مصر: تشريح قضية أمن دولة
اعتقالات "الطائفة المنصورة"
الملخص
أفاد الإعلام المصري والدولي في 19 أبريل/نيسان 2006 بأن السلطات قد اعتقلت أعضاء من تنظيم متطرف مسلح في القاهرة بزعم أنه كان يخطط لهجمات إرهابية. ومن بين العناوين كانت "مصر تحبط محاولة لشن عملية تفجير إرهابي" و"مصر تقول إن الجماعة الإرهابية انهارت".[1] وأعلنت وزارة الداخلية المصرية في ذلك اليوم أن مباحث أمن الدولة،[2] وهي الجهاز الأمني الداخلي المصري، قد قبضت على 22 مشتبه بهم زعموا أنهم كانوا يخططون لتفجير أهداف مدنية في القاهرة وحولها، بما في ذلك خطوط أنابيب للغاز الطبيعي ومواقع سياحية، وقتل شخصيات دينية من المسلمين والمسيحيين. وقالت وزارة الداخلية إنها تُسمى "الطائفة المنصورة".
وبعد هذا بخمسة أيام، في 24 أبريل/نيسان، تسببت سلسلة من التفجيرات في دهب بشبه جزيرة سيناء في مقتل 18 شخصاً، وهو أول عملية تفجير تشهدها مصر منذ عام 2005 والهجمة الوحيدة من نوعها في عام 2006. (حتى كتابة هذا التقرير، لم تقع تفجيرات موسعة في مصر منذ حادث دهب). ومن غير المثير للدهشة أن بعض الصحفيين ربطوا بين إعلان 19 أبريل/نيسان وما استتبعه من تفجيرات في دهب، قائلين بأن الجماعة المُعتقلة قد تكون على صلة بالتفجيرات.[3] كما قام بعض المحللين بتقديم تحليل متعمق لاعتقال الطائفة المنصورة بناء على المعلومات المقدمة في بيان وزارة الداخلية، فقالوا بأن السلفية الجهادية تتنامى في مصر، وإن تهديد الإرهاب في مصر يتزايد.[4]
إلا أن الحقائق المتوافرة حول الاعتقالات توحي بوجود قصة أخرى.
ففي يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2007، حققت هيومن رايتس ووتش في قضايا 22 رجلاً يُشار إليهم على أنهم من عناصر الطائفة المنصورة. وحققت هيومن رايتس ووتش في هذه القضايا بسبب أهميتها المُعلن عنها جراء ما أعلنته وزارة الداخلية على الملأ عن الاعتقالات؛ ولأن الكثير من المحامين المصريين وقيادات المجتمع المدني قالوا إن مزاعم وزارة الداخلية بحق الرجال ليست صحيحة.
ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من إجراء مقابلات مُعمقة مع أي من الأعضاء المزعومين للطائفة المنصورة البالغ عددهم 22 عضواً. وغالبية الرجال كانوا ما زالوا رهن الاحتجاز أثناء إجراء التحقيق، وغالبية الاثني عشر شخصاً المعروف إطلاق سراحهم منذ 2006 إما أنهم لم يتسن إجراء مقابلات معهم أو رفضوا التحدث إلينا خشية تعريض أنفسهم أو رفاقهم من المتهمين للخطر. إلا أن هيومن رايتس ووتش قابلت سجناء سابقين آخرين تم احتجازهم لفترات مطولة نوعاً مع الاثني وعشرين مُحتجزاً المعنيين، وحصلنا من أحد المحتجزين المفرج عنهم على رواية لما خبره المحتجزين. كما قابلنا محاميّ الاثني وعشرين رجلاً، وكانوا قد قابلوهم أثناء مجريات التحقيق في القضية، وقابلنا عدة أفراد من عائلاتهم كانوا قد قاموا بزيارتهم، وكذلك من الجيران والنشطاء والمراقبين المُلمين بقضاياهم، وعدداً كبيراً من المحامين الآخرين الذين يمثلون محتجزي أمن الدولة. (المُلاحظ أن العديد من أفراد عائلات الرجال رفضوا التحدث إلى هيومن رايتس ووتش خشية تعطيل الإفراج عن أقاربهم المحتجزين). وأخيراً فقد حاولنا مقابلة مسؤولين من وزارة الداخلية والخارجية لمناقشة القضايا، لكن لم تُكلل جهودنا هذه بالنجاح، كما لم نتلق ردوداً على الرسائل المرسلة إلى وزارة الداخلية مطالبة بالمعلومات (انظر الملحق).
وخلصنا من تحقيقنا إلى وجود سبب كافي للتشكك العميق إزاء المزاعم المذكورة بحق الاثني وعشرين رجلاً. إذ أنه بخلاف الاعترافات المنتزعة بالإكراه، يبدو أنه لا يوجد دليل مُقنِع يدعم مزاعم الحكومة. ويبدو أن مباحث أمن الدولة قد اختلقت المزاعم بحق بعض هؤلاء الرجال على الأقل، أو جميعهم. والاسم الممنوح للتنظيم – "الطائفة المنصورة" – ربما كان من اختراع مسؤولي مباحث أمن الدولة. فضلاً عن أنه بغض النظر عما إذا كانت الاعتقالات الأولية مبررة، فمن الواضح أنه لا وجود لأي سند قانوني لاستمرار احتجاز عشرة رجال من الاثني وعشرين رجلاً الذين يُعتقد أنهم ما زالوا رهن الاحتجاز. وقد رفضت نيابة أمن الدولة إحالة أي قضية منهم إلى المحكمة، وأصدرت في عام 2006 أوامر بوجوب إطلاق سراح كل الرجال المذكورين.
والحقائق الخاصة بهذه القضايا مقلقة بدورها. فبادئ ذي بدء، لم يتم اعتقال الاثني وعشرين رجلاً في أواخر أبريل/نيسان 2006 حين تم الإعلان عن احتجازهم. بل تم احتجازهم قبل أسابيع من هذا التاريخ، في فبراير/شباط وفي مارس/آذار 2006، وتعرضوا للاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي في عدد من مراكز احتجاز مباحث أمن الدولة بالقاهرة، بما في ذلك مقر مباحث أمن الدولة في لاظوغلي، ومقر جابر ابن حيان في الجيزة، ومقر مدينة نصر، وجميعها ليست أماكن مُصرح بها قانوناً للاحتجاز. وكان بعض هؤلاء الرجال محتجزين لأكثر من شهرين حين تم الإعلان عن الاحتجاز في أبريل/نيسان.
ويعتقد المحامون وأسر المحتجزين أن الاثني وعشرين رجلاً ربما كانوا مستهدفين بالاعتقال لأنهم أكثر إخلاصاً للدين الإسلامي من المستوى المعتاد بين الشباب المصري، ولأن السلطات حسبت أن بإمكانها استغلال بعض الإشارات الدالة على التزامهم الديني – مثلاً أن بعضهم نظم مجموعات نقاش دينية – وتحويل هذه الإشارات إلى أدلة على القيام بنشاط مريب.
وقد قدم محتجزون سابقون كانوا في نفس المكان مع الاثني وعشرين رجلاً، وكذلك محاموهم وأفراد أسرهم، معلومات تشير إلى أن غالبية أو كل الرجال تم تعذيبهم على أيدي عناصر أمن الدولة أثناء الأسابيع التي تم احتجازهم فيها قبل الإعلان عن الاحتجاز في 19 أبريل/نيسان. ووصف المشهد محتجز سابق سمع عدداً من الرجال يتم استجوابهم في مقر أمن الدولة بالجيزة:
لم يكن ما سمعته مجرد تعذيب، كان يتجاوز الخيال. ما سمعته لا يُصدق، حتى إنني صدقت أنهم ربما كانوا متورطين في شيء ما. بدأت أتساءل: لابد أن السبب وراء تعذيبهم هكذا هو تورطهم في مخطط ما. لا يمكنك تخيل مدى قسوة سماع كل هذا... الصراخ، كم تم تعذيبهم بقسوة... سمعت بعضهم يصرخون أثناء تعرضهم للصدمات الكهربية. كان بإمكاني سماع الكهرباء أيضاً، صوت ززززز.... ززززز.
وقال محتجز آخر تم احتجازه مع المجموعة في السجن: "أخبرونا بالكثير عن التعذيب الذي تعرضوا له" في مقر الجيزة على وجه الخصوص:
في البداية قالوا إنهم خلعوا عنهم كل ثيابهم، بالطبع، ثم تم وضعهم في الردهة لبعض الوقت عراة تماماً. ثم تعرضوا للكهرباء بالطبع، فهذا شيء ضروري، ويكاد يكون مسلماً به. لكن لم يقتصر الأمر على الكهرباء، إذ قالوا إن عناصر أمن الدولة استهدفوا الأجزاء الحساسة لديهم، أي العضو الذكري. ثم قالوا إنهم تم تقييد أيديهم من خلف ظهورهم، ثم عُلقوا من حلق باب مفتوح... وقال لي بعض هؤلاء الرجال فيما بعد إنهم كانوا يشمون رائحة جلدهم وهو يحترق [أثناء التعذيب بالصدمات الكهربية]، وقالوا إن هذا الأمر كان مقززاً.
كما أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2007، تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات من أحد محتجزي الطائفة المنصورة كان قد تم الإفراج عنه في عام 2007. وزعم المحتجز أنه ومحتجزين آخرين من بين مجموعة الـ 22 قد تم تعذيبهم وتعرضوا لمعاملة سيئة في مقر لاظوغلي في أوائل 2006، بعد القبض على الرجال في فبراير/شباط ومارس/آذار:
نقلونا [مباحث أمن الدولة] إلى لاظوغلي لنتذوق طعم التعذيب المنهجي... تم ضربنا باللكمات والعصي والركلات. واستخدموا [أمن الدولة] الكهرباء على مختلف أجزاء الجسم، بما في ذلك المناطق الحساسة.
كما أشار المحامون ومحتجزون سابقون وغيرهم من المصادر إلى أن الكثير من مجموعة الـ 22 رجلاً، فيما كانوا في مقر الجيزة وفي لاظوغلي (مقر مباحث أمن الدولة الرئيسي)، تم تقييد أيديهم وتعصيب أعينهم طيلة وقت احتجازهم تقريباً، ووصفوا مختلف الآثار المرضية التي عانى منها المحتجزين في صحتهم النفسية، الناشئة عن التعذيب البدني وتعصيب الأعين المستمر.
وأكد محتجزون سابقون على أن الغرض الظاهر من التعذيب كان إكراه الرجال على الاعتراف بالمخططات التي تم الإعلان عنها فيما بعد في 10 أبريل/نيسان. وقال أحد المحتجزين السابقين الذين كانوا مع المجموعة:
اعتاد الرجال أن يقولوا، إثر التعذيب الرهيب، وهم يصرخون: قولوا لنا ما تريدون أن نقوله! قولوا لنا ما تريدون أن نقوله وسوف نقوله!" كانوا مستعدين للاعتراف بأي شيء تريد أمن الدولة أن يعترفوا به.
وقال مُحتجز الطائفة المنصورة المقتبس قوله أعلاه إن العديد من المحتجزين قاموا في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2006 بـ"الاعتراف" بارتكاب أعمال إجرامية لم يرتكبوها. وقال المحتجز إن أحد المحتجزين الذين كانوا معه اعترف كذباً بأنه "كان إرهابياً"، وهذا فور صعقه بصدمات كهربية في قضيبه.
وعلى الرغم من استخلاص "اعترافات"، فإن السلطات المصرية تخلت عن فكرة الملاحقة القضائية للرجال بعد عدة أشهر من إعلان أبريل/نيسان 2006. وفي أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2006، رفضت نيابة أمن الدولة إحالة أي من القضايا إلى المحكمة، كما ذكرنا أعلاه، وأصدرت أوامر بالإفراج الفوري عن الرجال. لكن لم يتم الإفراج عن غالبيتهم قط. ولم تعلن وزارة الداخلية علناً عن إصدار أوامر الإفراج، ويبدو أن عناصر أمن الدولة حصلوا على أوامر احتجاز جديدة لغالبية الرجال (وهي مناورة قانونية تستند إلى قانون الطوارئ وهي ممارسة مألوفة في مصر) ونقلوهم ثانية إلى السجن. وعلى الرغم من إطلاق سراح العديد منهم في أواسط وأواخر عام 2007، وما زال 10 منهم على الأقل رهن الاحتجاز، حتى أواخر 2007.
والغرض من هذا التقرير ليس فقط وصف التجربة التي عانت منها هذه المجموعة على أيدي عناصر أمن الدولة. بل هي دراسة حالة معروضة لتوضيح كيفية عمل مباحث أمن الدولة في مصر بشكل عام. وبناء على أبحاثنا في عمليات مباحث أمن الدولة على مدى السنوات الخمس الماضية، وبناء على مقابلاتنا الموسعة مع محامين يتولون قضايا محتجزين آخرين، فثمة أساس قوي للاستنتاج بوجود انتهاكات يعاني منها أشخاص في قضايا آخر، مماثلة لتلك التي تعرّض لها الرجال في مجموعة الـ 22 رجلاً.
فضلاً عن أنه يوجد سبب كافي للاعتقاد بوجود إساءات مماثلة مقدرٌ لها أن تقع في المستقبل. وقال معلقون لا حصر لهم لـ هيومن رايتس ووتش إن مباحث أمن الدولة ركزت في الأعوام الأخيرة بشكل متزايد على الشباب من الرجال، وعلى السلفيين بشكل خاص، وكثيراً ما يعتقلونهم ويستجوبونهم دونما أساس قانوني مشروع.
وأوضح أحمد سيف الإسلام – وهو محامي يمثل أسر الأفراد الخاضعين لاحتجاز أمن الدولة، أن عناصر أمن الدولة تعتقل أو تستدعي السلفيين للاستجواب بشكل روتيني. وقال: "تجمع الشرطة أشخاص عشوائيين، ثم يحيلون الأشخاص إلى أمن الدولة... [أو] أحياناً تستهدف [أمن الدولة] السلفيين". وطبقاً لسيف الإسلام ولمحامين آخرين، يضغط مسؤولو أمن الدولة على المشتبه بهم في العادة لاستخلاص أسماء رجال آخرين منهم لكي يقوموا بالقبض عليهم.
إنهم يقبضون على أي شخص يرون أن له دور في أي مخطط، مهما كانت الصلة غامضة وغير واضحة. كما أنهم كلما حاولوا اعتقال شخص ما ولا يجدونه، فهم يعتقلون شخصاً غيره. مثلاً، لنقل إنهم يريدون اعتقال شخص يدعى زين، ثم لم يجدونه. وقتها سيعتقلون شقيقه أو والده أو حتى زوجته.
كما قال المراقبون أن أمن الدولة تكرِه المحتجزين بشكل منهجي على أن يصبحوا مخبرين لها.
وضباط أمن الدولة المتورطين في الإساءة نادراً ما تتم محاسبتهم. وقال مسؤول رفيع المستوى بوزارة الداخلية المصرية، في اجتماعات مع هيومن رايتس ووتش في فبراير/شباط 2004 وفبراير/شباط 2005، إن الحكومة لم تتخذ إجراءات تحقيق جنائي أو إجراءات تأديبية رداً على مزاعم التعذيب والمعاملة السيئة على أيدي مسؤولي أمن الدولة منذ عام 1986.[5]
وقال المحامون ونشطاء حقوقيون مصريون لـ هيومن رايتس ووتش إن مباحث أمن الدولة مستمرة في العمل في ظل الإفلات من العقاب في كل أرجاء مصر ونادراً ما تتم محاسبتهم على ممارساتهم المنطوية على الإساءة.
والغرض من هذا التقرير هو جذب الانتباه إلى هذه الحالة من الإفلات من العقاب. وتوجد قائمة بالتوصيات الموجهة إلى الحكومة المصرية في نهاية هذا التقرير.
منهج التقرير
يستند هذا التقرير إلى أكثر من 24 مقابلة مع محتجزين سابقين بأمن الدولة، ومع أقارب للمحتجزين ومحاميهم وصحفيين حققوا في وقائع اعتقال المحتجزين، وغيرهم من المحامين الذين يتعاملون بشكل منتظم مع قضايا لأشخاص محتجزين لدى أمن الدولة. وأجرت هيومن رايتس ووتش المقابلات في القاهرة في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2007، وتلاها المزيد من الأبحاث في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2007. وتم إجراء كل المقابلات في أماكن خاصة وباللغة العربية بالأساس.
وغالبية المحتجزين المفرج عنهم في عملية "الطائفة المنصورة" لم يكونوا مستعدين للتكلم بعمق مع هيومن رايتس ووتش عن تجاربهم، مما يوحي بخشية تجديد الاعتقال أو غيرها من أشكال المضايقة من قبل السلطات المصرية إذا هم تكلموا عن هذه الخبرات. إلا أنه – وكما هو مذكور أعلاه – قابلت هيومن رايتس ووتش سجناء سابقين آخرين تم احتجازهم لفترات معقولة مع الاثني وعشرين محتجزاً. كما قابلنا المحامين الذين يمثلون الاثني وعشرين رجلاً، الذين قالوا إنهم شاهدوهم أثناء عمل الإجراءات القانونية، وبعض الأقارب الذين زاروا الرجال. فضلاً عنه أنه في أواخر 2007 قام أحد المحتجزين المفرج عنهم من بين أعضاء الجماعة المزعومة بتقديم رواية لـ هيومن رايتس ووتش عن اعتقاله واحتجازه هو وغيره من المحتجزين.
وطلب عددٌ من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في هذا التقرير، ومنهم محتجزون سابقون ومشتغلون بحقوق الإنسان ومحامون، من هيومن رايتس ووتش، ألا تكشف عن أسمائهم خشية أن تستهدفهم السلطات المصرية بالاعتقال أو الاستجواب. وفي مثل هذه الحالات، وضعت هيومن رايتس ووتش الحروف الأولى من أسماء الأشخاص، ولكنها ليست الحروف الأولى من أسمائهم الحقيقية.
خلفية
المعارضة السياسية والعنف في مصر
عارضت جماعات راديكالية إسلامية كثيرة الحكومة المصرية أثناء العقود الأخيرة، بما في ذلك جماعات ما زالت نشطة مثل الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي. وفي الثمانينات والتسعينات انخرطت بعض هذه الجماعات في هجمات استهدفت مسؤولين حكوميين ومدنيين، بمن فيهم سائحين غربيين.
وأبشع هجمة على المدنيين من قبل جماعة معارضة مسلحة كانت الهجمة التي وقعت عام 1997 في الأقصر، والتي هاجم فيها ستة رجال مسلحون بالأسلحة الآلية سائحين أوروبيين كانوا يزورون أحد المعالم السياحية الشهيرة، وقتلوا 58 أجنبياً وأربعة مصريين، وجرحوا ما يتجاوز الاثني عشر شخصاً. وكان الرجال المسلحين أعضاء من الجماعة الإسلامية.
والجماعة الإسلامية المعارضة المتواجدة منذ فترة طويلة على الساحة في مصر لم يُعرف عنها تورطها في العنف المسلح في السنوات العشر الأخيرة، وحتى قبل هجمة الأقصر، كان غالبية قادة الجماعة الإسلامية يُدينون العنف ويزعمون تفضيل العمل على التغيير السياسي باستخدام وسائل غير عنيفة فقط. أما الجهاد الإسلامي فلم تنبذ العنف من طرفها، وإن لم يكن ثمة أدلة كثيرة تشير إلى تورط أعضاء هذه الجماعة في أي هجمات عنيفة في مصر.
إلا أن بعض الجماعات الراديكالية الأصغر قد ظهرت في مصر أثناء السنوات العشر الأخيرة. ويبدو أن هذه الجماعات تشكلت بصفة مستقلة عن جماعات المعارضة الأقدم، ويبدو أنها تعتنق الأهداف الإسلامية الراديكالية العابرة للحدود. وتعمل هذه الجماعات بصفة سرية، وقليلة هي التفاصيل المتوفرة علناً حول قادتها وأعضائها.
وبعض هذه الجماعات متورطة في أنشطة عنيفة في مصر، خاصة في شبه جزيرة سيناء، وهي مسؤولة عن ارتكاب هجمات خطيرة على المدنيين في السنوات القليلة الماضية. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2004 وقعت عدة تفجيرات متزامنة في منتجع طابا وحوله وتسببت في مقتل 34 شخصاً وإصابة أكثر من مائة آخرين. وفي 23 يوليو/تموز 2005 وقعت سلسلة من التفجيرات المتزامنة في مواقع بشرم الشيخ، لتتسبب في مقتل 88 شخصاً وإصابة أكثر من 200 آخرين. وفي 24 أبريل/نيسان 2006 (بعد الاعتقالات الموثقة في هذا التقرير) وقعت ثلاثة تفجيرات في مدينة دهب وتسببت في مقتل 18 شخصاً على الأقل وإصابة عشرات غيرهم.[6] ويوجد حادث واحد خطير وقع في القاهرة في السنوات القليلة الماضية، وهو عملية تفجير في أبريل/نيسان 2005 تسببت في مقتل 3 سائحين أجانب، تلتها سلسلة من الهجمات المسلحة بعد أسابيع – تورط فيها مشتبهين من التفجير الأول – وأصيب فيها بعض السائحين الأجانب.
مباحث أمن الدولة المصرية
جهاز الاستخبارات الداخلي الأساسي بمصر هو مباحث أمن الدولة، وهو أداة الحكومة المصرية الأساسية المسؤولة عن مراقبة جماعات المعارضة المسلحة المشتبه في تورطها في هجمات على المدنيين والسيطرة عليها. كما أن مباحث أمن الدولة مسؤولة عن مراقبة أحزاب المعارضة المشروعة السلمية والسيطرة عليها، وكذلك المجتمع المدني وجماعات حقوق الإنسان.
ولمباحث أمن الدولة سجل طويل من الانتهاكات. ففي الثمانينات والتسعينات كانت مباحث أمن الدولة تسيء بشكل منهجي معاملة الأشخاص المعتقلين بتهمة معارضة الحكومة، بمن فيهم عشرات الآلاف من الرجال المشتبه في تورطهم في جماعات معارضة غير عنيفة مثل الإخوان المسلمين، وكذلك الآلاف من أعضاء الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي. والتعذيب المتفشي لهؤلاء المحتجزين تم توثيقه بشكل موسع من قبل جماعات حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين.
كما تصدت مباحث أمن الدولة لتهديدات جماعات متورطة في هجمات أحدث أصابت المدنيين، مثل التي وقعت في سيناء. وكجزء من جهودها، تراقب أمن الدولة وتحتجز الشباب المصريين الذين يعتبرون ملتزمين دينياً، والمعروفين عادةً باسم "السلفيين"، والذين يذهبون إلى المساجد بشكل منتظم ويرتدون ثياباً إسلامية محافظة ولهم لحى طويلة ويصلون في المسجد خمس مرات يومياً.[7]
وقد وصف محامون كثيرون وقادة المجتمع المدني ونشطاء حقوقيون وصحفيون مُلمون بطبيعة عمليات مباحث أمن الدولة، وصفوا لـ هيومن رايتس ووتش الاهتمام الخاص المولى من قبل أمن الدولة للسلفيين وغيرهم من الشباب الملتزم دينياً، ومنهم في العادة أشخاص لا علاقة لهم بجماعات المعارضة المعروفة، لكنهم مجرد أشخاص مستقلين يلتزمون بالممارسات السلفية. ويقول بعض محاميّ حقوق الإنسان المصريين أنه فيما يتعلق بهذه المجموعة من الرجال، فإن أمن الدولة تستخدم سياسة الاستجواب والاحتجاز الوقائي، إذ يراقبون المساجد المستقلة كثيراً ولديهم قوائم مطولة بأسماء الأشخاص الذين يذهبون إليها بانتظام، ويسجلون أنشطتهم والعلاقات القائمة بينهم.
وقال المراقبون لـ هيومن رايتس ووتش إنه كجزء من هذا المنهج العدواني، تقبض أمن الدولة بانتظام على الشباب المدرجين على قوائمها، أو تستدعيهم إلى مقار أمن الدولة ويتم استجوابهم حول أنشطتهم ومن يعرفون من الأشخاص. ويتم استجواب رجال آخرين بعد احتجازهم في مداهمات احتجاز عشوائية، وهذا على الأخص بالقرب من المساجد أو في الأحياء التي تعتبر معارضة الطابع. كما أنه يتم نقل بعض الرجال من الحين للآخر إلى أمن الدولة من قبل الشرطة العادية، التي تقوم بدورها بحملات مداهمات عشوائية كجزء من جهدها الخاص لجمع المشتبهين الجنائيين.
قانون الطوارئ
يتم تنفيذ سياسات وإستراتيجيات أمن الدولة العدوانية تجاه السلفيين (وكذلك تجاه الخصوم السياسيين ومنتقدي الحكومة بشكل عام) بناء على السلطات الخاصة المخولة لوزارة الداخلية ومباحث أمن الدولة بموجب قانون الطوارئ المصري لعام 1958، وبناء على حالة الطوارئ المفروضة باستمرار منذ عام 1981، وكذلك قانون مكافحة الإرهاب المصري لعام 1992، الذي جاء مُعدلاً لأحكام قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية.[8] وتسمح هذه القوانين لوزارة الداخلية باحتجاز الأشخاص واستجوابهم دون وجود أوامر اعتقال، وإصدار أوامر احتجاز تسمح باحتجاز الأشخاص لفترات تصل إلى ستة أشهر دونما جلسات محكمة أو استدعاء إلى المحكمة.
