر تنفيذ هذا التشريع ضروريا لأنه يضمن تعاونا فعالا مع المحكمة. ورغم أنه تم اقتراح تشريعات واسعة منذ الإطاحة بـ بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011، إلا أن السلطات لم تتبنى أي تشريع متعلق بنظام روما الأساسي.

    تنصّ الفقرة 24 من المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون لسنة 1990 على أن:

    تضمن الحكومات وهيئات إنفاذ القوانين إلقاء المسؤولية على كبار الموظفين إذا كانوا على علم، أو كان يتوجب عليهم أن يعلموا، بأن الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين العاملين تحت إمرتهم يلجأون، أو لجأوا، إلى الاستخدام غير المشروع للقوة أو الأسلحة النارية دون أن يتخذوا كل ما في وسعهم اتخاذه من تدابير لمنع هذا الاستخدام أو وقفه أو الإبلاغ عنه.


    تُعتبر المفاهيم المناسبة للمسؤولية الجنائية ضرورية للمساءلة في جميع المستويات، بما في ذلك الذين لهم مسؤولية تتجاوز ارتكاب الجريمة بشكل مباشر.

    غياب الإرادة السياسية لجلب بن علي

    في 14 يناير/كانون الثاني 2014، فرّ بن علي على متن الطائرة إلى السعودية، ومازال إلى الآن هناك. ورغم صدور مذكرة توقيف دولية ضدّه، [48] إلا أن الحكومة التونسية لم تبذل جهودًا كافية لاسترجاعه من السعودية ومحاكمته حضوريا. وقبل زيارة السعودية في مارس/آذار 2014، قال مهدي جمعة رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية في لقاء صحفي إن العمل على جلب بن علي ليس "أولوية" في محادثاته مع المسؤولين السعوديين. [49] وكان سلفه حمادي الجبالي قد أدلى بتصريح مماثل في 17 فبراير/شباط 2012، عشية زيارته الرسمية إلى السعودية.

    لقد كان لفشل السلطات التونسية في جلب الرئيس السابق، أهم المتهمين بجرائم قتل المتظاهرين أثناء ثورة 2011، تداعيات هامة على العدالة. وهذا يعني أن المحاكم التي قامت بمحاكمة المتورطين المزعومين لم تتمكن من جمع أدلة من شخص يعتبر مشاركا وشاهدا رئيسيا على الأعمال التي قامت بها الحكومة في ردّها على احتجاجات 2011، ومقارنة شهادة الرئيس السابق مع المتهمين والشهود الآخرين. وعلى سبيل المثال، لم تتمكن المحاكم الابتدائية من استجواب بن علي حول شهادة هامة أدلى بها محمد الغنوشي، الوزير الأول السابق، قال فيها إن بن علي أعلمه أنه مستعد لقتل ألف شخص من أجل إخماد الاحتجاجات. واستخلصت المحكمة من هذه الشهادة وجود أمر بقتل المتظاهرين صادر من بن علي عبر وزير الداخلية وكبار المسؤولين المكلفين بتسيير قوات الأمن في الشوارع. ولم تتمكن المحكمة من استجواب بن علي حول ثلاثة خطابات أساسية ألقاها بصفته رئيس البلاد أثناء الاحتجاجات، ووجه فيها تعليمات إلى قوات الأمن بالتعامل مع الاحتجاجات بكل حزم. ولذلك تسبب غياب بن علي في ثغر كبير في جهود المحاسبة. 

     

    III . قانون العدالة الانتقالية ومحاسبة جرائم الانتفاضة

    في 24 ديسمبر/كانون الأول 2013، تبنى المجلس الوطني التأسيسي القانون المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، في إطار مقاربة شاملة لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي حصلت في الماضي. وبموجب هذا القانون تم إنشاء هيئة الحقيقة والكرامة التي تتكون من 15 عضوًا ومهمتها كشف حقيقة الانتهاكات الحقوقية التي ارتكبتها السلطات التونسية في الفترة الممتدة من يوليو/تموز 1955 إلى أواخر 2013. إضافة إلى ذلك، ينص القانون على آليات لجبر ضرر الضحايا، والإصلاح المؤسساتي، وتفقد الموظفين المدنيين لفصل المتورطين في انتهاكات الماضي، وتحقيق المصالحة الوطنية. كما أنشأ القانون دوائر متخصصة صلب المحاكم المدنية لمحاكمة المشتبه في ضلوعهم في الانتهاكات الخطيرة التي حصلت بين يوليو/تموز 1955 وديسمبر/كانون الثاني 2013. 