ويحق للمحتجزين بعض الحقوق الإجرائية بموجب هذه القوانين المقيدة: فعلى مسؤولي أمن الدولة إخطار المحتجزين على وجه السرعة وبموجب القانون بسبب اعتقالهم، والسماح لهم بالاتصال بذويهم وبمحاميهم، والحق في الطعن في احتجازهم بعد ثلاثين يوماً من الاعتقال. ويحظر الدستور المصري وقانون العقوبات التعذيب تحت أي ظرف من الظروف.[9] وبناء على الدستور، لا يتم الأخذ بأي أقوال مستخلصة تحت تأثير التعذيب.[10]
كما أن اتفاقيات حقوق الإنسان التي تعد مصر طرفاً فيها، وأهمها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، تضمن حماية الحقوق الأساسية لكل الأشخاص، بما في ذلك الحق في عدم الحرمان من الحرية دون مراعاة إجراءات التقاضي السليمة، والحق في عدم التعذيب أو المعاملة السيئة.[11]
وأثناء إعلان حالة الطوارئ يمكن للدول التنصل من بعض حقوق إجراءات التقاضي السليمة. إلا أنه ثمة قيود قانونية هامة على هذه الممارسة. وطبقاً للجنة حقوق الإنسان، وهي هيئة الخبراء التي تراقب التزام الدول بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإنه "يجب أن تكون تدابير عدم التقيد بأحكام العهد ذات طابع استثنائي ومؤقت". وكذلك فإن هذه التدابير يجب أن تكون "في أضيق الحدود التي تتطلبها مقتضيات الوضع".[12]
حتى أثناء حالات الطوارئ لا يمكن احتجاز الأشخاص لأجل غير مسمى دون أي مراجعة قانونية لحالاتهم، ويجب أن يُعاملوا معاملة إنسانية وألا يتعرضوا للتعذيب. ويجب أن تفي المحاكمات بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.[13] وبالنسبة للتعذيب على وجه التحديد، فإن القانون الدولي واضح وقاطع: أي استخدام للتعذيب من قبل السلطات المصرية هو انتهاك واضح لقانون حقوق الإنسان الدولي[14] وللقانون الداخلي المصري.[15]
وفي تقرير لجنة مناهضة التعذيب في ردها على تقرير مصر الدوري لعام 2002 عن الالتزام باتفاقية مناهضة التعذيب، جاء ما يلي: "تعرف اللجنة بالصعوبات التي تواجهها الدولة الطرف في كفاحها المطول ضد الإرهاب، لكنها تذكر بأنه لا يمكن التذرع بأي ظروف استثنائية لتبرير التعذيب، وتبدي قلقها من القيود المحتملة على حقوق الإنسان التي قد تنشأ عن تدابير تُتخذ لهذا الغرض".[16]
وقد أقرت الحكومة المصرية بهذا في ردها لعام 2003 المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب: "لا يوجد في القانون [الطوارئ] ما يلغي أحكام قانون العقوبات المتصلة بجريمة التعذيب أو الحبس بالخطأ أو استخدام القسوة... ومن هنا، فإن جريمة التعذيب وغيرها من الجرائم ما زالت تعتبر جرائم حتى إذا تم إعلان حالة الطوارئ في البلاد".[17]
ويسمح قانون الطوارئ بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية ومحاكم أمن دولة استثنائية، وتنقصها ضمانات إجراءات التقاضي السليمة الأساسية.[18] ولجنة حقوق الإنسان، هيئة الخبراء التي تراقب الالتزام بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وجدت في عام 2002 أنه من المقلق أن "المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة المصرية لها ولاية محاكمة المدنيين المتهمين بارتكاب أعمال إرهابية على الرغم من عدم توافر ضمانات لاستقلال هذه المحاكم وأحكامها لا يمكن الطعن فيها في محكمة أعلى درجة" كما هو مطلوب في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.[19]
إساءات مباحث أمن الدولة
للسلطات المصرية سجل طويل وجيد التوثيق للتورط في القيام بالاعتقال التعسفي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب والمعاملة السيئة للمحتجزين.[20] وكما جاء في توثيق هيومن رايتس ووتش وغيرها من الجماعات الحقوقية، فإن مباحث أمن الدولة كررت على وجه التحديد انتهاكها للحقوق الأساسية للأشخاص المحتجزين لديها. وهؤلاء المحتجزون نادراً ما يتمكنون من الاتصال بذويهم أو محاميهم، أو يتمكنون من الطعن في شرعية احتجازهم في المحاكم. ويتم احتجازهم في العادة لشهور بل وحتى لسنوات دون توفير إجراءات التقاضي السليمة، وفي حالات كثيرة يتعرضون للتعذيب.
وقد أبدت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب "قلق خاص نحو الدليل القائم على التعذيب المتفشي والمعاملة السيئة في الحبس الإداري تحت ولاية مباحث أمن الدولة، وهي الممارسات التي يتردد أنها تتيسر جراء غياب التفتيش الإلزامي من قبل جهة مستقلة لأماكن الاحتجاز هذه".[21]
ويقول المحامون الذين يمثلون محتجزي مباحث أمن الدولة ويدافعون عنهم إن المحتجزين يتعرضون للتعذيب بشكل روتيني أثناء الاستجواب والاحتجاز.
وقد شرح محمد زارع جملة الإساءات الأساسية التي تُرتكب في مراكز احتجاز مباحث أمن الدولة، وهو محامي ومنذ سنوات يدير الجمعية المصرية لمساعدة السجناء ومقرها القاهرة، وهي منظمة حقوقية تذهب في زيارات للسجون وتكتب عن ظروف السجون وممارسات الاحتجاز:
الحالة النموذجية هي أنه في البداية توجد جرعة مكثفة من الضرب. قد يتم تعليقك على عمود مع وضع الركبتين من الخلف ورفع الجسم [التعليق من الركبتين]. أو ربما يقيدون يديك من الخلف ثم يرفعون ذراعيك خلفك ويعلقونك على هذا الوضع... وهو أمر سيئ للغاية، بما أنه يتسبب في خلع الكتفين، ويُصاب الكثيرون بضرر مستديم بسبب هذا الإجراء.
ثم هناك الصدمات الكهربية: على اللسان وعلى الحلمتين، وعلى العضو الذكري. وأحياناً يقرص عناصر أمن الدولة الحلمتين بقوة بالغة... ولدينا موكل انتُزعت حلمتيه. وقرص الحلمتين ضار للغاية بما أنه يتسبب في ندبات وجروح، وتصبح الحلمة حساسة للغاية فلا تقدر على ارتداء قميص.
أي شيء وكل شيء مباح... أينما وجدت مباحث أمن الدولة، تجد التعذيب بهذه الطرق.[22]
قانون مكافحة الإرهاب الجديد المقترح
أفادت التقارير أن حكومة الرئيس مبارك تنظر في مسألة تقديم قانون جديد لمكافحة الإرهاب للعرض على البرلمان المصري في أواخر 2007 أو أوائل 2008. وإذا تم إصدار القانون، فلن تطلب الحكومة تجديد قانون الطوارئ في أوائل 2008، وسوف يتم إلغاء قانون الطوارئ.
وهيومن رايتس ووتش قلقة من أن القانون الجديد قد يحوي أحكاماً تسمح بالممارسات المنطوية على الإساءة التي يسمح بها حالياً قانون الطوارئ المصري، بما في ذلك استخدام قرارات الاحتجاز القابلة للتجديد والاحتجاز دون أجل مسمى ودون محاكمة. وكما ذكرت لجنة حقوق الإنسان في عام 2002، فإن على مصر ضمان أن الخطوات المتخذة في حملتها ضد الإرهاب تتفق تماماً مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.[23] وحتى كتابة هذه السطور، لم يتم الإعلان على الملأ عن تشريع مكافحة الإرهاب المخطط لإصداره، وإن كانت حكومة الرئيس مبارك تهدف على ما يبدو لتبني القانون بحلول أبريل/نيسان 2008.
قضية "الطائفة المنصورة"
الإعلان عن اعتقالات "الطائفة المنصورة"
في بيان صدر في 19 أبريل/نيسان 2006 أعلنت وزارة الداخلية أن مباحث أمن الدولة اعتقلت 22 عضواً من تنظيم مسلح يُشتبه في تخطيطه لهجمات على أهداف مدنية في القاهرة. وقالت وزارة الداخلية إن الاعتقالات كانت جزءاً من جهود مباحث أمن الدولة الرامية لاحتواء الإرهاب، حسب قول الوزارة: "للإجهاض المبكر لأي تحركات لتكوين بؤر تنظيمية إرهابية.. والتي تأكد على مدى الفترات الأخيرة أنها أصبحت تمثل مخاطر داهمة فيما اتسمت به من تلقائية وعشوائية انطلاقاً من أفكار متطرفة منحرفة بعيدة عن صحيح الإسلام، ومن استجابة خاضة وشاذة مع تداعيات الأحداث الدولية والإقليمية".
نص بيان وزارة الداخلية المصرية، في 19 أبريل/نيسان 2006:
بناء على عمليات متابعة ورصد أمني تواصل لعدة أشهر.. [تم] إحباط تحرك تنظيمي سري اضطلعت به مجموعة من العناصر بمنطقة الزاوية الحمراء وطره وحلوان والمعادي. أطلقت على نفسها مسمى "الطائفة المنصورة" وتزعمها المتهم/ أحمد محمد علي جبر (المكنى أبو مصعب) ويعاونه المتهم/ أحمد محمد بسيوني (المكنى أبو بكر المصري) مُتخذين نهج الجهاد انطلاقاً من أفكار سلفية تكفيرية. وقد أكدت المعلومات والوثائق ومناقشات المذكورين دراستهم تنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف سياحية وخط أنابيب الغاز الطبيعي الكائنة بالطريق الدائري المحيط بالقاهرة الكبرى واستهداف بعض المواقع ذات الحساسية من خلال عمليات التفخيخ واستهداف بعض رجال الدين من المسلمين والمسيحيين وتنفيذ بعد العمليات التي تؤكد منطلقهم الفكري بإزالة المنكر باستهداف من اسموهم بالشباب المنحل بالمناطق السياحية. كما تأكد متابعة قيادات هذه المجموعة تجميع تفصيلات عن تصنيع المواد المتفجرة من مكونات أولية. وكانت قيادة هذا التحرك تسعى لشراء مساحة من الأرض بدائرة مركز الصف بمحافظة الجيزة لاتخاذها مركزاً للتدريب والاستعداد لتنفيذ تلك العمليات. وحيث كان قد تم بالفعل رصد بعض تلك الأهداف والبدء في تحديد كيفية تنفيذ أعمال إرهابية ضدها... كما ثبت إجراء قيادة المجموعة اتصالات بعناصر أجنبية للاستعانة بهم في تفسير عناصر "لمواقع الجهاد بالخارج"... هذا وقد شمت عمليات الضبط المقننة العديد من أجهزة الكمبيوتر والأقراص الممغنطة والأبحاث والدراسات المتعلقة بكيفية تصنيع المواد المتفجرة والسامة.. فضلاً عن إصدارات لقيادات متطرفة وإرهابية.. كما ضُبطت أرقام هواتف عناصر أجنبية كانت على صلة بالمتهم أحمد بسيوني وكذا ما يؤكد عمليات رصد المواقع المستهدفة لعملياتهم.. جاري مباشرة النيابة التحقيق [ويلي هذا بيان بالمشتبه بهم] |
وشمل الإعلان بياناً بـ 22 رجلاً، وصوراً لغالبية الرجال، تم عرضها في وسائل الإعلام المصرية.
"الطائفة المنصورة المزعومة"
20.نبيل محمد محمد علي مصطفى، 21، قبض عليه في 2 مارس/آذار 2006، لكن وضع رهن الاحتجاز في 8 مارس/آذار 2006. 21.محمود عبد العزيز يوسف محمد، 26، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006. 22.محمود سعدي أحمد محمد، 29، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006. |
وقالت وزارة الداخلية إن المجموعة أطلقت على نفسها الطائفة المنصورة. (والاسم مماثل لمجموعة متمردة عراقية، وهي جيش الطائفة المنصورة).
وفي 24 أبريل/نيسان، بعد خمسة أيام من إعلان وزارة الداخلية، وقعت هجمة التفجير الثلاثية في مدينة دهب، المطلة على البحر الأحمر في شبه جزيرة سيناء، لتتسبب في مقتل 18 شخصاً على الأقل.[24] وكانت الهجمات هي أول تفجيرات تستهدف المدنيين في مصر منذ يوليو/تموز 2005، حين وقع تفجير في شرم الشيخ (كما سبق الذكر أعلاه، وقع تفجير آخر في مدينة طابا المُطلة على البحر الأحمر، وهو منتجع قريب من شرم الشيخ، في أكتوبر/تشرين الأول 2004).
وفي الأسابيع التالية تمت مناقشة وتحليل اعتقالات الطائفة المنصورة وتفجيرات دهب في مقالات كتبتها بعض المنظمات التي تركز على القضايا المتعلقة بالإرهاب، بما في ذلك مؤسسة جيمس تاون الأمريكية والمعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في إسرائيل.[25] وقام المعلقون بتحليل المزاعم التي جاءت في بيان وزارة الداخلية وبلغوا عدة استنتاجات عامة حول تداعيات الاعتقالات. مثلاً ناقشت مؤسسة جيمس تاون أهمية الاعتقالات وصفات المشتبه بهم في نشرتها بعنوان "تيروريزم فوكاس" الصادرة في 25 أبريل/نيسان، وجاء فيها:
هذا التنظيم هو طليعة ما يمكن أن يُطلق عليه الجيل الثالث من الحركة السلفية الجهادية في مصر...
[وتشير المعلومات الواردة في بيان وزارة الداخلية إلى] نية التنظيم تجنيد الشباب للقتال "بالخارج". ويبدو من هذا أن ظهور التنظيم مرتبط بالتحول الذي طرأ على الحركة السلفية الجهادية.... فالطائفة المنصورة دلالة على مولد جيل جديد أقرب إلى منهج السلفية الجهادية العالمي، وهي حركة أيديولوجية أكثر، وهو ما يبدو من الخلفية الاجتماعية لأعضاء التنظيم، مقارنة بأعضاء الحركات الجهادية [المصرية] في مطلع الثمانينات.[26]
الاعتقالات الفعلية
أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن اعتقال 22 رجلاً – وهم أعضاء الطائفة المنصورة المزعومة – في 19 أبريل/نيسان 2006. وأوحى أسلوب الإعلان والبيانات التي تم الإدلاء بها للصحفيين في القاهرة في ذلك اليوم، بأن الاعتقالات وقعت لتوها في وقت مبكر من ذلك اليوم، أو في أحد أيام ذلك الأسبوع.
وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أن الرجال سبق اعتقالهم قبل أسابيع في واقع الأمر، وهذا في مواعيد متباينة في شهر فبراير/شباط ومطلع مارس/آذار 2006، وتم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي. وقد تكلمت هيومن رايتس ووتش إلى عدد من أفراد عائلات المحتجزين بشأن اعتقالهم، وحصلت على شهادات مكتوبة ومصورة بالفيديو أدلى بها أفراد العائلات في أبريل/نيسان ومايو/أيار 2006، ويصفون فيها الاعتقالات وجهودهم التي تلتها لمعرفة ما جرى للمحتجزين، وقد وقع كل هذا قبل إعلان 19 أبريل/نيسان.
أحمد علي جبر
هو من بين أول من تم اعتقالهم من الاثني وعشرين رجلاً، ويبلغ من العمر 27 عاماً، وهو طالب في جامعة بنها وقامت مباحث أمن الدولة بالقبض عليه في 16 فبراير/شباط 2006. (في إعلان أبريل/نيسان 2006 تمت الإشارة إلى جبر على أنه زعيم التنظيم). وقد عرف حسين متولي – وهو صحفي قام بالتحقيق في الاعتقالات التي تمت في فبراير/شباط ومارس/آذار 2006 – أن جبر تعرض للاعتقال أثناء حملة عامة على الشباب وقعت في فبراير/شباط في عدة أحياء بالقاهرة، وشملت كوتسيكا، وميدان لبنان، ودار السلام، وحلوان، والزاوية الحمراء.[27]
وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى سجينين، (ل. س.)، و(هـ. ب. ف.)، كانا محتجزان في نفس السجن مع جبر، ومعهم عدد آخر من الاثني وعشرين رجلاً، في أواخر عام 2006. ((ل. س.) و(هـ. ب. ف.) تم إطلاق سراحهما في 2007 وتحدثا إلى هيومن رايتس ووتش في يونيو/حزيران 2007) وقال كل منهما إنه تحدث إلى جبر بالتفصيل حول الاعتقال والاحتجاز. وقال (ل. س.) لـ هيومن رايتس ووتش إنه حين تم اعتقال جبر، لم تكن لديه أدنى فكرة عن السبب:
إنه شخص مسكين، ولا يعرف ما اقترفه لينتهي به الأمر هكذا. تخيل رجلاً في حاله، ومتزوج، ويعمل في متجر، وفجأة يُعتقل ويواجه اتهامات قد تكون عقوبتها الإعدام. وليست لديه أدنى فكرة عمّا فعل.[28]
وقال كل من (ل. س.) و (هـ. ب. ف.) إن جبر، وآخرين من الاثني وعشرين رجلاً، قالوا لهما إنهم خمنوا فيما بعد أن جبر قد تم القبض عليه بعد أن قدم شخص آخر – واسمه غير معروف – اسم جبر إلى أمن الدولة في مطلع فبراير/شباط.[29] وتم اعتقال محتجز آخر، وهو يحيى سليمان أحمد محمد، وهو طالب في جامعة الأزهر، في نفس الليلة.
وطبقاً لأقوال (ل. س.) و(هـ. ب. ف.)، فقد قال جبر إنه وقت القبض عليه كان يعمل في متجر مع رجل آخر يدعى محمد فرج. "كانا يعرفان أحدهما الآخر ويقضيان وقتهما معاً"، حسب قول (ل. س.) فإن الرجلين كانا على ما يبدو أصدقاء حين بدأ جبر العمل بالمتجر، وكانا يقضيان بعض وقت فراغهما معاً. وفي العام السابق على الاعتقالات، قام فرج بتقديم جبر إلى رجل آخر يدعى محمد حمدي. (اسمه الكامل هو محمد حمدي عبد الجواد إبراهيم، وأصبح فيما بعد أحد الـ 22 المذكورين في الطائفة المنصورة. ومحمد حمدي، على النقيض من المحتجزين الآخرين، كان من منطقة أكثر ثراء بالقاهرة، وهي ميدان لبنان). وقال جبر للسجناء الآخرين إن ثلاثتهم ملتزمين دينياً، وكانوا يقضون بعض الأوقات معاً، وتقابلوا في مناسبات قليلة ضمن مجموعة نقاش دينية.[30]
وقال جبر لكل من (ل. س.) و(هـ. ب. ف.) إنه لدى اعتقاله، أخذ عناصر أمن الدولة هاتفه وأوراق إثبات هويته من البيت. وقال جبر للرجلين إن مباحث أمن الدولة اطلعت على الأرقام المسجلة على هاتفه المحمول ووجدت اسم محمد حمدي، ثم استجوبوه بشأن حمدي. (تم اعتقال محمد حمدي بعد أسبوع، في 1 مارس/آذار).
وتم اعتقال محمد فرج بعد جبر بقليل. وخمن المُحتجزون أن اعتقال فرج أدى إلى مزيد من الاعتقالات، فقد وجدت أمن الدولة أرقام هواتف بعض الشباب الآخرين لدى فرج. وفيما بعد أثناء نقاش الظروف المؤدية إلى اعتقالهم، قال (ل. س.) و(هـ. ب. ف.) إنهما يعتقدان أن أمن الدولة وجدت قائمة بالأسماء في بيت فرج، وأن القائمة تشمل أسماء العديد من الاثني وعشرين رجلاً الذين تم اتهامهم بالتورط في الطائفة المنصورة، بالإضافة إلى أشخاص آخرين تم اعتقالهم في نفس ذلك الوقت تقريباً.[31] وافترض السجينان أن أمن الدولة استعانت بهذه القائمة لتحدد من خلالها من تعتقلهم، وأن اكتشاف القائمة أدى إلى اعتقال عدد آخر من المشتبه بهم في حي الزاوية الحمراء في ليلتي 1 و3 مارس/آذار 2006، وشملت محمد نصر إبراهيم عواض، 26 عاماً، وطه حسين سعد محمد علي، 29 عاماً، وشقيقين: محمود صلاح إبراهيم إمام، 23 عاماً، ومحمد صلاح إبراهيم إمام، 24 عاماً.[32] كما عرفت هيومن رايتس ووتش أن محتجزاً آخر، وهو محمد أحمد محمد سعيد، 27 عاماً، قد تم اعتقاله في 1 مارس/آذار 2006 في حي كوتسيكا. (الغريب أن محمد فرج نفسه لم يكن مذكوراً في قائمة الـ 22 اسماً الذين أُطلق عليهم الطائفة المنصورة). إلا أنه حتى وقت كتابة هذه السطور، ما زال رهن احتجاز أمن الدولة.
محمود ومحمد صلاح إبراهيم إمام
تم اعتقال محمود ومحمد، المذكوران أعلاه، في 2 مارس/آذار. وقد وصف والد محمود ومحمد، وهو صلاح إبراهيم، حادث اعتقال الرجلين في مقابلة أجريت في أبريل/نيسان 2006، وقال إن عناصر أمن الدولة وصلوا في الثانية صباحاً يوم 2 مارس/آذار:
سمعنا طرقاً صاخباً على الباب. وسألت زوجتي: من هناك؟
ردوا: الحكومة.... وسألوا إذا كان هذا هو بيت صلاح إبراهيم، فأجبت: نعم. واندفعت قوات أمن الدولة إلى داخل الشقة وسألوا عن الولدين. أشرت إلى حجرتهما... وحين دخلوا وجدوا محمود وحده نائماً. [كان محمد في العمل تلك الليلة]. وقالوا لي: ولا تعرف أين ولديك؟! فرددت: الولد الآخر في عمله، في متجر منتجات ألبان".[33]
وفتشت قوات أمن الدولة حجرة محمود ومحمد، وأخذوا بطاقتيهما الشخصية. وقال صلاح إبراهيم إن الشرطة أخذت محمود إلى حيث يعمل محمد. إلا أن محمد لم يكن في المتجر حين وصلوا، وسرعان ما عادوا إلى البيت. وقال صلاح إبراهيم:
لم يجدوه هناك. لكنهم وجدوا محمد نصر،[34] وهو ابن صاحب المتجر، فأخذوه وعادوا ومعهم محمود... وداهموا الشقة بحثاً عن محمد [مرة ثانية]، لكنهم لم يجدوه.
وفتشوا الشقة ثانية، وانتظروا بالداخل والخارج حتى جاوزت الساعة الرابعة صباحاً، ثم غادروا أخيراً.
وعاد محمد إلى البيت في الصباح التالي وهو لا يعرف بما يجري. ثم قررت الأسرة أن يذهب محمد إلى مكتب أمن الدولة في حدائق القبة ليسلم نفسه. لكن الغريب أنهم حين أخذوا محمد إلى هناك قال لهم الضباط – والواضح أنهم كانوا مرتبكين – إن محمد "ليس مطلوباً".
وعاد محمد وعمه إلى البيت، لكن الأسرة قررت أن عليهم العودة إلى مقر أمن الدولة ثانية، خشية أن تداهم أمن الدولة المنزل مرة أخرى. وحين عادوا إلى مقر حدائق القبة، تم احتجاز محمد. ووصف والده ما حدث بعد هذا:
في اليوم التالي ذهبنا لنسأل عن محمد ومحمود، لكن قيل لنا إنهما ليسا هنا، وإنهما قد نُقلا إلى لاظوغلي [مقر أمن الدولة الرئيسي في القاهرة]. فذهب [عمه] إلى لاظوغلي، لكن قيل له إنهما ليسا هنا. واستمر هذا الموقف يتكرر دون أن يعرف أحد أين هما، حتى وجدنا صورتهما في وسائل الإعلام [بعد إعلان 19 أبريل/نيسان].
محمد نصر إبراهيم عواض
كما هو مذكور أعلاه، تم اعتقال محمد نصر إبراهيم عواض، الذي كان يعمل في نفس المتجر مع محمد صلاح، في وقت مبكر من صباح 2 مارس/آذار. ووصف والده إبراهيم عواض ما حدث حين جاءت قوات أمن الدولة بعد الثانية صباحاً:
حضروا إلى المتجر وسألوا عن محمد صلاح. ومحمد نصر، ابني، يدير محل البقالة والألبان خاصتنا [متاجر صغيرة في القاهرة تفتح في العادة طوال الليل]. وسألوه عن محمد [صلاح]. وأجاب قائلاً إنه لا يعرف أين محمد صلاح... [ثم] دخلوا إلى الشقة... وقالوا لي إنهم من أمن الدولة.
وقلت: مرحباً يا أبنائي، ورحبت بهم في تهذيب، بل إنني عرضت عليهم حتى أن يشربوا بيبسي أو أي شيء آخر... وفتشوا الشقة لكنهم لم يجدوا شيئاً... وسألوه [محمد نصر] إذا كانت لديه مكتبة، فقال: لا، ليست لدي مكتبة... ولم يجدوا مكتبة، بل بعض كتيبات الدعاء... وهي كتيبات صغيرة يبيعها الشحاذون في الميكروباصات بربع جنيه. وما زال لدينا بعضها بالداخل.[35]
وأكد طارق، شقيق محمد، هذه الرواية قائلاً: "لم يجدوا غير بعض كتيبات الأذكار".[36] وقال طارق ووالده إبراهيم عواض إن عناصر أمن الدولة أحسوا بالإحباط لأن الكتب لم تكن إلا كتيبات عادية فيها بعض الدعاوى البسيطة.[37] كما أكد طارق أنه لدى وصول أمن الدولة كانوا يبحثون بالأساس عن محمد صلاح، وليس محمد نصر، ولكن يبدو أنهم كانوا يتصيدون معلومات عامة دون معرفة ما يبحثون عنه على وجه التحديد:
كنا نتوقع وقوع مشكلة. فأمن الدولة تجمع الناس ليلاً ونهاراً في الحي وهذا قبل اعتقال محمد... وسألوا محمد عن بيوت أصحابه [عن أماكنها]. ويبدو أنهم لم يكونوا يعرفون عمّ يبحثون تحديداً.[38]
وقالت أسرة محمد نصر إن أمن الدولة غادروا ومعهم محمد، وإنه بعد هذا اختفى تماماً. ولم تسمع الأسرة شيئاً من السلطات لقرابة شهرين، ثم في 19 أبريل/نيسان تم الإعلان عن الاعتقالات. وذهب طارق وبعض أفراد العائلة إلى مقر أمن الدولة في حدائق القبة عدة مرات للسؤال عن مصير شقيقه، لكن قال له مسؤولو أمن الدولة إن محمد نصر وغيره من المحتجزين ليسوا لديهم، بل في مقر لاظوغلي. وقال والد محمد: "لكن حين ذهبنا إلى لاظوغلي قالوا إنهم في حدائق القبة، وهكذا استمر الوضع".[39] كما قالت الأسرة إن صديقاً لمحمد نصر قد تم اعتقاله أيضاً في نفس الليلة وكان محمود سعدي أحمد محمد.
واعترت الدهشة زكريا نصحي نصران، وهو جار مسيحي قبطي لمحمد وأسرته، حين وقعت الاعتقالات. وقال للمحامين إنه لم يتخيل أنه من الممكن أن يتورط محمد أو الآخرين في أي مخطط:
أنا أتاجر معه وأنا مسيحي، ولم تحدث مشكلات إطلاقاً. وكنت أعرف عنه أنه تاجر أمين وصالح. هو دائم الابتسام، ولم يكن سيئاً معي أبداً، ولم يفعل أي شيء خطأ. وحين سمعت بهذا [باعتقاله]، أحسست بدهشة بالغة، فالمسلمين والمسيحيين يعيشون هنا دون مشاكل، ولا أحد [من أمن الدولة] جاء ليسألني أية أسئلة عن محمد. ولم تتم تحقيقات.
وكان محمد ودوداً للغاية، وليس متطرفاً. أعرف طبيعة المتطرفين، وما كنت لأتعامل معه لو كان متطرفاً.
وعماد عزت لبيب جار مسيحي قبطي آخر يملك ورشة لصناعة الحقائب بالقرب من بيت محمد نصر وهو صديق لوالد محمد نصر، وقال للمحامين والصحفيين في أبريل/نيسان 2006 إنه يرى المزاعم ضد محمد غير حقيقية... وقال لبيب إنه أحس بالدهشة لأن محمد كان من بين المعتقلين.
فكرت في الاتهامات بأنهم كانوا يخططون لقتل شخصيات عامة مسيحية. لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً، فأنا أعرف هؤلاء الناس، فهم ليسوا متطرفين...
ولا أفهم كثيراً في السياسة، لكنني أعرف أن شيء ما في هذا الموضوع ليس صحيحاً. لا يمكن أن يكونوا متطرفين... إذا حاولت تذكر شيء يوحي بالتحيز الطائفي ربما ارتكبوه، فلا أجد شيئاً.[40]
وفي يونيو/حزيران 2006 تم الإفراج عن محمد نصر وصديقه محمود سعدي من أمن الدولة. وحاولت هيومن رايتس ووتش التحدث إليهما في يونيو/حزيران 2007، لكنهما لم يرغبا في التكلم إلينا عمّا مرّا به.
جاء في بيان وزارة الداخلية عن الطائفة المنصورة أن الاعتقالات وقعت بعد "شهور من المراقبة". إلا أن طريقة الاعتقال توحي بأن أمن الدولة لم تكن لها سابق معرفة بهوية الرجال قبل اعتقالهم. مثلاً حين ذهبت أمن الدولة لاعتقال المحتجز محمد صلاح إبراهيم إمام في بيته (انظر أعلاه)، لم يكن فيه. ولم يكن الضباط على دراية بمكان عمله وذهبوا إلى المتجر الذي يعمل به بعد أن قال لهم أبوه أين يقع. ويبدو أن محمد نصر إبراهيم عواض – رجل آخر يعمل في المتجر – قد تم اعتقاله فقط لأنه كان في المتجر حين وصلت أمن الدولة. كما أن الأغرب أنه حين حاول محمد صلاح بعد يوم من اعتقال محمود نصر أن يسلم نفسه لأمن الدولة، أبعده الضباط ولم يحتجزوه إلا فيما بعد، حين عاد إلى المقر للمرة الثانية. |
طه حسين سعد
تم اعتقال طه حسين سعد في 2 مارس/آذار في بيت والده في الزاوية الحمراء.[41] وقال والد طه إن عناصر أمن الدولة ظهروا الساعة الخامسة صباحاً:
طرقوا على باب جارتنا بالطابق الأسفل وسألوها أين شقة طه. وقالت بالطابق العلوي، فصعدوا إلى هنا. ويعني هذا أنهم لم يكونوا يعرفون حتى أين يقيم طه. [قال إعلان أبريل/نيسان إن أمن الدولة كانت تراقب التنظيم منذ شهور]. وطرقوا على الباب، وكنّا نائمين. ودخلوا وسألوا طه: هل أنت طه؟ فأجاب: نعم، فأخذوه معهم.
وقالت والدة طه إن عم طه، الذي يعيش في شقة أخرى في نفس المبنى، فتح بابه ليرى ما يجري "فحذره رجال أمن الدولة بأن عليه الدخول وقالوا له: وإلا أخذناك معنا".
وقال والد طه:
منذ تلك اللحظة لم نعرف عنه شيئاً، حتى أدهشتنا صورته [في أواخر أبريل/نيسان 2006] وكان محتجزاً حينها منذ 52 يوماً تقريباً قبل موعد الإعلان في الصحف والتلفزيون.
ولدى سؤاله من قبل المحامين لماذا لم تتحرك الأسرة لإعلان ما جرى بعد الاعتقال، قال والد طه:
لقد تعرضنا للخداع. قالوا لنا كثيراً إنهم سيُفرج عنهم بعد يومين، ثم بعد يومين، وهكذا فلم نرغب في إثارة الموضوع... ذهبنا إلى أمن الدولة بعد اعتقاله وأخذنا معنا ثياباً وطعاماً. وقبلوها، وهذا يعني أنه بالداخل. وكانت الثياب التي أعطيناها له هي نفسها التي ظهر بها مرتدياً إياها في الصورة [ومعنى هذا أن الصورة التقطت لدى إعلان اعتقال التنظيم في أبريل/نيسان 2006].
وتم إطلاق سراح طه فيما بعد، في أواسط عام 2006، ولكن بعد الإفراج عنه رفض هو وأسرته التحدث عن اعتقاله أو احتجازه بالتفصيل. وقال طه لـ هيومن رايتس ووتش:
لا فائدة من تحدثنا عن هذا الموضوع، لقد انتهى، ونريد أن نقلب هذه الصفحة...
نفهم أن أمن الدولة عليها أحياناً اتخاذ بعض التصرفات لحماية البلاد، فنحن نتكلم عن الأمن القومي للبلاد، وليس هذا بالأمر الهين. وقد جلس معي ضابط أمن دولة وشرح لي الموقف وأنا رهن الاحتجاز. فهم [أمن الدولة] يرعون سبعين مليون مصري، وليست هذه بالمهمة السهلة. ويجب أن يفعلوا أحياناً أشياء تتجاوز إدراكنا نحن.[42]
أحمد محمد بسيوني ومحتجزين آخرين
قبل احتجاز أمن الدولة لأحمد علي جبر ومحمد فرج ومحمد حمدي والمحتجزين الآخرين المذكورين أعلاه، وقعت سلسلة من الاعتقالات في أحياء كوتسكيا والزاوية الحمراء وطرة البلد، أثناء الأسبوع الأخير من فبراير/شباط.
قامت أمن الدولة، بين 24 إلى 26 فبراير/شباط تقريباً، باعتقال أحمد محمد بسيوني، وهو إمام شاب من الزاوية الحمراء، وتم اتهامه فيما بعد بأنه الرجل الثاني في سلسلة قيادة الطائفة المنصورة، وكذلك هاني أحمد منصور محمد، وهو شاب يعمل بمجال المبيعات، وعبد العزيز فؤاد علي عبد المقصود، وهو طالب هندسة، بالإضافة لمحتجزين آخرين.
وتم اعتقال بسيوني في 24 فبراير/شباط، وقال (إ. ك. ب.) وهو أحد الأقارب، للمحامين إن أمن الدولة ذهبت إلى بيت أم بسيوني أولاً (توفي والده منذ أعوام):
أساءوا إليها بالكلام... ودفعوها بأيديهم. ثم فتشوا الشقة وسألوها أين يقيم أحمد وأخذوا ابن الجيران ليدلهم على بيت أحمد، وهو ما يتعارض مع مزاعمهم التي جاءت فيما بعد بأنهم كانوا يراقبونه منذ ثلاثة أشهر. كان حري بهم أن يعرفوا بيته وقتها إذن!
[وحين وصلوا] أخذ رجال أمن الدولة [أحمد] من بيته أمام زوجته التي لا حيلة لها، وكان قد تزوجها قبل ستة أشهر. وكانت حاملاً، وأخذوا أوراقه الشخصية ومتعلقاته.[43]
وتحدث حسين متولي، الصحفي الذي حقق في أمر الاعتقالات في أبريل/نيسان 2006، إلى زوجة بسيوني بعد إعلان أبريل/نيسان 2006. وطبقاً لمتولي، أكدت رواية (إ. ك. ب.) الخاصة بالاعتقال وقالت إنها لم تسمع كلمة عن زوجها لمدة أسابيع بعد اعتقاله، وإنها كانت قلقة للغاية: "كانت تتصل بي كثيراً بعد الاعتقالات لتعرف إن كنت قد سمعت شيئاً".[44]
وكما هو مذكور أعلاه، فقد تم اعتقال هاني أحمد منصور محمد في نفس يوم اعتقال بسيوني. وقالت أسرة هاني إن هاني قد اعتُقل في الساعة الرابعة صباح يوم 24 فبراير/شباط، وإن رجال أمن الدولة أخذوه من بيته "في ملابسه الداخلية".
وفي الشارع ضربوه بشدة لدرجة أن بعض السكان حاولوا التدخل، لكنهم تعرضوا لإساءات لفظية [من عناصر أمن الدولة]... وأخذوا بعض الكتيبات، وقرص ذاكرة [خاص بحاسب آلي] عليه بعض الدروس العلمية، وأفلام كارتون ومسلسلات تلفزيونية [دي. في. دي].[45]
ولم يكن لدى والديّ هاني أية فكرة عن المكان الذي اقتيد إليه ابنهما ولم يسمعا أي شيء عن مصيره طيلة شهرين:
حاولنا أن نعثر عليه، لكننا لم نتمكن من هذا، حتى دُهشنا حين رأينا صورته ضمن هذا التنظيم المزعوم [أي صورته التي نُشرت ضمن الصور الصادرة عن وزارة الداخلية في 19 أبريل/نيسان 2006، بعد أكثر من شهر ونصف].
وكان هاني من المحتجزين القلائل المُفرج عنهم في صيف 2006. وحين حاولت هيومن رايتس ووتش التحدث إلى هاني في يونيو/حزيران 2007، لم يكن – مثل طه المحتجز المذكور أعلاه – مستعداً للتحدث عن تجربته بأي قدر من التفصيل:
أنا خرجت والحمد لله، ولا أريد التحدث عن هذا الموضوع ثانية. لا أريد إيقاع من ما زالوا بالداخل في مشكلة. إذا تكلمنا إلى الإعلام فيمكن أن يتعرضوا لهم بالإيذاء. وهؤلاء أصدقاؤنا ومن نفس الحي.[46]
وتحدث هاني متولي، الصحفي الذي حقق في الاعتقالات في 2006، إلى هاني حين تم الإفراج عنه في أواسط عام 2006. وقال متولي إن هاني كان خائفاً من التحدث بصراحة وتردد في ذكر تفاصيل احتجازه. إلا أنه قدم تفاصيل حول المعاملة السيئة التي تلقاها في الاحتجاز (انظر الجزء التالي لمزيد من التفاصيل).
باقي المحتجزين
تم اعتقال شباب آخرين في نفس الوقت تقريباً في أحياء كوتسيكا والزاوية الحمراء وطرة البلد بالقاهرة. إلى جانب الاثني عشر رجلاً المعتقلين المذكورين أعلاه، قالت أسر ومحامون لـ هيومن رايتس ووتش إن عشرات من الرجال قد تم احتجازهم في هذه الأحياء، ويشملون عشرة من الـ 22 رجلاً الذين تم الإعلان عن اعتقالهم في 19 أبريل/نيسان 2006، بالإضافة إلى عدد كبير من الأشخاص الآخرين الذين لم تُذكر أسمائهم في القائمة. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد الموعد الدقيق لاعتقال غالبية الرجال العشرة الآخرين المذكورين في قائمة الـ 22. وقالت أسرة أحد هؤلاء الرجال، وهو محمد عبد الله بكري مبروك حسانين، 23 عاماً، إنه قد احتجز بدءاً من 21 مارس/آذار 2006. وقالت أسرة رجل آخر، وهو نبيل محمد محمد علي مصطفى، 21 عاماً، إنه قد تم احتجازه في 2 مارس/آذار 2006. أما بالنسبة للثمانية الآخرين، فلم يتمكن محامو الأسر إلا من تحديد موعد تقريبي للاعتقال. والرجال الثمانية هم:
·تامر عبد النبي زكي محمد الحداد، 32 عاماً.
·عمر محمد عبد الفتاح أحمد، 26 عاماً.
·رامي عبد القادر مبارك، 20 عاماً.
·أحمد مصطفى صابر أحمد، ويدعى أيضاً "أحمد شوبير"، 22 عاماً.
·هاني محمود محمد عبد الله، 29 عاماً.
·جمعة محمد عبد الوهاب مصطفى، يُدعى أيضاً "وليد"، 25 عاماً.
·أيمن سمير السيد حسانين، يدعى أيضاً "أيمن العبد"، 32 عاماً.
·محمود عبد العزيز يوسف محمد، 26 عاماً.
التحدث إلى المحتجزين وأسرهم: ثقافة الخوف
بذلت هيومن رايتس ووتش جهوداً فائقة للتحدث إلى أسر المحتجزين الـ 22 في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2007، لتعرف منهم بشأن الاعتقالات واتصالات الأسر بالمحتجزين.
ولم يكن غالبية الآباء الذين تمكنّا من الوصول إليهم مستعدين للتحدث بالتفصيل إلى هيومن رايتس ووتش خشية أن يؤدي هذا إلى الانتقام من أطفالهم أو الإضرار بفرصة الإفراج عنهم. ورفض العديد من أعضاء الأسر بشكل واضح أن يتكلموا، فيما قال البعض الآخر إنهم أرادوا الشكوى بشأن احتجاز الأبناء وسوء المعاملة المزعومة، لكن ليس أثناء تواجد الأبناء رهن الاحتجاز. ومثلاً قالت (س. ب.) أم أحد المحتجزين، لـ هيومن رايتس ووتش:
ابني حالياً في سجن [تم حجب الاسم]... وهناك سبعة أولاد في لاظوغلي الآن. وقد تلقوا أوامر بالإفراج من النائب، ونتمنى أن يُفرج عنهم هذه المرة. ولا نريد التحدث أو التحرك الآن، حتى لا نعرضهم للخطر.[47]
وشرح سيد شحاتة، محامي لعدد من المحتجزين، لماذا ليست الأسر مستعدة للتحدث إلى هيومن رايتس ووتش:
إنهم خائفون من التحدث. وهم خائفون على أولادهم، ويظنون أنهم إذا تحدثوا فلن يُفرج عن الأبناء. إنهم خائفون للغاية لا أكثر، وهم يزورون المحتجزين، وتقول لهم أمن الدولة إنها ستفرج عن أولادهم، لكن إذا تقدموا بشكوى فلن يخرجوا. ولهذا مثلاً قد ترغب إحدى الأسر في بادئ الأمر أن تتقدم بالشكوى وتطالب بالإفراج، ثم تخبرهم أمن الدولة بألا يفعلوا، فلا يفعلون.
لكن لا يتم الإفراج عن الأبناء. ولا تعرف الأسر أن ضباط أمن الدولة يتلاعبون بهم.[48]
وقال أيمن عقيل، وهو محامي آخر كان يمثل بعض المحتجزين الـ 22 في 2006، لـ هيومن رايتس ووتش إن عائلات المحتجزين أخبرته بشأن التهديدات والترهيب من قبل ضباط أمن الدولة:
قال لي بعض الآباء إن أمن الدولة قابلتهم واحداً وراء الآخر منفصلين وقالت لهم: "إذا ذهبتهم إلى منظمات حقوق الإنسان فلن تروا أولادكم ثانية أبداً".
وحاولنا إقناعهم بأن هذا خطأ، وأنهم لن يروا أولادهم على أي حال، وقلنا لهم: لهذا رجاء، امنحونا فرصة للدفاع عنهم.[49]
وقال عقيل إن الآباء في العادة يكفون عن التحدث إلى المحامين بعد أن تكلمهم أمن الدولة، وقال موضحاً: "اليوم يريد الآباء المساعدة منّا، وفي اليوم التالي يصيحون فينا ويقولون إننا نثير لهم المشاكل".
مثلاً قالت لي أم أحد المحتجزين [تم حجب الاسم] إن ضابط بأمن الدولة هددها وأمرها ألا تتكلم إلى محامين.
أولاً كانت تريد المساعدة. وحادثتني، لكنها قالت لي فيما بعد إن ضابط أمن الدولة وعدها بأنه [ابنها] سيتم الإفراج عنه إذا التزمت الصمت. وبالطبع صدقته.
وهكذا فقد قالت لي إنها لم تعد ترغب في التحدث إليّ بعد الآن، وقالت: لا أريد التسبب في أي مشاكل.[50]
وعادل مكي هو محامي آخر يُلم بممارسات أمن الدولة ولديه خبرة واسعة في تمثيل موكلين من محتجزي أمن الدولة، وقال إنه حين يتم اعتقال المصريين من قبل أمن الدولة، تخشى أسرهم في العادة السعي للحصول على المساعدة أو الإعلان عن مخاوفهم على الملأ:
تعيش الأسر في ظل ثقافة الخوف من أمن الدولة. يعتقدون أنه بالتزام الصمت فهم يساعدون الأبناء. ولهذا تواجهنا هذه المشكلة. وأحياناً لا يريدون أن نمثلهم كمحامين، أو أن يوافقوا على السماح لنا بالتقدم بدعوى قضائية. لكننا نحاول إقناعهم، ونعرض عليهم أمثلة ساعدنا فيها الآخرون في الماضي. لكن أحياناً يرفضون الكلام رغم كل هذا.[51]
و(أ. ك. أ)، محامي حقوق الإنسان الذي يمثل بعض الأسر ممن لديها أقارب محتجزين في أمن الدولة، وأيد هذا الرأي وقال: "الناس خائفون للغاية طوال الوقت. أصبح الخوف طبيعياً".[52]
وأضاف محمد هاشم، أحد المحامين المُلمين بممارسات أمن الدولة:
بالطبع هم خائفون. إنهم رهن احتجاز أمن الدولة، والضباط لا يربتون على أكتافهم حين يكونون محتجزين لديهم ويقولون لهم إن كل شيء سيكون على ما يرام.[53]
الاحتجاز والتعذيب والاعترافات
زعم محتجزون سابقون كانوا رهن الاحتجاز مع الاثني وعشرين رجلاً، ومحامو المحتجزين، وأفراد من أسر المحتجزين، بأن الرجال تعرضوا للتعذيب الشديد أثناء الأسابيع الأولى من احتجازهم.
وقد واجهت هيومن رايتس ووتش عدة معوقات في تقييمها لما جرى للرجال الـ 22 بعد اعتقالهم. فإلى جانب تردد الأسر الذين يخشون التحدث علناً كي لا يتسببون في مشكلة لأولادهم، فإن المحتجزين المُفرج عنهم – باستثناء واحد – لم يرغبوا في التحدث عن تجاربهم، والظاهر أن هذا جراء الخوف المستمر من أمن الدولة. بالإضافة إلى أن الحكومة المصرية لم ترد على طلباتنا الكتابية بالحصول على معلومات عن الاعتقالات التي تمت أو عن الأحداث المحيطة بالاعترافات المُستخلصة من الاثني وعشرين رجلاً. (لم تسمح الحكومة المصرية لـ هيومن رايتس ووتش بزيارة السجون المصرية قط للتحدث مع المحتجزين أو المُدانين. ولم يتم الرد على طلبات متكررة بزيارة السجون المصرية في السنوات الأخيرة).
وواجه محامو الاثني وعشرين رجلاً كذلك معوقات في التحدث إلى المحتجزين. فلم يتسن زيارة أي من الرجال أثناء احتجاز أمن الدولة لهم في فبراير/شباط وطوال مارس/آذار 2006، وهذا أثناء فترة استجوابهم، ومن المستحيل عموماً أن يزور أي من المراقبين الخارجيين أو المحامين، أي من مراكز أمن الدولة الخاصة بالاستجواب. والفرصة الوحيدة التي سنحت للمحامين للتحدث إلى المحتجزين كانت حين مثل المحتجزون أمام نيابة أمن الدولة عدة مرات من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول 2006. حتى بعد نقل المحتجزين إلى السجون، فقد قوبلت الكثير من طلبات المحامين المصريين بالرفض أو التجاهل.
وقابلت هيومن رايتس ووتش عدة رجال تم احتجازهم مع المحتجزين في أواخر عام 2006 وحصلت على روايات منهم، بمن فيهم (ل. س.) و(هـ. ب. ف.)، وهما المحتجزان المذكوران أعلاه وكانا مع غالبية الاثني وعشرين محتجزاً في سجن وزارة الداخلية وتم الإفراج عنهما في عام 2007. وقد كان كلام هذين المصدرين يتمتع بالمصداقية والاتساق، وشمل تفاصيل كثيرة مما شاهداه أو سمعاه.
كما قابلت هيومن رايتس ووتش محامين يمثلون الاثني وعشرين رجلاً، وكانوا قد تحدثوا إلى المحتجزين ورأوا شواهد مادية على سوء المعاملة التي تلقاها المحتجزون. كما حصلنا على روايات من بعض أعضاء الأسر تمكنوا من التكلم إلى أقاربهم المحتجزين.
التعذيب
تزعم عدة مصادر أن المحتجزين تم تعذيبهم أثناء الاستجواب لدى مباحث أمن الدولة.
ورأى سيد شحاتة، وهو محامي لعدد من المحتجزين، قرابة عشرة منهم حين مثلوا في مكتب نيابة أمن الدولة وهذا من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول 2006، وتحدث مع ستة منهم أثناء مجريات القضية. وكشف لـ هيومن رايتس ووتش ما تبينه عن المعاملة التي تلقوها:
تكلمت إلى الكثيرين منهم في مكتب النيابة. وجميعهم أسيئت معاملتهم في لاظوغلي. جميعهم تعرضوا لمعاملة سيئة في لاظوغلي. من تكلمت إليهم قالوا لي إن عناصر أمن الدولة قيدوا أيديهم خلف ظهورهم، ورفعوا أيديهم المقيدة خلفهم. وقال بعضهم إن سجائر قد أطفئت في جلدهم، في مناطق حساسة منه. وتعرض بعضهم للصدمات الكهربية. فمثلاً قال لنا بعضهم إنهم قيدوا إلى سرير حديدي، مثل سرير المستشفى، لكن دون مرتبة، ثم تم رفعهم [عمودياً] وبعدها سرى التيار الكهربي في السرير لتصعقهم الكهرباء.
ووصف سيد شحاتة حالة محمد نصر إبراهيم عواض:
دون أن أوجه إليه أسئلة بدأ يخبرني ما جرى: أنهم جاءوا إلى بيته وتم اعتقاله وتعصيب عينيه. ثم أخذوه إلى أمن الدولة وتم استجوابه. تم نزع كل ثيابه، وكان مقيداً طوال الوقت.
ووُضع على هذا السرير [دون مرتبة] وتعرض للصدمة [الكهربية]. وكشف لي عن كدمات على ذراعيه وحروق على ظهره. وكانت الحروق في الجزء العلوي من الظهر. ورأيت العلامات، كانت دوائر صغيرة لونها يتراوح بين الأسود والبني...
وما زال على ظهره علامات، وحاول أن يكشفها للنيابة لكن النائب لم يدعه يفعل هذا. أراد أن يخلع قميصه وأن يظهر للنائب علامات الحروق على جلده، لكن النائب رفض. وقد طلب هذا مرتين لكن النائب رفض.
وقال سيد شحاتة إنه قد تم تعصيب أعين محمد نصر والمحتجزين الآخرين طيلة احتجازهم لدى أمن الدولة تقريباً.
وقد تحدث شحاتة إلى خمسة محتجزين آخرين كلٍ بصورة منفصلة في مكتب النيابة، بمن فيهم الزعيم المزعوم للتنظيم: أحمد علي جبر. وأوضح المحتجزون أنهم تعرضوا للتعذيب، وأظهر بعضهم لشحاتة علامات على معاصمهم وحروق من السجائر:
تم تعذيب أحمد علي جبر وكل من تحدثت إليهم غيره بنفس الطريقة [الموصوفة أعلاه]. أحمد علي جبر [في أول مرة يمثل أمام النيابة]، بدا كأنه على وشك التبول وهو واقف من الخوف. وكان في زي السجن الأبيض، ولحيته نامية.