    ينصّ القانون الجديد على أن تنظر الدوائر المتخصصة "في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان...، ومن هذه الانتهاكات القتل العمد، والاغتصاب وأي شكل من أشكال العنف الجنسي، والتعذيب، والاختفاء القسري، والإعدام دون توفر ضمانات المحاكمة العادلة". كما يُعطي القانون للدوائر المتخصصة صلاحية النظر في بعض أنواع القضايا التي ستحيلها لها هيئة الحقيقة والكرامة، ومنها تزوير الانتخابات، والفساد المالي، وسوء التصرف في المال العام، ودفع الأشخاص إلى الهجرة الاضطرارية لأسباب سياسية.

    تتمثل المهام الأساسية لهيئة الحقيقة والكرامة في وضع برنامج لجبر أضرار الضحايا، وتحديد معايير التعويض، وتقديم المساعدة للضحايا الذين يحتاجون إلى تدخل عاجل مثل الرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية. كما ينصّ القانون على إنشاء صندوق الكرامة وإعادة تأهيل ضحايا الاستبداد الذي ستكون مهمته مساعدة الضحايا.

    أعطى القانون لهيئة الحقيقة والكرامة صلاحيات واسعة منها الإطلاع على أرشيف الدولة، والملفات القضائية ذات الصلة بتوثيق انتهاكات الماضي، واستدعاء الأشخاص للإدلاء بشهادات، وتنظيم جلسات سرية وعلنية. كما يحق لها تفقد الأماكن الخاصة والعامة، والمطالبة بإجراء فحوص الطب الشرعي، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الشهود والضحايا. ويتعرض كلّ شخص يرفض تلبية استدعاء الهيئة أو يُعطل عملها إلى عقوبة قد تصل إلى السجن لمدة ستة أشهر.

     كما تستطيع الهيئة إحالة قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى لسلطة القضائية، بما في ذلك الدوائر المتخصصة، للقيام بالملاحقة القضائية المحتملة.

    وتستطيع الهيئة القيام بدور هيئة التحكيم في القضايا المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إذا طلب منها أحد الضحايا ذلك، أو إذا جاء الطلب من أحد مرتكبي الانتهاك بعد موافقة الضحية. ويتعين على كل من ارتكب انتهاكًا الاعتراف بذنبه وتقديم اعتذار واضح. وفي حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لا ينتج عن الوساطة وقف التقاضي في المحاكم، بما في ذلك الدوائر المتخصصة. ولكن القانون ينصّ على أن تأخذ السلطة القضائية وساطة الهيئة بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالعقوبات.

    عقب الاحتجاجات التي اندلعت بسبب قرار محكمة الاستئناف العسكرية الصادر في 12 أبريل/نيسان 2014 والقاضي بتخفيف العقوبات الصادرة عن المحكمة الابتدائية  في حق وزير الداخلية السابق وبعض المسؤولين السامين، أصدر المجلس الوطني التأسيسي قانونا في يونيو/حزيران 2014 ينص على كيفية تعامل آليات العدالة الانتقالية مع انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة أثناء الانتفاضة. [50] واعتبر القانون قتل المتظاهرين وإصابتهم بجروح أثناء انتفاضة 2010ـ2011 "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان" تقع تحت اختصاص قانون العدالة الانتقالية. كما نص القانون على أن قيام هيئة الحقيقة والكرامة بإحالة قضايا تتعلق بانتهاكات ارتكبت أثناء الانتفاضة إلى مكتب النيابة العمومية يعني الإحالة الآلية لهذه القضايا إلى الدوائر المتخصصة التي لها أولوية النظر فيها. وينص الفصل 42 من قانون العدالة الانتقالية على أن تحيل الهيئة إلى النيابة العمومية الملفات التي يثبت لها فيها ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، في هذه الحالة يجب أن لا تتسبب الأحكام الصادرة سابقا في منع حصول محاكمة جديدة.

    إذا تم فتح القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان أثناء انتفاضة 2011 من جديد، يُمكن لهيئة الحقيقة والكرامة أن تعمل على إصلاح العيوب التي شابت مسار المحاسبة إلى الآن، وتحقيق قدر أكبر من العدالة للضحايا، ولكن ذلك سيكون له أيضا انعكاسات كبيرة على حقوق المتهمين.

    صار من الممكن، بعد تمرير القانونين المذكورين أعلاه، إعادة محاكمة الأشخاص الذين أدانتهم أو برّأتهم المحاكم العسكرية بنفس التهم في الدوائر المتخصصة التي أنشأها القانون المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها. ولكن هذا يتعارض مع الحقوق الأساسية التي تنص عليها الفقرة 7 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحظر "إعادة المحاكمة ". وقالت لجنة حقوق الإنسان، الهيئة المكلفة بمراقبة تنفيذ الاتفاقية، في تعليقها العام رقم 32، إن الفقرة 7 من المادة 14 تحظر"تقديم شخص ما مجددًا، بعد إدانته بجريمة معينة أو تبرئته منها، إلى المحكمة نفسها أو إلى هيئة قضائية أخرى لمحاكمته على جريمة سبق أن أدين بها أو برّئ منها بحكم نهائي".