وكانت على معصميه علامات سوداء... وقال إنهم نزعوا كل ثيابه وأوثقوه وكانوا أحياناً يعلقونه. وتعرض لصدمات كهربية وإطفاء السجائر في مناطق حساسة.[54]
وقال شحاتة إنه تمكن من رؤية علامات على بعض المحتجزين:
رأيت علامات وحروق على أذرعهم، لكنها لم تكن حديثة. والمشكلة أنه حين يمثلون في العادة في المحكمة، يكون هذا بعد فترة طويلة من تعرضهم للمعاملة السيئة وتكون آثار التعذيب قد اختفت.
وقال شحاتة إن محمد نصر وحده هو الذي أراد إخبار النيابة بالإساءة من بين كل المحتجزين:
ما زال محمد نصر على الأخص لديه بعض الآثار وطلب أن يكشف عليه الأطباء، وأراد أن يكشف جراحه للنائب – وقد طلب هذا مرتين – لكن النائب رفض...
وتحدث معي محتجزون آخرون عن الإساءات التي تعرضوا لها لكنهم لم يرغبوا في ذكر أي شيء أمام النيابة في المرة الأولى. وبعدها حين اعتادوا على مكتب النيابة، قال بعضهم للنائب إنهم تعرضوا للتعذيب...
وغالبية الرجال كانوا خائفين للغاية ولم يرغبوا في طلب فحص [في المحكمة]، لكنه [محمد نصر] طلب هذا. وكان يشعر بارتياح بالغ لأنني على اتصال بأسرته، وأراد أن يتحدث عن الإساءات وأن يخبر النيابة...
لكن الكثير من الأولاد لا يمكنهم السعي في هذه القضايا، أو هم لا يريدون هذا. وهم خائفون، ويقول لهم رجال أمن الدولة: اسمعوا، بعد الذهاب إلى النيابة ستعودون إلى هنا، فلا تقولوا شيئاً، ولا تفعلوا أي شيء أحمق... وهكذا فهم يلتزمون الصمت.[55]
وقال (أ. س.) محامي يمثل محتجزين آخرين، إن موكليه أخبراه بشأن الإساءات حين تكلم إليهما أثناء عرضهما على نيابة أمن الدولة في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2006:
قالا لنا إنهما تعرضا للمعاملة السيئة والتعذيب... قالا لنا إنهما تعرضا للحرمان من النوم، وأحياناً لمدة 48 ساعة. وقالا لنا إنهما تعرضا للضرب وقال [تم حجب الاسم] لنا إنه تعرض للحرمان من النوم لمدة 48 ساعة.[56]
وارتاب (أ. س.) في أن الاثنين قد تعرضا لأشكال أخرى من التعذيب البدني، لكنه قال: "أعتقد أنهما كانا محرجان من التحدث عنه". وعلى أية حال، قال (أ. س.) إنه توقع انتظار ضباط أمن الدولة حتى تلتئم جراح المحتجزين:
حين يتعرض المحتجزين للتعذيب، يتم هذا في الشهور الأولى... حين رأيتهما كان قد مر ستة أشهر منذ اعتقالهما، ولم تكن عليهما علامات أو ندوب. وكما تعرف، فإن [مباحث أمن الدولة] تنتظر، وينتظرون ولا يكشفونهم إلا بعد اختفاء الندوب.
وأخبر طارق نصر، شقيق المحتجز محمد نصر إبراهيم عواض، هيومن رايتس ووتش أنه أثناء زيارات السجن سمع مزاعم بالتعذيب من شقيقه. وقال طارق إن محمد أخبره بشأن تعذيبه وكذلك سوء معاملة المحتجزين الآخرين، وقال إن هذا تم في لاظوغلي، أثناء الأسابيع الأولى من احتجازهم:
أول مرة أراه كان في نيابة أمن الدولة في مصر الجديدة في العشرين من مايو/أيار. وكانت حجرة صغيرة مزدحمة بالأسر وجنود الشرطة والضباط. ولم نتكلم عن التعذيب أو أي شيء. لم نتمكن من هذا. سألته إن كان على ما يرام وإن كان يحتاج لأي شيء، وسألني عن أسرتنا... هذا كل شيء.
لكن في زيارات تالية [إلى السجن] بدأ يخبرني بالقليل عن التعذيب. قال إنه قضي 22 يوماً قيد الاستجواب والتعذيب. وتم صعقه بالكهرباء في الساقين وفي مناطق حساسة، لساعات.... ورأيت علامات على ساقي شقيقي جراء الكهرباء.[57]
وقال طارق إن شقيقه أخبره بأن المحتجزين الآخرين تعرضوا مثله للمعاملة السيئة: "تم تعذيبهم جميعاً. ماذا تتوقع؟ لا أحد يدخل أمن الدولة دون تلقي صفعة على الأقل". وذكر طارق بعض مزاعم شقيقه التي أخبره بها:
تم تعصيب أعينهم جميعاً داخل لاظوغلي... وتم ضربهم وصعقهم بالكهرباء. وخلعوا عنهم كل ثيابهم وأصبحوا عراة دون أي ثياب. وقضي أحد المحتجزين يوماً كاملاً يتلقى الصفعات على وجهه. طوال اليوم وهو يتلقى الصفعات، يميناً ويساراً.[58]
وأكد هذه المزاعم (ل. س.)، وهو المحتجز السابق الذي تم احتجازه في عدة أماكن مع الاثني وعشرين رجلاً، وأطلع هيومن رايتس ووتش على مختلف الإساءات التي سمع عنها من المحتجزين، وكذلك الإساءة التي شهدها بنفسه أثناء احتجازه في مقر أمن الدولة بجابر ابن حيان في الجيزة، حيث تم نقل بعض المحتجزين في مارس/آذار 2006. وجاء وصف (ل. س.) لمقر أمن الدولة منسجماً مع وصف محتجزين آخرين وروايات محامين، وتعتبر هيومن رايتس ووتش معلوماته تتسم بالمصداقية والاتزان. وقال (ل. س.) إن 25 محتجزاً وصلوا بعد أيام قليلة من وصوله، وإنه عرف فيما بعد من تحدثه إلى بعض هؤلاء المحتجزين، أن غالبية الـ 25 قيل فيما بعد إنهم أعضاء الطائفة المنصورة.[59] وأوضح (ل. س.):
تم اعتقالي في 4 مارس/آذار [2006]. ونقلوني إلى مقر الجيزة... ولم يتم تعذيبي... لكن بقولي "لم يتم تعذيبي" أعني أنني لم أتلق صدمات كهربية أو عُلقت [من الذراعين]. لكن الوضع لم يكن إنسانياً. فهو مكان سيئ للغاية. وكُنا مقيدين طوال الوقت إلى الجدار، وكنت معصوب العينين معظم الوقت. وبقيت هكذا لأربعة أيام.
ثم أحضروا زهاء 25 شخصاً، ولم أرهم، فقد تم وضعهم في مكان منفصل، وكنت منفصلاً عنهم، فأنا في زنزانة مع أشخاص قليلين...
وكانوا جميعهم في زنزانة أخرى. أعرف الحجرة التي كانوا فيها، فقد رأيتها. ومساحتها حوالي ثلاثة في خمسة أمتار، ولا توجد فيها نوافذ ولا مروحة ولا هواء، وفيها دورة مياه واحدة. والسقف منخفض للغاية، فإذا وقفت يكون السقف فوق رأسك بالضبط. وكانوا جميعاً – الـ 25 – مكدسين في تلك الحجرة الواحدة، وكانت مزدحمة للغاية ولا هواء فيها، وبالطبع يقضي كل منهم حاجته أمام الآخرين. هل يمكنك تخيل هذا؟ في ظل وجود 25 شخصاً؟ ومع انتهاء الشخص الخامس والعشرين من استخدام دورة المياه يكون الأول في حاجة لاستخدامها ثانية.
وقال (ل. س.) إن ضباط أمن الدولة كانوا مهتمين بالمحتجزين الـ 25 أكثر منه أو المحتجزين الآخرين. وبما أن زنزانته قريبة من حجرة الاستجواب، فقد سمع (ل. س.) الكثير من الرجال الـ 25 وهم قيد الاستجواب، وسمعهم يصرخون:
لم أتمكن من رؤيتهم في أغلب الأوقات، لكنني سمعتهم أثناء الاستجواب. لم يكن ما سمعته مجرد تعذيب، كان يتجاوز الخيال. ما سمعته لا يُصدق، حتى إنني صدقت أنهم ربما كانوا متورطين في شيء ما. بدأت أتساءل: لابد أن السبب وراء تعذيبهم هكذا هو تورطهم في مخطط ما.
لا يمكنك تخيل مدى قسوة سماع كل هذا... الصراخ، كم تم تعذيبهم بقسوة...
سمعت بعضهم يصرخون أثناء تعرضهم للصدمات الكهربية. كان بإمكاني سماع الكهرباء أيضاً، صوت ززززز.... ززززز.
سمعت أحد المحققين يهدد باغتصاب أحد المحتجزين، وسمعته يهدد باغتصاب زوجة المحتجز.
وقال (ل. س.) إنه لم يكن على دراية بهوية المحتجزين: "لم أكن أعرف من هم هؤلاء الأشخاص في ذلك الحين" لكنه قال إنه قابل الكثيرين منهم بعد هذا في 2006، حين تم نقل محتجزي الطائفة المنصورة المتبقين إلى سجن دمنهور، حيث تم نقل (ل. س.) إلى هناك قبلهم في أواسط 2006. وحين وصلوا إلى هناك، لم يصفوا فقط تعذيبهم في الجيزة، الذي سمعه (ل. س.)، بل أيضاً المعاملة السيئة في لاظوغلي ومدينة نصر:
عرفت من هم فيما بعد، حين تكلمت إليهم في السجن بعد شهور. أخبروني بشأن التعذيب، كشفوا لي كل شيء عنه... كنا نتكلم إلى هؤلاء الرجال من التنظيم كل يوم. تم احتجازي لأربعة أشهر معهم وكنا نتكلم طوال الوقت. وأخبرونا بالكثير عن التعذيب الذي عانوا منه...
في البداية قالوا إنهم خلعوا عنهم كل ثيابهم، بالطبع، ثم تم وضعهم في الردهة لبعض الوقت عراة تماماً. ثم تعرضوا للكهرباء بالطبع، فهذا شيء ضروري، ويكاد يكون مسلماً به. لكن لم يقتصر الأمر على الكهرباء، إذ قالوا إن عناصر أمن الدولة استهدفوا الأجزاء الحساسة لديهم، أي العضو الذكري. ثم قالوا إنهم تم تقييد أيديهم من خلف ظهورهم، ثم عُلقوا من حلق باب مفتوح [وللتوضيح تظاهر (ل. س.) أنه مقيد من اليدين خلف ظهره، وحاكى كيف يتم رفعه ووضعه في حلق الباب والذراعين على جانبي الباب وبقية الجسد معلق على الجانب الآخر]...
تعرض هؤلاء الرجال الـ 25 لتعذيب بالغ. وقال لي بعض هؤلاء الرجال فيما بعد إنهم كانوا يشمون رائحة جلدهم وهو يحترق [أثناء التعذيب بالصدمات الكهربية]، وقالوا إن هذا الأمر كان مقززاً. وقالوا إن عناصر أمن الدولة كانوا يشدونهم من لحاهم بقوة بالغة، ويشعلون لحاهم بأعواد الثقاب.
وقال (ل. س.) إنه سمع في وقت سابق عن الإساءات التي تحدث في مقر لاظوغلي أثناء احتجازه الأولي في مارس/آذار 2006. وأثناء الاحتجاز في مقر آخر لفترة قصيرة قبل نقله إلى دمنهور، قال (ل. س.) إنه رأى محمد فرج وتكلم إليه، وهو أحد المحتجزين المعتقلين من بين الاثني وعشرين رجلاً، وكان محتجزاً في مقر لاظوغلي. (كما هو مذكور في الفصل السابق فإن محمد فرج كان يعمل في متجر مع أحمد علي جبر، على الرغم من أنه من بين أعضاء الطائفة المنصورة الـ 22 الذين تم الإعلان عن احتجازهم في أبريل/نيسان 2006؛ فقد تم اعتقاله في نفس وقت اعتقال جبر والمحتجزين الآخرين تقريباً). وطبقاً لـ (ل. س.)، فحين وصل فرج، قال إنه كان في مقر لاظوغلي مع محتجزين آخرين، وكشف عن علامات توحي بتعرضه للتعذيب البالغ:
كان في حالة سيئة للغاية [حين وصل]. وكان شعره طويلاً للغاية، وشعر وجهه، وكان قذراً للغاية... كان يرتدي نفس الثياب التي كانت عليه لدى اعتقاله. وحين وصل لم يكن يعرف أين هو، وكان في حالة مروعة. كان خائفاً للغاية... خائف بحق. وحين وصل سمعناه يسأل الحراس في قلق: هل توجد هنا كهرباء؟
وقال إنه بين جلسات الاستجواب كان يتم احتجازهم في الردهات في لاظوغلي مقيدين بالأصفاد وجالسين إلى الجدران. وقال إن بعض العناصر برتبة عريف [حراس منخفضي الرتبة] كانوا يسيرون في الممر ويصعقونهم بشيء كالعصا أو ما شابه [يرجح أنه جهاز للصعق الكهربي بتيار كهربي يتسبب في صدمة خفيفة].
وساعدناه على تنظيف نفسه وفي الحصول على بعض الماء والاغتسال. ولم يكن الرجل يعرف أي شيء عن اسم التنظيم، ولم يقل أبداً أي شيء عن "الطائفة المنصورة"، فلم نسمع بهذا [الاسم] إلا فيما بعد.[60]
و(هـ. ب. ف.) هو محتجز آخر بأمن الدولة كان في دمنهور في أواخر 2006، وسبق اقتباس أقوال له في موضع سابق بالتقرير، وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه، مثل (ل. س.) تم احتجازه في دمنهور في أواخر 2006. وهناك رأى غالبية محتجزي الطائفة المنصورة وتكلم إلى الكثيرين منهم. وقد خاض محادثات متعمقة مع أربعة على وجه التحديد: أحمد علي جبر، وعبد العزيز فؤاد علي عبد المقصود، وعمر محمد عبد الفتاح أحمد، ومحمد حمدي عبد الجواد إبراهيم.[61] وجاءت روايات (هـ. ب. ف.) منسجمة مع أقوال (ل. س.) وروايات أخرى عامة عن الاحتجاز لدى أمن الدولة، ويبدو أنها متزنة وتتمتع بالمصداقية.
وقال (هـ. ب. ف.) إن جميع المحتجزين الأربعة أخبروه بشأن المعاملة السيئة التي عانوا منها أثناء الاحتجاز لدى أمن الدولة.
وقال: "حاولوا أن يبدو عليهم التماسك والجلد، لأن في السجن لا يمكنك تحمل الانهيار، لأنك إذا فعلت فسوف تصيب كل من حولك بالاكتئاب". لكن طبقاً لأقوال (هـ. ب. ف.)، قال المحتجزون الأربعة إنهم تأثروا كثيراً بتجربتهم وعانوا من مشكلات نفسية، مثل الأرق والقلق البالغ وفقدان التركيز.
وقال (هـ. ب. ف.) إن أحمد علي جبر وعبد العزيز تحدثا إليه عن التجريد من الثياب وتقييد اليدين والتعليق من الذراعين والضرب والصعق بالكهرباء. وقال عمر محمد ومحمد حمدي نفس الشيء. وقال أحمد علي جبر وعمر وعبد العزيز لـ(هـ. ب. ف.) إن التعذيب بدأ في مكتب أمن الدولة بالمعادي، جنوب القاهرة، حيث تم نقل العديد من المحتجزين في بادئ الأمر لدى اعتقالهم.
وقال (هـ. ب. ف.) إن أحمد علي جبر أخبره بتعرضه للضرب:
كان معصوب العينين وتم ضربه. سألته إذا كان مقيداً أو مربوطاً بالأصفاد طوال الوقت. وقال لا، جاءت الأصفاد فيما بعد في لاظوغلي ومدينة نصر. لكن في مكتب أمن الدولة في طرة كان معصوب العينين، وتلقى صدمات كهربية وتعرض للضرب، وبالطبع تمت الإساءة إليه بالألفاظ.[62]
وقال أحمد علي جبر فيما بعد لـ(هـ. ب. ف.) إنه تم نقله إلى مقر لاظوغلي ثم إلى مقر مدينة نصر، وأوضح (هـ. ب. ف.):
وفي لاظوغلي ظلوا في الردهة... وقال أحمد علي جبر إنه ظل في الردهة [بمعنى أنه تم احتجازه في أحد الردهات بالمبنى] لعشرين إلى ثلاثين يوماً، وهو جالس هكذا. [قال جبر أيضاً إنه كان معصوب العينين طيلة هذا الوقت].
وقال إنه لم يكن مسموحاً لهم بمد سيقانهم لأنهم إذا مدوها فسوف يغلقون الردهة ويركلهم [عناصر أمن الدولة] في أقدامهم ليعيدونها. كما كانوا مقيدين إلى الجدار وكانت توجد حلقات معدنية تخرج من الباب، كتلك التي تستخدم لربط الحيوانات، كالحمير، وكانوا يُقيدون منها إلى الجدار.
وفي مقر أمن الدولة في مدينة نصر، فالأمر مختلف... لكل شخص زنزانته الخاصة... وقال لي أحمد إنه أثناء احتجازه في مقر أمن الدولة بمدينة نصر كان معصوب العينين ومقيد اليدين داخل زنزانته وحين يأتي وقت الاستجواب، يأخذونه ويجردونه من ثيابه...
وقال إنه أيضاً كان يُعلق من السقف، لكن بما أنه معصوب العينين، فلم يكن يعرف بالضبط نوع الأداة التي كانت مستعملة في تعليقه. وحين كان يُعلق من الباب، كان يعرف بهذا، لكن في بعض الأحيان كان يُعلق من أشياء أخرى فلا يعرفها ولا يتمكن من الرؤية، فقد كان معصوب العينين. وفي مدينة نصر هذا هو الإجراء المتبع، هذا ما يحدث للجميع. وقال إنهم إذا سألوك سؤالاً ولم تذكر الرد، يعلقونك حتى تتذكر.
وقال (هـ. ب. ف) إن أحمد علي جبر والآخرون وصفوا له التعذيب الحاد بالصعقات الكهربية الذي كابدوه في مقر مدينة نصر.
وبشكل عام، كما قال أحمد علي جبر له، يوجد نوعان من الصدمات. الصدمة الأخف حين يتم تعليق المحتجز في الهواء، والصدمة الأقوى حين يُربط المحتجز بالأرض. وقال أحمد علي جبر لـ(هـ. ب. ف.) إن التعرض للصدمات أثناء الربط بالأرض أسوأ بكثير:
قال لي إنه أصيب بالصدمات الكهربية في كل جزء من جسمه، مع التركيز على العضو الذكري... وأحد التقنيات المتبعة هي أن ترقد على الأرض على ظهرك وتباعد ما بين رجليك ويمدون الذراعين ثم يضعون سلسلة بين ساقيك، هكذا، فتضطر للمباعدة ما بين الساقين، وسلسلة أخرى هنا، لضمان أن الذراعين على هذا الوضع. ثم يصعقونك بالكهرباء.[63]
وقد تكلم (ل. س.)، المحتجز الأول المقتبسة أقواله أعلاه، إلى أحمد علي جبر، وقال: "تحدثت إلى أحمد علي جبر كثيراً". وأضاف: "تشاركنا في زنزانة واحدة لبعض الوقت"... وقال (ل. س.) لـ هيومن رايتس ووتش إن جبر والمحتجزون الآخرون ذكروا له تفاصيل حول الإساءات التي تعرضوا لها في لاظوغلي ومدينة نصر، والرواية التي أمدنا بها مماثلة لتلك التي ذكرها (هـ. ب. ف.) أعلاه.
وقال حسين متولي، الصحفي الذي تحدث إلى هاني أحمد منصور محمد، أحد المحتجزين المفرج عنهم، ومع العديد من الأقارب الذين زاروا المحتجزين في السجن، قال إن هاني منصور أكد له بعد إطلاق سراحه مباشرة في 2006 إنه تعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز لدى مباحث أمن الدولة، لكنه قال إنه غير مستعد للتحدث عن هذا بأي قدر من التفصيل.[64]
وقد تحدث متولي إلى محتجز آخر من "الطائفة المنصورة" تم الإفراج عنه في أكتوبر/تشرين الأول 2007 تقريباً. (تم حذف اسم المحتجز بناء على طلبه، لحمايته).
والمحتجز، الذي كان محتجزاً مع غالبية الرجال الـ 22 الآخرين بعد اعتقالهم في فبراير/شباط ومارس/آذار 2006، قال إنه بعد اعتقاله تم جمعه بالمحتجزين الآخرين وإن أمن الدولة "نقلتنا إلى لاظوغلي لنتذوق طعم التعذيب المنهجي".[65]
وقال المحتجز لمتولي إنهم "تعرضوا للضرب باللكمات والعصي والركلات" وقال المحتجز إن أمن الدولة "استخدموا الصدمات الكهربية على مختلف أجزاء الجسد، بما في ذلك المناطق الحساسة... وجلسات التعذيب هذه تمت بالأساس قبل الإعلان عن التنظيم على التلفزيون". وأضاف المحتجز أن محتجزاً آخر من الطائفة المنصورة كان محبوساًً معه اعترف كذباً بأنه "إرهابي" فور تلقيه صدمة كهربية في قضيبه. وقال المحتجز إنه لا هو ولا المحتجزين الآخرين متورطين في أية أنشطة غير مشروعة، لكنه قال إن التعذيب والمعاملة السيئة أثرت على مظهرهم وجعلتهم يبدون وكأنهم مشتبه بهم في الصور التي ظهرت في وسائل الإعلام:
تعرضنا للتعذيب يومياً حتى يوم التصوير، والتقطوا الصور التي عرضوها على التلفزيون المصري في 19 أبريل/نيسان 2006. وبالطبع كانت لحانا نامية وشعرنا كشعر المغول – كان مظهرنا كالإرهابيين حقاً...
ثم نقلونا إلى زنازين انفرادية، وكانت الردهات الواقعة بينها مضاءة 24 ساعة يومياً. ولا يمكننا النوم بسببها وإذا انطفأ نورها نصبح في ظلام دامس تحت الأرض، بين الحشرات...
ومزاعم المحتجز منسجمة مع معلومات أخرى تم جمعها حول اعتقال واحتجاز الاثني وعشرين رجلاً.
الاعترافات
قال محتجزون سابقون ومحامون لـ هيومن رايتس ووتش إن عدة محتجزين من "الطائفة المنصورة" قد "اعترفوا" تحت تأثير التعذيب. وفيما بعد قال (ل. س.)، وهو محتجز تم نقله فيما بعد مع المحتجزين إلى دمنهور:
أخبروا الجميع بشأن الاعتراف. كان يوجد نوعان من الاعترافات تحت تأثير التعذيب: الأول هو اختلاق الأمور، أي شيء، للإجابة على الأسئلة... فهم يسألون ويسألون ويرد الرجال بأي شيء، مجرد اختلاق للأحداث.
ثانياً، أن يسألوا الضباط ماذا يقولون. ويقول الرجال إنهم تعرضوا لتعذيب بالغ، وإنهم راحوا يصرخون: قل لي ماذا أقول! قل لي ماذا أقول وسوف أقوله! ويوافقون على الاعتراف بأي شيء تريده مباحث أمن الدولة. كان من المؤلم للغاية سماعهم يتكلمون عن هذا الأمر. وبصراحة، لم أستمتع كثيراً بالاستماع إليهم وهم يتكلمون عن هذه الأمور.[66]
وقال المحتجزون لـ (ل. س.) إن ضباط مباحث أمن الدولة يختلقون المزاعم بأنفسهم: "إنهم يختلقونها، يقولون لهم: لديكم أرض للتدريب، ومخطط لتفجير خطوط أنابيب الغاز الطبيعي خارج القاهرة... وكلام من هذا القبيل".
أما (هـ. ب. ف.) الذي تحدث إلى المحتجزين كثيراً، فقد شرح بمزيد من التفاصيل:
إن أمن الدولة حين يعذبونك أثناء الاستجواب يلمحون إلى ما يجب أن تكون عليه إجاباتك. يرمون إليك بعنوان رئيسي لموضوع ثم يعذبونك لاستخلاص التفاصيل. مثلاً... يقول [ضابط أمن الدولة] للمحتجز: إذن ما حكاية المتفجرات التي تخططون لزرعها في هذا البلد؟ وبالطبع فتحت تأثير التعذيب يرغب المحتجز في توقف هذا التعذيب، فيقول أي شيء ليوقف تعذيبه. أما بالنسبة للشخص الآخر، وهو المحقق القائم بالاستجواب، فهو يستمر في الضغط على المحتجز حتى يقول المحتجز القصة التي يرغب المحقق في سماعها.
لكن المشكلة أنه حين يكتشف المحقق أن المحتجز يقدم له معلومات عن شيء، فهو يزيد من التعذيب حتى يدلي بتفاصيل أكثر، ولكي يوضح الأمر أكثر.[67]
وقال (هـ. ب. ف.) إن المحتجزون يعترفون أحياناً بأفعال يجدها ضباط أمن الدولة أنفسهم غريبة أو غير مرجحة. فمثلاً، حسب قول (هـ. ب. ف.)، فإن عبد العزيز، وهو رجل قصير ونحيل ولا يتمتع بعضلات قوية، أخبر (هـ. ب. ف.) بأنه اعترف بكونه رئيس وحدة التدريب البدني للتنظيم، وأن ضباط أمن الدولة ضحكوا فيما بينهم بعد أن أكرهوه على الاعتراف بهذا.
وقال (هـ. ب. ف.) إن أحمد علي جبر سرد قصة مماثلة، قائلاً إنه لم يتمكن من ذكر التفاصيل الخاصة بمخططه المفترض كما يجب:
كان أحد المزاعم حول خطوط أنابيب غاز طبيعي سيتم تفجيرها، وأحضروا أحمد علي جبر [إلى الاستجواب] وسألوه: إذن كيف تعتزم تفجير خطوط الأنابيب؟
ولم يكن أحمد يعرف ماذا يقول، فقال لهم إنهم كانوا يخططون لجلب حجر والطرق على الأنبوب حتى يحدثوا ثقباً فيه ثم يجلبون عود ثقاب ويشعلونه داخل الأنبوب.
وحين سمع الضابط ما قاله بدأ يضحك وقال: ما الذي تقوله؟ [وبدأ (هـ. ب. ف.) يضحك] ثم ترك أحمد يذهب [عائداً إلى زنزانته].[68]
كما أوضح المحتجزون لـ (هـ. ب. ف.) كيفية ضغط أمن الدولة عليهم للاعتراف بمخططات تشمل في المجمل المزاعم التي جاءت في بيان وزارة الداخلية في أبريل/نيسان 2006:
كانت توجد أيضاً حالات يجلبون فيها المحتجز ويقولون له: بالمناسبة، لقد اعترف الآخرون، جميعهم اعترفوا بما كان تنظيمكم سيفعله بالمتحف المصري، لذا فالأفضل لك أن تعترف... ثم يشرعون في تعذيبهم...
وتوجد أيضاً قصة أخرى عن الأرض التي من المفترض أنهم سيقومون بالتدريب عليها. وكان هذا شيئاً آخر قال أحمد إنه سُئل عنه كثيراً. أسئلة مثل: كيف اشتريتم هذه الأرض؟ من أين حصلتم عليها؟ من أين جئت بالمال اللازم؟ لكن أحمد لم يشتر قطعة أرض أبداً. وكانوا يقولون له: كنتم تخططون لإنشاء مخيم، أليس كذلك؟ كنتم تخططون لجلب مجندين وتدريبهم على تلك الأرض، أليس كذلك؟ ومن المزاعم الأخرى التخطيط لاغتيال شخصيات عامة قبطية...
وأخبرني كيف جعلوا منه زعيم التنظيم. عذبوه وأساءوا معاملته وجعلوه يقول إنه الزعيم، وجعلوه يذكر أسماء كل أصحابه ويقول إنهم في التنظيم وإنهم كانوا يخططون لكل تلك الأمور.[69]
وقال (ل. س.) إن أحمد علي جبر قال له إن أمن الدولة في واقع الأمر قد اختلقت اسم "الطائفة المنصورة":
وقال لي أحمد علي جبر أيضاً كيف تم اختيار اسم "الطائفة المنصورة". قال إنه في لحظة ما بعد كل هذا التعذيب، حين انتهى الضباط منه، كان جالساً معهم وقال أحد الضباط له: إذن يا أحمد علي، ماذا تريد أن تطلق على تنظيمك؟ أي اسم تفضل؟ الطائفة المنصورة؟ أو المرابطون؟ وقال أحمد علي جبر إنه لم يعرف ماذا يقول، فقال: الطائفة المنصورة... وهكذا كان هذا هو اسم التنظيم الذي منحوه له.[70]
وأخبر (هـ. ب. ف.) هيومن رايتس ووتش أن أحمد علي جبر وصف نفس الحادث له، وأضاف أنه حين امتنع عن اختيار الاسم: "قال له ضباط أمن الدولة بأسلوب مهذب ساخر قولاً على غرار: لا لا... اختر أنت بين هذه الأسماء، فهذا هو الاسم الذي سيُطلق على قضيتكم... ولكي ينتهي الأمر، فقد اختار اسم الطائفة المنصورة.[71]
آثار التعذيب: انهيار أحمد علي جبر
(ل. س.) و(هـ. ب. ف.) قالا إنهما تحدثا إلى الكثير من المحتجزين، ويعتقدون أن أحمد علي جبر قد تم تعذيبه أكثر من باقي المحتجزين. وخلص الاثنان إلى أن ضباط أمن الدولة إما أنهم قاموا بتعذيبه كثيراً أملاً في أن يعترف بكونه زعيم التنظيم، أو هم عذبوه لفترات أطول من غيره لأنه تحت تأثير التعذيب كان أكثر استعداداً للاعتراف بالمخططات التي أوحى بها الضباط.
ويقول كلٌ من (ل. س.) و(هـ. ب. ف.) إنهما تكلما بالتفصيل مع أحمد علي جبر حول كيفية تأثير التعذيب على سلامته النفسية. وقال (ل. س.) و(هـ. ب. ف.) إن جبر أصيب بانهيار عصبي حين تم جلبه إلى مكتب نيابة أمن الدولة، بعد شهور من التعذيب. ووصف (هـ. ب. ف.) ما أخبره به أحمد علي جبر:
قرأ نائب أمن الدولة قائمة بالاتهامات عليه، وكانت طويلة. ثم أخبره [أحمد علي جبر] بأنه غير قادر على الرد عليه وانهار باكياً. وبعد أن هدأ قال إنه سأل النائب: إذا تمت إدانتي بهذه الاتهامات، فما هو عقابي المنتظر؟ وقال له النائب إنه سيكون الإعدام. وحين تم نقله ثانية إلى مدينة نصر أخذوه إلى "الفندق" [إشارة إلى زنازين أفضل حالاً في الطوابق العليا من مقر مدينة نصر، وفيها أسرة ومكيفات هواء]. وحينها انهار أحمد، وقال إنهم إذا أخذوه إلى "الفندق" فهذا معناه أنه سيقضي فيه أيامه الأخيرة لكن "كل ما يهمني هو أن أخبر أسرتي أنني شخص صالح ولم أفعل أي شيء خطأ".
وقال لي إن حالته النفسية كانت محطمة. فقد كان معصوب العينين لثلاثة أشهر. [قال سجناء آخرون لـ هيومن رايتس ووتش إن تعصيب الأعين المستمر يؤثر سلباً على الصحة النفسية، ويتسبب في الدوار الحاد والقلق].
وقال أحمد علي جبر لـ (هـ. ب. ف.) و(ل. س.) إنه كان مضطرباً لدرجة أنه بدأ يحادث الحمام الواقف على حافة نافذته. وكما أوضح (ل. س.):
قال لي إنه في ذلك الحين كان محطماً. فقد قال له النائب إنه قد يواجه عقوبة الإعدام. وكان مضطرباً للغاية من التعذيب ولا يعرف لماذا حدث كل هذا. ولم يكن على اتصال بأسرته منذ شهور. ومن الناحية النفسية كان محطماً... وهكذا قال لنا إنه بدأ يحادث الطيور والعصافير على إطار النافذة في حجرته، ويطلب منها أن تنقل رسائل إلى أسرته. وحين كانوا يحضرون له الطعام كان يأخذ القليل منه إلى النافذة للطيور، لكي تحضر.
وذات يوم تأخر الطعام لكن حضرت بعض الطيور ووقفت على النافذة، وكان تصدر بعض الأصوات. وهكذا اعتذر لها أحمد علي جبر، قائلاً لها إنه آسف لأنه لا يوجد طعام.
وسمعه أحد الحراس يتكلم ففتح الباب ودخل إلى الحجرة متساءلاً عمن كان يحدثه. وحين لم ير أحداً في الحجرة وأن أحمد علي لم يكن يكلم أحداً، هبط للطابق السفلي وأخبر أحد الضباط. وأصيب الضابط بالقلق وظن أن الرجل قد جًُن، وأن هذا الرجل فاقد الصواب، وما إلى ذلك. فصعد إلى الحجرة وبدأ يتكلم إليه محاولاً أن يهدئه.[72]
وسمع (هـ. ب. ف.) نفس الرواية من أحمد علي جبر. وقال لـ هيومن رايتس ووتش:
استدعى الضابط أحمد علي جبر إلى مكتبه، وكان حافي القدمين. وتكلم إليه الضابط وطلب له كوب من الشاي... وحاول ضابط أمن الدولة أن يهدئه، وراح يقول له: لا تقلق يا بني، لن يحدث لك شيئاً. هل فعلت أي شيء خطأ؟ لا، لم تفعل، إذن فلن يصيبك مكروه. لا تقلق، لا تقلق، اهدأ.
وقال أحمد لـ (هـ. ب. ف.) إنه لم يتمكن من سماع كل ما كان الضابط يقوله:
قال أحمد إنه في ذلك الحين كان في "حالة غريبة". وجلب له الضابط كوب من الشاي وراح يكلمه، لكنه لم يركز بالمرة على ما كان يقوله وما كان يفعله حينها. وقال إنه راح ينظر إلى قدميه ويسكب الشاي على أصابع قدميه ويلعب بأصابعه لا أكثر، ولم يكن يعرف سبب فعله لهذا.
كانت هذه هي حالته النفسية في النهاية.[73]
وطبقاً لـ (هـ. ب. ف.) فإن أحمد سرعان ما عرف بعد ذلك أن مباحث أمن الدولة غير مهتمة بملاحقته قضائياً، ومن ذلك الحين لم يتعرض للتعذيب. وتحسنت صحته النفسية إلى حد كبير على حد قوله، وأصبح قادراً على التواصل مع الناس بشكل أفضل مع أواخر عام 2006.
التخلي عن الملاحقة القضائية
لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من معرفة سبب تخلي وزارة الداخلية المصرية – بداية من يوليو/تموز 2006 – عن الملاحقة القضائية للاثني وعشرين محتجزاً. فأثناء الجلسات المتوالية في نيابة أمن الدولة، من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول 2006، كانت النيابة تأمر بإطلاق سراح المحتجزين. وبحلول سبتمبر/أيلول كان قد تقرر الإفراج عن الاثني وعشرين محتجزاً.
إلا أنه وحتى ديسمبر/كانون الأول 2007، ولأسباب غير واضحة إلى الآن، لم يخرج إلا 12 محتجزاً، وما زال 10 محتجزين رهن الاحتجاز.
وطبقاً للمحامين، فإنه بعد أوامر الإفراج في عام 2006 كان أول من يُفرج عنهما هما محمد نصر وصديقه محمود سعدي. وبعد ذلك، حسب قولهم، أصدرت أمن الدولة – مستفيدة من أحكام قانون الطوارئ – قرارات احتجاز جديدة في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2006 للمحتجزين العشرين المتبقين. ومنذ أواسط 2006 تم الإفراج عن 10 محتجزين آخرين، لكن أمن الدولة أبقت 10 رجال في الحبس دون عرضهم على النيابة ثانية. وحتى ديسمبر/كانون الأول 2007 ما زال المحتجزين العشرة المتبقين رهن الاحتجاز دون اتهامات وقد قاربت مدة احتجازهم على العامين.
وقال العديد من المحامين والمراقبين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعتقدون أن أوامر الإفراج الصادرة في 2006 شاهدة على براءة المحتجزين، وإن الرجال المتبقين رهن الاحتجاز ما زالوا محتجزين فقط لخشية أمن الدولة من الإحراج المُرافق للإفراج عنهم.
وقال محمد زارع، محامي حقوق الإنسان الملم بالقضية:
القضية تخيلية بالتأكيد. يمكن للنيابة بسهولة إحالة القضية للقضاء. إذا كان لديهم أدنى شك – ولو حتى 1 من الألف من الشك – في أن هؤلاء الرجال فعلاً مذنبون بأي شيء، أو أنهم خطرون، كانوا سيحيلون القضية إلى المحكمة أو إلى محكمة عسكرية. مجرد حقيقة أنهم لم يتخذون إجراءً قانونياً ضد المحتجزين يُظهر أن القضية مُختلقة... وليس هذا بالشيء المدهش: فالواضح أن أمن الدولة لم تر أن الرجال خطرين.[74]
ويرى زارع أنه من المألوف احتجاز الأشخاص بموجب قانون الطوارئ لأجل غير مسمى:
اسمع، هناك أشخاص محتجزون منذ عام 1989 بموجب قانون الطوارئ، وصدرت أوامر بالإفراج عنهم عدة مرات. يبقى الناس في السجن لسنوات، وقد يُنسى بعضهم حتى. إنهم [ضباط أمن الدولة] يخشون كثيراً على عملهم. إذا أفرج ضابط أمن دولة عن شخص ما ثم اتضح أن هذا الشخص قد ارتكب شيئاً، سياسياً كان أو ربما شيئاً لا يُعجِب الحكومة، فسوف يوقع الضابط في مشكلة. حتى هم خائفون على نحو ما.[75]
وقال عادل مكي الشيء نفسه، وهو باحث حقوقي مُلم بالقضية: "أمر الإفراج ليس أكثر من حبر على ورق. لدينا محتجزون [موكلون] صدر لهم أكثر من 30 أمر إفراج، ولم يحدث أي فارق". وأيد مكي ما قاله محمد زارع وقال إن ضباط أمن الدولة قد يشعرون بالحرج لأنه لم يتم ملاحقة قضية ما في القضاء وينتظرون فترات مطولة قبل السماح للمحتجزين بالخروج. وقد لاحظت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب أنه في مصر "تصدر قرارات عديدة من المحاكم بالإفراج عن المحتجزين ولا يتم تطبيقها".[76]
وليس من الواضح سبب تخلي وزارة الداخلية عن مزاعمها. وألمح محامو المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش بأنه ربما اختلقت وزارة الداخلية القضية من أجل الدعاية ثم قررت فيما بعد أنه ليس من الضروري ملاحقة المحتجزين قضائياً، أو أنها – أيا كانت الدوافع – رأت القضية في النهاية أبسط من أن تناسب محكمة تطبق قانون الطوارئ المصري بالغ الصرامة.
ولاحظ المحامون أنه لا يوجد دليل مقدم ضد المحتجزين بخلاف ما جاء في اعترافاتهم، والتي كما ظهر أعلاه، يُرجح أنها كانت نتيجة للتعذيب. وقال سيد شحاتة، محامي لعدد من المحتجزين، إن المزاعم بحق المحتجزين كانت دون تفاصيل أو دعم من براهين وأدلة أخرى:
القضية محض خيال، ولا أعرف من أين جاءوا باسم الطائفة المنصورة هذا وبتلك الأسماء الغريبة. من الواضح الآن أن الأمر مجرد خيال...
التخطيط لتفجير خطوط أنابيب غاز طبيعي؟ إنهم لا يعرفون حتى أين مكان الأنابيب التي من المفترض أنهم يعتزمون تفجيرها. ولم يذكر بيان وزارة الداخلية أين توجد الأنابيب. ولم يقع تحت يدي أبداً أي مستندات أو وثائق قانونية تذكر مكان تلك الأنابيب المفترضة. ولم نر قط أدنى دليل ضدهم. ولم نسمع حتى بوصف لأي دليل، أو إشارة لأي نوع من الأدلة لدعم المزاعم... هذه سخافة. خذ بسيوني على سبيل المثال: قالوا إنه الرجل الثاني في سلسلة القيادة [في التنظيم]. هذا سُخف. كان إماماً في مسجد؛ مما يعني أن أمن الدولة وافقت عليه وتحرت عنه. ومن المستحيل أن يكون مُنخرطاً في أي شيء غير قانوني وهو في هذا المنصب. والمزاعم الخاصة بأنهم أرادوا شراء أرض لاستخدامها في التدريب... محض سخف.
معظم هؤلاء الأولاد فقراء للغاية، ولا نقود لديهم بالمرة، كيف إذن يتحملون ثمن الأرض؟ هذا أحد المزاعم النموذجية، إذ قالوا نفس الشيء عن تنظيم الوعد [قضية سابقة لأمن الدولة تماثل قضية الطائفة المنصورة، تم فيها اعتقال عشرات الشباب في القاهرة من قبل أمن الدولة واعترفوا فيما بعد بالتخطيط لإجراء هجمات في القاهرة].[77]
إلا أن حقيقة أن النيابة أمرت بالإفراج عن المحتجزين أدهشت بعض المحامين الذين يتولون قضايا المحتجزين. وقال سيد شحاتة – رغم استنتاجه أن القضية مُختلقة – قال إنه أحس بالدهشة لأن وزارة الداخلية أمرت بالإفراج عن المحتجزين:
في البداية حين شرعنا في العمل في هذه القضية، حسبنا أنه في ظل هذه المزاعم فسوف يتم ذبح هؤلاء الأولاد... حسبنا أنهم سيمثلون أمام محكمة عسكرية ويتم إعدامهم في ميدان عام. كنا على يقين من أنهم سيمثلون أمام محكمة عسكرية. فقد خرجت الحكومة بهذه المزاعم الخطيرة وأدلت بها للإعلام.
شعرنا بالصدمة حين أمرت نيابة أمن الدولة بالإفراج عنهم، وبالنسبة لغالبيتهم كان هذا في ثاني أو ثالث مرة يمثل فيها أمام النيابة. أنا نفسي أشعر بالارتباك لما حدث، عن سبب الأمر بالإفراج عنهم، وعدم إطلاق سراحهم. لقد اخترعوا هذه القضية الكبيرة، ويمكنهم أن يفعلوا ما يحلو لهم، لماذا إذن انتهى الأمر بالإفراج عنهم؟ لا أعرف.
ووافق عادل مكي على أن أوامر الإفراج هي أغرب تحول في مجرى الأحداث: فخطورة الاتهامات جعلته يتوقع محاكمة الرجال، حتى لو كانت المزاعم مختلقة:
إذا قرأت تقرير الشرطة [وثيقة وزارة الداخلية المقدمة في أبريل/نيسان 2006]، فسوف تشعر بالصدمة. ربما تقول لنفسك: هؤلاء الأشخاص يجب أن يُعدموا بالطبع... يبدو أنها اتهامات خطيرة: اغتيال شخصيات عامة من المسلمين والمسيحيين، وزعزعة أمن المجتمع، والتحريض على أفكار متطرفة. لكن في الحقيقة فإن هذه الاتهامات أصبحت قوالب مألوفة في تقارير أمن الدولة. ولا تعني أي شيء في سياق ذكرها ضمن هذه المزاعم.[78]
وقال عادل مكي ومحامون آخرون إن هناك قيوداً على التمادي في اختلاق الاتهامات، إذ أنها تتوقف عند حد الاعترافات التي يمكن ثبوتها:
الاعترافات لا مغزى منها. فجميعهم يعترفون، في كل القضايا تقريباً في الشرطة وأمن الدولة يتم الاعتراف. إنهم لا يرسلون بالقضايا إلى النيابة دون أن تكون مصحوبة بالاعتراف. ولا يعني الاعتراف أي شيء للنائب، ولهذا ففي القضايا التي لا يوجد بها أي إثبات غير الاعتراف، يمكن أن يأمر النائب بالإفراج...
وعلى الرغم من كل الكلام الذي يتردد عن أن نيابة أمن الدولة غير مستقلة، وأنها جزء من النظام وما إلى هذا... فقد وُجد في بعض القضايا أن النيابة لعبت دوراً إيجابياً. وهذا أمر نادر الحدوث، لكنه يحدث أحياناً... حين تتم إحالة القضايا إلى النيابة، يسمع النائب للمحتجزين، وإذا لم تتفق رواياتهم مع المزاعم – وكل المعلومات الصادمة المُقدمة للإعلام – فربما يرفض إحالة القضية، لإنقاذ ماء الوجه... وفي هذه الحالة ليس أمام النيابة إلا الأمر بالإفراج إذا لم تعد الحكومة مهتمة بالقضية... وإذا أفرج عنهم النائب، فهذا لأن سُمح له بهذا [من قبل الحكومة].
وأيا كان الموقف، فثمة شيء واحد أكيد: إذا قرر النائب الإفراج عن السجناء فهذا يعني أنه لم تكن ثمة قضية من البداية. ولم تقم نيابة أمن الدولة بإحالة هذه القضية إلى المحكمة، بل أفرجت عن السجناء. وهذه كارثة بالنسبة للقضية. فهذا يعني أنه لا يوجد أقل الأمل بوجود دليل خيالي يدعم مزاعم وزارة الداخلية. إذا كان ثمة دليل، كانوا ليحيلوا القضية إلى القضاء.[79]
وأوضح أحمد سيف الإسلام، وهو محامي بارز يتعامل مع محتجزي أمن الدولة، لـ هيومن رايتس ووتش السبب الذي يعتقد أنه وراء أمر نيابة أمن الدولة بالإفراج عن المحتجزين:
ليس الأمر واضح تماماً، لكن أعتقد أن هذا مرتبط بالحفاظ على الصورة. فحين تكون تقارير الشرطة بالغة السوء بحيث يظهر منها أن المزاعم لا أساس لها وليس فيها أي قدر من الحقيقة؛ فقد يأمرون بالإفراج.
ليس السبب هو الضمير، بل الصورة. إذا كانت الملفات مخطئة تماماً، لو كان يشوبها قدر كبير من الخطأ، فربما يأمرون بالإفراج. ولهذا فليس الأمر متعلقاً بالضمير، بل الحسابات الدقيقة... الصورة.[80]
وقال محمد زارع شيئاً مشابهاً:
ليست المسألة أن النيابة مستقلة. فهي ليست كذلك. بل إن هذا يعني أن [المحتجزين] خدموا الغرض منهم. كل شيء له سبب، دائماً ما يوجد سبب. أيا كان ما تريده أمن الدولة تفعله. إذا أرادوا الحفاظ عليهم رهن الاحتجاز، يفعلون هذا، ولا يهم ما تفعله النيابة. وإذا أرادوا إحالتهم إلى المحكمة، يفعلون. وإذا تم الإفراج عنهم فليس هذا إلا لأنهم لا يريدون إحالتهم إلى المحكمة. المرجح أن تصبح القضية مبعث إحراج. إذن فبدلاً من هذا يأمرون بالإفراج لكنهم يعيدونهم إلى الحبس... فليُفرج عنهم، لكن ليس قبل مرور بعض الوقت.[81]
وأيد هذا الرأي أيمن عقيل، وهو محامي يمثل بعض المحتجزين:
ليست نيابة أمن الدولة مستقلة، فهي جزء من النظام ويحكمها النظام... إلا أنه على الرغم من كل هذا فثمة حدود لاختلاق القضايا. لا يمكن التمادي. إذا تمت ملاحقة القضية أكثر، مع كل هذه الأدلة المُختلقة، فما كانت النيابة لترغب في أن تبدو سخيفة، في ظل الأدلة المختلقة بشكل واضح هكذا.[82]
التوقيت: هل توجد صلة بقانون الطوارئ المصري؟
قال بعض المراقبين الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش – ومنهم محامين وباحثين حقوقيين ونشطاء سياسيين – إنهم يعتقدون أن الإعلان عن اعتقالات الطائفة المنصورة على صلة بتجديد قانون الطوارئ المصري في أبريل/نيسان 2006.
وهذا الزعم يصعب تقييمه، ولم ترد الحكومة المصرية بعد على طلبات الإحاطة بالمعلومات التي تقدمت بها هيومن رايتس ووتش حول القضية. لكن الزعم يُعتبر أحد التفسيرات المُحتملة لتوقيت الإعلان عن الاعتقالات.
وجاء الإعلان قبل 11 يوماً من تجديد الرئيس حسني مبارك لقانون الطوارئ المصري القمعي (قانون رقم 162 لسنة 1958)، والذي كان نافذاً دون توقف منذ أكتوبر/تشرين الأول 1981. وقال بعض منتقدي الحكومة إن تجديد الحكومة لقانون الطوارئ (في سبتمبر/أيلول 2005 وعد مبارك بأنه سيسمح بإيقاف تطبيقه) تيسر جزئياً بسبب تزايد الإحساس بغياب الأمن جراء إعلان 19 أبريل/نيسان عن اعتقالات الطائفة المنصورة وتفجيرات 24 أبريل/نيسان.
وعلى وجه التحديد قال المراقبون بأن أمن الدولة ربما اختلقت قضية الطائفة المنصورة قبل موعد انتهاء العمل بالقانون، لتسهيل تبرير الحكومة لتجديد تطبيق القانون. وحين وقعت التفجيرات الفعلية في دهب في 24 أبريل/نيسان 2006، قال المراقبون بأن القضية المختلقة لم تعد مطلوبة أو ثمة حاجة إليها فسمحت وزارة الداخلية للنيابة بالأمر بالإفراج عن الرجال. وقال المحامون بأن السلطات رتبت بعدها لتجديد قرارات الاحتجاز الصادرة بحق الرجال، حتى يبقون رهن الاحتجاز إلى أن ينسى الإعلام والمراقبون المزاعم الأصلية. (بموجب قانون الطوارئ يحق لأمن الدولة إصدار قرارات احتجاز محدودة الفترة لإبقاء المحتجزين في الحبس، ويتم بشكل منهجي تجاهل أوامر الإفراج).