    ينص القانون الدولي على استثناءين اثنين من منع إعادة المحاكمة: عند بروز ملابسات جديدة، مثل اكتشاف أدلة جديدة، وعند ثبوت أن الإجراءات السابقة لم تتم في إطار الاستقلالية والحياد كما تنص على ذلك معايير سلامة الإجراءات، أو أنها تمت بهدف إخفاء المسؤولية الجنائية لشخص ما. وعلى سبيل المثال، تنص المادة 20 من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية على أنه لا يجوز إعادة محاكمة أي شخص لدى المحكمة الجنائية الدولية إذا تعرض في السابق إلى محاكمة على نفس الأعمال، إلا إذا كانت الإجراءات التي قامت بها المحكمة الأخرى: (أ) اتخذت بغرض حماية الشخص المعني من المسؤولية الجنائية عن جرائم تدخل في اختصاص المحكمة، أو (ب) لم تجر بصورة تتسم بالاستقلال والنزاهة وفقا لأصول المحاكمات المعترف بها بموجب القانون الدولي، أو جرت في ظروف لا تتسق مع نية تقديم الشخص المعني للعدالة.

    لا يوجد ذكر واضح لهذه الاستثناءات في قانون العدالة الانتقالية في تونس. ولضمان احترام حقوق المتهمين، يجب أن يذكر القانون بشكل واضح وصريح الحالات التي يمكن للدوائر المتخصصة أن تقوم فيها بإعادة محاكمة شخص ما على أعمال حوكم عليها في الماضي.

    قد تنجح هيئة الحقيقة والكرامة، من خلال قدرتها على الاطلاع على الأرشيف وجمع الشهادات، في اكتشاف معطيات هامة جديدة ينتج عنها إعادة محاكمة متهم معين أو مجموعة من المتهمين. كما تستطيع الهيئة تقييم الملفات كل على حدة للتأكد مما إذا استجابت المحاكمات الماضية إلى اختبارات الاستقلالية والحياد، وجرت بنية تحقيق العدالة لشخص ما وليس لمساعدته على الإفلات من المحاسبة. وفي هذه الحالات، تستطيع آليات العدالة الانتقالية التي تأسست في تونس تجاوز العيوب التي شابت محاكمات الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم القتل والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان أثناء الانتفاضة التونسية.

    شكر وتنويه

    أجرت بحوث هذا التقرير وكتبته آمنة القلالي، باحثة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. وقام بمراجعته مالكوم سمارت، محرر في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أجرى المراجعة القانونية كلايف بالدوين، مستشار قانوني أول، وأشرف على مراجعة البرنامج طوم بورتيوس، نائب مدير برنامج. قدم سركيس بلخيان، منسق قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مساعدة في الإخراج والمراجعة.

    أعدّ التقرير للنشر كل من غرايس تشوي، مديرة المطبوعات، وكاثي ميلز، متخصصة في المطبوعات، وفيتزروي هبكنس، مدير إداري.

    تتقدم هيومن رايتس ووتش بالشكر إلى أقارب ضحايا وجرحى الانتفاضة، وعائلات المتهمين، ومحامي الضحايا، والقضاة العسكريين، وموظفي القضاء، وأشخاص من المجتمع المدني، وعديد الأشخاص الآخرين الذين ساعدوا على إنجاز هذا التقرير.    

    ملحق 1: جدول يُلخص المحاكمات

    متهمون مشتركون بين قضايا الكاف وتونس

    التهمة والحكم الصادرين عن محكمة الاستئناف العسكرية

    التهمة والحكم الصادرين عن المحاكم الابتدائية

    الصفة أثناء الانتفاضة

    اسم المتهم

    تثبيت عقوبة السجن المؤبد الصادرة في المحاكمتين

    المشاركة في القتل، الفصل 32

    السجن المؤبد

    رئيس الجمهورية

    زين العابدين بن علي

    الامتناع المحظور

    السجن لمدة 3 سنوات

    المشاركة في القتل، الفصل 32

    الكاف: السجن لمدة 12 سنة

    تونس: السجن لمدة 15 سنة

    وزير الداخلية إلى غاية 12 يناير/كانون الثاني 2011

    رفيق الحاج قاسم

    الامتناع المحظور

    السجن لمدة 3 سنوات

    المشاركة في القتل، الفصل 32

    الكاف: السجن لمدة 10 سنوات

    تونس: السجن لمدة 10 سنوات

    المدير العام للأمن الوطني

    عادل التويري

    الامتناع المحظور

    السجن لمدة 3 سنوات

    المشاركة في القتل، الفصل 32

    الكاف: براءة

    تونس: السجن لمدة 20 سنة

    مدير الأمن الرئاسي

    علي السرياطي

    الامتناع المحظور

    السجن لمدة 3 سنوات

    المشاركة في القتل، الفصل 32

    الكاف: السجن لمدة 10 سنوات

    تونس: السجن لمدة 10 سنوات

    مدير شرطة مكافحة الشغب، المعروفة بوحدات النظام العام

    5. جلال بودريقة

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    المشاركة في القتل، الفصل 32

    براءة من المحكمتين

    وزير الداخلية من 12 إلى 27 يناير/كانون الثاني 2011

    6. أحمد فريعة

    الامتناع المحظور

    السجن لمدة 3 سنوات

    المشاركة في القتل، الفصل 32

    الكاف: السجن لمدة 10 سنوات

    تونس: السجن لمدة 10 سنوات

    مدير الأمن العمومي

    7. لطفي بن علي الزواوي

    المتهمون في محاكمة الكاف

    الامتناع المحظور

    السجن لمدة 3 سنوات

    القتل العمد، الفصل 201

    السجن لمدة 10 سنوات

    المدير العام لوحدات التدخل بالشمال

    يوسف بن عبد العزيز

    القتل غير العمد،

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    القتل العمد، الفصل 201

    براءة

    عقيد في وحدات التدخل

    منصف العجيمي

    القتل غير العمد،

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    القتل العمد، الفصل 201

    براءة

    ضابط في وحدات التدخل

    نعمان بن محمد العايب

    القتل غير العمد،

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    القتل العمد، الفصل 201

    براءة

    ضابط في وحدات التدخل

    عايش بن سوسية

    القتل العمد

    السجن لمدة 5 سنوات

    القتل العمد، الفصل 201

    السجن لمدة 15 سنة

    رئيس مركز حي النور

    وسام بن طه الورتتاني

    القتل غير العمد

    السجن لمدة سنتين و6 أشهر

    القتل العمد، الفصل 201

    السجن لمدة 8 سنوات

    ضابط في وحدات التدخل

    بشير بطيبي

    الامتناع غير القانوني والإهمال

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    القتل العمد، الفصل 201

    براءة

    مدير عام الامن الرئاسي

    1.منصف كريفة

    الامتناع غير القانوني والإهمال

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    القتل العمد، الفصل 201

    براءة

    ضابط في وحدات التدخل

    2.خالد بن هادي المرزوقي

    الامتناع غير القانوني والإهمال

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    القتل العمد، الفصل 201

    براءة

    ضابط في وحدات التدخل

    3.وائل بن علي الملولي

    السجن لمدة سنة مع تأجيل التنفيذ

    القتل العمد، الفصل 201

    السجن لمدة سنة

    مفتش شرطة

    4.أيمن بن عباس الكوكي

    السجن لمدة 5 سنوات

    القتل العمد، الفصل 201

    السجن لمدة 10 سنوات

    ضابط في وحدات التدخل

    5. محمد بن حولة

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    القتل العمد، الفصل 201

    السجن لمدة 10 سنوات

    رئيس منطقة الشرطة بالقصرين

    6.حسين الزيتوني

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    القتل العمد، الفصل 201

    السجن لمدة 10 سنوات

    مدير فرقة مكافحة الإرهاب

    7.خالد بن سعيد

    تثبيت العقوبة

    القتل العام، الفصل 201

    السجن لمدة 10 أشهر

    موظف في وزارة الداخلية

    8.ذهبي العابدي

    المتهمون في محاكمة تونس

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ بتهمة الامتناع المحظور

    المشاركة في القتل

    السجن لمدة 10 سنوات

    المدير العام للحرس الوطني

    محمد أمين العابد

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ بتهمة الامتناع المحظور

    المشاركة في القتل

    براءة

    متفقد الحرس الوطني

    محمد زيتوني

    السجن لمدة سنتين بتهمة الامتناع المحظور

    المشاركة في القتل العمد

    السجن لمدة 5 سنوات

    محافظ شرطة

    محمد الناصر بن عامر

    براءة

    المشاركة في القتل

    براءة

    ضابط شرطة مساعد

    محمد البوغديري

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    القتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار، براءة

    متفقد الامن الوطني

    علي بن منصور

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    مدير عام لقاعة العمليات

    محمد العربي الكريمي

    براءة

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    مدير عام المصالح الفنية

    الشاذلي الساحلي

    براءة

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    مدير عام المصالح المختصة

    رشيد بن عبيد

    احالة علي القضاء المدني

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    السجن لمدة 20 سنة

    رئيس منطقة راس الجبل

    ناصر العجيمي

    السجن لمدة ثلاث سنوات بسبب عنف تسبب في الموت عملا بالفصل 208 من المجلة الجزائية

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    السجن لمدة 12 سنة

    ملازم أول في شرطة وحدات التدخل

    عبد الياسط بن مبروك

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ بسبب القتل غير العمد، والتسبب في أضرار للغير عملا بالفصلين 217 و225.