وقال سيد شحاتة لـ هيومن رايتس ووتش، وهو أحد محاميّ المحتجزين:
في وقت الاعتقال كان البلد في موقف حساس. فكما تعرفون أعلنوا عن الاعتقالات... بعد أن وقعت بالفعل، وقبل تجديد قانون الطوارئ بقليل.[83]
وعبر عدد من المحامين الذين يمثلون محتجزين آخرين عن نفس الرأي لـ هيومن رايتس ووتش. فقد اتفق محمد زارع، محامي حقوق الإنسان، مع محاميّ المحتجزين، وقال إن السلطات استخدمت الشباب المعتقل لأنهم كانوا ضالعين في تدارس الدين، مما يُسهل من تصويرهم على أنهم متطرفون:
ربما كان بعضهم يتكلم في بعض القضايا الدينية. وربما تصفح بعضهم أشياء على الإنترنت، بعض المقالات مثلاً. وتصادف كل هذا مع احتياج [الحكومة] لشيء لأن قانون الطوارئ على وشك الانتهاء، وكانوا بحاجة للإشارة إلى خطر معين. وهؤلاء الأشخاص [المحتجزين] كانوا متدينين لا أكثر، ويجتمعون معاً، فاختلقت أمن الدولة شيئاً من هذا... كلما تعين تجديد قانون الطوارئ تخرج الحكومة دائماً بشيء يبرر التجديد. على مدى السنوات تحدثوا عن الإرهاب والمخدرات والسوق السوداء والبلطجية وحرب العراق وغيرها من الموضوعات.[84]
واتفق محمد هاشم، وهو محامي مُلم بممارسات احتجاز أمن الدولة، مع هذه الحجج وقال كذلك إن أمن الدولة اختلقت المزاعم لأن الشباب كانوا أكثر التزاماً بالدين من غالبية شباب القاهرة:
اسمع، لا أحب أمن الدولة. لدينا بعض المشكلات الخطيرة [إشارة إلى أعضاء الجماعة الإسلامية المعتقلين في التسعينات]. فقد عذبوا الناس حقاً. لكن يجب أن أقول إنهم لا يختلقون الأشياء من لا شيء. بل إنهم يمسكون بشيء صغير فيضخمونه ويبالغون فيه. يحولون الشيء غير الخطير إلى شيء خطير. الصغير يحولونه إلى كبير.
وقال هاشم بأن هذا الـ"شيء" في هذه القضية كان التزام هؤلاء الشباب، وقال كذلك بأن الاعتقالات على صلة بتجديد قانون الطوارئ. وأوضح قائلاً:
على أمن الدولة أن تُظهر أنها تعمل، وأنها مفيدة، وقضايا مثل هذه مفيدة سياسياً، من حيث علاقتها بتجديد قانون الطوارئ. وحين تقوم أمن الدولة بشن حملة يمكن للحكومة أن تقول: البلاد تمر بفترة من عدم استقرار... ويبدو الأمر كأن هذا صحيح.[85]
ولم يوافق كل المراقبين الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش على أن الاعتقالات سببها الوحيد هو تجديد قانون الطوارئ. إذ قال عادل مكي إن الاعتقالات كانت مجرد جزء من جهد أمن الدولة لكي تبدو مفيدة وهامة:
ليست الحكومة المصرية بحاجة لسبب [مبرر] لتجديد قانون الطوارئ. فهي تفعل ما يحلو لها. إذا أرادت أن تجدده، فهي تجدده...
إذن برأيي فإن هذه القضية اختلقتها أمن الدولة من نفسها. يفعلون هذا أحياناً لكي يبدو أنهم مفيدون.[86]
أما ضياء رشوان، المعلق المعني بقضايا الإرهاب في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية وقام بمتابعة القضية، فقد عرض دافعاً أبسط لإجراء هذه الاعتقالات:
تريد أمن الدولة أن يكون لها "سبب للوجود". مثل كل الكيانات في هذا العالم، فهي تسعى لحيازة النقود والسلطة والامتيازات، وحرية أن تفعل ما يحلو لها. ولهذا فهم يبالغون في مقدار التهديدات الإرهابية حتى يبقون في صورة الجهة الضرورية والهامة.[87]
والاعتقالات، حسب قول رشوان، كشفت أيضاً عن عيب أساسي في الإستراتيجية المصرية الداخلية لمكافحة الإرهاب:
لكن إذا حللنا ما يفعلون، فلن نجد شيئاً. كل ما لدينا هو اعتقالات وليست ملاحقة قضائية. والكثير من المخططات المزعومة التي يكتشفونها هي ببساطة مصطنعة. طوال الوقت يحاولون اكتشاف المخططات، ويبحثون ويحاولون العثور على المؤامرات، ونادراً ما يجدون أي شيء. إنها منهجيتهم؛ فهم يجرون الاعتقالات، ويميلون إلى اعتقال الأشخاص بدلاً من جمع المعلومات والبيانات. يمكنهم بدلاً من القيام باعتقالات عشوائية أن يمنحوا الأولوية لتحسين جمع المعلومات، لكنهم لا يفعلون هذا. لديهم ثقافة سائدة وعادة تتلخص في فكرة اليد الثقيلة.[88]
نسق موسع من الانتهاكات
يبدو أن اعتقالات الطائفة المنصورة كانت جزءاً من نسق أكبر من إساءات أمن الدولة، والتي تورطت في الاحتجاز التعسفي للسلفيين وغيرهم من الشباب الملتزم دينياً. وقال نشطاء حقوقيون ومحامون وغيرهم من المراقبين لـ هيومن رايتس ووتش إن أمن الدولة تستدعي السلفيين وغيرهم من الملتزمين دينياً من الشباب للاستجواب، وأحياناً تجري اعتقالات واستجوابات وتعذبهم بناءً على أقل الأدلة المتوافرة أو دون أدلة بالمرة. وفي بعض المناسبات، كما في هذه القضية، تحتجز أمن الدولة الأشخاص لأجل غير مسمى استعانةً بقرارات تصدر تحت مظلة قانون الطوارئ.[89]
وقال حسام بهجت، الناشط الحقوقي ومدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لـ هيومن رايتس ووتش إنه كثيراً ما يتعامل مع قضايا يتم فيها القبض على السلفيين بالجملة:
هناك أشخاص كثيرون تعتقلهم أمن الدولة بانتظام، أو كانوا محتجزين [فيما سبق] وعليهم الآن المثول أمام أمن الدولة بشكل منتظم، أو هم يتعرضون للاستدعاء بشكل منتظم.
مثلاً هناك محتجز تعاملنا مع قضيته، في الإسكندرية، ويتم اعتقاله بشكل منتظم من قبل أمن الدولة. يتم أخذه واستجوابه ثم إطلاق سراحه. هذه هي منهجيتهم [أمن الدولة]. توقف الشرطة شخصاً ما، ربما يغضبون ويعتقلونه، أو ربما يعتقلونه دون سبب ظاهر. ثم وفي قسم الشرطة يتحققون من اسمه ومن الاتهامات السياسية والجنائية الخاصة به. إذا كان قد تم اعتقاله فيما سبق من قبل أمن الدولة، فسوف يتم نقله إلى أمن الدولة وإلى أحد مقار أمن الدولة للاستجواب.[90]
ووصف جمال عيد، وهو محامي يمثل عدداً كبيراً من محتجزي أمن الدولة، الظروف التي تتم فيها الاعتقالات:
في البداية تعتقل أمن الدولة بشكل منتظم الشباب، وهذا بشكل عشوائي، سواء كانوا متدينين أو لا. وقد رأيت هذا بنفسي: تكون في ميدان أو شارع وترى الشرطة، ومعها عناصر أمن الدولة، يعتقلون الشباب بشكل عشوائي، وليس الإسلاميين على وجه التحديد، بل اعتقالات عامة للرجال. أو ترى الشرطة تنفذ الاعتقالات، ثم تنقل بعض الأشخاص إلى أمن الدولة، ويأخذونهم جميعاً إلى قسم الشرطة ويتحققون من بطاقاتهم الشخصية. بعضهم يبقى في قسم الشرطة، وبعضهم الآخر يظهر من سجله أنه كان محتجزاً لدى أمن الدولة، فيتم نقله إليها... وإذا اتضح أن واحد أو اثنين منهما قد سبق اعتقاله من قبل امن الدولة، أو إذا كانت لديه لحية طويلة ويبدو متديناً، يتم نقله إلى أمن الدولة. وتتم هذه الحملات الإجرامية بشكل منتظم وطوال الوقت.
ثانياً، تستهدف الحملات [التي تجريها أمن الدولة] أشخاص تراهم متدينين، مثلاً، وهم يخرجون من المسجد أو من مكان يتجمع فيه الأولاد المتدينون...
وتأتي إلينا الأسر لأن أقارب لهم اختفوا. لا يعرفون ما حدث، فذات يوم اختفى الابن أو الزوج ولا يعرفون أين هو، أو ما حدث له. وفي بعض الحالات يظهر الرجل بعد عدة أيام، ويكون قد تم استجوابه لأن ولد آخر يعرفه تم اعتقاله وذكر اسمه... وهذا شيء شائع للغاية.[91]
أما المحامي أحمد سيف الإسلام، المقتبسة أقوال له أعلاه، فقد أوضح أكثر أنواع هذه الاعتقالات:
يعتقلون أي شخص يرونه مشاركاً في أي مخطط، مهما كانت فكرتهم عن دوره غامضة. كما أنهم أحياناً يحاولون اعتقال أحد الأشخاص ولا يعثرون عليه، فيعتقلون آخر غيره. مثلاً لنقل إنهم يريدون اعتقال من يدعى زين ولم يجدونه. فيعتقلون شقيقه أو والده أو زوجته حتى. هنا في القاهرة كانت الاعتقالات في الآونة الأخيرة تركز على الإخوان المسلمين، وأيضاً على السلفيين، بالإضافة لآخرين كثيرين تم اعتقالهم.
وهناك أسباب كثيرة لانتقاء الأشخاص هكذا. أحياناً لأنهم يريدون اعتقال الأشخاص لا أكثر، لأنهم غاضبون ويريدون جمع بعض الناس. أو لأنهم دخلوا في جدال مع أحدهم. أو أحياناً لا تعرف بالمرة سبب اعتقالهم لبعض الأشخاص. وبالنسبة للسلفيين فأحياناً لا أعرف بالمرة لماذا يعتقلونهم.[92]
وسيف الإسلام مثل جمال عيد وغيرهما من المحامين، قال إن بعض المحتجزين يتم نقلهم إلى أمن الدولة من أقسام الشرطة، فيما تقوم أمن الدولة في بعض الحالات الأخرى بإجراء الاعتقالات، ويبدو أنها تستهدف أشخاص بعينهم:
الكثير من حملات الاعتقال تستهدف المجرمين، إذ تجمع الشرطة بعض الأشخاص بشكل عشوائي ثم تحيلهم إلى أمن الدولة. وعلى الجانب الآخر أحياناً ما تستهدف [أمن الدولة] السلفيين... في إحدى القضايا التي عملت فيها تم توقيف رجل واستجوابه في الشارع، لأنه يبدو محافظاً، بلحية طويلة. وراحت الشرطة تسأله أن يعمل معها مُخبراً، واكتشفت هذا فيما بعد... وفي قضية أخرى كان هناك رجل مُشتبه بكونه متورط في إرسال الأشخاص إلى العراق. وتم اعتقاله وبدأ يذكر أسماء لأشخاص، أي شخص وكل شخص يعرفه، وهكذا خرجوا لاعتقال هؤلاء الأشخاص، ثم استجوبوهم وعذبوهم، وهم يذكرون أسماء كل من يعرفونهم، ثم يتم اعتقال هؤلاء الأشخاص، وهكذا يستمر الأمر.[93]
أما (س. ج. ي.) وهو باحث حقوقي ويعمل مع جمال عيد، فقال إن الاعتقالات كانت منهجية لدرجة أنه بدأ يرى اعتقالات بنفسه:
إنه شيء عادي للغاية. فقد رأيت أشخاصاً يتم جمعهم بالأمس، وكانت الشرطة ومعها عناصر من أمن الدولة، تعتقل شباب كثير. أذكر أنه كان يوجد رجل مسن، ويبدو أنه متدين للغاية، وكان واقفاً في الشارع يدعو الله أن يُنزل غضبُه على الشرطة.
كما تم اعتقال صديقي من قبل أمن الدولة لاحقاً – أثناء خروجه من أحد المساجد – ويقول إن هذا يحدث طوال الوقت. فأمن الدولة تستدعي غالباً الرجال من أصحاب اللحى، لكن ليس فقط من لديهم لحى طويلة، بل أيضاً آخرين تراهم متدينين.[94]
واتفق مع الوصف أعلاه (ل. م. ي.)، وهو شخص آخر مشتغل بحقوق الإنسان، ولكنه أضاف:
لكن أحياناً تكون الاعتقالات تعسفية أو شخصية. ربما تدخل في شجار مع مسؤول ما في أمن الدولة، فيضعونك على قائمة الإسلاميين، ويحتجزونك. في هذا البلد أنت دائماً تحت رحمة أمين الشرطة أو المعاون أو الضابط، فهؤلاء الناس يطلقون كل مشكلاتهم النفسية على المواطن. وإذا كانوا غاضبين من شيء ما فهم يعتقلونك.[95]
وقال (أ. ك. م.)، باحث حقوقي آخر، لـ هيومن رايتس ووتش إن جزءاً من الغرض من الاعتقالات كان تجنيد السلفيين كمخبرين ومراقبتهم:
في الواقع أعتقد أن أمن الدولة قد تمكنت من استمالة بعض هؤلاء الملتحين وجعلت من الكثيرين منهم مخبرين. والكثير من الناس، من السلفيين والجماعات الدينية، يوجد بينهم مخبرين، وإذا أرادت أمن الدولة الحصول على معلومات، فهي تستعين بهؤلاء الأشخاص... وأمن الدولة منتبهة تماماً لهؤلاء الأشخاص. ويمكن أن نقول على سبيل التقريب إنه إذا كان أربعة من هؤلاء المتدينين في حجرة واحدة، فلابد أن أحدهم مخبر لأمن الدولة.[96]
وقال المحامي محمد زارع المذكورة أقوال له أعلاه، إن في حالات كثيرة لا يتم حتى اعتقال المحتجزين، بل توجيه استدعاءات إليهم للاستجواب ثم يتم استجوابهم. ووصف العملية بشكل مخيف:
ليست المسألة مجرد استجواب، بل يوجد فيها الكثير من الترهيب. في حالات كثيرة يقولون لك أن تحضر ليلاً، أن تكون لديهم في الثامنة مساءً. وتذهب في الوقت المحدد وتنتظر حتى الساعة 11 مساءً. وهو موقف مخيف للغاية، أن يتم استجوابك في مقر أمن الدولة في منتصف الليل.
يجب أن تفهم أن في مقر أمن الدولة يوجد التعذيب أو التهديد بالتعذيب، وهذا واضح، هذا هو السياق الأساسي. لا يتم تعذيب البعض، لكن يتم تهديدهم بالتعذيب، ويعرف الجميع أن من الممكن تعذيبك. ويتم معاملة بعض الأشخاص معاملة سيئة لا أكثر، لكن دون تعذيب بدني. وفي هذا الوقت المتأخر من الليل يجب أن تقف طوال الوقت. إنها لعبة نفسية. يهددونك ويذكرون تهديدات موجهة لأسرتك...
وإذا تم إرسالك إلى أحد المقار، فهذا أمر أكثر خطورة. إذا تم إرسالك إلى لاظوغلي مثلاً فهذا يعني أن شيئاً خطيراً سيحدث. فأنت تورطت في مشكلة. ولا يعني بالضرورة أنك ستلقى التعذيب لا محالة. بل يعني أن تتوقع أن يتم تعذيبك. ربما لا يتم تعذيب كل الأشخاص، لكن يُعذب الكثيرين، لهذا فأنت تتوقع هذه المعاملة. إنك في وضع بمنأى عن القانون.[97]
وأوضح جمال عيد، المحامي الآخر المذكورة أقواله أعلاه، لـ هيومن رايتس ووتش أنه في العادة من الصعب الطعن في الاحتجاز لدى أمن الدولة، لأن الإجراءات القانونية نادراً ما تتبع:
كيف تطعن في هذه الاعتقالات؟ الكثير من الاعتقالات لا تتم حتى بقرار احتجاز. وإذا لم يكن ثمة قرار، فلا توجد طريقة لإطلاق سراح المحتجز. ربما حتى لا أعرف مكان احتجازه.
إذا كنت أعرف أين هو، في مقر معين لأمن الدولة، فإنني أسأل بشكل غير رسمي وأنتظر ما قد أصل إليه. أو ربما تأتي رسالة من السجين أو يرشو الحارس ليجري مكالمة هاتفية لنكتشف ما يجري. وربما قد أتمكن من فعل شيء من خلال القنوات غير الرسمية. وإذا كان في سجن للشرطة، فربما أتمكن من الدخول بسترتي وربطة عنقي كمحامي، وقد أتمكن من استخلاص بعض المعلومات أو حتى أطلق سراحه.
لكن إذا كان في مقر أمن دولة... فانس الأمر. لن تتمكن أبداً من تجاوز البوابات. الطريقة الوحيدة لدخول أمن الدولة هي أن يتم احتجازك.[98]
مزاعم سابقة بقضايا مُختلقة
تلقت هيومن رايتس ووتش بعض المزاعم الأخرى التي تتمتع بالمصداقية حول اختلاق أمن الدولة في السنوات الأخيرة لاتهامات ضد بعض المحتجزين – وهي قضايا أعلن فيها مسؤولو وزارة الداخلية عن "اعترافات" للمحتجزين وأظهرت الأدلة فيما بعد أن هؤلاء المحتجزون تعرضوا للتعذيب وكانت اعترافاتهم إما غير طوعية أو غير حقيقية.
مثلاً وثقت هيومن رايتس ووتش في عام 2004 كيف استخدم ضباط أمن الدولة التعذيب لإكراه العشرات من المحتجزين على الاعتراف، وهذا في قضايا "كوين بوت" في عام 2003.[99] ومثال آخر هو قضايا "عبدة الشيطان" ممن يحبون موسيقى الـ"هيفي ميتال" في عام 1997، وتعرض فيها عشرات المراهقين في القاهرة والإسكندرية للاعتقال، وأُخذ الكثيرين منهم من بيوتهم من قبل ضباط أمن الدولة، ثم اتهموا فيما بعد بعبادة الشيطان في أندية للرقص وغيرها من أماكن الاستماع إلى موسيقى الـ"هيفي ميتال".[100] ومؤخراً أبدت هيومن رايتس ووتش قلقها من اعترافات كاذبة تم استخلاصها عبر التعذيب من محتجزين خاضعين للمحاكمة في قضية تفجيرات 2005 في طابا.[101]
بالإضافة إلى هذه القضايا، توجد أيضاً مؤشرات على أن الاعترافات تم استخلاصها تحت تأثير التعذيب في قضية في عام 2006 تم فيها اعتقال عدد من الطلاب الأجانب والمصريين بسبب "التخطيط المزعوم لهجمات إرهابية على دول بالشرق الأوسط ومنها العراق"، طبقاً لبيان لوزارة الداخلية.[102] وكثير من المحتجزين المعتقلين تم ترحيلهم فيما بعد إلى أوروبا وأفرج عنهم، مما يوحي بقوة بأنهم لم يكونوا مذنبين بالجرائم التي قالت وزارة الداخلية إنهم اعترفوا بارتكابها.
تقديرات بنطاق اعتقالات أمن الدولة
من الصعب تقدير عدد المحتجزين لدى أمن الدولة في أي وقت من الأوقات. فالحكومة المصرية لا تكشف عن أعداد الأشخاص الذين تستدعيهم أمن الدولة للاستجواب، ولا عن أعداد الأشخاص الذين تعتقلهم أمن الدولة وتحتجزهم في السجن لفترات مطولة.
وفي يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2007 سألت هيومن رايتس ووتش عدة مراقبين وصحفيين ومحامين قابلتهم عن تقديرهم لعدد الأشخاص المحتجزين لدى أمن الدولة في فترات مختلفة وفي أي وقت معين، وتباينت الإجابات. فعلى المستوى الوطني يقدر المراقبون أن أمن الدولة تحتجز "المئات" أو "بعض المئات" أو "الآلاف" من المحتجزين في أي لحظة معينة. وقال المراقبون إنه من الصعب ذكر عدد أكثر دقة بسبب نقص الشفافية حول هذه العملية.
وقال ضياء رشوان، معلق مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: "أعتقد أن هناك المئات من الأشخاص رهن الاحتجاز في أية لحظة بعينها، بالإضافة إلى من يوجه لهم الاستدعاء للاستجواب لفترة قصيرة". وقال رشوان إنه يتوقع أنه على مدار سنوات قد تم استجواب الآلاف من السلفيين على أيدي أمن الدولة في مختلف أنحاء البلاد.[103]
وكان تقدير المحامي جمال عيد مماثلاً:
في أي يوم من الأيام يوجد مئات من الأشخاص رهن احتجاز أمن الدولة، ولو في القاهرة فقط. وهناك العشرات من الأشخاص في المعادي في أي ليلة. وفي القاهرة عموماً، بما في ذلك في أقسام الشرطة ومكاتب أمن الدولة؛ يوجد المئات. وهناك آلاف الأشخاص المحتجزين لدى أمن الدولة في كل أنحاء مصر في أي وقت محدد.[104]
وكان تقدير المحامي أحمد سيف الإسلام أعلى بقليل:
تقريباً يمكننا تقدير العدد في أي وقت بأنه قد يصل إلى 50 شخصاً في مقر لاظوغلي، في الزنازين بما في ذلك الردهات، بالإضافة لحوالي 12 آخرين في جابر ابن حيان [الجيزة]، وفي مقر مدينة نصر. وفي بعض الليالي قد يكون أقل.
وبالإضافة إلى هذه الأماكن، فهناك مكاتب أمن الدولة في عدد من أقسام الشرطة في القاهرة. مثلاً في شبرا شمالي القاهرة يوجد في قسم الشرطة مكتب لأمن الدولة قد يحتجزون فيه عدداً قليلاً من الأشخاص. وفي كل أنحاء القاهرة، في أي ليلة من الليالي، قد تجد ما يُقدر بعشرة تقريباً أو عدة عشرات من المحتجزين، أو ربما أكثر أحياناً، فالعدد يتغير...
أنا أتحدث فقط عن أمن الدولة، وليس أقسام الشرطة، ولا أذكر الاعتقالات السياسية للإخوان المسلمين، الذين يؤخذون في الغالب إلى أقسام الشرطة ثم إلى السجون.[105]
وقال المحامي محمد زارع إن التقديرات كانت أحياناً صعبة لأن من الصعب التمييز بين قضايا الاستجواب قصير الأجل والاحتجاز لفترات أطول:
تقديري هو بعض الآلاف من الأشخاص الذين يُستدعون إلى مقار أمن الدولة كل شهر، وهذا على الأقل لساعات قليلة... ويتم استجوابهم ثم يُتركون للخروج في الثالثة صباحاً، أو لا يخرجون. وربما يتم احتجازهم لبعض الأيام.
وبطول البلاد وعرضها، كل شهر، يُقدر العدد بألف إلى ألفي شخص ممن يخضعون للاحتجاز لفترات أطول، تزيد على اليوم. ومن تصدر لهم قرارات احتجاز ويتم احتجازهم لفترات أطول يُقدَرون بالعشرات شهرياً وربما المئات، مما يعني أنهم يُحتجزون لشهر أو أكثر.[106]
الإساءة منهجية لدرجة أنها لم تعد صادمة
قال جمال عيد، المحامي والناشط الحقوقي المذكورة أقواله أعلاه، إنه يشعر بالاشمئزاز لأن إساءات أمن الدولة لم تتسبب في فضيحة سياسية في مصر:
يتم انتقاء الناس عشوائياً، ويتم استجوابهم وتعذيبهم. أنا ناشط، ويجب أن أشعر بالصدمة من شيء كهذا.
لكن أحياناً لا ألاحظ وقوع هذا حتى... فقد أصبح الأمر طبيعياً للغاية. فنحن نرى الشرطة توقف الميكروباصات وتأخذ الأولاد من ذوي اللحى وتعتقلهم فقط لأن لحاهم طويلة. ونعرف أنهم يتعرضون للتهديد ثم إذا تم احتجازهم فهم يُعذبون. ولم نعد نشعر بالصدمة من هذا الأمر بعد. الجميع خائفون، ويعيشون في خوف، لكن هذا أصبح طبيعياً.[107]
ويتفق معه في الرأي (أ. ك. م.)، الناشط الحقوقي:
هذا صحيح. نحن لا نشعر بالصدمة من هذه الأشياء، وإن كان يجب أن نشعر بهذا. حتى كلمة "تعذيب" لا تُستخدم كثيراً في الكثير من القضايا. يقول الناس فقط إنهم تعرضوا للتعذيب إذا تم صعقهم بالكهرباء. ولهذا فإن الكثير من الناس يتعرضون للتعذيب لكنهم يخرجون فيقولون: لم أتعرض للتعذيب...ما يقصدونه هو أنهم لم يصعقون بالكهرباء. ربما تم ضربهم وتهديدهم وتعصيب أعينهم، لكن بما أنهم لم يصعقوا بالكهرباء فيقولون: لم أتعرض للتعذيب... كل هذه الإساءات طبيعية حتى إن الناس يناقشونها دون أن يعتريهم الحماس.[108]
ضعف المنهج المصري في مكافحة الإرهاب
قال الكثير من المعلقين والمراقبين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش لتحضير هذا التقرير إن منهج الحكومة المصرية في مكافحة الإرهاب، في ظل الاحتجاز التعسفي لأمن الدولة للشباب، واستجوابهم على نحو مسيء وفي بعض الحالات اختلاق الاتهامات ضدهم، ليس فقط أمراً غير قانوني، بل سلبي من حيث الإنتاجية. فبدلاً من تقليل تهديد العنف، يقول المعلقون إن هذه الطريقة قد تجعل المحتجزين متطرفين وتعطيهم أسباباً للانخراط في العنف.