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    السجن لمدة 5 سنوات

    ضابط شرطة

    منجي الزواري

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ بسبب القتل غير العمد، والتسبب في أضرار للغير عملا بالفصلين 217 و225.

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    السجن لمدة 5 سنوات

    ناظر أمن

    صالح تاج

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ بسبب القتل غير العمد، والتسبب في أضرار للغير عملا بالفصلين 217 و225.

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    مفتش شرطة

    رمزي الحجيري

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ بتهمة القتل غير العمد

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    حافظ الامن

    نبيل جبالي

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ بسبب القتل غير العمد، والتسبب في أضرار للغير عملا بالفصلين 217 و225.

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    السجن لمدة 5 سنوات

    ضابط شرطة مساعد

    طارق الرويسي

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ بسبب القتل غير العمد، والتسبب في أضرار للغير عملا بالفصلين 217 و225.

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    السجن لمدة 5 سنوات

    ناظر امن

    لطفي الخميري

    براءة

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    ضابط شرطة مساعد

    أسامة بن الشاذلي

    براءة

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    ضابط شرطة مساعد

    هشام الماجري

    براءة

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    ملازم شرطة

    علي الحراق

    براءة

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    ناظر امن

    نور الدين الحمروني

    براءة

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    مفتش شرطة

    خميس المثلوثي

    براءة

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    ناظر امن

    حبيب العياشي

    براءة

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    ناظر امن مساعد

    أحمد الشيحي

    براءة

    متهم بالقتل مع سبق الإصرار ومحاولة القتل مع سبق الإصرار

    براءة

    ناظر امن

    مجدي الشايب

    متهم بالقتل،

    السجن لمدة 15 سنة

    عريف حرس وطني

    عبد الكريم بن إسماعيل

    تثبيت الحكم

    متهم بالقتل،

    السجن لمدة 15 سنة

    عريف بالحرس

    مراد الرياحي

    السجن لمدة سنة مع تأجيل التنفيذ للتسبب في أضرار للغير عملا بالفصل 225 من المجلة الجزائية

    متهم بالقتل العمد،

    السجن لمدة 5 سنوات

    حافظ امن

    غازي ثابت

    براءة

    متهم بالقتل العمد،

    براءة

    ضابط شرطة

    وسام مديوني

    السجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ بتهمة القتل غير العمد

    متهم بالقتل العمد،

    براءة

    مفتش شرطة

    صلاح الدين الباجي

    السجن لمدة سنة واحدة مع تأجيل التنفيذ بتهم القتل غير العمد

    متهم بالقتل العمد،

    السجن لمدة سنة

    نقيب في الحرس الوطني

    عادل حمدي

    براءة

    5 سنوات من اجل المشاركة في القتل

    ضابط شرطة

    لطفي الفطناسي

    السجن لمدة سنة واحدة مع تأجيل التنفيذ بتهم القتل غير العمد

    القتل غير العمد

    السجن لمدة سنة

    ضابط شرطة مساعد

    قيس بوراوي

    المتهمون في محاكمة صفاقس

    10 سنوات

    20 سنة من اجل القتل العمد

    ضابط شرطة

    1. عمران العبدلي

    براءة

    20 سنة من اجل القتل العمد

    ضابط شرطة

    2. محمد سعيد خلودة

    8 سنوات

    20 سنة من اجل القتل العمد

    ضابط شرطة

    3. بسام عكرمي



    [1] اللجة الوطنية لاستقصاء الحقائق في التجاوزات والانتهاكات المسجلة خلال الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 إلى حين زوال موجبها، تأسست بالمرسوم رقم 8ـ2011 الصادر في 18 فبراير/شباط 2011 http://www.legislation-securite.tn/fr/node/30896 . نشرت اللجنة تقريرها النهائي في أبريل/نيسان 2012، http://fr.slideshare.net/marsedkadha/ss-12834630

    [2] هيومن رايتس ووتش، تونس: يجب الكف عن استخدام القوة المفرطة والإفراج عن السجناء السياسيين، 14 يناير/كانون الثاني 2011، هيومن رايتس ووتش، تونس: محاسبة الشرطة على إطلاق الرصاص، 29 يناير/كانون الثاني 2014، منظمة العفو الدولية، أدلة جديدة تثير القلق على وحشية قوات الأمن التونسية، 27 يناير/كانون الثاني 2011، منظمة العفو الدولية: تونس في خضم الثورة: عنف الدولة أثناء الاحتجاجات المناهضة للحكومة، فبراير/شباط 2011.

    [3] المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، تم اعتمادها أثناء مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، هافانا، كوبا، من 27 أغسطس/آب إلى 7 سبتمبر/أيلول 1990، http://www.ohchr.org/EN/ProfessionalInterest/Pages/UseOfForceAndFirearms.aspx ، مدونة قواعد سلوك الأعوان المكلفين بإنفاذ القانون، تم تبنيها في قرار الجمعية العامة رقم 34/169 الصادر في 17 ديسمبر/كانون الأول 1969، http://www.ohchr.org/EN/ProfessionalInterest/Pages/LawEnforcementOfficials.aspx (تمت الزيارة في 1 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [4] أمر عدد 9 لسنة 1957 مؤرخ في 10 يناير/كانون الثاني 1957، http://www.legislation-securite.tn/fr/node/27829 (تمت الزيارة في 1 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [5] المحكمة العسكرية الدائمة بتونس (تشمل ولايات تونس وأريانة ومنوبة وبن عروس وبنزرت ونابل وزغوان وسوسة والمنستير)، المحكمة العسكرية الدائمة في الكاف (تشمل ولايات الكاف وجندوبة وباجة وسليانة والقصرين والقيروان)، المحكمة العسكرية الدائمة في صفاقس (تشمل ولايات صفاقس والمهدية وسيدي بوزيد وقابس ومدنين وتطاوين وتوزر وقفصة وقبلي).

    [6] الفصل 1، قانون المرافعات والعقوبات العسكرية، 1957.

    [7] الفصل 5، قانون المرافعات والعقوبات العسكرية ، 1957.

    [8] الفصل 8، قانون المرافعات والعقوبات العسكرية ، 1957. ينص الفصل 91 من قانون المرافعات والعقوبات العسكرية على أنه: "يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات كل شخص عسكري أو مدني تعمد بالقول أو بالحركات أو بواسطة الكتابة أو الرسوم أو الصور اليدوية والشمسية أو الأقلام بمحل عمومي تحقير العلم أو تحقير الجيش والمس من كرامته أو سمعته أو معنوياته أو يقوم بما من شأنه أن يضعف في الجيش روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهم أو انتقاد أعمال القيادة العامة أو المسؤولين عن أعمال الجيش بصورة تمس كرامتهم".

    [9] قانون رقم 82ـ70 صادر في 6 أغسطس/آب 1982 متعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي، الفصل 22 والفصل 4.

    [10] أجرت المحكمة العسكرية بتونس في 17 يناير/كانون الثاني 1962 محاكمة لـ 26 شخصا متهمين بالتآمر على أمن الدولة، ومنهم عديد المعارضين البارزين لـ بورقيبة، وقضت بإعدام 12 منهم والسجن المؤبد في حق آخرين. وأثناء ما يُسمى بمحاكمات بوشوشة وباب سعدون سنة 1992، أدانت المحاكم العسكرية أكثر من 265 ناشطا من حزب حركة النهضة الإسلامي غير المعترف به رسميًا بجرائم الاعتداء على أمن الدولة في محكمات غير عادلة، وفرضت عليهم عقوبات مشددة بالسجن. وفي 1991، حاكمت المحكمة العسكرية بتونس 171 ضابطا عسكريا وأدانتهم بالتآمر على أمن الدولة في محاكمة بدت ذات دوافع سياسية، ولم تحترم ضمانات المحاكمة العادلة. أنظر منظمة العفو الدولية: تونس ـ بعد مرور عشر سنوات، لم تتحقق العدالة بعد لسجناء باب سعدون وبوشوشة بينما تتواصل محاكمة المدنيين في محاكم عسكرية، http://www.amnesty.org/en/library/asset/MDE30/015/2002/en/45c08df4-d7f1-11dd-9df8-936c90684588/mde300152002fr.html ، هيومن رايتس ووتش، تونس: المحاكم العسكرية التي حكمت على القادة الإسلاميين انتهكت المعايير الأساسية للمحاكمة العادلة، أكتوبر/تشرين الأول 1992، http://www.hrw.org/legacy/reports/pdfs/t/tunisia/tunisia.92o/tunisia920full.pdf (تمت الزيارة في 1 ديسمبر كانون الأول 2014).

    [11] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد مروان بوقرة، مدير القضاء العسكري، أكتوبر/تشرين الأول 2011.

    [12] الفصول 15 و21، قانون المرافعات والعقوبات العسكرية، 1957.