وقال ضياء رشوان، متأملاً التاريخ المصري:
في التسعينات تم اعتقال الكثير من الأشخاص وكانوا دون أي انتماءات إلى أية تنظيمات [مثلاً الجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين]، وزُج بهم إلى الاحتجاز مع آخرين. وتم احتجاز الكثيرين وتعذيبهم وأصبحوا أكثر تطرفاً مما كانوا. وانتشرت ثقافة الثأر بسبب هذه الإساءات، وأصبح لدى بعض الأشخاص ميول جهادية، جراء سخطهم على الوضع السياسي، وقد يصبحون أكثر تطرفاً.[109]
وقال المحامي (أ. ك. م.) شيئاً مشابهاً:
الحملات العشوائية لا تحل مشكلة التهديد الإرهابي. فقد تعرضنا لحملات عشوائية منذ فترة طويلة أعجز معها عن التذكر، لكننا ما زلنا نعاني من بعض الهجمات، فالموقف لم يتحسن.
لم تفعل المداهمات إلا أنها خلقت جيلاً من الشباب الغاضب، يريدون الانتقام جراء ما حدث لهم. لدينا ثقافة ثأر إذن. وهذه المداهمات العشوائية والاستجوابات لم تخلق إلا جيلاً من الغاضبين الذين يعتقدون أن حياتهم لا قيمة لها وأن لا أحد يقدرهم، ولهذا فقد يتورطون في عمليات أو مخططات لكي يفعلوا أي شيء للانتقام.[110]
التوصيات
تدرك هيومن رايتس ووتش بالتزامات الحكومة المصرية نحو التصدي للتهديدات الأمنية الخطيرة التي يواجهها رعاياها وسكانها، بما في ذلك التهديد بالتفجيرات التي ترتكبها التنظيمات المسلحة. إلا أننا نؤمن بأن العنف الإرهابي يمكن محاربته بشكل أكثر كفاءة بالاستعانة بأساليب تتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ونؤمن على الأخص بأن على الحكومة المصرية الكف عن الاعتماد على قانون الطوارئ الذي يسمح بالاحتجاز لأجل غير مسمى دون إجراءات تقاضي سليمة، كأساس لجهود مكافحة الإرهاب المصرية.
وتدعو هيومن رايتس ووتش الحكومة المصرية إلى تبني توصيات لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي تبنتها في عام 2002.
فضلاً عن هذا فإن هيومن رايتس ووتش تقدم التوصيات المحددة التالية في مجال مكافحة الإرهاب:
إلى سيادة الرئيس حسني مبارك
فيما يتعلق بممارسات أمن الدولة الخاصة بالاحتجاز:
- رفع حالة الطوارئ وإلغاء قانون الطوارئ المصري، وأمر وزارة الداخلية بالتحقيق في جرائم الإرهاب جميعها وإحالتها للقضاء، وهذا تحت مظلة قانون العقوبات المصري المطبق حالياً.
- أمر وزارة الداخلية بالمبادرة بإجراء تحقيق متعمق ومحايد وسريع في مزاعم تعذيب المحتجزين ومقاضاة المسؤولين الحكوميين من المسؤولين عن الإساءات المرتكبة بحق المحتجزين، أو فرض إجراءات تأديبية عليهم.
- التصريح العلني بأن الحكومة لن تتسامح مع التعذيب والمعاملة السيئة، وأن الإساءات التي يرتكبها العاملون بمجال إنفاذ القانون، بمن فيهم أمن الدولة، سيتم التحقيق فيها وملاحقتها قضائياً والمعاقبة عليها.
فيما يتعلق باقتراح قانون جديد لمكافحة الإرهاب:
- تيسير عملية تتمتع بالشفافية وتبادل الآراء لصالح تقديم أي مشروع قانون مقترح لمكافحة الإرهاب مع إتاحة الحوار حوله. ويجب عرض مشروع القانون على الملأ للمناقشة العلنية وهذا لفترة معقولة من الوقت قبل عرضه للتصويت.
- إضافة ضمانات، لأي تشريعات لمكافحة الإرهاب مخططٌ لإصدارها، تعمل على منع الاحتجاز لأجل غير مسمى أو الاحتجاز التعسفي.
- نبذ الأحكام القانونية المنطوية على الإساءة، مثل المذكورة في قانون الطوارئ، ومنها المواد التي تسمح لأمن الدولة وسلطات أخرى باحتجاز الأفراد لأكثر من 24 ساعة دون اتهامات أو إجراءات تقاضي سليمة. وكذلك المواد التي تسمح لوزارة الداخلية بإصدار قرارات بالاحتجاز لستة أشهر، وأيضاً المواد التي تسمح بمقاضاة المواطنين في محاكم أمن دولة خاصة ومحاكم عسكرية.
إلى وزارة الداخلية
فيما يتعلق بمحتجزي قضية الطائفة المنصورة:
- التنفيذ الفوري لأوامر الإفراج التي صدرت عن نيابة أمن الدولة في أواسط عام 2006 والسارية على المحتجزين العشرة المتبقين في الاحتجاز ممن يتبعون قضية الطائفة المنصورة.
- توجيه مكتب النائب العام للمبادرة في تحقيق متعمق ومحايد وسريع في مزاعم تعذيب المحتجزين.
- مقاضاة أو تأديب المسؤولين الحكوميين المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة بحق المحتجزين، بغض النظر عن الرتب.
- إصدار تفسير علني لأسباب اعتقالات الطائفة المنصورة وأي خطأ من قبل المسؤولين وقع أثناء الاعتقالات وما تلاها من احتجازٍ للأشخاص.
فيما يتعلق بممارسات الاحتجاز الخاصة بأمن الدولة:
- الإفراج الفوري عن أي محتجزين في الحبس، داخل مقار أمن الدولة، أو أماكن الاحتجاز الأخرى، ما لم يكن من الممكن اتهامهم بجرائم مُرتكبة أو تم بالفعل اتهامهم بها.
- ضمان أن أي محتجزين متهمين بأي جرائم يحصلون على محاكمات عادلة وما يستتبعها من ضمانات إجراءات التقاضي السليمة كما يقتضي القانون المصري والدولي.
- ضمان أن عائلات المحتجزين ومحاميهم يمكنهم زيارة المحتجزين بعد اعتقالهم بفترة وجيزة وأثناء الاحتجاز.
- إنشاء سجل عام بالأشخاص المحتجزين على ذمة تحقيقات متعلقة بمكافحة الإرهاب. ويجب أن يشمل السجل مكان الاحتجاز وساعة وقوع الاعتقال، وتوقيت دخول الحبس، إذا اختلف عن توقيت الاعتقال، وذكر بمكان الاحتجاز والسند القانوني للاحتجاز. وتوفير هذه المعلومات لأسر المحتجزين.
- إجراء تقصي متعمق ومحايد بشأن المزاعم الخاصة بالاعتقال التعسفي والتعذيب وغيرها من أشكال الانتهاكات.
- مقاضاة وتأديب المسؤولين الضالعين في المخالفات القانونية.
- ضمان أن الأشخاص الذين يُعتقلون تعسُفاً أو يتعرضون للتعذيب أو غيرها من الانتهاكات يمكنهم المطالبة بشكل فوري وعلى نحو عادل بالحصول على تعويض.
- ضمان أن كل المحتجزين يودعون في مراكز احتجاز قانونية، وأن المحتجزين لا يتم احتجازهم أو استجوابهم من قِبل أي فرع آخر أو جهاز آخر بوزارة الداخلية بخلاف الفروع أو الأجهزة التي يسمح القانون باستجوابهم من طرفها أو احتجازهم لديها.
- إصدار وإعلان توجيهات تذكر أن أعمال التعذيب وغيرها من أشكال المعاملة السيئة من قبل مسؤولي إنفاذ القانون لم يتم التسامُح معها، وأن تقارير التعذيب والمعاملة السيئة سيتم التحقيق فيها فوراً وبشكل متعمق، وأن من تُكتشف مسؤوليته عنها ستتم محاسبتهم.
- توجيه مكتب النائب العام نحو الوفاء بمسؤوليته بموجب القانون المصري، إزاء التحقيق المتعمق المحايد والسريع في كل مزاعم التعذيب بحق مسؤولي إنفاذ القانون، بغض النظر عن الرتب.
- ضمان الفحص الطبي الشرعي الفوري والمستقل للمحتجزين الذين يزعمون التعرض للتعذيب وغيرها من الإساءات.
- السماح لجهات مراقبة حقوق الإنسان المصرية والدولية بالاطلاع على مراكز الاحتجاز، بما في ذلك مراكز أمن الدولة، وإتاحة فرصة لها لإجراء مناقشات سرية مع المحتجزين الذين تختارهم.
ملحق: رسائل هيومن رايتس ووتش إلى الأجهزة الحكومية المصرية
|
25 يوليو/تموز 2007
معالي اللواء حبيب إبراهيم حبيب العادلي
وزير الداخلية
جمهورية مصر العربية
شارع الشيخ ريحان
القاهرة، مصر 11641
معالي الوزير حبيب العادلي،
أكتب إليكم بخصوص اعتقالات أجراها جهاز أمن الدولة في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار من العام 2006، وعلى وجه التحديد بخصوص اعتقال مجموعة مكونة من 22 رجلاً من عدّة أحياء بالقاهرة. وأعلنت وزارة الداخلية اعتقالهم في 19 أبريل/نيسان 2006 زاعمة أن الرجال كانوا يخططون لاستهداف القاهرة وما حولها بالقنابل، ومن أهدافهم أنابيب لنقل البترول ومواقع سياحية ورجال دين مسلمين ومسيحيين. وقيل إن المجموعة تُدعى "الطائفة المنصورة".
وقد أجرت هيومن رايتس ووتش بحثاً بشأن اعتقال الرجال الـ 22 والمزاعم الصادرة بحقهم. وقررنا التحقيق في القضية؛ لأن عدة محامين وعدد من قيادات المجتمع المدني أبدوا لنا الرأي بأن المزاعم ضد الرجال قد تكون غير حقيقية، وأن الرجال تعرضوا لسوء معاملة بالغة وهم رهن الاحتجاز.
وبناء على مقابلاتنا وأبحاثنا، تساورنا المخاوف من أن الأدلة الداعمة للمزاعم بحق الرجال الـ 22 هي أدلة قليلة، وأن معظمهم، إن لم يكن جميعهم، تعرضوا للتعذيب لكي يعترفوا بارتكاب جرائم لم يرتكبونها، وأنه لا يوجد أساس قانوني لاستمرار احتجاز 20 رجلاً، هم من ظلوا رهن الاحتجاز (تم إطلاق سراح اثنين أواسط عام 2006).
ويعزز من هذه المخاوف أن مكتب نيابة أمن الدولة، في أواسط عام 2006، أمر بإطلاق سراح الرجال الـ 22 جميعاً، وهذا على ما يبدو بسبب نقص أدلة الإدانة ضدهم.
ولهذا نكتب إليكم مطالبين بأن تمدونا بالمعلومات التي تفسر استمرار احتجاز الرجال. ونود على الأخص أن نعرف بالأساس الذي تستند إليه وزارة الداخلية في احتجاز الرجال العشرين (أسمائهم مدرجة في الملحق أ الملحق بهذه الرسالة)، في ظل أمر مكتب نيابة أمن الدولة بإطلاق سراحهم منذ عام.
كما نود أن نعرف إن كانت وزارة الداخلية قد أجرت أية تحقيقات في مزاعم تعذيب هؤلاء الرجال وهم رهن الاحتجاز والمزاعم القائلة بأن الرجال قد أدلوا باعترافات غير صحيحة بسبب سوء معاملتهم. كما نود المطالبة بمعلومات عن نتائج أية تحقيقات جرت، وأية معلومات إضافية لدى وزارة الداخلية عن هؤلاء الرجال وسوء المعاملة المزعومة بحقهم واستمرارهم في البقاء رهن الاحتجاز.
ونقدر لكم كثيراً ردكم السريع.
مع وافر الاحترام،
سارة ليا ويتسن
المديرة التنفيذية
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقياملحق (أ): قائمة بأسماء المحتجزين الـ 22:
- أحمد علي جابر، 28، محتجز في 16 فبراير/شباط 2006.
- أحمد محمد محمد بسيوني، 27، محتجز في 24 فبراير/شباط 2006.
- يحيى سليمان أحمد محمد، 25، محتجز في 16 فبراير/شباط 2006.
- عبد العزيز فؤاد علي عبد المقصود، 25، محتجز في 26 فبراير/شباط 2006.
- تامر عبد النبي زكي محمد الحداد، 32، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- عمر محمد عبد الفتاح أحمد، 26، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- محمد أحمد محمد سعيد، 27، محتجز في 1 مارس/آذار 2006.
- رامي عبد القادر مبارك، 20، محتجز في تاريخ غير معروف في مارس/آذار 2006.
- أحمد مصطفى صابر أحمد، معروف أيضاً باسم أحمد شوبير، 22، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- محمد حمدي عبد الجواد إبراهيم، 23، محتجز في 1 مارس/آذار 2006.
- محمد عبد الله بكري مبروك حسنين، 23، محتجز في 21 مارس/آذار 2006.
- هاني محمود محمد عبد الله، 29، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- جمعة محمد عبد الوهاب مصطفى، معروف أيضاً باسم وليد، 25، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- أيمن سمير السيد حسنين، معروف أيضاً باسم أيمن العبد، 32، محتجز في تاريخ غير معروف في مارس/آذار 2006.
- هاني أحمد منصور محمد، 30، محتجز في 24 فبراير/شباط 2006.
- محمد نصر إبراهيم عواض، 26، محتجز في 2 مارس/آذار 2006.
- محمود صلاح إبراهيم إمام، 23، محتجز في 2 مارس/آذار 2006.
- طه حسين سعد محمد علي، 29، محتجز في 2 مارس/آذار 2006.
- محمد صلاح إبراهيم إمام محمد، 24، محتجز في 3 مارس/آذار 2006.
- نبيل محمد محمد علي مصطفى، 21، قبض عليه في 2 مارس/آذار 2006، لكن وضع قيد الاحتجاز في 8 مارس/آذار 2006.
- محمود عبد العزيز يوسف محمد، 26، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- محمود سعدي أحمد محمد، 29، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
15 أكتوبر/تشرين الأول 2007
معالي اللواء حبيب إبراهيم حبيب العادلي
وزير الداخلية
جمهورية مصر العربية
شارع الشيخ ريحان
القاهرة، مصر 11641
معالي الوزير حبيب العادلي،
أكتب إليكم لمتابعة موضوع رسالتي إليكم في أواخر شهر يوليو/تموز.
وكانت الرسالة الأولى بخصوص اعتقالات أجراها جهاز أمن الدولة في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار من العام 2006، وعلى وجه التحديد بخصوص اعتقال مجموعة مكونة من 22 رجلاً من عدّة أحياء بالقاهرة. وأعلنت وزارة الداخلية اعتقالهم في 19 أبريل/نيسان 2006 زاعمة أن الرجال كانوا يخططون لاستهداف القاهرة وما حولها بالقنابل، ومن أهدافهم أنابيب لنقل البترول ومواقع سياحية ورجال دين مسلمين ومسيحيين. وقيل إن المجموعة تُدعى "الطائفة المنصورة".
|
وفي رسالتنا السابقة، تمت الإشارة إلى خشية أنه لا يوجد أساس قانوني لاستمرار احتجاز الرجال الـ 17 تقريباً الذين ظلوا رهن الاحتجاز (تم إطلاق سراح خمسة في العام الماضي). ويعزز من هذه المخاوف أن مكتب نيابة أمن الدولة، في أواسط عام 2006، أمر بإطلاق سراح الرجال الـ 22 جميعاً، وهذا على ما يبدو بسبب نقص أدلة الإدانة ضدهم.
ولهذا نكتب إليكم ثانية مطالبين بأن تمدونا بالمعلومات التي تفسر استمرار احتجاز الرجال الـ 17. ونود على الأخص أن نعرف بالأساس الذي تستند إليه وزارة الداخلية في احتجاز الرجال (أسماء الرجال الـ 22 الذين احتجزوا في بادئ الأمر مدرجة في الملحق أ لهذه الرسالة)، في ظل أمر مكتب نيابة أمن الدولة بإطلاق سراحهم منذ عام.
كما نود أن نعرف إن كانت وزارة الداخلية قد أجرت أية تحقيقات في مزاعم تعذيب هؤلاء الرجال وهم رهن الاحتجاز والمزاعم القائلة بأن الرجال قد أدلوا باعترافات غير صحيحة بسبب سوء معاملتهم. كما نود المطالبة بمعلومات عن نتائج أية تحقيقات جرت، وأية معلومات إضافية لدى وزارة الداخلية عن هؤلاء الرجال وسوء المعاملة المزعومة بحقهم واستمرارهم في البقاء رهن الاحتجاز.
ونقدر لكم كثيراً ردكم السريع.
مع وافر الاحترام،
سارة ليا ويتسن
المديرة التنفيذية
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
هيومن رايتس ووتش
ملحق (أ): قائمة بأسماء المحتجزين الـ 22:
- أحمد علي جابر، 28، محتجز في 16 فبراير/شباط 2006.
- أحمد محمد محمد بسيوني، 27، محتجز في 24 فبراير/شباط 2006.
- يحيى سليمان أحمد محمد، 25، محتجز في 16 فبراير/شباط 2006.
- عبد العزيز فؤاد علي عبد المقصود، 25، محتجز في 26 فبراير/شباط 2006.
- تامر عبد النبي زكي محمد الحداد، 32، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- عمر محمد عبد الفتاح أحمد، 26، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- محمد أحمد محمد سعيد، 27، محتجز في 1 مارس/آذار 2006.
- رامي عبد القادر مبارك، 20، محتجز في تاريخ غير معروف في مارس/آذار 2006.
- أحمد مصطفى صابر أحمد، معروف أيضاً باسم أحمد شوبير، 22، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- محمد حمدي عبد الجواد إبراهيم، 23، محتجز في 1 مارس/آذار 2006.
- محمد عبد الله بكري مبروك حسنين، 23، محتجز في 21 مارس/آذار 2006.
- هاني محمود محمد عبد الله، 29، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- جمعة محمد عبد الوهاب مصطفى، معروف أيضاً باسم وليد، 25، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
- أيمن سمير السيد حسنين، معروف أيضاً باسم أيمن العبد، 32، محتجز في تاريخ غير معروف في مارس/آذار 2006.
- هاني أحمد منصور محمد، 30، محتجز في 24 فبراير/شباط 2006.
- محمد نصر إبراهيم عواض، 26، محتجز في 2 مارس/آذار 2006.
- محمود صلاح إبراهيم إمام، 23، محتجز في 2 مارس/آذار 2006.
- طه حسين سعد محمد علي، 29، محتجز في 2 مارس/آذار 2006.
- محمد صلاح إبراهيم إمام محمد، 24، محتجز في 3 مارس/آذار 2006.
20. نبيل محمد محمد علي مصطفى، 21، قبض عليه في 2 مارس/آذار 2006، لكن وضع قيد الاحتجاز في 8 مارس/آذار 2006.
21. محمود عبد العزيز يوسف محمد، 26، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
22. محمود سعدي أحمد محمد، 29، محتجز في تاريخ غير معروف في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.
15 أكتوبر/تشرين الأول 2007
سعادة السفير نبيل فهمي
السفير المصري بالولايات المتحدة الأمريكية
3521 International Ct., NW
واشنطن، 20008
سعادة السفير نبيل فهمي،
يُرجى الاطلاع على الرسائل المرفقة والمُرسلة إلى وزارة الداخلية، بشأن بعض الاعتقالات التي أجرتها سلطات أمن الدولة في فبراير/شباط ومارس/آذار 2006، لاسيما اعتقال مجموعة من 22 رجلاً من عدة أحياء بالقاهرة. وقد أعلنت وزارة الداخلية عن اعتقالاتها هذه في 19 أبريل/نيسان 2006، زاعمة أن الرجال كانوا يخططون لاستهداف القاهرة وما حولها بعمليات تفجير، بما في ذلك تفجير خطوط أنابيب للغاز الطبيعي، ومواقع سياحية، وشخصيات دينية إسلامية ومسيحية. وقيل إن التنظيم يُدعى الطائفة المنصورة.
ولم يصلنا ردٌ على رسالتنا بتاريخ يوليو/تموز 2007 والتي طالبنا فيها بمعلومات حول الاعتقالات. وأقدر لكم مدنّا بأي مساعدة قد تتمكنون من توفيرها تسهيلاً لعملية الرد.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير،
سارة ليا ويتسن
المديرة التنفيذية
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
هيومن رايتس ووتش
|
شكر وتنويه
هذا التقرير يستند إلى أبحاث أجراها جون سيفتون، كبير باحثي الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش، وحسام الحملاوي، الاستشاري لدى هيومن رايتس ووتش. وقدم الدعم في إجراء الأبحاث كلٌ من جاسر عبد الرازق وإلايجا زروان.
وكتب التقرير جون سيفتون. وقام بمراجعته كلٌ من جو-آن مارينر، مديرة برنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب، وجو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجوزيف ساوندرز، نائب مدير قسم البرامج. وقدم المراجعة القانونية جيمس روس، مدير الشؤون القانونية والسياسات. وساعدت ثودلين ديسورسيه، المُنسقة ببرنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب، في إنتاج التقرير.
وصمم التقرير رافاييل خيمينيز وآنا لوبريور، وراجع جون سيفتون تصميم التقرير. وتولى الإنتاج فيتزوري هوبكنز. وساعدت إليكساندرا ساندالز وكاثلين غيبسون في الإنتاج الإلكتروني.
وتود هيومن رايتس ووتش أن توجه الشكر لعدد كبير من الصحفيين المصريين وقادة المجتمع المدني والمحامين والنشطاء الحقوقيين الذين أسهموا بوقتهم وخبرتهم في إصدار هذا التقرير. ونود أن نشكر أسر المحتجزين وزملائهم في الاحتجاز الذين تناولهم هذا التقرير، والذين أسهموا بتجاربهم رغم الأجواء السائدة في مصر، والتي في ظلها يخشى الناس الخوض في نقاش مفتوح عن معاملة مباحث أمن الدولة للمحتجزين.
وتطلبت أبحاث هيومن رايتس ووتش الخاصة بالإرهاب ومكافحة الإرهاب في مصر موارد كثيرة. ونتقدم بشكرنا للمتبرعين، خاصة من يدعمون نشاط هيومن رايتس ووتش الخاص ببرنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب، والخاص بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
[1] انظر وكالة أنباء الشرق الأوسط (مصر)، "Egypt Foreign Ministry reports foiling of terror plot" 19 أبريل/نيسان 2006، و"Egypt foils terror bombing attempt" زينهاو، 19 أبريل/نيسان 2006، و Challiss McDonough, "Egypt Says Terror Group Broken Up," Voice of America 19 أبريل/نيسان 2006، و Jonathan Wright, "Egypt says arrests group planning bombings,"رويترز، 19 أبريل/نيسان 2006، وأسوشيتد برس، "Egypt arrests 22 on suspicion of plotting terrorist attacks," 10 أبريل/نيسان 2006، وNational Public Radio (US), "Militant Bombing Plot Foiled, Egyptians Say,"بث إذاعي في 19 أبريل/نيسان 2006، وهبه صالح، "Egypt seizes group accused of plot to bomb tourist sites" فاينينشال تايمز (المملكة المتحدة)، 20 أبريل/نيسان 2006.
[2] مباحث أمن الدولة، يُشار إليها في مصر غالباً باسم (SSI) State Security Investigations، أو "أمن الدولة" على سبيل الاختصار.
[3] انظر على سبيل المثال: Bryan Bender, "Attacks Signal Stepped-Up Qaeda Effort," Boston Globe, 28 أبريل/نيسان 2006.
[4] انظر: Murad Al-shishani, "Egypt Breaks-up al-Ta'efa al-Mansoura Jihadist Group," Jamestown Foundation Terrorism Focus, Volume 3, Issue 16 25 أبريل/نيسان 2006، على: http://jamestown.org/terrorism/news/article.php?articleid=2369971 (تمت الزيارة في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2007)، و: Ely Karmon, "Egypt as a New Front of al-Qaeda," International Institute for Counter-terrorism,5 مايو/أيار 2006، على: http://www.ict.org.il/apage/5179.php(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2007). ومصطلح السلفية الجهادية يجب ألا يختلط في الأذهان بالسلفية، وهي الكلمة التي تشير إلى نوع من الفكر الإسلامي المحافظ. انظر هامش رقم 7.
[5] كان الاجتماع مع اللواء أحمد عمر أبو السعود، مسؤول بوزارة الداخلية، في 28 فبراير/شباط 2004، و22 فبراير/شباط 2005، في القاهرة.
[6] أشارت التقارير الأولية إلى أن 23 شخصاً قتلوا متأثرين بالانفجار، لكن السلطات سرعان ما قللت من العدد إلى 18 شخصاً. انظر: Daniel Williams, "Egyptians Face Grim Task of Bomb Cleanup," Washington Post, 26 أبريل/نيسان 2006.
[7] يشير مصريون كثيرون إلى الأشخاص المحافظين دينياً عادة باسم "سلفيين". وكلمة سلفي مشتقة من الاصطلاح العربي "السلف الصالح". والسلفية تشير عموماً إلى الحركات الإسلامية الحالية التي ترى العودة إلى ما تعتقد أنه صحيح الإيمان وإلى ممارسات النبي محمد ومن عاصره من الأشخاص. وهذا بإتباع القرآن فقط بتفسيره الحرفي، مع تفادي التجديد في الدين والتكنولوجيا. وهذا مع عدم الالتفات إلى علماء الدين المعاصرين وتفسير الشريعة المعاصر.