    [13] الفصل 44، قانون المرافعات والعقوبات العسكرية، 1957.

    [14] الفصل 10 من المرسوم رقم 69 الصادر في 29 يوليو/تموز 2011 المتعلق بتنقيح وإتمام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية.

    [15] الفصل 7، مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، 1957. مفهوم الأطراف المدنية او "القائمين بالحق الشخصي" هو خاصية لمنظومة القضاء المدني تسمح للضحايا بالتقاضي بصفة رسمية والمشاركة في جميع الإجراءات أكثر من الشهود، مثل تمتعهم بالحق في تفحص الوثائق المتصلة بالإجراءات. أنظر المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، “Victims’ Rights Before the ICC,” ، http://www.fidh.org/IMG/pdf/4-CH-I_Background.pdf (تمت الزيارة في 1 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [16] هيومن رايتس ووتش، تونس ـ محاسبة الشرطة على إطلاق النار، 29 يناير/كانون الثاني 2011، http://www.hrw.org/ar/news/2011/01/29 ، (تمت الزيارة في 1 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [17] تثبيت التهم من قبل محكمة الاستئناف في الكاف، 6 سبتمبر/أيلول 2011، نسخة لدى هيومن رايتس ووتش.

    [18] أنظر الملحق: قائمة اسمية في الأشخاص الذين تمت إدانتهم أو تبرئتهم.

    [19] السابق.

    [20] قضت محكمة الاستئناف في تونس بتثبيت التهم في 15 سبتمبر/أيلول 2011. نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش.

    [21] أنظر الملحق 1: جدول يُلخص المحاكمات العسكرية في الدور الابتدائي والاستئنافي.

    [22] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أنس منصر، محامي رفيق الحاج قاسم، وزير الداخلية السابق. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع معز الشريف، محامي جلال بودريقة، المدير السابق لشرطة مكافحة الشغب. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبادة الكافي، محامي علي السرياطي، مدير الأمن الرئاسي.

    [23] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 14.

    [24] اعتبرت لجنة حقوق الإنسان في الملاحظات التي وجهتها إلى مصر سنة 1993 أنه لا يجب منح المحاكم العسكرية صلاحية النظر في  قضايا غير متصلة بجرائم نفذها أعوان الأمن أثناء أداء الواجب، لجة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ملاحظات حول مصر، UN Doc. CCPR/C/79/Add.23 (1993)، الفقرة 9. وطالبت اللجنة الحكومة الكولومبية باتخاذ جميع الخطوات لضمان محاكمة عناصر القوات المسلحة والجيش المتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في محاكم مدنية مستقلة. وأكدت بشكل خاص على أن نقل ولاية المحاكم العسكرية في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان إلى المحاكم المدنية، لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تعليقات حول كولومبيا، UN Doc. CCPR/C/79/Add.76, (1997) ، الفقرة 34.  

    [25] المبادئ التوجيهية بشأن الحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا، اعتمدتها اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في 2003، http://www.achpr.org/instruments/principles-guidelines-right-fair-trial (تمت الزيارة في 1 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [26] المبادئ المتعلقة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان من خلل العمل على مكافحة الإفلات من العقاب، UN Doc. E/CN.4/Sub.2/1997/20 (1997).

    [27] الفصل 7، مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، 1957. مفهوم الأطراف المدنية هو خاصية لمنظومة القضاء المدني تسمح للضحايا بالتقاضي بصفة رسمية والمشاركة في جميع الإجراءات أكثر من الشهود، مثل تمتعهم بالحق في تفحص الوثائق المتصلة بالإجراءات. أنظر المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، “Victims’ Rights Before the ICC,”، http://www.fidh.org/IMG/pdf/4-CH-I_Background.pdf (تمت الزيارة في  1 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [28] مقبالة هيومن رايتس ووتش مع لمياء فرحاني، تونس، 7 أغسطس/آب 2014.

    [29] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شرف الدين القليل، 6 أغسطس/آب 2014.

    [30] تمكن قضاة التحقيق من تحديد عدد قليل من منفذي عمليات القتل. في المحكمة العسكرية في تونس، تم تحديد عبد الباسط بن مبروك، ملازم أول في شرطة مكافحة الشغب في بوشوشة بفضل مقاطع فيديو وخمس شهادات، ووجهت له تهمة قتل أنيس الفرحاني من مسافة قريبة في 13 يناير/كانون الثاني 2011 وسط تونس العاصمة. كما تمكنت، بالاعتماد على شهادات الشهود، من تحديد هوية ثلاثة أعوان شرطة نفذوا عمليات قتل في 13 يناير/كانون الثاني في رأس الجبل، بلدة تبعد حوالي 40 كلم شمال تونس العاصمة. وفي محكمة الكاف، تمكنت المحكمة من تحديد هوية بشير بطيبي، مقدم في شرطة مكافحة الشغب كمنفذ لعملية قتل وجدي السايحي في 12 يناير/كانون الثاني 2011 في مدينة تالة.

    [31] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع محاميي الضحايا:  شرف الدين القليل وعمر الصفراوي وليلى الحداد ولمياء فرحاني. ملاحظات هيومن رايتس أثناء الجلسات، المحكمة العسكرية في الكاف، مايو/أيار 2012. 

    [32] الحكم النهائي الصادر عن محكمة الاستئناف، المجلد الرابع.

    [33] قدّم عايش بن سوسية، أثناء الجلسة السابعة لدى المحكمة العسكرية في الكاف، سجلا للأسلحة والذخيرة مطبوع لدى المطبعة الرسمية لقوات الأمن ليثبت انه لم يستخدم الذخيرة التي كانت بحوزته. ملاحظات هيومن رايتس ووتش أثناء المحاكمة.

    [34] انتقد المدعي العسكري المحاكم العسكرية الابتدائية لعدم وجود زيارات ميدانية، وطالب محكمة الاستئناف بإجراء زيارات ميدانية، بما في ذلك مقرات شرطة مكافحة الشغب وعديد المواقع التي تمت فيها جرائم قتل. ملاحظات هيومن رايتس ووتش أثناء جلسات الاستئناف.

    [35] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نجاة الناموسي، والدة محمد الناصر، افريل 2014.

    [36] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شرف الدين القليل، يوليو/تموز 2014.

    [37] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ليلى الحداد، تونس، أكتوبر/تشرين الأول 2013.

    [38] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الشاذلي المزليني، تونس، يناير/كانون الثاني 2014.

    [39] ينص الفصل 32 من المجلة الجزائية على أنه "يُعدّ مشاركا ويعاقب بصفته تلك:

    أولا: الشخص الذي أرشد لارتكاب الجريمة أو تسبب في ارتكابها بعطايا أو وعود أو تهديدات أو تجاوز في السلطة أو النفوذ أو خزعبلات أو حيل إجرامية،

    ثانيا: الشخص الذي مع علمه بالمقصد المراد الحصول عليه أعان على ارتكابه بأسلحة أو آلات أو غير ذلك من الوسائل التي من شأنها الإعانة على تنفيذ الفعل.

    ثالثا: الشخص الذي مع علمه بالمقصد المذكور اعان فاعل الجريمة علي الاعمال التحضيرية او المسهلة لارتكابها او علي الاعمال التي وقعت بها الجريمة بالفعل...

    [40] نص الحكم الكتابي الصادر عن محكمة الاستئناف، المجلد الرابع، ص 1611.

    [41] قانون رقم 48 مؤرخ في 3 يونيو/حزيران 1966، http://www.iort.gov.tn/WD120AWP/WD120Awp.exe/CONNECT/SITEIORT ، (تمت الزيارة في 1 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [42] نص الحكم الكتابي الصادر عن محكمة الاستئناف، المجلد الرابع، ص 1116.

    [43] الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف، الصفحة 1739، نسخة لدى هيومن رايتس ووتش.

    [44] مجلة الإجراءات الجزائية، الفصل 32.

    [45] نظام روما الأساسي، المادة 28.

    [46] مبادئ الأمم المتحدة بشأن المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة، كما أوصى بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي 65/1989 الصادر في 24 مايو/أيار 1989، http://www1.umn.edu/humanrts/instree/i7pepi.htm  

    [47]  Christian Wenaweser,“Accession of Tunisia to the Rome Statute of the International Criminal Court” ICC,June 24 2011, http://www.icc-cpi.int/iccdocs/asp_docs/Statement/PASP-TUN-24062011-ENG.pdf (تمت الزيارة في 1 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [48] مذكرة توقيف ضدّ بن علي صادرة بموجب عقوبة أخرى قضت بها المحكمة الابتدائية في تونس التي أدانته في 20 يونيو/حزيران 2011 بالسجن لمدة 35 سنة وبغرامة مالية قدرها 65.6 مليون دولار لسرقة وحيازة أموال ومجوهرات.

    [49] مقابلة مع رئيس الوزراء مهدي جمعة، 14 مارس/آذار 2014، https://www.youtube.com/watch?v=pkbYAH-BJxQ ، (تمت الزيارة في 1 ديسمبر/كانون الأول 2014).

    [50] أحكام العدالة الانتقالية، 12 يونيو/حزيران 2014، قانون رقم 17ـ2014، http://www.legislation-securite.tn/fr/node/33786 ، (تمت الزيارة في 1 ديسمبر/كانون الأول 2014).