[8] قانون الطوارئ المصري رقم 162 لسنة 1958 وقانون مكافحة الإرهاب رقم 97 لسنة 1992. وافق البرلمان المصري بشكل روتيني مراراً على تجديد قانون الطوارئ، وأخر مرة كانت في أواخر أبريل/نيسان 2006، بعد أسابيع من الاعتقالات الموثقة في هذا التقرير.
[9] الدستور المصري، مادة 42.
[10] الدستور المصري، مادة 42.
[11] انظر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تم تبنيه في 16 ديسمبر/كانون الثاني 1966، G.A. Res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171دخل حيز النفاذ في 23 مارس/آذار 1976. واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب)، تم تبنيها في 10 ديسمبر/كانون الأول 1984، G.A. res. 39/46, annex, 39 U.N. GAOR Supp. (No. 51) at 197, U.N. Doc. A/39/51 (1984) دخلت حيز النفاذ في 26 يونيو/حزيران 1987. صادقت مصر على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 1982، وعلى اتفاقية مناهضة التعذيب في 1987.
[12] لجنة حقوق الإنسان، التعليق العام رقم 29، حالات الطوارئ (مادة 4)، U.N. Doc. CCPR/C/21/Rev.1/Add.11 (2001),فقرة 2.
[13] لجنة حقوق الإنسان، التعليق العام رقم 29، فقرات 14 و16.
[14] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مادة 4 (2)
[15] المادة 42 من الدستور المصري تنص على أن أي شخص يقبض عليه "تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان"، وأنه "لا يجوز إيذائه بدنيا أومعنوياً" وأي قول يثبت أنه صدر من مواطن تحت وطأة شيء مما تقدم... يهدر ولا يعود عليه. المرجع السابق. وقانون العقوبات المصرية يعترف بأن التعذيب جريمة، لكن تعريف جريمة التعذيب لا يستوفي بتعريفه في المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
[16] لجنة مناهضة التعذيب، "استنتاجات وتوصيات، مصر"U.N. Doc. CAT/C/CR/29/4 (2002)فقرة 4.
[17] حكومة مصر، "الملاحظات الختامية للجنة حقوق الإنسان، مصر" U.N. Doc. CCPR/CO/76/EGY/Add.1 (2003)الفقرة 32.
[18] انظر: هيومن رايتس ووتش، هوامش القمع، مجلد 1، رقم 8 (E)، 2005، صفحات 8 و9.
[19] لجنة حقوق الإنسان، "ملاحظات ختامية، مصر"، U.N. Doc. CCPR/CO/76/EGY (2002),فقرة 16 (ب)، انظر العهد الدولي، مادة 14.
[20] نشرت هيومن رايتس ووتش وغيرها من جماعات حقوق الإنسان تقارير كثيرة شاملة حول سجل مصر الضعيف بالنسبة للاحتجاز. انظر: هيومن رايتس ووتش، مصر: الاعتقالات الجماعية والتعذيب في سيناء، مجلد 17، عدد 3 (E)، فبراير/شباط 2005، على: http://hrw.org/reports/2005/egypt0205/index.htm ، و: وباء التعذيب في مصر، فبراير/شباط 2004، على: http://hrw.org/english/docs/2004/02/25/egypt7658.htm و: في زمن التعذيب: إهداء العدالة في الحملة المصرية ضد السلوك المثلي (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 2004)، على: http://hrw.org/reports/2004/egypt0304/index.htm و: مصر: اعتداء قوات الأمن على المتظاهرين المناهضين للحرب، مجلد 15، عدد 10 (E)، نوفمبر/تشرين الثاني 2003، على: www.hrw.org/reports/2003/egypt1103/egypt1103.pdf و: خلف الأبواب المغلقة: التعذيب والاحتجاز في مصر (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 1992). انظر أيضاً العفو الدولية: "مصر: الاعتداءات المنهجية باسم الأمن"، AI Index: MDE 12/001/2007, April 11, 2007 على: http://amnesty.org/resources/Egypt/pdf/2007_04_amnesty_international_egypt_report.pdf(تمت الزيارة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2007)، و: العفو الدولية، مصر: بلا حماية... استمرار التعذيب المنهجي"، AI Index: MDE 12/031/2002 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2002، على: http://www.amnestyusa.org/document.php?lang=e&id=2BC6CBC65379DFF180256C64003ACDDB (تمت الزيارة في 6 سبتمبر/أيلول 2007).
[21] لجنة مناهضة التعذيب، "استنتاجات وتوصيات، مصر"، U.N. Doc. CAT/C/CR/29/4 (2002)فقرة 5 (ج).
[22] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد زارع، القاهرة، 12 يونيو/حزيران 2007. وأضاف زارع متهكماً: "يوجد لدينا في المصر على الأرجح أكثر من 70 أسلوباً مختلفاً للتعذيب، ومنها أساليب التعذيب التي تم تصديرها إلى الخارج".
[23] لجنة حقوق الإنسان، "ملاحظات ختامية، مصر"، U.N. Doc. CCPR/CO/76/EGY (2002)فقرة 16 (ج).
[24] أشارت التقارير الأولية إلى أن 23 شخصاً قتلوا متأثرين بالانفجار، لكن السلطات سرعان ما قللت من العدد إلى 18 شخصاً. انظر: Daniel Williams, "Egyptians Face Grim Task of Bomb Cleanup," Washington Post, 26 أبريل/نيسان 2006.
[25] Murad Al-shishani, "Egypt Breaks-up al-Ta'efa al-Mansoura Jihadist Group," Jamestown Foundation Terrorism Focus, Volume 3, Issue 16, 25 أبريل/نيسان 2006، على: http://jamestown.org/terrorism/news/article.php?articleid=2369971 (تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2007). و: Ely Karmon, "Egypt as a New Front of al-Qaeda," International Institute for Counter-terrorism5 مايو/أيار 2006، على: http://www.ict.org.il/apage/5179.php(تمت الزيارة في 15 يوليو/تموز 2007).
[26] انظر: Murad Al-shishani, "Egypt Breaks-up al-Ta'efa al-Mansoura Jihadist Group."
[27] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسين متولي، صحفي قابل عائلات المحتجزين والمحتجزين المفرج عنهم، القاهرة، 13 يوليو/تموز 2007. تحدث متولي إلى أفراد عائلة جبر وأقارب لمحتجزين آخرين، وسمع عن الاعتقالات من الجيران وغيرهم من الشهود. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه يعتقد أن جبر قد تم القبض عليه لأن شخص آخر قدم اسمه لأمن الدولة لأسباب مجهولة.
[28] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (ل. س.) محتجز أمن دولة سابق، القاهرة، 11 يوليو/تموز 2007
[29] المرجع السابق. وهذا يتفق مع الاستنتاج الذي توصل إليه الصحفي حسين متولي، الذي تكلم إلى عدة شهود من الحي الذي وقعت فيه الاعتقالات.
[30] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (ل. س.) محتجز سابق بأمن الدولة، القاهرة، 11 يوليو/تموز 2007. ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع (هـ. ب. ف.) محتجز سابق بأمن الدولة، القاهرة، 13 يوليو/تموز 2007.
[31] طبقاً للسجينين المفرج عنهما، كانت قائمة خاصة بمسابقة يستضيفها فرج في بيته، وفيها يتم سؤال الأشخاص المذكورة أسمائهم في القائمة أسئلة حول آيات من القرآن وعن الدين الإسلامي. وقال السجينان إن هذا تم أثناء حفل عيد ميلاد لفرج كان قبل أسابيع قليلة. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (ل. س.)، محتجز سابق لدى أمن الدولة، القاهرة، 11 يوليو/تموز 2007. ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع (هـ. ب. ف.) محتجز سابق بأمن الدولة، القاهرة، 13 يوليو/تموز 2007.
[32] تفاصيل اعتقالات المحتجزين الأربعة مستقاة من مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أسرة محمد نصر إبراهيم عواض، القاهرة، 20 يونيو/حزيران 2007. نص مقابلة محامي مع أسرة محمد نصر، القاهرة، 21 أبريل/نيسان 2006 (توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش). ومحادثة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع طه حسين سعد محمد علي، يونيو/حزيران 2007. ونص مقابلة محامي مع أسرة طه حسين سعد محمد علي، أواخر أبريل/نيسان 2006. ونص مقابلة محامي مع أبوي محمود صلاح إبراهيم إمام ومحمد صلاح إبراهيم إمام، القاهرة، أواخر أبريل/نيسان 2006.
[33] المذكور هنا وما يلي من ذكر لاعتقال محمود ومحمد مأخوذ من نص مقابلة محامي مع والدي محمود صلاح إبراهيم إمام ومحمد صلاح إبراهيم إمام، القاهرة، أواخر أبريل/نيسان 2006.
[34] إشارة إلى محمد نصر إبراهيم عواض، أحد الـ 22 رجلاً المذكورين في القائمة التي قدمتها أمن الدولة في 19 أبريل/نيسان 2006.
[35] نص مقابلة محامي مع إبراهيم عواض، والد محمد نصر، القاهرة، 21 أبريل/نيسان 2006 (توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش).
[36] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع طارق نصر، شقيق محمد نصر، القاهرة، 20 يونيو/حزيران 2007.
[37] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع طارق نصر، القاهرة، 20 يونيو/حزيران 2007. وقال طارق إن الضابط قال: "ما هذا يا محمد؟ هذه كتب حضانة" فقال له محمد: "هذا هو كل ما لدينا هنا".
[38] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع طارق نصر، 20 يونيو/حزيران 2007.
[39] نص مقابلة محامي مع إبراهيم عواض، 21 أبريل/نيسان 2006.
[40] نص لمقابلة بالفيديو مع عماد عزت لبيب، القاهرة، أبريل/نيسان 2006 (توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش).
[41] الروايات المذكورة هنا عن اعتقال طه حسين سعد مستقاة من نصوص مقابلة اثنين من المحامين مع والدي طه، القاهرة، أواخر أبريل/نيسان 2006.
[42] محادثة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع طه حسين سعد، 6 يونيو/حزيران 2007.
[43] نص مقابلة محامي مع إ. ك. ب.، وهو أحد أقارب أحمد محمد بسيوني، القاهرة، أواخر أبريل/نيسان 2006 (توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش).
[44] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسين متولي، صحفي مصري حقق في الاعتقالات، القاهرة، 13 يونيو/حزيران 2007. وقال متولي لـ هيومن رايتس ووتش إنه يعتقد أن المزاعم الموجهة ضد أحمد بسيوني والمحتجزين الآخرين لا تتمتع بالمصداقية، وإنه يبدو أن أمن الدولة قد اختلقت هذه التفاصيل.
[45] الروايات المذكورة هنا حول اعتقال هاني أحمد منصور محمد مستقاة من نصوص لمقابلات لمحامي مع والدي هاني، القاهرة، أواخر أبريل/نيسان 2006 (توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش).
[46] محادثة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع هاني أحمج منصور محمد، 6 يونيو/حزيران 2007.
[47] محادثة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع س. ب.، أم أحد المحتجزين، القاهرة، 6 يونيو/حزيران 2007.
[48] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سيد شحاتة، محامي لعدد من المحتجزين، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[49] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أيمن عقيل، محامي ومدير معت، منظمة غير حكومية مثلت عدداً من المحتجزين الـ 22 في عام 2006، القاهرة، 12 يونيو/حزيران 2007.
[50] المرجع السابق.
[51] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عادل مكي، محامي مُلم بممارسات أمن الدولة، القاهرة، 13 يونيو/حزيران 2007.
[52] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أ. ك. أ. ، باحث حقوقي، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[53] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد هاشم، معارض سياسي ملم بممارسات أمن الدولة الخاصة بالاحتجاز، القاهرة، 12 يونيو/حزيران 2007.
[54] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سيد شحاتة، محامي لعدّة محتجزين، القاهرة، 9 و11 يوليو/تموز 2007. وقال شحاتة لـ هيومن رايتس ووتش إنه من واقع تجربته في تمثيل محتجزين لدى أمن الدولة، فنادراً ما يُعرض المحتجزين على النيابة أثناء المعاناة من الإصابات أو آثار المعاملة السيئة، وإن غالبيتهم يُعرضون على النيابة في وقت لاحق: "عادة ما تنتظر أمن الدولة حتى تلتئم الجراح قبل عرض المحتجزين على النيابة. وعلى أية حال فحتى لو كانت هناك علامات أو آثار، فإن خبراء الطب الشرعي عادة ما يكتبون عنها أنها (آثار جرح قديم)".
[55] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سيد شحاتة، محامي لعدد من المحتجزين، القاهرة، 9 يوليو/تموز 2007.
[56] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (أ. س.) محامي لاثنين من المحتجزين، القاهرة، 13 يوليو/تموز 2007.
[57] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع طارق نصر، شقيق محمد نصر، القاهرة، 20 يونيو/حزيران 2007.
[58] المرجع السابق.
[59] وصف (ل. س.) المذكور هنا مأخوذ من مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (ل. س.) محتجز سابق لدى أمن الدولة، القاهرة، 11 يوليو/تموز 2007.
[60] قال (ل. س.) أيضاً لـ هيومن رايتس ووتش إن سجيناً آخر كان معه في دمنهور، وكان ما زال في السجن حتى أغسطس/آب 2007، تم نقله إلى لاظوغلي وأعيد أثناء مارس/آذار 2006 (للاستجواب على ما يبدو)، ورأى العديد من نفس هؤلاء السجناء قبل نقلهم إلى دمنهور: "سمعهم أثناء التعذيب وشاهد جراحهم بما في ذلك رجل تعرض بالقرب منه لتعذيب بالغ بالكهرباء وبالضرب، وساعده على تنظيف جراحه ببعض الماء. وظهر الرجال فيما بعد في السجن وكان معهم ذلك الرجل، واجتمعوا معاً من جديد".
[61] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (هـ. ب. ف.)، محتجز سابق لدى أمن الدولة، القاهرة، 13 يوليو/تموز 2007. قال (هـ. ب. ف.) إن بعض المحتجزين قالوا القليل عن تعذيبهم: "بعض الأشخاص لا يخوضون في تفاصيل تعذيبهم، دون سبب غير أن التعذيب متفشي للغاية. فلا أحد يحب الإقدام على القول إنه تعرض لصعقات كهربية، لأنني أيضاً تعرضت للصعق بالكهرباء ولا أريد سماع الآخرين يقولون لي إنهم تلقوا صدمات كهربية. ولماذا أتكلم عن تعصيب الأعين؟ الجميع يتم تعصيب أعينهم". وعلى أية حال لم يتكلم (هـ. ب. ف.) بالتفصيل إلى المحتجزين الأربعة المكذورين أعلاه عن المعاملة السيئة التي تلقوها، فهم لم يمدوه بالتفاصيل.
[62] المرجع السابق.
[63] المرجع السابق.
[64] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسين متولي، صحفي قابل عائلات المحتجزين والمحتجزين المفرج عنهم، القاهرة، 13 يوليو/تموز 2007. والجملة الأخيرة ترجمة لمثل عربي يعني: "لا تمشي إلى جوار الحائط، بل داخل الحائط".
[65] الروايات المعروضة هنا مبنية على مقابلة أجراها حسين متولي مع محتجز لدى أمن الدولة تم الإفراج عنه، القاهرة، نوفمبر/تشرين الثاني 2007.
[66] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (ل. س.)، محتجز أمن دولة سابق، القاهرة، 11 يوليو/تموز 2007.
[67] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (هـ. ب. ف.)، محتجز أمن دولة سابق، القاهرة، 13 يوليو/تموز 2007. و(هـ. ب. ف.)، الذي عانى من سوء المعاملة أثناء الاحتجاز حينما خضع لاستجواب منفصل، قال لـ هيومن رايتس ووتش أيضاً: "أريد فقط أن أقول شيئاً موجزاً عن الجانب النفسي من عملية الاستجواب. حين يتعرض المرء للتعذيب فهو يبلغ حالة يقول فيها كل الحقائق، وبالأساس لا يتوقف التعذيب فيصل المرء لاستنتاج بأنه [ضابط أمن الدولة] يريده أن يقول ما يريد المحقق سماعه، فيبدأ ألمرء في قول ما يريد المحقق أن يسمعه. وهكذا يسقط المرء في هذه المصيدة. وأحياناً توضح أكثر مما يريد الرجل أن يسمع. ولهذا فإن هذه المعلومات الجديدة التي تعطيها إياه تعني أنك ستتعرض لمزيد من التعذيب لاستخلاص معلومات إضافية، وأن يعذب الآخرين لمعرفة المخطط بالكامل".
[68] المرجع السابق.
[69] المرجع السابق.
[70] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (ل. س.)، محتجز أمن دولة سابق، القاهرة، 11 يوليو/تموز 2007.
[71] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (هـ. ب. ف.)، محتجز أمن دولة سابق، القاهرة، 13 يوليو/تموز 2007.
[72] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (ل. س.)، محتجز أمن دولة سابق، القاهرة 11 يوليو/تموز 2007.
[73] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (هـ. ب. ف.)، محتجز أمن دولة سابق، القاهرة، 13 يوليو/تموز 2007.
[74] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد زارع، محامي حقوق إنسان، القاهرة، 12 يونيو/حزيران 2007.
[75] المرجع السابق. ضياء رشوان، خبير الإرهاب بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية تابع قضية الطائفة المنصورة، يتفق مع زارع، وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه يرى أن أوامر الإفراج دلالة جيدة على أن القضية مختلقة. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ضياء رشوان، معلق على قضايا الإرهاب من مركز الأهرام، القاهرة، 10 يونيو/حزيران 2007. ولم يندهش زارع ورشوان لبقاء غالبية المحتجزين في الحبس، فقد قالا لـ هيومن رايتس ووتش إن أمن الدولة تصدر بشكل منتظم أوامر اعتقال حتى بعد أمر النيابة بالإفراج عن المحتجزين.
[76] لجنة مناهضة التعذيب، "استنتاجات وتوصيات، مصر"، U.N. Doc. CAT/C/CR/29/4 (2002), para. 5(h).
[77] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سيد شحاتة، محامي لعدد من المحتجزين، القاهرة 11 يوليو/تموز 2007. وكانت الوعد جماعة من 100 رجل تقريباً، غالبيتهم من منطقة القاهرة الكبرى، واعتقلتهم أمن الدولة في عام 2001 واتهموا بالتخطيط لعدة جرائم. وزعمت السلطات أن التنظيم كان يخطط لـ"اغتيال مسؤولين أمنيين وشخصيات عامة وتفجير مؤسسات اقتصادية بالبلاد" وأن التنظيم كان "يتلقى تدريباً عسكرياً ويرسل أعضاءه للخارج للتدريب على القتال... واستخدام الإنترنت في التنسيق مع خلايا من التنظيم وتوزيع المنشورات". انظر: Amnesty International, "Egypt – Systematic abuses in the name of security," AI Index: MDE 12/001/2007, April 11, 2007 صفحة 27، على: http://amnesty.org/resources/Egypt/pdf/2007_04_amnesty_international_egypt_report.pdf
[78] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عادل مكي، محامي حقوق إنسان، القاهرة، 12 يونيو/حزيران 2007. وقال مكي أيضاً: "ليست هذه أول مرة يتم فيها اعتقال مجموعة من المشتبهين ثم يُفرج عنهم لاحقاً. خذ مثلاً قضية "جند الله" في عام 2002 [تنظيم من 43 رجلاً تم اعتقالهم في عام 2002 واتهموا بالتخطيط لعمليات تفجير في القاهرة]. تمت إحالتهم إلى المحكمة العسكرية لكن المحكمة العسكرية أمرت بالإفراج عن المشتبهين... نظروا في القضية وقرروا أنه لا يوجد دليل. لكن رغم هذا لم تطلق وزارة الداخلية سراحهم. ونحن نتكلم هنا عن محكمة استثنائية واسعة النفوذ، أكثر المحاكم استثنائية في البلاد. وتم الإفراج عن بعضهم لكن حتى الآن ما زال بعضهم رهن الاحتجاز. وهذا شيء طبيعي بالنسبة لأمن الدولة، وينطبق أيضاً على قضية الطائفة المنصورة".
[79] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عادل مكي، محامي حقوق إنسان، القاهرة 12 يونيو/حزيران 2007.
[80] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد سيف الإسلام، محامي، القاهرة، 9 يونيو/حزيران 2007.
[81] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد زارع، محامي حقوق إنسان، القاهرة، 12 يونيو/حزيران 2007.
[82] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أيمن عقيل، محامي ومدير معت، منظمة غير حكومية كانت تمثل العديد من الاثني وعشرين محتجزاً في 2006، القاهرة، 12 يونيو/حزيران 2007.
[83] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سيد شحاتة، محامي لعدد من المحتجزين، القاهرة، 13 يونيو/حزيران 2007.
[84] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد زارع، محامي حقوق إنسان، القاهرة 12 يونيو/حزيران 2007. يبدو وصف زارع دقيقاً فيما يتعلق بتجديد قانون الطوارئ في عام 2003: في أبريل/نيسان 2003 خاطب رئيس الوزراء المصري عاطف عبيد البرلمان المصري بشأن الحاجة إلى التجديد في عام 2003، ذاكراً "التهديدات" القائمة التي تواجه مصر، ومنها الإرهاب بالإضافة إلى عملية السلام المعطلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتدهور الأحوال السياسية غير المستقرة في السودان "وتهريب كميات كبيرة من المخدرات" وعمليات الولايات المتحدة العسكرية في العراق. "أليست هذه أسباب كافية للمطالبة بتمديد حالة الطوارئ لثلاثة أعوام أخرى؟" كذا سأل عبيد. كما تعهد عبيد بأن التجديد لن يقف حائلاً دون التحول الديمقراطي والمشاركة السياسية وحرية التعبير. انظر جمال عصام الدين، "ثلاثة أعوام أخرى"، الأهرام، 5 مارس/آذار 2003، على: http://weekly.ahram.org.eg/2003/627/eg4.htm (تمت الزيارة في 6 سبتمبر/أيلول 2007).
[85] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد هاشم، مسؤول بالجماعة الإسلامية ومُلم بممارسات أمن الدولة في الاحتجاز، القاهرة، 12 يونيو/حزيران 2007.
[86] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عادل مكي، محامي مُلم بأنشطة أمن الدولة، القاهرة، 13 يونيو/حزيران 2007.
[87] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ضياء رشوان، معلق على القضايا الخاصة بالإرهاب في الأهرام، القاهرة، 10 يونيو/حزيران 2007.
[88] المرجع السابق.
[89] لشرح تعريف السلفية، انظر الهامش رقم 7 أعلاه. ضياء رشوان، معلق على قضايا الإرهاب من الأهرام، أوضح أيضاً: "السلفيون هم بالأساس مجرد أناس محافظون، أصوليون. وهم ضد المدارس الفكرية الجديدة. لكنهم ليسوا سياسيين، بل مجرد دينيين". مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ضياء رشوان، معلق على قضايا الإرهاب من الأهرام، القاهرة، 10 يونيو/حزيران 2007.
[90] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسام بهجت، ناشط حقوقي، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[91] مقابلة مع جمال عيد، محامي يمثل عدداً من محتجزي أمن الدولة، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[92] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد سيف الإسلام، القاهرة، 9 يونيو/حزيران 2007.
[93] المرجع السابق.
[94] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (س. ج. ي.)، باحث حقوقي، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[95] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (ل. م. ي.)، باحث حقوقي، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[96] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (أ. ك. م.)، باحث حقوقي، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[97] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد زارع، القاهرة، 12 يونيو/حزيران 2007.
[98] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جمال عيد، محامي يمثل عدداً من محتجزي أمن الدولة، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[99] هيومن رايتس ووتش، في زمن التعذيب: : إهداء العدالة في الحملة المصرية ضد السلوك المثلي (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 2004)، (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 2004).
[100] انظر: James J. Napoli, "Cairo Communique: A Satanic Khamsin Blows Through Egypt," Washington Report on Middle East Affairs," April/May 1997; "Search for a Scapegoat in the Satanism Affair," Cairo Times, March 6, 1997; "Two weeks in the life of . . . an alleged devil-worshipper," Cairo Times, April 17, 1997; Sophia al-Maria and Ethan Heitner, "Out of hiding," Cairo Magazine (2005)
[101] "مصر: محاكمة متهمين بالإرهاب تكشف ثغرات خطيرة"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 12 ديسمبر/كانون الأول 2006، على: http://hrw.org/english/docs/2006/12/13/egypt14829.htm
[102] انظر: Nadia Abou El-Magd, "Egyptian police arrest foreigners for allegedly plotting attacks," Associated Press, 5 ديسمبر/كانون الأول 2006.
[103] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ضياء رشوان، معلق معني بقضايا الإرهاب في مركز الأهرام، القاهرة، 10 يونيو/حزيران 2007.
[104] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جمال عيد، محامي مثل العديد من محتجزي أمن الدولة، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[105] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد سيف الإسلام، القاهرة، 9 يونيو/حزيران 2007.
[106] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد زارع، القاهرة، 12 يونيو/حزيران 2007. وعادل مكي، محامي يعمل مع زارع، يوافق على هذا ويضيف: "على مر السنوات تم اعتقال واستجواب الآلاف من الأشخاص من قبل أمن الدولة. وتم اعتقال المئات في عام 2007، دون ذكر مئات الإخوان المسلمين الذين اعتقلوا". مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عادل مكي، 13 يونيو/حزيران 2007.
[107] مقابلة مع جمال عيد، محامي يمثل عدداً من محتجزي أمن الدولة، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[108] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (أ. ك. م.)، باحث حقوقي، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.
[109] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ضياء رشوان، معلق على قضايا الإرهاب من مركز الأهرام، القاهرة، 10 يونيو/حزيران 2007.
[110] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (أ. ك. م.)، باحث حقوقي، القاهرة، 11 يونيو/حزيران 2007.